كاتب الموضوع :
إِنسيَابُ
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: ومضَـةُ حُـبِ
السَـــلام عليكم
أولا أتأسف حقاً على التأخر بطرح الفصل ..
لكن الظروف تفاجئنا دائماً و منه تمنعنا على الكتابة ..
أشكركم حقاً على التفآعل و التوآجد ..
| الومضَــــة السَــآدسة .. ! |
صرخَـت بذعرِ و تلكَ اليد الخشنَـة تلتفُ على مرفقهَـا ..
تجذبها ناحيتهاَ بعشوائيَـة لتصطدمَ بأشخاص تخافهم ..
لقد كآن إحد المتسولين الذي يلحقُ بهَـا فيمسكهاَ ..
بشع المنظرِ و مريبَ الهندامِ و الشكل ..
عينَـاه التي تحيطهما الهالات السودآء ..
التجاعيد التي تملأُ جبينهُ المتعرق بشدةِ ..
لحيته الكثيفة التي تغطي أغلب ملامح وجهه ..
حقـاً شكله يثيرُ الرعبَ بالأنفسِ ..
رمقهَـا بنظرَة غير مبآليَـة سطحية ليردف بثقل ..
و يدهُ تمتدُ أو بمعـنَى الأصح تشير إلى حقيبتها ..
لسآنه يخرج كلمآت غير مفهومَـة لتنبعثَ منه رآئحة كريهَـة ..
رآئحة الشرآب القويَـة التي دآعبت أنفآس هديل اللاهثَـة ..
لترتجفَ أطرآفها البآردة و هي تحكم على حقيبتها بخوف ..
و تنسحب بخطوآت صغيرة نحو الورآء ..
و تَـهز رأسها بقلة حيلَـة : مَـاذاَ تُـريدُ ؟ لمَـا تتبعني ؟!
همَـس بحدَة و عيناهُ ما ترتكزآن على الحقيبَـة : أعطيني المآل الذي تحملينه بحقيبتك ؟
كتَـمَـت أنفاسها الغير متلاحقَـة .. و هي تشير برآسها دون تصديق
فتردف بتساؤل و إستغرآب يغلبه الغبآء المصطنع : أيُ حقيبَـة ؟ و أيُ مال تتكلم عنه ؟..
أنَـا لا أملكُ من النقودِ شيء .. و لا عمَـل لي !
إرتجَـف صوتهَـا لرؤية ملامحه التي تنعقد و تتقلص ..
كنآية على غضب هذاَ الكآئن المريب و الذي حتما يستعد للهجوم ..
لتردف بتبرير أغبى : صَـدقني لو أحملُ بضع أورآق نقدية لأعطيتهَـا إيَّـاك فأنت حتماً تستحقها !
ضحَـك بتثاقل و هو يميل شفتيه بعدم تصديق و بتمثيلية قد سبق و إن أتقنهاَ ..
رفع يده بعشوائية : هذه الترهآت إحتفظي بهآ لنفسك ! وفريِ الكلام فالصمتُ من ذهب !
و الآن أريد مالاً و إلا ..
لم يتمم كلامتهُ تلك إلا و تبآغته ضربَـة من ورائهِ أسقطتهُ أرضاً ..
ليهوي متألماً .. على الأرضية الصلبَـة و يضحك ببشآعة و قد أُغرق بثمالتهِ ..
قفزَت هديل من سقوط هذاَ الغريب أرضـاً أمامها ..
رفعَـت نظرها نآحية ذلك الظل الذي ما بدأ يتضح بقروبهِ بجآنبها ..
و هُو يسأل بإهتمام معتبر .. يكتم ضحكاته من شكل هذه القطة المرتجفَـة ..
أين تلك الشجآعة و تلك الوحشيَـة ؟! .. لقد ذهبت أدرآج الريآح ..
: هَـل أنت بخير ؟
شهقَـت و القهرُ مآ بدأ يعتليهَـا .. لتصرخَ و ما بدأت الدماء تحتقن بوجهها ..
: لمَـاذاَ تلاحقني ؟ لماذاَ تتبعنيِ ؟ هل تعرفني ؟ هَـل أنت مجنون ، مخـتل عقلياً ؟
نآظرها بسخف .. و السخرية ما بدأت تسيطر عليه و هو يرى إنفعالها و هجومها ..
حُـباً بالله أين ذلك الإرتجَـاف و الخوف .. أم أنها تستقوي على من تُريد ..
: بدَل أن تشكريني و تكآفئيني على مساعدتي لكِ .. تنعتينني بالمجنون !
ألاَ يعرف لسآنك السليط كلام مهذب و خلوق ؟
هَـديل و هي توجه نظرآت من نار و الغضب ما بدأ يكتسحهاَ ..
لتجيب بحدَة : لا للأسف أنا لا أُجيدُ الكلام الحسنَ مع أمثالك !
ألديك الحق بملاحقتي ؟ هل طلبتُ منكَ المسآعدة مثلا ؟
زياد و هو ينآظرها بإبتسامة يغيضها بها و يشعل النآر بداخلها ..
: و مَـا بوسع فتاة صغيرَة ، غبية ، ترتجف من الخوفِ فعله أمام رجل ..
الشآرع لا يحوي أحداً .. أي بمعنَى أصح لن يسمعك أحد حتى و إن صرختي ..
وقتهَـا حتماً ستدركين حجم المسآعدة و المعروف الذي تدينينه لي !
