كاتب الموضوع :
عمر الغياب
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: أزهرت بهطولك
الـجُزء الثاني – أزهرت بهطولك
صباح الاحداث ما قبل العاصفة... صباح رقيق مثل رقة حضوركم..
شيماء وإلا الشيماء... قربي .. قربي شنطتكِ هالمرة النجوم من نصيبك..
نجمة لأن فعلاً عجبت من قوة تحليلك.. وكأنك تقرأين أفكاري عسى الله يحفظك.. جبتيها بالنص.. فكرة فكرة... هديتكِ إن شاء الله بارت 25
بعض العادات تخف لكن ما تندثر.. خصوصاً كثير عيال العم لبنات العم.. أنا أتكلم من الواقع الي أعيش فيه...
***
لا تلهيكم رواية عن الصلاة بوقتها
***
قراءة ممتعة
" وجع مستأصل من العروق.. "
(24)
لك الحمد... والأحلام ضاحكةُ الثغرِ
لك الحمد... والأيامُ داميةُ الظفرِ
لك الحمد... والأفراح ترقصُ في دمي
لك الحمد... والأتراح تعصف في صدري
لك الحمد... لا أوفيك حمداً.. وإن طغى
زماني... وإن لَجّت لياليهِ في الغدرِ
***
قصدتك، يا ربّاه، والأفقُ أغبرٌ
وفوقيَ من بلوايَ قاصمة الظهرِ
قصدتك، يا ربّاه، والعمرُ روضةٌ
مُروَّعة الأطيار، واجمة الزهرِ
أجرُّ من الآلام ما لا يطيقه
سوى مؤمنٍ يعلو بأجنحة الصبرِ
وأكتم في الأضلاع ما لو نشرته
تعجّبتِ الأوجاع مني.. ومن سرّي
ويشمت بي حتّى على الموت طغمةٌ
غدت في زمان المكر أسطورة المكرِ
ويرتجزُ الأعداءُ هذا برمحه
وهذا بسيفٍ حدّهُ ناقعُ الحبرِ
لحا الله قوماً صوّروا شرعة الهدى
أذاناً ببغضاء.. وحجّاً إلى الشرِّ
يعادون ربّ العالمين بفعلهم
وأقوالهم ترمي المُصلّينَ بالكفرِ
يهدّدني دجّالهم من جحوره
ولم يدر أن الفأر يزأر كالفأرِ
جبان يحضّ الغافلين على الردى
ويجري إلى أقصى الكهوف من الذعر
وما خفت والآساد تزأر في الشرى
فكيف بخوفي من رويبضة الجحر؟
ولم أخشَ، يا ربّاه، موتاً يحيط بي
ولكنني أخشى حسابك في الحشرِ
وما حدثتني بالفرار عزيمتي
وكم حدثتني بالفرار من الوِزرِ
***
إليك، عظيم العفو، أشكو مواجعي
بدمع على مرأى الخلائق لا يجري
ترحّل إخواني.. فأصبحت بعدهم
غريباً.. يتيم الروح والقلب والفكرِ
لك الحمد... والأحباب في كل سامرٍ
لك الحمد... والأحباب في وحشةِ القبرِ
وأشكرُ إذ تعطي، بما أنت أهله
وتأخذ ما تعطي، فأرتاحُ للشكرِ
رحمة الله عليه / غازي القصيبي
***
ساعة السابعة والنصف مساءً
تحديداً في منزل رعد الزاهد
في غرفة زهرة
تراكمت الأشياء بداخلي.. ولم يعد للكلام مهرب.. على مر هذا الزمان.. أحببتك حباً يا الغيث.. كنت أظن أنه سيبقى حبُّا.. إلا أني قد أنبض.. ما زلت أهوى السهر، وأقطف الورد بشكل يومي لأخبئها بين الكتب.. عندما علمت بأنك خطبتني أزهر قلبي... لكن يا للأسف بتات الخيبات عميقة، موجعة بشكل مؤلم... حين علمت بزفافك من ابنة عمك الجود.. لم أحزن بل ابتسمت وتمنيت لك السعادة من كل قلبي... فتاة بعمر الخمسين.. لقد وصلت ليأس عظيم.. أبي الذي أزداد قسوة.. لتتخيل بأنني عندما يحل الصباح ... أستيقظ على ضربة من ضرباته المميتة.. حتى جلدي أعتاد على ذلك...
" آخ.. آخ يا وجع السنين... "
كنت أتمنى أن أموت.. لكن الدنيا أضيق من بؤبؤ عيني..
حين وقفت أمام مرآتي، هذا الصورة واضحة للغاية.. لا تشبهني
الوجه المختفي تحت تجاعيد هذا الحزن، أنني أغرق
أشعر بأني سأموت عما قريب... فحقق مبتغاي بقربٍ لا يحلق به وداع....
حينها اغمضت عيناي بسلام هادئ، ودمعة حارة تسقط على الوجنتين..
" يُمَه فاتن.. هذاني جايه لك.. ميمتي منيرة.... "
***
بصوت الكحة " ووجع زهيــــــــــر قومي افتحي الباب يا جعل منك فود... "
" منهو وراء الباب... "
الغيث بمحبة " ياعم أنا الغيث أبو عبدالله... "
بضيق " وش تبي..! ما أنت شايف دنيا ظلمت... مهو وقت زيارة... "
الغيث أبو عبدالله " ما عليه ما راح أخذ من وقتك... وإذا ما ناسبك حكيي.. ما عاد تشوف رقعة وجهي... "
***
لأسمع صوت فتح الباب...
