كاتب الموضوع :
همسة تفاؤل
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: زيديني عشقا / بقلمي همسة تفاؤل (الفصل الرابع)
الفصل الخامس
" يكفي ذلك لم أعد أحتمل زواجي بطفلة حمقاء مدللة ... خلصوني منها ... فأنا لدي أحلام لم أحققها وليس من بينها رعاية طفلة لأخر يوم في حياتي "
خرجت من ذكرياتي على المشهد الذي اطل عليه من نافذتي طفلي هشام بين ذراعي والده لأول مرة
قبضة من ألم اعتصرت قلبي وأنا أشاهد مدى تأثره بلقاء طفله ، روحي تتألم وتتوق لقرب هذا الرجل ، سبع سنوات مرت وما زال قلبي الغبي ينتفض عند رؤيته ، ما زالت عيناي تتوقان لإلتهام تقاسيم وجهه القاسية ليس وسيما بمعنى الوسامة لكنه جذاب ، وكما يقال عين المحب عمياء
اين انت غيث ... انت وحدك من احتاج إليه ، لما القدر قاس معي دائما ، تركني معاذ مبعثرة تماما ، لم أكن قادرة على النهوض ومعاودة الحياة لثلاث سنوات دفنت نفسي بتربية طفلي واكمال دراستي التي أصر عليها عمي ، لم أكن أستطيع التحرر من قيود قلبي
قيود صنعتها بنفسي ... اسكنته داخل قلبي واغلقته ...
ومن ثم ذاك الضوء ... غيث ... قطرات ماء ندية كأسمه الجميل استطاع جمع أشلاء روحي المبعثرة وقولبها ليصنع أجمل حورية بيديه هو غيث
أنضج أنثى ... أخرج إمرأة بكل عواطفها من داخلي ... ملأني بالحياة لحد التخمة ... السعادة رافقت نبضات قلبي بابتسامة من شفتيه تنير وجهه ... ابتسامة لم يكن هناك كائن على هذه الوسيعة يمكنه مقاومتها فكيف لي المقاومة وأنا أنثى محطمة أحياها غيث
أنا و هو طائران مجروحان اتخذ كل منا من الأخر الدواء ...
تناولت حجابي وخرجت من الغرفة ، نزلت الدرجات بشرود ... تعالت ضحكات من اتجاه الحديقة وغيرت مساري مجبرة لفضول قاتل ، لأصدم به معاذ يقذف هشام في الهواء والأخر تتعالى صرخاته الضاحكة ... المشهد امامي كان اشبه بتمرير سكين على جسدي لتستبيحه ، فور انزاله لهشام ارضا التفت لي برأسه فتلاشت بقايا الابتسامة على شفتي من نظراته الملتهبة
اقتربت منهم مخاطبة لابني " هشام هيا حبيبي للداخل انه وقت الغروب وعليك الاغتسال "
نظر لي نظرة مستعطفة ثم لوالده " لكني اريد قضاء الوقت مع بابا "
لم ابعد عيناي عن طفلي " هيا حبيبي والدك سيكون موجودا بعد ان تغتسل لا تقلق "
هنا تكلم ذاك الصامت " هيا هشام اذهب واغتسل ثم تعال لي في الداخل فالجو اصبح باردا "
غادر بعدها هشام راكضا للداخل فهممت للحاق به ، ليوقفني صوته البارد " لمتى كنتي تنوين اخفاء ابني عني "
اجبته بأقتضاب " لم أكن أخفيه ، بل انت كنت مختفي "
اصبحت نظراته غاضبة " ومن السبب في ذلك "
قاطعته " لا تجرؤ على القاء اللوم علي فأنت من غادرت ولا أحد اجبرك "
ضحك ضحكة ساخرة " أحقا لم يجبرني أحد ، وهل هناك عاقل يهجر أهله بدون سبب "
احتقنت عيناي بالمرارة لأرد بنفس السخرية " وما هو سببك انت "
رد بنظرات جامدة " تزوجت من طفلة وثمن تخلصي منها كان النفي "
هل القتل في الميت حرام ، لما يفعل ذلك اذن ، ضجيح هائل انفجر داخل رأسي
لكنه لن يعلم ... لن يرى ضعفي ... اعطيته ظهري مغادرة
" الطفلة كبرت معاذ ... الطفلة كبرت "
**********
" ان لم تتوقفي الأن عن الحركة فسأحملك على كتفي واربطك للمقعد "
