المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
اميرة القلم |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
برد المشاعر
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس عشر)
وهذا الفصل الجديد
ياريت لو وحدة من المشرفات تقسم الفصل
لأكثر من مشاركة لاني حاولت وما نفع الله يفتحها عليكم
الفصل السابع عشر
عدت حينها بنظري عليها مصدومة , إذا هذه هي وسن وهذا
هوا سر تلك النظرة , لم أتوقع أن تكون قريبته هي نفسها وسن
غادرتْ حينها من أمامنا واختفت في طرفة عين وقالت عمتي
" آسفون يا ابنتي وسن تتحسس كثيرا من هذه المسألة "
قلت بابتسامة " لا عليك يا عمة أنا أعذرها "
تحرك حينها نواس وخرج من الغرفة ويبدوا من المنزل بأكمله
تلك إذا وسنك يا نواس تبدوا الأمور بينهما سيئة جدا ومطربة
أعادني من أفكاري صوت والدته قائلة
" اجلسي يا مي لما أنتي واقفة "
جلست وانخرطنا في بعض المواضيع وتعارفنا وبالي كله كان
مع نواس وابنة خالته كما فهمت من والدته , أنا لا ألومها على
موقفها مني فلو كنت مكانها لفعلت نفس الشيء بل لن أقبل بزوجة
الرجل الذي أحب أن تكون معه أمامي , كانت عمتي متوترة طوال
الوقت وتتصل بأحدهم ولا يجيب عليها ثم قالت لي
" مي هلا أسديتِ لي معروفا "
قلت من فوري " بكل سرور "
قالت " المطبخ في نهاية الممر على يسار باب الصالة
نادي لي على فتحية من هناك "
وقفت من فوري وذهبت حيث قالت توجد المسماة فتحية
وتبدوا الخادمة , وصلت معها للغرفة فقالت لها عمتي
" اذهبي لوسن في غرفتها "
أشارت لها برأسها بحسننا دون حتى أن تخبرها لما تريد منها
الذهاب لها , غابت للحظات ثم عادت وقالت " لم تفتح لي "
تنهدت بضيق وقالت " شكرا لك يا فتحية يمكنك المغادرة "
أجرت بعدها مكالمة وقالت " مرحبا فرح يا ابنتي "
" بخير اتصلي بوسن هي لا تجيب علي وكما تعلمي لا
يمكنني الذهاب لها والممرضة خرجت للصيدلية منذ وقت
ولم ترجع وفتحية لم تفتح لها الباب "
سكتت لوقت ثم قالت
" تحدثي معها أخاف أن تمرض ولا نعلم عنها "
غريب ما بها وما الذي يتعبها دائما !! مهلا هي مرضت ليلة
أحضرني نواس إلى المزرعة والرسالة التي وصلته وتوتره
حينها كله كان من أجلها والآن يخافون أن تعود لها ذات الحالة
عجيب ما الذي جعلهما يفترقان وهما يحبان بعضهما هكذا !!
