كاتب الموضوع :
فاطمه توتي
المنتدى :
الارشيف
رد: ولا يزال لها فصول
...........................الفصل الرابع......................
. تسللت الاصوات المعتادة كل صباح الى اذنه اصوات ضوضاء الورش واصوات الاطفال الذين يلعبون ويصرخون ، اصوات تبادل الحديث بين النساء عبر النوافذ والشرفات ، صوت الراديو صادحا باغنية بالسلامة فكر ساخرا كأن هناك من لايزال يستمع الى هذه الاشياء ليعلو صوت بائع الفول : فول بليلة ليكمل السيمفونية المعتادة . نهض من فراشه متمطيا في كسل فهو لم ينم الا في ساعات الصباح الاولى ، لقد ظل ساهرا مع بعض الاصدقاء على شاطئ البحر غير مهتمين لا بالبرد ولا بالهواء الشديد استخدموا بعض النار للتدفئة والحمد لله ان المطر لم يسقط ، لانه ما ان تنتهي نوة لاتكاد الارض تجف حتى تعقبها نوة اخرى ، كانت هذه هي الايام المفضلة لديه وقد استعادت المدينة الساحلية الكبيرة هدوئها بعد أن هجرها المصطفون واكتفت باهلها.. فكر ساخرا انها ليس من أهلها ولكنه يعتبر نفسه كذلك في هذه الايام . توجه الى الحمام ولم يكد يخرج منه حتى تعالت الطرقات مصحوبة بصوت صاخب : يا بشمهندس معتز . يابشمهندس معتز. توجه فاتحا الباب لتندفع عاصفة الى الداخل متمثلة في الفتى علي الذي يعمل في الورشة ليكمل بسرعة : لماذا تاخرت ان الاسطى فوزي يشد في شعره ؟ وضع ذراعه على كتف الفتى محاولا تهدئته ليقول له : تمهل يا فتى والتقط انفاسك ، انا مستعد وسانزل الان . نزلا سويا الى الشارع ليرى المنظر المعتاد لقد كانت جارته هيام تقف في الشرفة منتظرة خروجه لتوجه له الابتسامة الصباحية المعتادة . قال للفتى : علي أنا أتضور جوعا وغمز له اريد أفطارا معتبرا . ووضع في يده بعض الاوراق النقدية ليجري الفتى الى عربة الفول ليحصل على الافطار. توجه بعدها الى الورشة القريبة من الميناء والمختصة بصيانة السفن والقوارب وحتى اليخوت ، ليجد العمال منهمكين في اعمالهم ويقابله عم فوزي ويبادره بالقول : ما كل هذا التأخير يابني ؟ لقد أتى سعيد الكاشف بنفسه هذه المرة ليسأل عن اليخت الخاص به ولم أدر ماذا أقول له ، وانت حتى لم تعاينه؟ ضيق معتز ما بين حاجبيه قائلا : ولماذا لم تخبره بالحقيقة وهي ان دوره لم يحن بعد؟
يا بني ان هذا لا يصح فبعض الناس ليسوا مثل الاخرين . شعر معتز بالحنق فهو لم يترك عالمه السابق ليستمر في هذا الهراء الطبقي وقال للرجل محاولا ان يهدأ من غضبه: أنت تعلم أنه لم يات الينا الا بعد فشل شركات الصيانة الكبرى ولذا عليه ان ينتظر فهو من يحتاجنا . رد الرجل بعدم اقتناع : ولكنا نحتاجه ايضا فالعائد سيكون كبير وسيكون دعاية جيدة للورشة. رد معتز بتصميم : حتى هذا لا يعني ان ياخذ دور قارب صياد يعتمد عليه في تحصيل رزقه وربما لا يكون لديه واولاده قوت يومهم ، لو كان هدفي هو المال لقبلت بعروض الشركات الكبرى والتي تعرض علي مبالغ خيالية للالتحاق بها ، وعلى الاقل اعمل بشهادتي . لقد كانت هذه هي هوايته منذ طفولته المبكرة كان يقوم بتفكيك الاجهزة مدعيا تصليحها وحتى دراجته لم تنجو من ذلك ، ليتخصص في النهاية في الهندسة الميكانيكية.................