توقفت اخيرا عن دورانها ساكنة لبعض الوقت لكن ما زالت حركة يديها متوترة كما انها ترتفع قليلا على قدميها ثم تنزلها بدت كطفلة تنتظر الحلوى
فهتفت بها رافعا يداي باستسلام " يمكنك التحرك فلن امنعك "
لم أكد اكمل جملتي حتى بدأت بالدوران مرة أخرى ... منذ عودتي من العمل وهي تدور في كل اتجاه وتتحرك في كل زوايا الشقة لم يسلم شيء منها تدخل المطبخ اسمع صوت الأواني تتقاذفها في كل اتجاه ثم اصوات انكسار كأس أو صحن ما حتى بدأت لا أهتم كلما سمعت صوت التكسير ثم تتجه الى غرفتها تخرج الملابس المتسخة وتذهب بها لغرفة الغسيل وتغسلها وتعود مرة أخرى لتجلب غطاء السرير وتبدله بأخر ، حتى غرفتي التي لم تقربها يوما دخلتها واخرجت ملابسي المتسخة وبدلت أغطية سريري ايضا
وانا جالس على الكنبة أمام الشاشة المسطحة أحاول التغافل عما تفعله ، ان غرفة الجلوس هذه اصبحت تلمع من كثرة ما نظفتها لقد شهدت بنفسي أخر جولتي تنظيف لها
الأن الصدمة أخرستني وأنا انظر اليها تحمل بين يديها ملابس نظيفة وتتجه بها الى غرفة الغسيل
لا أستطيع أن اسكت الأن فهتفت بها " رحيق "
تجاهلتني تماما " رحيق توقفي عما تفعلينه حالا "
توقفت ونظرت لي حانقة " اين تلك الخادمة الغبية ، لم لم تحضر اليوم "
ازداد استغرابي " انها في اجازة لقد طلبتها مني البارحة "
نظرت لي غاضبة ، يا الهي اتلك الملاك تعرف الغضب عيناها تتلألأ بغضب لا اعرف مصدره " أهذا وقت اجازات و لما لم تخبرني عن ذلك "
ايقظتني جملتها الغاضبة من غرقاني بعينيها " وما حاجتك الضرورية لها "
أبعدت نظراتها عني ما زاد الشكوك داخلي " لا دخل لك "
تغضن حاجبي ... ووقفت واتجهت لها ممسكا يدها متجاهلا تماما لارتعاشة جسدها ... أجلستها على الكنبة قائلا بنفاذ صبر " هيا أخبريني الأن ما الذي قلب حالك هكذا وما حاجتك للخادمة "
ما زالت تتهرب من عيناي فأمسكت فكها وادرتها لي بنعومة " اخبريني "
ردت بعصبية " طلبت منها احضار بعض الأغراض الخاصة ولم تفعل "
تنهدت بارتياح " هذا فقط ما قلب حالك منذ الصباح ، لو طلبت مني كنت أحضرت لكي ما تشائين "
غزى الاحمرار وجهها " لن تستطيع احضارها "
امتعت ناظري باحمرارها " لما ذلك .. ما نوع أغراضك الخاصة هذه "
أقسم أن عينيها ستخرج من محجريها " لا تتدخل فيما لا يعنيك "
قلت مهدئا لها " حسنا جهزي نفسك لأخذك لشراء ما تحتاجينه "
ترددت قليلا قبل أن تومئ برأسها موافقة
وجهت لها السؤال بعد استقرارنا في السيارة " اذن الن تقولي نوع أغراضك لأعرف أين يجب أن أتجه "
عادت الحمرة تغزو وجهها لتهمس باقتضاب " اذهب للصيدلية "
رفعت حاجبي " لما هل تشعرين بأي ألم ... هل أخذك الى طبيب "
همست بحرج " فقط ارجوك اتجه لأقرب صيدلية "
وها نحن نقف بالصيدلية وهي متجمدة بجانبي " ألن تشتري ما جأت لأجله "
ما زالت تحادثني بصوت هامس " هلا اشتريت لي بعض الأدوية المسكنة للمغص وانا سأجلب غرضا وأتي فورا "
تسارعت نبضات قلبي خوفا عليها " لقد سألتك سابقا إن كنت بحاجة للذهاب الى الطبيب ونفيتي "
قاطعتني صارخة " فلتصمت حالا ، واذهب لاحضار المسكنات دون نقاش "
والتفتت عني واتجهت لجهة معينة ، ليضربني الادراك فورا وتتلاعب ابتسامة تسلية على شفتاي
عادت بعد قليل بغرضها الخاص والاحمرار تزايد أخذته منها بمكر " سأذهب للمحاسبة انتظريني "
والتفت عنها بعد امتاع نفسي بحرجها اللذيذ ...
