.
.
الفصل الحادي عشر 11 :
( قبل عدة أشهر مضت ) ..
يصعد الدرج بهدوء في منتصف الليل , لقد أتى في وقت متأخر خوفًا من أن يشك به أحد , و متلثمًا بعناية قبل أن يغادر سيارته , لكنه لا يزال يشعر بأن هنالك أحد يتبعه , و لكنه اكتفى بإقناع نفسه أنها مجرد وسوسة ..
في اللحظة التي وقف فيها أمام الباب , كان الباب قد فُتح له , ابتسم لحدس رفيقه ..
" لقد علِمت بأنني قادم ! " ..
" و من غيرك يأتي إلى هنا ؟! " .. قال فيصل بابتسامة لـ عبدالرحمن ..
" كيف حالك ؟ لم أرك منذ فترة .. كيف تسير خططك ؟ " .. سأل عبد الرحمن و هو يدور بعينيه في المكان ..
" بأحسن حال , لا تقلق .. و الآن أخبرني , ما آخر مستجدّاتك أنت ؟ " ..
" لقد أتيتك بما تريده بالضبط " قال عبدالرحمن و هو يجلس مقابل فيصل و عيناه تحكي الكثير ..
" هيّا تكلم " ..
" منذ فترة ليست ببعيدة , قام عدة فتيان من جدة بعمل مشروع بسيط , و لكنه كان محور حديث الجميع .. لقد قاموا بوضع مبالغ مالية لا تتجاوز الـ 500 ريال في مغلفات صغيرة , و خبئوا المغلفات في أماكن مختلفة في مدينتهم , و نشروا ما فعلوه في (( تويتر )) بحملة خاصة بهم و حساب خاص " ..
" حسنًا , و كيف أخبروا الجميع بمواقع المغلفات ؟! "..
" بسيطة , لقد قاموا بتصوير جزء صغير من المكان , و وضعوا الصورة في حسابهم و كتبوا أسماء الشوارع القريبة من مكان المغلف , و تركوا الشباب يقومون بالبحث و الاستكشاف , ومن يجدها يأخذها ".. أنهى عبدالرحمن حديثه و هو يضع قدمًا فوق الأخرى ..
سكت فيصل و هو يفكر و يحكُ ذقنه .. مغلفات , صور , بحث , و الجميع سيشترك في ذلك ...
" يبدو هذا جذابًا جدًا , سنقوم بفعلها , و لكننا بحاجة إلى خطة بديلة , أريد إنهاك بدر , إنهاكه حد النخاع .. "
" لا تقلق , سنجد خططًا أفضل , و لكن الآن سنعمل على هذه فقط , و مع الأيام سنجد ضالّتنا ... "
" أنت محق , لنرى ما أستطيع فعله ... " قال فيصل و هو يغمض عينيه باستغراق ...
********
الساعة 6:00 م , جنوب الرياض ...
يضغط بخفة على هاتف عادل بين يديه , و هو يبلل شفتيه بشعور الانتصار , و لكنها البداية فحسب ..
لقد فعلتها ..
سأضع الجميع أمام الحقيقة ..
سأخرج بدر من حياته الرتيبة ليوم واحد فقط ..
سأُجعله يشعر بقهر الرجال و حرقة الأعصاب ..
كان على عادل ألا ينبذ الماضي خلفه ..
لقد كنّا على وعود كثيرة , اتفاقات عديدة , و ماضي أكبر من هذا كله ..
و تركني عند أول منعطف خطِر أواجهه , تركني لأواجه هذا كله لوحدي ..
و استطعت فعل ذلك و استطعت المواجهة ..
و لكن يجب عليه أن يلقى جزاءه ..
كان لدي حلم , و لا زال موجودًا في طيات روحي , و سأظل ألاحقه حتى آخر ساعة في حياتي ..
********
واقفًا عند باب سيارته , يحدق في هاتفه تارة , و في عبدالرحمن تارةً أخرى ..
و فجأة , هتف صارخًا و مناديًا عبدالرحمن :" انظر , انظر إلى هذا , لقد أخبرتك , لقد علمت بما سيفعله .. ".
اقترب عبدالرحمن من بدر مسرعًا و هو يسحب الهاتف من يده و ينظر إلى ما كان بدر يحدق فيه ..
" أنت محق , يبدو بأنه الموقع الأول "..
استعاد بدر هاتفه قائلًا :" لا , لا يبدو , بل إنه بالتأكيد الموقع الأول .. "..
فتح باب السائق و هو يشير إلى عبدالرحمن بالدخول :" خذ , تولى القيادة أنت , و أنا سأكون بجانبك , سنذهب في سيارة واحدة .. " .
