المنتدى :
الخواطر والكلام العذب
إلـي أبـي
مصطفى قاسم عباس
لم تكتبِ الشّعرَ يوماً ما، ولا الأدَبا وما سهرتَ اللياليْ تقرأُ الكُتُبا
ولمْ تكنْ من ذَوي الأموال تجمعُها، لمْ تكنِزِ الدُّرَّ والياقوتَ والذهَبا
لكنْ كنزتَ لنا مجداً نعيشُ به .. فنحمدُ اللهَ مَن للخير قد وَهبا
أضحَى فؤاديَ سِفراً ضَمَّ قافيتي ودمعُ عيني على الأوراق قد سُكِبا
سأنظم الشعرَ عِرفاناً بفضلك يا مَن عشْتَ دهرَك تجني الهمَّ والنّصَبا
سأنظم الشعر مدحاً فيكَ منطلِقاً يجاوزُ البدرَ والأفلاكَ والشُّهُبا
إن غاضَ حِبريْ بأرض الشّعر، والهفي! ما غاض نبعُ الوفا في القلب أو نضبا
قالوا : تغاليْ! فمَن تعني بشعرك ذا؟ فقلت: أعني أبي، أنْعِمْ بذاك أبا
كم سابقَ الفجرَ يسعى في الصباح ولا يعودُ إلا وضوءُ الشمس قد حُجبا
تقول أمي : صغارُ البيت قد رقدوا ولم يَرَوْك، أنُمضي عمْرَنا تعَبا؟
يجيب : إني سأسعى دائماً لأرى يوماَ صغاريْ بُدوراً تزدهي أدبا
ما شعريَ اليومَ إلا مِن وَميضِ أبي لولاه ما كان هذا الشعرُ قد كُتبا
فأنتَ أولُ مَن للعلم أرشدني في حمصَ طفلاً، ولمّا كنتُ في حَلَبا
في الشام، في مصرَ طيفٌ منك في خلَدي أرنو إليه، فقلبي ينتشي طرَبا
ولم تكن -أبتِ- في المالِ ذا نسَبٍ لكنْ بخيرٍ نكونُ السادةَ النّجُبَا
فالمالُ لن يُعلِيَ الإنسانَ منزلةً إنْ لم يكنْ بالمزايا يرتقي السُّحُبا
لقد نُسبتَ -أبي- للخير في كرمٍ يا منبعَ النبل.. فلْتَهْنأ بذا نسبا
نصحْتنا ما أُحيلى النّصْحَ يا أبتِ فأنت مدرسةٌ في النصح.. لا عَجَبا
حَماك ربيْ من الحُسَّاد يا أبتِ قد ارتقيتَ، وكم من حاسدٍ غَضِبا
فاحفظ لنا -ربَّنا- ديناً نَدينُ به قد شرَّف العُجمَ طولَ الدهرِ والعَربا
واحفظ لنا والدي والأمَّ يا سندي وإخوتي وأُناساً حبُّهُم وَجَبا
|