استيقظت رندة اليوم باكرا كعادتها منذ أن استقرت في بيت أبيها المتواضع المتكون من غرفتي نوم و غرفة لاستقبال


الضيوف بالاضافة الى مطبخ وحمام،فبعد أن فتحت عينيها فتحت النافذة لاستقبال نور الصباح فبالرغم من الجو البارد الا أن


النسمات التي كانت تلامس بشرتها وتحرك شعرها تعطيها نشاط بلا حدود و بعدها ذهبت الى الحمام اخذت حمام سريع


و بعدها توجهت الى غرفتها فارتدت سروال من جينز الاحمر و قميص صوفي بالون الابيض ثم جففت شعرها و سرحته على


شكل ذيل حصان ثم توجهت الى المطبخ و حضرت الفطور المتكون من خضار متشكلة على رأسها الطماطم و الخيار بالاضافة


الى الجبن و الزيتون و الشاي الساخن جدا و بعدما وضعت الطعام في طاولة المطبخ توجهت الى غرفة أبيها لتوقظها مثلما


تعود عليها لكن بمجرد أن وضعت يدها لتدق على الباب انفتح و اطل وجه شيخ كبير في العمر فارغ الطول ذو عينين زرقاوتين


مثل لون عينا ابنه الراحل حاتم كما يتميز بشعر ابيض و ذقن خفيف ابيض كذلك فابتسم لابنته قائلا"صباح الخير رندة،كيف


حالك يا حلوتي؟"فترد عليه بعدما طبعت قبلة على جبينه"صباح النور يا ابتي،الحمد لله أنا في تمام الصحة و العافية و انا


بجوارك"فيحتضن حسين كتف رندة من جهة و يسيرا معا نحو المطبخ،و عندما يصلا يجلسان متقابلان و هنا تفتح رندة فمها


قائلة"الن تخبرني يا ابي من ساعدك عندما طردك عز التاجي؟"فينظر اليها حسين قائلا"اطوي صفحة الماضي يا ابنتي


فالحديث عليه يوجع القلوب"فتضيف رندة قائلة و هي تمضغ الطعام جيدا"لا يا ابي احكيلي حتى يطمئن قلبي،اما عز فانه


سيأتيه يوم يحصد فيه ما زرعه"لكن حسين يلد بالصمت فتحترم رندة رغبتها و تكمل فطورها بصمت كذلك،اما حسين فبدأ


يتذكر كل شيء بينه و بين نفسه فعندما ضربه عز و طرده من قصره وجده رامز بالقرب من منزله فحمله معه الى المشفى


الذي يعمل فيه و هناك عالجه على حسابه لانه مهما كان فهو في الاخير يبقى نسيبه لان رامز كان متزوج برندة قبلا و


عندما استفاق حسين في المشفى وجد رامز امامه و هو يبتسم له قائلا"الحمد لله على سلامتك يا عم"و هنا يؤوم


حسين برأسه لأنه لا يستطيع النطق و قناع الاكسجين في فمه،و بعدها يخرج حسين من المشفى بعدما تماثل للشفاء و


هنا يأخذه رامز للعيش معه مثلما كانا يعيشان قبل طلاقه من رندة لكن حسين أحس انه يكبل حرية رامز فهو مازال في


مقتبل العمر و قادر على الزواج مرة أخرى فيصارحه بقراره لكن رامز يفاجأه بأنه اشترى له منزل بمحاذات البحر صغير لكن


جميل و معه بقالة ليعمل فيها و يعيل نفسه فهو يخاف عليه من عز فكما ضربه يوم فأكيد عندما تحين له فرصة اخرى


سيقتله،و هنا يشكره حسين و هاهوذا يعيش مع ابنته في المنزل الذس اختاره له رامز فاصبحا هو و رندة يعملان في نفس


البقالة ليعيلا نفسيهما،و بعدها استفاق حسين من ذكرياته على صوت رندة و هي تحثه على الاسراع لأنهما تأخرا على


فتح البقالة،فتحت رندة البقالة مع أبيها لكن احست بوغز في قلبها غير طبيعي و هنا تتذكر جميلة فمنذ مغادرتها الفيلا لم


تتصل بها و لم تسمع اخبارها فحتى ورقة طلاقها وصلتها الى البيت و هاهي الان تعمل مع ابيها في البقالة و عندما راى


ابوها تغير حالها قال لها"مابك رندة؟هل تحس بألم ما؟"فأجبته قلقة"لا،لكن أحس أن جميلة في خطر قلبي غير مطمئن


عليها،و أنا منذ أسبوع لم أتصل بها،سأتصل الان و اريح قلبي"فرد أبوها باسما"خير ما تفعليه يا ابنتي ان شاء الله


خير"فتتصل رندة مرارا و تكرارا لكن هاتف جميلة يكون اما مغلق او خارج نطاق التغطية و هنا تهرع رندة الى حقيبة يدها و


تبحث عن رقم الهاتف الارضي لصهيب و عندما تجده تتصل فورا،فترد عليها عائشة قائلة"السلام عليكم منزل الراسي،من


المتصل؟"فترد عليها رندة قائلة"و عليكم السلام كيف حالك عائشة؟هل لي أن أكلم جميلة؟فانا اشتقت لها كثيرا و بالي


مشغول عليا،هل أصابها مكروه لسمح الله؟"فتجيبها عائشة بخيبة حتى تزيح عنها القلق قائلة"على رسلك يا رندة اولا أنا


بخير و الحمد لله،ثانيا جميلة في ايدي أمينة و هي الان في الجامعة و هي بتمام الصحة و العاف..."و هنا يدخل عز بكل


عصبية قائلا"أين تلك الفاجرة سأقتلها و أشرب من دمها لقد مرغت رأسي في الوحل،أين أنت يا جميلة؟هيا اخرجي من


