السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد مسائكم جميعا متابعي روايتي
بداية وقبل فصلنا اليوم أحب أن أوجه شكري الخالص والكبير للأخت
الغالية وحبيبة قلبي ( فيتامين سي ) على ما قدمته بل على أهم ما فعلته
من أجلي وأجلكم وأجل الرواية فلن أنسى وقوفها معي وموافقتها ما أن
طلبت منها مساعدتي في نقل الفصول لكم لِما رأيته من انضباط لديها
في نقل الفصول فهي والأخت لامارا لم ترى عيني في تفانيهما ونشاطهما
واهتمامهما بالقراء والنقل ورغم انشغالها وكثرة مشاغلها ونشاطها الذي
انشهرت به إلا أنها تفرغت من أجلي وأجلكم وأجل متابعيها هناك ورغم
أن الفصول تصلها مجزئة وهي تتعب في جمعها إلا أنها وافقت دون تردد
فأسأل الله أن يناولها كل ما تحب وتتمنى ولا يرد لها طلبا فلولاها بعد الله
ما نزل فصل الخميس الماضي لأني كنت غير موجودة ولا فصل الاثنين
لأن الكهرباء كانت مقطوعة وقت التنزيل وكنت وقتها مطمئنة ومرتاحة
البال لأني أعلم علم اليقين أنه بين أيديكم وقد قرأتموه فالفضل بعد الله لها
وتذكروها في كل فصل بدعوة صادقة مصدرها القلب كلما رأيتم اسمها
يعلوا الفصول ... شكرا فيتامين سي ولو نجوم السماء تهدا لأهديتها لك
الفصل التاسع والعشرون
المدخل
بقلم الغالية alilox
دعيني اعيش مع السراب من حصونك اخاف الاقتراب غيبتي عقلي اسرتي قلبي عقلي وقلبي بشأنك في اختلاف قلب بدأ يهواكي ويجد لكي الاعذار لكن عقلي يقول كفى هل سمعت احدا امسك السراب اني اخاف من حصونك الاقتراب
**
ماأعظم ذنبي في قلبك ياآسري أليس ذنبك أعظم من ذنبي ذنپك هدمت حصوني احتللت قلبي احتلال لكن عفوا ذنبي أعظم أضعاف أضعاف ذنبي عشقت من احتل قلبي من احتل روحي ومن متى يعشق المحتل من قام بفعل الاحتلال
مساء الورد
****
مر أكثر من شهر وقد انتقلنا هنا إلى مزرعة العائلة فبعد وفاة زوج
رغد بأسبوعين تزوجتا شقيقتيها زواجا عائليا بسيطا بسبب موت
نسيبهم بما أنها لم تُطلق منه ثم انتقلنا هنا على الفور , في البداية
أخذ منا المنزل هنا وقتا بين تجديد وتنظيف ودخلتْ رغد في حالة
هستيرية من أنهم سيأخذون ابنتها منها وأصبحت لا تنام إلا وهي في
حضنها وأغلب الوقت تسجنها معها في الغرفة مخافة أن يأخذوها دون
علمها خصوصا بعد زيارة جدتها التي صرحت فيها أنها ابنتهم وستتربى
لديهم خاصة أن الطلاق لم يتم بحكم المحكمة , وأصبحت عمتي تنام
معها أغلب الليالي بسبب استيقاظها مفزوعة من نومها , إياس انشغل
كثيرا في المزرعة ويبدوا أصبح يكرس لها جل وقته ويفكر جديا في
تطويرها وأن يتحول خارج قسم الشرطة لمزارع , أما علاقتي به
فعلى حالها منذ تلك الليلة التي خرج فيها من الغرفة ولحد هذا اليوم
لازال ينام بعيدا عني وكل في غرفة مستقلة ولازال متمسكا بقناع
بروده ذاك وأستغرب أنه فعلها ولم يأبه لكشف أهله للأمر وأستغرب
أكثر أن أحدا منهم لم يعلق بشيء وحتى عمتي التي بداية انتقالنا هنا
كانت تحاول التلميح لي بأن أرى ما يزعج زوجي وما يؤرق حياتنا
وأعالجه أصبحتِ الآن وكأن الأمر لا يعنيها ولا يحدث أمامها ومنذ
أيام بدأتُ ألاحظ الحركة الغريبة هنا اجتماعات سرية وحدي من لا
يحظرها ونقاشات تدور بهمس ولا أفهم لما أو عن ماذا ؟ وقد جعلتْ
تحركاتهم وأحاديثهم تلك عمتي منزعجة لأيام قبل أن تعود لطبيعتها
وأنا لم أسأل عن شيء خصوصا وأن إياس جزئا في كل ما يجري
أظلمت الدنيا في عيناي بسبب الشيء الذي وضع عليهما
فقلت مبتسمة " سدين طبعا "
أبعدت يديها وقالت ضاحكة وهي تلف حول الأريكة لتجلس
بجانبي " ومن غيري هنا يحبك ويبحث عنك طبعا "
برمت خصلة من شعري بين أصابعي ثم دسستها خلف
أذني وقلت " من الآخر ماذا تريدين "
قالت ببرود " مرحبا يا رئيس البلاد "
ضحكت وقلت " لو كنت رئيس البلاد لكنت سجنتك
حتى تتعفني في السجن "
وضعت ساق على الأخرى وقالت بغرور " وما يفعلان شقيقي
وزوجي الضابطان سيخرجانني طبعا "
قلت ساخرة وبقصد " ومتى رضينا على زوجنا ؟؟ يالك
من مسكينة بسرعة تنسي غضبك منه "
قالت ببرود " عذره معه "
فضحكت دون تعليق فهي غضبت كثيرا عندما رفض الدخول
ورؤيتها يوم عقد القران وقالت لماذا أتزين وأكلف نفسي إن كان
لن يراني لكن الغبية رضيت عنه بسهولة حين علمت أنه برر
لإياس بأن الأمر مراعاة لشقيقتها التي توفي زوجها حديثا
وصدّقته هذه الخائبة , نظرت لي بطرف عينها وقالت
" أرينا عجائب قدرتك أنتي في زوجك "
ضحكت ضحكة قهر أكثر من كونها سخرية وقلت " شقيقك
تعلمين جيدا أنه هوا من يرفضني ولا أعجبه "
رفعت غرتها ممررة أصابعها فيها ثم هزت رأسها بلا وقالت
