كاتب الموضوع :
قطرةندى
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: خدعة مصيرية
"لا,ليس في الحال .سنأخد فنجان شاي ."
"لا أريد أن أشرب شيئا بعد الآن .دعني ,أرجوك ."
جذبها نحوه بعنف وقال :
"لا يمكنك أن تنسحبي الى غرفتك الآن! لنبقى معا ,حبيبتي .ستكون هذه الليلة ليلة شهر عسل .وستكون ليلة رائعة لم يفرضها علينا أحد ولا حتى جدي ..."
وبينما أرادت أن تعترض ,راح يعانقها بعنف .لكن ليندا انزعجت منه وراحت تتخبط كحيوان جريح,لكن جهودها باءت بالفشل .
"تعالي ,يا حبيبتي ,ارتاحي وسأنتزع الطيف الذي يهدد ذكرياتك .سأبعد ذكرى هذا الرجل الذي لم يعرف ان يفعمك حبا .لا تخافي من الشر ,يا زوجتي الجميلة ."
توصلت أخيرا الى دفعه عنها وتراجعت الى الوراء وهي ترتجف .وراحت تقول بسخرية :
"ألم تنس وعدك ؟"
"شيء لم أعد أسيطر عليه بعد أن أغويتني حينما كنا نرقص ,بدأت تلعبين دور البريئة المهانة .عليك أن تعرفي أن الإنسان لايبدأبعمل ما اذا كان لا يريد الوصول الى نهايته ."
"لم أرتكب أي خطيئة .لكن تعلمت درسا مهما .اذا صادفت وأحببت مرة أخرى يجب أن أعرف الثمن الذي سأدفعه ."
حدق بها لحظة وقال :
"كنت مجنونا لأني نسيت أنك ,في كل الظروف ,ستظلين محافظة على موقف ثابت ."
* * * *
في صباح اليوم التالي ,تناولا الفطور معا .وشعرت ليندا بإرتياح لأن ماريو لم ينوه بالحوار الحاد الذي دار بينهما باالأمس .غير أنه كان مختصرا ومتحفظا .وما إن أنهيا الطعام ,حتى قال ماريو بلهجة باردة :
"أنا خارج .وسأعود في المساء .وإنني أكيد بأنك ستملأين وقتك لهوا ومرحا ,أليس كذلك ؟"
هزت رأسها فتوجه نحو الباب .فجأة أحست بالخجل .ألم تشجعه على المغامرة ؟غير أن هدفها مازال هو نفسه أن تعود الى انجلترا .
إرتدت ليندا ملابسها بسرعة .ثم توجهت الى مكتب الإستقبال وطلبت من الموظف عنوان وكالة سفريات وأسرعت الى العنوان .يبدو أن ماريو نسي كليا المبلغ الذي بحوزتها .
بقي حاجز واحد وهو وجود ويندي بالمزرعة .خرجت من وكالة السفريات مبتهجة وهي تحمل البطاقتين .بقي معها 1500جنيه إسترليني .ثم راحت تمشي في الطريق بحثا عن مكان ترتب فيه أفكارها .أخيرا وجدت مكانا يطل على المحيط .
راحت تستعرض موضوع ويندي ولم تجد الحل .فكرت أن تبرق للكونت وتقدم له سببا ما كي يرسل ويندي .هذا معقول جدا .
قالت لنفسها بصوت مرتفع:
"ولنفرض اني أقنعت الكونت ,لكن هل سأوقظ بالوقت نفسه الشكوك عند ماريو ؟"
ولما حان وقت الغداء ,تعبت ليندا من التحليل وقررت العودة الى الفندق .وبينما كانت تمر بجانب مكتب الإستقبال ,ناداها الموظف قائلا :
"لحظة,يا سيدتي برقية لك وللسيد ."
