كاتب الموضوع :
فاطمه توتي
المنتدى :
الارشيف
رد: ولا يزال لها فصول
...........الفصل الثالث عشر .............كانت تجلس مع ابنتها امام جهاز الكمبيوتر يكلمان ابنها البعيد ، لا تنكر أن رؤيتها له عبر الكاميرا تخفف عنها الكثير من احساسها بافتقاده ، ولكن بالتأكيد ليس مثل الشعور الذي تكاد تموت لأجله بان تأخذه بين ذراعيها ، ان الابن يظل جزء من الام لمدة تسعة شهور لا تشعر الام بعدها بالراحة الا حين تضمه الى قلبها قبل صدرها ، لقد اصبح الان رجلا يملأ القلب قبل العين ، انها لا تنكر ان ما حدث رغم انه ادى الى ابتعاده الا انه غيره كثيرا للأفضل ، فاستمراره في حياته السابقه لم يكن سيؤدي به الى أي تفوق بل على العكس كان من الممكن أن يوصله الى الهاوية ، ان سعادتها به الان وهو على وشك الحصول على الدكتوراة أصبحت لا توصف ، كما ان احساسها بالذنب تجاهه قد قل كثيرا ، لم يكن لها رأي في اتمام زواجها من ابن عمها دكتور عبد الرحمن الحسيني فقد أصدر الوالد والعم الأمر باتمام الزواج رغم أنه كان متزوج من أخرى ، ولكن مع مرورة السنوات أصبحت تدرك انها شئ على الهامش وليس لها دور حقيقي بحياته ، حتى في الاجازات التي كان يقيضها معها كانت تشعر أن روحه بعيدة ، لقد بدا كأنه مكتفيا بزوجته الانجليزية والتي كانت قد اعتنقت الاسلام ، كانت تشعر بجرح كبير لكرامتها ، لقد كانت تفضل أن تكون زوجة لرجل بسيط هي محور حياته على أن تكون زوجة على الهامش للدكتور الكبير ، لكنها في البداية لم تسطع الافصاح ، ولكن يوم أتى بطفلته معه شعرت ان الأمر انتهى لذا طلبت الطلاق وأصرت عليه على الرغم من كل ما فعله والدها ، بعد ذلك تقدم اليها الكثيرون ولكنها كانت ترفض من اجل ابنها ، حتى بدأ الضغط الشديد عليها فهي لا ينبغي أن تظل على هذا الوضع ، لذا وافقت في النهاية ولحسن حظها كان زوجها رجل طيب ، كان عبد الحميد حسن مطلق دون أولاد يعمل محاسبا في مصر للطيران وأدى هذا الى انتقالها للقاهرة ، كان زوجها السابق لا يبخل في الانفاق على ابنه محمد لذا فقد ألحقته بأفضل مدارس اللغات ، وبعد ذلك طلب الاشتراك في النادي فاشركته في نادي من أفضل النوادي كانت تريد الا يشعر بأنه أقل من اخوته ،وعندما كان في الثامنة من عمره انجبت ابنتها شذا ، وبعدهابأربع سنوات انجبت ابنها تامر ، كانت تشعر انه كلما مر الوقت يزيد تباعده عنهم ومع انشغالها بالطفلين وبعملها كمدرسة تفاقم الأمر خاصة مع دخوله مرحلة المراهقة ، وبدأ اهماله الشديد للدراسة ولكن ذكائه الكبير كان يساعده على النجاح ، ليصل الأمر لذروته عند بلوغه السادسة عشر كان ذلك يشعرها بالحزن فأخاه الكبير يدرس الطب وهي تتمنى ألا يقل عنه ، ولكنه عاد لمفاجئتها مرة أخرى فعندما كان في نهاية المرحلة الثانوية أصبح يذاكر كثيرا حتى حصل في النهاية على مجموع كبير أدخله كلية الهندسة ، ولكن هذه الفترة الهادئة لم تستمر كثيرا فمع دخوله الجامعة ازدادت الأمور سوءا كان لا يتوقف عن اثارة المشاكل ويعود دائما يبدو عليه اثار الشجار حتى انه تم استوقفه من قبل الشرطة ، ولحسن الحظ فقد تمكن أخو صديقه من اخراجه بسبب نفوذه