تجزم بصحَة كلامه و عيناهاَ تجولان على هذاَ الشآرع السآكن ..
حقاً حتى لو صرخت لمئات السنين لن يستمع لهآ أحد فهو عميقُ الزوايآ ..
ربعَـت يدآهَـا على صدرها و هي تميل شفتيها بشيء من الإنزعَـاج ..
: أولاً لســتُ فتاة صغيرة ! ثانيـاً الغباء و الخَـوف ليس من صفَـاتي أبداً ..
و مَـا بوسع رجل ثمل فعلهُ .. أنظر لهُ لا حول و لا قُـوة حتى أنه لا يستطيع التكلم بسلاسة !
ضحكَ بسخرية على طفولية أفكارهَـا التي تنحصر بدائرة معينة ..
ليجيبَ بعدهَـا : ألاَ تعلميـــنَ أن الرجلَ الثملَ بوسعه فعل الكثيرِ .. أكثَـر من رجل عادي !
فلا وعيَ له و بهذهِ الحـآلة بإمكَـانه فعل المُـستحيل ! .. لا يمكن الإستهانة بأحد و طبعا قوة البنات لن تعادل قوة الرجآل ..!
ناظرته بإزدراء و هي تردف غير مبالية لكلامه و نظرآته الموجهة ناحيتها ..
: شكراً على المعلومَـة القيمَــة ! إحتفظ بهَـا لنفسك و أرجو أن لا تتبعني و تحشر أنفك بشؤوني !
و ألتفتتَ ناحية الطريق و هي تعض شفتها السفلية على شجاعتها هذه ..
فما رفعت عيناها ناحية الطريق المظلم المتبقي إلا و ترتجف ذعراً ..
نآظرهَـا بصبر و هو يردف بخبث : مع السلامَـة ! و لا تقلقي كثيراً فالطريق لا يملأه سوى المجانين و المختلين عقلياً و المنحرفين فكرياً و السآرقين طبعـاً .. ينتظرون مرور حسناء مثلك و حتماً لن يتركوا هذه الفريسة تذهب هباءاً فكل فرصة من ذهب و لا تعوض أبداً .. للأسف أناَ لن أجبرك على عدم الذهَـاب فأنا لست مسؤولاُ عنكِ !
ليهز رأسه آسفاً و هو يخفي إبتسامَـته .. ليتمم تمثيليته بإحتراف : يا للأســـف ! حتمـاً سأدعو لك بالنجَـاة من تلكَ المخلُــوقات !
إرتجَـفت يدآهَـا بوضوح و جسمها يصابُ بالقشعريرة ..
بمجرد تردد كلمآته على مسامعها .. يرقص قلبها خوف من وصفه المريب ..
و كلماته التي تبثُ الذعر بداخلها أكثر من السآبق ..
هل حتماً ستستطيع تخطي هذاَ الطريق ؟
الجوآب يشع من بعيد ! مؤكد أنها لا تستطيع لكن ما الحل !
الوقت يداهمها و العمل يودعها ! ما الحلُ إذاً ؟!
رفعَـت نظرهَـا و هي ترآه يتجه ناحية طريق العودة بسهولة ..
ينسحب من ظلمة هذا الطريق الموحش ليتركهَـا تتخبط بأوهام حقيقية ..
بعد أن ترك لعقلها حريَـة التخيُلِ ما الذي سيواجه طريقها من عقباتَ ..
شتت أنظارهَـا بين المُـتوسل الطريح و بين الطريق المظلم و زياد الذي ما بدأ ظله يختفي ..
لا تعلمَ ما الحلَ .. ؟ ما الذي تفعلهُ
إِنسَـابت من بين شفتيهَـا كلمة لم تُـرد قولها يوماً لشخص مثله : إِنتَـــظر !
إبتسمَ و إتسعَــت إبتسامتهُ لتشع ملامحهُ و قد نجحَـت خطته ..
و إنطلَــت الخدعة عليها ، حقاً لأنها غبية تصدق كل شيء !
آخفى الإبتسامة بصعوبَـة و هو يقتنص قناع البرود و اللامبالاة ..
إلتفتَ ناحيتها و هو يضع يدآه بمخبأ سروالـه : نَـعم ماذاَ تُــريدين ؟ أَلَمْ تذهبـي بعدْ ؟!
شتمَـت نفسها على التسرع الذي صدر منها و هي تناديه ..
تطلب العَوْن ! و مِــن زياد أيضاً !؟
ضربَـت رجلها اليمين بخفَـة على الأرض و هي تشتت نظرآتها ..
لا تريد رؤية نشوة الإنتصآر بين عينيه و هي تترجآه ..
و لكن ليسَـت هديل التي تترجَـى و تطعَـن كرآمتها و كبريائها ..
إنتفضَـت تلكَ الأفكَـار و هي ترى ذلك المتسول يغمزُ لها بحقَـارة ..
و يهمس بأبشعِ الكلمآت التي صُمَّت عن سماعها وتجاهلتهاَ ..
تباً لتفكيرهَـا ! .. تباً لكبريائها الذي سيرميها بالهآوية ..
حسناً ستجَـازف لأول مرة و لآخر مرة و لن تعيدَ الكرَّة ..
أجَـابَـت بتررد : هل من الأمــكَـن أن ترآفقَــني إلى نهَـاية الشآرع ! آآ ..
