المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
الموت دوساً بالأقدام
في ماكنٍ ما، أتت بقعة من الأرض خضراء وزاهية ،أنها بساط عشبٍ تحفه الزهور والأشجار من كل جانب ، تبلل الزهور فيها قطرات الندى عند كل صباح ، ويغمرها الضباب المتقشع فوق الأفق ، أتت هنا إلى افريقيا ، من أين أتت ؟ لا أهتم ربما من ريفٍ ما ، أتت فقط لتحرقها شمسنا الساطعة ، شمس الوضوح والحقيقة المرة ، انقشع الضباب ، وتبخرت قُطيرات الندى ، وذبلت الزهور بل جفت وتيبست منحنية ، بائسة ، وجف العشب بل تكسر وانسحق تحت وطأة أقدام المارة الذين لا يبحثون عن شيء حقيقي ، حتى تلك العشبة الصغيرة لم تستطع النجاة ، كانت خضراء رغم المفاجأة ، كانت تقاوم هذا المناخ ، كانت تحاول البقاء على حالتها السليمة ،
- أرجوك تجاوزي عني ، لا تحطين علي ، أعني لا تسحقيني ، أرجوف فأموت ، يمكنك المشي بجانبي ، يمكنك تغيير وجهتك في لحظة ، أوه ، أتوسل إليك أنا هنا لا يمكنني التحرك ، أنا هنا فقط أحاول العيش بسلام ، ليتني كنت شوكة لكنتِ تجنبتني بنفسك ، ليتني كنت عقرب ، لهرعتِ مني وابتعدتِ لخطوات كافية ، ليتني كنت حية ، لوقفتِ في مكانك ساكنة حتى أمنتِ جانبي ، لكنني عشبة صغيرة ، مجرد عشبة خضراء ورغم ذلك لم تلاحضي أني حية ويمكنني أن أحس بسحقك الغير مبرر ، يمكنك المشي جانباً بل بعيداً عني .
كانت هذه كلماتها الطويلة الأخيرة ، هــه! قالتها الصغيرة الغبية لقدمٍ في طريقها ، قالتها تحدث من لا يسمع ولا يرى ، بل يقوده عقل في مكانٍ بعيد عالي، لا يمكن في الواقع للأقدام ان ترى أو تسمع ، ويصعب على الرأس الذي يقودها الأنتباه لحياة عشبة ، يمكنه تفادي شوكة ولكنه لا يبالي بحياة عشبة ، حسناً سحقت العشبة وماتت تلك البقعة وتحلت بجمال إفريقي متصحر ، وبمارة غير باحثين عن شيء حقيقي ، ملولين تضجرهم حرارة الشمس الساطعة ويقتلهم وضوحها ، وتصيبهم شدتها بالحمى ، لماذا أتت تلك البقعة إلى هنا ؟ لا أعلم ولكن ربما كانت تنتحر ، لماذا أتت لا يمكنني التخمين جيداً ولكنها ربما أرادت للخضار أن يتنشر ، ربما لا أحد يعلم .
|