كاتب الموضوع :
فاطمه توتي
المنتدى :
الارشيف
رد: ولا يزال لها فصول
........الفصل الرابع عشر..............توجهت ريهام في الصباح الباكر الى المقر الرئيسي للمجموعة ، انها لم تأت للمكان منذ سنوات كان ذلك وقت تعلقها بحازم فكانت تختلق الاسباب لتأتي وتراه ، انها تتمنى مع كل التوسعات التي حدثت بعد ذلك واعادة توزيع العاملين في المجموعة ألا ترى أحدا يعرفها ، دخلت عبر الواجهة الزجاجية الفخمة لتتوقف بعد ذلك أمام الاستقبال ليسمح لها بالدخول بعد أن قالت اسمها كانت قد اكتفت بقول (ريهام سليمان)ولكن على ما يبدو انه كان لديهم خبر بقدومها ، استقلت المصعد الكهربائي لتتجه مباشرة الى الدور الخاص برئاسة المجموعة حيث يوجد مكتب رئيس مجلس الادارة ، انها تعلم أن يوسف لا يستقر في مكان فهو يتنقل بين مواقع العمل والمصانع المختلفة والاجتماعات الخارجية ، ولكن في هذا الوقت المبكر بالتأكيد سيكون متواجدا ، توقفت عند مكتب السكرتيرة والتي كانت غير معروفة لها انها تعرف نشوى لانها شاهدتها من قبل ، بالتأكيد ليس هذا مهما فهناك الكثيرات ، القت عليها التحية لتخبرها أن لديها موعدا مع الرئيس ، طلبت منها الانتظار لتجري اتصالا ثم تطلب منها الدخول ، قامت وهي تأخذ نفسا عميقا فرغم ان الرئيس هو شقيقها الا انها تشعر بالرهبة والتوتر ، ربما يكون هذا احساس طبيعي نظرا لما هي مقبلة عليه ، حاولت تعديل ملابسها لقد حاولت ان تختار أشياء عملية تصلح للعمل جاكت اسفله بنطلون من الجينز وتحته حذاء منخفض وعقصت شعرها من الخلف في ذيل حصان ، قالت لنفسها:( تشجعي يا فتاة انت لست داخلة لاجراء اختبار انها وظيفة مضمونة )، دفعت الباب لتدخل بعدها ويعود الباب الى مكانه ، اتجهت عيناها الى الجالس خلف المكتب الضخم لتشعر بمزيج من الذهول والغيظ ، انها بالتأكيد ستقتل يوسف عندما تراه لقد غدر بها ، كان حازم هو الموجود ، اقتربت ببطء وهي تنظر لاسفل وتقول في خفوت :(صباح الخير ) ...نظر اليها بتمعن انها تبدو كمن رأى شبحا ، كان يوسف قد توجه الى المصنع مباشرة لاستقبال الوفد ، وكان هو من يقوم بدور المدير لكن على ما يبدو فان هذا لم يعجب زوجته ....لقد رأى اللون يختفي من وجهها ما ان وقع بصرها عليه ، نظر اليها بتفحص فرغم انها ترتدي ملابس بسيطة الا انها كانت تظهر قوامها الرائع ، ان من ينظر اليها لن يتوقع ابدا انها قد حملت طفلا ، يبدو ان القادم سيكون صعبا ولكن انتظري يا ريهام لقد أتيت بقدميك الى منطقتي الخاصة .....رد بصوت واثق : (صباح الخير ، اجلسي يا ريهام ).......نظرت اليه وهي تجلس انها لم تنس ما حدث بينهما منذ بضعة أيام في زفاف أحمد ، ولكنها تريد النجاح لذا فلتنحي كل شئ جانبا ، لقد بدا ملائما جدا في المكان الذي يجلس عليه انه يملك الشخصية القيادية بالفطرة ، كما انه وهو يرتدي الملابس الرسمية يبدو جذابا جدا لا ريب أن الموظفات يختلقن الاسباب للمجئ الى مكتبه ، انها بالتأكيد لاتهتم ......