ركب عبدالرحمن و ركب بدر بجانبه مغلقًا بالباب بحدة , مشى عبدالرحمن بسرعة و هو يطلب من بدر أن يعيد قراءة الموقع له ..
لقد كانت هناك تغريدتان , و تفصل بينهما ربع ساعة ..
عاود بدر القراءة بينما عبدالرحمن كان يتخطى السيارات بسرعة جنونية ..
كان بدر يقرأ بصوت منخفض ما كتبه – فيصل – بكل ثقة ..
@Adel_H_Suliman : مكافأة لأبناء هذا الوطن الغالي , و لنكمل سويًة الفرح العارم بذكرى هذا اليوم , سأعلن أنا شخصيًا عن مكافآت مالية موزعة في أرجاء الرياض كاملة .. و موضوعة في مغلفات مغلقة .. ابتداءً من الساعة 6:00 م , سأخبركم بالموقع الأول ..
....
و مع استمرار قراءة بدر , كانت إعادات التغريد في تزايد , و كذلك التفضيلات ..
لقد أصبحت مبادرة رجل الأعمال : عادل سليمان , هي محور حديث الجميع ..
الذي لطالما كان الداعم الأول للشباب في المجتمع .. و يبدو بأنه الرجل المفضل لديهم ..
و استمرت التعليقات حول هذه المبادرة في حسابه .. و الجميع يكتبون و يشركون أصحابهم في هذه المبادرة الغريبة ..
و استمر بدر بقراءة تعليقاتهم وهو يقول :" هذا ما كان يقصده ذاك الدنيء عندما قال بأن الرياض كلها ستساعدني بالبحث !! .. الجميع يتحدثون عن هذه اللعبة التافهة , الجميع سيخرج للبحث , الجميع سيشاركوني البحث عن ضالّتي "..
قال عبدالرحمن محاولًا التهدئة :" لا تقلق , ها نحن الآن متوجهون إلى المكان المقصود , صدقني لن يصل أحدًا هناك قبلنا .. "
عاود بدر قراءة التغريدة الثانية , (( تغريدة الموقع الأول )) :
@Adel_H_Suliman : الموقع الأول أعزائي .. في مكان ما بالقرب من - شارع العليا العام – و بالقرب من الإشارة الثالثة .. اذهبوا للبحث هناك ..
....
أسرع عبدالرحمن و هو يحاول الوصول بأسرع ما يمكن .. و قد كانت المسافة طويلة من جنوب الرياض إلى غربها .. و قد مرت 25 دقيقة تقريبًا قبل أن يكونوا قريبين من الموقع .. و مع كل دقيقة كانت تعبر , كانت أنفاس بدر تضِيق به ..
و مع كل مرة يعلقون في ازدحام صغير , كان بدر يتمنى لو أنه يستطيع أن يُلغي الجميع من الوجود !!
و بعد مرور عدة دقائق من التوتر و التفكير الزائد .. كان عبدالرحمن يستطيع رؤية إشارة المرور المذكورة في التغريدة .. و لاحظ بدر أن أعداد الشبان في هذه المنطقة وهذه الشوارع في ازدياد ..
و شعر بأن الرياض كلها ستتكاتف لتقف ضده و ليس لتبحث معه !!
قال عبدالرحمن بسرعة :" هذا هو المكان .. أهناك تفاصيل أخرى مذكورة ؟! "..
" لا , لم يذكر شيئًا سوى اسم الشارع و رقم الإشارة المرورية "..
.. أبطأ عبدالرحمن من سرعته و توقف بجانب إحدى المقاهي .. نزلا بسرعة و هو يتلفتون يمينًا و يسارًا ..
" أين سنجد هذا المغلف اللعين الآن .. ؟" صرخ بدر بتوتر و و يديه ترتجفان ..
" اسمع سأذهب أنا من هذا الشارع , و أنت اذهب باتجاه اليمين من بعد الإشارة المرورية .. سنبقى على اتصال .. هيّا اذهب "
اسرع بدر بالمشي و هو يفكر أين من الممكن أن يضع أحدهم مغلفًا .. !!؟
كان يفكر بتوتر وهو يهمس لنفسه :" لن يضعه في منتصف الطريق بالتأكيد , سيضعه في مكان مخفي و آمن .. ولكن أين ؟ ... أين ؟! "
كان يمشي و هو ينظر إلى المحلات و المقاهي على يمينه .. و فجأة طرأت فكرة في رأسه ..
و أحس أن نبضات قلبه في تزايد ..
... نهاية الفصل 11 ...
توقعاتكم :) ؟؟