" لن تنجحا وأنتما تنظران للأمر من هذا المنظور الضيق "
حركت كتفي بلامبالاة ولم أتحدث فقالت " لما لا تجربي "
نظرت لها باستفهام فقالت " أقصد أن يتنازل كل واحد
منكما قليلا "
اتكأت برأسي على يدي التي سندت مرفقها على ذراع الأريكة
وقلت ناظرة لها بجانبي " وأتحفيني بذوق شقيقك الذي سأتنازل
لأرضيه "
تنهدت بيأس وقالت " إياس طوال حياته يحب المرأة التي تشبه
شخصية رغد في هدوئها مع الثقة في النفس أكثر "
قلت بسخرية " لا هذا فوق طاقتي , رغد التي لا تعرف كيف
تدافع عن نفسها وحقها , أقسم لو كنت مكانها ما سكتّ لتلك
العجوز التي جاءت تتبجح عليها وتصرخ وتبلبل وهي صامتة
تبكي فقط , لو كنت مكانها لأخرجتها من هنا تبكي "
عبست وقالت " أرئيت أنكما لا تتفقان , صحيح أن الرجال
يحبون المرأة القوية التي تفرض شخصيتها لكن دائما
للقاعدة شواذ وإياس شذ منها "
قلت باستخفاف " هه قولي أن شقيقك يريد عديمة شخصية
يتحكم بها وتتعامل أمام الناس بثقة نفس ومعه قطة يأكل
عشائها وهي تنظر "
هزت رأسها بيأس وقالت " كنت أعلم أن هذا لن يجدي
معك ولا أعلم لما تكلمت "
ثم تابعت بجدية " ترجمان أنتي صديقتي قبل أن تكوني
ابنة خالي وزوجة شقيقي وأقول وأكرر لا تتركي طائرك
لغيرك وتداركي الأمر "
نظرت لها لوقت بتركيز وصمت من نبرتها الجادة وتحذيرها
المبطن بالكثير من المعاني ثم قلت " قرار شقيقك كان ثابتا
ومنذ البداية وعليه تنفيذه وأن يحررني منه "
تنهدت وقالت " وهذه المحاولة الأخيرة وباءت بالفشل فلا
تلوميني يوما "
نظرت لها باستغراب وكنت سأسأل شيئا لولا دخول إياس من
الباب الواسع للمنزل الذي يبعث النور لأرجائه جميعها رغم أننا
قاربنا وقت مغيب الشمس , ببنطلونه الجينز المرفوع لنصف ساقيه
ملطخ بالوحل وقميصه المهمل مفتوح الأزرار العلوية وفوقه
سترة جلدية سوداء , اقترب منا فأغلقت سدين أنفها وقالت
" يع ابتعد عنا "
فنزع سترته وقال ببرود " أسكتي أو حضنتك الآن "
فهربت حينها قائلة " حمدا لله أني لست زوجتك "
فقال وهوا يتوجه لممر غرفته " لا تخافي في هذه الحالة "
فلويت شفتاي بعدم رضا , ما أبردك وأسخفك يا رجل
*~~***~~*
مرت الفترة الماضية كما هي عليه سابقا وعادت عمته بعد أسبوعين
من غيابها هناك في منزل شقيقها , أواس لازال متغيبا طوال النهار
ولا يرجع إلا ليلا ووقت الغداء في أحيان قليلة جدا ولازال البرود
والصمت رفيقه وسرعة الغضب سلاحه الذي يهابه به الجميع وقد
سافر مرتين من أجل تجارته ووضع حراسة مشددة على المنزل ولا
أفهم لما ؟ هل يخاف أن يهرب أحد ممن في الداخل أم ليمنع أحدهم
من الدخول من الخارج ؟ زوجته بدأت بكشف خباياها وأصبحت
تلاحقه وقت وجوده هنا وتخترع الأمور لتتحدث معه ولازال هوا
في هدنته معها فلم يعد يضربها ولم تعد سجينة غرفتها ولازال ينام
معي والذي تغير فقط هوا أنه منذ تلك الليلة لم يعد يرضى إلا بالنوم
بتلك الطريقة التي يبدوا أني جلبتها لنفسي وكأنه لن يغمض له جفن إن
لم التصق بظهره حاضنة لخصره بذراعي حتى باتت تلك اللحظات
ليلا تسرق تفكيري أو أني اعتدتها أيضا أو لا أفهم ما يكون ذاك
الشعور !! طرقت الخادمة الباب ودخلت لتخرجني من أفكاري
ولتسرق نظري من مصحفي لها وهي تدخل بأكياس في يدها
وقالت وهي تضعهم على الأريكة
" السيد أمر بأخذهم لك هل أرتبهم في الخزانة "
نظرت لهم وعلمت ما يوجد فيهم من الاسم على الأكياس ثم
تنهدت وقلت " اتركيهم سأرتبهم بنفسي "
لا أعلم أين سأرتدي كل هذا ومتى فكلما جلب بضائع لمحلاته
أحضر لي منهم حتى امتلأت الخزانة فلو يبيعونهم هناك أفضل
له , قلت قبل أن تخرج " أين عمة أواس هل هي في غرفتها "
التفتت لي عند الباب وقالت " نعم
سيدتي والسيد أواس
ذهب لها هناك "
وضعت حينها المصحف جانبا وغادرت الغرفة لأنزل لها فهي اليوم
لم تخرج من غرفتها وقد تكون مريضة أو منزعجة من أمر ما وعليا
رؤيتها والاطمئنان عليها , نزلت من السلالم وما أن وصلت لقرابة
نهايتها حتى وقفت مكاني وأنا أرى أواس وكان معطيا ظهره لي ووجد
تقف أمامه تكاد تكون ملتصقة به وتضع كلتا كفيها على صدره وتحدّثه
مبتسمة وما أن رأتني حتى ابتسمت بغرور وحركتهم على صدره صعودا
حتى طوقت بهما عنقه والتصقت به أكثر وهوا على حاله يديه في جيوب
بنطاله ثم التفتَ برأسه فقط ونظر لي فعدت للأعلى من فوري ولا أفهم
لما لم أكمل طريقي ؟ لما شعرت وكأن ثمة من قسمني نصفين ؟ لا أفهم
حقا سبب انزعاجي من اقترابها منه فكم في الإنسان من حب تسلط
وتملك لأشيائه , هل نحن أنانيون هكذا جميعنا معشر البشر أم أنها
لا تكون إلا في حالات دون الأخرى ؟؟!!
