كاتب الموضوع :
عمر الغياب
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: أزهرت بهطولك
" ما بين غيث ولقيا أحباب "
***
الفصل الخامس
***
(21)
قالت قدر و أقول يومك تبيني
غصبن على الدنيا يدك في يديني
لا تظلمين الوقت وش ذنب الأيام
لا تظلمين الحظ لا تظلميني
غديت مابين ارجا فيك واليأس
هذا يبي مني وهذا يبيني
إن قلت شمت وخاطري طاب كذاب
وان قالت أبيك ارخصت نفسي بعيني
خيرني أمري بين أصعب خيارين
موتي أنا أو موت الحساس فيني
لكن زماني المر علمني أني
أموت محني لجل قلبي جبيني
والله ما تلقين حبي مع الناس
روحي وها لأيام بينك وبيني
شاعر رحمة الله عليه/ طلال الرشيد
***
قبل ساعات...
كنت اجلس في المجلس صغير المتواضع، سمعت طرقة على الباب..
ليقف رعد ويأتي بصينية القهوة ، ويضعها أمامي ثم يصب لي فنجال من القهوة
وابتسم " كثر الله خيرك ما كان له داعي العشا.. "
رعد يبتسم بخبث " ما بعد سويت شيء... حق الجار وأنا عمك... إلا بسالك لقيت لك وظيفة.."
بعقدة حاجبي وأردف
" أي وظيفتي جاهزة بعد أسبوع بإذن الله اباشر بالعمل بس عسى أمورك طيبه.. يقولون لك فترة ما أنت موجود هنا..! "
رعد " مشاغل دنيا... تراك دخلت مزاجي.. وبنتي مطلقة بس بعدها بكرية يقولون اخطب لبنتك قبل ولدك، وأنت رجال من صلب رجال... وإلا وش رأيك.. "
ضحكت بذهول...
" تحكي صدق أنت... "
وكأن الله يبشرني، بأن الرؤيا هي الحقيقة..
" والله يا عم ما يخفي عليك، بنتك حبيتها حُب عذري، ويشهد الله علي أني بغيتها حليلة لي.. ودامك موافق علي.. ابي اجي وأنا وأبوي والمأذون بس حدد اليوم الي يناسبك ويناسبها.. "
ضحك رعد " والله لو تبيها الليلة.. ما عندي مانع، وما بعد كلمة أبوها رأي، وإلا وش رأيك... "
توترت منه، ومن غموضه..
" ابتعذر لكن لازم اعطي خبر للوالد.. ومن باكر نكون عندكم... "
رعد " اللي تشوفه.. حياك على عشاك... "
***
ضاحي " وانا بوجهك يا الكادر تخرجني من هالبلاوي الي ابتليت فيها .. تكفى تهز رجاجيل.. "
ابتسم بغموض " ما عليك يا ضاحي … بتخرج منها مثل شعره بالعجين ، بس بالأول قلي وراه لاعبن قلبّك مع مرتك… "
ضاحي " ابي احكي لك سالفة من اولها الى تاليها … بس فكني منهم.. "
" لك الي تبيه.. يا متعب .. متعب .. "
دخل الحارس والذي كان واقفا عند الباب..
" سم يا عمي .. وش بغيت.. "
ابتسمت " ابيك تأخذ ضاحي يم الغدير اكيد تعرفه ولا تجهله.. "
متعب " ابشر.. حياك يا ضاحي تفضل معي.."
ضاحي " كثر الله خيرك يا الكادر … كنت عارف ما راح تخون في.. اترخص عنك.. "
ابتسمت له بخبث " الله معك.. "
***
خرجت مع متعب متجهين الى ما يقال الغدير، وهي تبعد ٦٠٠ كيلو خارج الرياض وهي احدى البراري المعروفة والمكان المشهور عند الكادر… بعد ان وصلنا فتح لي الباب لأ ترجل..
متعب " انزل.. هذانا وصلنا. "
التفت يمنه ويسره ولا اجد الا الظلام الحالك..