تنحنح لتستفيق من شرودها ، اخرجت الملف المحتوي على أوراقها من الحقيبة ثم ناولته له ، قام باخراج الاوراق ولاحظت انه يمسك شهادة تخرجها ، تبا وكانه لا يعرف ما بها ....انه يعرف من ملامح وجهها وانعقاد حاجبيها، لابد وان يكون تشتمه في سرها ، ولكن لا بأس ، عليه ان يرى مدى تحملها قال لها :(جيد لقد أحضرت الأوراق المطلوبة ، تقدير جيد جدا لا بأس بهذا ، ولكن هل تظني أنك تستحقين الوظيفة ؟).......عقدت حاجبيها وقالت باستنكار :(ماذا؟) .....على ما يبدو أن السيد حازم يريد تصعيب الأمور عليها .....اكمل بثبات :(أنت تخرجتي منذ عامين ورغم ذلك ليس هناك أي خبرة ، كما أنك لم تحصلي على أي كورسات أو دورات ).....سكت قليلا وهو يتطلع الى وجهها الذي احتقن ليكمل بعدها : (ألا ترين أن شخصا آخر قد أتعب نفسه أحق بالوظيفة منك ؟).....لقد أصبح الامر غير محتمل ، وضعت ساقا فوق الأخرى في بطء لتقول بعدها في تحدي :(يمكنك أن تقول أنني سأحصل عليها عن طريق الواسطة ، فأخي هو رئيس مجلس الادارة ، وزوجي هو المدير العام )....قهقه ضاحكا لتنظر اليه في دهشة ، الحقير كان يتعمد استفزازها .....قال بعد ذلك بصوت منخفض ولكن يحمل معاني كثيرة:(مرحبا بك يا زوجتي العزيزة).......وصل اليهما صوت الباب لتدخل السكرتيرة وتضع بعض الاوراق .....قال لها لتنتبه اليه :( هل هناك احتمال لأي انقطاع عن العمل نتيجة ظروف خاصة ؟) .....انها بوجود السكرتيرة لا يمكنها التجاوز وما يطرحه بالتأكيد سؤال معتاد قالت بثقة :( لاتقلق لا يوجد ، وليس هناك احتمال لوجود شئ).... نظر اليها بتحدي وكأن هذه النظرة تحمل العديد من الوعود ، أو التوعد ليقول :( ليس عليك الجزم فالمستقبل لا يعلمه الا الله ) ....انه يتلاعب لقد أرادت هي التأكيد على نقطة بعينها ولكن هو يصطاد في الماء العكر نظرت اليه بشراسة لتراه يشير بشكل ملحوظ الى السكرتيرة ، لقد كانت مها تنظر بدهشة لما يحدث ، فحازم عبدالله كان معروفا عنه انه صارم جدا فكيف يبدو هكذا مع هذه المهندسة الجديدة ....خرجت من أفكارها على صوته وهو يقول :( المهندسة ريهام ستعمل معنا في قسم الديكور أرجو أن ترشديها لمكانه ) .....خرجت ريهام معها ليستقلا المصعد الى الاسفل لطابقين ، توجهتا بعد ذلك الى مجموعة من المكاتب المتجاورة التي يوجد بينها حواجز منخفضة كان المكان ينبض بالحياة اجهز كمبيوتر يظهر عليها تصميمات لوحات بها رسوم وحتى كان هناك بعض العينات ، عرفتها على المهندس حسين رئيس القسم كان يبدو في الخمسينات ، ثم وجدت فتاة تبدو أصغر منها قليلا قامت من مكانها لتتجه اليهم وتقول :( مرحبا مها من هذه ؟).....قالت مها :(اهدئي قليلا ولا ترعبي الفتاة ، انها ريهام المهندسة الجديدة ) .....وجدتها تقترب منها لتتفاجئ بها تعانقها وهي تقول بحماس :(لقد كنت انتظرك منذ دهر فهذا المكتب لا يحتوي الا على الرجال الذين كدت أموت سأما بسببهم ).....قالت لها :(مرحبا بك ، ولكن على ما يبدو أن أحدا لم يأت بعد ) ....ضحكت بصوت عال لتقول :(لم يأتوا!!!!!!