كاتب الموضوع :
simpleness
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
على الجهة الأخرى كان الموضوع ذاته تُديره رَحى النقاش.. قالت وهي تُسْند ظَهرها للسرير: حسيتها ما صدقت.. وكان واضح إنها مترددة حتى تسأل عن الموضوع
خَرَج من غرفة الملابس وهو يَرْتدي بلوزة بجامته ويُعَلّق بتهكّم: لأن السالفة جنها فيلم هندي.. ما تدخل العقل بسهولة.. من حقها ما تصدق
بتوجّس: أنا بديت أخاف من الجاي.. خايفة على فاتن لأن هذا سلطان شكله مو آدمي.. الله يستر
اسْتَقَرّ بجانبها مُعَقِّبًا بثقة: ما يقدر يسوي لها شي.. أنا موجود ورائد موجود.. ما راح يضرها
تَمتمت بتنهيدة: إن شاء الله
اتّكأ بمرفقه على الوسادة ويده ارتفعت لخدّه، والأخرى قَصدت بطنها مثل كُل ليلة.. مَسَحَ فوقه بفكرٍ شارد أثارَ استغرابها فتساءلت: ليش ساكت؟ كل ليلة تسولف معاه؟
ابْتَسَم بخفّة: قاعد أفكر
هَمست وأناملها تغوص بين خصلاته القصيرة: تفكر في شنو؟
وابتسامته تتسع شيئًا فشيء: أفكر شنو بيكون رايش بخصوص القرار اللي قررته؟
عَقدت حاجبيها مُكَرّرة بعدم فهم: قـرار! "قَرَصت خدّه بزعل" ومن متى بعد تتخذ قرارات من وراي؟
ضَحكَ وعيناه المحشوتان بالنعاس تَضيقان: والله من زمان.. من قبل حتى لا نتزوج.. كان مجرد فكرة.. واللحين صار قرار نهائي
استدارت إليه بكامل جَسدها باهتمام عندما استشفت من حَديثه الجدية: زين شنو هالقرار؟ حَمّستنــي
أَجابَ بلا مُقدّمات: بدرس من أول ويديد
فَغرت فاهها بعدم استيعاب للحظات قَبْلَ أن تطبق شَفتيها بضيقٍ لَم يَستنكره.. قالت بِضَجر: طَلال ما انتهينا من هالسالفة! إذا بتدرس عشان إنّك تحس بالنقص صوبي فأنا كلش ما أشجعك.. لأن دافعك ركيك ومُمكن في أي لحظة تغير رايك وتتراجع في نص الطريق
عَقّبَ بصدق: أنا ما اتخذت هالقرار عشان السبب اللي في بالش "أَفْصَحَ" يمكن في البداية يوم فكرت فيه كان هذا السبب.. بس اللحين أنا متأكد إنّي بدرس عشان نفسي.. لأن أنا أبي هذا الشي "استرسَلَ مُشَرِّعًا أبواب ذاته" نُور أنا صدق انحرمت من الدراسة.. محد اهتم لتعليمي ولا فكر فيني غير أبوش طبعًا.. بس أنا بعد استسلمت بسرعة.. إذا أفكر في فاتن ووضعها قبل.. أتأكد إني أنا بعد شاركت في ظلم نفسي.. ما تعبت على روحي.. ما شقيت عشان أوصل للي أبيه.. هي كانت وحيدة وما عندها أحد.. ولا أحد حوالينها يسندها.. اتحدت كل ظروفها الصعبة واشتغلت عشان توفر لها فلوس وتدرس.. وشوفي ما شاء الله وين وصلت "أشارَ لبطنها مًواصِلًا وهي تُنصت إليه بجُل حواسها" أبي