كم أشعر بأن وضعي سخيف , تماما كالشوكة في حلقوم الجميع
ليتك لم تتزوجني يا نواس , ليتك تركتني للسب والمهانة
والضرب عند إخوتي ولم تجعلني جدارا بينكما
أنهت عمتي مكالمتها ولم أسالها عن شيء فوعدي لنواس تلك
الليلة أن لا أتحدث عما حدث يمنعني , رن حينها هاتفي
ونظرت للمتصل فكان نواس , أجبت فقال من فوره
" أنتظرك في السيارة "
قلت بهدوء " سأخرج حالا "
سلمت على والدته وخرجت بعدما انتهت الزيارة القصيرة المملوءة
بالشحنات السالبة والأجواء المتوترة , ركبت السيارة ولم ينطق أي
منا بحرف طوال الطريق ولم أرغب في أن أفتح معه الموضوع
وعند منتصف الطريق أجاب نواس على هاتفه الذي كان يرن
طوال الوقت ولا يجيب عليه , وضع السماعة في أذنه وفتح
الخط قائلا " نعم يا أمي "
سكت قليلا ثم قال بحدة " لا .... وأفهمي ابنة شقيقتك ذلك
جيدا وما قلته سيحدث رغما عن أنفها "
تأفف بعدها وقال بضيق " أمي يكفي تدليلا لها لتكف عن
هذا الجنون يكفي ما قالته لمي وهي لا ذنب لها "
سكت يستمع لوقت طويل ثم قال بغضب " أقسم يا أمي وها قد أقسمت
وأنتي تعرفينني ولن يحدث إلا ما قلت فلتترك الجامعة هي الخاسرة
لكن تلك المهزلة لن تستمر وموضوع سليمان لي حديث معها فيه "
قال بعدها بضيق " انتهى يا أمي وداعا "
ثم استل السماعة من أذنه بغيض ورماها بعيدا عنه وتابعنا
الطريق يتأفف بغضب كل حين , وبالنسبة لي لم أجد غير
الصمت فأخاف أن أتحدث فأزيد الأمور سوءا خصوصا أني
لاحظت على نواس أنه لا يحب التكلم ولا حتى إجابة الأسئلة
حين يكون متضايقا , عجيب أمره من يراه لا يصدق أنه يحبها
كل ذاك الحب ! صدقت جدتي رحمها الله حين كانت تقول
( لا تصدقوا من كلام العشاق شيئا وهم غاضبون )
وكانت ترددها كلما تشاجر أحد أبنائها مع زوجته وأصبح
يزمجر ويتوعد فيها وفي النهاية كما قالت يعودان لبعض وكأن
شيء لم يكن , ساد الصمت بعدها حتى وصلنا للمزرعة وأنزلني
أمام باب المنزل وغادر من فوره ولم يرجع إلا المساء
*
*
سجنت وسن نفسها في غرفتها ولم تخرج منها طوال نهار أمس
حتى اتصلت بنواس فهوا حلي الوحيد ليرى إن كانت حية أم ميتة
فأنا لم أنسى بعد تلك الليلة حين أحضر مي للمزرعة وخفت الآن
أن تموت ولا نعلم عنها ونلوم أنفسنا حينها , جاء نواس وكسر
عليها الباب ولم أسمع سوى صراخهما وبكائها ولم أعلم أو أسمع ما
حدث بينهما سوى صوته الغاضب خارجا من عندها وهوا يقول
" متشردة ومتسولة وعالة افهميها كما تشائي وسليمان ذاك
لن تتزوجيه ولا غيره إلا حين أقرر أنا "
ثم سمعت ضربته القوية للباب التي كادت تحطم الجدران
هذا الباب المسكين لن يعيش طويلا بسببهما , يبدوا من كلام
نواس أنه لن يزوجها بسليمان يعني أنه اختار الخيار الثاني وهوا
تزويجها لنفسه , هوا حلهما الوحيد لأنهما بعيدان عن بعض لن
يرتاحا ولن يعيشا حياة طبيعية مهما طالت بهم السنين فيكونان
معا حتى تعيسان أفضل بكثير من أي حل آخر
