كاتب الموضوع :
simpleness
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
حاضر
تَجلس معهُ أمام التلفاز،فوق أريكةٍ واحدة..لا يفصلهما سوى شِبرٌ واحد انقضت خَمسُ دقائق تُناقش نفسها لشطبه..،كان الليلُ قد امتطت ساعاته الثانيةَ عَشر و دقائق تهمس لها بالعَجَلة قبل أن يُفصح عن رغبته بالنوم..هي تعلم أنَّ لا داعٍ لتَرَدّدها هذا..فيومهما كان رائعاً،أثنى بصِدق على طبقها الذي أعدتهُ خصيصاً له..لتُمارس معه دور الزوجة التقليدية التي تَمنَّت أن تُمَثّلها قبل سنوات..هو حتى أبدى اهتمامه بموضوع دراستها الغائب عن فِكرها من بعد تصادمها العَنيف معه..أغمضت عينيها تجترع تلك الأفكار الجارَّة روحها لضيقٍ لن تعيش براحة لو ظَلَّت مُكَبَّلة بقيوده..فهو و إن جَرحها..أفرغ دماءها ببرود مُوجِع..أهانها و واجهها بالتهميش.. و لم يَكن زوجاً لها أبداً.. و بغض النظر عن مشاعر امتازجهما الأول و الأخير،إلا أنَّهُ رَجُلها الوَحيد..و الذي لم يَطأ أحداً قبله جسر أوردتها و شرايينها الحاملة ذاته لقلبها المُسامح..ذاك القَلب الناطق بالسماح لهُ دون والدها..أزاحت جفنيها لتُبصر وَجه يُوسف المُندمج في التلفاز..أسهبت في نظراتها عاقِدة مُقارنة بينه و بين المُسَمَّى والدها..كلاهما يتفقان في أمر واحد فقط..استباحة دماء الزَوجة ! هل سماحها ليُوسف وَرثتهُ من عَفو والدتها لأبيها ؟ اذاً لماذا هي لم تَعفو عنه ؟ لماذا لم يمت جرح قلبها منه على الرغم من تكفينها للجرح الذي غَرَسَهُ يُوسف ؟!نَبَّشت عن أعذار ليُوسف و التقطت ذراتٍ من أسابٍ و إن كانت بحجم حَبَّة الخردل إلا أنَّها اجترعتها لتمضي في حياتها..اجترعتها قانعة نفسها أنَّ خلف هذه المأساة مَغَبَّة تَزهو بالسعادة و العَيش الرغيد..و على النقيض هي لم تُسامح والدها حتى الآن ! نَحَت هواجسها عن فِكرها لتعود لموضوعها المُهم في هذه اللحظة..الشبر القابع بينهما..هي تعلم جَيَّداً عائقها الأكبر..بتلقائية تَلوَّن وجهها بحَمرة الخَجل و هي تتذكر قُبلتها الجَريئة..زَفَرت بخفَّة و يُمناها تُرجِع خصلاتها خلف أُذنها المُزينة بقرط ألماسي صغير..بَلَّلت شفتيها و ببطئ بدأت بنسف تلك المسافة..مَدَّت يدها بتَردَّد ظَهرت تَصَدُّعاته بين عينيها و بنعومة لامست ذراعه المكشوفة..،مَلْمَس كفَّها الحريري شَتَّتَ حواسه عن التلفاز و أودع اضطراباً لذيــذاً بين نبضاته..استدار إليها يستفسر فَحوى هذه الاقترابات و التي بطريقة ما تُرَغّبه بالمزيد..انعقدت نظراتهما..هي تحمل أغصان أمل نَمت من جذع شجرتها حديثة المَنبت و هَو يختبئ خلف زُجاجٍ لا يعلم أنَّهُ يعكس لها حاجته..ارتدت ابتسامة حَنو أرغمتهُ على شَدّ شفتيه لترتسم حول فمه خُطوط خَوفٍ لا خُطوط فَرح..هو يَخشى أن تهزمه ذاته المُقَيَّدة بماضٍ لم يَفهمه بعد..لا زالَ مُبهماً غازلاً نفسها بشيفرات لا تُتَرجم..فوق شفتي روحه المُطبقة تَغفو أسئِلة ضاعت أجوبتها بين زُحام التَوَهُّمات..هكذا سَمَّاها طبيبه..قالها بثقة،أنتَ تَتَوَهَّم لا أكثر !