جحرك الان و فورا"و هنا تساءلت رندة قائلة"ما الذي حصل،لماذا عز يصرخ هكذا،ماذا فعلت جميلة؟"لكن لا مجيب لأن


السماعة هوت من يد عائشة و هي ترى اصرار عز على ارتكاب الجريمة فتهرع اليه مهدئة و قائلة"هدأ من روعك سيد عز


فمثل هذه المسائل تحل بالهدوء،فالعصبية لا تنفع لشيء صدقني؟"فيرد و مسحة الحزن بادية على وجهه"لماذا يحصل هذا


معي اولا افتقدك و الان اعيد الكرة مع ابنك،اقسم انني لا اعلم الا الان و لهذا سأقتلها انه دلال امها من اوصلنا الى


هذا،على اخر عمري تكون ابنتي ساقطة و بائعة هوى يالسخافة"و هنا تنصدم رندة التي سمعت كل شيء من سماعة


الهاتف فيبدأ جسدها بالارتعاش و يسقط الهاتف من يدها و ينكسر الى أشلاء،فيأتي أبوها مسرعا و يحتضنها و هي تبكي


و تصرخ قائلة"اود الذهاب الى ابنتي الان المجنون عز يريد قتلها أنا متأكدة انها بريئة فابنتي شريفة يا ابي اقسم


بذلك"فيسمح أبوها على شعرها مهدأ قائلا لها"اهدئي يا ابنتي لا تحل الامور هكذا اصبري سأستعير سيارة و نذهب"فتوأم


رأسها بالايجاب و ثم يهرع حسين خارج البقالة باحثا عن السيارة و الخوف يأكل أكلا فهو يعرف عز جيدا لن يسكت ابدا و


سوف يؤذي جميلة حفيدته الغالية.


اما وردة فكانت في الجامعة مع مجموعة من أصدقاءها يحتسون العصير و الحلويات و هم فرحين بخراب زواج جميلة و لم


تكتف وردة بهذا فقط بل اصبحت تطلق الضحكات الهستيرية و هي تمثل لهم مشهد انهيار جميلة بعد طلاقها و هي تحكي


لزميلاتها و زملاءها ما فعلته بها لكنها لم تنتبه لشخص الذي كان يراقبها و هو يهم لدخول الى الجامعة حتى يلغي دراسة


جميلة من الجامعة و عندما سمعها تتلفظ باسم جميلة اجتاحه الفضول فبقي ينصت باهتمام و عندما انتهت من كلامها


ذهب اليها بخطوات واسعة قائلا لها و الغضب يتطاير من عينيه"اذا أنت الحية،يالك من ماكرة ماذا فعلت لكي جميلة حتى


تجازيها هكذا لقد أحبتك كأخت لها و اعتبرتك أعز صديقاتها و تقاسمت معك الحلوة و المرة"و هنا تنصدم وردة من الواقف


أمامها انه صهيب بلحمه و شحمه و هو يهزها بكل ما اتي بقوة و هي هائمة في ملامحه فقد زاد توهج عيونه الزرقاء حيث


انه بالرغم من الغضب الذي يعتليه الا أن ملامحه زادت جمالا فهي الان تحسد جميلة على هذا الصدر و الكتفين و .....لكن


صهيب ايقظها من سرحانها على صوت صفعة مدوية قائلا لها"لن يمر هذا الموضوع مرور الكرام،سأنتقم منك أيتها الكريهة


الكاذبة المنحطة،هل اعتقدتي أن كل الفتيات خبيثات مثلك؟حقا بت الان اشفق عليك و الان فقط فهمت لماذا كل الناس


تنفر منك لأنها تعرفك على حقيقتك القذرة،عكس جميلة التي احبتك و اعتبرتك اخت لها،هيا معي الان"فـصبح يجرها وراءه و


هي مسحورة برجولته و هي لا تعلم أنها ذاهبة الى حتفها.


اما رندة فقلبها محروق و هي في السيارة و العرق يتصبب من جبينها في عز الشتاء و هنا تخاطب والدها و هي في قمة


التوتر قائلة"فلتسرع قليلا يا ابي،عز غاضب جدا و أخاف أن يتهور و أفقد بنتي للأ..."فيقاطعها حسين قائلا و هو يربت على


يدها مطمئنا اياها"لا تخافي يا ابنتي هانحن على وشك الوصول الى المدينة،لكن هل ذكرتيني بعنوان البيت حتى لا اتوه


فهذه المدينة كبرت على اخر زيارة لي فيها"فتجيب رندة بشرود"منذ ميلاد جميلة 10 و هي الان صاحبة 20 ربيعا لا أعلم


هل ستذكرك أم لا،لكن كنت دوما احكي لها عليك و على شهامتك التي ورثتها لحاتم رحمه الله،فيضيف حسين قائلا"لكن


هل أخبرتها يوما عن حاتم و عائلته"فتجيب بحزن"هي الان متزوجة بابن خالها لكن لم أخبرها بذلك،أخاف عليها و على


صهيب من ابوها أنت تعلم أن الثأر و الانتقام تمشي في عروقه بدلا من الدم"فيلد حسين و رندة بالصمت و هما متوتران و


قلقان من ردة فعل عز اتجاه قضية ابنته المظلومة.


اما عائشة فكانت في حالة استنفار قصوى و هي تحاول السيطرة على غضب عز قائلة له"استعن بالله يا عز،قد تكون


جميلة مظلومة،ارجوك لا تتسرع حتى لا تندم"و هنا يبعدها عز من طريقه و يبدأ بالبحث على جميلة من غرفة الى اخرى


حتى يصل الى غرفة موصدة فيصرخ في عائشة قائلا"احضري لي المفتاح حالا او اكسر الباب".