صحيح أننا سنظلم مي بهذا والله أعلم متى سيقرر نواس الزواج
بوسن وهي لازالت عروس لكن لا حل آخر ولو كان هناك غيره
لأسرعت له , ثم أنا أعرف نواس جيدا قادر على العدل بينهما
ولو في المعاملة فقط أما الحب فمستحيل وهذا ما
سيتعبه هوا وليس هما
بقيت وسن بعدها ليومين سجينة غرفتها ولم تخرج ولا حتى
للجامعة ولم يؤثر كسر نواس للباب شيئا سوا زيادة الأمر سوءا
*
*
بقيت داخل الغرفة بقلب مكسور كبابها وحلم أسود كجدرانها
الغامقة وروح فارغة كفراغها المميت ونصب عيناي كلماته الغاضبة
وهوا يقول " لا دخل لمي فيما بيننا يا وسن فلا تسيئي لها رجاءا "
كانت كلماته كالسم على أحشائي وكالنار على قلبي , نعم لا يتحمل
جرح مشاعرها أما أنا فبلى ولا يهم إن مت من قهري وحزني
طرقت الممرضة الباب ودخلت قائلة " خالتك تسأل عنك وتريد
مغادرة السرير , صحتها لا تعجبني هذه الأيام فاخرجي لها يا وسن "
غادرت السرير قائلة بهمس " حسنا "
رتبت شعري ولبست حجابي تحسبا لقدوم ابنها وخرجت
توجهت لغرفتها من فوري وما أن دخلت حتى مدت لي
بيدها قائلة " تعالي يا ابنتي لما تحبين أن تشغلي بالي عليك "
وصلت عندها وجلست أمامها وقلت بابتسامة حزينة
" من لا يموت يعيش في كل الأحوال والضربة التي
لا تقتل تقوي يا خالتي "
تنهدت بتعب فقلت وعيناي على ملامحها
" تبدوا صحتك ليست بخير "
قالت بابتسامة متعبة " تعب معتاد وسيغادر بعد أيام , ماذا
عن جامعتك يا وسن , إن كان لي رجاء لديك لا تتركيها "
نظرت للأسفل وقلت " لا تخافي يا خالتي لن أتركها فلن يكون
لي مستقبلا غيرها ولن أعيش عالة على ابنك طوال العمر "
قالت بعتب " ما هذا الذي تقولينه يا وسن كيف
تكونين عالة عليه فهوا ابن خالتك "
نظرت لها وقلت بقهر " ليس شقيقي ولا والدي لا عمي
ولا خالي ولا حتى زوجي فبأي صفة أقبل ماله , أجل
عالة ومتسولة يتصدق عليها وسيأتي اليوم الذي أسدد له
كل هذا ولن أرتاح قبل أن يحدث ذلك "
تنهدت وقالت " يستحيل أن يكون كل أولائك سوى
الزوج فهل تقبلي ماله حينها "
قلت بضيق " لا ..... لن يكون زوجي ولن أكون له "
نزلت دمعة من عيني فمسحتها وتابعت بألم
" كما تعلمي يا خالتي فطوال سنين خطوبتنا لم يتحدث معي
نواس سوى بكلمات عادية ورسمية جدا والجملة الوحيدة
التي قالها لي وعاشت في قلبي طوال تلك السنوات وفي
كل مرة أتذكرها تكون وكأنها اليوم "
ضممت يدي لحضني وقلت بدمعة حسرة " قال لن تسكن هذا
الحضن غيرك يا وسن أقسم لن يعرف أن يحتضن غيرك , وأخلف
يا خالتي ... أخلف بوعده وسكنته غيري , إذا لا مكان لي فيه "
اتكأت للخلف وقالت
" المهم الآن عودي لجامعتك ولنترك الباقي لوقته "
*
*
عليا أن أضحي وللنهاية ومن أجلها فقط فيكفيها ما
أتاها مني , عليك أن تستحمل نارك التي كويت بها نفسك يا
وليد وأنت تستحقها , لكن ما يحيرني كيف لم يخبرها نواس بأني
من يعيش معه ! ألا يتحدثان أبدا ! كم تنتابني من شكوك حيال
الأمر وأخشى أن يظلمها فوق ما رأته من ظلم
