كاتب الموضوع :
همسة تفاؤل
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: زيديني عشقا / بقلمي همسة تفاؤل
البارت الاول
رنين مزعج بدأ يتعالى لتقوم يد ذاك النائم بالتخبط لمحاولة اطفاء هذا الازعاج ليسمع فقط صوت تكسر المنبه عندها احس براحة لحظية قبل ان تنهال الى عقله ذكريات الشهر المنصرم فقد قلبت حياته رأسا على عقب خلال شهر فقط .
فقد فيه راحة البال التي كان ينعم بها طيلة حياته بدأ الان يؤمن بالعين والحسد ويلوم ذاك الاناني المتعجرف فهو يكاد يقسم ان كل مشاكله كانت بسبب ثرثرة ذاك الدائمة عن كم يعيش بهدوء وسلام آه الهدوء تلاشى منذ وقعت عيناه على تلك الراقدة في الغرفة المجاورة
تناول هاتفه من الطاولة بجانب السرير المزدوج لتصيبه صدمة الساعة الان العاشرة والنصف اي ان المنبه بقي يرن متواصلا مدة نصف ساعة وهو لم يستيقظ هل كان في غيبوبة انه لم يحتج سابقا الى المنبه حتى ، حسنا انه لم ينم جيدا خلال هذا الشهر لذلك هذا سبب منطقي ، اعتدل ليجلس على طرف السرير ولم تخفي جلسته طوله الفارع وعرض منكبيه ، فرك عيناه بيده ليقف ويتجه الى الحمام ، فجأة صدر منه انين منخفض ثم تفوه بشتيمة عند دوسه على قطعة من المنبه المكسور ، الان عليه ان يتعجل فقد تأخر على موعده .
"مظهرك يوحي بأنك لم تنم منذ شهر كامل'
ها هو الان جالس امام صديقه الاناني لا يوجد صفة ابلغ من هذا الوصف ليوجه له الحديث
"هذه بركاتك "
"وما دخلي انا في ما يجري بحياتك"
"ان كل ما يحدث من كثرة ثرثرتك وحسدك لراحة بالي هل تكاثرتها علي "
لينفجر ذاك مقهقها جاذبا الانظار لطاولتهما وهو يردد " لما انت لئيم معي هكذا "
"معاذ توقف عن الضحك لا ارى ما يضحك"
"كيف لا ترى ما يضحك فارس الرجل الغامض الهادئ اراه الان مرتبكا ان هذا يجب ان يسجل في كتاب غينيس " انهى جملته تلك لتتحول نظراته الى الجدية " قلي ما وضعك مع شقيقة براء "
لقد وضع هذا الاناني يده على الجرح ماذا يريد مني ان اقول فأجبت بإختصار " جيدة"
" ماذا تعني بجيدة انا لا اعلم ما السر الذي دفعك للزواج منها ولا اريد ان اعلم لكنها شقيقة براء مدللته التي يعشقها وقد ائتمنك عليها فلا تخيب ظنه"
نظرت اليه بغضب وانا اسند ظهري الى الكرسي
"هل تجرأ على اتهامي بالتقصير في حقها كما ان لا حق لك بالتدخل بيني وبين زوجتي "
" لا ، انا لا اتهمك لكن اذكرك انها امانة ذاك الراقد خلف قضبان السجن في الوطن بتهمة القتل ونحن لا نعلم مصيره حتى الان "
سرت رجفة في جسدي منذ ان ذكر تهمة براء وانا اتذكر كلمات براء منذ شهر كلماته ما زالت تتردد في عقلي حتى الان لا اصدق هل يعقل ما حصل مع صديقي
وجهت سؤالا مغيرا مسار الحديث " هل انت عائد غدا الى الوطن "
"نعم لم يبقى لي اي شيء هنا حتى ابقى ... غدا سأستنشق هواء وطني "
" لم اكن اظن اني سأقولها لك يوما لكني سأشتاق لك "
" وانت متى ستعود ألم تحن دماؤك بعد "
" بلى ،لكن انت لديك عائلة تعود لها اما انا فماذا لا شيء سوى الوحدة "
"فارس ..."