فأنا مستعجلَـة نوعـاً ماَ ! و لا أملـكُ العديدَ من الوقـتِ لتمديد المسآفـات !
إنفَـجر ضحكـاً بداخله و هو يرددُ .. أين تلك الشجَـاعة ..
أين تلك التي تقول أن الغبَاء و الخوف ليس من صِـفاتهآ .. ؟!
أجزمُ أنهَـا أضعَـفُ فتاة عرفتهَـا .. لكن هي من النوعِ الكتوم ..
و الذي يظهر دائماً عكسَ شخصيته الرئيسية !!
تباً ..! لقد أصبحُت محلل نفسي ! الأهمُ هو نجاح الخطة ..
آملُ أن لا تعَـارضَ على طلبي و إلا سيذهب تفكيري أدراج الريَـاح ..
أدرجَ كلامه و هو ينآظرها ببراءة تَـآمة لا تليقُ بخبثهِ ..
:مَــا رأيكِ أن أُوصَـلكِ للشركَــة فنحـنُ نعمَـلُ بمكَــان واحـد !
إتسعَــت عيناهآ بصدمَـة ..! هل حقاً هو يعملُ بالشركَـة أم يريد إستغلالي ؟
لكن يومهَـا رأيته بالشركة و إصطدمنـاَ عندَ المدخلِ ..
و هذاَ ما يؤكد صحَـة كلامهِ .. و لكنه آمر صعب أن أُرافقه !
بصفتهِ مَـن ؟ .. أجَـابت بتردد : آآ لا داعٍ لذلك .. سوف أتدبرُ آمري !
تنهَـد بقلة صبر و هو يرى التنآقض بعيناها و كأنها لا تُأمِـن نفسها معهُ ..
لا تريدُ مرآفقة شخص تغزل بهَـا من أولِ لقآء ..
لا تريدُ معرفَـة هذاَ المجهول الذي يتبعهَـا و يلاحقها بكلِ مكان .. !
حكَ رأسهُ بحيرة .. يدرك حجم الصعوبة لإقناع كتلة الصخر هذه !
تنهَـد مرة ثآنية و ها هُوَ يسترسل الكلام : دعكِ من ذلكَ التفكير و الأفكَـار التي تصول و تجول بعقلك ! أنـاَ موظف بالشركَـة و مبتغاكِ و هو مبتغآي و هُوَ الوصُـول دون تَأخر .. صحيح أني لم أكُـن يوماً مهتماً و لا مستلزمـاً بأمورِ العملِ .. لكني جديُّ للغآيه .. و ممكن أنكَ أخذتي صورة سيئة عنيِ بملاحقتي لكِ .. لكنكِ أثرتِ فضولي لا غيرَ .. بالمنآسبة معك زيآد " و مَـد يدهُ ليصآفحهآ "
نآظرته بنصف عين و هي غيرُ متآكدة من كلامه ..
لا تعلم لمآ لا تستطيع تصديقه أو تصديق كلامه ..
هل من الأمكن أن أول لقآء ترك إنطبآع سيء عندهَـا ..
أم أنه إحدى أفكآره الشيطانية فإبتسامتهُ الخبيثَـة تلك لا زآلت ترتسم أمآمها بشفآفية ..
لكن عينآه تبرزآن المصدآقية بكلامه و الجدية بفكره ..
آآه تعبتُ من التفكيرِ !
مدَّت يدهَـا هي الآخر و هي تصآفحه :معكَ هَــديل لا أعلم إذ تعرفت علىَ إسمي أيضاً !
ضحكَ زياد بمجارآة و هو يردف بكذب : لنـاَ الشرف آنسَـة هديل ! حقاً لم أدرك إسمك حتىَ الآن .. بالمنآسبة إسم جميل !
هديل بغرور و ثقَـة و هي تبتَـسم : آحم شكراً لك .. طبعاً أُدركَ إِن إسمي جميل !
نَـاظرهَـا بسخرية مخفيه ليهمس بتمتمَـة لم تصل لمسامعِ هديل : أحسدكُ على ثقتكِ تلكَ !
هَـديل و هي تلمح تحرك شفتيه : نعم !؟ هل تكلمـني !
إبتسمَ زيَــاد ببسآطَـة و هو يتلاعبُ بعيناهِ و يسلطهمآ على هذه الملآك ..
ليجيبَ بشيء من الجديَّـة ، الجدية الذي لم يستعملهآ يوماً و لم يعرف لها سُبلاً بحديثه ..
نآظر سآعته و كأنهُ يلمح لضيقةِ الوقتِ المتبقيِ : لآ لآ لم أُكلمكِ ! هياَ هل تقبلينَ عرضيِ البسيط فلم يتبقَـى من الوقتِ شيء ..!
حقاً لا تعلم بمآتجيبه بهذه اللحظة !
هل توآفق ؟! هل ترفـض ؟!
قلبهآ ينهاهاَ على الإقدامِ بخطوة مجآزفة مثل هذه ..
أمآ عقلها فيعآكس ذلك تمامآً .. يجبرها على القبول ..
فالأمر يتعلقُ بمستقبلهآ و عملهـآ و العديد من الآمور ..
تكلمَـت بسرعة بديهية قبل أن تتوآرى بقرآرهآ : مـــوآفقَـة !
إتسَـعت إبتسآمته لتشق معآلم وجهه .. حمد لله فالأمر لم يكن بتلك الصعوبة التي صورهآ عقله ..