تناولت البرقية بلا مبالات .وبينما كانت في المصعد ألقت نظرة سريعة عليها. شعرت بالصدمة :أمنيتها العزيزة ستتحقق .أعادت قراءة بعض الجمل التي كانت تقول :
"ويندي لم تتوقف عن البكاء بغيابكما .سنرسلها اليكما الساعة الثانية بعد الظهر ."
نظرت الى الساعة الموعد يقترب .بلا تردد أوقفت المصعد ,وراحت تحلل الوضع .إنها بحاجة الى ربع ساعة كي تصل الى المطار .لذا لديها الوقت الكافي لتحضير حقيبتها .وهكذا لن تكون بحاجة الى العودة الى الفندق بعد لقاء ويندي .وحتى تصل الى ويندي ,تستقل تاكسي الى المطار .وهناك تنتظر موعد طائرتها الى انجلترا .
دخلت غرفتها وفي أقل من 20دقيقة جمعت ما تحتاج اليه وحملت حقيبتها ودخلت المصعد من جديد.وجدت سيارة أجرة من دون إنتظار .
قالت للسائق :
"الى المطار .أسرع من فضلك ."
من بعيد هبطت طائرة فالديفيا ,فأسرعت الى المدرج .نزلت بيلا من الطائرة حاملة ويندي بين ذراعيها .شكرتها ليندا لإهتمامها بويندي فأكدت لها بيلا قائلة :
"لا شيء ,سيدتي ! الطفلة بكت كثيرا في غيابك ولا أحد تمكن من مؤانستها حتى الكونت وهو الذي قرر نهائيا ان يرسلها لك ."
حملت ليتدا الطفلة بين ذراعيها وقالت :
"حبيبتي الصغيرة المسكينة "
فجأة لمعت عينا ويندي وإرتسمت إبتسامة على وجهها .كأن شعاع شمس إخترق الغيوم .ضمتها ليندا الى صدرها ثم همست قائلة :
"لن أتركك أبدا بعد الآن ,اعدك بذلك .من الآن وصاعدا سنبقى معا للأبد."
بعد قليل أقلعت الطائرة وراحت تسرع .وانتظرت ليندا اقلاعها قبل ان تعود الى المطار .
عليها أن تحمل ويندي والحقيبة وتتوجه الى محطة سيارات الأجرة .
جاء السائق ليساعدها ,فتلعثمت قائلة :
"الى مطار سانتياغو الدولي ."
وبينما كان السائق يضع الحقيبة في الصندوق جلست ليندا في المقعد الخلفي وضمت ويندي الى صدرها بشدة .استرخت ليندا واختفت التجاعيد من جبينها.وقالت لويندي :
"بعد قليل ,يا ويندي ,نصبح بعيدين عن آل فاليفيا وليس بوسع أحد منهم أن يطالنا."
بعد ساعتين وجدت نفسها في بهو المطار .سجلت حقائبها والبطاقات بيدها ,فلم يبف لها الا الإنتظار .حسب تعليمات موظف مكتب الإستعلامات الرحلة المقبلة الى لندن ستعلن عما قريب .
وبما أن ليندا تشعر بإنزعاج راح يقوى مع مرور الوقت فوجئت عندما أعلن المذيع داعيا الركاب للتوجه الى قاعدت الإقلاع .
"يا للهول !حان وقت الذهاب ."
أخدت ويندي بين ذراعيها وأخدت طريق الركاب الذين شكلو صفا طويلا .بعد ساعات وتصل الى إنجلترا الهادئة التي ماكان يجب أن تغادرها .
قدمت البطاقة للمضيفة المبتسمة وكانت على وشك اختراق الحاجز عندما شعرت بيد قوية تمسك بكتفها وسمعت صوت ماريو يقول للموظفة:
"زوجتي غيرت رأيها .لن تأخد هذه الطائرة ."
ذعرت ليندا وشاهدت رحيل المسافرين .والمفاجأة أخرستها .