،:يُوسف مُمكن اكلمك في موضوع ؟
كَتَمَ تنهيدة أرهقها الغَرق في صدره ليُجيبها هامساً بانتباه،:ايـه أكيد
مَرَّرَت لسانها على شفتيها و كفّها انخفضت لتُلازم كفّه..احتضنتها تَزامُناً مع نُطقها،:ابــوك
اجتذبَ جسدها رجفته حتى طالت روحها،و لَمَحت اختناق نَبضة وسط سواد عدستيه..شَعرت بيده تُحاول الهَرب من احتضانها لكنَّها شَدَّت عليها هامسة برجـاء و كفَّها الأخرى مُتَمَسّكة بكتفه،:يُوسف خلني اكمل..ارجوك اسمعني
تَمَسَّكت بذراعه عندما شَدَّها يُريد أن يقف و هو يُعَقّب بنظرات هاربة و عُقدة حادَّة تستقر بين حاجبيه،:انتِ الا ارجوش حـور،انتِ مو فاهمة شي..ما احب اتكلم في هالسالفة..هالموضوع يرهقني
يدها زارت ذقنه تُدير وجهه إليها لتقول و عيناها تطويان الثقة و تبعثها رسائل عَطِرة إلى عينيه،:مادام إنه يرهقك شاركني إياه..خلني احس بألمك،أنا زوجتك يُوسف و ما دام نبي نبدأ من جديد لازم نشيل بينا الحدود.. و أوَّلها هالموضوع
أزاح يدها و هو يُشيح بوجهه و بصره يتدثر خلف إغماضٍ هارب ليقول بنبرة أشابها الضياع،:ما اقدر حـور..الموضوع يوترني و ما اقدر اسيطر على نفسي،مابي يصير مثل آخر مرة "أكمل و الغَصَّات لحن كلماته" مابي اضرّش حور
رفعت ساقيها لتستقر برُكبتيها فوق الأريكة..هذه المَرَّة احتوت وجهه بكفيّها و أدارتهُ إليها..حادثتهُ بصدقٍ تَمَنَّت لو يلتقط معهُ غُبار الخوف الخانق روحه،:صدقني ما بيصير شي،انا وياك يُوسف..ادري انك قوي و بتقدر ان شاء الله تسيطر على أي احساس مُزعج..انت بس تكلم صدقني بعدها بترتاح "أخفضت رأسها بخفَّة مُتسائِلة" اتفقنا ؟
نَقَل بصره للحظات يتأكد من مَدى صدقها..يبحث عن ثغرة تمنعه من مُوافقتها..لكنّ روحها الراجية خلاصاً أرغمته على النُطق بها،:اتفقنا
,،
أنهت استحمامها بعد ليلة طويــلة أضفت ذِكرى سعيدة في كِتاب عائلتها الحَبيبة..ابتسمت و هي تَنظر لانعكاس صورتها في المرآة..الخَجل لم يَكن ثوباً لجُود أبداً..على عَكسهن جميعاً عندما كُن في مثل موقفها..لكن هكذا كانت جُود دوماً،غير مؤمنة بالشروط التي ترثها فطرياً كُل أُنثى..لا خَجل و لا هُدوء و لا أي شيء من أفانين الأفعال التي تتقيد بها المرأة..،استدارت عندما دَخل بَسَّام الغُرفة..جالت على ملامحه لينقبض صدرها و تنسحب الابتسامة عن شفتيها مثل شمسٍ زارها غَيمٌ مُثقَل على غفلة..فالجُمود لم يُذاب بَعد..،راقبتهُ يُواصل طريقه و هو يخلع بَلوزته السوداء قبل أن يَدلف لدورة المياه..دون أن يُلقي عليها ولو نصف نظرة ! ضَمَّت شفتيها للداخل تَضغطهما تُصمت هَمسات الارتعاشات..يا إلهي ما به ؟! لا تَذكر أنَّها ضايقته..خَطت تَمشى فوق حَبلٍ من أفكار..جلست على السَرير و عقلها شَدَّ ظعنه للظفر بإجابة..رُبما لديه مُشكلة في العمل و ينتظر منها اهتمام..