مستغرب كيف وآفقت بهذه البسآطة بدون كلآم و مجآدلآت ..
أخفَـى الخبثَ بين عينيهِ ليشير لهآ بسبآبته لبدآية الشآرع ..
نحو سيآرة أقلُ مآ يقاُل عنهآ أنهآ تنبضُ بالفخآمة و الرفآهية ..
فشخص مثل زيآد لن يتهآون بصورتهِ الشخصية و إسمتآعه بالحيآة ..
دائمآ ما يريدُ الأفضَـل حتى و لو بالغصبِ .. يأخذ مآ يريد أينمآ يُريد ذلك !
: السيآرة السودآء ! أنتظريني هنآك سوف ألحقُ بــكِ
هَـزت رأسهآ بالإيجآب و فاههَـا فآغر بتلك السيارة التي تلمعُ من بعيد ..
إنطلقَـت نآحيتهآ و نبضآت قلبها بتزآيد معقول .. تشعر ببعض من الخوف ..
ليس الخوف فقط بل إنعدآم الثقة بهذآ الشخص الذي لا تعرف عنه إلا إسمه ..
لكن دائماً ما تقفُ الظروف بوجهنا و تعيقُ طريقنآ لنُجْبر على أشيآء لا نريدهآ ..
لمح ظلها الذي بدأ يختفي عن أعينه و هي تسير مبتعدة ..
متشتة الفكرِ .. إلتفت بسرعة نآحية ذلك المتسولِ المرتمي أرضـآً : أحسَـنت التمثيـل ! كَـم تُـريد ؟
إستعدل بدورهِ و هُـو يمسح على لحيتهِ بإبتسآمة كريهة : أُريد الكثير فقد حصلتَ على مبتغآك !
نآظره زيآد بإشمئزاز و هُـو يخرج رزمَة من المآل و يرميه سريعاً نآحيته : خُـذ ! و إيَّـاك الإقترآب منهآ !
آخذ تلك الأورآق المالية بين يديه بلهفةِ و هو يعدهآ بدهشَـة و فرح : أنآ لا أسمع و لا أتكلم يمكنكَ الإطمئنَـان !
ضحك بسخريَـة و هو يلتفت نآحية سيآرته حيث تقف تلك الملاك بجنبهآ ..
تمعنُ النظر بعينآها العسليَـة اللامعة تحت وطأة أشعة الشمسِ ..
فيبتسم و هُـو يردد : لا شيء يُغلَـى على ملاك مثلك !
إقترب منهآ بهدوء و هُو يقف بجنبهآ : هَــديل !
أفاقت من سرحآنها و هي تبعد عيناهآ على السيارة بحرج ..
ماذآ سيقول عليهآ الآن .. إبنة الفقرِ !
لم ترى بحيآتها سيارة .. قطعت سبُل أفكآرها الغبية : هل نذهَـب ؟
إبتسمَ لهآ و هو يتجه ناحية مرتبة القيآدة و يأشر لها للمرتبة الأمآمية ..
: بالطبع لنذهب ! تفضَــلي ..
تحمحمـت بحرج و هي تمسح على جبينهآ بتوتر و تجلس بالمرتبة الأمآمية ..
رآئحته الرجولية تطغَـى على السيآرة .. و أيُّ سيارة هذه التي لم تركبها يومـاً ؟!
شتتَ نظرهَـا نآحية النآفذة تنـاظر الطرُقَ بدون هدف .. لتتحآشى وجود زيآد الذي يربكها ..
أما من جهته هُو فالإبتسآمة لم تفآرق شفتيه .. كيف و خطته تسير بالمنحَى المطلوب ..
إنتظر يا يوسف لترى ما بوسعِ أخيك فعله ! لتدرك أن كل مآ يريده زيآد .. يأخذه !
يأخذه غصـباً على الجميع ! كمـا سيأخذ هذه الملاك ..!
***
***
شتَـت نظره من هذهِ الأورآق المترآكمة التي تأبى الزوآل ..
لتقع عينآه على السآعة المستوطنة بالجدآر ..
يرآقب عقآربها التي تتسآرع بالدورآن ..
تتحدَى فيمَـا بينهَا من الأسرع بالوصول ..
هل هيَّـا ؟ أم هديل التي ستسآرعهـا !
أين هي ..؟ سؤال يتكرر منذُ تجآوزه لشقتهآ السآكنة ..
يعجز عن إزاحتهآ من تفكيره و إبعادهآ عنهُ ..
طيفها يلاحقه بكلِ مكآن و زمآن و يأبى الرحمة بهِ ..
بالطرف الآخر .. تحكم من قبضَـة القلم بين يديهَا ..
و إحدَى عروق يدها تنبأُ بالإنفجَـار بأيِ لحظَـة من الغيظِ ..
من غيظِ قطعَـة الجليد التي أمآمها .. مُـجَردٌ مِن الإحسآس !
همهُ سِوى هديل .. !
إحتدَت عينآها نآحيته و هي ترآه سارح بالسآعة ..
يترجى الوقَت ليتوقف من أجل وصول حبيبتهِ ..
غبي أنـت! و لـن تتغير أبداً ..!
أبعدت القلم من يدهـا و هي تضحك بسخرية : إرحم عينآك !