رعد وهو يقف عند الباب " وش تبي.. قلت لك لا عاد تمر من عتبة بابي، وراه ما تفهم!!! "
بهدوء " مو تقول اذا نفذت شرطي.. لك بنتي.. وهذاني جيتك وكل طلباتها وطلباتك موافق فيها وجاهز بعد... "
ابتسم رعد بخبث " أجل دق على المأذون هالحزة... "
بفرحة عميق " ها... يعني موافق.. "
فتح الباب وضحك رعد " ايه حياك المجلس... "
ابتسمت " إذا ما عليك أمر يا عمي.. هذا هم الأهل يبون يشوفون بنتكم المصون.. "
رعد برفض تام " لا... جيب المأذون وخذها بثيابها... "
***
تتراجع خطوات الجود أم عبدالله.. وأمسك بيدها..
" تعالي نرجع لسيارة.. "
الجود بوجع " لا.. انا الي بنفسي بأخذ أبو عبدالله يشوفها... مهي حبيبته من أول وتالي... "
***
كل التعابير ماتت، ومات الكلام القديم... تبدد الماضي الحزين، ليصبح حضورك... فيه لمسة من الخيال.. هل الزهور تحتفل بي...
لأجده واقفاً شامخاً... وثورة والدي رعد، أغمرني بجنون
وبفرحة ناقصة " قومي... قومي هذا هو جاء سيد الناس الغيث أبو عبدالله.. "
هز بيدي " زهـرة ووجع قومي... زهرة... "
اقتربت منها ، وسقط رأسي بميلان...
هو بصرخة موجوعة " زهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة.. "
***
بعد أن تمم المأذون عقد النكاح... اتصلت على ابني عبدالله واخبرته بأن يأخذ والدته و خالته أم العز.. حتى يغادر المأذون.. وتزوجت بها ودفعت المهر، مع ورق ملكية الأرض وإذا بالعم يسلم بحرارة الفرح، ليذهب حتى يأتي بزهرة قلبي.... لكن صوتٌ كصوت العويل....
خطوت بخطوات، لأجد باب الغرفة مفتوح، وهو يبكي على رأسها...
" والله ما عادني بضيمك.. قومي يا بنتي صرتي عروس قومي.... "
تنشج كل مابي ، أعلم بأني أحببتك في حالة خاصة لا علاقة لها بالواقع.. أظن نفسي عاشق.. هل قتل بقايا الحب العتيق.. بقيت منهزم العمر...
بسبب دقات قلبي اقتربت... وجدتها نائمة كالملاك... لامست يدي النبض... لأجده ضيعفاً... الكدمات الزرقاء تحت عينيها وأسفل شفتيها...
نظرت له بحدة " يا عم... وش فيها؟! وش هالعلامات!!!! "
فتحت عيني بهدوء، رغم أنني أبصر بتشويش .. هل أعيش الآن غيبوبة من الجنون.. أم أرى خياله حقاً...
نزل إلي.. وأمسك بيدي بحنان..
بخوف حقيقي " يُبَه... "
رعد بفرحة " يا أبوك هذا زوجك الغيث... "
من مكاني وبضربة قاتلة اجبت " انا بحلم... وش الي تقوله يا أبوي.. "
رعد بتوتر " قومي.. قومي.. يلا على بيت زوجك ولا أشوفك مضايقته... "
***
حينما وجدتك يا الغيث، تنفس قلبي.. هل أقول بأن حبك ربيع يحملني على أوراق الزهر.. شعرت بك عندما رأيتك تسير نحوي وكأنك في دمي... تطهر جسدي من كل مرض... قُبلتك على الجبين...
نبرة صوتك " ألف مبروك يا زهرة... "
تمسكت بك كما لو أني سأفقدك قريباً...
شعرت بوجودك معي " بسم الله عليك.. وش فيك كذا يا بعد الغيث ويا طوايفه... "
تتأملني في بؤبؤ عينك أرى انعكاسي.. بعد تسع وعشرين سنة حينما شاب شعر رأسنا... يملأ الشيب الأبيض رأسي يا الغيث...
تلمع عيناي، واحتضنتني .. حينها ذرفت الدموع...
الغيث أبو عبد الله " كبرتِ.. بس والله العظيم أنك بقلبي وروحي يا زهرة... عينك لمحتها وقتلتني.. بس ما هقيت بعد جمال عيونك يكون جمال روحك وزينك... "
***
على الجانب الآخر...
في سيارة...
كنت أمسك يديها " يُمَـه.. عسى الله يمسح على صدرك.. تكفين انفداك تهدين... "
الجود أم عبد الله " تزوج أبوك يا عبدالله.. يا ليتني مت.. يا ليتني مت..."
