المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
فلسفة بحر
من نزف خواطري ..
بسم الله نبدأ:
غريق !
في أعماق المحيط..،
كان هناك رجل يغرق ..،
كان من البجاحة وحب الحياة أن يصارع البحر !
أكان يظن أنه سينتصر عليه؟
أم كان يظن أنه سيرحمه؟
ربما.. من يدري..!
كان يتخبط بيديه ورجليه علَّه يهزم البحر وينجو..
ولكن.. هيهات !
فتح فمه عندما لم يجد أي هواء.. انه يعلم ان من الغباء ان يفتح فمه في الماء،،
ولكنها محاولة من يتمسك بقشة !
فتح فمه محاولاً ايجاد أي ذرَّة أوكسجين ، ولكنه لم يوفق وظلَّت فقاعات من الماء الناتجة عن الغرغرة تتصاعد من فمه وصدره وهو ينظر لها يائساً بعينين غائمتين ، لربما لو لم يكن في الماء لرأينا بوضوح دمعةً سالت من عينه فتلقفها الماء بصدر رحب ، مدَّ يده كما لو كان يريد أن يتمسَّك بأيِّ شيءٍ ،
شعر بصدره يضيق أكثر فأكثر ، وكلما ضاق كلما زادت محاولاته اليائسة وتخبُّطات يديه ورجليه مثيرةً زوبعة من الفقاعات ،
هدأ صراعه بعد مدَّة من الوقت ، وكان آخر ما رآه بعينه النصف مغمضة هو زرقة البحر القاتلة ، كان البحر يشدِّد من خناقه كما لو كان له عدوًّا، مانعاً اياه ايَّ ذرَّة أوكسجين ، و..
خَارَت قِوَاه !
///////
إن البحر من أعظم جنود الله المجنَّدة خطراً ،
إن له قبضةً من حديد ، وابتسامة سوداء لا مرئية ،
إنه قبرٌ من القبور ، ولكنَّه.. أكبر القبور على الإطلاق !
فيه لفظ الآلاف آخرَ أنفاسهم ،
ولكنه من الجهة الأخرى.. رحِمُ الحياة !
كيف يَتَأَتَّى لشيء أن يكون قبراً شرساً وفي الوقت ذاته رحماً للحياة ؟!
تلك صنعة الله .. ومن أحسن من الله صنعة !
أنه ملاذٌ لجثث الأموات الغائبين.. وفي نفس الوقت ملاذٌ للأنفاس الأولى!
أَلَم تعلموا أنَّ الشمس تستعير من البحر ماءه فتبخِّره ثم يعود بعدها ماءاً ويسقي الارض والزرع والحيوانات والبشر فتبدأ دورة من دورات الحياة !
إذاً فهو حياة !
ألم تروا أنه يحصد يوميًّا آلاف ــ إن لم يكن ملايين ــ الأرواح ويحتضن بعض الأجساد ويلفظ بعضها ؟!
إذاً فهو موت !
..وهنا نستطيع القول بضمير مرتاح أنَّ البحر سلاح ذو حدين .. فهو أبو الأرواح وقبرها..!
بقلمي / حمامة الحجاز
|