كاتب الموضوع :
عمر الغياب
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: أزهرت بهطولك
(19)
***
" حدقة تتسع بالذكريات "
***
كل زاوية أنظر إليها ، أسمع صوت ضحكتك الشجية .. وعدتها بأن أجدك يا " شيخة أخوك، وينك ؟! والله طال غيابك بالحيل .. "
صورتك المعلقة على جدار غرفتك ، ما بين عينيكِ ضحكة وخجل
في لحظة رأيت صورتك تتشكل أمامي على هيئة امرأة
اناديها باسمك ، وتردين
" هذا عُمري يا أخوي.. هذا بقايا شيخة .. "
بأنفاس متقطعة تهمسين بينك وبين نفسك ، كأنكِ تسردين قصتك
يدك الممدودة في الهواء ، أغمضت عيني فجأة ، أردت الأحلام أن تتوقف الآن
لكن صوت الحقيقة ، و تتضح الرؤية
***
قبلها بثلاث ساعات ..
أخذت الرسالة الموضوعة فوق المنضدة ، فتحتها وقرأتها ، ترتجف وأطمئن، تطمئن وترتجف، أضحك وتبكي الكلمات..
نهاية الكلام..
" لا ألومك يا ثريا ، أنتِ حرة الآن ، بل ألوم نفسي التي طعنتني في جبني ، أنتِ حرة يا ابنة العم.. أعلم بأن السنين مرت وتركتك وحيدة دون اهلك .. أدرك الآن الندم ، قبل رجوعي إليك ، أرجوك اهربي .. فـ أنت في السلام ، لكن لي أمل طفيف ولو القليل أن تذكري أبنائي بحسن الأب.. أعلم بأن قلبك
كبير.. فـلتغفري لي..
من زوجك : ضاحي أبو العز "
تأملت الباب المغلق، الحياة ساعة في يدي وأخرى تراني الآن ، أهذي بكلمة
" أنتِ حرة .. حرة يا شيخة .. "
بكيت بحرارة ، أحدق نحو الباب غرفتي بدمعة وشيكة.. انصرفت نحو ابنائي
واصرخ برجفة
" العز.. يُمه حبيبي يلا جهز شنطتك.. بنرجع عند ميمتي .. "
بعقدة حاجبيه أجاب " يُمه. بسم الله عليك ، وش فيك كذا وجهك مخنوق "
ضحكت " ما فيني إلا العافية، يلا وكلم الزين خليها تجهز.. يلا يمه لا تتأخر.. "
حينها لممتك لحضني ، يرن في أذني عويل لا ينقطع ، موصولة بذكرى بعيدة
تسري الرعشة ، موقظة بصورتك
" الغيث.. ضمني يا أخوي، ضم الفقد اللي فيني ، لمم جراحي يا أخوي، ترى شيخة بالحيل تعبت، هدني تعب يا أخوي.. والله العظيم هدني.. "
بدأ وهو يغمض عينيه ، كأنه يجرب أن يحيا من جديد
" شيخة، صدق أنتِ شيخة.. "
بكيت " أي والله شيخة بنت أبوك.. "
تنظر إلي ، وتلتفت بجانبي لترى طفلين ..
الغيث " من هُم ! يا شيخة.. "
ليتقدم العز، وبصوت البحة
" سلام عليكم يا خالي الغيث.. أنا العز شيخة.. "
ضحك وبمحبة وهو يحضنه " وعليكم السلام، ونعم والله.. حياكم الله.. خلني ابشر أمُي.. "
وأخذت يدي ووضعتها بين يديك
" مابي افجعها.. بلغها بشويش.. أخاف عليها والله.. "
ضحك الغيث " إلا والله يا هناها وسعدها بشوفتك.. تعالي.. "
تطول نظرتي، تطول وأجدها
جالسة على كرسي الخشبي العتيق، وبيدها قماش والأخرى الإبرة..
اقترب منها الغيث وابتسم ليطبع قبلة حنونة
" يُمه البشارة.. "
رفعت رأسها وبمحبة " الله يبشرك بالخير.. وش هي يا وليدي.. عسى لقيت شيخة اختك .. "
ابتسم بمحبة " قلبك كان حاس يابعد حي.. هذا هي واقفة قبالك.. اقربي يا شيخة الحيا.. "
كانت الدهشة والبُكاء قد غلبت على التجاعيد ، وصوتها يكاد يخرج من حنجرتها..
" شيخه.. بنيتي شيخة.. "
ركضت بلهفة وجئتك .. واقبل رأسها.. عينيها التي التمعت بفرح، يديها.. حتى وصلت لقدميها..
" يُمَــــــــــــــــــــــــــــه.. اشتقت لك حيل يُمَـــه.. "
أمسكت يدي وهي تنظر إلى عيني..
" يا قلب أمك.. تو ما ردت روحي.. أنتِ طيبة يا عيونتي عليك.. وراه كذا نحافنه "
بكيت وانا اقبل يدينها " والله العظيم اني طيبه.. طاب حالي بشوفتك يُمَـه .. أنتِ اللي بشريني عنك..
كيف صحتكِ ؟ تأكلين زين يُمَه.. دواك تأخذينه... "
وثرثرة طويلة...
كنت أنظر إليهم وقلبي ينفطر على حالهم.. ابتسمت
" ببشر ابوي... "
***
ظل القمر معتلياً سماء تلك الليلة.. وساعة بعد ساعة كان يدنو من أحد جانبي الأرض مبتعداً
عن الآخر إلى أن غاب وأشرقت الشمس الصفراء...
ما كادت تشرق إلا وأستيقظ الفياض ، هذا الغثيان ليس مرضاً وإنما جواب على شدة ما آل إليه حالي، أرخي جفوني
وكأنني أغلق ورائي الباب..
بمحبة " نامـي دامك صليتِ.. نامي جعلني فداك.. "
ابتسمت له بكسل " ما اقدر افتح عيوني.. فياض استسمح لي من خالتي.. على أساس افطر معها هي ومميتي المزن.. "
الفياض يميل إلي ليقبل العينين ، والوجنتين وبابتسامة
" من عيوني... ارتاحي.. برجع متأخر اليوم ، انتبهي على نفسك.. "
واهمس له بهدوء " أبو محمد.. شكراً حبيبي.. "
ليحضنني وبمحبة وهو يضع أنامله فوق ليلي طويل..
" على شنو تشكريني..! "
ابتسمت له " على صبرك لي.. يلا حبيبي ما أعطلك على دوامك.. "
الفياض بخبث " واللي يقول لك ماهو مدوام... بعدني ما شبعت منك.. "
قهقهت وهو يتأملني بحب
" حبيبي والله اذا رجعت بحكي لك لين تمل.. الحين طابور من المرضى ينتظرونك يهون عليك تخليهم.. "
الفياض " لا والله ما يهون علي.. لكن لي جلسة معك مطولة.. ترى بعدني ما شبعت منك هالفنعوص بدأ يشاركني فيك من الحين...! "
تثاقلت جفوني وأهمس " أحـبك.. استودعتك الله.. "
الفياض " نامي.. استودعتكم الله التي لا تضيع ودائعه.. "
***
أغلقت الباب من خلفي.. ومشيت متجه لميمتي سحابة لأجدهم في ساحة المنزل.. في جو هادئ
" سلام عليكم... "
قبلت رأسها ويديها، ومن ثم قبلت عمتي المزن لأرى لهفتها.. وشوقها المفضوح بين عينيها
ابتسم " المهره تعرفون نوم الحمال.. "
سحابة " أي بالله.. نومه متعبة الله يهونها عليها.. ما عليه ابوي هي.. خلها ترتاح.. اقرب وأنا أمك.. "
ميمتي المزن تجيب " كأنها تأخذ من حملي الكثير...... تعال افطر معنا.. "
وأنا أشرب كوب من الشاي على عجالة
" والله بالحيل مستعجل... هالله الله في نفسكم.. اسلم عليكم.."
لتدمع عيني سحابه " عسى عينه ما تبكيه.. كأنه الفارس يا المزن... عسى الله يرحمه .."