الكبير ، لينته الأمر بالمشكلة التي ادت الى هروبه من البلاد ، انها لم تنس حتى الان ذلك اليوم لقد جاء يومها بعد الفجر بقليل كان يبدو عليه الشحوب والتوتر وكأن هناك من يطارده ، طلب للمرة الاولى من زوجها مبلغ من المال وأخذ جوازه الانجليزي (كان قد حصل على الجنسية عن طريق والده الذي سبق وحصل عليها ) ليغادر على أول طائرة مسافرة الى انجلترا ، لقد أثار هذا دهشتها فوالده وأسرته كانوا متواجدين في مصر فلماذا يسافر الى انجلترا؟ ولماذا لم يحصل على النقود من والده ؟، وبعد ذلك سافر الى المانيا ..........انتبهت على صوت ابنتها التي تقول : ماما لم لا تردين على محمد ؟......نظرت الى الشاشة لتجده يقول لها مبتسما : اللي واخد عقلك يهنأ به ...نظرت اليه في حب : أنت فقط من تأخذ عقلي ....لتضع شذا يدها فوق خصرها بحركة اعتراض طفولية وتمط شفتيها قائلة : ولماذا هو فقط ؟......نظر اليها رافعا أحد حاجبية وهو يقول : اخبريني كيف ستحصلين على المجموع الذي وعدتني به وأنت تجلسين كل هذا الوقت أمام النت ؟...قالت بامتعاض : انا استحق لاني من جلست لتحدثك ، لاني اشتقت اليك كثيرا ...ثم أردفت هل ستدرس حقا في الجامعة ؟ لوكنت ستفعل اعدك أني سأدخل كلية الهندسة لأكون معك ......قال لها : أولا كيف ستدخلينها دون مذاكرة ؟... ثانيا عندما أحصل على الدكتوراة سوف أقدم طلب للعمل في الجامعة وقد يقبلوني اذا كان تخصصي مطلوب وقد يرفضون ...ثالثا حتى لو دخلت أنت الكلية وأنا عملت بها من يضمن لك أني سأدرس لك ؟......من الأفضل أن تضعي لنفسك هدف لتسعي اليه دون اشتراط أي شئ اخر او أي احتمالات ....قالت في سخط : مفسد للمتعة ، اكرهك عندما تتقمص شخصية الناصح ....قالت أمه : دعك منها ،هل ستأتي حقا وتعمل في الجامعة ؟....رد ضاحكا : ماما لا تتعاملي مع الأمر كأنه مسلم به انه مجرد احتمال .....قالت في اعتراض : وهل سيجدون من هو أفضل منك ستكون دكتور حاصل على الدكتوراة من ألمانيا وأنت في السادسة والعشرون ....قال ضاحكا : القرد في عين أمه ...قالت بابتسامة معترضة : أي قرد هذا ! لا تقل هذا على ابنه انه مثل القمر ...ثم قالت في قلق : هل تظن أنهم لن يتعرضوا لك ؟.....قال مطمئنا : لا أظن ذلك فلو أراد أن يفعل ، كان سيستطيع التوصل الى مكاني من قبل ...انه يعلم انه لن يفعل به شيئا الان تجنبا لاثارة أي شبهه ، لقد كان الاتفاق الذي أخبره به والده أنها حين تكون في السن المناسب سيعلنون خطبتهم ، وقد يمثلون حتى عقد القران وبعد ذلك يقام حفل زفاف . والخطوة التالية التي سينتظرونها منه بالتأكيد هي الطلاق ..وهو ما لن يفعله بالتأكيد ، وهو يظن انه حتى لوكان هناك نية للانتقام فلن تكون قبل ذلك ....................**************************************لم يستطع العودة مرة أخرى بعد ما حدث مع شقيقته ويما أنه قد جاء مع أحمد في سيارته ، ذهب الى محطة القطار ليحجز تذكرة على أول قطار مغادر ، كان الوقت شتاءا ولذا فقد حصل على التذكرة بسهولة .....