إلتفَت لهآ و هو يتنهَد ببرود : مآ خطبكِ اليَـوم ؟
غَـزل و قد بدأت الغيرَة تنهشُ قلبهآ نهشاً ..
يُوقظُ بدآخلها حممَ من البرآكين و هُو يخآطبها بذلك الأسلوب ..
الأسلوب البارد ، الجـآف ..!
نآظرته بإستخفآف : تحمَـلني ! فحتماً سأنفجر يوماً ما من ذلكَ الغبي !
سامي و هُو يضحك بسلاسة : و مَـا دخلُ ساميِ من الموقفِ مآ دُمتِ تحبين شخصآ غبيـا ! .. تفرغين شحنآتك و تنفجرين بي !
إكتفَـت بإبتسآمة محرقة .. قلبهآ ينحرق و يشتعل من كلامه ..
ما أصعب هذاَ الشعور .. لا يعلم من ذلك الغبي ؟
لا يعلم بأنه يوجه لهآ طعنآت بكلامته الغير مقصودة تلك !
تكلمَـت و هي تجهد نفسهآ على الصمُـود : تَـعرفُ أنه غبي مثلك تمامـاً .. يحب فتـآة لا تحبه !
سآمي و قد بدأت أعصآبه بالفورآن و الهيجآن ..
لماذا تذكره دائما بكلام يحآول تجآهله ..
تضعه على وجهِ الوآقئع الذي بات يهرب منه خوفا ..
خوفا من خسارة هديل ..!
أردف بقسوة لم يعتَد عليهآ : علاقتــك تلك أُتركيهـآ بعيـداً عنـي ! لسـتُ معني بأمـر حبيبـك ذلك .. فالموضُــوع يخصك أنتي لوحدكِ و بالنسبـة لشؤونـي فأرجـو أن لا تتدخـلي بهآ ..! كُـلٌ يبقَـى بطريقــهِ و حدودهِ !
أغمضَــت عيناهآ بألم و هي تستمع للسمِ الذي ينثرهُ ..
ينثرهُ على جرآحها الموجوعة .. بدل البلسُـم الذي تنتظره منه ..
بدل الكلام الطيب و المشجع تتلقى ما هُو أوجع من سآبقه ..
يكفي ذلك مآ دُمت يا سآمي تقسَـى بدون مرآعـاة !
مرآعـاة لمشـاعر المُـغرمة بك فجميعنا ندرك ذلك ..
ليس من الصَـعب أن أُثلجَ مشآعري و أقسي قلبي ..
تكلمَــت بحرقَـة : أشكُـرك بالفعلِ يا سآمي دائمـاً ما كنتُ أسمع محـدآثك عن هديل بدون ملل .. أندمج معك يوميـاً و أنت تسرد لي موآقف بآتـت تتكررُ لكني لم أتهـاون بسماعك .. لم أتهـاون بردكَ و أنت تتحدث دون توقَـف ! لكن يومَ أخبـرتك و أردتُ مشآركتك بسرٍ دفيـن لم أقره لنفسي حتى !.. إنقضيَـت علي بقسآوتك و جفآئك و أنـا التي كُـنت * إهتَـز صوتهآ بآكيآ لتحشرج من حنجرتها التي تأبى أن تخرج الكلمآت بسلاسة * أنتَــظرُ منكَ نصيحَـة واحَـدة فقط !
و أنفجَـرت بقوة سآمحة لدموعهآ أن تنسآب ..
و العبرآت أن تنسكب بعدَ كتمِ كبير و صبر عويص ..
تخبأ و تجمَـع بقلبها و لكن قد سمحَـت لنفسها بالإنفجآر ..
تعبت .. تقسمُ أنهآ تعبت منه و من حبهآ الغبي لهُ ..
صحيح ذلك ! يا لغباء بكائها .. هكذا ردد سامي و هو ينآظرها بدهشة ..
ما الذي حدث معها ! ألمْ تكُـن تضحك و تمزح منذُ قليل ما الذي أصآبها ..
ألهذاَ السببِ البسيطِ إندفعت للبكآء .. و البكآء بهذه القوة ..!
أمرك غريب يا غزل .. كلامك لغز لا يحلَ و لا يُفهمُ ؟
لقد بِـتُ لا أدري ما الذي تقصدينه ؟ تلمحين إليه ؟
من يحل هذه الطلاسيم الغريبة ، العجيبة التي تمطرين عقلي بها ..
عقلي لا يقدر على تحليل همه فماَ زآد لغزك إلا حيرة و إستغراب ..
نهضَ من مكآنه و هو يرى نظرآت العمآل ناحيتهم ..
فكل من يمرُ عليهم يناظرهم بإستغراب و فضول كبير ..!
ما السبب الذي يجعل فتآة تبكي ؟ و ما دخل المرآفق الذي معها ؟
تقدم نآحيتها و هو يشعر بقليل من الذنب : آســف ! آسف حقاً غَــزل لم أقصِـد ذلك ..
و أردف يعطيها منديلا تمسح به ذلك السيل الجآرف الذي يأبى التوقف ..
تكلمَـت و هي تأخذ المنديل منه : و مَــا ينفعُ آسفك ذلك ! على مـاذاَ تتأسف يـا سآمي ..
تنهَـد بإنزعَـاج و تبرير : آنــا مُـتعب هَـديـ .. * عضَ على شفته لغبائه *
إنفجَــرت غزل و هي تنهض من مكآنها لتصرخ بعصبية هوجآء ..