*~~***~~*
صعدت تلك للأعلى وأقسم أنها تشتعل غيرة وكان هوا يتبعها
بنظره حتى اختفت ثم عاد بوجهه للأمام ونظر لي مجددا وأخرج
يديه من جيوبه ورفعهما وأمسك بهما يداي وأنزلهما مبعدا لهما
عنه فقلت وأنا أبعدهم أكثر " يبدوا لي تغار مني وكأني
لست زوجتك مثلها "
أعاد يديه لجيوبه ولازال على صمته ونظره لي فقلت وأنا
العب بزر قميصه بإصبعي ونظري عليه " أنت لا تَعدل
بيننا أبدا يا أواس هل تلحظ ذلك "
أبعد يدي بقوة وقال " لا تحلمي بذلك "
رفعت نظري له بسرعة فأمسك ذقني بأصابعه ورفعه له وضغط
عليه بقوة ألمتني وقال بجمود " لن تأخذي ولا ربع مكانتها لدي
يا وجد تفهمي هذا أم أشرحه أكثر ؟ فحاذري من العبث معها
من ورائي وأَمضي وقت فراغك بشيء غيرها "
قلت ببرود ونظري على عينيه " إن هي أخبرتك أني أضايقها
فقد كذبت عليك "
أبعد يده وترك ذقني وقال بسخرية " إن اشتكت لي منك فلن
تكون دُرر "
ثم تابع مغادرا جهة الباب " هي لا تعرف اللعب بقذارة مثلك يا وجد "
وخرج من المنزل تاركا إياي أحترق بعده من الغيظ والكره , وتقولها
علانية يا أواس وتضعها فوقي وهذا يؤكد أنه إن هي أخبرته بحقيقة
مضايقاتي لها فسيصدقها على الفور ولن يصدق تبريراتي ولا كذبي
عن الأسباب مهما حاولت , غادرت من هناك لتوقفني الخادمة
التي وقفت أمامي قائلة " السيدة خديجة تطلبك في غرفتها "
قلت مجتازة لها " قولي لها أني نائمة "
ثم توجهت لغرفتي وأغلقتها بالمفتاح وتوجهت للسرير وتسللت تحته
لأخرج الهاتف المثبت فيه وفتحته وأنا هناك نائمة على ظهري على
الأرض , سأرسل رسالة لوالدتي أطمئنها عني وأتسلى بعدها قليلا
بما أن كثلة الثلج والغرور ذاك غير موجود ولا يوفر لي ما يسليني
اتصلت ليرن الهاتف مرتين ثم انفتح الخط وقال من في الطرف
الآخر مباشرة " ماذا حدث معك ؟ "
قلت بهمس " حيّني أولا يا وغد , هل هذا كل ما يهمك "
ضحك ضحكته الجهورية وقال " لأعلم المفيد أولا ثم ننتقل للمهم "
مررت أصابعي على خشب السرير فوقي وقلت " لم يحدث شيء
بعد , الأمر يحتاج لبعض الصبر لا يكون في يوم وليلة "
قال من فوره " حسنا اتركينا الآن في الأهم وأخبريني
أولا أين أنتي الآن "
ضحكت وقلت بذات همسي " أين باعتقادك تحت السرير طبعا "
ضحك كثيرا ثم قال " لن ينفع الأمر هكذا "
فتحت زر القميص وقلت " سينفع كما في المرتين السابقتين "
*~~***~~*
وضعت الطعام على الطاولة وجلست آكل فاليوم عمله ولن يتعشى
هنا ورغم البرد لأننا أصبحنا في فصل الشتاء إلا أني أحب الأكل
هنا خصوصا بعدما أصبح لدي قميصا شتويا وبنطلون من الجينز
فقد أحضرهم مع مدفأة لغرفتي وغيّر باب المنزل أيضا فيبدوا أنه
استقطع جزءً من راتبه هذا الشهر لي ولتغيير ذاك الباب الصدئ
مؤكد تتساءلون عن حالي معه بعد تلك الليلة التي أنا من أصبت
بالحمى بعدها ولم أفارق الفراش ثلاثة أيام وآسر طبعا من قام بخدمتي
مع بروده وصمته اللذان لم يفارقانه ليرسل لي رسالة مفادها أنه مجبر
على ذلك , ولم ينتهي الأمر هناك بل بقي لفترة بعدها يقذفني بالكلمات
الجارحة بطريقة غير مباشرة من مدة لأخرى وأنا في صمت تام وكأني
تبلدت بل يبدوا أني أصبت بالبلد فعلا ولم يعد يؤثر بي شيء وأصبحت
أقابل إهاناته بالصمت والتغاضي أو التجاهل أو لا أعلم ما يصفه هوا
في عقله حتى توقف عن رميي بتلك الكلمات وأصبح الصمت المميت
أسلوب حياتنا هنا ولا أسمع صوته إلا إن كان يتحدث بالهاتف أو حين
نذهب لزيارة العائلة التي ربته ولا أعلم ما نهاية وضعنا هذا وما أنا
أكيدة منه أنها ستكون سيئة على هذا القلب لأنه من غبائه أحبه وحين
سيطردني من حياته سأعاني بالتأكيد , رميت الملعقة ومررت أصابعي
في شعري وأغمضت عيناي بقوة , كلما تذكرت تلك الليلة وتلك القبلة
أشعر بجسدي يرتجف , لم أكن أعلم أنها ستكون منهكة ومدمرة هكذا
ولا أن تنتهي بمأساة كبيرة كتلك وتمتد شظاياها للآن , نزلت دموعي
فوضعت يدي على عيناي من فوري وكأني بهذا سأمنعهما من البكاء
وسأغلق قنواتي الدمعية ولكن ما سيمسك الدموع حين تنهمر ؟ لا
شيء بالطبع ولا أحد بالتأكيد ولا حتى السبب فيها لن يستطيع ذلك
انتفضتُّ واقفة بفزع حين شعرت بخطوات أحدهم لأجد آسر واقف
أمامي ولأن باب المنزل تغير وهوا من عادته فتحه وإقفاله بهدوء
لم أشعر بدخوله ولم أتوقع أن يأتي الآن فهوا لا يفعلها عادةً !!