قاطعته قائلا " هل ستحاول الان تحسين علاقتك بعائلتك "
"انت تعلم ان امي تكلمني هاتفيا بشكل متواصل وابي خلال الثلاث سنوات الماضية كلمني ثلاث مرات فقط اي مكالمة في كل سنة ويا ليتها تروي ظمأ السنوات الأربع التي سبقت من الجفاء المجموع سبع سنوات ... سبع سنوات من الغربة بسبب خطأ ارتكبته وانا شاب غر تدفعني دماء حارة لم اتحكم بها وهم من اجبروني على ذلك "
لم يخفى علي الألم في صوت صديقي لذا فضلت الصمت فقد تكلمنا كثيرا بهذا الخصوص في السنوات الماضية
"لماذا صمت يا صديقي اعلم انك تلومني وتردد دائما اني اناني حتى انا ألوم نفسي لم يكن يجب ان اتصرف هكذا لكن ما حدث قد حدث ، مكالمة والدي الأخيرة منذ ثلاثة ايام عندما طلب مني العودة اخيرا كانت اسعد لحظاتي منذ سنوات اخيرا طلب مني العودة ، اتعلم ما يعني هذا انه قد يسامحني اخيرا "
"اظن ان سماح والدك مرهون بمسامحة ابنة عمك لك "
قال بغيظ " تلك الطفلة "
" لا اظن ذلك ... كم عمرها الان؟ "
اظنه قد تفاجئ بذكري انها ليست طفلة حتى الان فقال وملامح الصدمة تعلو وجهه "عندما غادرت كانت في السادسة عشر اي انها الان في الثالثة والعشرين ... هل يعقل "
ضحكت ملئ فمي وانا اردد " هل حقا لم تدرك حتى الان انها كبرت كما كبرت انت "
" على ما يبدو اني لن اعتبرها يوما اكثر من طفلة مدللة وحمقاء "
"أحقا لا تعلم أي شيء عنها وما حصل معها خلال هذه السنوات !!! "
" لا ، اذكر ان أول اتصال لي مع أمي كان بعد سنتين من مغادرتي عاتبتني كثيرا خلاله وعندما حاولت ان تكلمني عنها رفضت وبشدة اي حديث له صلة بها فهي سبب بعدي عن عائلتي وطرد ابي لي ومنعي من العودة ثم بعد ذلك لم تحاول أمي ابدا الحديث عنها "
" انسى ما مضى الان وحاول اصلاح وضعك معهم "
" هذا ما سيحصل سأفعل أي شيء لأكون بينهم مجددا لقد تعلمت درسي بأقسى طريقة "
نعم لقد تعلم درسه نظرة عيناه اكبر دليل على ذلك
" حسنا اذن أظن حتى انا لم يبق لدي مكان في الغربة سأصفي أعمالي هنا و ثم أسلم إدارة فرع الشركة هنا إلى ابو خالد فهو جدير بالثقة "
ظهرت معالم الفرح والارتياح على وجه صديقي وهو يقول " احقا ذلك ومتى ستعود "
" أظن ذلك سيستغرق مني بضعة اسابيع "
" حسنا هذا رائع أرض الوطن ستجمع ثلاثتنا مجددا ... الأناني و الغامض و عاشق الشوكولاتة "
**************
ها هو الأن على متن الطائرة عائد للوطن بعد غياب سبع سنوات فماذا ستحمل له العودة هل يا ترى السعادة ام الالم ما يوقن به ان والده لم يطلب منه العودة دون سبب وجيه فهو اكثر من يعلم بجبروت والده وقسوته انه رجل المواقف هذا ما عرف عنه في مجالس الرجال فما الذي دعاه ليتراجع عن موقفه هناك سر ما هناك فكرة واحدة تراود عقلي لكني ابعدها فورا أرجوك ايها القدر كن لطيفا معي
فأنا رجل العائلة الوحيد بعد أبي فهل عودتي لأن ذاك قد فقد قوته واهلكه المرض ليرضى بعودتي ، هز رأسه ليبعد هذه الأفكار عن رأسه وهو يسمع نداء المضيفة وتأكيدها على ربط الأحزمة جيدا فلم يبقى سوى بضع دقائق وأخطو على ارض وطني
***************
جالسة على مقعد في حديقة منزلها المنزل الذي عادت إليه منذ ما يقارب السنة والنصف ، وشعرها الاسود الغجري يتناثر مع نسمات الهواء لا يوازي سواد شعرها إلا عيناها بدرجة لون أسود تدخل الهلع الى قلب الناظر اليها من النظرة الأولى لتأسره بعدها برقة ملامحها وذلك الجسد المكتمل من يراه لا يصدق انه قد حمل طفلين