وقبلت يدينها " بسم الله عليك من الموت.. يا روحي يُمه لا توجعين رأسك طلبتك.. وقولي تم... "
الجود أم عبدالله " روح بيت أبوي.. أدري أني واقفت على زيجة أبيك.. لكن قلبي يحرقني.. يحرقني يا أمك... "
بغضب " والله ما تخرجين من البيت يُمَه.. تبين بعد تتركين البيت لها.. ما خبرتك ضعيفة كذا.. "
الجود بانكسار " حاولت ألملم الموضوع وأنسيها لكن أبوك إذا حب.. يحب بجنون.. تدري كم مرة نادها باسمها بلسانه.. تكفى أنا الي طالبتك يا أمك تأخذني لبيت أبوي.. تكفى يا وليدي.. "
" دخليك يمُه.. لا توجعيني ما اقدر أقول لك جاك... طلبك قوي علي... سامحيني.. "
بحزم " ما أنتِ طالعة من بيتك... بتجلسين معززة مكرمة.. ولا تدرين أبوي ما ينسى الملح والعشرة الي بينكم... تسع وعشرين السنة هذا عمر بحد ذاته.. أنا الي طالبك يُمه هالمرة ولا ترفضين ولي يخليك لي.... "
الجود " لا توجعني يا أمك.. رجعني لبيت أبوي.. "
***
بعد أن وصلنا للقاعة… واذا بي أجد العمة البتول … تصافحت هي والدتي… وقد اقتربت منها بخجل العذارى.. " هلا خالتي شلونك؟!.. "
البتول بمحبة " لوني زان يوم شفتك يا مرة وليدي.. وش هالصدفة الحلوة …"
المهرة أم خالد " الله يسعدك يا البتول.. جيت على طلب ابو محمد عسى الله يحفظه .. وتعرفين عاد السمو ماهوب يعجبها العجب…"
ضحكت البتول " تستاهل التغلي.. أجل شوفي اللي يعجبكم.. انا عن نفسي كان بخاطري من زمان هالقاعة… "
***
على الجانب الآخر
رأيتها بعباءتها على الرأس، ولا يتضح من يديها شيء… ابتسمت بداخلي
" ما شاء الله تعرفين السحا يا بنت ابوك… "
واقترب منهم " وشلونك يا خالتي المهرة؟ "
المهرة بخجل " بخير عساك بخير … "
بثقل اجيب " حمد لله عساه دوم.. شوفوا اللي يعجبكم انا انتظركم هنا … "
***
لتتقدم والدتي والخالة المهرة أم خالد ، واجدها قد تقدمت خطوة… لأقف أمامها ، وأرى الأهداب ترتعش
بهمس السمو " لو سمحت ابعد.. ماهوب زين بحقي تشوفني كذا… "
بخبث ارفع حاجبي " شفتك على المهرة… وحكيتِ عادي وش الي تغير الحين؟! "
بصدمة " في فرق اني بكون زوجتك، وفوقها بنت عمك… مابي أمي وخالتي البتول يشوفون وقفتنا كذا، من فضلك ابعد… "
بتهور أمسك يديها لتسري دماء الخيال بعروقي
السمو بدمع رقيق " الجموح.. ابعد يديك بعدني ما صرت على ذمتك.. واذا انت مره متلهف ما بقى شيء على زواجنا… "
بضيق " روحي… مصيري أشوفك بعد شهر و السبع وعشرين يوم… "
***
قلبي الذي ينبض بدقات سريعة… عمري لم أتوتر … لأشد خطواتي واتقدم نحو باب مدخل القاعة الخاصة بالنساء…
فتحت طرحة ، وجهي المحمر بفعل الخجل والغضب…
" هذا أولها يا السمو.. ينعاف تاليها.. بس بعد لا تلومينه شاف جسمك كذا بدون شيء يستر وش تبي يكون نظرته للحلاوة المغرية… أكيد يبي يذوب فيها…. بس بس ما كان قصدي يشوفني كذا… يا رب انت علام الغيوب، يا رب سامحني… ليتني سمعتك يا سامي وما لعبت مع المهرة … بس ليت ما تفيد الحين… "
تقدمت لأمي المهرة والتي أعجبها القاعة… حاولت أن اخفف التوتر… وأجد المديرة تقف أمامي…
مديرة " اتوقع انتِ العروس.. "
البتول أم الجموح " اي هذا عروسة وليدي … اللي تبيه يتنفذ… "
مديرة بابتسامة رسمية بحته " اي اكيد وش تأمرين عليها عروستنا… "
ابتسم لها " بطرح لك فكرتي …. "
مديرة " صراحة لتواضعك بس هذا شيء بسيط… انا وصلني طلب يكون بهذا الفخامة.. "
لأرى الرسمة التي تشير عليها بالورق… لأنبهر
وابتسم " بس هذا مكلف.. وانا حابه كل شيء يكون بسيط وانيق… "
المديرة " اي اكيد … انا عندي فكرة وش رأيك اجمع لك فكرتكِ الانيقة مع فخامة هالفكرة… بتطلع بيرفكت.. "
ابتسمت لها " اي ما يخالف.. "
المهرة أم خالد " ها يُمه خلاص اتفقتِ معها.. "
اجبت بهدوء " اي حبيبتي.. دقي على ابوي وطمني قلبه.. "
ابتسمت " ابوك لازم انا ابشره واكون يُمه… يلا مشكوره حبيبتي .. هالله الله بعروستي.. وبليلة زواجها… "
لتردف عمتي البتول " اي بالله ابي كل شيء يبيض الوجه… "
المديرة " بإذن الله.. "
***
بعد ان تم الاتفاق ليدخل الجموح ويتفق مع جميع الحسابات .. ماهي الا دقائق ويقف عند باب السائق، وهو يشير له بفتح النافذة
" راجو.. انت روح وانا اوصل مدام انا والخالة… "
المهرة بأدب " يا خالتك ماله داعي تقطع مشوارك عشانا… "
الجموح بنبرة اتزان " ولا عليك أمر يا خالتي بس الوقت تأخر.. تفضلوا.. "
***
ابتسمت بهدوء وبداخلي أردف " صبرك والله يا شوفتك على الحصان ان لا اطلعه من عيونك يا السمو … "
الجموح " ها يُمه عسى القاعة الي ناسبتكم.... "
البتول أم الجموح " أبد يا أمك .. دامها اختيار السمو.. فهو زين.. الا يخيتي المهرة حياكِ على العشاء … "
السمو بهدوء وهي تضغط على يدين والدتها وبهمس" يُمَه.. ما كأن له داعي نروح معه...! "
المهرة أم خالد بنبرة هادئة " عسى الله يكثر خيرك.. بس يخيتك ما اقدر اترك ابو محمد له ساعة يحترينا… خليها بيومٍ الثاني بإذن الله.. "
البتول " أبد يخيتك البيت بيتكم.. الله يحيكم بأي وقت.. "
المهرة أم خالد " تسلمين يا أم الجموح.. "
وهي تقترب مني " السمو.. وبعدين.. مهو غريب هو... ولد عمك.. "
السمو بغضب داخلي " طيب يُمَه هذاني سكت.... "
***
" يا ربي هذا وش فيه..! منهبل اي والله وش هالبرود وثقالة الدم…!. الله يسامحك يا ابوي وش هالورطة… "
بعد أن نزلنا أمام البيت .. لأجد ابي الفياض واقف غاضباً عند المواقف… ترجل الجموح وهو يقبل كتفه وانفه.. ليبتسم والدي وجهه الذي تهلل بالفرح
نزلت سريعاً باتجاه غرفتي... وبغضب....
