كاتب الموضوع :
قطرةندى
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: خدعة مصيرية
الفصل الأخير
في اليوم التالي ,استيقظت ويندي باكرا جدا وشعرت ليندا بإرتياح لكونها ستنصرف الى القيام بمهمات غير اعتيادية فكان عقلها وذهنها منصبين على الطفلة ,لذلك لم تفكر بشيء آخر وبعدما غسلت شقيقتها وأطعمتها,نزلت الى بهو الفندق ثم خرجت بها الى نزهة في حديقة الفندق.الأزهار المرطبة بالندى تملأ المكان .لم يكن هناك وجود لأحد وراحت ليندا تفكر بهدوء في أحداث مساء أمس .
لكنها كانت تشعر بإنزعاج يحتلها كلما فكرت أنها ستلتقي بماريو بعد قليل.الإكتفاء الذي ستراه على وجهه سيملأها خجلا...
قبل أن تشتيقظ ويندي ,أخدت ليندا دوشا باردا علها تطفئ النار المشتعلة بداخلها .وكلما فكرت بالدفء والنشاط و الإضطرام الذي أحست به عندما استسلمت لعناقه,يراودها ندم كبير.كانت تزغب في الهرب بعيدا ورمي نفسها في المحيط لتغتسل من كل هذه الاهانات ...
لكن هناك ويندي ...من أجلها على ليندا ان تواجه الحقيقة ,اين ماريو في هذا الوقت .ربما كان في صالون جناحهما ,ينتظرها كي يتناول فطور الصباح.
بدأت تسمع الاصوات من مطبخ الفندق وبخطى بطيئة دخلت بهو الفندق وصعدت الى جناحهما .وما ان كادت تدفع باب الصالون حتى انفتح
الباب بعنف وظهر ماريو من ورائه .
بعصبية حرك يده في شعره وقال بلهجة قاطعة :
"اين كنت إذن؟"
"كنت ...اخذت الطفلة في نزهة قصيرة ...في حديقة الفندق ."
لم تجرؤ على التحديق بوجهه لئلا يشتبك نظرها بنظره ولم تجرؤ حتى على التحديق بأزرار قميصه .
"سنعود الى المزرعة ,حالا بعد الفطور .من فضلك كوني جاهزة بأسرع ما يمكن ."
"اتفقنا"
كانت تريد التوجه الى غرفتها لولا ويندي التي راحت تزقزق كالعصفور تطلب الذهاب عند ماريو .ابتسم ماريو واقترب منها قائلا :
"صباح الخير ,يا طفلتي الجميلة !يسرني ان أرى في العائلة من لا يعاملني باحتقار. الا يمكنك ان تقنعي أمك ان تتصرف مثلك ..."
لم تقدر ليندا ان تمتنع عن الإرتجاف داخليا .لقد شدد على كلمة "أمك" .من المستحيل ان يكون قد عرف الحقيقة .
تناولا الفطور في جو متوتر . وفي نهايته ,دفع ماريو صحنه جانبا وراح يشرح لليندا ما يتوقعه منها :
"حين نعود الى المزرعة ,ستحاولين جهدك ان تخفي الكراهية التي تشعرين بها تجاهي .
في المساء تكلمت مع جدي وأكد لي سفره الى اسبانيا ,بعد عودتنا .وبعد أن يغادر المزرعة ,بإمكانك ان تتصرفي ببرود,كما تشائين...لكن قبل ذلك عليك ان تبدي بشوشة .لقد أفهمني بوضوح أنه ينوي أن يراني ادير المزرعة .وحاليا رجال القانون يضعون صيغة قانونية كي يصبح الإرث رسميا .وحالما تصبح المزرعة بتصرفي ,وحسب الصفقة التي عقدناها ,لن يعود هناك سبب لوجودك ."
توقف لحظة ثم تابع يقول:
"وبطبيعة الحال ,لا يمكن ان تستعيدي حريتك في الحال .لا يجب ان نخيب ظن جدي في الأيام الأخيرة من حياته ولا يجب أن ندعه يعرف اننا خدعناه ."
همست ليندا بصوت مخنوق :
"هل هذا أمر ؟"
ثم استجمعت شجاعتها وتابعت :
"لست أنت من تعطيني الأوامر ..ان تحقيق مخططك مرهون بإرادتي.
وافق ماريو على ما قالته بنظرة جليدية وأجاب :
"صحيح.لكن لن ترتكبي جنونا في الوقوف ضدي ومقاومتي ..."
لم تكن ليندا تجهل انه بامكانه ان يكون عدوا قاسيا .ألم يجبرها على الإستسلام له ؟
"سأفعل ما تريده .ليس أمامي خيار .ما دمت حذقا اكثر مني ."