أشحت بوجهي أمسح دموعي وقلت ببحة " هل أعد لك العشاء "
والنتيجة كالعادة لم يجب ولم يتحرك من مكانه فمددت يداي لطبقي
وحملته من على الطاولة وتوجهت به للمطبخ هربا منه فلا حجّة
لدي غيره , وصلت الباب لتوقفني اليد التي أمسكت بذراعي
ولفني جهته وقال بجمود " ما يبكيك ؟ "
أنزلت رأسي للأسفل أكثر وقلت بهمس " لا شيء "
وكأنه لا يعلم أو لا يوجد شيء يستدعي للبكاء فهل هذا غباء منه
أم تغابي ؟ ترك ذراعي وامتدت أصابعه لذقني وأمسكه ورفعه
حتى تلاقت عينانا وقال بجدية " لا أحد يبكي من لا شيء "
أنزلت رأسي مع انفلات ذقني من قبضته برفق وقلت مجاهدة
دموعي كي لا تعود للنزول " اشتقت لدُرر وترجمان "
قال بعد صمت لحظة " فقط "
هززت رأسي بنعم دون كلام فتركني وتوجه لغرفته ودخلها
فوضعت الطبق في المطبخ وخرجت منه راكضة حتى دخلت
غرفتي وأغلقتها خلفي لأواصل بكائي الصامت هناك
*~~***~~*
بعد وقت خرجت من غرفتي لأنزل لعمته فعليا رؤيتها قبل أن
نجتمع على طاولة العشاء ويكون منظري سخيفا وأنا أسالها
هناك , وصلت للأسفل وتقابلت ووجد خارجة من الممر مبتسمة
تلعب بخصلة من شعرها بين أصابعها ووقفت ما أن رأتني وقالت
" لا داعي لأن تعكري مزاجه الليلة بسبب ما رأيته فأنا زوجته مثلك "
قبضت يداي بقوة وكنت سأغادر وأتركها ككل مرة لكن أوقفتني
كلماتها قائلة " لا أعلم كيف لامرأة يتشدقون بأنها حافظة كتاب
الله وتخافه تشد الرجل لها وحدها وتسرق ليلة ضرتها "
نظرت لها وقلت بسخرية " وما تفعليه أنتي برجل عاجز ؟ "
بقيت تنظر لي دون أي ردة فعل ولا كلام بادئا ثم
قالت بثقة " لم أكذب فيما قلت "
يبدوا أنها تتكهن أنه لم يقربني وخانها ذكائها في أن تترجم سبب
نقله لي لغرفته , هل ليتفرج عليا فيها مثلا ؟ قلت بذات سخريتي
" لعلمك فقط هوا أصيب بالزكام اليوم لأنه خرج فجر
أمس للمسجد وشعره مبلل "
ثم تركتها وأكملت طريقي , لا أعلم ما بي اليوم فلم أكن آبه لها
سابقا ولا أعلق على نغزاتها وتلميحاتها ومهما قالت لكني حقا
شعرت الآن بالغضب منها وإن لم أتكلم كنت سأنفجر , وصلت
غرفة عمته وطرقت الباب فوصلني صوتها قائلة " تفضل "
فتحت الباب ودخلت فكانت تجلس على الكرسي وتخيط شيئا في
يديها فقلت بابتسامة صغيرة وأنا أغلق الباب " لم تخرجي باقي
اليوم من غرفتك فضننت أنك متعبة "
قالت مبتسمة " وأنا ضننت أنك وجد التي أرسلت الخادمة
في طلبها ولم تأتي حتى الآن ويبدوا لن تأتي "
رفعت كتفاي بلامبالاة وجلست مقابلة لها وقلت
" قد تكون نسيت أو أن الخادمة لم تبلغها "
قالت بذات ابتسامتها " لاحظت أن أواس لم يعد يسجنها ولا
يضربها فقلت أنصحها بتعديل حياتهما أكثر ليَعدُل معها
وينقد نفسه من الإثم "
نظرت ليداي في حجري وأنا ألعب بأصابعهما وقلت
" نعم فهي لها حق عليه أيضا "
ضحكت وقالت " من قلبك تقولين هذا الكلام "
رفعت نظري لها مصدومة فعادت للضحك مجددا وقالت
" ما بك خُطف لونك هكذا "
قلت ببرود " من قلبي طبعا فأنا لا أريد أن يأثم
ولا أن أحمل الإثم معه "
عادت بنظرها للإبرة التي عادت تخيط بها وقالت " ظننت أن
الأمر سيزعجك خصوصا أنه يضعك في المرتبة الأولى "
نظرت بعيدا وقلت بابتسامة ساخرة " لا أعتقد أن أواس
لديه مراتب للناس "
رفعت رأسها بسرعة وقالت بنبرة استغراب " لما هذا الكلام
يا دُرر وأنتي تعلمي مثلي وأكثر مني أن تعامله معك مختلف "
عدت بنظري ليداي وقلت " لا شيء اعتبري أني لم أقل شيئا "
تنهدت بقوة وقالت " ظننت الوضع معك أفضل ونسيت
أنك أنتي من لا يتحدث "
قلت فورا " لا هوا لا يتعامل معي بسوء "
قالت بذات استغرابها " ماذا إذا ؟ "
لا أنكر أنه رغم بروده وجفافه الدائم في بعض الليالي يتحول
لشخص آخر وكأنه ليس أواس الذي أعرفه , وسخي جدا معي
وقد تكون خصلة فيه مع الجميع لكن .... تلك النقطة (الأبناء )
لازالت ترسم الحواجز بيننا وتؤكد لي أني في حياته شيء مؤقت
فقط , بقيتْ تنظر لي تنتظر جوابي فقلت مغيرة مجرى الحديث
" ماذا تخيطين ؟ "
ابتسمت وقالت " لا تريدين الإجابة ؟ لا بأس , وهذا قميص اشتريته
من هناك ووجدته مفتوحا من جانبية فسأخيطه لألبسه "
قلت مبتسمة " لهذا لم نراك اليوم منذ الغداء , كنتِ تركتِ
إحدى الخادمات فعلت هذا "
*~~***~~*
اعتصمت في غرفتي ولا أعلم حتى غادر أم لازال هنا فلن أسمع
الباب إن غادر ولا أريد مغادرة غرفتي لأتأكد منه فأنا أصبحت
أتجنبه كثيرا منذ تلك الليلة التي جرحني فيها بعنف وكأني أنا من
دخلت له متعمدة وقبّلته وليس هوا من أرغمني على ذلك , قفزت
واقفة لتقع البطانية التي كنت أضم بها جسدي خلفي ما أن سمعت