لقد أتوا وذهبوا الى المواقع ).....مطت شفتيها بعد ذلك لتقول :(لا أريد أن أخيفك ولكن المهندس حازم يسوقنا كالعبيد )......نظرت اليها عاقدة حاجبيها ولسان حالها يقول :كل هذا من اليوم الأول أنا من جلبت ذلك لنفسي.......................................**************** ********************************** كانت الشقة تبدو خاوية ، لقد اعتادت على وجود ريهام ، ولكن اليوم مختلف فريهام قد ذهبت الى العمل ، وبعد ذلك أوصلت عمر الى الروضة لتظل بعد ذلك وحدها ، انها دائما تحاول اشغال عقلها لتمنعه من التفكير في أشياء غير مرغوب فيها ، تحاول التمسك بواجهة هادئة أمام الآخرين ولكن هذا مجرد غطاء خارجي ، انها تشعر بنفسها كشخص تعرض لحادث سبب له اعاقة دائمة ، ولكن الاختلاف أن اصابتها غير ظاهرة ولا يمكنها اظهارها ، بل عليها دائما أن ترثي نفسها في صمت أن تبكي بغير دموع ، فهي تعيش في مجتمع لا يرحم يحول الضحية الى شخص منبوذ ، ولكن هذه الواجهة تحملها ضغوطا ثقيلة تشعر أحيانا بعدم القدرة على حملها ، انها في بعض الأوقات تريد أن تصرخ بأعلى صوتها قائلة :(أنا لا أصلح للزواج ) او ان تعلق لافتة فوق صدرها مكتوب عليها (ممنوع اقتراب أي خاطب ) ......انها رغم ان سنوات عمرها لم تصل الى الحادية والعشرين الا انها حظيت برقم قياسي من الخطاب ، لا تمر عدة أيام الا وتسمع بخطبة تلميحا أو تصريحا ، في الجامعة في النادي ، وحتى في دار التحفيظ الملحقة بالمسجد والتي تذهب اليها للحفظ ..انها لا تختلط بالرجال ولكن هذا لا يحدث فرقا فكل من تبحث عن عروس لابنها او شقيقها أو شقيق زوجها أو لقريب بعيد أو حتى لابن البواب تجد فيها ضالتها ، انها بالتأكيد ببشرتها البيضاء وعيونها العسلية مثار جذب للشعب المصري كله الذي يحب هذه المواصفات هذا بالأضافة الى شخصيتها الهادئة ، كل هذا يمكن التعامل معه ببعض اللباقة ولكن الأخطر هو موضوع خالد فهي قلقة من تصميم جدها ، ان الموضوع لا بد سيسبب المشاكل ، وهذا ما لا تريده فهي تحب عمتها وابنائها وكذلك جدها ، لو كانت الظروف طبيعية فانها بلا شك كانت ستوافق فهو شاب محترم ، وعلى خلق كما أن بينهما ألفة كبيره منذ الصغر ، وهي تعلم انه يحبها وربما كانت وقتها ستحبه .........انه تشعر دائما بالنقص ،ولا ريب أن هذا الشعور سيستمر وربما يزداد فهي بعد بعض الوقت طال أو قصر ستصبح مطلقة ، وحتى بعد ذلك لا تدري هل ستتحمل اقتراب رجل منها ؟!!ان أي فتاة تعتبر الجمال نعمة ولكن في حالتها لا ، فهذا الجمال يجعلها هدف لا هتمام غير مرغوب فيه ......لقد حرصت طوال زفاف أحمد على الامساك بيد عمر لتعطي انطباع انه ابنها ، وحتى هذا لم يمنع الخطوبات عنها ، لقد سمعت باذنها الاستفسار عن من تكون الفتاة الجميلة المحجبة !!!!!ربما يمكنها كتابة مدونة كالمدونة الاخرى الشهيرة ولكن العنوان هذه المرة سيكون (أنا مش عاوزة اتجوز).......