أكون كفو لولدي أو بنتي إذا جوا على الدنيا.. أبيهم إذا تكلموا عني يفخرون فيني.. ما أبي أكون الأبو اللي تنازل عن أبسط حقوقه واستسلم بدون ما يحارب ويعاني.. حتى وظيفتي هذي اللي عطاني إياها رائد.. غيري مقعدين في البيوت وهم يستاهلونها أكثر مني.. أحس كأنّي ماخذ حقهم.. وإني في مكان مو مكاني.. وأنا مابي أعيش طول عمري وهالإحساس قاعد على قلبي.. أبي أعيش وأنا واثق إنّي أستحق كل فلس يدخل جيبي.. وإنّي ما سمحت للظروف إنها ترسم حياتي على كيفها.. لا.. تحديتها ووقفت في ويهها ورسمت حياتي اللي أنا أبيها وأتمناها
نَقَلت بصرها بين عَيْنيه.. كان الاخضرار طاغٍ على رماد عَدستيه تأكيدًا على صِدق اعترافه.. اسْتَنشقت نَفَسًا عَميقًا وَقَبْلَ أن تَزْفَر سارعت الضحكة وفَرّت من حنجرتها بسَعادة.. عانقته بحميمية وشَفتيها تطبعان على خَدّه قُبْلة قَــوية.. قالت بِزَهْوٍ وفَخر: والله وعقلت صـدق يا طَلال
عَقَّبَ بجديّة مُصْطنعة: تقدرين تقولين إنّ اكتمل تكوين مخي بعد أربعين سنة من الانتظار
اعتلت ضحكتها: الله يتمم عليـــك
قالَ يُنَبّهها: طبعًا ما راح يكون عندي مدرسين.. فراح أحتاجش وايد
ضَربت على صَدرها بثقة: أفــا عليك.. لي الشرف إني أمارس عليك ثاني أحلى مهنة بالنسبة لي
اسْتَفسَرَ بابْتسامة تنبض جَذَلًا: خلاص يعني إنتِ معاي؟
داعبت أنفه بأنفها هامسةً بحبور: معــاك ليــن النهاية يا عُمري
,،
صَــمْــت.. إذن هذا هُو الصّوت الذي يُسْمَع بعد أن تَنتهي الحَرب.. يَسْتَطيع الآن أن ينصت لِنَبضاته ووَقع خطوات دمائه القادمة من وإلى قَلْبه.. صَوْت الذكريات البيضاء.. الزاهية والسّعيدة.. ها هو يَتَردّد في خاطره بَعدَ أن عاشَ أَبْكمًا لستة أعوام.. غَريـب.. الشعور غَريب ولكن، بهِ لَذّة.. ويُحيي في الجَسد ارْتعاشٌ افْتقدتهُ جَنباته الغَبِرة. ابْتَسَمَ وعَيْناه ترتفعان لمرآة سَيّارته الأمامية.. بَريقٌ يَهتفُ كالنّجم من عَدسته.. وكأنّه نداء القُمرة الهادي للنّجاة. دَلف لمنزلهم.. أَرْكَنَ مَركبته في مكانها.. أَخفضَ رأسه قَليلًا يَنظر للغرف العلوية مُحاولًا أن يَسْتنتج بحدسه هل هي نائمة أم مُستيقظة.. نَظرَ إلى الشاشة مُسْتَعْلِمًا الوَقت.. الثانية صَباحًا وسَبعة عَشَر دَقيقة.. تَعَمّد أن يَتأخّر وأن يأتي في وقتٍ قَد يكون فيه النوم سَيّدًا عليها.. مَرّرَ لسانه على شَفتيه وهُو يُوقف المُحرّك.. تَناولَ هاتفه وفَتحَ الباب ليخرج.. لَفَحَ جِلْده الهواء البارد حتى نَفَذَ لجوفه والتَفّ حَوْلَ رُوحه.. التَقطَ معطف بذلته الرسمية المُعَلّق على ظَهر مقعده ومن ثُمّ أقفل السيارة. مَشَى للمنزل بخطوات هادئة بملابسه الخَفيفة.. بنطال قُماشي.. قَميص قَد طَوى أكمامه حتى مرفقيه.. ومعطفه المُمسك به بسبّابته من خلف كتفه.. وجَميع ما ذُكِر كان مَصْبوغًا بلونٍ واحد... الأسود. المنزل بالطّبع كان يَغط في سُباتٍ عَميق.. صَعدَ العتبات وهو لا يزال يُصْغي لاستقرار دواخله.. دخلَ شقته.. أضواء غُرفة الجلوس والمطبخ مُغْلقة.. عَدا ضوءان أصفران خافِتان.. أحدهما يَتَوَسّط سَقف غرفة الجلوس.. والآخر يُنير زوايا المَمر.. أَلقى نَظْرة على غُرفة ابنته ثُمّ واصَل سَعيه لغرفة نومه. أَمْسَكَ بالمقبض.. أَخفضهُ ببطءٍ وحَذَر.. لا يُريد أن يُوْقظها.. دَخل ومُباشرة سَقطَت عَيْناه على السّرير الفارغ.. أَغْلَقَ الباب من خَلفه وبَصره يَجول على المكان من شَرقه حتى غربه.. لَيست هُنا! تَوَقّفَ في المنتصف بَعدَ أن تَركَ المعطف على المقعد القريب ونظراته قَد اتّجهت ناحية غُرْفة الملابس ودورة المياه.. رُبّما هي هُناك.. تَقَدّم خُطوة ولَم يَتْبعهُا بالثانية.. لأنّ ريحٌ ناعِـمة انتشَلتهُ من حاضره.. لِتَزرعهُ بين جَنبات لَحْظةٍ ثَمينة أَطْبَقَ عَليها الماضي بكِلتا يَديه ليصونها. كانت تَمشي باتّجاهه.. برأسٍ مُنْخَفِض تَتفحّص ثَوْب النار الذي تَرْتَديه.. ذلك السّواد الحَريري الذي انسَكَب كَما الليْل عَلى جَسدها.. كانت هي القَمَرُ والثّوبُ سَماءَها. رَفعت رَأسها فكان الاصطدام.. بَترت خطواتها وسَلّمت العين على العَين.. انْتَصَفت شَفتيه ثَغْرة انْبهار.. كانَ وَجْهُها مُرْتَشِفًا الخَمْرَ حتى السّكر.. ملامحها عارية.. حُرّة من كُل ما هُو مُصْطَنع.. كانت كما لَو أَنّها للتو تُخْلَق إليه. اسْتَنشَقت بعُمْقٍ ثُمّ زَفَرت آخر تردداتها وابتسمت.. دَنَت منه وعَيْناه تَطوفان على الثّوب الذي أُحيكَ من خُيوطٍ خَيالية.. أَسْود حَريري يَنسدل حتى كاحليها النّحيلَيْن.. يَكشف عن ذراعيها وعن جُزْءٌ لا يُسْتهان به من نَحرها المُتَلألئ.. كانت.. كانت سِحْرٌ قَدِمَ إليه من سالف العَصر والأوان. ازْدَرَدَ ريقه عندما اسْتَقَرّت أَمامه.. هَمَست بنبرةٍ تُليق بالفَجر ويَداها تَمُرّان على الثّوب: عيونك تقول إنّك تذكرته
سَألَ ببحّة والشّك يُشاكس يَقينه: هُو نفسه؟
هَمهمت مؤكّدة: نَفسه.. لَبسته بس أول ليلة لنا.. ومن بعد الزواج زاد وزني فصار ضيّق شوي "وبضحكة" اللحين فِـت
هَمَسَ وبَصره لَم يَبْرح مَشْهد الماضي: رَجّعتيني... تسع سنين ورا!