وباستنكار " وشوله جايبني فيذا!!!! "
متعب " ضاحي انت اعلم بـ أوامر الكادر .. اسلم عليك "
فجأة رأيت سيارة تغيب أمام عيني…
" هيه لحظة وين تاركيني هنا!!!!؟ متعب يا متعــٰب.. يا رجال انتظر اللحظة.. دنيا ظلمة.. متعب يا متعــب.. "
***
انتهت ليلة... وابتدأ يوم جديد...
***
عمر والذي قدم رحلة والدتي.. وها هو نودعه..
غازي " أنتبه على أبوي يا عُمر.. يلا يا أم النايف.."
وبضيق تردف " والله قلبي مأكلني على المهرة.. جيتني بعجلة حتى ما سلمت علي بنيتي ، وشوله مستعجلين... "
غدير " يُمَه فديتك، المهرة طيبة والله البارحة كلمتها.. يلا يا عيوني خلينا نلحق على طايرة.. "
عُمر " استودعكم الله ، أول ما توصلون بلغوني.. "
غازي " على خير إن شاء الله.. "
***
لأتصل عليها...
وبهدوء " حبيبتي مهياف.. أبيك تجهزين نفسك ساعة وأنا عندك.. لو فيك تسوين شوربة.. "
باستغراب " منهي لي شوربة.. فين بروح؟! "
تنهدت بوجع" المهرة أجهضت.. لذلك ابيك تزورينها.. تغيرين جوها شوي.. "
بغصة " صدق الحكي الي تقوله.. يا عمري هذا المشوار الي البارح رحت له.. "
بضيق " ايه.. إذا ما يمديك على شوربة خلاص.. "
بحزن " لا وش دعوة، اذا ساعة يكفيني الوقت.. "
اجبت بهدوء " أجل مع سلامه حبيبتي... "
***
بعد ثلاث ساعات
وضعت باقة الورد على طاولة .. وجدتك حزينة، تدحرجت دمعة حارقة على وجنتيك وبوجع " مهيـاف.. "
غمضت عينيك، وسمعت كلَّ آيات السكينة...
ويبتسم لي " عسى الله يربط على قلبك.. يا عمري ما هقيت كذا.. أنتِ اقوى "
" مو هذا حكيك يا المهره لا تحزن إن الله معنا.. وهذاني اقولها لك لا تحزنين، فجعتي زوجك عليك، حتى عمر مفجوع.. كلهم موجوعين والله.. "
نظرت لك يا مهياف.. والوجع استبد بي...
" عادي احزن على السنين الي راحت.. كنت فرحانه فيه.. لكن الله كتب مهو نصيبي افرح ذا الحزة.. سامحيني غثيتك معي.. وينه عمر؟ ابي ارجع بيتي.. "
ابتسمت لها " أي هذا صديقتي الي أعرفها.. معوضه خير يا حبيبتي.. مابي أطول عليك... عمر ينتظرني ، هذا شوربة سويتها لك.. أهم شيء تأكلين وتهتمين بصحتك.. "
خرجت مهياف، ودخل الفياض القلق ممتلئ بعينيه..
اقترب مني وهو يضمنني وقبل جبيني
" شفت فيك العمر يا القلب الحنون.. والله أنك حنون يا حبيبتي... تقدرين تمشين والا اجيب لك كرسي متحرك.. "
نظرت له بتعب..
" ما يمديني.. الفياض أمُي عرفت.. "
ضغطت على يدي بخفة وتقول " ما قدرت ابلغها لأنها سافرت لمصر.. وتعرفين خالتي تهوجس بك كثير.. "
نظرت له " زين سويت.. "
فيمد لي بالعزم والقوة، وقمت معه، شعرت بثقتي بربي آزرت روحي
بعد أن كنت مكسورة جناح.. أمسك بمعصمي ثم جلست على الكرسي المتحرك..
إن من المستحيلات البشرية أن أشعر بجنين آخر...