المزن " هونيها وتهون وأنا أختك، وحمد لله الله عوضك بأخيه الفياض... "
سحابه " أي والله يستاهل الحمد.. "
***
الرياض
"صبحك الله بالخير يا ميمتي.. "
" صبحك بالرضا الرحمن.. "
أم عواد " تدق عليه الحين، ولهت على شوفة ضناي.. الأم ماهي اللي تلد الأم هي اللي تربي.. قليل الخاتمة نسى ميمته من شاف مهرته.. "
وأنا أهدأ من روعتها وفجعتها " يا ميمتي تكفين للمرة ثانية الضغط يرتفع عليك.. والله بجيبه لك بس هدي انفداك.. "
أم عواد بحزن " لحق ينسى ميمته.. الله أكبر على هالدنيا الله أكبر.. دق عليه ابي اكلمه.."
بنظرة يأس.. اتصلت على الفياض.. ورنين متواصل..
***
على الجانب الآخر
" حي الله أبو حميد.. "
ام عواد " الله لا يبقيك يا أبو محمد، هو انت عاجزان تدق على ميمتك، ولا الهوى غلاب يا ولد أمك.. "
هذا الحزنُ الذي مارس فوق كتفي الآن، وجعلني تائه غاضب
" وش بغيتي يا أم عواد.. "
لتجيب بنبرة محملة من الغضب الكثير
" الحين صرت أم عواد! ما عليه.. متى ودك نشوف زولك... "
بتنهيدة
" اللي يتستر ويمشي كلامه فوق رجال، وش ينقال له...! "
" بعدني مامت يا ولد منى.. "
بهدوء..
" لك طولة العمر.. يلا فمان الله.. "
***
" سكر تلفون بوجهي وأنا أم عواد.. ما عاد به حيا... الحين تأخذني له.. الحين يا عاطف.. توحي الهرج أنت وإلا.. لا.. قم الله لا يبارك بعدوينك.. "
عاطف " يا ميمتي وين أخذك.. تعرفين الفياض أكثر مني .. لا زعل وزعله اقشر.. "
بغضب وهي تضرب بعكازها على يديني
" زعله اقشر على نفسه ، مهوب علي انا، هو وراه ما توحي الهرج قم جهز سيارتك، دام أمك نايمه... قم يا ولد.... "
بهدوء
" وش اللي أمي نايمه.. بس ما يمنع انها تصحى بأي وقت.. "
بغضب
" أعرف أمك اذا صحت العشاء زين... يلا لا تبطي... "
" أمري لله.. "
***
بعد أن غادرت أراضي الرياض، وصلت للإحساء، وتلك التي بجانبي تشتعل نار..
وفي داخلي " الله يستر من غضبك يا ميمتي .."
ظليت أنظر للطريق بصمت .. ثم التفت لها
" يا بعدي خليني على الأقل اكلم الفياض يعلمني عن عنوان بيته.. "
لتردف بغضب " هو يا عاطف لا يدري انه هنا.. "
وبتنهيدة " أي زين ليه؟ وش اسبابك.. "
" مابه عذاريب.. عجل وأنا ميمتك.. شف أي واحد يدل البيت.. ماهو مشهورين نار على علم بسبب المرحوم الفارس.. "
ضحكت " والله أنك فطينة ... أجل ابي اسأل ... "
ومع الأسف.. لم أصل إلى عنوان البيت..
لأتصل على الفياض والذي يجيب سريعاً
" أي عاطف وش بغيت؟ ... "
وبصبر " ابي عنوان بيتك.. مستقبلاً كذا، إذا زرتك.. "
ابتسم " ثواني ويوصل لك الموقع.. في شيء ثاني.. "
ابتسمت له " ادري ابثرتك.. يلا ما اشغلك.. "
***
الرياض
لا أستطيع نسيانك ، لا أستطيع حتى ولو حاولت ، لأنني أحببتك أكثر من نفسي، قول لي أيها الغريب هل تعود لي؟ تمر الأيام وبعد مرور السنة وأسبوعان أجد رسالة من أختك... سمعت فيها صوت أختك في زفاف المهرة ابنة خالي الغازي.. خال أبي أتذكر كلامها جيداً..
تقترب مني لتصافحني..