طرقات على باب الغرفة , لا أعلم ما به اليوم وما بي بث أتصرف
بحمق وكأني مرعوبة منه أو أتوقع أن يهجم عليا ويقتلني , عاد
للطرق مجددا فتوجت للباب وفتحته وكان أمامه ومد يده
لي قائلا " خذي تحدثي معهما "
نظرت ليده باستغراب وأنا أرى هاتفي فيها ثم رفعت نظري ونظرت
لعينيه فكان ينظر لي نظرة خالية من أي تعبير لا أستطيع تفسيرها
بشيء وكأنه يريد إعلامي بأن هذا الأمر ليس توددا منه وعليا أن لا
أفهمه هكذا , عدت بنظري ليده وأخذته منها بسرعة ودخلت الغرفة
دون حتى أن أغلق الباب أو أرى إن غادر أم لا وجلست على الأريكة
واتصلت بترجمان فأجابت سريعا وقلت بدمعة ملئت عيناي ما
أن فتحت الخط " ترجمان كيف أنتي "
قالت بلهفة " سراب يا حمقاء أمازلتِ على قيد الحياة "
مسحت الدموع التي غلبتني وقلت بعبرة " أنا بخير أين أنتي
لا تأتي ولا لزيارتي "
تنهدت وقالت " مؤكد لم تعلمي ولم يخبرك فارس أحلامك ذاك
أننا انتقلنا لمزرعة العائلة من أكثر من شهر "
قلت بصدمة " للمزرعة !! "
قالت " نعم وهي تبعد عن هناك مسافة طويلة "
قلت بحسرة يشوبها البكاء " لن أراك مجددا إذا , لماذا
نفترق هكذا "
قالت بحزن " فرقونا فرقهم الله "
قلت بشهقات متتالية " لا تدْعي عليهم هم أصدقاء أيضا "
قالت بضيق " ولما لا يقدّرون معنى الصداقة ؟ إن كانوا هم
أصدقاء فقط فنحن عشنا وتربينا معا , وما بك تبكي هكذا
ماذا يفعل لك ذاك المعتوه "
قلت بحزن " لا شيء مشتاقة لكما فقط ولم أستطع إمساك
دموعي ما أن سمعت صوتك "
قال بريبة " فقط ؟ "
قلت بهدوء " فقط وهوا لا يفعل لي شيئا أقسم لك "
ثم تابعت فورا " ودُرر هل رأيتها أو تحدثِ معها "
قالت بسخرية " أين يا حسرتي وحسرتها وذاك لا يخرجها ولا
يعطيها هاتفها , أجل كيف حدث وفك زوجك الحصار عن
هاتفك ؟ ظننته باعه كما قلتِ "
نظرت للشيء الذي تحرك عند الباب فكان هوا واقفا مستندا بكتفه
على إطاره ويده في جيبه فعدت بنظري أماما وقلت " لا أعلم وأنا
ظننت ذلك , أخبريني ما أحوالك أنتي هناك "
قالت باستياء " كما هي عليه وأسوء , لا أعلم متى تنتهي هذه
اللعبة السخيفة وهذه المهزلة وأتحرر منه "
ثم تابعت بضيق " وأنتي ماذا حدث مع حبيب القلب أم
ندمتِ وتوقفتِ عن حبه "
شعرت بحرارتي ارتفعت فالتفتت للباب فكان لا يزال واقفا هناك
فعدت بوجهي أماما بسرعة وقلت بتوتر " لا شيء ... أي لا أعلم "
لأشعر بالهاتف يُسحب من يدي فوقفت من فوري والتفت له وقد
أصبح على أذنه بعدما أخذه مني ولا أعلم ما تقول تلك الحمقاء
وهوا يستمع لها , ثم مده لي وقال مغادرا الغرفة
" جهزي نفسك سنذهب لمنزل عمي صابر "
راقبته حتى اختفي ثم أعدت الهاتف لأذني وقلت بهمس
" ماذا قلتِ يا غبية "
قالت ضاحكة " ولما لم تعلقي في وقتها يا جبانة "
شعرت بجسمي تحول لكتلة صخرية ساخنة وقلت بجزع
" أعيدي ما قلته بسرعة "
قالت بصوت مرتفع " هذاااا وهوا لاااا يبادلك المشاعر كيف
إن أَحبك أيضا , هل سمعتها الآن "
فانهرت جالسة على الكرسي ويدي على جبيني وقلت بصدمة
" يا فضيحتي "
قالت من فورها " فضيحة ماذا "
هززت رأسي غير مصدقة وقلت بصوت مخنوق
" وداعا الآن سنتحدث لاحقا "
ثم أنهيت الاتصال معها ووضعت يداي في حجري محتضنة
الهاتف بهما وأشعر أني لحظات وسأصرخ باكية من شدة الموقف
والإحراج , قطع الله لسانك يا ترجمان لقد فضحتني معه وكأنه
ينقصني مصائب , كيف لم تفهم من تلعثمي أنه قد يكون قريبا مني
" سراب "
قفزت واقفة حين سمعت صوته فهذا ما ينقصني , قلت بصوت
مرتفع كي لا يأتي " سأحضره لك حالا "
قال من الخارج " أبقيه لديك الليلة سأتحدث مع أواس
يترك زوجته تكلمك "
ثم قال وخطواته تبتعد " انتظرك في الخارج "
ضممت الهاتف لصدري أمسح بيدي الأخرى دموعي التي بدأت
تتقاطر ولا أعلم لما وعلى ماذا بالتحديد , أيعقل أن تكوني عطشه
له لهذا الحد يا سراب ؟ هل سلب عقلك درجة أن تفرحي بكلمات
بسيطة منه وخدمة هي واجب عليه , نفضت تلك الأفكار من رأسي
وتوجهت لعباءتي ولبستها سريعا , فقد يكون حتى هذا الخروج ترفيها
لي لأنه وجدني ابكي , خرجت من الغرفة أبتسم بسخرية على أفكاري
وأنا أغلق الأزرار الأمامية للعباءة ولبست حجابي أمام الباب ثم خرجت
وأغلقته خلفي وكان هوا واقفا آخر الشارع تحت نور أحد المنازل الذي
عكس ظله الطويل فأنزلت نظري وتوجهت نحوه بخطوات سريعة حتى
وصلت عنده وتحركنا في صمت تام حتى وصلنا وكنت أشعر أني أمشي
على أرض طينية وعرة وأنا أسير بجانبه وسأمرض من الإحراج بعد
الذي سمعه والجيد أنه لا يعلم أني علمت ما قالت , يا إلهي ترى كيف
ينظر لي الآن ؟ هل علم بمشاعري نحوه أم فهم من كلامها شيء آخر