وضعت يدي على بطني
وابتسم له ببريق عينيه " الله بيعوضنا يا الفياض.. قريب واكون أم... "
دمعت عينيه بوجع
" المهره حبيبتي يكفي يابعد طوايف أهلي كلهم.. "
نظرت له انثى مجروحة بداخلي " قول إن شاء الله... "
لأردف " إن شاء الله... "
اعلم يا قلبي بأن الصبر هو المفتاح الذي أفتتح بهِ جميع أمنياتي، وأستعيذ من شيطان قهري
" يـــا ربَّ: قل كُن فيكون.. يـا ربَّ صبرني... "
خرجت من ممرات المستشفى.. لا أرغب في رؤية الأشخاص.. أحتاج إلى عزلة تُعيدني إلى الحياة مرة أخرى كل ما أريده بيتي.. ووحدتي..
سأعود قوية لكن أحتاج إلى وقت طويل لأنسى ما حدث..
" هل يعقل تنظيفِ للمنزل أثر علي وخلاني اجهض.. معقولة والا حكي أم عواد مأكل قلبي وأثر فيني كثير... معقولة وصلتِ لهالمرحلة يا مهيــــر... وين الي تقوي عزومها.. وينها.. وراه ضعفتي كذا ... يـا ربَّ.. "
وفي داخلي أشكر الله على وجود الفياض بقربي، وعلى عمر...
" يا حبيب عمتك والله يا عمر.. توك راجع من سفرة، وكدرتك يا عمتك الي اتعبتك كثير.. سامحيني يا مهياف.. سامحيني يا أغلى رفيق بدربي.. "
وصلت للسيارة وبمساعدة أبو محمد جلست على المقعد.. الكلام الذي تمنيت أن أقوله..
" الفيـــاض في مجال نغادر الإحساء... "
نظر لي وبحب.. " عيوني لك.. بس في مجال عقب ما ترتاحين.. لازم لك راحة يابعد الفياض وعمره.. "
بصوتي الـمُتعبٌ " أنا بخير حمد لله ... بس ما ودي اقابل أحد.."
الفياض وهو يشير على أنفه " على هالخشم.. كم مهره عندي أنا.. "
ابتسم له " ما قصرت حبيبي.. فيني نوم... "
الفياض بهدوء وبداخله نار تحرقه
" نامي يا روحي معنا وقت على ما نوصل مع زحمة.. "
أغلقت عيناي وذهبت في نومة ثقيلة...
***
حينما رأيتها ضعيفة، كسرني ذلك، وفكرة تدور في بالي
" أم عواد وش عندها في مهره.. يكون الي في بالي صحيح... اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. "
***
في ذلك المقهى..
أنا والقهوة وصديقي رائد، محور حديثنا
" بعدك تنبش يا رائد.. ربك مكتوب يموت في يوم من الأيام.. حكيك كله هذا ماله أي قيمة.. محتاج منك دعائك.. وصدقة غير كذا ما يفيد وأنا أخوك.."
رائد بضيق " حلفت بجيب حق أخوي.. تصدق يا الغيث طلع لي أخو ينقال له الفياض ولا خوي الفارس روح بروح... "
ابتسمت له " الفياض الغانم.. تحكي صدق.. "
رائد " أي والله وانا صادق.. ربي عوض ابوي وامي بفقد الفارس.. "
" سبحان الله.. "
***
حنجرتي تتوقف عن الكلام.. عينيك كان الكلام أعمق من الصمت يا حنين.. فكيف بابتسامة الفرح عندما رأيتها تشرق بعينيك، والتقيت بها كموعد أعجوبة .. جالسة في ساحة، وضياء التي تقدم لي طبق الكيك
" والله اشتقنا لك.. إلا يا زين كيفك مع المدرسة.. "
ابتسمت، والدتي التي انتهت من جدايل شعرها...
" على طاري المدرسة.. ابي سجلهم هنا.. هي والعز.. "
أبو الغيث " ما عليك يا أبوك بجي الغيث ويأخذ أوراقهم.. إلا يا أبوي وينه ضاحي! وراه ما جاء معك..."