عندما حان وقت تحرك القطار دخل وجلس على كرسيه فيما كان جميع الداخلين مشغولين بوضع حقائبهم في الأماكن المخصصة ، فعلى ما يبدو انه الوحيد الذي لم يكن لديه واحدة ، انه لم يعد لاحضار ملابسه فهو لن يستطيع النظر في وجه سارة الان على الأقل بعدما جرحها بهذه الطريقة ، لقد كان تصرف طفولي مقيت من جانبه ، يبدو أن النوم قد غلبه ليستفيق على أصوات الضجة التي تصاحب نزول الناس ، خرج من القطار ليستقل أول سيارة أجرة صادفته ويتوجه بعدها الى شقته ، ان حاله الان يذكره بحالة عندما جاء للمرة الأولى ولكن الاختلاف انه يوجد مكان محدد ليتجه اليه ، بينما كان وقتها مثل المشردين ، قام بتغيير ملابسه ليقرربعد ذلك الخروج ، توجه الى المطعم الذي اعتاد تناول الطعام فيه فعلى الرغم من كونه مطعم شعبي الا انه كان يقدم أفضل الأطعمة ..دخل ليوقفه صاحب المطعم قائلا : أين كنت في الأيام الماضية يا بني ؟ ....انه يشعر بقرب هذا الرجل من قلبه فهو يشعره بحنان واهتمام كبير لذا رد عليه في ود : لقد سافرت لحضور زفاف شقيقي ........قال الرجل مبتسما : العقبى لك ، نفرح بك قريبا بأذن الله ....قال له ضاحكا : لا بالتأكيد ليس قريبا على كل حال ....قال له الرجل بلهجة تدل على خبرة طويلة بأمور الحياة : ان الزواج قدر ، ولا تدري لعل قدرك يكون على بعد خطوات منك ....تناول طعامه ، ثم انصرف وهو يحي الرجل والعاملين ....استمر في المشي بعد ذلك بمحازاة البحر ، كان يستنشق الهواء العليل القادم من البحر يحاول اغراق أفكاره بالامواج المتراطمة ....لا يدري كم مر من الوقت وهو لا يزال يسير ..نظر حوله ليرى أين ساقته قدماه ، لقد كانت المنطقة المتواجد بها الان منطقة مختلفة عن التي بدأ السير منها ، ظهر ذلك في المنازل التي ترآت له من بعيد ، انها لم تكن منازل كانت مجموعة من الفيلات الراقية ، لقد أتى الى هنا من قبل عندما كان يجمع المعلومات عن سعيد الكاشف ، سار دون تفكير المسافة المتبقية حتى وصل أمام الفيلا التي تطل مباشرة على الشاطئ ، كان يشعر وكأن هناك شيئا يدفع دون ارادته الى المكان .....وجد عندها فتاة جالسة فوق الرمال تبكي بصوت
عال اقترب منها ، لم يكن شكلها واضح فقد كان رأسها منحنيا والأضواء الموجودة على الشاطئ لم تكن تكشف الكثير سألها : مابك ؟ هل ضايقك أحدا ما ؟.....شعرت أن الصوت الذي يكلمها يبدو مألوفا ، انه هو ، ما الذي أتى به بالقرب من منزلها هل يتعقبها ؟!!!! لذا ردت بحدة : لا شأن لك بي ، اتركني في حالي وانصرف ....هل هذا جزاء اهتمامه بها ، فلتبكي أو تقتل نفسها حتى!!!!انها بالتأكيد هي ففيلاتهم قريبة ، هل عاد من السفر ليقابل المدللة في أول يوم ؟انها بلتأكيد تبكي لسبب تافه مثلها ، فما الذي يبكي فتاة ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب مثلها ؟ لا ريب أنها كسرت أحد اظافرها أو فقدت أحد احذيتها المريعة .. قال لها بغيظ :اسف انني قاطعت بكائك ، سأتركك حالا حتى تكملين السيمفونية للنهاية .. استدار ليغادر لتوقفه قائلة وقد اشتعلت عيناها : هل تسخر مني أيها الحقير ؟....قبض يده بقوة محاولا تمالك نفسه ، لقد تجاوزت هذه الطفلة الحمقاء حدودها انها تسبه ! قال من بين أسنانه : سأغادر الان لاني لست معتادا على ضرب الفتيات ..