" النشارة جاهزة أستاذ وليد هل نبدأ "
نظرت له وقلت " نعم فبالكاد يكفينا النهار "
أحسست بيد أحدهم على كتفي فنظرت جانبا فكان معتصم
نظرت لملامحه مطولا وهوا ينظر للعمال وقلت
" ما بك عابس هكذا منذ أتيت "
نظر لي ثم عاد بنظره عليهم وقال ببرود " لا شيء مهم "
ضحكت وقلت " أقسم أنها الزوجة العزيزة وراء هذا "
قال بذات بروده " وليد لست بمزاج لك تفهم "
قلت بابتسامة " لا أحد ليس لديه هموم يا صديقي "
تأفف وقال " النساء .... لا أعلم أي نقمة ابتلينا بها "
قلت بعد ضحكة صغيرة
" نحن جلبناه لأنفسنا هم لم يجرّونا من شعورنا "
قال بضيق " أنت لم تجرب فلا تتحدث "
نظرت للبعيد مبتسما بألم ثم قلت " الخطأ عليك لما تزوجتها "
قال بتذمر " نفس الجملة تكررونها لي كلما تكلمت , لما
تزوجتها ولما ولما , أحبها يا رجل بأي لغة أشرحها لكم "
ضربته على كتفه وقلت مغادرا
" تحمل إذا أو جد لك أسلوب آخر معها فثمة حل بالتأكيد "
توجهت للمنزل ودخلت لغرفتي أخرجت الحاسبة وبعض
الأوراق وخرجت على دخول نواس دون أن ينتبه لي
ما به هذا الرجل حتى منزله لم يعد يبقى فيه وكأنه ليس متزوج
ومزاجه مشتعل كالنار , لابد تشاجر مع ابنة خالته ككل مرة
وكالعادة , توجهت للمطبخ بدلا من أن أخرج ووقفت عند الباب
وقلت " راضية هل لي بسؤال تجيبي عليه وليس ككل مرة "
نظرت لي ثم عادت بنظرها لما في يديها وقالت ببرود
" ابتعد عن نواس وزوجته واسأل "
تأففت وقلت " وما في الأمر إن سألت هوا صديقي وهي
ابنة خالتي وأراه طوال الوقت خارج المزرعة أو في
مكتبه وهي مسجونة في الأعلى "
لم تجب طبعا فقلت بضيق " أجيبي أو أشعلت النار في ثيابك "
ضحكت بضحكة غلبتها ثم قالت
" ستعيش في تأنيب الضمير طوال حياتك "
قلت ببرود " لا أضن "
نظرت لي وقالت " أخبرني لما كل هذا الإصرار والاهتمام
بل والتدخل وسأخبرك بأكثر مما تريد "
نظرت لها بحيرة وقلت " ما قصدك بأكثر مما تريد "
رفعت كتفها بلامبالاة وقالت " أجب أولا "
قلت بعد صمت " أخبرتك لأنه صــ .... "
قاطعتني قائلة وقد عادت تشغل نفسها بما تفعل
" صديقي وابنة خالتي حفظتها ولم تقنعني بها "
قلت بصدمة " ما قصدك بهذا "
قالت " لا شيء "
خرجت وتركتها فكم أبدوا أحمقا والفت الانتباه لي كثيرا
بتصرفاتي فما علاقتي بهما مادامت مي لم تطلب مني
مساعدتها فأنا ابن خالتها وإن كان لديها مشكلة لقالت
لي إن كانت تريد القول
*
*
قربت رأسي من رأسها وقلت بهمس " وسن أنظري لذاك الشاب
هناك ينظر جهتنا من مدة , لم أره سابقا في الجامعة "
نظرت جهته ثم قالت " وما علاقتنا به قد يكون معجبا بالأشجار خلفنا "
ضحكت كثيرا ثم قلت " ألم يجد غير هذه الأشجار ليعجب بها
ما رأيك أن نجلس مبتعدتان عن بعض لنعلم لمن ينظر فينا "
نظرت لي بضيق وقالت " ملاك هل تعلمي أنك فقدتِ
عقلك بسبب برنامجك السخيف ذاك "
قلت ببرود " سخيفة أنتي "
ثم قلت بسعادة ويدي تلعب في الهواء