اجبت بهدوء " انفصلنا يا أبوي .. كلن راح بطريقه.. "
بضيق " ما عليه وأنا أبوك.. بروح ارتاح شوي .. لا جهز الغداء بلغوني.. "
ابتسمت له " أنا الي بصحيك.. روح اقيل يا نظر عيوني... "
***
ضياء بفضول " طيب هذا أبوي خرج .. احكي يا خيتك وش صار لك.. وليه كل هالقطاعة.. "
بحزن " شيء صار وانتهى أنت الي علميني ، كيف سلطان معك.. "
تنهدت وبتعب " من حال لـحال أردى.. وحملي من بعد علاج أم هادي الله يسعدها وين ما تروح... وهذاني قدامك وسيف هذا هو نايم.. "
بحب وأنا احضنه " الله يحفظه لك... حنين فين رحتيِ؟! "
حنين " معك.. الحين كلام الغيث صدق بيأخذ زهرة خلاص معزم.. "
أم الغيث " والله زهرة بنت فاتن وحفيدة منيرة.. ما راح تبعد عن أمها بشيء... وأبي أفرح بولدي... أبوك ينتظر جية أخوك سالم... "
وباستنكار " ليه سالم وينه!.. ما بعده جاء معقولة اختفى.. "
هديل أم الغيث " والله اختفى ولا من خبر... سلطان ولد عمك ما قصر حاول كذا مرة.. الله يرجعه سالم غانم... مابي شيء من هالدنيا، ومثل ما الله جابك لي بإذن الله بيجي... "
هيا أم عبد الله " ما هقيت وليدي يجي... لكن كل شيء وقدرة ربك... "
***
مرت الأيام، والحال كما هو...
صوت آذان الفجر الآن..
وصوت الأقدام المتثاقلة بالنعاس تجر خطواتها بنفس الشارع الذي حمل أقدامك وعكازك، صوت تلبية النداء والتكبير
حي على الصلاة
المسجد القريب من منزل والدي...
بعد أن دخلت، وانتهت الصلاة، لأجد في أول الصفوف
عيني التي التقت بعينه..
أبو الغيث " ســــــــــالم.. "
اقترب مني، وضمني لحضنه
" أي والله أنت سالم.. يا أبوي ما تغيرت، وين كنت ومع مين ؟ وش الي بعدك كل هالسنين؟
كم تصبح الأعذار ليست مقنعة بعد الغياب طويل، أم القلوب فسرعان ما تنسى إذا شاءت ...
لأجيبه " هدي انفداك.. أنا طيب، وبحكي لك كل شيء.. بس عقب ما أشوف أمي هيا وأمي هديل..."
يتهلل وجهه بفرح " ما لك إلا تبيه.. قم يا أبوي.. "
بعد أن أوقفت سيارتي على الرصيف مقابل منزلك، توجهنا نحو المنزل، أنا وخطواتي ودقات قلبي.. كنت أسير وأنظر للهفتك ، وأنا افتح الباب
أبحث عنك، كل شيء مصبوغ باللون الاشتياق
تناهى إلى سمعي صوت أعرفه جيداً، رأيت طيف امرأة في فستان أبيض.. تلك التي تشبه والدتي تماما.. تبتسم لي بحزن ووجع
" ســــــــــــــــــالم.. أخوي.. "
لحظات اهتزت روحي لذلك العطر الذي احتل المكان..
عطرك يا يُمه.. رائحتك..
" ترى الكادر هو الي وصلني هنا... الف حمد لله على سلامتك.. "
نظرة إلي بصدمة
" انت هو صحيح يا الكادر.. أنت سالم... كنت تعرف بكل شيء.. كل شيء.. صوتك ما غاب اللحظة عن بالي"
وأنا ابتسم له " شيخة اسمعيني.. مابي احد يعرف ... "
وبصدمة " شلون كذا.. تعرف كم سنة غبت عنهم.. عشر سنين يا سالم، وأنت غايب حاضر شلون؟؟؟! "
ابتسمت لها وأنا احضنها، وبهمس " اششش.. شيخه العلم الي صار بيني وبينك... مابي احد يعرف عقب احكي لك بكل شيء.. اتفقنا.. "
ابتعدت عني بعدم تصديق، لأقبل القلب والعين...