زفرت بسأم وهي تغادر لجنة الامتحانات بعد اتمام اخر اختبارتها لقد طالت هذه الاختبارت حتى ظنت انها بلا نهاية ، ربما لانها السنة النهائية فهم يتفننون في تعذيبهم ، خرجت من المبنى لتقابلها موجة من الهواء البارد ان الجو في لندن هذه الايام غير محتمل انها تراهن ان درجة الحرارة اقل من الصفر شدت المعطف عليها استجلابا للدفء، انها ترتدي معطف اسود اللون اسفله بنطلون جينز اسود ايضا وكنزة سوداء من الصوف ، انها تفضل اللون الاسود خاصة خلال الاختبارات ، انها تعلم انها ستنجح ربما هي لا تبالغ في المذاكرة ولكنها تعرف هدفها جيدا وتقوم بما يلزم للوصول اليه، انها تتمنى ان لا تنتظر كثيرا وتخرج صديقاتيها بسرعة فهذا هو اخر يوم قبل اجازة منتصف العام وعلى الاقل عليها ان تسلم عليهن قبل الانصراف . لانها ستسافر الى والديها في يوركشاير حيث يعملان في تلك المقاطعة لتقضي معهما ومع الصغيرين الاجازة ، ان والديها طبيبان تخرج والدها عبد الرحمن محمد الحسيني بتفوق من كلية الطب ليتم ارساله في بعثة الى المملكة المتحدة لاكمال دراسته العليا ليقابل حينها والدتها سوزان سميث هناك ويقعان في الحب ويقرران الزواج . الى هنا وتبدو كقصة حب مثالية ولكن الواقع ليس هذه المثالية ، فوالدها لم يكن حرا ولكن كان قد عقد قرانه على ابنة عمه زينب ابراهيم الحسيني ، ظنا من والده انه يقيده بهذه الطريقة , ولكن والدها كان له راي اخر فبدلا من ان يعود بعد اربع سنوات ليتم زواجه على ابنة عمه التي تخرجت في هذا العام ، عاد الى والده ومعه زوجته الطبيبة الشقراء وابن في الثالثة من عمره ، شقيقها عماد. ولكن جدها لم يستسلم لهذا واصر على اكمال زواجه من ابنة عمه حتى لا يسبب لها فضيحة بعد اربع سنوات من عقد القران ، ومع دموع جدتها واصرار جدها وموافقة امها التي قدمت حبها له على غيرتها ، بعد ان اقسم والده انه سيتبرأ منه لو لم يفعل . تم الزواج لتحظى بشقيقها الثاني محمد اطلقت زفرة ملتهبه وهي تجبر افكارها على التوقف عند هذا الحد . لتجد ان نتالي وجوليا قد وصلن اليها وتقول نتالي في دهشة: لقد شعرت بالدهشة لخروجك فيما كنت لا أزال اصارع ورقة الامتحانات....................ضحكت انجي قائلة:اما انا فاكتفي بمصارعة البشر ، اما بالنسبة للاوراق فانا اكتب ما اعرفه واتوجه بادب الى الخارج.................ردت جوليا : لقد انتهينا اخيرا ولذا اتركن هذا الكلام وهيا الى الخارج لنحظى ببعض المرح؟.واكملت بلهجة حالمة وربما ببعض الحب....................ردت انجي ضاحكة : ايتها الحمقاء الحالمة الا زلت تؤمنين بهذه الاشياء ، انه وسيلة يستخدمها الرجال للايقاع بالنساء والوصول الى اهدافهم الدنيئة..............ردت متحدية :ان اكون حمقاء افضل من ان اقضي حياتي دون الحصول على افضل شئ في الحياة...................قالت نتالي لانهاء الجدال الذي تعلم انه لا ينتهي ، اين ستقضين اجازتك يا نجي؟........... ردت عليها : كالمعتاد عند طبيبي المفضلين. .................قالت لها بملل:لماذا عليك ذلك ان الجميع يهربون من البرودة هذه الايام الى الخارج ما رأيك في اليونان مثلا؟........................ ردت جوليا : هذه فكرة رائعة وربما عندها نقابل بعض اليونانيين اللطفاء................ قالت انجي اتمنى لكما الاستمتاع ولكني خارج ذلك......................... ردت نتالي : اذا فلتخرجي معنا اليوم وصدقا لن نتأخر ....................... فكرت انجي انه لا بأس بالخروج معهن فهي على كل حال لن تسافر قبل الغد ........لذا ردت : اذا فلننطلق.................. ذهبن في البداية الى السينما وبعدها تناولن الطعام في مطعم بيتزا شهير ، وفي النهاية للتسوق وتذكرت طلب الاميرة سلمى التي قالت لها : احضري لي في المرة القادمة فستان أميرة ، وضحكت وهي تفكر أن امها قد نجحت مع الصغيرة في ما فشلت فيه معها هي ، بأن جعلتها انثى حقيقية وليس مسترجلة كما تقول لها في تذمر.........وجدت ضالتها في فستان منفوش وردي اللون يناسب اميرة في السادسة من العمر ، وبقيت المهمة الاصعب وهي احضار هدية لتوأمها الرهيب كما تطلق عليه فسيف هو النقيض التام لسلمى الرقيقة ربما ستعجبه بعض سيارات السباق!!!!!!!!كان يسير في الشارع ويبدو أن موجة البرد التي تشمل أوروبا كلها بلا نهاية ، كان رغم المعطف الثقيل يشعر ان البرودة تتسلل اليه انه على عكس اشقائه يشعر بالصعوبة في تحمل البرد فهو كان ياتي الى أوروبا كزائر ولكنهما قضيا أغلب حياتهما فيها ، او ربما بسبب نصفهما الانجليزي!!!!!!!!!!!!مع اقترابه من شقته بدأ المطر في النزول وكأن هذا هو ما ينقصه!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!فتح باب الشقه وهو يفكر في ان الجو ربما يكون أكثر برودة في انجلترا، لقد كان والده يجعل اجازته الى مصر غالبا خلال منتصف العام للاستمتاع بشمس بلده التي افتقدها دون الحر الشديد الذي نسيه ولم يعرفه شقيقاه وزوجة ابيه، وكانت له زيارة دائمة خلال اجازة نهاية العام لمدة شهرين يقضيها معهم في انجلترا ...............ولكن هذا كان منذ مدة طويلة فهم الان بالتأكيد لا يطيقون رؤيته حتى والده يكتفي بالحديث معه ببضع كلمات مقتضبة عند الضرورة ، وانجي طفلته التي كانت عند سفرها لا تتوقف عن الاتصال به وتأخذ رأيه في كل كبيرة وصغيرة لم يسمع صوتها منذ سنوات...............شعر بالم شديد في قلبه لقد جاء الى الدنيا ليجد ان له اخا كبيرا ، لم يكن يراه كثيرا ولكنه يتذكره حتى في طفولته كان مثالا للهدوء والتفوق يكمل اللوحة التي تضم الدكتور عبد الرحمن والدكتوارة سوزان , فيما يشعر هو انه لا ينتمي الى هذا الثلاثي الراقي ، ليفاجئ في احدى الزيارات بوالده يحمل طفلة صغيرة في حجم الدمية ويعطيها لجده الذي حملها بين ذراعيه مبتسما : بنتك دي يا عبد الرحمن هيجوا بشوات يخطبوها مني وهي تنقي وتختار , ليجلس بجوار جده يتأملها لم تكن ملفوفة ببطانية مثل باقي الاطفال الذين لا يظهر منهم شيئا ، كانت تلبس بدلة وردية ومعها طاقية فتحت عينيها ليرى شيئا اذهله لقد كانت عينيها زرقوتان وكان هناك شيئا يريده وهو رؤية شعرها الاصفر فهذا شكل الدمية ، تسلل خالعا عنها الطاقية ليجد شعرا أسود ناعم ، انها دمية فاتنة كان يصر على حملها فيشترطون عليه الجلوس أثناء ذلك والا يقف وهو يحملها ولكنه مرة عندما لم يكن احدا بجواره تسلل بها الى الخارج ليريها لاصدقائه كان يشعر انها تخصه هو ، تشبهه ولا تشبه الثلاثي الوقور ...