" أهدى الأغنية في الحلقة الماضية لي وكان عنوانها أنتي ملاكي "
ثم أمسكت قميصها جهة ذراعها وهززتها وقلت
" قال الأغنية القادمة أهديها لملاك ياااي كدت أموت من الفرح "
هزت رأسها بيأس ثم قالت " لو يراك هكذا مجنونة سيغير رأيه
في تفاهاتك التي تقولينها في ذاك البرنامج "
ضربتها بخفة وقلت باستياء
" صديقتي وتقولين هكذا ماذا تركتي للذين يكرهونني "
نظرت لي وقالت " بربك ملاك كم مرة تستمعي
لذاك البرنامج أسبوعيا "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " البرنامج يعرض ثلاث أيام
أسبوعيا والإعادة مرتين أي تسع مرات كل حلقة مع إعادتين "
فتحت عيناها من الصدمة وقالت " تستمعين للإعادتين أيضا "
هززت رأسي بنعم فقالت بدهشة " وكل حلقة ساعتين متواصلتين
أي ثماني عشرة ساعة تضيع منك أسبوعيا هباءً منثورا "
وقفت وقلت ويداي وسط جسدي " ليس هباء ولا منثورا
دعيني أجرب حضي في الحب مرة "
دخل علينا حينها صوت رجولي قائلا
" من هذا التعيس الذي ستجربين فيه الحب "
نظرنا له فكان طلال قالها ومر متابعا طريقه فتجاهلته
ونظرت لوسن وقلت " حلقة الليلة سيسأل كل متصل سؤالا
يجيب عليه الآخر الذي يتصل بعده , لن تفوتني حلقة اليوم
إلا ميتة وكل ما أخشاه أن لا يتصل أحزان السنين "
وقفت وقالت " لا أحزان سنين غيرك أنتي وأنا قبلك طبعا
بسرعة ها هوا الدكتور عادل جاء "
مر حينها بجوارنا قائلا دون أن ينظر إلينا
" ملاك تأخير هذه المرة طرد لأول مرة في تاريخي "
تأففت وقلت " ليخبرني أحدهم لما يكرهني هذا الرجل "
سحبتني وسن معها دون كلام حتى وصلنا القاعة ودخلنا
جلسنا ودخل دكتور المادة وبدأ بشرحه الطويل وسافرت أنا
بنظري جهة النافذة أشاهد أشياء لا يمكنني رؤيتها بوضوح
بسبب نوع الزجاج وبالي مع حلقة الليلة من البرنامج
لا أعلم لما يسيطر على أفكاري كل حين , كم أتمنى أن أراه
فقط مرة ولو من بعيد بل أتمنى أن أعلم بمشاعره نحوي أم
أني كما قالت وسن أخدع نفسي فقط بالأوهام , سافرت بي
الأفكار في كل ما يخصه حتى أيقضني من شرودي صوت
الدكتور عادل قائلا بصوت مرتفع " الذي يرى المحاضرة مملة
ولا تعجبه ليس مجبرا على الحضور , من الأفضل له أن
يخرج ليشاهد السماء مباشرة دون عوائق "
نظرت له بصدمة فكان ينظر لي , لما أنا من بين الجميع !
ألا يوجد أحد غيري يسرح والجميع في دفعتنا يقولون أن مادته
مملة ولا يمضونها سوى بالسرحان عما يقول كي لا يموتوا قهرا
لا أعلم كيف يكون شابا بهذا الأسلوب أعان الله زوجته عليه
علمت الآن لما هي في المستشفى منذ أسبوعان ولن تخرج أبدا
أنهيت محاضراتي وعملنا على رسالة تخرجنا لأنها ستكون
عملية ونظرية ولم أرجع للمنزل إلا بعد العصر , فتحت الباب
ودخلت ثم قلت بمفاجأة " إيمان متى رجعتِ !! "
قالت بابتسامة " يبدوا لا مفر لي منكم "
أغلقت الباب ودخلت قائلة " لا تقولي أنك عدتِ لوحدك "
قالت بابتسامة " أبدا هوا من ذهب لإرضائي وإحضاري "