كأن تكون سخرية منه ؟ آخ مصيبة في الحالتين
" سراب ادخلي "
نظرت له من فوري وهوا واقف داخل المنزل وأنا كالحمقاء متسمرة
في الشارع , تحركت ودخلت خلفه لتستقبلنا فرحة الفتيات الغامرة
التي تعيد لك بهجة الحياة ولا أستغرب أن يدفع آسر من أجلهم كل
راتبه مهملا لنفسه وأنا معه , دخلنا للداخل حيث يجتمع الجميع في
الغرفة الواسعة التي تحوي مدفئة ووالديهما ليشعروك بالمعنى الحقيقي
للعائلة , كانت الأحاديث والضحكات تندمج وتتعالى وأنا ألود بالصمت
بينهم متجنبة النظر للجهة التي فيها آسر , قالت والدتهم " سراب ما
بك صامتة طوال الوقت هل أنتي متعبة "
هززت رأسي بلا مبتسمة بخجل منها ثم طأطأت برأسي للأسفل
حين أصبحت الأنظار جميعها موجهة لي وقالت هي ضاحكة
" لا تكونا متشاجران ؟ "
نظرت لها سريعا وقلت باستنكار " لا أبدا "
ثم نظرت ليداي في حجري وقلت " أنتي تعرفين آسر أكثر
مني ليس رجل شجارات "
قالت بحنان " بالتأكيد وكنت أعلم أنها محظوظة من ستفوز به "
بقيت أشغل نظري بيداي متجنبة النظر له بل وللجميع ووقفت
بتينة وبدأت تحاول سحب إسراء من حضنه الذي تجلس فيه
قائلة بضيق " ابتعدي هيا إنه دوري "
حيث كانت تكبرها بعام وعمرها خمس سنين فضحك والدهم
وقال " لا أعلم حين سيكون لك ابن كيف سنتصرف في مشكلة
من يجلس في حضنك "
ضحك الجميع عدى سراب طبعا التي تحولت لقالب ثلج من
الإحراج وقالت والدتهم " ألا يوجد شيء في الطريق "
لتضرب القالب الثلجي وتحوله لفتات , يا إلهي ما هذا اليوم المليء
بالإحراج , قال آسر بهدوء " الآن لا شيء لكن لن يكون بعيدا "
شعرت حينها بشعر جسمي وقف وكنت أريد النظر له ولم أستطع
مخافة أن يكون ينظر لي فما قصده بهذا ؟؟ أم ليحرجني فقط ويتسلى
بأعصابي بعدما علم ما علم من كلام ترجمان , ولم يكفيه ذلك
فأضاف قائلا " وذلك طبعا حسب وقت الهجوم والدفاع "
فرفعت هذه المرة نظري له مصدومة فكان يقبل يد إسراء ناظرا
لها وعلى شفتيه ابتسامة لم أفهم مغزاها وحمدا لله أنه لا أحد فهم
هذا بل يبدوا هكذا خُيّل لي حتى انطلقت تلك الضحكة وكان مصدرها
ويالا فضيحتي ( والدهم ) فوقفت من فوري وخرجت من الغرفة ولو
كان بيدي لهربت من المنزل بأكمله , توجهت للمطبخ الذي من حسن
حظي أن داليا فيه تغسل الأكواب التي شربنا فيها الشاي وقالت ما
أن رأتني " سراب ما بك وجهك مصفر "
هززت رأسي دون كلام ثم قلت ببحة وصوت مخنوق
" أعطني كوب ماء "
سكبت لي الماء في كوب وناولتني إياه فأخذته وما أن وضعت حافته
على شفتاي حتى نادى آسر من الخارج " سراب أين أنتي سنغادر "
فوضعت الكوب الذي لم أشرب منه شيئا وخرجت دون حتى أن
أودع داليا فيبدوا أن تصرفاتي خرجت عن تحكمي الليلة !! ودعت
والدتهم وصبا اللتان أوصلتانا للباب ولم أجرؤ على الدخول للغرفة
لأودع والدهم وما كنت سأفعلها الليلة ولو جروني هناك جرا , خرجنا
بعدها على صوت الصغيرات مودعات لنا من عند باب منزلهم حتى
اختفينا في نهاية الشارع ليعود الصمت رفيق طريقنا وخطواتنا كآلتين
موسيقيتين مختلفتا التناغم وهما تعزفان على الأرضية المرصوفة
بالإسمنت المتشقق يكشف عن التراب تحته بسبب الزمن والإهمال
شغلت نفسي بأنوار المنازل أتتبعها فوق الأبواب حتى اقتربنا من
المنزل الذي ظهر لنا ونحن نعبر بداية الشارع الطويل لينتفض قلبي
وتتلوى معدتي بعنف حين شعرت بأصابعه لامست طرف يدي
التي تيبست مكانها من الصدمة لتتسلل أصابعه بخفة تتلمس كفي
بطريقة مهلكة ومدمرة فسحبت يدي منه في حركة كانت دفاعية
من قلبي تحديدا وكنا حينها نقف أمام الباب فأدخل المفتاح
فيه وفتحه قائلا " لماذا ؟ "
ضممت يدي لصدري وقلت ونظري على الأرض تحتي
" لأني لا أريد أن تتكرر تلك الليلة وأصبح أنا الملامة
وتجرحني مجددا "
دخل حينها قائلا ببرود " ذلك ليس سببا لتُظهري عكس ما
تبطنين يا سراب "
وغادر للداخل تاركا لي واقفة مكاني أنظر لمكانه بصدمة , يا له
من وقح مؤكد يعني ما سمعه من كلام ترجمان عن مشاعري نحوه
ولم يضيع الفرصة أبدا لإهانتي , أغلقت الباب بقوة ودخلت لأجده
واقفا أمام باب غرفته ينظر لي بجمود فركضت جهة غرفتي وأغلقتها
خلفي , ليتك تُقدّر هذه المشاعر التي تتحدث عنها يا آسر , ليتك عرفت
فقط كيف تستغلها لصالحك دون أن تجرحني ككل مرة , لا أعلم حتى
متى سيستمر في إهانتي وحتى متى سيستمر هذا الغبي في حبه ؟؟
*~~***~~*
قالت بضحكة " دُرر فارقيني , أين زوجك عنك الليلة "
ضممت ساقاي أكثر وأنا أرفعهما معي على سريرها وقلت
مبتسمة " ليس هذا وقت عودته وستتحملينني فلا أحد
لي سواك أتسلى معه "
لينفتح باب الغرفة حينها ودخل منه أواس فأنزلت ساقاي