قالت صارخة : هل تهددني ؟ انك لن تجرؤ من تظن نفسك ؟ ....يبدو أن هذه الفتاة لا تملك أي شعور بحفظ الذات ، حاول تمالك نفسه مرة اخرى بصعوبة وقال باغاظة : أنا الشخص الذي سيغسل فمك بالماء والصابون لينظفه من ألفاظك القذرة ، وبعدها ساقوم بتربيتك من البداية .....قالت في جنون :أيها البائس انك مجرد ميكانيكي حقير تمتلء ملابسه بالشحم والزيوت ، ويجب أن تذهب الى طبيب ليعالجك من ارتفاع مستوى الغرور في الدم دون داعي .....أمسك بها من ذراعيها ليرفعها عن الأرض وهو يقول لها بشكل مباشر وبصوت صارم : أنت من جلبت هذا لنفسك ، لذا عليك تذكر كلامي هذا ، يوما ما لن تتفوهي بأي لفظ لا يعجبني ، وسوف تنتظري موافقتي على كل خطوة قبل أن تخطيها ، وسيكون اول اهتماماتك هي أرضائي .......ابتعد بعد ذلك لتشعر بألم كبير في ذراعيها لقد أرعبها كلامه ، لقد بدا وكأنه يقرأ عليها تعويذة واجبة النفاذ ، الا انها هزت رأسها لتطرد عنها هذه الأفكار لتصرخ به : اوهام ان ما تقوله محض أوهام فأنا أبعد عنك من نجوم السماء ............*****************************لقد كان يريد البقاء في المزرعة طول فترة نهاية الاسبوع ، فعلى الرغم من مغادرة حازم بالامس الا أنه فضل البقاء والذهاب منها الى العمل مباشرة ، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه لقد استجد امر طارئ دفعه للمغادرة ، فهناك وفد اقتصادي قدم كمندوب للاتحاد الأوروبي بصورة مفاجئة ، وهو يريد أن يجتمع بهم ولقد تم الترتيب للاجتماع بالفعل ، كان قد قام منذ عدة سنوات بانشاء مصنع ضخم للرخام والسيراميك ، لتلبية احتياجاتهم التي لا تتوقف من هذه المواد في انشاء الابنية ، ومع الوقت تم عرض الفائض من الانتاج في السوق المحلي ، وبعد ذلك العربي والافريقي ، وهو يرى أن ما ينتجونه بخاماته الممتازة وتصميماته المبهرة أصبح مؤهل لغزو السوق الأوروبي ، ولذا فانه سيعقد معهم هذا الاجتماع الغير رسمي في البداية ....... وصل الى القصر واتجه مباشرة الى الجناح الخاص به ليجد نهال هناك ، لقد أخبرها في وقت مبكر عن أنها ستصاحبه حتى لا تخرج مثل كل يوم ، وجدها قد غطت وجهها بماسك أبيض ألقى عليها التحية ليتجه الى الحمام مباشرة ....انها تتعجب حقا من زوجها فرجل في مثل ثرائه بدلا من أن يستمتع بالخروج الى أفخم الأماكن يكون المكان المفضل له هو المزرعة ، وخاصة الخيول العزيزة على قلبه ، انها تخاف وتشمئز منها !!!!!!انها تلاحظ انه متضايق لانه جاء وترك مزرعته الغالية ، ليذهب الى سهرة في هذا المكان المذهل ، أزالت المسك عن وجهها وجلست أمام المرآة لوضع الزينة ، لقد كانت محترفة تضع الألوان المناسبة بمهارة شديدة تبرز جمالها من خلالها ...كان يوسف قد خرج وارتدى ملابسه الرسمية ، ليتغير بعض دقائق الى رجل الاعمال المحنك ، انها تشعر بالنشوى البالغة حين تتأبط ذراعه وتجد انظار النساء تتجه اليها بحسد ، فهو يجمع بين الوسامة والثراء ، لقد كان زواجها منه أهم انتصارتها على الاطلاق ، فهي نجحت فيما حاولته الكثيرات قبلها ولكنهن فشلن ، كان يبدو لها شديد الغموض والتباعد وكان يليق به اللقب الذي أطلق عليه ( الرجل الحديدي) انها تشعر حتى الان ان هناك درع يحيط به ويجعل من الصعب الوصول اليه ، ولكنها بالتأكيد نجحت في اختراق هذا الدرع ، أو بالاصح هو سمح لها بهذا ، ولكن في النهاية النتيجة واحدة فقد وصلت الى هدفها ......