والدتي هيا أم عبدالله " والله انه هو... سالم يا أمك... "
ركضت لها وأنا أضمها " يا فديتك يا عيون سالم والله.. ولهت عليك يمُه.. ما غبت إلا لشيء كايد... "
بكت.. " أفا والله تبكين علي وأنا حي... يمُه هديل ..."
جلست بقربهم، وضحكة التي لا تفارق محايهم.. وشيخة التي تنظر لي بنظرات غريبة مستنكرة...
حنين " وش فيه؟ وش صاير!......"
لينقطع حديثها عندما رأيتني
" منهو هذا!!! .. في رجال ولا احد تحمم... "
شيخة بضيق " تعالي يا حنين هذا أخوي سالم.. مهو غريب صحيح.. "
نظرة لي بحدة " حنين.. أنا لي اخت صغيرة.. يا هلا يا مرحبا... "
حنين بفرحة " قول والله انك سالم... ابد ما تشبه لنا.. ملامحك ما فيها لا من أمُي هيا، ولا من أبوي.. مين تشبه له.. "
ضحكت بخفة " فريد من نوعي... إلا يمُه بغيت اسألك.."
هيا أم عبدالله " اسأل يا أبوي أنت جعلني ما أشوفك الا مبسوط ومرتاح، وراه غبت يا وليدي... "
أجبت بغموض " أبد والله مشاغل دنيا يا الغالية.. الحين أبي استأذن لازم ارجع لشغلي.. ما اقدر أطول .. تأمروني على شيء... "
أمسكت يديني " لا والله ما تروح.. ما بعد شبعت منك.. اجلس هنا وكمل شغلك حولنا وراه تغيب... "
قبلت يدينها ورأسها " ابشري بالعوض.. بعوضك بكل سنين الي مضت.. بس أنتِ ادعي لي يا بعد كل دنيتي... "
ابتعدت بهدوء.. لتوقفني...
شيخة " ســــــــــــالم! انتظر.. "
لألتفت لها ، نظرة هالحزن كسرتني " شيخة يا أم العز.. ترى مو وقته الحكي... انتبهي على نفسك.. "
شيخة " يعني حتى ضاحي مخدوع فيك يا سالم.. كنت عارف بمكاني وبعدي عن اهلي وساكت.. ليه يا أخوي.. لـيه..؟ "
ابتسمت لها " شيخة قلت لك احكي لك عقب كل شيء بتعرفينه، بس اها خليك واثقة من اخيك… يلا اسلم عليك.. "
تنهدت " على هواك يا سالم.. بس انتبه على نفسك زين ما زين… "
ابتسمت لها " لا توصين حريص "
***
الرياض
تحديداً في غرفة غفران
لأجلس على طرف سرير، وأمسك يدين والدتي..
" يُمه يا عيوني هذا ثاني مره اجيب لك الأكل، ولا تأكلين منه، يهون عليك تخليني كذا…! "
ام غسان " مالي نفس يا بنيتي… ابي اخرج من هالمكان… لي فترة طويلة ما زرت اهلي… اي يا غفران لك اهل واصل يا بنيتي… "
بقلب الفاجعة " وش قصدك يُمه… مو حكيك انك مالك أهل ومقطوعة من شجرة… ! "
بحزن على حالها ووضعها " ادري يُمه… الله يسامحني على الي سويته في اخوي.. لك خال يا غفران ولك خالات.. الكبر والطمع عمى عيوني، الله يسامحني …. اخذت جزاي بدنيا قبل الاخرة… قومي معي ابيك تأخذني لمهم … ابي استسمح من اخوي قبل ما الله يأخذ امانته… "
بصدمة " يمُه… اعرف ابوي ماله اخوان وانتِ بعد مالك اهل وانك عرفتي ابوي عن طريق الخطابة والله كتب بينكم النصيب مو هذا كلامك يُمه، وشووله تقولين كذا!!! "
ام غسان " ما قصر خالك عطاني هالقطعة الأرض وانحرق البيت ، واخوك مات غسان وليدي مات، ومابقى لي إلا انتِ.."