اقْتَرَبَ منها.. اقترب.. واقترب، حتى طَرَد المسافات.. حَرّكَ يَده بتأني وكأنّه يَخوض تَجربته لأول مرة معها.. مَسّ أطراف شَعرها المُتمايل مَوجًا على كَتفيها.. سَبَحَ بأصابعه بين خصلاته قَبْلَ أن تَختار يَده سُكنى عُنقها.. شَدّ عَليه بِمَلق في الوَقت الذي كانت فيه شَفتيه تؤدي واجبها.. قَبّلّ صِدْغها.. قُبْلة تُشْبه في خِفّتها ورِقّتها قَطْرة المَطر الأولى التي تَهبها السّماء للأَرض.. مَضَت شَفتاه ببطء إلى جبينها دُون أن تنفصل عن بَشرتها الناعمة لتطبع قُبْلة وَسطه.. ثُمّ انخفضت مُتّبعة خَطًا مُسْتَقِيمًا حتى بَركت بين عَينيها؛ حَيثُ أَهداها قُبْلته الأخيرة. كانت قُبلاته مَفاتيح السّلام التي يُفْتَح بها الباب المؤدي للقاء. ابْتعدَ قَليلًا.. نَظَر إليها.. إلى عَينيها.. تَبَسّمَ للدموع الوامضة بشوق والتياع.. لذلك أخفضَ يَده ليُحيط خِصرها بذراعيه ويَجذبها إلى حُضنهُ المُقْفَر من جِنانها.. عانقته بذراعيها وشَهقتها الخافتة عَبرت أُذنه قاصدة جَواه.. شَدّ عليها وهو يَغمر وَجهه بين عُنقها والكَتف.. اسْتنشَقَ نَفَسًا طَويــلًا.. بطول السنوات التي فَرُغت فيها قوارير رئتيه من عِطرها الفطري.. آآه كَم هي فاتنة.. آسِرة ومُناسبة له! نعم هي تُناسبه.. تُليق به.. جَسَدها فُصِّلَ على مَقاس حُضْنه.. وحُبّه خُلِقَ لِيَتّسع لوجودها.. هي كَيانٌ مُرْتَبِطٌ به.. كُلّما نَمت وَزكت اتّسعَ لها حُبّه أكثر وأكثر.. كما الوَطن.. نعم.. حُبّه وَطنها وهي شَعْبهُ الأَوحد. رَفع رأسه.. مَسّ أُذنها بشَفتيه.. طَرَقَ صندوق كلماته.. أَيقظها من سُباتها العَتيق ليختار الكلمة التي حَرّمَ على لسانه نُطْقها مُذ طَلّقها.. هَمَسَ ببحّـة خاصّة بها: حَـبيــبتــي
شَبَكَ عَيْنيه بِعَيْنيها.. ابْتَسَم وبِطَرف يَده تَشَرّب الدّمعة الواقفة على أهدابها.. احْتَضَن خَدّها هامِسًا بالذي لا بُدّ أن يُقال: جِنـان.. أنــا.. أنا سامحتش "كَرّر مُؤكّدًا" سامحتش.. بَـس "مَرّر لسانه على شَفتيه" أنا ما بجذب عليش.. أنا ما نسيت.. ما أقدر أنسى بهالسهولة "أَرْخى بصره" وأدري إنش بعد ما تقدرين تنسين اللي سويته "عادَ وصافَح عينيها" بس بحاول.. بحاول أنسى.. يمكن تجي أيام تشوفين مني تصرفات تضايقش.. بس صدقيني بتكون غصبًا عني "ابْتَسمَ بأسى" أنا انجرحت.. حتى ولو ما كان في نيتش سوء.. بس انجرحت.. يكفي اللي صار بعد طلاقنا... "قَطَع كلماته للحظات ومن ثُمّ أرْدف بخفوت" وأدري إنّ الجرح اللي سببته لش أكبر.. إنتِ مُمكن تعوضيني عن الألم "رَفعَ كتفه بحسرة" بس أنا ما أقدر أعوضش السنين اللي راحت وإنتِ وجَنى بعاد "شَدّ من احتضانه لخدّها حينما تَصَدّعت ملامحها من الحقيقة المرة التي نَطقَ بها.. مَسّ أنفها