ان لعنة اصدقاء الاشقاء قد اصابتها هي واختها على السواء ، ولكن ريهام لحسن حظها كان اختيارها لرجل ناضج فقلل كثيرا من طيشها ، ولكن هي كانت مجرد فتاة تتأرجح بين الطفولة والمراهقة ، لم يكن يعجبها ما تفعله شيققتها التي كان جل اهتمامها الملابس الملفتة والمكياج الصارخ ومصاحبة اناس كانوا يشعرونها بالسأم الشديد بكل هذه التفاهه ، لذا كانت تلتصق بمعتز والذي كان يعجبها كل ما يفعله ويشعرها بالمتعة والاثارة ، ولكن داخل نفس الصورة كان يظهر معه شخص آخر يجمع بينهما نفس الاطار ، لقد بدا وقتها كأنه أحد أفراد العائلة ، ولم يكن هناك تحفظ تجاهه من أحد فوالده رجل معروف وطيب السمعة ،وحتى اخطائه لم يكن من الممكن أخذها ضده فشقيقها كان مشترك فيها ، كانا ضمن فريق التجديف الخاص بالنادي ، وقد اعجبتها هذه الرياضة وكانت تحرص على مشاهدتهما خاصة في حالة وجود بطولة . في أحد أيام اجازة منتصف العام وكان اليوم السابق ليوم بطولة الجمهورية وكانت المنافسات تجرى داخل (نهر النيل ) ، أصرت وقتها أن تبيت مع معتز في شقتهم القديمة والتي كان يستخدمها دائما لقربها من مكان التدريب ، ذهبت يومها الى التدريب النهائي وشجعتهم بكل حماس ، بعد ذلك أوصلها معتز الى الشقة وخرج مرة أخرى ، لم تهتم فهي لا تخاف من الجلوس وحدها ، كانت تشاهد التلفزيون عندما سمعت صوت المفتاح يدور في الباب ، ظنت أن شقيقها قد عاد ، ولكن القادم لم يكن معتز بل كان محمد ، حتى هذا لم يقلقها فهي تعلم انه يبيت أحيانا مع معتز ، لذا كل ما عليها فعله هو أن تقول له غادر ، بالتأكيد معتز نسي أن يخبره عن وجودها .....قالت له مخرجة لسانها باغاظة :(عد الى منزلكم يا فتي ، فلا يوجد مكان لك ، فأنا من ستنام هنا الليلة ).....لم تسمع منه ردا ، نظرت اليه بدهشة كان لا يزال واقفا وتبدو نظراته وكأنها قد تجمدت ، نادته بصوت مرتفع :(محمد ،ايه ).. نظر اليها بعيون غريبة وكأنه لا يراها ، عقدت حاجبيها لتقول بعد ذلك ساخرة :(هل تمثل دور الانسان الالي ؟...أم هل أنت تحت التنويم المغناطيسي ؟)....ثم قالت وكانها تستعرض معلوماتها في هذا المجال :(ربما أنت من الذين يسيرون وهم نائمون)...نفس الوضع لا يوجد أي رد فعل ، عندها بدأ الخوف يتسلل اليها انه يبدو مخيفا ، تراجعت تحاول الوصول الى غرفتها لتختبئ وتتصل بشقيقها ليأت سريعا ......لكنه تحرك في هذه اللحظة وامسك بها .....صرخت وهي تدفعه قائلة :(لماذا تمسك بي هل جننت ؟)....لم يتركها لذا استمرت في دفعه ومحاولة ابعاد نفسها ، ولكنه قام بحملها ليدخل بها الى الغرفة التي تحتوي على سريرين صغيرين ، لم تكن وقتها تعلم ما الذي سيحدث ، كانت لا تزال جاهلة بكل شئ يخص هذه المواضيع ، ولكنها أدركت بغريزتها أن هذا خطأ ولا بد أن توقفه ، لذا ظلت تقاوم بكل قوتها ترفسه وتخدشه باظافرها وتعضه ولكن على ما يبدو انه لم يكن يشعر بشئ حتى انه لم يصدر صوتا يدل على الالم ، ألقاها فوق السرير ثم اقترب منها لتقول له ببكاء :(لقد كنت دائما تقول اني مثل شقيقتك )..... لا يوجد أي رد فعل ،لذا استمرت في المقاومة تحاول ابعاده لكن لا فائدة ، اخيرا هربت لتفقد وعيها .......