بقهر " وابوي كان يعرف وساكت.. "
ام غسان " ابوك ما قصر يا ما حاول فيني لكن الله يسامحني، كنت عنيد وعيني على حلال أبوي النخل و المحطة …. وهالأحلام الي تجيني اخر فترة متعبتني يا بنيتي دقي على أبوك… ابي ارتاح من هالعذاب الي انا فيه.. "
نظرت لها وعيني وسمعي يأبى التصديق…
الرعشة والارتباك في صوتك يا أمُي.. كسنين عجاف.. نبضات قلبي
فتحت عيني لثوان لأتأكد بأني استمع جيداً لكِ، والكلمات التي تدور في رأسي الآن...
***
في اليوم التالي…
سمعت صوت الجرس ، ورنين متواصل…
" عوذه، اصبر جايك وش هالعجلة!!!! "
نهضت وأستند على العكاز ، وبخطوات لأفتح الباب وأجد أمرأة بحجابها جالسة على كرسي متحرك، واقفة بجانبها فتاة..
تلك من أصعب اللحظات على المرء هي تلك التي تعجز فيها الحروف عن وصف ما بداخلي من مشاعر
وبعقدة حاجبي أردفت" مين انتِ يا مره؟! "
بحزن " إلهام يا الغازي… وهذه بنتي غفران ان كان ودك تعرف.. "
***
سقط عكازه ، حاول أن يتماسك…
ليأتي مباشرة ابو غسان ويسنده
ظافر " بسم الله عليك يا الغازي … اهدأ… "
وبوجع محمل بصوت متعب
الغازي "وش جابك يا إلهام… لا يكون ودك بعد بقطعة الارض والمحطة … "
دمعت عيني " جيت أستسمح منك يا اخوي… "
الغازي بغضب " مالك عندي شيء ، وانت خذ زوجتك وبنتك والله يستر عليكم… "
لأبكي بوجع " طلبتك يا اخوي تسامحني …. والله ان ربي اخذ حقك مني …. سامحني …. "
الغازي " والله ثم والله … وصية ابوي على رقبتي ليوم الدين، وان كان تبين السماح .. فـ اطلبيه من ربك.. مهو مني.. "
بصوت الغصة " يا أخوي .. انا الي اطلبك منك ومنحرجة .. تسامحني.. ترى والله فاقدتك من غير شر وندمانه قد شعر رأسي.. وهذاني لا حول ولا قوة.. "
ابتسم ابو غسان وهو يمسح دمعته
" ترى جايين نطلب منك السماح يا الغازي ، ولا يهون علي أشوفكم بهالحال أنت واختك… سنين الي راحت مضت ، واحنا عيال اليوم…. "
***
دخلت لأجلس على اقرب أريكة… وبحزن عظيم…
" حياك يا ابو غسان …. من يومك أصيل… وتعرف الأصول.. "
***
في مصر
بتعب غدير أم النايف" ها يا غازي وش قال لك دكتور .. "
ابتسم " حمدلله ابشرك يُمه العملية نجحت … بس لزوم ترحيين كم يوم عقب ننزل للرياض .. "
غدير ام النايف " الله يبشرك بالخير… شفتي يمه حمدلله … ربي طمنا عليك… "
بوجع " انا قلبي مأكلني على مهير.. قلبي يوجعنن … دقي على اختك ذا الحزة ابي اسمع صوتها… اجل المهرة اروح لمصر وبرجع وهي تلفون ما دقت علي ولا حتى ودعتني … قلبي يقول بنيتي فيها شيء….! دقي عليها هالحين …. "
غازي " يُمه بسم الله عليك .. تعرفين مهير ما يحتاج نقول لك انها تعبانه من حملها… "
غدير التي تنظر لغازي...
" وره تتنغزون بالكلام… وانت يا ابو عمر دق الحين على المهرة… "
غازي " امري لله… "
***
في غرفة مظلمة ، واقفة أتأمل قطرات المطر…
لاسمع رنين الهاتف
حتى أجمع صوتي،
" غازي… وش صار لا يكون امي فيها شيء … بسم الله ان شاء الله خير .. ان شاء الله خير .. "
بقلق أجيب " أبو عمر .. امي طيبه طمني عليها "
غازي بارتياح " اي المزن طيبه حمد لله .. وتستاهلين سلامتها دكتور تو طمني عليها وصحتها زي الفل …."