" يا ريتا.. ريتا... "
ريتا " نعم مدام... "
بطولة بال " ودي صينية القهوة للمجلس.. وخذي عبايتي غسليها زين.. مابي ريحة شامبو أبو زهور اوك... "
ريتا " يس مدام.. يبي سوي قهوة أنتِ!! "
وأنا اصعد السلالم... وبين الممرات
" مابي شيء... "
***
الفياض " حياك عمك.. ادخل داخل تقهوا.. "
ابتسمت له بمحبة " والله يا عمي شوي مشغول.. لكن أبشرك الأمور كلها زينة... "
الفياض " ما أنت معذور.. "
***
على الجانب الآخر
المهرة بترحيب وابتسامة " زارتنا البركة يا البتول.. كم لي عنك.. سنين يخيتك.. "
جلست بداخل المجلس.. وتحديداً على الأريكة الفردية ذات نقوش المعتقة باللون تماوج البحري الداكن...
" الله يبقيك يا أم خالد.. أبد والله تعرفين دراسة الجموح.. أخذ وقته... وما رضى بعد عيني اجلس هنا بروحي... إلا أنتِ طمنيني عنك.."
وهي تشد دلة القهوة وتمد لها الفنجال.. " سمي.. ابد يا البتول.. عايشه ولله الحمد... بعد ما تقاعدت ما غير جالسة مقابلة الفياض عسى عيني ما تبكيه.. "
البتول " وشلون اخواتك.. وبناتهم.. خبري فيهم عتيق..."
وتجيب باتزان " أبد.. غدير وسلوى كلن لهى بحياته.. لي فترة ما نشدت عنهم.. بس بيننا اتصالات.. "
ضحكت البتول " وأنتِ بعدك على طبوعك ما تخرجين من البيت.. "
المهرة بابتسامة " الجامعة وعلى البيت وبعد ما تقاعدت ابد... ما غير جالسةٍ بالبيت، وإلا بمزرعة أبو محمد.. "
البتول " الله يعين.. أجل وينها بنتي ميره.. هالبنت مالها حس ... "
وباستغراب " خالد بين فترة وفترة يطمني عليها... عسى الله يوفقهم ونفرح بعيل لهم... "
البتول " آمين.. "
***
بمجلس الرجال
كنت جالس مقابلاً عمي الفياض.. الذي شد الدلة لأقف، وأمسك الفجنال
بحب له " عنك يا عمي، والله ما اصب إلا أنا.. "
الفياض " عسى الله يوفقك يا عمك.. بشرني عن علومك... "
جلست بهدوء " ابد.. خلصت الإجراءات اللهم لك الحمد.. وأبشرك الأرض جاهزة يا عمي مو ناقصها غير حضورك.. "
بفرحة عميقة، الفياض أبو محمد " الله يبشرك بالخير.. أجل وأنا عمك اسمع القاعة وحساب القاعة كلها مدفوعة بحسابي.. "
بضيق " يا عم ماله داعي هالكلام... "
الفياض أبو محمد " ولا تفتح بكلمة يا ولد رائد.. "
الجموح " ياعم ولي يسلمك ترى ماني عجزان اشيل حساب زواجي.. "
الفياض أبو محمد بغضب" أنت تعدني مثل حسبة أبوك.. وإلا انا مخطي يا الجموح.. "
الجموح " لا حشاك .. بس بعد.. "
ليقاطعه بحدة " يا ولد قل تم.. "
لأقبل رأسه " تم يا الغالي.. عساني ما ذوق حزنك يا عمي، ويخليك ذخرٍ لنا جلعه آمين.. "
الفياض ابو محمد مبتسم " الله يوفقك يا عمك.."
ضم يديني بتوتر " يا عمي.. أنا ودي نكتب الكتاب بكره.. وزواج مثل ما اتفقنا "
الفياض بخبث " الما راكد في عيونك يا الجموح.. ما لقيت غير طيفها.. "
بتهكم ابتسم " محجر العين ما تبي إلا خيالها يا عمي... "
ضحك الفياض وبمحبة " عسى الله يوفقك ويزين حظكم.."