لم تدر كم مر من الوقت حين عاد اليها الوعي ، لم تتذكر شئ للوهلة الأولى ولكن جسمها كله كان يؤلمها ، نظرت حولها لتجده نائما فوق السرير الآخر لتتذكر عندها كل ما حدث نظرت لنفسها ، كانت ملابسها ممزقة انخفضت عينيها الى مكان فوق السرير لتشهق بفزع عندما رأت بقعة من الدم تغطية ، لم تكن تعرف وقتها بالتحديد معنى هذا ،ولكن رغم ذلك شعرت بالرعب لتندفع بعدها في بكاء مرتفع ....يبدو ان صوتها ايقظه لقد لمحته وسط بكائها يحاول القيام مترنحا وهو يضع يده فوق رأسه ، ثم يدير عينيه في المكان ، ازداد صراخها مع استيقاظه ، يبدو ان الصوت العالي جعله يلاحظ وجودها فادار عينيه اليها ليرى منظرها المريع ونفس الشئ الذي سبق ورأته ليقول : ما هذا ، سارة ما الذي حدث ؟......نظرت اليه باشمئزاز وصراخها يتعالي ، هل يحاول الانكار ......لم ترد ليندفع بعدها الى الخارج بسرعة وكأن الشياطين تطارده ........بعد ذلك بفترة عرفت ما حدث ، لقد ظنت ان يوسف ربما قتله ، ولكنها علمت انه زوجها منه ، وانه لا أحد غير اخوتها قد علم بهذا ، قال لها يوسف :(لا تقلقي ، لن اسمح ان يصيبك أي أذى مرة أخرى ، بعد بضعة سنوات سنعلن زواجكما أمام الجميع )........شعر بانكماشها ليجيبها :(ثقي بي أنا لن أسمح له أن يلمسك مرة أخرى ، انه اجراء شكلي وبعدها سيطلقك رغما عنه )....................................*********************** *******عاد الى المجموعة بعد نهاية جولته مع الوفد ، كان يشعر بسعادة كبيرة لقد لاحظ اعجاب الجميع بما رأوه ، وانبهارهم بالتصميمات ، كذلك ما أجروه من اختبارات اثبت ملائمة الخامات للمواصفات المطلوبة ، انه سيسافر بعد شهر تقريبا الى عدة دول اوروبية ( فرنسا ، انجلترا ، سويسرا ، بلجيكا ) فرغم انتماء هذه الدول للاتحاد الاوروبي فان كل دولة لها عقودها الخاصة التي تتضمن الكميات المطلوبة وطريقة الشحن وغير ذلك من التفاصيل ، كان دائما يتجنب الذهاب الى انجلترا ، المرة الوحيدة التي ذهب فيها الى هناك بعد ما حدث كان يمنع نفسه بالقوة من الذهاب اليها ،لم يكن يعلم تحديدا سبب هذه الرغبة في الذهاب الى هناك أو ما الذي يتوقعه ، او حتى ماذا ينوي أن يفعل ، ولكنه كان يشعر كما لو كان هناك مغناطيس يجذبه الى المكان ، كان يسخر من نفسه ويقول : ( الشرطة ربما تقبض عليك لمحاولتك التعرض لقاصر دون السن القانوني ).....اما الان فالامر مختلف بالتأكيد ، فعمرها الان قارب الثالثة والعشرون .......لقد حاول لالاف المرت تخيل كيف تبدو ، كان يعرف اخاها وأباها انهما متشابهان ويتمتعا بقدر لا بأس به من الوسامة ، فهل تشبههما ؟.....ان كل ما احاط بلقائه بها لم يمكنه من التركيز على شئ حتى رائحتها لم ينتبه اليها وقتها ، ولكن على ما يبدو فان عقله الباطن قد احتفظ بها ليعيدها الى احلامه مرة أخرى ،كان أحيانا يحاول الادعاء ان الرائحة ربما لا تكون لها وانها لامرأة اخرى ، لكنه يعلم داخله انها تخصها ....