وقالت عمته مبتسمة وناظرة له " تعالى خلصني من زوجتك
التي جعلتني مصدر تسلية الليلة "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " أنتي السبب هل كان
عليك أن تحكي لي حكايتك تلك "
لكن الداخل يبدوا أنه لم يرق له شيء من هذا فقد نظر لي
بتركيز وجمود وكأنه قنبلة تحاول إخماد نفسها ثم خرج في
صمته كما دخل فنظرتْ لي عمته مستغربة وقالت " ما به ؟
خرج من عندي باكرا بمزاج جيد ! "
رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم "
قالت من فورها " هل جاء بعدها ؟ هل تشاجرتما ؟ "
هززت رأسي بلا وقلت " منذ خرج وقت المغرب لم يرجع "
تنهدت وقالت " الحقي به إذا وانظري ما به وما يحتاج "
نزلت من السرير قائلة " حسنا رغم أني أعلم أنك تطرديني
كي لا أضحك عليك أكثر "
ثم خرجت على ابتسامتها لي وتوجهت للسلالم وصعدت متشهدة
على نفسي , ما أغضبه من دون سبب ؟؟ صحيح أنه سريع الغضب
لكنه لا يغضب بلا أسباب ! فحتى حين يدخل الغرفة يتحدث في هاتفه
عن مشاكل تجارته أو قسم الشرطة ويكون لديه مشكلة هناك لا تؤثر
على مزاجه ناحيتي أما الليلة فيبدوا معلنا لها حربا ضدي , أدرت
مقبض الباب ودخلت فكان صوته في الحمام فجمعت ثيابه المرمية
أرضا ووضعتها في سلة الغسيل ثم توجهت للخزانة وأخرجت بيجامة
حريرية ولبستها ومشطت شعري عند مرآة التزيين لحظة خروجه من
الحمام بالمنشفة على خصره فشغلت نفسي مولية جهة الخزانة ظهري
حيث توجه هوا هناك وفتح بابها بقوة وقال بضيق " أعتقد أني زوجك
حتى متى ستهربين من النظر لي وأنا أغير ثيابي "
لذت بالصمت ولم أتحدث فيبدوا أنه ينوي على شجار معي الليلة
أغلقها بعد قليل وبقوة أيضا وقال بذات ضيقه " وقمصان
النوم مصفوفة في الخزانة لمن "
ضغطت على المشط في يدي بقوة وقلت " أواس ما بك فليس
طبعك أن تغضب دون سبب وأنا لم أفعل شيئا حسب اعتقادي "
تحرك حينها جهة السرير قائلا بسخرية " نعم فمنذ متى كنتِ
مخطئة في نظر نفسك "
وضعت المشط وقلت ولازلت مولية ظهري له " إن كنت كارها
لوجودي الليلة فقل أخرجي ولن تراني قبل الصباح "
ليزمجر حينها غاضبا " نعم فهذا مناك ووجدتِ الحجة "
التفت له وقلت بضيق " لا أفهمك يا أواس فأخبرني ما فعلته
أزعجك وما الخطأ في كلامي "
قال بذات غضبه " هل يجب أن يكون هناك شيء تُقرّين به
أو لا يكون "
كنت سأتحدث فقال صارخا " لا تجادلي وتجنبي غضبي
كم سأقولها "
اندفعت حينها الكلمات مني كالسيل وكأنها كانت تنتظر الخروج
وقلت بحدة " أنت غاضب في كل الأحوال وأنا تعبت من الصمت
تعبت من المسايرة ومن تجاهل كل شيء , ضع لي حدا في حياتك
أو اطردني منها يا أواس ولا تعاملني كأجيرة لديك "
لوح بيده في الهواء وقال بغضب " تقتنعي أو تنفجري أنتي
وسيلة لغاية ما فقط , هل تسمعي "
نظرت له بصدمة وهوا يتنفس بقوة ولازال نظره معلق بعيناي
فقلت بهدوء حزين يخالف كل ما كنا فيه " وتنتهي بانتهاء
الغاية أليس كذلك "
بقي ينظر لي بجمود ويتنفس بغضب يكاد يحرق كل شيء حوله
فتابعت بنبرة متألمة " مجرد أداة انتقام وامرأة تنام معها ليلا
والنهاية ... ؟؟ ما نهاية كل هذا يا أواس "
وضع أصبعه على شفتيه وقال بهمس ممزوج بفحيح الغضب
" أشششش توقفي ولا كلمة "
تنفست بقوة أجاهد دمعتي التي تصارع للخروج وقلت بجمود
" تكلم أنت إذا "
قال من بين أسنانه " سأؤلمك كثيرا إن تكلمت يا دُره , ستري
أواس لم تعرفيه يوما "
هززت رأسي لتجري الدمعة الأولى على خدي وقلت بأسى
" لا يهم , أخرجه حتى إن قتلني فلعله يرتاح وأرتاح "
أشار لباب الغرفة بإصبعه وقال بكلمات تخرج متفرقة بسبب تنفسه
القوي " أخرجي .. من هنا , تحركي وابتعدي ... عني "
فبقيت مكاني أنظر له بجمود أحاول فقط أن أفسر خبايا هذا الرجل
غضبه العارم الذي يحركه الماضي وإبعاده لي عنه في مثل هذه
المواقف , وحش جبار يكمن في داخلك يا أواس ولا أعلم ما سيفعل
عندما سيخرج منك وأخشى أن تدمر به نفسك , طال وقوفي فقال
بحدة " فارقيني قبل أن أرتكب فيك جرما "
فخرجت حينها راكضة من الغرفة قبل أن تنزل باقي دموعي أمامه
ولأن الطابق العلوي لا شيء به سوا الغرف وذاك الجناح وجميعها
فارغة نزلت السلالم ودخلت مجلس الضيوف وجلست على
الأريكة ضامه ساقاي لحظني أبكي بصمت
*~~***~~*
طرق أحدهم باب غرفتي ودخل فكانت والدتي وقالت من
فورها " ألم تنم بعد ؟؟ "
عدت بنظري للأوراق في يدي وقلت " لا ليس بعد تفضلي يا أمي "
دخلت وأغلقت الباب واقتربت مني قائلة " لا تجهد نفسك كثيرا
بني , لا شيء ينتهي في يوم وليلة والمزرعة تحتاج للكثير "
وضعت الأوراق جانبا وقلت " عليا أن أنتهي من مشاكلها سريعا