مع دخول البدر، مبتسم نزل ليقبل رأسي عمي الفياض، واقبل نحوي
" هالله الله.. الجموح ولد رائد عندنا.. يا مرحبا وألفين مرحبا... "
ابتسمت له " الله يسعدك يا البدر.. ومرحبا فيك.. "
الفياض " جيب العشاء يا ولد.. ولد عمك هنيا... "
البدر " سم وابشر يا الغالي.. "
امسكت يد عمي " والله خيرك سابق يا عمي.. لكن مواعد لي رفيقٍ لي ولازم اروح له ذا الحزة.. لكن خلها بكره مره وحدة.. "
الفياض " زين وأنا عمك... "
***
وبقهر يتأكل بصدري .. بعد ما أخذت حمام استرخي فيه اعصابي.. لكن الغليان كل ماله يزداد....
اتصلت على اخي خالد، وأجلس على طرف السرير، متأملة نفسي أمام المرآه المقابلة...
وبعد رنين متواصل رفع سماعة الهاتف
خالد" هلا حبيبة اخوها… "
بوجع " خالد هو عادي ارفض ولد عمك.. "
***
ميره.. والتي تمشط ليلها طويل.. وترى انعكاسي عبر المرآه، غضبها الحانق...
بتعب " مقهورة.. خالد... "
خالد مبتسم بغيض " ترى ما صارت.. كل هذا عشان ما رحتِ للمزرعة… "
بزعل " اي كنت عارف انت وقتها ليه ما قدرت اروح! "
ضحك خالد " يا دلوعة والله.. و اذا كبر بطنك وش فيها!!؟ "
بكت ميره " خلودي يعني يهون عليك زواج اخوي الوحيد الجموح ما احضره!! طيب على الأقل خلني احضر وأجلس عند السمو..
بموت قهر والله... "
خالد بخوف حقيقي " بسم الله عليك من القهر.. و ادري ما يتعوض فرحة اخوك… بس بعد اخاف عليك حبيبتي… وانا اعرف وضع حملك.. وضعك حساس ما يصير اخليك بعدين الناس ما تعطي خير… "
أزم شفتي بحزن " تعرف تغير مزاجي.. انت تدري حتى امي ما بلغتها اني حامل بـ اربع التوأم.. والله لا تنهبل علي… "
بحنان " طيب حبيبتي ممكن تنامين الحين.. وراي شغلة صغيرون بروح اسويها واجي لك… "
مسكت يديني " حبيبي انت.. مابي الا إنك قربي خلودي.. انت تعرف وحامي مابي اشوفك بعيد عني …. "
قبلت رأسها " من عيون خلودي… هذاني قعدت عندك… "
لاجد اتصال من اختي السمو…
ابتسمت " حبي هذا اتصال مهم بشوفه ثواني واكون عندك… "
ميره " طيب… بنام لي شوي .. "
***
على الجانب الآخر
وانا بتوتر " خالد… "
خالد بغضب " وش الي عادي..؟! وش تنقدين عليه يوم انه شافك ولا تكلم مع ابوي.. وانت عارفه خط احمر في هالأمور… "
بضيق " طيب ممكن تسمعني … هذا ولد عمك تفكيره منغلق.. على الأقل ابوي خلانا نتملك .. افهمه ويفهمني … والله يا خالد ماني مستوعبة الموضوع كلها جاء بسرعة.. "
بهدوء وحكمة " ترى الجموح ما يعيبه شيء والكمال لله.. يعني واحد يخاف الله ويصلي ويصوم ولا له مع شلة الفساد… بعدين موقف وظيفتك ترى تأثر بالحيل يا السمو.. بس هو يبيك عشانك انتِ مهو عشان شيء حاصل له والسلام… انتِ خلال هالشهرين استخيري مره الا فوق العشر.. اذا وقتها ما انتِ مرتاحة انا بنفسي بكلم لك الجموح وابوي… "
بتنهيدة " طيب… كيف ميره فقدتها والله … يعني وش دعوة فوق سبع شهور غايبه! "
خالد بحب " اي ميره مشغولة بتصييرين عمه… "
تتسع عيني وبفرحة " صدق.. يا حياتي وعسى الحمل ماهوب متعبها!!! خانت حيلي يا بنت عمي… "
خالد بحب " حملها متعسر شوي، لذلك أنا ملزم قعدتها في البيت… "
وتحليل سريع " وشوله يا خالد! انا اخبر الي حملها متعسر سببه إما عدم ثبات الحمل أو خطورة عليها.. "
خالد بتنهيدة " هو من ناحية الخطورة موجودة.. لكن ربي يسرها من عنده.. ميره حامل بـ أربع توأم.. "
وقفت بطولي " صدق.. ما شاء الله تبارك.. عسى الله يسهل ولادتها.. "
خالد ابتسم " أها بس لا يوصل الخبر لأحد.. حتى امي ما ابيها تعرف الا عقب… "
بكيت بفرحة " يا حبيبتي والله.. وينها عطني اكلمها … وعسى جبت خادمة لازم احد يساعدها… "
خالد بفرح " اي اربع خدم لها بنت رائد… "
ابتسم " تستاهل اكثر.. يلا حبيبي مشكور على كلامك عسى الله لا يخليني منك يا اخوي … "
خالد بخبث " لعيون حرم الجموح.. "
بغيض " خـالد.. ماهوب وقت مزحك.. "
ضحك وبثقل " طيب يا السمو.. يلا تبين شيء.. "
بصوت هادئ " لا يا أختك.. بس وصل سلامي لميره.. "
خالد " يوصل بإذن الله.. سلام.. "
***
في السيارة
( الجيب )
كنت اسوق بهدوء.. وسامي الذي وضع شيلة...