فقال ماريو بعد قليل بتهجم :
"لم أكن أعتبر أنك إمرأة ذات شأن كبير ,لكني لم أتوقع أن انك ستحاولين خداعي بهذه الطريقة .لقد تصرفت تصرفا شنيعا ."
التفتت ليندا وقالت :
"لماذا لا تدعني أرحل ؟"
"هذا لا يغير الأمر .لو لم ألحق بك في الوقت المناسب ,لقلبت الدنيا حتى وأجدك في انجلترا نفسها ."
كانت مضطربة لدرجة أنها لم تلاحظ شحوب وجهه والشرر المتطاير في عينيه .
عادو الى فالباريزو. ولما وصلو الى الفندق كانت ويندي نائمة في أحضان ليندا .فطلب ماريو سريرا صغيرا في غرفة ليندا ,ووضعا الطفلة فيه .ثم أمسك ماريو بمعصم ليندا بشدة مرغما إياها ان تنظر اليه ثم قال :
"إذن !اعتقد أن عليك أن تشرحي سبب تصرفك القبيح هذا ..."
دفعها الى الصالون وأجلسها بقوة وقال :
"تستحقين العقاب !كيف تجرأت, أنت زوجتي ,ان تقومي بهذا العمل ,ماذا سأشرح لأصدقائي ؟هل أقول أن زوجتي تركتني من السأم ؟"
"لست زوجتك ."
ثم أضافت :
"وأنا أسخر بما يفكر به اصدقاؤك."
امسكها بكتفيها ورفعها عن المقعد وقال بلهجة تهديد :
"لقد طفح الكيل ,يا زوجتي الجميلة .ارى أني كنت متسامحا معك .اعطيتك الوقت كي تنسي والد ويندي ,لكنك لم تقدري موقفي ."
لما تركها ,نهضت واقفة وقالت وهي ترتجف كليا :
"ماذا يعني ذلك ؟أي عذاب ستكبدني ؟"
"لا شيء .سنتناول العشاء هنا في الصالون ,أنت وأنا نقضي السهرة معا كي نتعرف على بعضنا بالتفصيل !لذا أطلب منك أن تستحمي وتغيري ملابسك .بإمكانك مثلا أن ترتدي الفستان القمحي وضعي عقد الياقوت حتى أتذكر أن ما آخده سبق ودفعت ثمنه ."
ادار ماريو ظهره وإنسحب الى غرفته .وظلت ليندا فترة طويلة مكانها من دون حراك .بعد الآن لا شيء يمنع زوجها من الثأر منها .قاتمة الوجه توجهت الى الحمام وراحت تحضر نفسها كما طلب منها.وبعد قليل وافاها الى غرفتها ,لاحظت ليندا أن مزاجه لم يتغير .
قال بقسوة :
"هل أنت حاضرة ؟"
أجابت كأنها تذهب الى حبل المشنقة :
"أجل "
الطعام بدا لها من دون طعم وراحت ترغم نفسها للتحدث عن أشياء سخيفة مع ماريو .وبعدما تناولا القهوة ,راحت ليندا ترتجف مثل العصفور .
سألها وهو يلمس كتفها العاري :
"هل تشعرين بالبرد ؟"
"كلا"
"إذن هذا سيسهل علي مهمتي ."
جذبها نحوه وراح يعانقها بقوة رهيبة كأنه يريد إهانتها .لم تستسلم ليندا له .لكن تصرف ماريو بحنان فجأة مما غير ردة فعلها وراحت تعانقه وتهمس الكلمات الحنونة في أذنه .نهض وحملها بين ذراعيه حتى غرفته .ثم أغلق الباب برجله ومن دون تردد وضعت يديها حول عنقه وهو يضمها بشغف اليه.
بعد ساعات ,استيقظت ليندا وبهدوء توجهت الى سريرها حيث ظلت ممددة تحدق بسقف الغرفة حتى الفجر.
|