بأنفه ليُكمِل ببحّة" راح نحاول جِنان.. راح نحاول نتجاوز هالمرحلة.. احنا انتهينا من العقبة الأكبر.. اعتذرنا لبعض.. وتدرين شكثر كانت صعبة بس قدرنا نتجاوزها "ابْتسَمَ وهو يغمض ورائحتها تَمضي مع الأنفاس إلى روحه" كنتِ أشجع مني.. أنا كنت وَفي لكبريائي.. بس إنتِ كنتِ أشجع.. وأقوى "وبكلمات صادقة رَفْرَفت فراشاتٍ بين جدران قلبها" بعد سنوات.. جَنى راح تكون مدينة لش لأنش أنقذتين طفولتها.. أنقذتين حياتها
هَمَسَت بحشرجة: الحمـد لله
كَرّر: الحمد لله "قَبّلَ عينها اليُمْنى.. قَبّلَ اليُسرى.. ومن ثُمّ قَبّل أنفها المُتورّد.. شاكسها" في كل الأحوال والمواقف والمشاعر لازم تستعينين بدموعش؟ ما لهم تاريخ انتهاء صلاحية؟
ضَحكت ببحّة حتى أن الدمع تراقص وَسط مُقلتيها، قَبلَ أن تُجيبه: كلما حاولت أخفف منهم يزيدون.. أحسهم يحبون يشاركوني كل لحظاتي
داعبَ بإبهامه أهدابها وهو يهمس بنبرة أضاءت سُبل السعادة بين عَرصات ذاتها المُوحِشة: خلاص.. انتهى وقتهم.. انتهى وقت الوجع.. صار الوقت اللي عيونش تتعرف فيه على بداية جديدة
لَم تُعَقّب.. ولَم تُغادر عَيناها موطئ عَيْنيه.. فَقط أمسكت بيده الغافية فوق خَدّها وأوْدَعت في باطنها قُبْلة كانت أَبْلغ من كُل كَلام.
،
الثالثة والنصف صَباحًا.. زَوجان من الأعَين يَتأملان سَقفٍ لطالما شَهِد لَحظات حُبٍّ تُنيرها النّجوم بالتماعها المُنتشي.. ويَعكسها القَمر على سَطحه المُتسربل بالفضة. مُسْتَلقٍ على ظهره باسترخاء بَعد أن رَمى خَلْفه هَمَّ ما مضى.. وحَبيبته تَغْفو في حضنه ورأسها على صَدره.. تَتَوَسّد الفؤاد مُطْرَبة بنبضه. كلاهما كان يَستعيد بعقله ودمائه وأنفاسه وكُــل حواسه أحداث الساعة الماضية.. كانت مِثــل حُــلمٍ لا يُرى بِعَين الواقع.. كانت رَقيقة.. لَطيفة ومُتْرَعة بالحُب.. سَكَبَ بقوله وفعله مَشاعره عَليها وهي لَم تُمانع بِالبَلل.. كَنهرٍ فاضَ فيها وفاضت فيه.. أعادا يَدًا بيد الواحة المُهَجّرة عن صَحرائها.. فَشَرِبا منها كأسًا هَنيئة بَثّت بين الرّمال حَياة مُزْهِرة. نَطَقَ حُروف اسْمها وأصابعه تَقطع طَريق ذراعها ذهابًا وإيابًا: جِنـان
بَسَطت يَدها براحة على صَدره المكشوف وهي تُجيبه: نَعــم
أَفْصَحَ: أنا.. بطلع من البنك
عُقْدة خَفيفة بين حاجِبَيها وسؤال: ليـش؟
ذَكّرها: تدرين إن ما يصير أكون المدير والبنك فيه أكثر من شخص مرتبط فيني بشكل مُباشر
تَحَرّكَت لترفع جَسدها قَليلًا وتُقابله فَتَأرْجَحَ شعرها عناقيدًا مُداعبًا نَحره.. اسْتَفسرَت: زين شبتسوي بعد ما تطلع؟ وين بتشتغل؟ "مالت شَفتاه بابْتسامة رَأت فيها الغُرور جَليًّا.. عَلّقت ضاحكة وأناملها تَعبث بشعر لحيته القَصير" الابتسامة تقول إن وراها أشياء وأشياء!
