كاتب الموضوع :
برد المشاعر
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
[QUOTE=لأن القمر في شرفتها;3545017].
[FONT="Arial"][SIZE="6"][RIGHT]اخذت ارجوحتي تطير بي نحو الفضاء الفسيح حيث يمكنني معانقة الغيوم الفضية ، ثم تعيدوني الى الوراء حيث الذكرى التي ترسم ابتسامتي ، وتجعلني ارى الدرب الذي اسلكه ، خصلات شعري الذهبية تتغنى طربا في الافق ، وتحلق كطائر العنقاء المنسي ، القابع في جزيرة خرافية في عرض البحر الفاني ، اناملي الصغيرة تتشبث بالحبل القديم تتسلق عليه ازهار الياسمين والجوري ، وقدماي القصيرتان ، تتدلى في الهواء في محاولة يائسة لملامسة الارض المعشوشبة من تحتي ، كانت الشمس تطل برأسها بحياء خلف الجبل الصامت الكبير ، والرياح تتسابق ، والنسيم العليل للصباح الخيالي أنبتَ على ظهري جناحين صغيرين ، براقين كأجنحة الحورية ، تعثرت بالغبار السحري المنبعث من جناحي الشفافين ، لكنني حلقت بألفة وسط السماء لأذهب للبعيد ، حيث ارى احبتي بعد غياب ، بعد ان اصبحت جنية لتحقق الامنيات ، ركضت مع اسراب الطيور الراقصة بين السحب البيضاء حتى وصلت لمزرعة كبيرة مخضرة ، تعالت دقات قلبي لأرى احبتي ، منذ زمن لم اراهم ! كانت تستند على اطار نافذتها شاردة الذهن ، عينيها باردتان كما الجليد تعكس اعصار جوفها المتفجر ، هبت الرياح لتتطاير شعيراتها في محاولة للهروب من الواقع المرير ، رق قلبي لحالها ما بها صغيرتي ، ومهجة قلبي بائسة ! وقفت بجناحي الصغيرين قبالتها ، " مفاجَأة ..!"
صعقت وصعد قلبها لحنجرتها ، وكادت تفقد عقلها ، وهمت بالصراخ ، لولا انني اغلقت فمها بيدي امنعها يكفينا مشاكل " حاذري يا وسن .. "
ابتلعت ريقها بصعوبة ، وقد استدرك عقلها انني أنا ، ربما جناحاي ارعباها لوهلة .
قالت لي وعلى وجهها طيف ابتسامة ميتة " هذه انت .. ارعبتني "
اجبتها بفرح حزين لحالتها " ومن غيري سيأتيك ينغص لياليك "
اكتفت بابتسامة صادقة ، فأخذت اتلمس وجهها الحزين " عزيزتي ، اهناك مشكلة ما ؟"
زفرت تفضي ما اعتمر بقلبها " لا ابدا ولكني عند الحزن اعشق الوحدة "
قلت بعطف احتوي حزنها " عزيزتي وسن ، ما بك ؟ ألا زال الألم يعتمر في قلبك الصغير ؟"
اجابتني بحسرة " وسيظل "
قلت لها " اخبريني عزيزتي ، فأنا الان جنية ستحقق امنياتك ، وستدخل السعادة على محياك "
ضحكت وقالت " بنيت حلما فحطمه الزمن فقهقهت من شدة الحزن "
سكت احثها لتكمل ، قالت " كبرت وفي صدري حبٌ يخفق لشخص ربما لم اراه ، أحببته كثيرا من سيرته العطرة ، عاد حبيبي الخيالي الى ارضنا لننغمس مع بعضنا في حب نقي ، لنذوب كلينا كالسكر في الشاي المر ، ليجعل من شاي ايامنا حلوة وتزداد حلاوة ... ثم هبت عاصفة زلزلت كيانينا ، قطعت الاوصال التي وصلت ما بيننا ، والأربطة التي انشأناها مع بعضنا ، ورمت كلينا في اودية الغدر والخيانة ما بين الذئاب المتوحشة والأرض المقفرة ، وكانت هذه البداية ، لتتوالى علي رياح العاصفة الباردة تصفعني على الخد نفسه مرتين ، جرحي الاول لم يبرأ بعد لأجرح بأخر ، زواجه بأخرى كان كالسكين في حلقي تقتطع انفاسي رويدا رويدا ، وتسلب روحي شيئا فشيئا ..وموت خالتي درعي الحامي وسوري الحصين ، واللحاف الدافئ لصقيع ليلي ، ارداني طريحة الارض اتلوى من القهر والوجع ، لتظلل ساحبة العاصفة السوداء ايامي بلياليها ، فتصبح حياتي قاتمة ، لا شيء فيها ولا بصيص لنور الشمس "
أخذت تطلع للسحب السماء الرمادية منذرة بعاصفة على وشك الهبوب ، لم اجد في فمي كلاما ليواسي وجعها كل هذا حصل لك عزيزتي ولم تخبريني سحقا لصمتك يا وسن سيجلب لك الموت !