لأتفرغ أكثر للقسم هنا فهوا أيضا بحاجة للكثير من العمل "
جلست على حافة السرير وقالت " أعانك الله بني ومدك بالعافية
كنت أريد التحدث معك بشأن رغد "
تنهدت وقلت " موضوعها شائك يا أمي فشقيقا مصطفى الأكبران وقفا
مع والدتهم وأنتي تعلمي أن أمور الحضانة في بلادنا معقدة ومشددة "
ثم تابعت بضيق " سحقا مات قبل أن تحكم المحكمة لم أتوقع هذا أبدا "
قالت بحزن " قضاء الله وحكمته "
مررت أصابعي على قفا عنقي وقلت " كان لدي الأدلة الدامغة
على ضربه لها واستهتاره وتجارته أي كان سيكون أمام المحكمة
أب فاشل لن يحلم بحضانتها لكن قدر الله سبق كل شيء "
قالت بهدوء " والحل الآن فشقيقتك ستصاب بالجنون إن استمر
الوضع هكذا "
تنفست بقوة وقلت " هناك حل واحد وعلى رغد أن ترضى به
إن كانت تريد ابنتها "
قالت باستغراب " وما هوا ؟ لا تقل ترضى ببسام لأنها حينها
ستخسرها بالتأكيد "
هززت رأسي بلا وقلت " بل خالد , فمعه فقط لن يأخذ منها ندى
أي أحد ولا حتى جدتها بما أنه سبق وتحدث عن خطبتها وهوا
عم ابنتها ولن يكون لهم حجة حينها "
هزت رأسها بحيرة وقالت " هل تضنها ستوافق عليه ؟؟
أنا لا أعتقد "
حركت كتفاي بتعب وقلت " عليها أن توافق أو تنسى ابنتها
وتتزوج وتلتفت لحياتها فحتى المال لم يوافقوا عليه "
تنهدت بأسى وقالت " وأنت ماذا عن قرارك الجنوني ذاك "
قلت بجدية " قراري ليس جنونيا ولن أتراجع عنه "
قالت باستياء " لكن خالك رفعت لم يعجبه ذلك وغضب "
قلت بلامبالاة " القرار لي وحدي وأنا لم أطلق ابنة شقيقه كما
يريد وقد تحدثت معه بالأمس وكل شيء يسير على ما يرام "
قالت ببرود " أخبرها إذا أم ستدخلها عليها بلا سابق إنذار
لتشهد انكسارها بأخرى تشاركها فيك "
قلت بضيق " أمي أنا لست مجرما حد أن أفكر هكذا وترجمان
أعتقد لا يعنيها ذلك بل أجزم على ذلك , وفي ماذا ستشاركها
وأنتي تري حالي أنام في غرفة لوحدي "
وقفت وقالت " كم أخشى من عواقب كل هذا "
ثم قالت مغادرة جهة الباب " سأتركك تنام وترتاح أزعجتك
بما فيه الكفاية "
ثم خرجت وأغلقت الباب فتوجهت للنور أطفأته وعدت للسرير
وارتميت عليه وأغمضت عيناي بتعب أسحب البطانية على
جسدي المرهق ونمت سريعا
*~~***~~*
جلست متأففا بعدما مر كل هذا الوقت والنوم لم يقرب جفناي وكيف
سيغمض جفني بعد كل ذاك الاشتعال , لا أعلم لما غضبت هكذا من
مجرد أني لم أجدها متضايقة بسبب ما رأتني عليه ووجد ؟؟ لا تعلم كم
يضايقني برودها وتعاملها معي كفرض واجب عليها , كشيء ستحاسب
عليه فقط , جلست ورميت اللحاف من على جسدي وغادرت الغرفة
ونزلت السلالم ووجهتي كانت باب المنزل فشيء ما كان يدفعني بقوة
للذهاب لتلك الغرفة وذاك الملحق ككل مرة يصل فيها ضيقي حده
الجنوني , وما أن وصلت نصف الصالة حتى لمحت ضوء المجلس
المتسلل من بابه الشبه مفتوح وبدون أدنى تفكير ولا قرار مني
توجهت بخطواتي هناك وفتحت الباب أكثر ودخلت
*~~***~~*
قفزت جالسة بفزع من نومي حين رن هاتف ما وضننت أني أحلم
حتى استوعبت أن هاتفي لازال لدي وقد أعطاه لي البارحة فرفعته
أنظر للرقم الغريب الذي يضيء شاشته وفي هذا الوقت المتأخر من
الليل !! هل هذه دُرر يا ترى ؟؟ لكن مستحيل ما سيجعلها تتصل بي
الآن ؟ ما أن عاود الرقم بالاتصال حتى فتحت الخط قاطعة على
الهواجس حبائلها ووضعته على أذني لتنفتح عيناي على اتساعهما
من الصدمة بسبب صوت المرأة التي قالت فورا " مرحبا آسر "
بقيت جامدة كالتمثال الحجري أحاول استيعاب شيء من
هذا حتى قالت تلك " آسر هل تسمعني "
قلت بصوت مخنوق " من أنتي "
لتصمت سوا من صوت أنفاسها وكأنها تفاجئت بي ثم قالت
بنبرة استغراب " أنتي التي من تكونين وأين آسر "
شعرت بالأرض تدور بي واستوعبت الآن معنى كلامه حين قال
أن أبنه لن يتأخر أكثر , هل هذه زوجته ؟؟ هل تزوج علي
قالت عندما طال صمتي " هل أنتــ... "
ولم أتركها تنهي جملتها لأني أغلقت الخط عليها وانهرت باكية
المخرج
بقلم الغالية أيفا رمضان
لزلنا في قلب العاصفة لزل المركب يسير بنا أصبحنا تائهين في وسط البحر على يمينا مستقبلنا وعلى شمالنا ماضينا وفي المنتصف حاضرنا وأمواج البحر تعصف بنا والبحر يشتد علينا فل تمشي رياح بما تشاء ول يشتد بنا البحر كما يشاء ولتعصف أمواجة بنا و أن خلفت اوجاع وكانت كاوجاع مابعد العاصفة فبنهاية نحن حصون من جليد مركبنا أسر وسرينا سراب وشراعنا ترجمان ومرسنا أيااس وقائدنا أوس وبوصلتنا درر فمهما عصفت الحيااااة بنا فوجهتنا واحدة وكل من يحول أن يعترض طريقنا للجحيم هو ومن يمسك بيدة
نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأربعاء إن شاء الله