او أنَّها ضايقته دون قصد،مَسَّت رأسها بإعياء فهي لا تتذكر أنَّ فِعلاً سَيئاً صدر منها أو أنَّ لسانها غالطها و جرحه..هي حتى بُرودها تَخلَّت عنه و استجابت لأفعاله الرقيقة و نداء عينيه اللتان عَرَّفَتاها على ربيعه المُخَلَّد..هُو مُنذ البارحة لم يُقَرّبها منه..و هي..مال جسدها يساراً مُستندة بجانبها على السَرير..هي اشتاقته فعلاً،و حواسها تفتقر لارتعاشٍ تُولّدهُ قُبلة منه..أفرغت تنهـيدة بطول جَهلها لتَغَيُّره مع خُروجه و هو يرتدي سروال مَنامته مع بقاء صدره عارياً بلا ستر..اقترب من السرير و هي تلحظ غياب عدستيه خلف ليلٍ لا يُفَسَّر..رُبما لو حادثتهُ لانْقَشَعَت هذه الظُلمة..انحشر جسده أسفل الغِطاء الذي أرخاه حتى مٌنتصف صدره..ذراعه ارتفعت مُستَقِراً بظاهرها على جبينه راسماً مشهد تَفكير أثار فضولها..و هُنا تأكَّدت أن شيئاً ما يدور في جوف هذا الرَجُل..أخفضت بصرها ليديها و الحيرة أرخت أجفانها..انتبهت لآثار حنّاء زواجها..لم تستطع أن تتخضب اليوم لوجود هذه الآثار،فلو رسمت بعض النقوش لبدا الشَكل مُزعجاً للنظر..،هــو المُنفصل بذاته عند ذلك الموضوع المُرهِق..المُقتات على فِكره و استيعابه،لم يستطع أن يُمارس عمله بتركيز و السبب انشغاله بتقليب الأكفار فوق مقلاة قلبه المُشتعل..تزوجته و هي تُحِب غيره..كيف لم ينتبه ؟! لماذا غابت الفكرة عن عقله..فبالطبع أُنثى بهذه الأحوال و التَصرفات سيفهم العقل أنَّها عاشقة لآخر..و الدليل موقفها الغريب مع والدها..و الذي أصبح الآن واضحاً مثل قَمرٍ ليلة اكتماله..آآآه ليسَ قَمراً بسَّام،فلا جمال يرتبط بهذه الحقيقة..بل بوضوح الجرح الغائر في الجَسد..و بدقَّة اختراق السَهم للصدر..و بوجع ارتفاع الروح..،لا يدري لماذا هو مُستسلماً للخسارة..لم يَكن هكذا أبداً.. وهو أخبرها أنَّهُ سيتفهم ماضيها دون مَشاكل..فماذا حَدَثَ الآن ؟ هل اجترعَ الواقع ثمار الاحتمالات التي غرس بذورها في تُربة أفكاره الخصبة حتى باتت قاحلة إلا من علقماً لا يُجتَرع ؟ تصافقت أهدابه ببرود و صوتها الهامس يلتوي وسط مسمعه،:كان خاطري اتحنَّى بس خسارة حنَّة عرسي للحين ما راحت آثاره
نَطَقت بكلماتها لترى مَدى استجابته لها..تنفست الصُعداء و هي تسمع سؤاله على الرغم من أطرافه المُتجمَّدة إلا أنَّها قَبِلت به،:تحبين الحنَّة ؟
زَحفت برُكبتيها لتقترب منه..هو مُستلقٍ و هي جالسة،أجابت بابتسامة جَمَّلت ملامحها الطبيعية،:ايــه احبه في كل عرس لازم اتحنَّى
أخفض ذراعه باسطاً كفَّه فوق السرير ليرفع جسده جالساً و هو يُواصل اسئلته،:في ملجتش تحنيتين ؟
بحَرَج أجابته و أصابعها تصطدم بارتباك،:صراحة لا،لأن ما كان في حفلة
هو كان يعلم أنَّها تتحدث عن عقد قرانهما لكنَّهُ سأل سؤاله..بل أخرج سيفه من غَمد قهره المَبني بيدي التهميش ناطِقاً و عيناه تنفثان أبخرة أخنقتها،:ملجتش الأولى لو الثانية ؟!