لم أكن يوما أتوقع أن أجد نفسي بموقف مماثل ... وما لم أتوقعه هو متعتي بهكذا موقف ...
عشقت الاحمرار المصبوغ على وجهها كاملا ونظراتها المرتبكة لكل شيء ما عداي لم تلتفت لي منذ غادرنا الصيدلية
صاحت بي " أرجوك توقف عن التفكير ... لا تفكر ابدا فقط توقف "
انفجرت ضاحكا لم استطع التماسك ، حاولت بصدق كي لا احرجها ، لكن لم استطع فلم اتخيل في حياتي كلها ولم اواجه هكذا موقف ، فحياتي خالية منذ الصغر من الجنس اللطيف ، فكل ما اعرفه عن النساء عائد لبعض دروس مادة الأحياء واحاديثنا أيام المراهقة واختلاطي بالنساء بدأ بالجامعة ولم يتعدى الزمالة وبعدها في العمل ولم افرق يوما في عملي بين رجل وامرأة ... فكيف بحق سأتماسك أمام هذا الموقف ...
سيطرت على ضحكاتي بصعوبة " أنا أسف لا أقصد احراجك ابدا ... وصدقيني لن افكر ابدا وسأغلق عقلي "
وهذا طبعا ما لن استطيع فعله
************
" هناك خاطب تقدم لخطبة شهد "
تجمدت الدماء في عروقي ، من تجرؤ على خطبة حبيبتي ، ليتني خارج هذا السجن كنت سأحطم فكه ، النيران تشتعل داخلي جحيم كامل من الغضب بدأ ينفث نيرانه في صدري ، قبضت على يدي أحاول السيطرة على اختلاجات نفسي
" طارق ... كيف تجرؤ على قول هكذا شيء لي "
" وماذا تريدني أن اقول ... أبلغك بخاطب لها لا بموافقتها "
اشتعلت بغضب صاعق لتهوي يدي على الطاولة بيننا قائلا من بين أسناني " انها خطيبتي من تجرأ على خطبتها وهي لي "
يقتلني بروده " ما جعله يتجرأ على ذلك هو أن لا شيء رسمي بينكما "
" بحق الله هي خطيبتي ... أجننت لتقول لا شيء رسمي "
اعتدل ببرود بجلسته " نعم ليست زوجتك شرعا كل شيء ما زال غير رسمي حتى خطبتكما لم نعلنها بسبب ما حدث "
لم تعد لدي سيطرة على غضبي وأنا أقف لأمسكه من ياقة قميصه " شهد لي ولن تكون لغيري حتى لو بقيت لأخر يوم في حياتي في هذا السجن المقفر "
امتدت يداه لتبعد يداي عن ياقته " وماذا تريد كما انها لم توافق ولن نمنع الخاطبين من القدوم فهي بنظر الناس فتاة عزباء في سن الزواج ... لن تغضب هكذا كلما أتى خاطب فهذا ليس جيدا لأعصابك يا رجل "
هتفت به ساخطا " رباه يا رجل ان برودك يقتلني "
رد بكل بساطة " ولما أتلف أعصابي بالغضب "
تعالى صوتي " غضب ... غضب ... انت لا تعلم شيئا عن البركان الثائر داخلي "
هز كتفيه ببساطة " حسنا ... ماذا سيفعل غضبك هذا "
أعدت تمالك أعصابي " أتعلم غادر حالا الأن ، ولا تعد الا ومعك خالي "
ابتسم بمكر " وماذا تريد من أبي "
لأبادله الابتسامة " سأنهي أمر الخاطبين نهائيا "
" ما الذي ستفعله "
" سأعقد قراني على شهد وليتجرأ ابن ابيه لخطبتها بعدها "
وقف مبتسما " اذن زيارتي القادمة ستكون لعقد القران سأحضر الأوراق اللازمة واخبر أبي ولا أظنه سيعترض فهو لا يريد غيرك لشهد "
والتفت وغادر ببساطة وعلى شفتيه ابتسامة من ربح معركة للتو
جلست على المقعد من فوري ... أحقا ستكون شهد لي اخيرا بعد كل تلك السنين ... ستصبح ملكي ... سيقترن اسمها باسمي ... الراحة تغلغلت في اوردتي لتطفىء البركان الذي اشتعل قبل دقائق كأنه لم يكن ... لتهاجمني غصة المكان وانا انقل نظري بين الجدران القاتمة لغرفة الزيارة لتكتم على صدري الضيق من جديد
لكني اتخذت قراري وهي لن تكون لغيري لم احببها واعشقها لعشرين عاما مضت لأتركها ببساطة لغيري ... هي ملكي فقط ... ولن تكون لغيري