حتى أنها تملك طابع للحسن مثل الموجود في ذقنه ، لقد كانت اجازتهما سويا ممتلئة بالجموح ، شاركته كل ألعابه حتى مقالبه وخططه الشريرة ، كان هو من علمها قيادة الدراجات وحتى الخيول والدراجات النارية ، كان الشهران اللذان يقضيهما في انجلترا يحولان الحي الهادئ الى حاله من الجنون ، كان يستطيع ان يخرج الانجليز من برودهم المعتاد ، لقد تم الابلاغ عنه من قبل الجيران بعدما تسبب في احراق جزء من حديقتهم ، ..............زفر زفرة ملتهبة ربما عليه أن يحاول التواصل معهم فلربما سامحوه ، لو نجح في هذا ربما ينجح في المهمة الاصعب ................لم تستطع الانتظار حتى نهاية الوقت المخصص للاختبار فالقلق والتوتر اللذان تشعر بهما لم يمكناها من التركيز وهي حتى لا تدري ما الذي كتبته ، انهم لم يخبروها في المنزل بشكل مباشر منتظرين انتهاء اختبارتها ولكن الخبر انتشر في كل مكان فالجميع يعلم الان أن يوسف السعيد قد تقدم لخطبتها لشقيقه الدكتور أحمد السعيد....................كان والدها يبدو كمن حصل على الجائزة الكبرى بعد طول انتظار ..............فيما تشعر بأن أمها تحلق من السعادة ، فهي بالتأكيد لن تجد لابنتها زوجا افضل منه اصلا وعائلة وماديا بالتأكيد , كان يتفوق على أزواج ابناء خالاتها وعماتها وهذا ما يسعد أمها أكثر...........وهم في هذا لا ينتظرون موافقتها حتى ، فهذه الموافقة أمر مسلم به من جهتهم ،لقد انتشر الخبر في العائلة وفي النادي فأمها تتفاخر بالخطوبة أمام الجميع ..................زفرت انفاسها في قلق وهي تتلفت حولها باحثة عن زياد حبيبها الذي تفتقده . ..............انها تحتاج لدعمه ووقوفه بجوارها حتى تستطع المواجهة فيبدو أن الجميع قد تحالف ضدها...............ظهر أمامها لتنظر اليه حالمة لقد وقعت في حبه منذ لقائهما الاول في الجامعه كانت عيناه عسليتان مع شعر بني طويل وعضلاته مفتولة ..............كان يجذب اليه الانظار وكل الفتيات يتسابقن عليه لقد شعرت بانها محظوظة لانه اختارها هي............ان هذا ليس اول عريس يتقدم اليها بالتاكيد ، ولكنها دائما كانت تجد عيبا او سببا للرفض لكن يبدو انها لن تنجح هذه المرة............فكرت ان هذا ليس عدلا ففي حين يملك أحمد كل شئ يبدو زياد بجواره مثيرا للشفقه رغم ان ظروفه على الاقل أفضل ممن هم في عمره فوالده قد اشترى له شقه باحد المدن الجديدة..............لكن الاهم هو ما بينهما من حب نظر اليها هامسا في حب : اشتقت اليك ................ ردت عليه في لهجة غريبة : وانا أيضا . قالت له :
هناك موضوع هام اريد الحديث معك عنه؟ ردفي قلق : لا تقولي انه عريس جديد ؟.......... ردت عليه في قنوط : انه كذلك بالفعل .........والمشكلة أني لا أجد به عيبا لارفضه............. رد عليها بعنف :اذا فلتوافقي على كامل الاوصاف هذا وما الذي يمنعك؟................ردت عليه في غيظ :هل هذا هو ردك ، ان ما ذكرته امامك هو الحقيقة المجردة واريد ان تفكر معي بحل لا ان تزيد الامر علي.............رد عليها محاولا تعديل موقفه : انا أسف ، وانا مستعد لفعل اي شئ حتى لا اخسرك ، ساذهب الى والدك واطلب يدك..............ردت في شرود : ربما هذا هو الحل علينا اظهار حبنا والدفاع عنه بكل وسيلة ممكنة...........................
انتهى
|