لقد حاول بعدها أن يبعد نفسه عن كل هذا فلم يكن من الملائم ان يملأ عقله بأوهام دون ان يكون هناك أمل لأي مستقبل ....لذا قرر أن يتزوج ليعيش حياة جديدة ولعل وجود امرأة في حياته تبعد عنه طيف فتاة رغم كونها زوجته الى انها بعيدة جدا عنه، ولكنها كانت أقوى من أي شئ كانت تزور أحلامه طاردة زوجته تماما ، تملأ رائحتها كيانه بينما لا يكاد يشعر بعطور زوجته الغالية التي تلاصقه...................وصل الى المكتب ليجد حازم جالسا ، جلس على الكرسي المقابل له ..ليبادر حازم بسؤاله :(ملامحك غير مطمئنة ، ما الذي حدث ؟)
......ابتسم قائلا :(على العكس لقد سار كل شئ على ما يرام ).....نظر اليه حازم بتفحص ان وجهه لا ييشير الى اي نجاح لذا قال له :(يوسف هيا اخبرني ما الذي يزعجك؟ أليس هذا هو ما تسعى اليه منذ فترة؟).....قال له بوجوم :(ان علي السفر الى عدة دول منها انجلترا) ....قاطعه ليقول بغيظ :(انني لا اعلم ماذا لديك ضد هذه الدولة ، انك دائما تتجنب السفر اليها )......ثم رفع احد حاجبيه ليقول في دهشة :(هل لديك حبيبة خفية هناك )......رد عليه بسخرية :(كف عن استخدام ذكائك علي ، لو كان لدي حبيبة هناك كنت سأذهب كثيرا وليس العكس) ......اكمل حازم بنفس اللهجة :(هذا اذا كان الحب متبادل ، ولكن ربما تكون جرح قديم )......حاول يوسف ان يسيطر على اعصابه ليقول بعدها مغيرا الموضوع :(دعك مني ،واخبرني هل جاء حبك الضائع اليوم ؟.....لابأس انه لن يضغط عليه كثيرا الان ولكنه بالتأكيد سيعرف لذا أجاب مستجيبا لمحاولته:(لقد جاءت وهي هنا منذ الصباح ، انني امنع نفسي بالقوة عن النزول لقسم الديكور )........ضحك يوسف ليقول بعدها :(عليك محاولة استغلال الفرصة بشكل جيد )......تنهد ليقول بعدها :(بالتأكيد سأحاول ) رغم ان هذا لا يبدو له سهلا فهي تصعب الامور جدا ...انه يتمنى السعادة لصديقة وشقيقته فحرمانه من هذه السعادة يجعله يتمناها لغيره ، انه يتساءل هل سيراها قبل الطلاق ، ان ان قدره ان يظل مطاردا لباقي عمره بطيف لا يعرف ملا محه حتى.................................************************ *****انها في لندن مرة أخرى ، ان ما يشعرها ببعض الراحة انها ستكون المرة الأخيرة ، لقد شعرت بألم شديد وقت مغادرتها المنزل ،فسلمى لم تسهل عليها الأمر بل ظلت تبكي ، سيف تماسك ولم يبك واكتفى بالصمت ولكنها تعلم انه كان حزينا ، هناك رابط دائما ما يربط بينها وبينهما اذا مرض احدهما او تألم تشعر هي بهذا ، وهي تعلم انهما كذلك مرتبطان بها بقوة ، انها لم تخبرهما صراحة انها امهما رغم انها تتمنى هذا لانها تتوق ان تسمعهما ينادينها (ماما ) انها تشعر بقلبها يتحرك من مكانه حين تسمعهما يناديان أمها بهذه الكلمة ، ولكنها لا تستطيع فاذا كانت هي الأم فأين الأب انها تعلم انهما لن يصمتا........زفرت نفسا حارا وهي تدخل المفتاح في باب الشقة محاولة ايقاف أفكارها .......ما أن دخلت حتى صرخت :(تبا ) ......