************
فتحت باب المنزل لأجد شهد تقفز في وجهي " اخبرني ما حدث "
تراجعت خطوة للخلف " بسم الله ... متى ستنضجين يا فتاة "
ملأ الغيظ وجهها " عندما تنضج انت "
التففت حولها مكملا طريقي " حسنا ... جدي شخصا أخر يخبرك بما حدث "
ركضت والتفت أمامي ورمشت بعينيها " أرجوك اخبرني ألست أختك الحبيبة التي تساعدك دائما "
عادت لترمش بعينيها لي " أرجوك "
تلاعبت بها اكثر " أختي الحبيبة التي تساعدني دائما ... سأفكر قليلا بما يمكنك مساعدتي بعدها سأخبرك "
عصرت عينيها لتخرج دموع زائفة " أنت لن تفعل ذلك بأختك الوحيدة "
عاندتها " بل سأفعل لأنك أختي الوحيدة واريد أن تبقي بجانبي دوما ولا تتزوجي "
عندها رمت بكل تمثيلها السابق لتنقض على رقبتي " الأن ستخبرني بما حدث والا شوهت لك وجهك الجميل الذي يشبهني "
حاولت ابعادها عني بصعوبة وقلت مشاكسا " يا الهي يا فتاة ألا تملكين بعض الحياء ستشوهين وجهي فقط لتتزوجي "
ابتعدت عني وحدجتني بطرف عينها " انا تتلمذت على يد الأفضل "
تنحنت " علمتك انت ورحيق لكن التعليم اثمر معك وحدك وعاد كله على رأسي "
عادت لجديتها " هيا اخبرني بما حدث "
قهقهت عاليا " يا الهي كان عليك رؤية وجهه ، لم أره يوما غاضبا هكذا وفي النهاية قال احضر المأذون بأقرب فرصة ممكنة لعقد القران "
أمعنت النظر بشهد بعد جملتي لأضحك اكثر " هناك أمل ببقايا حياء موجودة لديك "
بعدها تركتني وغادرت لغرفتها راكضة
لم يبق امامي سوى اقناع ابي وهو لن يعترض ما دامت شهد موافقة
*************
تعالى رنين الهاتف لألتقطه بينما أنهي ارتداء ملابسي ، ليصلني صوت فارس
" ما هذه الصورة التي أرسلتها "
أجبته ببساطة " إنه ابني "
انتشر الصمت على الجهة المقابلة من الهاتف ليهتف بعدها " يا رجل لقد عدت من يومين ليصبح لديك ابن ... كم عمره ... اخبرني القصة كاملة "
انهيت ارتداء ملا بسي وعدلت الهاتف على أذني مغادرا الغرفة " عمره ست سنوات وقد كانت ابنة عمي حاملا به عند مغادرتي "
"اتوقع ان هذا سبب صدمة لك "
زفرت انفاسي " صدمة ... لقد كادت تصيبني سكتة قلبية من المفاجئة ، تخيل أن يدخل عليك فتى غريب عنك ويقول لك بابا ، عندها أخبرني ماذا ستفعل "
صمت قليلا ثم عاد صوته " وماذا ستفعل الأن ؟ "
وقفت في منتصف طريقي " أتعلم لم أفكر بذلك فأنا لم أتخطى الصدمة بعد "
سمعت بعض الأصوات تصلني من الهاتف وأظن انه مساعده الشخصي ليهتف بعدها " معاذ أنا مشغول الأن سأعيد الاتصال بك لاحقا لكن هل زرت براء "
" أنا ذاهب لزيارته الأن "
أجابني قبل أن يغلق الخط " حسنا اذن لا تنسى أن تأخذ له بعض الشكولاتة فأظنه قد جن من قلتها فهو مدمن عليها وقد حرم منها الأن "
أنزلت الهاتف بعد انهاء الاتصال لأتجه لأمي واقبل رأسها " كيف حالك اليوم أمي "
انارت وجهها بابتسامة حانية " أنا بخير بني والحمد لله ... هل انت خارج "
"نعم سأذهب لزيارة براء في السجن "
رفعت يديها بدعاء " رباه فك كربه واعده سالما لأهله ... بني خذ مفاتيح سيارة والدك ستجدها على الطاولة عند الباب "
وقفت مقبلا رأسها ويديها " حسنا ... وأظن يجب أن أبدأ البحث عن سيارة خاصة بي "
والتفت خارجا افكر في أحاول صديقي في السجن وهو من كان سيكون عريسا في هذا الأسبوع
فما الذي سينتظره
***********
قراءة ممتعة
استغفر الله العظيم واتوب اليه
|