طفلاها يلعبان أمامها الأن الأكبر في السادسة من عمره يشبه والده والأصغر انه يشبهها لكن اجتمعا بلون العينين فهما قد ورثا لون عينيها تذكر كلماته تماما " لديك عينا جنية " ابتسمت ساخرة ثم ما لبثت تلك الابتسامة لتتحول لابتسامة ام فخورة وهي تراقب احمد ذو العامين يحمل كرة قدم بنصف حجم جسده ويرميها الى شقيقه هشام ذو الستة أعوام ليلتقطها بمهارة ثم يرميها بعيدا ليهرع الى اخيه الصغير الواقع ارضا بسبب رميه الكرة ، هذان الصغيران هما كل أملها في الحياة بعد فقدها لزوجها بحادث سيارة منذ سنة ونصف أعادت عينيها للرسومات التي امامها فهي مصممة ديكور ولديها عملها الخاص هي وصديقتها المقربة شهد فلولاها لما استطاعت الخروج من صدمة وفاة زوجها فقد أتت اليها بعد أن أنهت عدتها لتشاركها بفتح مكتب للديكور والتصميم فما كان منها الى الموافقة بعد الحاح من عمها وعمتها وها قد مرت سنة على الافتتاح ويلاقي مكتبهم رواجا ولديه زبائنه ، اخرجها صوت عمتها من افكارها وهي تناديها
"بتول "
" نعم عمتي "
" هيا الوقت على وشك الغروب ادخلي الصغيرين وتعالي لتساعديني في اعداد العشاء "
وقفت واتجهت الى صغيريها وحملت احمد على كتفها لتلتفت الى الاخر " هشام هيا اذهب و اغتسل وانا سألحق بك لأخرج لك ملابس نظيفة "
فقال بصوت طفولي " حسنا ماما " وذهب راكضا
" انت ايها المبتسم لماذا ملابسك متسخة هكذا " ودفنت رأسها في بطنه تداعبه ليطلق هو صيحات ضاحكة
**************
الصمت درعها الجديد ، نعم الصمت فهو ليس نقمة بل نعمة تحمي نفسها به من كل ما يحيطها لكنه لم يستطع حماية وسادتها ليلا من دموعها ورجفة جسدها فقط من الذكرى انها تحتاجه ذاك الأب والأخ والصديق من كانت السبب في دماره ووجوده خلف قضبان السجن براء ، وهل من يحمل اسما كاسمه يسجن ان الالم من بعده عنها قاتل ما ستفعل لو حكم عليه بالسجن لسنوات طويلة او مؤبد والادهى لو الاعدام ... توقفت انفاسها للحظات
" يالهي كن رحيما بي"
هذا بسببي ،نعم بسببي ، لا ، لا لست السبب انه ذلك الخبيث ، ارتجف جسدها من ذكرى لمساته المقرفة وهو يمرر يداه الخشنة على جسدها كأن له الحق بذلك كأنها ملك له تحس بالنار تشتعل في جسدها وتحرق جلدها مكان لمساته وقبلاته المحرمة ، بدأت بفرك رقبتها بقوة كأنها تمسح ذكرى من عقلها ، لولا ستر الله وعودة أخيها المبكرة لسلب ذاك الخبيث برائتها لا تعلم ما حصل وقتها فهي كانت تقاوم بشدة ذلك الهمجي وغرائزه حتى رأت من فوق كتفيه وجه شقيقها الغاضب عندها استسلم جسدها وخارت قواه عن المقاومة و غادرت الى عالم السكينة واستيقظت على صوت حنون ويد تربت على وجنتيها لترى عيني شقيقها المتألمة لكن سرعان ما دخلت رائحة كريهة الى انفها وركزت النظر الى يدي براء " دم " لأبحر مرة اخرى في عالم السكينة
***********
اربعة جدران هل هي مصيري هل هي مستقبلي المجهول هل ستحول هذه الجدران الاربعة بيني وبين احلامي هل نسفت هذه الاحلام كلها بسبب ذاك الخبيث لم اتوقع في اسوأ كوابيسي ان يحاول الانتقام مني بهذه الوسيلة البشعة لتكون الضحية صغيرتي رحيق
رحيق طفلتي كيف احوالك الان اريد ان اراكي واحتضنك الى صدري واحثك على البكاء لترتاحي هكذا كنت منذ صغرك تحبسين دموعك والمك وتنتظرين حضن امن تخرجين به كل الالم لتستكين روحك و تتخلص من اثقالها وانا مع كل شهقة من حنجرتك تغرسين خنجرا في قلبي لأني لم استطع حمايتك وابعادك عن الالم ، وها انا قد جلبت لكي الما اكبر من ان تتحمله انثى فكيف بأنثى أرق من نطفة ثلج
اعرفك صغيرتي اكثر مما اعرف كف يدي انت الان اخترت الصمت فهل سيستطيع فارس ان يخترق هذا الجدار الذي احط نفسك به
فارس انا متأكد انك من ستحميها فنحن عشرة اثنان وثلاثين سنة لطالما تمنيت ان تكون انت زوجها فرحيق تحتاج لرجل يحتويها حنون و حليم وانت اكثر من اعرف يسيطر على غضبه لن تلومها على ما حصل بل ستتدعمها لتواصل وترمي كل شيء خلفها ، وفارس يمتلك الكثير من الحنان فهو مهما اخفى مشاعره خلف قناع الغموض لم يستطع يوما اخفاء حنانه وتأثره السريع لو لم يظهر على وجهه يظهر بأفعاله .
انا مطمئن على صغيرتي وما اريده الان هو بعض الشكولاتة لكي اطفأ بها نارا اخرى تشتعل داخلي
********
نلتقي مجددا
ودي لكم
|