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. "
لأمد يدي وأصافحها
" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. "
ابتسمت لي بمحبة
وتردف " مهو أنتِ زهرة بنت رعد.. "
وأقول بخجل " أي أنا زهرة.. بس ممكن أعرف مين أنتِ.. "
لتبتسم " أنا بنت جارتكم، وأخت الغيث.. اسمي ضياء.. "
جاءت كل تلك الأفكار برأسي وأنا ممسكة بيدكِ، ابتسمت لكِ
" هلا بك.. "
وبهمس عند إذني
" ترى كثير الغيث يحكي عنك.. ويبي يطلب يدينك.. "
بين المعازيم لمحتها... وأناديها
" زهـــــرة.. زهورة... "
لأراها تقترب مني وتضمني لحضنها
" اشتقت لك كثير.. كيفك.. "
بخجل " مرحبا بك ليلى.. أنا بخير أنتِ كيف حالك؟ "
ليلى " بخير دامك بخير حبيبتي... ضياء مو صح "
ابتسمت " أي ضياء.. بس من تكوني..؟ "
وتجيب " ليلى بنت فهد.. "
تتسع عينها " اهلين..تشرفنا.. "
ليلى" شرف لي حبيبتي.. عن إذنك ممكن زهورة شوي.. "
ضياء " أي تفضلي.. "
***
فتحت عيني وكنت مندهشة.. هل تعلم، علمت أسمك لم تعد غريب، بل الغيث.. اغثني يالله...
نظرت للغرفة، وأرى ظله، لألتفت وأرى هيئة والدِي..
" ابــوي.. "
الغيث بغضب... " اشششش.. لا أحد يسمعك.. قومي معي... وهذا عبايتك سريع... "
لأمسك يدي، وأنا أرتجف دون شعور مني
" طيب فين بتأخذني.. يعني ما أهون عليك صح.. "
وجهك كان متضايقاً جداً، لوهلة شككت أنه بالسبب بعدي عنك، ولكنني أحسست بأن الموضوع أكبر من هذا، موضوع سيزعجني أكثر من انزعاجك يا أبي..
وابتسم لأحاول أن أرقق قلبه " أبوي خلني هنا.. خالي الغازي ما احد حوله... لا جات خالتي المزن أنا بنفسي بجيك... "
وبسخرية " يا ما شاء الله عليك، وتجيني مع مين ، لا يكون مع طايرة وأنا مدري... يلا بلا قرقرة واجدة البسي عبايتك واخلصي علي... "
تنهدت بحزن لأودع غرفة المهرة التي احتضنتني... بدمعة حزينة.. "
***
جرحك ليس بالهين يا النايف، وما تصرفك بالسهل...
بعض الملابس الملقاة بغضب، رائحة العطر المنتشرة في الغرفة..
" يا ليتني ما عرفتك ولا حبيتني... "
***
ما الوجع يا وهج إلا أنني أحبك وأوهم نفسي بأنكِ تحبينني ، لآخفي جراحي..
وبعذاب " يابنت الناس قلت لك لا رجعت لك ما يصير طيب.. قلت لك هالحكي وإلا لا... "
نظرت إلي عبر انعكاسي بالمرآة وضحكتِ بتعب
" أنت عمرك ما تحس بأي شيء.. أنت أصلا ما أنت لي.. ميت من وعمرك صغير... من تصرفاتك كرهتك... حاولت وحاولت أني أحبك.. بس يا للأسف دوم تسقيني يا النايف جروح لا أول ولا لها تالي.. "
احتويني يا وهج.. دعيني أعيش هذا الأيام معك بسلام، لا تضايقني بمزاجاتك المتقلبة ، لا تقتليني وأنا على قيد الحياة، دعيني أشعر بأنك حبيبة النايف...
فالنايف يستحق وقتكِ، واهتمامكِ، أستحق أشياءً لا يستحقها غيري..
اقتربت منها وأضغط على يدكِ
" ما عندك فكرة أخاف يجي اليوم اللي ما أشوفك في حياتي.. وقتها الموت صدق يكون أرحم لي.. من حياة ما أنتِ فيها.. "
بدمعة أقاومها من سقوط
" النــايف.. "
" يا كثر خيبتي وهقوتي فيك.. قلبك الطيب وش غير حنانه يا وهج؟ "
بكيت لم أبكي من قبل...
" يمكن قتلتي ظنوني فيك... طلقني يا ولد عمي... دامك شكيت فيني.. "
بغضب وعينيه الحمراء من الإرهاق وتعب
" يعني مرتي.. ماهي مرتي حقيقي... تخونني يا وهج.. تخونني أنا... ليه طيب... "
بكيت بحزن " صدق شلون أخونك ، إذا كنت أنا ما ادري وش اللي صار لي بالضبط.. ما أتذكر احد قرب مني... صح في تحرشات وانا صغيرة بس كنت.. كنت أدافع عن نفسي..."
