24-10-15, 08:58 AM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو مبدع |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الحوادث , جرائم , قتل , فضائح , أخبار , مشاكل وقضايا
من يقتل إخواننا في سوريا؟
هشام محمد سعيد قربان
لا يخفى علينا في العالمين العربي والاسلامي ما حل بإخواننا في سوريا من الخوف والظلم و والألم والقتل والمعاناة في أمر صنوفها، ولانشهد في صحائف هذه الجريمة العالمية النكراء إلا المزيد من القتلى والجرحى والمهاجرين والمشردين والتخاذل والتقاعس.
.
معاناة لشعب لا ذنب له إلا رغبته في الحرية، وشوقه لغد أفضل، شعب سئم الذل فأراد أن يولد من جديد.
جرائم قتل وتشريد ودماء واشلاء، وحرمات تنتهك، وتحريك لاسلحة حرب ثقيلة لحرب شعب شبه أعزل.
جريمة أخري تبين عقم الضمير الدولي، وعجز المؤسسات الدولية، وانحيازها الساخر والسافر.
جريمة أخري تتحدى بدمائها وصرخاتها كل الامال العربية المعقودة في الجامعة العربية، ومنظمة الامم المتحدة، ومجلس الامن، وكل من يدعي صداقته وحرصه وقرابته من الشعب السوري.
شعوب مسلمة بأكملها تئن وتتألم وتتوجع للمصاب السوري الجلل، شعوب عربية أبية مجاورة تشعر بالعجز وقلة الحيلة، بل لعلها عودت على هذا العجز، وأسقيت من كأس الوهن والذل والوهم، فخيل إليها أنه ما باليد حيلة، وأن الأمر برمته مرهون بقرارات المنظمات الدولية، فهذا يغضب، وآخر يصرح ، وثالث يقاطع، ورابع يتبرأ من الجريمة بكلمات رشيقة أنيقة.
إنها صور لردود فعل تختلف في المظهر الكالح، وتلتقي في المخبر الواضح، وهو العجز الفاضح ، واللاعمل، والتبعية، وتغييب القدرة، وعقم القرار، وانتظار الإذن، وتقاذف اللوم.
دعاء قنوت النوازل سلاح من أسلحتنا الايمانية، لا يستهان به أبداً، فيه مشاركة وجدانية رقيقة، واستدرار المدد من الله، إلهنا ومولانا عز الناصر، وخذل القريب، وقل المعين، وخان المؤتمن ، و ليس لها من دون الله كاشفة.
نرفع أيدينا بالدعاء إليك ياربنا بأسى ووجل، وننزلها باعتراف فيه ذل وخجل.
أهذا جل ما نقدر عليه؟ أبلغ بنا العجز كل مبلغ؟ أحقاً أن الابواب كلها قد سدت؟ أصدقاً أنه ليس باليد حيلة؟
أو يعقل أن تعقم أمة الاسلام التي أنجبت من شهدت لهم ميادين الوغى وملاحم البطولة من الفحول والشجعان ، والعلماء العاملين ، والقادة المبرزين؟
ياله من حال مؤسف، يشتت بعض ظلمته مصباح الامل في دعاء كريم مسنون ومؤنس للأرواح النازفة، يحرك في النفس سؤالاً مؤلماً، اختفى أو أخفي لزمن، ولكنه أبى إلا الظهور: من يقتل السوريين؟
من يقتل اخواننا في سوريا؟
الجواب المباشر لهذا السؤال واضح وجلي: إن من قتل السوريين هو ذلك النظام الفاسد المستبد، وأعانه على جريمته عجز المنظمات الاقليمية، وظلم المنظمات الدولية، وكيلها بألف مكيال ومكيال، ولكنني – بصراحة وامانة - لا أشعر بارتياح كامل من هذه الاجابة بالرغم من وضوحها وصراحتها، ومحاولة البعض اقناع العالم بها.