لأبكي " تقول الصدق … "
غازي " والله اني صادق هذا هي يمي تبي تكلمك.."
***
" يمُه انتِ يا المهرة طيبه ، وكيف عسى حملك مهو مثقل عليك… "
بوجع وانا ابتسم " حمد لله على كل حال … انا طيبه يا روح المهرة… متى جايين الرياض؟ … "
ام غازي وقلبها المقروص " مهو صوتكِ هذا… وراه تقل ضايقه صدرك، لا تكتمين يا المهرة انا أعرفك زين يا أمك… الفياض مكدرك علميني يا امي انتِ.."
***
بداخلي يثرثر لك"يا وجع قلبي يا امي …."
وبحب لصوتها " حمد لله حمد لله… انا طيبه يا بعدي … يلا شدي حيلك يا روحي عشان افرح فيك واسوي ذاك العشاء وارقص على سلامتك… "
بفطنة " ترقصين علي… من متى ترقصين انتِ… هو انتِ المهرة متأكدة اكلم بنيتي …."
"بكيت بداخلي والله وبالله لم اعد اقوى… كتمت صحيتي واعض على يدي، تكفين يُمه صوتك هو الوحيد الي يصبرني... يا ربَّ عليك تكلان... "
بحب ابتسم لها " يُمه يا بعدي انا طيبه…. يلا يُمه ما اقدر اطول فيني نوم …. "
ام غازي " تتهربين من أمك.. زين على هواك يا بنت بطني.."
وبتنهيدة" يلا حبيبتي انتبهي على نفسك… ابو عمر وام نايف لا أوصيكم على روحي…. "
ابتسم غازي " ما عليها خوف ان شاء الله… انتبهي على نفسك …"
لأردف بتعب " استودعتكم الله… "
***
" ادري انك حاسه يُمه ومستنكرة غيابي .. سامحيني يُمه كان ودي انا الي اباشر بعلاجك سامحيني يا روحي… يا ربَّ يا ربَّ تخفف عني هالحزن …"
***
وضع يده على كتفي ثم أخذ نفساً عميقا ويردف
" حبيبتي ما ودك تأكلين .. الاكل له يومين على حاله… "
نظرت فيه بتعب" مالي نفس … الا بسألك ولدك محمد وينه؟! ما اشوفه ابد.. "
الفياض " محمد خذيته لأمه بجلس حول الاسبوعين وعقبها يجيني هنا.. "
بصدمة " يعني وش هو عند امه الحين!! ، وشوله ميمتك تقول ان طليقتك تبكبك!! تقول تبي محمد عندها وانه طالبه منك زيجة!! … "
اتسعت عينيه وبغضب " وش تحكين انتِ، وش هالعلم؟! دقيقة لا يكون الي في بالي صحيح!! "
نظرت له بألم " وش الي يطري على بالك! "
بحدة " المهرة أم عواد أوجعتك بالحكي … طحيتك غريبة وانا تارك صبح وانتي طيبه وعافية… "
بلعت ريقي بوجع " مع الأسف كلامها أثر فيني ، مهرتك ما عادت قوية، يا ليتني ما سمحت دخولها لبيتي …. "
ابتعد بوجع " شوفي يا المهرة أكل وبتأكلين… لا تعاندين على حساب صحتك… ، بكلم أمي تجي يمك…. واذا جيت وسمعت انك ما أكلتي ساعتها ما راح يعجبك زعلي …"
قبل جبيني وبهمس " اذا مو عشان خاطري… عشان صحتك يا المهرة… "
بوجع " مالي نفس لا تـجـبرني يا ابو محمد .."
***
نهاية الجزء الحادي والعشرون من الفصل الخامس والأخير… ملتقانا بإذن الله الخميس القادم…
همسة محبة/ " لن تأخذ معك إلا عملك، ولن تترك إلا أخلاقك وسمعتك، فاحرص على حُسن العمل والخُلق.”
عمر الغياب / عَـبَـير
|