بعد انتهائها من وضع المكياج ارتدت الفستان الذي طلبته خصيصا من باريس ، ليصرخ بها يوسف : ماهذا ؟..لقد كانت ترتدي فستان أسود به خطوط ذهبية يرتفع الى أعلى الركبة مع فتحة عنق منخفضة تظهر عنقها وجزء من صدرها بينما تلبس عقد من الماس على نحرها ...تسلل اليها الخوف لتقول : انه رائع ، ألا يعجبك ؟...أجاب بسخرية : انه بلا شك رائع ولكن لغرفة النوم هل تظني أنك ستخرجين هكذا ؟ قالت نافية : بل سأرتدي المعطف فالجو بارد ....أكمل بسخرية صارمة : ثم تنزعي المعطف هناك ، هل تظني أني أصطحبك معي لتسهيل شئ ما ؟.....احتقن وجهها لتقول في ضيق : يوسف لا داعي لهذه التلميحات ، انه فستان من _وذكرت ماركة شهيرة _ ولم تصنع منه الا بضعة قطع ولقد كلف ثروة وتريدني أن ألبسه في غرفة النوم .....قال بنفاذ صبر : بما أنني دفعت هذه الثروة فأنا الذي يقرر ، هي البسي شئ محترم لا يظهرك مثل .....قطع الكلمة المتوقعة وكأن أخلاقه لم تسمح له أن يطلقها على زوجته ، ....توجهت الى الدولاب في غيظ لتخرج فستان بنفس اللون ليلائم المكياج وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة عن الفلاحين الذين لا زال الطين يعلق بهم ....وصلوا الى المكان ليزيد غضبها الى الحد الأقصى فقد كانت نشوى تنتظرهم بالخارج أمام سيارتها الجديدة ، لقد اشترت البائسة السيارة باموالها !!!!!قالت له هامسة : لماذا أحضرتني معك اذا كانت السيدة نشوى موجودة ؟.....أجابها في خفوت : انها ليست زوجتي لقد جاءت لتأدية عملها فقط ....وصلوا الى المكان ليجلسوا الى المنضدة الكبيرة وتبعهم الوفد الذي كان يضم جنسيات مختلفة بين انجليز وفرنسيين وألمان ....تكلم معهم بطلاقة باللغتين الانجليزية والفرنسية ، وكانت نهال تفعل المثل ، فلقد درست في الجامعة الامريكية ، كانت ترضيه في هذا الجانب فهي سيدة مجتمع من الدرجة الأولى تجيد حضور الأجتماعات واعداد الحفلات ،كانت منسجمة مع الحضور بصورة كبيرة ، بينما اكتفت نشوى بتدوين بعض الملاحظات ....كان التوتر بينهما محسوس ولوكانت النظرات تقتل فان ما توجهه نهال لها من نظرات كان لا بد وان أوقعها صريعة في الحال ....في نهاية السهرة اتفقوا على ان الوفد سيذهب في اليوم التالي الى المصنع لمشاهدة المنتجات قبل رحيلهم ......فيما سيسافر هو بعد ذلك لاكمال الاتفاق وتوقيع العقود ............***************استيقظ أحمد وهو يشعر بالراحة لقد كان اليوم الماضي مرهقا جدا بالنسبة اليه بعد ليلة لم ينم فيها الا القليل ورحلة طيران استمرت لست ساعات ، وصلوا الى المطار ليجدوا سيارة في انتظارهم ، لقد كان يوسف هو من رتب للرحلة لذا علم أحمد أن الأمر سيكون مثالي ربما أكثر من اللازم ....استقلوا السيارة ليصلوا الى فندق يوروستارز مدريد تاور هو فندق عصري ذو 5 نجوم لا يبعد سوى عشر دقائق بالسيارة من وسط المدينة.