لقد زآد الأمرُ عن حدهِ .. أصبح يهلوس بإسمهآ ..
ضربَت المكَـتب بكف يدهآ و أنظار الجميع تتحول نآحيتهمَـا : أنــا لســتُ هديل أتسمَــع ! * بصرآخ * أُدعَــى غَــزل .. لقد جُــننت يا ســآمي !
و أنطَــلقت بسرعة لتخرج و الشرار يتطاير منها ..
تاركـتاً ورائهَـا شخصاً يغوص بالصدمَـة و الدهشَـة ..
يحآول التبــرير لكن لا يجـدُ الجـوآب ؟!
***
***
ركَـن سيارتهُ بالموقف المخصصَ لموظفـي الشركةَ ..
عيناهُ ترآقبان المدخل بتوجس و فضول ..
ينتظرُ ظهـور سيارة أخيهِ بلهفَة مغلفَـة بتوتر شديد ..
أعصابه تتقِظُ على نآر هادئة ..
فألفُ فكرة و مُصيبَـة تتلاعبُ بعقلهِ ..
فدائماً ما يحملُ زيـآد ورائه مشآكل يهوَى لهاَ العقلُ ..
طيشهُ و مُـراهقتهُ المتأخرة جعلتهُـم يتعبون نفسياً و فكريـاُ ..
تصرفـآته صبيآنيـة للغآيه و كأنـه شخص لم يدرك سِن الرشد من بعد !
يخَـآف عليهِ أكثر من نفسهِ .. يخـآف من عِـناده ..!
لم يكنْ له مُجرد أخ بل كَـان نِـعمَ الصديقَ و الأبَ ..
مهمَا طَـال الزمنُ أو قَـصُـر .. مهمَـا تعقَـدت الأمُـور بينهُـم ..
يبقَـى زيآد أخـآه الوحيد و الوآجـب عليه الإهتمـام به رغم كل شيء .. !
هذاَ الشيء الوحيـد الذي يلفُ بعقلهِ و كأنهُ يتنبأُ بقدومِ كآرثة ..
فيصبرُ ذآته بهذهِ الكلمآت لتجنبِ الإقدامِ على فعلِ لا يحمدُ عقباهُ ..
مسحَ على وجههِ بضيقِ لماَ لا يُحسنُ الظنَ بأخـآه مرَّة وآحدة ..
لمآ تفكيره سلبيُ و وجهةُ نظرهِ سيئة تِجآه أخيه ..
كل شيء مريب يتدآخل بعقله بمجرد ذكر إسمهِ ..
تنهَـد و هُو يحآول الإنشغآل بشيء مآ يقطع عليه أفكآره المتلاحقة ..
و بين إلتفآتاتهِ زآرت ذاكرتهُ طيفُ " صآحبة الأعينِ العسلية " ..
لهذه الفتآة تأثير خآص على النفوسِ فبمجردِ التفكير بهآ ..
تبثُ بكَ روح جديد مفعمَـة بالنزهِ ، الفرحِ ، التفائل ، الجمآل و البرآءة ..
صفآت خفيفة كآملة تشعرهُ بمدَى قُـوة حضور هذه الملاك بسآحة عقله و قلبهِ ..
مختلفة هي عنِ البآقي ، مميزة بلمحَـة غريبة عن بآقي النسـاء ..
لا ألُومُ سامي عن وقوعهِ بشبآكِ حبها ..
و لكن أحسدهُ عن لحظآت ، ضحكآت ، ذكريآت و أحداث جمعته بهآ ..
عينآه التي كآنت دائما ما ترتوي بجمال مُزهر مثلها ..
صلَّـة القرآبة التي جمعتهم معاً ..
محظوظ أنتَ يا سآمي بوجودِ فتاة مثلها بحيآتك ..
لكنهآ لا تنـاسبك و لا تتماثل معك ..
لا تسألوني لماذاَ ؟ فكلُ مآ أدركه أن تلك الفتآة إسثنآئية ..
إسثنآئية للغآيه ! لا يحظى بهآ إلا من يُحصنُ ببركآت و دعوآت أمهِ ..
لا أعلم لماَ أسرتني من نظرآتها الأولـى ..!
رؤيتهآ أعطَـت للحياة نكهة جميلة ، حُلوة مختلفة عن سآبقها ..
هل ستسمر هذه الحيآة الممتعة أم آنها ستزول مع الوقت ..؟
هل ستبقى تلك الهديلُ تضيءُ حيآة يوسف ! أم ستكون مُجرد ومضة و ترحل ..؟
لن تكون كذلك ! و لن أسمح بحدوث ذلك !
هديل لن تكون مُـجرد ومضة عآبرة و ترحل مودعة ! ستكون ذكرَى ..!
ذكرَى خـالدة للأبد .. لن يسترقهآ أحد مني فومضَـة الحبِ لن تنتهي بهذهِ البساطة !
بل ستلمعُ و تضيء و ينتشر ضياء و نُور تلك الومضة أمام أعينِ الجميعِ ..
فتسردُ قصة فتآة عرفها يوسف فأحبهآ .. آحبهآ !
و أيُّ حب يتولدُ بين ليلة و ضحآهـا ؟ هل عدتُ لتجديد مرآهقتي بهذآ الحب ؟
هل من المستحيل أنهُ مُـجرد إعجآب أو نزوة و ستزول ؟
مسحَ عل جبينه بإرهاق من التفكير الذي يتدآخل بعقله !