,،
كَفُّ يده اختُزِلت سنوات عُمرها الثلاثون حتى استرجعت يَومها الأوَّل،مَقبوضةٌ وبين خُطوطها لا تَقبع الحياة،بل أناملها التي تَرتعش مع إفصاحه لكُل كلمة للتو تَسمعها آذان الليل..حتى أنَّ القَمر استَترَّ يَنحب باغتراب خَلْفَ السحَاب ناعياً طِفلاً ذُبِحَت براءته..،عيناها أنْعَسَ طَرَفَهما الدمع المُتَخَثّر بلا هُطول..ينتظر الواقعة التي هَدَّمت ذاته..تلك الذات التي هاهي تَسعى لجمع أركانها..،أرفع التَيه كَتفه و العَين وَجَّه البَوح أنظارها للبؤرة المُسْتَفرِغة نتانة الماضي..بصوت أنهَكَهُ جَرُّ الذات من زَمنٍ إلى آخر،:أقنعت نفسي إنه انتحر..يَمكن لأن التفكير في القتل بيتعبني أكثر "انخفض صوته بسُخرية على نفسه مُردِفاً" انا و مقتنع انه منتحر مو كافي الناس شري،هذا لو اتأكدت إنه مقتول ؟!
زَمَّت شفتيها بَضَجَر قبل أن تُرخيهما لتتساءل بحيرة و بأناملها تمس صدغها،:ليـش هالضياع الا انتوا فيه ! كنت أظن بس ملاك اللي تشك في الموضوع "و بتردد أكملت" و لأنك بعد ما تبيها تلاحق ورا القضية ما توقعتك تفكر مثلها
وَضَّحَ و الذاكرة تعود به لوحل الدماء و آهات والدته،:لأن ابوي كان متورط حـور،أكثر من مرة رجع لنا البيت مَضروب.."تَصَدَّعات وَجع تَشَعَّبت تَعَرُّجاتها بين طَيَّات ملامحه وهو يُكمل" آخرها قبل أشهر من موته..ظل في المُستشفى أكثر من اسبوعين،للحين ما انسى وجهه "اشتَدَّت أوداجه مُواصلاً" حـور ما عرفناه،ملاك صرخت بهستيرية يوم زارته..و كأن حيوانات نهشت ملامحه
عَقَّبت بتفسير،:يعني من خلال هالمواقف ظنيتون ان اللي متورط معاهم قتلوه ؟
هَزَّ رأسها مؤيداً،:ايـه و بعد يـ
أطبق شَفتيه مُبتلعاً كلماته،يَخشَى أنَّها لو غادرت روحه تصطدم بحائط الوَهم الذي واجهوه به فيما مَضى..تساءلت هَامسة و هي تُراقب غياب عينيه،:و بعد شنو ؟ ليش سكت ؟!
تساءل بلحنِ طفل يبحث عن التصديق،:تصدقيني لو اقول ؟
ضَغَطَّت على يده تُزَوده بقوَّة أسفاً أنَّ الدُنيا سرقتها منه،:أكيـد يُوسف بصدقك
نَطَقَ مُبَرّراً،:حُـور انا اروح لدكتور
واصلت عنه،:دكتور نفسي
أكَّدَ،:اي دكتور نفسي..من بعد موت ابوي صرت اروح له،قطعته أكثر من عشر سنين و بعد زواجنا رجعت له مرة ثانية "تَوَقَّف هُنا مُتخطّياً صخرة ليلتهما الأولى..لا يُريد أن يسترجع مآسيها الآن..أكمل و الضيق لَحنُه" في شي اذا اقول للدكتور عنه يقول لي إني اتوهم.. بس أنا ما احس إنه وهم
تساءلت بحَذر و هي تلمح تصميمه ينعكس وسط عدستيه،:شنو ؟
،:ما كنَّا انا وابوي بس اللي في الغُرفة يوم الحادثة..كان معانا شخص ثالث
~ انتهى
،
أول شي شُكراً لتفهكم يا جميـلات
و ثاني شي اعذروني اذا كان في أخطاء،أنا اراجع كل موقف بعد ما انتهي منه
و كذلك بعد ما انهي الجزء بالكامل..
بس لازم تطلع جم كلمة غلط أو ناقصة حروف..
فالتمسوا لي العذر..،
ان شاء الله الجزء القادم بحدد لكم موعده قريب
*نسألكم الدعاء
سلمتن
،
|