كاتب الموضوع :
قطرةندى
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: خدعة مصيرية
كانت تتوقع ان يدير ظهره ,لكنه لم يفعل .كتف ذراعيه على صدره وراح يتأمل كل حركة تقوم بها من دون ان يشعر بأي شفقة تجاه توترها .وفي ارتباك راحت ترتدي الفستان وتزرره باصابع مرتجفة .
ثم توجهت نحو منضدة الزينة وراحت تسرح شعرها .لا احد بامكانه ان يرغمها ان تبدو مشعتة امام الحضور .
اقترب من الطاولة واخد عقد اللؤلؤ وقال :
"من الافضل لك ان ترتديه ...انه مكافأة جميلة لقيامك بالخدمات المطلوبة لابد انه كلف العجوز ثروة صغيرة ."
وضعته حول عنقها بارتجاف .لكن في اعماقها كانت غاضبة من نفسها .فاستغل ماريو اضطرابها ليقول بوقاحة :"بصورة اجمالية اجدك مخيبة للامل ومشوشة.لأنه كلما اقتربت منك تجفلين .لكن هناك عدد كبير من النساء الخبيرات يستعملن خجلهن كحاجز واق."
ولما دخلا الصالون كان بعض المدعوين يغادرون المكان.
بارتباك ظاهر اضطرت ليندا ان تصافحهم وتبادرهم بالكلمات الطيبة .وكان نظرها يشتبك بالنظرات الساخرة المتعجرفة او المتسامحة واحيانا بالنظرات الرؤوفة .
ولما غادر المدعوون المنزل ,اقتربت منها دونا ايزابيلا وقالت :
"تعالي واجلسي قربي,يا ابنتي العزيزة .لدي ما اقوله لك ."
قالت المرأة العجوز بلهجة جافة وهي ترى ماريو يشير بحركة في اتجاهها :
"ليس انت من اريد .اني ارغب في التحدث الى زوجتك فقط ."
"كما تشائين ,يا عمتي .لكن عليك ان تحذري .صحيح انها تبدو مسالمة وغير مؤذية ,الا انها متى احرجت تخرج مخالبها ."
"انا سعيدة ان اسمع منك هذا الكلام "
جلست ليندا قربها على طرف المقعد وبدأت دون ايزابيلا الكلام موجهة حديثها فقط الى ماريو :
"من الاسهل التقاط الفئران بالمطرقة بدل تقديم الحلوى ,وعلى زوجتك ان تجمع قوة هرقل وحكمة سليمان كي تستطيع الزواج من رجل مثلك ."
رفع ماريو حاجبيه وقال :
"وانت ستعلميها كيف عليها ان تتحلى بهذه الصفات ,اليس كذلك عمتي ؟"
"ليست بحاجة الى النصائح .انها امرأة بمعنى الكلمة .اريد ان احذرها فقط من جاذبيتك الماكرة ."
ضحك ماريو وابتعد عنهما .وما ان انغلق الباب حتى همست دونا ايزابيلا قائلة :
"يا له من رجل ساحر ,انه مخيف اكثر من جده عندما كان في سنه .يجب ان تعرفي انك امسكت الجواد من لجامه ,لكن ارجوك لا تحاولي ارجوك ان تروضيه ."
اطلقت زفرة ثم اضافت :
اني احسدك ,يا عزيزتي .لكنك لا تزالين شابة وبريئة .لذلك انا ارتجف مكانك...دون ماريو سبب لك أذى كبير والشكليات التي تمت اليوم لا يمكنها ان تصلح الاذى كليا .غير اني ارجو ان تتحلي بالصبر معه وان تتحملي طبعه العاصف والغاضب ,ذلك لأني اعدك بأنك ستجدين حبا عميقا ودائما سينمو بينكما ..."
ابتسمت ليندا ابتسامة صفراء بينما كانت الدونا تنهض واقفة .لو كانت تعرف الحقيقة ,ان ماريو يتمتع بكل الحرية وليست ليندا على استعداد ان تحرمه اياها.بامكانه ان يذهب الى أي مكان يريده .
الفصل السابع
في المساء اختارت ليندا تنورة مقلمة ذات الوان زاهية وقميصا فلاحيا باكمام قصيرة واسعة للاشتراك في حفلة شواء ستتم في الهواء الطلق وسط حديقة القصر .
اما ويندي التي ارهقها اللعب والدلال فنامت بعمق عندما جاءت ليندا لتنحني فوق سريرها .وبخفة هبطت بخطوات نشيطة ومرحة السلالم المؤدية الى القاعة حيث كان الكونت يتناول المقبلات قبل تناول العشاء .لكن ابتسامتها اختفت عندما رأت ماريو جلسا على احد المقاعد .وما ان دخلت القاعة حتى نهض لتوه .
لاحظ نظرتها المتسائلة فأعلن ببساطة :
"جدي الرزين والكتوم كالعادة ,قرر قضاء بضعة ايام في منزل الدونا .هذا لطف منه ,اليس كذلك."
فتحت ليندا عينيها اندهاشا وقالت :
"اتريد ان تقول اننا وحيدان هنا ..."
نعم .ليس تماما ,فهناك الخدم الذين يسكنون الجناح القريب من هنا .من يمنعني ان آخدك بالقوة ,هذه الليلة ....لا احد بامكانه سماع صراخك وعويلك."
تلعثمت حين قالت :
"لا تكن تافها ."
"انت مخطئة يا عزيزتي .فالليلة مازالت في بدايتها .اني اجهل تماما ماذا سيكون تصرفي في الساعات المقبلة ."
امسك ذراعها ثم وضع يده على معصمها وادارها نحوه وذكرها قائلا :
"لقد تزوجنا منذ قليل حبيبتي .لذلك من المفروض ان نقدم لبعضنا العطف والمحبة .والعروس عليها ان تبدو متألقة .اما بالنسبة لي,فسأحاول جهدي ان ابدو مغرما وسأهمس في أذنك الكلمات الناعمة وسأضمك الى صدري وفي أوج السهرة سأقطف من خدك قبلة .لنبدأاذن بالابتسام ,ومن جهة ثانية لا أريد ان ارى في عينيك ملامح الكآبة والقلق بعد الآن .فهمت؟"
صمت قليلا وقال :
"افهم تخوفك .لكن لن يكون الامر غريبا عليك ,كما في المرة الاولى ."
من لهجته فهمت ليندا انه يتألم في صميم كبريائه فاستعادة نشاطها ,وتوجهت معه الى باب المدخل حيث ينتظرالرعاة قدومهما .وما ان اجتازا العتبة حتى سمعا اصواتهم الحماسية وصراخ صديقاتهم او زوجاتهم :
"اهلا ,اهلا,انت رائعة يا سيدة ."
تمكنت ليندا من الابتسام بثقة كبيرة ادهشت ماريو كليا .المشهد الذي واجههما عند غياب الشمس كان ذا جمال بدائي .
|