"أنت حقا عديمة الذكاء .ان كل العاملين في الفندق عرفو انك استلمت رسالة مهمة وأنك خرجت حاملة حقيبتك. لقد اعلموني بغيابك وكان من السهل معرفة مكان وجودك .وعلى كل حال ,كان هذا بسبب خطئي ...كان يجب أن أعرف أنك ستستعملين المال لتنفيد مخططك.لكن لم أكن أعرف أنك تبحثين عن الهرب وعن تضليلي ."
اعتذرت ليندا وغادرت الطاولة وكادت تدخل غرفتها عندما سمعت صوت ماريو وراء ظهرها يقول :
"قولي قبل أن تذهبي ...أليس هناك ما أجهله وتعرفينه وحدك ؟"
التفتت ليندا فجأة باندهاش وظهرت على وجهها ملامح قلق فأجابت :
"كلا ...لماذا تسأل هذا؟"
راح ماريو يرمقها بنظراته فشعرت بالذنب ولم تقدر ان تخفي اضطرابها,فاحمرت وجنتاها فقال:
"انت تحمرين ,هل لأني اشك فيك خطأام لأنك تشعرين بالخجل ؟هذا ما أتساءله."
ثم أدار ظهره واختفى .خلال الرحلة ظلا صامتين .ولما هبطا من الطائرة ,كان الكونت في المدرج يستقبلهما
"آه ليندا ! لقد أرسلت لك ويندي مجبرا .لكن آمل الا يكون هذا سبب اختصار سفرك ؟"
"كنا قد حددنا موعد عودتنا قبل وصولها .في الواقع لسنا بحاجة الى عطلة ,فالحياة هنا مريحة ومفرحة ."
أنار وجه الكونت الذي قال :
"كم أنا سعيد ان أسمع ذلك منك ,يا عزيزتي .هل كانت الرحلة ممتعة ؟"
التفتت الى ماريو الذي قال :
"صحيح ان الإقامة كانت قصيرة ,لكنها كانت حقا رحلة شهر عسل
موفقة."
احمرت وجنتا ليندا ,فضحك دون ادريانو وقال :
"حسنا ,الأن بإمكاننا ان نتكلم في أمور العمل ."
ثم توجه بالكلام الى ليندا قائلا :
"ارجوك ان تعذرينا ,لكن علينا ان ننفرد لبعض الوقت .كاتب العدل هنا وبانتظار توقيعنا .لقد حددت سفري غدا بعد الروديو .هذه الرحلة تعز على قلبي وليس هناك مجال لتأجيلها بعد الآن ."
اكتشفت ليندا بعد ذلك ما يعني الروديو ,اذ كان الموضوع الأساسي المتداول حاليا في المزرعة .كارمين وبيلا اعلمتاها ان الروديو كناية عن مظاهرة ذات أهمية كبرى ,يقوم فيها الرعاة بالتمارين الخطرة على ظهور خيل لم تدرب بعد .
وأكدت لها بيلا قائلة :
"يجب أن يكون المرء قويا وشجاعا وماهرا .الناس يأكلون ويغنون .ويعم المكان الضحك والضجيج .كذلك هناك العازفون والأكرديون و..."
تنفست الصعداء ثم أضافت :
"لكن ما أحبه اكثر من أي شيء آخر .هو عندما يدخل الثور الحلبة ."
غير أن ليندا لم تكن تصغي .كانت شاردة الذهن تفكر في المستقبل .ان غياب الكونت الطويل سيكون له الأثر على حياتها .لا شك أن ماريو سيعود الى خروجه الليلي .فهي ترى ان وجود كابرييلا يعم الجو ويحيط بالمنزل .
لاحظت فجأة أنها تضغط على معصميها وأن فكها يتقلص .فوجئت بعنف ردة فعلها وقالت بصوت مخنوق :
"لكن ,إنسي هذا الرجل ."
انتفضت ويندي وراحت شفتاها ترتجفان .اسرعت ليندا لمواساتها وراحت تقول لها :
"لا تبكي ,يا حبيبتي .أنا غاضبة حقا ...لكن ...لا أفهم ما الذي ترينه في هذا الرجل ,وتنظرين اليه بعينين ملتهبتين ."
غصت ويندي ,فراحت ليندا تقهقه ضاحكة .
في المكتب الواقع أسفل غرفة ليندا ,كان الكونت رافع الرأس يسمع ضحكتها .وفي حركة أنيقة ,وقع على المستند امام كاتب العدل .ثم التفت الى ماريو وابتسم له قائلا :
"يبدو ان زوجتك سعيدة .هذه القهقهات تؤكد قناعتي .الآن ,يا بني ,عليك ان تعترف انني لم أخطىء في جلبها الى هنا ,انتما تشكلان زوجين مناسبين ."
فضل ماريو الموافقة على كلام جده ,برغم معرفته ان ضحكات ليندا سيتبعها البكاء والنواح.
|