ضحكت وقلت " وكان يتبجح وينفخ رؤوسنا أنه لن يعيدك "
" عمتي ملاك تعالي وانظري في التلفاز "
نظرت جهته وقلت بضيق
" أنا لست عمتك , والدتك أكبر مني وتناديها إيمان "
ضحكت إيمان وقالت " لم يتوقف عن التحدث عنك طيلة
الأيام الماضية أنتما عدوان هنا فقط "
ضحكت ونظرت جهة باب المطبخ وقلت
" يوجد طعام هناك أليس كذلك "
قالت مبتسمة " غدائك في المطبخ ينتظرك "
توجهت نحوه قائلة " آه يا إيمان لا أحد هنا يعرف قيمتك غيري "
دخلت المطبخ فتحت القدر واستنشقت الرائحة , آه وأخيرا وجبة
دسمة فطيلة الأيام الماضية كنت أعد وجبات خفيفة بسبب جامعتي
توجهت لغرفتي استحممت وتناولت غدائي صليت المغرب
ونمت كعادتي حتى صلاة العشاء ثم قمت وصليت وتعشيت
ودرست حتى وقت برنامجي الذي بت مدمنة عليه فقفزت على
سريري ووضعت السماعات في أذناي وشغلت الراديو انتظر
حتى ابتدأ البرنامج وفي حلقة اليوم طبعا سيتحدث كل واحد عن
السؤال الذي وجهه له المتصل الذي قبله حتى كانت مداخلة أحزان
السنين وخان توقعاتي ولم يهرب من الحلقة لكن السؤال كان
سخيفا ولم أتمنى أن يكون كذلك , تكلم بصوته الهادئ قائلا
" إذا لم يكن السؤال ورطة كما قال البعض في حلقة اليوم عن
أسئلتهم التي وجهت لهم , بالنسبة لأصعب موقف مررت به
في حياتي كان وفاة والدي فموت السند أمر متعب للرجل
أكثر حتى من المرأة , كنت مراهقا ووالدتي رفعت الحمل
بادئ الأمر حتى صرت يعتمد علي واهتممت بشقيقتاي حتى
تزوجتا , لا أنكر أني كنت أحتاجه في كل وقت ليس لعجزي
عن تأدية واجبي ناحية والدتي وشقيقتاي لكنه كان والدا رائعا
وخسارته ليست سهلة على جميعنا وخصوصا والدتي "
قاطعه المذيع كعادته وقال " بالفعل الأبناء يتزوجوا
ويسعدوا والأم وحدها تبقى الخاسر في النهاية "
قال بصوت مبتسم " هي تحب برنامجك وتتابعه
فأحييها على تضحيتها لأجلنا "
قال المذيع " ونحييها جميعنا وها قد حضينا بمعرفة أشياء عنك "
قال " سررت جدا بالتحدث إليكم خصوصا هذه الحلقة وتبقى العقبات
طوال ما عاش الإنسان ولا أحزن كلما سرقت أفراحي السنين "
قال المذيع " السؤال أخي لا تنسى "
قال ضاحكا " كدت أنسى , أسأل المتصل بعدي لمن
تهدي كلمة أشتاق إليك "
تنهدت بحسرة وقلت " لو كنت أنا لقلت أنت طبعا "
بعد قليل اتصلت كي لا أكون أنا من هربت من الحلقة وكانت
المداخلة قبلي لم تنتهي فسألت الفتاة قبل أن تنهي مكالمتها قائلة
" أسأل المتصل بعدي كيف تصف ترابطك الأسري "
ففتحت عيناي عل اتساعهما من الصدمة , قطع الله لسانك يا
حمقاء , كنت سأوقف الاتصال لكن المذيع ذكر اسمي وقال أن
المداخلة الجديدة لي ولم يكن أمامي من مفر فقلت بعدما فتحوا لي
الخط " مساء الخير جميعكم حلقة اليوم مميزة جدا ولا تفوت
مشكلتي لم أعرف سؤالي إلا وأنا في الانتظار "
ضحك المذيع وقال " إذا كنتي تنوين الهرب منه "
قلت بعد ضحكة " أكذب لو أنكرت ذلك , بالنسبة لي لم أنعم بشيء
اسمه ترابط أسري فوالداي انفصلا وأنا صغيرة وتزوج والدي