وبحزن " والله العظيم.. والله ما عادني أتذكر شيء... هو كان .. كان في احد صغير أحد يتحرش فيني... بس اذكر.. اذكر اني دافعت عن نفسي.. النايف لا تغير نظرتك فيني.. أنا وهج مو تقول أنك تحبني.. شيء مو بيدي... "
وهو يقبض يديه بشدة بنبرة غاضبة، ويدفعني
" أنا خارج... "
ليغلق الباب بصوت مزعج ... بكيت، وبكيت حتى احتضنت وسادتي وغفوت...
***
فتحت عيني بتعب، وحاولت أن اسكب لي بعض الماء في الكأس، لأسمع صوت رنين الجرس...
" خير اللهم أجعله خير يارب... "
مشيت حافية ، نحو الباب المدخل شقة..
وأفتح الباب لأجدها واقفة أمامي مستندة بعكازها..
ابتسمت لها بدهشة
" خالتي أم عواد... اقلطي حي الله من جاني والله.. "
لأبتعد واسحب الباب وتدخل، متجهين نحو صالة المعيشة..
" اعذريني يا خالة اجهز القهوة.. "
لتجلس على الأريكة الفردية
" وشوله ... اجلسي أنا طقيت مشوار فيذا .. حكوة في صدري بقولها لك... "
ابتسمت لها..
" اسمح لي والله.. دقايق والقهوة تكون جاهزة عندك يا خالة... ماهي بحلوة بحقي والله... استأذن... "
وفي خاطرها " تسلم يمين من رباك... لكن وش سواة يا أم عواد، طاقة درب وما تبين تحكين... "
***
" واخزياه يا المهره.. تسذا تقابلينها أول مرة بقميص النوم... "
فتحت دولاب وأرتدي فستان بزهور ناعمة صغيرة باللون البحري الداكن، فتحت ليلي طويل لألمم الخصلتين وأضع دبوس الفراشة باللون تماوج البحر.. ارتديت حذاء باللون الكراميل.. وتعطرت على سريع، لأذهب للمطبخ وأجد دلة القهوة الموضوعة فوق طاولة
خمس دقائق كانت كفيلة بأن تكون ضيافة على أكمل وجه...
ابتسمت لها، وأنا أدفع عربة الضيافة...
واسكب لها فنجال القهوة...
" سمي يا خالتي... "
أخذت القهوة وهي تنظر ليِ بنظرات غاضبة
" سم الله عدوك.. ما قصرتي... "
لتشرب القهوة على عجالة..
وأنا صامتة باستغراب أنتظرك تكملين حديثكِ
" مابه عذرايب فيك.. لكن ولد عمك مهو الأولي اختلف علي... وأدري به المرة تغير رجال ياهو زين، والا شين... لكن هقوتي فيك طيبه يا بنت الأجاويد... أبيك تسامحيني... لأني خطيت بحقك وبحق سنين اللي مضت.. شلته بعين طفل ، وأدري به أن الجرح ما ندمل بينكم... لكن ان لي خاطر عندك... تخلينه يأخذ مرته الأولى أدري أنه مهو بحقك.. لكن هي دقت علي تبكبك، تقول يا خالة سامحيني، لكن والله مشتاقة لولدي، وعاد تعرفين البير وغطاه... "
لم يصدر مني أي رد.. فأكملتِ قائلة
" وانا قلت لها ما نبي خطوبة، زيجة عادية وتأخذ ولدها، ما أنتِ ملزومة تتحملين مسؤولية طفل، صحيح حكيي.. "
كنت صامتة، وصمتي كان حزناً على حالي...
مسكت لساني... وتردفين
" إذا تحبين الفياض وافقي.. وزني عليه.. ماهوب سامعني ذا الحزة.. "
ابتسمت، ودمعة مختنقة حارة في العيون، لم أستطع البكاء، ولم أستطع أن أتوسل العبرة أن تعتقني، كان تخقني يا الفياض، كان صوتها يساعد في اختناقي بهذه اللحظة...