ضَحكَ ويده تعود لمخدعها.. لخصلاتها: ايـه.. أشياء مُمتازة "اسْتَرسلَ مُوَضّحًا" جاني عَرض من كذا بنك وجاني من وحدة من الجامعات بعد.. على الرغم إنّي مشتاق بشكل كبيــر للتدريس.. بس رَفضته.. أحس أبي أقضي سنوات أكثر في القطاع العَملي.. البنوك اللي عرضوا عَلي الإدارة ثَلاثة.. رفضت اثنين وقبلت بواحد.. اليوم بعد ما جيتكم المجمع اجتمعت معاهم ووقعنا العقد
عَلا حاجِبها وزاوية فَمها ارْتفعت كاشفة عن ابْتسامة: الواضح إن البنك واجد داخل مزاجك!
أَكّدَ بنبرة الغرور ذاته الذي لَمحته في ابتسامته: طبعًا داخل مزاجي.. شلون ما يدخل مزاجي بنك ****؟
اتّسَعت عَيْناها وفَغرت فاهها تستوعب للحظات، قَبْلَ أن تَبْتسم بحُبٍّ فَخور.. هَمَسَت بزَهو: حَبيـــبي "قَبّلت ذقنه بنعومة ومن ثُمّ هَمسَت لعينيه بصدق" تستاهــل.. مبرووك
رَدّ وبطرف إبهامه وسَبّابته ضَغطَ بخفّة على مُقدّمة أنفها: شُكـرًا.. الله يبارك في حياتش "استطرَدَ يُشاكسها" عاد لا تنسيني هناك.. اذكري لحظاتنا الجَميلة
رَنت لهُ بطرف عَيْنها: لحظات جَميلة ها.. قول اذكري معاركنا.. حروبنا.. جنوننا.. أصح!
قالَ بثقة: لكن اعترفي.. بتفقديني.. واجد بعد مو شوي
كَشّرت مَلامحها وحَرّكت رأسها تنفي ما قاله: لاا.. إلا برتــاح من بلاويك " وكأنّها تَذكرت.. تَسَلّق بَصرها وجهه حتى تَشَبّثَ بجرح جَبينه.. تساءَلت وهي تلمسه" اي صدق فيصل ما قلت لي.. كلمت الصبيان؟
أَرْجع ذراعه خَلْف رأسه مُجيبًا: اي كلمتهم في نفس اليوم اللي قلت لش فيه إنّي بعتذر منهم "ابْتَسَم مُرْدِفًا" واشتريت لكل واحد فيهم بلاي ستيشن
رَفَعَت حاجِبَيها بعدم تصديق وبضحكة: لا عاد.. احْلف؟
ضَحكَ: والله.. كل واحد أخذت له سيدي فيفا بعد
مالت شَفتاها للأسفل بإعجاب: زيـن زيـن "قَرّبَت وجهها من وَجهه حتى أَسندت جبينها بجبينه هامِسةً بِعَبث" يعني فهّمتهم إنك مجنــون ومتهور؟
أَجابَ شَفتيها بوَجْسٍ شَجي أحيا في رُوحها رَعشة أبدية: ايــه.. وقلت لهم إن هالذات ما هي ملكي.. وإن جنوني مسيّر مو مخيّر.. وإنّي سواء برضاي أو من دونه، لهــا.. لجِنان مو لغيرها.. ومن قَبل لا تشوف عيوني ضوا هالدنيا.. شفت بقلبي نورها
انتهى
|