بأخرى ووالدتي كذلك وعشت مع والدي لأنه صارم قليلا ويرفض
فكرة أن أعيش مع زوج والدتي وعندما أكملت المرحلة الإعدادية
وافق والدي أن أعيش مع جدتي والدة أمي وابنها وأدرس الثانوية
والجامعة في العاصمة لأن حياتي مع والدي كانت ستجعل مني
ابنة فاشلة فحتى دراستي تراجعت فيها كثيرا بسبب زوجته
لم أحب التحدث عن كل هذا لكني احترم برنامجكم وصراحة
كل المتصلين فلست بأفضل منهم ولن أكذب عليكم فمن ينعم
بنعمة الأبوين والاستقرار معهما أو حتى مع أحدهما فلا
يحزن أبدا لأنه اكتسب كل شيء وعمتم مساء "
*
*
كنت أمسح على وجه الوسن وألعب بشعرها وهي تستنشق
ثيابي ووجهي وهذا طبعها كلما غبت عنها لأيام فيبدوا تشتاق لي
وتفتقدني عكس سميتها التي تكره رؤيتي , قربت شفتاي من أذنيها
فتبثثْ مكانها فابتسمت لأنها اعتادت على هذه الحركة مني وباتت تفهم
أن معناها حديث خاص بيننا , حضنت وجهها بذراعي وهمست لها
" والدتي تقول لي تزوجها , صدقي يا الوسن أتزوجها وأنا مجروح
منها حد الألم وهي تكره حتى رؤيتي وتكره مي والمزرعة , هل
تريدي رؤيتها يا الوسن ؟ هل تريدي رؤية فارستك , هل توافقي أنتي "
بقيت ثابتة على حالها رغم أن كلامي انتهى وأني أبعدت رأسي
عنها وكأنها تنتظر المزيد فابتسمت وقلت بصوت منخفض
وأنا أمسح على شعرها الأسود " يبدوا أنك موافقة لكن لعلمك
ستكرهك أنتي أيضا لأنك تخصينني "
رن حينها هاتفي في جيبي فأنزلت الوسن رأسها له وبدأت
تحرك سترتي بفمها جهة الجيب الذي فيه الهاتف في حركة
لأول مرة تفعلها فابتعدت عنها وأخرجت الهاتف لأصدم بالاسم
في الشاشة ... وسن تتصل بي أنا نواس وفي وقت جامعتها !!
****************************************************
******************************************
خرج نزار وترك دمارا خلفه ليس على الأرض فقط بل وفي
عينا سما الدمعتان ونظراتها المصدومة على المجسم الذي تحول
لقطع على الأرض ثم سرعان ما بدأت دموعها تتساقط عليه
الواحدة بعد الأخرى فقلت بهدوء
" سما لا تغضبي منه فهوا فهم الأمر بشكل خاطئ "
قالت ونظرها لازال حيث هديتها المتحطمة " انكسر يا خالتي
رفض هديتي وكسرها وصرخ بي أيضا , أقسم لم أشتريه
بنقودي وكنت عند وعدي له "
تنهدت وقلت " أعلم يا ابنتي ونزار الأحمق سيعلم بخطئه "
غادرت من فورها مسرعة ولم أسمع سوى خطواتها الراكضة
تصعد السلالم , أمسكت بهاتفي واتصلت به كثيرا ولا يجيب
اتصلت بسما أيضا وبالتأكيد لن تجيب علي ولم يرجع نزار
حتى وقت متأخر والحال هنا كما هوا عليه الزجاج وقطع
المجسم في كل مكان والكعك والحلويات مكانها لم يقربها
أحد , بعد منتصف الليل سمعت صوت باب المنزل انفتح
وخطواته تتوجه جهة السلالم فقلت " نزار تعال لا تصعد "
وقف عند الباب ونظر للأرض حيث حطام المجسم ثم نظر
لي فقلت بضيق " ما هذا الذي فعلته يا نزار "
أشاح بوجهه للجانب الآخر متضايقا ولم يتحدث فقلت بحدة