ظليت أسترجع كل لحظة من لحظاتي معك هذا الليلة... مع انهيار تام بمشاعري
وأحدق بابتسامة لها...
" يا خالة مانيب المهرة الأولية... اللي قدامك تجرعت الجراح والمر.. أنا أعتبر كل الحكي اللي قلتيه ما سمعته من الأساس... ولك حق ضيافة ثلاث أيام.. نوريتني.. بكلم خالتي سحابه وأمي المزن يستقبلونك تحت.. "
***
أمسكت بعبايتي... وفتحت الباب..
" حياكِ الله يا خالتي في فيلا خالتي سحابة... "
****
جلست أمام منيع وملامحه غلب عليها التعب..
" ها بتقول شيء، والا اخرج.. وارجع لك بعد كم شهر... "
صمت تام منه...
بتنهيدة
" ترى ما احد تعبان إلا أنت.. فـ اختصر الوقت.. والا ودك السنة ثانية تتعفن هنا.. "
ضحك بتعب اهلكه..
" مالك شغل فيني.. فك قيدي ترى ما أنت لاحق على شيء، ولا راح احكي لك شيء من الأساس... بس قول لي وش رأيك وأنا أخذ منك ميهاف الحلوة منك..."
لأشد شعره
" اسم زوجتي ما تنطقه لسانك القذرة، تفهم والا لا... "
منيع " عندي شرط ، واحكي لك كل الي يخطر على بالك... "
***
ممسكة بالهاتف وابتسم...
" قلت لك مابي حكي الصفوف.. أنا أبيها صدق... "
ضحكت بصوت عالِ
ريما" لا هو بصراحة في تطورات يا ديم.. أجل سعود جاب رأسك والله... "
تنهدت
" ما علينا.. ودي اروح اطل علي أمي عواطف.. اشتقت لها... "
ريما " أي بالله.. أجل بدق عليها... وإذا وافقت بلغتك.. "
ابتسمت " تمام.. يلا اقفلي الخط... وراي غسيل ملابس... ابي انتهي منه.."
أغلقت الهاتف.. لأجد سعود يغرق بعطره، ويرتدي الكبك..
" ها حبيبتي.. تبين شيء قبل ما أمشي.. تعرفين عرس خوي ولازم أوقف معه من بدري.."
اقتربت منه لأقبل خده..
" دقيقة بجيب شيء.. "
اخذت المبخرة ، وضعت كسرة العود الكمبودي.. من ثم مشيت نحوه لأبخره
" بسم الله على زوجي مملوح بالحيل والله.. أعيذك بالكلمات الله التامات من شر ما خلق.. قريت المعوذات حبيبي.. "
قبلني، وهو مبتسم
" يا جعل عيني ما تبكيك.. وش الاهتمام كله.. أمي داعية بليلة قدر.."
غرقت بالضحك
" إذا سعودي حبيبي، وأبو عيالي ما اهتم فيه.. اهتم بمنو "
سعود " الله لا يحرمني.. انتبهي على نفسك.. "
ابتسمت بحُب " من عيوني.. "
***
على الجانب الآخر...
" ياسر حبيبي يلا قوم.. مو تقول وراك عرس خويك.. قوم... "
ياسر بتعب " والله منهد حيلي من داوم.. ممكن تجهزين لي ثوبي وبشتي.. "
بنبرة ذات دلالٍ " ومن هو قال لك أنه ما هو جاهز.. حتى شاور جهزته لك.. "
ياسر " جعل يدينك ما تمسها النار.. يلا حبيبتي بقوم... الود ودي اجلس هنا واقابلك.. "
بملل " ياســــــــر حبي يلا هذا ولد عمتي غدير.. سعود يدق لك... "
أمسك الهاتف وهو يضحك يمتص ثورة غضبه
" عطني 5 دقائق وأكون عندك.. اكيد يا سعود.. ما عليه سامحني والله بس دوام يهد بالحيل... يلا سلام.."
***
نهاية البارت التاسع عشر.. ملتقانا بإذن الله الخميس القادم...
في أحداث نارية وتمهيد للأسرار المدفونة...
***
همسة محبة/ " أخبر قلبك أن في التأخير حكمة وتدبير .. "
***
عمر الغياب / عَـبَـير
|