على ما يبدو انه منذ سفرها لم يحاول أحد تنظيف أي شئ ، لقد اتصلت بنفسها قبل المغادرة بشركة خاصة بالتنظيف لتولي الامر .فهي تعلم ان عماد لاينظر حتى حوله ليلاحظ ان المكان بحاجة للتنظيف ....وبالتأكيد لم يكن موجودا حين أتى الشخص الذي أرسلته الشركة ........انه لا تطيق التواجد في مكان غير نظيف لذا دخلت الى حجرتها والتي على ما يبدو انها نجت من هذه الفوضى واكتفت ببعض الأتربة ...........غيرت ملابسها لترتدي ترينج قديم ، انها تريد التنظيف على الطريقة المصرية ولكن للأسف ليس لديها أي جلابيات ، ولكن ستفعل شيئا ملائم امسكت بايشارب وربطته فوق رأسها بالطريقة الخاصة للتنظيف ، ثم بعد ذلك قامت بازاحة الكراسي عن السجادة الموجودة في الريسبشن ورفعتها لتضعها في الشرفة ، انها ستجمع كل السجاجيد أولا ثم ستقوم بتنفيضها مرة واحدة حتى لا تتيح الفرصة للجيران الذين قد يتصلون بالشرطة نظرا لما ستسببه من ازعاج ، لذا فانها ستخفي جريمتها بسرعة ....ولكن المشكلة لا تتمثل فقط في حضور (الشرطة ) بسبب الازعاج ولكن من الممكن ان تأتي جمعية (حماية البيئة ) نظرا لما ستسببه سجاجيدها من تلوث ......امسكت بالمنفضة مستعيدة شخصيتها المصرية وهي تهلك السجاجيد تنفيضا .....بعد ذلك قامت بالكنس وتنظيف الحوائط ، لتنه بعد ذلك الامر بمسح الارضية وخشب الاثاث خلال ذلك جمعت الملابس ووضعتها في الغسالة ، ووضعت الاطباق والكوبيات في غسالة الاطباق ، تنهدت بعد ذلك براحة وهي تنهي فرش الارض والأسرة ......ان الدور الان عليها انها تحتاج حمام طويل لتزيل عنها آثار المعركة .......ملأت البانيو ووضعت بداخله سائل الاستحمام ، لقد قل كثيرا هوسها بالنظافة فمنذ سنوات كانت لا تكف عن الاستحمام رغم برودة الجو الشديدة ، عندما عادت الى المنزل بعدما تركها كانت تشعر ان رائحته وآثار لمساته تظهر فوق جسمها انها لا تدري ما المدة التي قضتها يومها في الاستحمام ، لقد كادت تدمي جسمها من كثرة التنظيف ولكن رغم ذلك كان هذا الاحساس مستمر لتصاب بعدها بهاجس يدفعها للاستحمام دائما ، كان ذلك صحيحا فما تركه داخلها لم يكن مجرد لمسه فوق الجلد ولكن (وسما )وسمها به وسيظل فوقها لباقي عمرها ، كانت قد نأت بنفسها عن كل ما حولها انها حتى لم تبك أمامهم ، لقد ظنت ان ما ذرفته من دموع ليلتها قد انهى كل الحصة التي كانت تمتلكها ، لقد ذهبوا بها الى بعض الاطباء النفسيين لكنها لم تتعاون .......حتى كونها حامل عرفته بنفسها لم تظهر لديها الأعراض التي تأتي دائما في الأفلام ، ولكن ما كانت تشعر به هو رغبة في حك صدرها لقد كان الدم ينزل جراء كثرة الحك....