" اتدرين ما يهون علي سجني في هذه المزرعة ، وساجني الذي يعيش فيها "
قالت ذلك وأردفت بابتسامة " صديقة تعرفت عليها ، لتصبح ملاذي الاخير من هموم اليوم الطويل ، لتصبح منبع اسراري وبئر الامي .. انها الوسن "
ان وجدت من تشكين له يا وسن وتصبري نفسك به ، فقد ضمنت سلامتك يا صديقتي الغالية " وسن .. سألقي عليك تعويذة سحرية تنتشلك من ايامك الموحشة ، اتعلمين ما هي !؟ "
نظرت الي بتعجب فقلت لها " لكنها لن تعمل دون الامل .. فلتتشبثِ به جيدا وإياك ان يضيع من بين يديك ، تزيني به ، ولا تخلعيه ابدا ، لان فجرك شارف على الانبلاج ، فكوني مؤمنة بأنك ستجدين ما يسعدك عندها ستتحقق امنيتك ."
مسدت شعرها الفتان وانا ابث به دفعات من الامل الذي لا ينتهي ، حتى شعرت بحلها بدأ ينصلح ، قبلت جبينها العريض وودعتها ، وغادرت شرفتها وانا اراقب ابتسامتها الخفيفة ترتسم على وجهها المتعب والهزيل .
طرت عاليا عاليا حتى كدت اخترق الفضاء ، ثم هبط بسرعة لباب ذلك المنزل البسيط ، طرقت مرة واخرى لكن لم يفتح لي احد ، طرقت مجددا ، فتحت لي الباب وعندما رأتني صرخت بصوت عالي ، فوضعت يدي على فمها استحلفها ان تتوقف ، جاء صوت لعجوز يتشبع بالحنية " سما يا صغيرتي ما بك لما تصرخين من الطارق ؟"
استجديتها ان لا تخبرها فقالت " لا احد ، انهم اولاد الجيران يلعبون ، وانما صرخت لأنني رأيت صرصورا يمشي على الارض "
ضحكت العجوز وطفقت تدعو لسما ، ما اجمل العجائز ! ينفخن على روحك بأدعيتهن الرقيقة فيطهرنها ! نظرت لسما بلوم فقالت من فورها " اسفة ، لم اعتقد انني سأراك هنا .. لقد فاجأتني !"
اجبتها بمرح " لا عليك .. كيف حالك الان "
اكتفت بابتسامه حزينة ، و الم يعتصر قلبها تتدفق من خلال مقلتيها الزرقاوين الساهرة .
اجبتها بخوف " سما أهناك مشكلة ما ؟"
قالت وقد ارتسم الضيق خطوط متجعدة على جبينها " لا ابدا لكني عند الضيق اسامر السهر "
" ما بك صغيرتي اخبريني علي ازيح همك "
اجابتني بعدم اقتناع " كنت طفلة سعيدة ، في حضن والدي انعم بدفئهما ، لأفجع بمقتلهما لأظل في الدنيا وحيدة ، فيمتلئ قلبي بالخوف ، ويلبسني الليل الطويل عباءته المرعبة ، لأحضن جسدي النحيل بيداي المرتجفة ، وأوصالي المقشعرة ، واغرق في الظلام الدامس ترافقني دموعي صديقة وحدتي ، لينتشلني فارس مغوار ، من الغرق في اعماق الظلام ، ويحيطني بأسوار قلعته المنيعة ، يبث في نفسي راحة وطمأنينة عجيبة ، فيبدأ قلبي بالخفقان له ، وتشتعل جنباتي بقربه ، لأعلم مؤخرا اني وقعت في حبه ،اعلم اي ماضٍ قد قاسى وأي الهموم قد عانى ، لكن بعده يؤلمني ، وينغص راحتي ، ويتركني عرضة لرياح عاصفة هوجاء عاتية ، ستدمر ارصفتي وترهقها بالصقيع ، لما لا يفهمني ، لما لا يقرأ مشاعري المكتوبة في صفحات عيني ، لما لا يسمع النبضات الهاربة تصيح باسمه بقوة ، ارتجي قربه وان امرغ وجهي في حضنه الحنون لكن فليهنأ القدر الذي يعاندني ويرميني في وديانه السحيقة ، فقد تعبت ، وها انا استسلمت لم اعد استطيع احتمال المزيد من صدمات الحياة القاسية . "
طبطبت على كتفها بحنان ، اخفف من حرارة آلامها ، قلت لها وأنا احاول رص ما تزعزع منها " اهدئي صغيرتي سما لا عليك ، هو الخاسر فلا مزيد من طبخك "
ضحكت رغما عنها وقالت بوهن " هذا الشيء الوحيد الذي يروح عن همومي وينسيني بضع الامي "
اعدت ما تناثر من غرتها خلف اذنها " ما هذا منذ متى قصصت شعرك ؟"
اجابت بعفوية "" منذ مدة .. جميلة اليس كذلك "
اجبتها بسحر " اجل جدا .."