ضحكت له " أي مين قدك يا سيد سامي... "
سامي بفرح " والله ما هقيت أمي توافق... بس وش فيها سواقتك! كأنك زدت سرعة... "
وبالفعل أرى العداد يزداد بسرعة مخيفة... حاولت أن أسيطر على المقود.. نظرت له وأكتم الخوف/القلق
ابتسمت له " إن شاء الله خير.. البس حزامك.. كم مرة انبه عليك يا سامي... "
سامي بخوف، وهو يسحب الحزام " محــــــــــــــــــمد.. انتبه شاحنة.. يا محمد.. "
حاولت أن أحرك المقود، لكن هناك ما يمنع عدم الدوران.. أضغط على الفرامل... ولكن لا تعمل...
وفي غمضة عين ... حاولت بكل ما أستطيع لأخرج عن الخط السريع، واجتاز الشاحنة....
بهدوء " سامي اهدأ.. دق لي على الاسعاف سريع... "
سامي بخوف أمسك بالجوال، ليتصل...
بنبرة خوف وقلق " في حالة طارئة .. سيارة ماهوب راضيه تقف.. احتاج الآن سيارة اسعاف.... "
مشينا على خط سريع بسرعة مجنونة.... وكلما نقترب من خطورة ما بين السيارات حتى نصدم بإحدى الأرصفة....
يصرخ سامي بهلع " محـــــــــــــــــــــــــــــــــمد... وقف.. محمد... مابي اموت.. مابي اموت.. يا أخوي.. "
ارتداد أجسدانا، رائحة الأزفلت بأنفي... تصاعد البخار... وسكون سامي الذي فقد وعيه، كتفي الذي ينزف بألم
حاولت فتح الباب المعلق، لأضرب بكتفي ولكن دون جدوى ، خرجت من سيارة ، توقف السير... اقتراب سيارة
الشرطة وصوت اقتراب سيارة الإسعاف، ومع كل هذا حاولت الصمود وانا اتجه إلى باب أخي حاولت أن اخرجه
بانهيار " ســـــامي يا أخوك.. سامي... "
بنبرة الخوف ودمعة عبرت خدي " سامي.. انت طيب.. سامي رد علي يا أخوك... "
مع وصول سيارة الإسعاف...
اتى رجلين من المسعفين.. حتى فتحوا الباب وخرجوا سامي، وضعوه فوق سرير المتحرك.. واقف مع الضابط..
بوجع أردفت" سيارة فجأة ما قدرت اتحكم فيها... "
الضابط " حمد لله الي طلعت منها سليمة... بس نطمئن على أخوك، وعقبها نباشر بالتحقيق.. "
لأصعد لسيارة الإسعاف...
***
في الصالة
بعتاب المهرة أم خالد " كذا تعصب عليه.. من يومك حنون.. وش فيك؟! "
تنهدت " عناد هالولد بيهبل فيني.. قلت بصبر معه اشوف وش نهاية، واخرتها يبي وحده كبيرة... "
امسكت يديه وبحب " أي عناده هذا ما يذكرك بأحد.. "
ضحك الفياض " لا والله مانيب عنيد مثل محمد عسى الله يهديه بس.. أنا أقول شوفي بنت سطام ولد أخوك.. وإذا هم موافقين نخطب رسمي... "
ابتسمت له " إن شاء الله... بسم الله قلبي يوجعني .. بالله تدق لي على سامي استودعته الله.. "
الفياض " يا بنت الحلال ماهوب صايرن له شيء.. "
***
اسمع رنين الهاتف ..
حتى اجد محمد يتصل بك..
رفعت سماعة الهاتف " هلا يا أبوي... "
محمد " يُبَه.. امي حولك.. "
نظرت إلي مباشرة...
وابتعد عنها " لا بعيد شوي.. وش فيك ؟ عسى ماهوب صاير شيء!! "
محمد بثقل " احنا طيبين بس صار لنا شوي حادث، وحمد لله طيبين... "
بفجعة " وينكم فيه! وسامي طيب.. طيب مسافة الطريق يا أبيك.. "
المهرة أم خالد " وش فيك وجهك انقلب يا أبو محمد... عسى ما شر!! "
الفياض بهدوء " اذكري الله يا المهرة.. هذا هو محمد يقول صاير عليهم حادث وحمد لله جات سليمة... "
وبوجع وبوجه شاحب " بسم الله عليهم.. وش جاهم عسى مو كايده يا الفياض.. يمه وليدي... وليدي... "
أمسكت يدينها " ما هنا إلا كل خير.. أبي اروح وأشوف الموضوع... "
بترجي " تكفى طلبتك تأخذني معك.. هذا سامي توه بعمر ثمانية عشر.. تكفى يا الفياض خذني معك... "
قبلت رأسها " يا بعد روح الفياض.. والله والي رفع السماء وبسط الأرض.. ابي اشوفهم وبجيبك.. تكفين يا بعد روحي تهدين نفسك.. مالك حل مع زحمة المستشفيات وقسم شرطة... "
المهرة بوجع " تكفى يا أبو محمد.. رجولي ماهوب شايلتني.. "
بحدة " ابي اكلم البدر يجي يجلس عندك،... بإذن الله انه طيب.. "
***
بعد أن انتهت إجازتي، حينها علمت بأن لدي مناوبة، واستدعاء عاجل ، لأباشر بالعمل سريعاً..
والخالة أم أحمد تمسك بيدي..