وايضا كانت تشعر ان حجمه يزداد ، ولم تنتبه الا بعد ثلاثة أشهر الى أن دورتها توقفت ، كتبت هذه المعلومات على موقع طبي في النت لتظهر لها النتيجة انها ربما تكون أعراض للحمل وان عليها التأكيد عن طريق اجراء تحليل ، لقد شعرت بالصدمة وربما الذهول ، انها بالتأكيد غبية فما حدث لها هو بالتأكيد الطريقة التي يحدث بها الحمل ، لقد شعرت وقتها بكره عام تجاه كل البشر الذين يفعلون هذه الأشياء والدليل ملايين الأطفال ، ان حكمها بعد ذلك تغير فانه وان كان هذا هو المحور الرئيسي فان ما يحيطه من أشياء ثانوية هو ما يمثل الفرق ، احيانا يكون عن طريق الرضا المتبادل ، او حتى الرغبة المشتركة ، بل انهم في بعض الحالات يفعلونه تحت وهم الحب ، ان ادراكها لحملها كان نقطة فارقة أخرى في حياتها ، كانت تنظر الى الطفل المتواجد بداخلها كأحد الآثار الذي تركها الوغد ولا بد من ازالتها ، ولكن عندها كان الوقت قد تأخر هذا الى جانب الخطورة نظرا لسنها الصغيرة ، لذا كان عليها ان تستمر ، عندها كادت ان تصل الى حالة من الاكتئاب كرهت حتى نفسها ، فكان الحل من عقلها أن تلجأ الى الانكار وان تعيش وكأنه ليس هناك شئ داخلها ، حتى بطنها الكبير لم تكن تنظر اليه ، كان والداها يشتريان لها الملابس الواسعة دون ان تلاحظ ، لقد حاولت مرة ان تحشر جسمها بالقوة في أحد الملابس لتظل تصرخ بعدها حين فشلت ، لم يخبرها أحد انها حامل بتوأم ، تم حجزها في نهاية الحمل ليقوم الأطباء بضبط معدلاتها قبل اجراء العملية ، لقد ولدت بعملية قيصرية لانهم خافوا على رحمها الذي كان لا يزال ضعيفا من أن يتضرر ، وكذلك لانها ستلد توأم .......استفاقت من البنج وقتها لتشعر بألم فظيع وظلت تبكي لأيام دون توقف ، لقد فقدت حتى هذه الحيلة النفسية التي استخدمتها طيلة الحمل لكن الان ، أصبحت مخاوفها كائن حي بل كائنان ، رفضت رؤيتهما في البداية حتى عادوا الى المنزل كانت تشعر وقتها بالم شديد زاد عليه ألم صدرها وقد امتلأ باللبن ، وكذلك صوت بكاء لا يتوقف ، كانت تبكي كلما سمعت صوت أحدهم من الغرفة الأخرى ، لتجد نفسها دون ان تشعر تحاول السير الى الغرفة الأخرى حتى وصلت الى السريرين الصغيرين لتنظر اليهما ، وجدت طفلان صغيران جدا أحدهما له شعر أسود ناعم فتح عينان سودوان ينظر اليها بهما ، بينما الأخرى نائمة ، نظر اليها قليلا ثم بدأ في البكاء ، حاولت بصعوبة لمسه وكأنها تخاف أن يلدعها ، ثم أخذت تربت فوقه ولكنه لم يصمت ،أمسكت به ورفعته الى صدرها ليسكت ، صمت قليلا ليعود بعدها للبكاء ، شعرت انه جائع لتنتبه عندها الى انها كانت ترى الامهات يرضعن الأطفال ، حاولت ارضاعه ، كان يرضع وكأنه يقول لها ، لقد فهمت أخيرا ما أريده .....كانت دموعها تتساقط فوقه انها لم تستطع ان تكره بل عشقته بكل قوتها هو والصغيرة الأخرى زرقاء العينين التي يبدو وكأنها قد شعرت بأن أخاها قد ارتاح أخيرا وشعر بالسعادة لتطلب هي الأخرى نصيبها .........كان الماء الذي وضعته في المغطس قد برد قليلا قامت منه وهي تتأمل جسمها ، انه يبدو وهي بملابسها جسد فتاة ، فممارستها للرياضة جعلت كل أثر للحمل يختفي ولكن أسفل الملابس تظهر الحقيقة ، (لقد وسمها به )أثر العملية القيصرية ظاهر كما أن صدرها والذي تغير شكله نتيجة الرضاعة بالتأكيد لا يخص فتاة ..................................... ****************
|