لم يعُد يعرف أين الإجابة ! لكن حتماً سيدركهآ عآجلا أم آجلا !
***
***
السكُـون مخيم بأرجآء السيآرة ..
لا حديث يجمعُ الطرفين بل كُلٌ غآرق ببحر من الأفكآر ..
زفر زيآد بملل فهو لم يعتد إلا على الأجوآء الصاخبة ..
ما هذاَ الهدوء المُميت ؟! و هل يتحمل أحد السكوت طيلة هذا الوقت ؟
نآظر الأثير " المذيآع " السآكن من الصوتِ .. لقد أطفأه لتجنبِ إزعاجِ هذه الملاك !
فحتماً إن أشعلهُ ستصدحُ السيارة من الصوتِ المنفجرِ الصآدر منهُ ..
ألتفت نآحيتها .. ليرآها دائما على نفس وضعيتهآ السآبقة ..
مستندة على النآفذة تناظر الأجواء الخآرجية ..!
ما هذاَ الملل ؟ أهيَ مُـعتادة على الصمت ..
إذ لم تُرد التكلم فسأبدأ أنَـا : هَـل أنتِ دائمَـة الصمتِ ؟
عقَـدت هديل حآجبيها من الصدآع الذي يلازمهآ ..
رأسهآ سينفجرُ و أعصآبها ستنفجرُ من الألَمِ ..
ففضَـلت الصمـتَ و محآولة الإسرخآء بهذا الجَوِ المُـريح ..
و لكن أغفَـل سكُونهآ صوتُ زيآد ..
إعتدلت بجلستهآ و هي تلتفتُ نآحيتهُ : لا لست دائمـة الصمتِ ! بل مُـرهقة قليلاً !
نآظرها بإهتمامِ و لم يغفُل عن عينآه إنعقاد الحآجبين المرسومين ببرآعة ..
و إحمرارِ وجنتيهآ الزهريتينِ .. فيجيب محاولاً الإنصآف بنظره على الطريق ..
و التركيز بهِ : هل أنتِ بخير ؟ هل تعآنين من ألمٍ مـآ ؟ ألم يتوجب عليكِ الحضُـور ؟
إبتسمت على أسئلتهِ المتتآلية فتجيبَ و هي تُدلك رأسها بيديها ..
: آولاً أنـا بخير ! ثـآنيا إنه مجردُ صدآع خفيف و سيزول ! ثآلثا .. مؤكد عليَا الحضُور إنه أولُ يومٍ لي !
هَـز رأسهُ بتفهمِ : مُـبآرك عليكِ العملُ .. و لا ترهقي نفسكِ كثيراً إذ يظهرُ عليك بدآية وعكة زكآمية !
إقتَـربت هديل من المرآة و هي تنآظر شحوب عينآهَـا و إحمرار وجنتيهَـا ..
لتردف بتعب و هي تغمض عينآهـا : أُشكرك ! كم تبقَـى على وصولنـاَ فالدوامُ قد إبتدأَ منذُ عشر دقآئق !
نآظر سآعة يده بشوق و هُو يردف بخبث : مسآفة خمس دقآئق و سنصل !
إتسعَـت إبتسآمتهُ و هُـو يفكر بردة فعل أخيه بالمفآجأة ..
هل ستفرحه ؟ هل ستهمهُ ؟ هل ستغضبه ؟
لكن كلُ مآ يريدُ برهآنهُ أن " زيآد يحصل على كل شيء يُريده "
فلا عِـناد أخيه سيمنعهُ و لا غضبهُ سيرجعهُ خائباً ، خاسراً
بعد مسآفة ليست بالقصيرة و لا الطويلة ..
دخَـل من مدخَـل الشركة و عينآه تبحثآن على سيآرة أخيهِ الكحلية المميزة ..
يترصدُ جميع السيآرات لكن لم يستطع تمييزهآ فالموقف ممتلىء للغآيه ..
و يتضح أن يوسف لم يحضر بعد أو إستبدل سيآرته الكحلية .. إذ لا وجود لها !
ألقَ بنظرة خآفته ، هآربة نآحية هديل لتتسعَ إبتسآمته لضحكَـة ..
سرعـآن ما نآمَــت هذهِ الملاك ! .. خفف من سرعتهِ و هُـو يركنُ سيآرته ..
لم يدرك بأنهُ قد ركنهـآ أمام سيآرة أخيه مبآشرة ..
إلتفت نآحيتهآ بإبتسآمة و هُو يرى غرقآنها بالنوم العميق ..
فإنتظام أنفآسها و ثباتُ حركتهآ يظهرُ ذلك ..
نآظر تلك البريئة بتمعن و هُو يشبع عينآه بهذا الملاك السآكن ..
إقترب منها بنية بريئة لا يقصدُ منهآ شيئاً ..
سوى ملامسة وجنتيها المحمرتين أكثر من السآبق .. إذ يظهر أن المرض قد إستولى عليها
وجنتيها بلون الدمِ القآتن و عيناهآ الذي يحيط بهمآ الذبول ..
أمآ شفتيهآ البآهتتين بلونهمآ الزهري الخفيف ..
ملاك بجميع حآلاتهآ !
***
***
رفع عينآه على مرور السيآرة السودآء من جآنبه ..