" تكفين يا دكتورة السمو .. طمني قلبي على وليدي.. عساه صحى... "
ابتسمت لها " حمد لله.. تستاهلين سلامته يا خالتي.. ولدك عبدالعزيز هذا هو فاق من غيوبة خمس السنين.. قرت عينك بشوفته... وحمد لله ربي ما خاب رجاك... "
لتبكي أم أحمد " الله يبشرك بالخير.. الله يبشرك بالخير.. اللهم لك الحمد.. اللهم لك الحمد... "
سجدت سجود شكر، بمشاعرها العميقة بكت الطفل عبدالعزيز والذي تأثر بالحادث الكثير، لكن معجزة ربي فوق كل شيء، وكأنه لم ينم منذ خمس السنين...
نزلت عندها وأمسكت كتفها " قومي يا خالتي.. تقدرين تشوفينه.. حمد لله.. "
أم أحمد " عز الله أنك بنت أبوك.. تسلم يمين من ربتك.. الله يكثر خيرك وعسى بطنها الجنة الي جابتك... "
ابتسمت لها بمحبة " آمين.. بس بينقلونه للغرفة وتقدرين تشوفينه... "
ابتعدت من القسم... واتجهت نحو الطوارئ لأجد حركة سريعة... وتواجد شرطة في الممر..
وبعض الممرضين " دكتور السمو.. حـــــالة حرجة... "
لألتفت وإذا بي أجد أخوي محمد، وبقعة الدماء تغرق ثوبه... وجسد أخي نائم على سرير المتحرك... "
بوجع وصدمة شلت حالي...
الممرضين " دكتورة السمو.. هذا طفل بعمر الثمان عشر، تعرض لصدمة وفقد وعيه... نحتاج نسعفه ضروري"
بوجع عميق...
محمد " السمو تكفين يا أخيك، والله أن يا خالتي ما عاد لي وجه منها.. شوفيه وطمني قلبي.. "
لأبلع ريقي... " جهزوا الغرفة له... ليه جاي هنا وأنت عارف زحمة الغرف.. ليه ما اخذت لك مستشفى خاص.. "
محمد " مدري.. لا تنشدين الحين.. شوفي غرفة لو تحفرين الأرض حفر... "
لأمشي بخطوات مهرولة..
وبحزم " استدعوا لي الاخصائي مسفر سريع... "
***
بعد ساعة والنصف
بعد أن خرج الاخصائي مسفر... وخرجت معه...
الفياض أبو محمد " يا أبيك بشري وش صار على أخوك... "
لأنظر له بحزن .. حينها بكيت بصوت منخفض..
الفياض " يا أبيك بردت عظامي.. وش فيه وليدي...! سامي طيب بشر يا دكتور... "
تنهد بأسف " ياعم .. سامي طيب ولله الحمد.. بس تعرض للكسور شديدة.. الإصابة أثرت على ظهره مع الأسف شلل الرباعي.. "
بانهزام " اللهم لا اعتراض على حكمك.. اللهم لا اعتراض.. السمو يا أبيك انت اعقل وحدة من عيالي كلهم تبكين على سامي... بيقوم منها.. ولدي واعرف روحه العنيد.. "
كنت أميل رأسي على الحائط وأبكي بدون توقف بصوت مخفض..
الفياض والدي اقترب مني وهو يمسك يدي
" اذكري الله يا السمو، وش له ذا البكاء كله.. أجل أمك وش بتسوي لا شافتك كذا.. هذا وأنا أقول السمو أركد واعقل من اخوانها... "
بعبرة تخنقني " يُبَـــــه.. غصب عني والله.. انت تعرف حبه للكورة.. وش بيسوي الحين وش بتكون ردة فعله؟! إذا عرف انه ما يقدر يتحرك أبد... "
محمد وهو يضرب الحائط بقبضة يدينه ...
بانهيار " الله يأخذ ابليس... أنا السبب .. دمرت أخوي أنا السبب.. "
ليمسك والدي محمد " تعوذ من ابليس.. وقم نصلي لنا ركعتين... وأنتِ يا السمو دقي على أخيك خالد والبدر.. أبيهم ذا الحزة..."
لأبلع الغصة " ابشر يُبَه.. "
***
بعد نصف الساعة..
في المستشفى
تواجد البدر وخالد وبكاء والدتي المهرة التي كانت جالسة على احدى الكراسي
بحرقة " قلبي كان حاس والله.. يا قلب أمك يا سامي.. يا قلب أمك.. "
الفياض أبو محمد " اذكري الله يا أم خالد.. وسامي قوي بيقوم منها.. حمدلله.. حمدلله أنه حي.. "
خالد يتقرب من محمد " وش صار بالضبط! .."
محمد بقهر " مدري يا خالد.. سيارتي مابها شيء.. لكن الي ماهوب معقول في احد لاعب بسيارة.. "
خالد بفطنة " انت أخذتها للورشة ، وإلا العامل الي يغسل السيارات.. "
اتسعت عيني " إلا هو.. اخر مرة امس قلت له ينظف سيارة.. ابن الكلب.. "
خالد " لا حول ولا قوة إلا بالله.. "
تقدم محمد لوالدتي واخفض جناحه وبحزن " سامحيني يا خالتي ، والله ماكنت ادري عن الي بيصير.. "
المهرة بمواساة " الله يجبرني.. اللهم لا اعتراض ... اللهم لا اعتراض.. ابي اشوفه يا الفياض.. "
حاولت أن أكون قوية.. انتبه البدر على ميلان جسمي...