وسرعان ما خبت ابتسامتها خلف حزنها ، قلت لها " اتعلمين انني الان جنية ، وسأعطيك تعويذه سحرية "
اجابت بفضول " وما هي "
امسكت يديها اشد عليهما ، مع انهما اكبر مني حجما " ان تعويذتي ستحقق امنياتك لكنها تحتاج الى الصبر .. تحلي بالصبر دائما فهو المفتاح للوصول لما تصبين ، هو من سيفتح صندوق كنزك الثمين ، فلا تبعديه عن ناظريك ، وكوني دائما صابرة ، وستعمل عندها تعويذتي وستتحقق امنياتك يا سما .. فقط تحلي بالصبر ."
شدت على يدي حتى كادت تعتصرهما ، فصرخت حتى ادمعت عيناي ، فقالت على عجل " آسفة آسفة للغاية ، لم اكن اقصد ، لكن حجمك تقلص كثيرا "
قلت لها " لا عليك ، حتى انا لم اعتد على ذلك "
اتانا صوت العجوز " سما اين انتي ؟"
قبلت خدها المتورد ، وودعتها وقد تركت في حوزتها ما سيصلح آلامها ، وعاودت التحليق ، كم انا مشتاقة لأحبتي ! ضربت بأجنحتي بسرعة حتى وصلت لذلك القصر الفخم الخارج من حكاية سندريلا ، بحثت عنها في كل مكان لكنني لم اجدها ، اين هي يا ترى ! ضربت بأجنحتي لارتفع للأعلى ، فالرؤيا من الاعلى مفيدة اكثر ، وإذا بها مع الاطفال لثلاثة تجلس تحت شجرة وارفة الظلال ، بين الاشجار الكثيفة ، الملاصقة لأسوار القصر ، توجهت نحوها بسرعة عالية ، ووقفت في وجهها انتظر ان تهلع كما الاخريات ، وعندما رأتني صرخت بصوت حاد ، وتراجعت للوراء لتلتصق بجذع الشجرة ، ما بهن كلهن هل ابدو مرعبة لها الحد !
" هل انتهيت يا ارجوان "
نظرت الي فعرفتني ، فقالت بصوت متقطع " اخفتني "
قلت لها بملل " اعلم .. كلكن خفتن مني "
نظرت الي وهي تشير علي بإصبعها الطويل ، فقلت لها وأنا احرك جناحاي " انهما رائعان اليس كذلك ؟ .. ولكي لا تساءلي ، كنت افكر في احوالكن ، والرغبة الملحة في رؤيتكن وشفاء سقم قلوبكن ، وفي لحظة من اللحظات العجيبة والثواني التي لا تخضع لقوانين الزمن تقلص حجمي ونبتت لي اجنحة سحرية جعلتني اتخطى حدود الزمان والمكان ، واعبر الفضاءات المتعددة لرؤيتكن ، واحقق لكل واحدة منكن امنية ، بواسطة السحر الذي امتلكته "
ظلت صامته ، لم تجب ، اكانت القصة غريبة عليها ، شعرت بيد قبضت علي وسحبتني للأسفل ، " ماما .. ماما ، هل هذه حقاً جنية "
ان هذه الطفلة تعصرني بيديها ، سأصبح عصيرا جنيات بعد قليل ،
اخذت الطفلة تهزني يمينا ويسارا وأحاطها اخويها ، شعرت بالغثيان فطلبت النجدة " ارجوان اطفالك سيقتلونني "
فاستدركت انني في خطر فقالت بحزم " ترف اتركيها ، ستموت اذا بقيت هكذا "
تركتني ترف اتحرر من قبضتها وهي تقول " لا تموت ماما ، لا اريدها ان تموت "
مسحت ارجوان على شعرها وزفرت بأسى " ارجوان ابك خطب ما ؟"
قالت وقد تمردت الدموع من عينيها " لا ابدا ولكن عند الألم دموع الصمت تقرضني الانين "
مسحت دمعتها المالحة من على وجنتها وقلت لها " احكي .. فهناك من سيسمعك "
ضمت الاطفال لصدرها الواسع ، وقالت بعبرات توالت من بحار عينيها العميقة " طُرق باب منزلي في احد الايام ، ****************
الغالية قمر شرفتنا كم تمنيت أن أحضى بفرصة صغيرة لقراءة ما تخطه أناملك وتحققت أمنيتي أخيرا وآخر ما توقعت أن تكون شيء يخص روايتي
رائعة رائعة رائعة رائعة رائعة بكل ما تعني الكلمة وأدهشتني بهذه الفكرة الرائعة وكانت وكأنها ملخص لروايتي وأحببت كل شيء فيها وكانت وكأنها حقيقة فكم أبدعتي في تصويرها لنا بأرجوحتها وحتى شخصيات بطالات الرواية أبدعت فيها وكأنها أنا بل فقتني بكثير
الأمل ما تحتاجه وسن والصبر ما تحتاجه سما والقناعة ما تحتاجها أرجوان كانت أقوى الكلمات منك وأصبتها
شكرا غاليتي فكم تمنيت أن لا توقفت عن قراءة تعليقك ولم ينتهي لأنه عين الإبداع فحماك الله وحرسك بعينه التي لا تنام
كنت متعطشة لكلماتك فلم تغيبي عن بالي أبدا
|