هل هنالك قتلة آخرون؟
أم لعله من الاسهل والاسلم – كما اعتدنا - إلقاء اللوم بعيدا ًعن دائرة الذات؟
أوهل يصح ادعاؤنا بأن القتلة كلهم أتوا من الخارج - جسداً وروحاً وفكراً ومنهجاً و تنظيماً وانتماءاً وتجهيزاً؟
أنكتفي بلومنا للحكومات والسياسات؟
أم لعلنا استمرأنا نظرية المؤامرة واعتدنا وألفنا كوننا – شعوباً وحكومات – ضحية للمكر الدولي والتخطيط الأجنبي الخارجي؟
من علمنا هذا العجز العجيب؟
من عودنا هذا الخور المعيب؟
من أشرب قلوبنا هذه الأنانية واللامبالاة والاستغراق في حدود ذواتنا الصغيرة؟
من علم روح الأخوة الاسلامية أن تقف مستسلمة متخاذلة عاجزة أمام حدود معاهدة سايكس بيكو وحماتها البواسل؟
من أجاز لنا أن نحس بكمال الايمان عندما نأكل ونشرب وجارنا يفترسه الخوف والقتل والجوع والمرض والعوز؟
من أجاز لنا أن نتفرج بلا عمل يذكر؟
أي فتوى تلك التي تريحنا من تأنيب الضمير لمقتل الآلاف من إخواننا في الدين والدم وتشريدهم؟
أي اخوة ايمانية هذه التي نتحدث عنها وندعو الناس إليها؟
من علمنا أن نأمن للذئب ونحن نشاهده فعله ومكره؟
من علمنا أن نقصر هممنا وانظارنا على يومنا ومشربنا ومأكلنا وملبسنا؟
من علمنا أن نتعلم لنعلم وألا نتعلم لنعمل؟
من علمنا أن نصم آذاننا عن النذير العريان؟
من علمنا ألا نفكر في الغد و ألا نعمل له وألا نعد له عدته؟
من علمنا كيف نكره بعضنا من أجل لعبة كرة سخيفة؟
من علمنا الاستهزاء بالجيران والاعتداد بالنفس وانتقاص الأخ لأخيه؟
من علمنا الخوف؟
من قتل الأمل في قلوبنا؟
من زرع اليأس في أراواحنا؟
من جهلنا بحقوقنا؟
من أفتى بجرمنا وإثمنا إن طالبنا ببعض حقوقنا؟
من أقنعنا بمكره وأبواقه – بأن نرضي الدنية في ديننا؟
من نزع الغيرة الايمانية من قلوبنا؟
من أخمد نار الحمية الدينية المحمدية في نفوسنا؟
من أخرس صوت العقل في ضمائرنا؟ ألم نتعلم من حال غيرنا؟
ألا يوقظنا من غفلتنا رؤيتنا للشياه والأبقار تقاد الى مذبحها واحدة تلو الأخرى؟
ما الذي حصل؟ وهل تغير حال أمتنا فجأة؟ أم أن هذه نتيجة حتمية لمقدمات وضربات متواليات ومكر الليل والنهار؟
هذه أسئلة مؤلمة ملحة ومؤرقة نوجهها لذواتنا وعلمائنا ومفكرينا، ونأمل أن نجد في اجاباتها المخرج العزيز والمشرف من الألم السوري، بل نتمنى ان تتعدى فائدة الاجابة الحدود الوهمية والمصطنعة التي توهن الجسد المسلم وتضعف صفه.
إن في المشهد السوري المؤلم ايقاظ للغافل، وتعليم للجاهل، ودعوة الجميع للتأمل، والاستبصار، والاعتبار، و ترسيخ لقناعات قديمة، وإبطال لأفكار ومناهج افتضح خوائها وثبت افلاسها، وآن زمن أفولها، وأشرقت شموس حق وعمل ونصرة.
ألا فلنتأمل حالنا، ولنغيره إن شئنا تغيير مآلنا، فمن قتل السوريين سوف يقتل غيرهم – بعد حين - إن لم يعتبروا، و الشأن السوري كما يقر الحكماء ليس بظاهرة منعزلة عن محيطها، بل هو جزء من متلازمة أكبر، وحلقة من حلقات سلسلة متصلة رأينا أوائلها، ونسأل الله ان يكفينا وينجينا من شر باقيها، ولعل من أهم الخطى في مسلك النجاة سؤالنا بحق: من يقتل إخواننا في سوريا؟
|
|
|