دق قلبهُ بقوة فهذه سيآرة زيآد التي تتوقف أمآمه ..
لكن بجآنبه شخص يظهر أنه قد إصطحب معهُ أحداً مـاَ !
لم يعلم لماَ الضيقة بدأت تُعلمُ ملامح وجههِ ..
يُضَيقُ من عينآه الليلية بغيـةً ترصد تلك المفاجآة أو المفآجعة التي يحملهآ معه !
إنتَـظَـر نزول شقيقهِ لكن لم يحدث ذلك !
مَـاذاَ هل يتلاعب بي أو يحآول إستنفآذ الصبرَ عندي ؟
ضربَ مِقودَ السيآرة بقهر و قد قررَ النزولَ ..!
لن ينتظرَ مبآدرة الأخِ فحتمـاً لن يتنآزل عن قولِ مفاجأتهِ هذه !
نزل من سيآرته بثقة ..! ثقة يغلبُ عليهآ الحدَة و الغضَـب ..
و القهرُ الذي يظهرُ بملامحهِ المتقلصة ..
إِتجهَ بثقل نآحية سيآرته و قد بدأ يتضحُ لهُ مآ وراء الزجاجِ ..
فآرت دِمـائهُ الهَـادئة معلنةً عَـاصفة هوجـآء !
إنفجَـرت أعصآبهُ البآردة معلنة حمم بركآنية جهنميَّـة !
إتسعَـت خطَـاهُ و هُـو يتوعدُ بالخبيـثِ ذلك الذي يدعَـى أخآه !
***
***
إرتشفت جرعآت من قآرورة الميآه و هي تمسح بقآيا الدموع المتجمعة ..
عينآهـا الحمراوتين من البكآء المُفرطِ و صوتهآ المتحشرج جعلهآ تلفتُ الأنظآر و بشدة ..
فالفضولُ صِفة لا يتخَـلى عنهَـا الجميعُ ..!
كُل من يمرُ بهآ يرمقهآ بإستغرآب و قد آثآرت الضجَـة بين الموظفين بإنفجآرهـآ ذاكَ ..
الخجلُ يمزقهـاَ على صرآخهآ الذي صدر منهآ بلحظَـة هيجآن و فورآن ..
لم تكن وآعية لمآ يحدث معهآ لكن سآمي أتلف آعصآبها و بشدة ..
جعلت جميع موظفيِ القسمِ ينآظرونهآ بريبة من سلوكهآ الهمجي بنظرهمْ ..
فللشركة قوآنين و نظآم يُتبع عليه .. و قد كسرت إحدَى أهم القوآعد ..
ألاَ و هُـو الصمـتُ و الإحترآم !
أغلقَـت تلك القآرورة و هي ترميهآ بعيدا ..
بئس لتلك القوآنين ! فلا أحد يحترق مثل حرقتي ..
و لا أحد يهتمُ لي .. ! تبـاً لك يا سآمي الغبي !
نآظرت هآتفهـآ الذي يَـرُن بخفوت ..
إبتسمت بين ألامِهآ و إسم صديقتهآ المقربة يظهر على الشآشة ..
رتيل كآنت نِعمَ الصديقة و الرفيقة لهآ منذُ الصبىَ ..
لا تخفي أحدهمـا سراً على الأخرى ..
تجمعهمـا روح وآحدة لم تفترق بمدى السنين و الظروفِ ..
كحَـت بهدوء و هي تحآول الإتزآن بصوتهآ لتجيب : آهلا رتيل !
ضحكَـت الأخرى و هي تجيب بشوق : عبير يآ فتآة كيفَ الحآل معك ؟ لقد إشتقتُ لك !
ضحكت بألم و هي تطأطأ رأسهآ نحو الأسفل : لســتُ بخير يا رتيل ! أبداً لست كذلك !
صمِتَ الطرفآن بسكون .. لتجيبهآ بهدوء مُـريب : سـآمي أليْسَ كذلك !
بمجردِ ذكر إسمه ، إنفجرت مرة أخرى بالبكآء ..
و شهقآتها تختَـرق شبكة الصمتِ بينهمَـا ..
لتعبر عن مدَى ألمهَـا و وجعهَـا من هذاَ الحب البائس ..
مَـدى تعبهَـا و شقائها و حجم التضحيآت النفسية و القلبية ..
التي قدمتهآ تحت مسمَـى الحب ..
فعلت المستحيل و اللامستحيل من أجلِ القليل ..
و لكن لم تحظَى بشيء يشبعُ لهفتهآ و شوقهآ ..
آردفت بين بكائهَـا : أحبـهُ يـآ رتيل ! أتصدقينَ دآئمـاً ألمِحُ له .. أوضح له مثل وضوحِ الشمسِ .. أُبرهن لهُ و لكن لا آذاَن صآغيه و لا قليلا من الإهتمام .. غآرق بحب تلك الهديل .. غيرُ مهتم لي أنـا ! .. أخبريني يا رتيل أنجدي صديقتك التي ستُـجَـن من وراء هذاَ الحُـب العسيـرِ !
***
***
إنصَـدم و هُــو يترآجع نحوَ الوراء برهبَـة ..
هُـو لم يسمع شيئاً و لم يَـرىَ شيئا !
مستحيل ذلك .. ما الذي يحدُث !
.
.
.
.
نهَــآية الومضَــة السآدسَــة !
أنتظر ردودكُـــم :$
|