جميع الغرف في الفندق مزودة بنوافذ كبيرة مما يتيح لك التمتع بإطلالة على المدينة والجبال وباسيو دي لا كاستيلانا (واحد من أطول وأوسع الشوارع في مدريد)، كان قد حجز لهم جناح في وقت سابق ....ما ان دخلوا وشاهدوه اندفعت فرح لتقول :انه لا يحتوي الى على غرفة نوم واحدة ....اكمل هو بتسلية : وسرير واحد ولكن انظري انه عملاق ...نظرت اليه في شك ، لتقول بعدها بنبرة شديدة الرقة : أحمد أنت جنتل مان ولن تضعني في هذا الموقف المحرج .ستنام على الأريكة أليس كذلك؟.....نظر اليها ببراءة ليقول : أي موقف ؟ حبيبتي نحن زوجان ، وانا وعدتك اني لن أكمل زواجنا الان لماذا لا تثقين بي ؟! انني اتساءل ربما تكون هذه خطوة خاطئة لانه سيظل هناك حاجز بيننا طالما بقي الوضع هكذا ، ثم اكمل وهو يقترب منها : يقولون ( وقوع القضاء ولا انتظاره ) . تراجعت الى الخلف وهي تقول باستسلام : لا بأس سأنام على السرير ولكن يوجد مخدتان .. قالتها وهي تتقدم نحو السرير وتأخذ المخدة الطويلة وتضعها في المنتصف ......قال بسخرية : هل وضعت سور الصين العظيم بيننا هيا الان لننام لاني متعب جدا .....ورغم قوله هذا الا انه لم يتمكن من النوم الا بعد وقت طويل بينما استغرقت هي في النوم مباشرة ......شعر بانها قريبة جدا منه من رائحتها التي تشبه رائحة الزهور ، التفت ليجدها قد اجتازت السور الذي بنته وأصبحت تشاركه في النصف الخاص به ، كان شعرها الاسود الطويل قد غطى جزء من وجهها مد يده بخفه ليبعده عنها ، كان منظرها جميل جدا وهي نائمة كطفلة تنام هانئة ، انه يشعر انها تكون على طبيعتها معه ثم كأن شئ ما يتسلل الى عقلها ليجعلها تتباعد في اللحظة التالية ، فكر بتسلية : هل نومها خفيف ؟ قال ذلك وهو يمد يده بخفة ليتتبع خطوط وجهها ؟ ثم ليفعل بعدها نفس الشئ بشفتيه .......بدأت تتململ ليبتعد هو قليلا ،..... فتحت عينيها لتجده ينظر اليها من مسافة قريبة. عادت ذكريات الامس اليها لتقول له في اتهام : لقد تعديت الجزء الخاص بك و أتيت الى الخاص بي .....رفع حاجبه ليقول ساخرا : هل أنا من فعل ذلك ؟انظري جيدا ....التفتت لتجد انها هي من أتت اليه أحمر وجهها لتقول له : لقد كنت أحلم أني اتسلق الجبال وبالتأكيد كنت أظن أن المخدة جبل ما .....قهقه ضاحكا بصوت عال من هذه الكذبة الغريبة ...قال لها : دعك من هذا وهي استعدي سننزل لتناول الافطار ثم نذهب بعدها الى اماكن مذهلة .....بعد قليل من الوقت كانا قد استعدا لينزلا بعد ذلك الى المطعم الخاص بالفندق ويتناولا الأفطار ...قال لها : من أين تحصلين على رائحة الزهور ؟....نظرت اليه بدهشة ليكمل قائلا : لقد كنت أشعر بأنها تملأ انفي طول الليل ....الوقح انه يذكرها بأنها كانت تقريبا بين أحضانه طول الليل ، ولكنها أجابت بتحدي :انها رائحة الشامبو ، انه فرنسي عندما نعود سوف أعطيك بعضا منه .....غمز بعينه ليكمل بعدها : انه أعجبني بالفعل ولكن لك وليس لي ...ان رائحة الربيع المنبعثة منه تلائم فتاة طويلة الشعر تجري فيما تنبعث منها الرائحة وشعرها يتطاير خلفها .....قالت محاولة اخفاء خجلها : ما هذا دكتور وشاعر انني لا أكاد أصدق ...قال بلهجة موحية : ربما أفاجئك فلا زال هناك الكثير من المواهب ..