بصرخة أمسكني" الســـــــــمو بسم الله عليك.. "
لأضغط على يديه " مافيني شيء.. والله العظيم مافيني شيء يا البدر.. أنا طيبه.. بس دوخة بسيطة اجهدت نفسي شوي.. "
المهرة بخوف " ما اكلتي لك شيء.. "
الفياض يبتسم بحزن " المهرة مصغر في طبوعك.. "
***
بعد ثمان و أربعون الساعة
كانت والدتي جالسة بهدوء في المصلى المستشفى، ممسكة بالقرآن
وأنا أرى حالتها الموجعة وبغصة
" عسى الله يقويك يُمَه.. "
ابتعدت عنها لأتجه مباشرة عند سامي، والذي يقف أمام الباب بعض رجال الشرطة..
دخلت بهدوء وأنا أرى مؤشراته الحيوية...
وأمسك يده " سامي يا قلب اختك... اصحى.. سامي أنت تسمعني.. "
فتح عينيه بتعب وثقل وباختناق من الخرطوم الذي يمنعه من الكلام..
بكت عيني لحاله " ما عليك يا أختك ، وش تحس فيه، ارمش بعينك.. رمشتين إذا متوجع... "
ليرمش الاهداب...
السمو" بنادي الاخصائي مسفر.. دقايق يا اختك منيب مطولة... "
***
أمسك بي محمد بلهفة " ها بشري عسى صحى.. "
ابتسمت له " حمدلله طيب.. أبوي وينه؟! "
محمد " طيب.. أنا انتظرك هنا.. "
ليأتي والدي الفياض ومعه خالد والبدر...
الفياض بلهفة " عساه زين الحين.. "
اجيب بهدوء " إن شاء الله انه طيب.. أنا بجلس عنده واشرف على صحته بنفسي.. خذ أمُي معك واخواني.. ماله داعي وقفتكم هنا.. وبكره تكون زيارة مفتوحة... "
خالد " رأي زين.. يلا يُمه فديتك نرجع البيت أنتِ معك الضغط وأخاف لا تتعبين زود... "
المهرة بعناد " مانيب متحركة.. أبي اشوفه يا السمو.. أبي اشوف وليدي.. "
بتعاطف " ابشري يُمه تعالي معي... "
***
أمسكت بيد ابنتي السمو، وتفتح الباب بهدوء... أسمع صوت مؤشرات القلب.. وسرير ممتد جسده بلا حول ولا قوة.. بكيت كما لم أبكي من قبل.. فلذة كبدي موجوع... سامي طفلي الصغير.. أتذكر عندما أمسكتك وانت رضيع، براءتك، مشيتك على أربع، من ثم بدأت تمشي خطوة وتسقط ثم تقف مجدداً، نطقك بأول كلمة ماما....
اقتربت منك وأنا ارفع النقاب، وجلست بالمقعد الجانبي، لأمسك يديك
وأردف بوجع عظيم " يا أمك سامي.. يا نظر عيني... يا حبيبي... "
لتبكي بصوت مخفض السمو...
لتتوجع " يُمه.. نايم.. هو طيب.. طيب.. "
والدتي المهرة أم خالد " ليته فيني ولا فيك يا أمك.. ليت هالوجعية فيني... يارب.. يـــــــــــــارب.. "
مسكت يديه وقبلته، عينيه، خديه لتسقط دمعة مباشرة على خده...
" يُمه فديتك... إن شاء الله بيقوم منها.. واحنا حوله.. ما راح يحس بعجز.. سيارة لو شفتيها يُمه ما احدٍ يخرج منها حي.. الله اللطف فيه.. الحمدلله.. "
***
بعد أن ودعت والدتي وعائلتي.. توجهت مباشرة إلى المكتب...
أغلقت الباب.. لتأتي الممرضة
" دكتورة السمو، في كذا مريض.. "
بوجع " ما اقدر استقبلهم.. جميع المواعيد يتم تأجيل عنها... من فضلك يا حصة، واقفلي الباب وراك لا هنتِ.. "
حصة " تمام.. "
رفعت نقابي وضعته فوق المكتب، واسحب طرحتي من على رأسي.. أغلقت الباب و أوصدته بقفلتين...
واستندت على الباب، وأبكي.. ابكي بوجع منظر اخي سامي لا يغيب عن بالي، بكيت حتى سقطت بوجع... بانهيار تام...
" يا قلبي عليك يا سامي.. يا وجع قلبي عليك... أول مرة أكون عاجزة بهذا الشكل.. يارب .. يارب ارحم ضعفي وقلة حيلتي... يارب لا تفجعني فيه... "
حاولت أن اهدأ من نفسي ، مسحت دموعي وأخذ نفس عميق وأزفره بهدوء... وأسمع صوت الرنين هاتفي واهتزازه فوق المكتب، وقفت لأمشي نحوه.. وأشد الهاتف لأجد رقم غريب...
بهدوء " الو... "
بهدوء مماثل " السلام عليكم.. "
بصوت غريب " وعليكم السلام.. هلا مين معي.. "
***
نهاية البارت الرابع و العشرون...
القفلة هادئة وغامضة نوعاً ما.. ولا أشوف أحد يقول ترى صغيرون الجزء..
بخط 22 لأني لازم اكتب شوي بخط متوسط عشان عيوني... >> فيس ما يتحلطم.. ، وغير كذا 63 صفحة أول مرة أوصل للإنجاز هذا...
نلتقي بمشيئة الله ، الخميس القادم...
***
همسة محبة/ " قد يُصان الود بالبُعد أحياناً.. "
عمر الغياب / عَـبَـير
|