قالها وهو يمر بعينيه فوقها بكسل بطئ.........خرجا بعد ذلك ، كان الجو بارد ولكنهما ارتدا ملابس ثقيلة في البداية توجهوا الى القصر الملكي -انه احد أجمل وأكبر القصور الملكية في أوروبا, وأحد أجمل الأماكن التي تستحق الزيارة في مدريد بني على الطراز المعماري الإيطالي عام (1714م) في عهد الملك فيليب الخامس ويحتوي القصر على أكثر من (2000 غرفة) تمكنوا من أخذ جولة على معظم الصالات والغرف الملكية, بالاضافة لزيارتهم متحف القصر والتجول في الحدائق المحيطة به والمعروفة باسم (Campo del Moro) ويستخدم القصر حالياً في المناسبات الرسمية فقط حيث تعيش الأسرة المالكة الأسبانية في قصر آخر بالقرب من مدريد..........مع اقتراب وقت الظهر اخذها أحمد للمركز الاسلامي تم افتتاح المركز في عام (1992م) وبني على مساحة (12000متر مربع), وقد تم إنشائه بتبرع من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وكان ذلك بعد أن تنازلت بلدية مدريد في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي عن قطعة الأرض للجالية الإسلامية في إسبانيا وقد تبرع ـ رحمه الله ـ بتكاليف البناء التي تجاوزت (20 مليون دولار) وذلك لجعل هذا الصرح داراً للإسلام والمسلمين في إسبانيا بعد أن عاشت سنوات طويلة تتطلع لأن يكون لها مكان لائق تقيم الصلوات فيه ويضم المركز أول مدرسة عربية إسلامية مع مكتبة وقاعات للمعارض وقاعة كبرى للمحاضرات وقد شهد المركز أنشطة لا حصر لها ثقافية ودينية وملتقيات للحوار مع مختلف المعتقدات والثقافات ويهتم المركز بمد جسور التقارب والود والتفاهم بين الجالية الإسلامية وأهل إسبانيا وتقديم العون الأدبي والديني والثقافي والمالي للجمعيات الإسلامية كما يقوم بالنشاط الديني، الثقافي، التربوي، الاجتماعي، الرياضي ، والتعاون مع المؤسسات الثقافية الإسبانية ويستقبل المركز المسلمين وأبناء الجالية العربية الموجودين في إسبانيا ويقدم الكثير من الخدمات ويعمل الآن من أجل تحسين صورة الإسلام في الغرب ويمكن الوصول للمركز عن طريق المترو باتجاه محطة (Ventas).بعد أن أدوا الصلاة قابلوا بعض الموجودين هناك كانوا ينتمون لجنسيات مختلفة . البعض عرب أو لهم أصول عربية والبعض من الاجانب أو الأسبان انفسهم وقد اعتنقوا الاسلام .........كانت تشعر انها تدخل معه الى عالم مختلف فرغم انها سافرت عدة مرات الى الكثير من البلاد الا انها المرة الأولى التي تزور فيها مركز اسلامي ......قال لها بعد ذلك انا اتضور جوعا لذا سنذهب الى سوق(ميركادو دي سان ميغيل)نظرت اليه بدهشة ليجيبها قائلا :انها افضل مكان يمكنك ان تتناولي فيه الاطعمة الاسبانية .....دخلا الى المكان
كان عبارة عن قوائم من الحديد اقيمت عليها واجهات زجاجية يقع خلفها
منتجات تتراوح من الأسماك والمحار المملح إلى المعكرونة الطازجة و الكعك.اختار كل واحد ما أعجبه والذي كان شهيا جدا ...في نهاية اليوم عادا الى الفندق وكان هناك رابط جديد خفي يجمع بينهما ..................****************انتهى
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ,
|
|