" هل هذا ما تستحقه منك وهي التي تعبت لتحصل على الهدية
ووقفت طوال اليوم تعمل في المطبخ لأجل حفل بسيط لك ولم
يتذكرك غيرها أحد , هل هذا جزائها لأنها جمعت مصروفها
وحرمت نفسها منه واستلفت من صديقتها لتشتري لك
الهدية دون أن تخلف بوعدها لك "
نظر لي وقال بضيق مشيرا بإصبعه على حطام المجسم
" هل تعلمي كم ثمن هذا يا أمي أي صديقة ستستلف منها ثمنه "
قلت بجدية " نزار سما لا تكذب وأنت تعلم ذلك جيدا "
فتح فمه ليتحدث فقلت بضيق " مالا تعلمه يا حضرة
المهندس أن هذا المجسم تقليد عن الأصل وثمنه لم يتجاوز
المئة ثم هي أموالها ومن المفترض أن لا يحاسبها عليها
أحد ورغم ذلك احترمت وعدها لك "
غادر متضايقا فقلت منادية " انتظر "
التفت لي فقلت " لا تتحدث معها الآن "
قال " لن أتحدث معها أبدا فمهما كان ما كان عليها
أن لا تمد يدها لأحد "
قلت بضيق " نزار ما بك وكأنك تبحث لها عن الزلة , ثم لا
تنسى أنها تمد يدها لك أيضا رغم أنها تملك أموالا تكفيها لباقي
حياتها ويزيد فلما أنت لا بأس وغيرك لا وبأي صفة وهل
بضنك وحدك لديك كرامة وعزة نفس "
قال بضيق أكبر " أمي لاحظي أنك بتِ تنتقدينني في كل
شيء أفعله أو أقوله يخص سما "
قلت ببرود " لا تتهرب من خطأك في حقها واعترف
ولو بينك وبين نفسك "
غادر دون كلام فقلت بصوت مرتفع ليسمعني
" نزار لا تتحدث معها عن أي شيء وأي كان "
ثم اتكأت على السرير بعدما انتهى الحفل الذي لم يكن مخططا
له هكذا أبدا ولم يطفئ أحد حتى النور , بعد وقت غلبني النعاس
واستيقظت على صوت حركة في الغرفة ففتحت عيناي فكان نزار
يجمع قطع المجسم من الأرض ويضعها على القاعدة الخشبية
المخصصة له فقلت بهدوء " أتعلم كم مرة سألتني سما بالأمس
قائلة : ترى هل ستعجب هديتي نزار "
وقف ينظر لي بصمت فقلت " لقد جرحتها بما فعلت , لا
وصرخت بها واتهمتها بالكذب وإخلاف الوعد وبأنها تتصدق
بأموالها علينا , لو كنت مكانها لما سكت لك وقتها ولقلت
لك بصحة وجه : ولما تتصدق عليا أنت بمالك "
عاد منحنيا للأرض يجمع باقي القطع وقال ببرود
" أخطأت يا أمي وإن كنت مخطأ في حقها فهي أخطأت أيضا "
قلت بضيق " نعم أخطأت في أن تذكرتك في عيد ميلادك "
حمل حطام المجسم خارجا به بصمت فقلت
" خذ الكعكة للثلاجة فلا أحد سيأكلها وأطفأ النور "
غادر به ثم عاد وحمل الكعك والحلويات والكؤوس وكل ما كان
على الطاولة وأطفأ النور وغادر دون حتى أن يقول لي تصبحين
على خير , ثمة أمر ما يضايق نزار هذه الأيام وها هوا نفث كل
ضيقه في المسكينة سما , كل ما أخشاه أن تصدق ظنوني حيالها
فهوا لا يكن لها أكثر من شعور المسئول عنها
*
*
سجنت نفسي في غرفتي ولا شيء سوى البكاء ولست أعلم
أبكي هديتي التي تحطمت أم تعبي من أجل الحصول عليها أم
جرحه لي بما فعل , لما لا أتقبل هذا منه ! لما حين كان يصرخ
بي مدير المدرسة أو حتى جابر ذاك اليوم لم أشعر بهذا الكم من
الحزن والألم ! هل صحيح ما قالت خالتي وأن من يحب شخصا
لا يحتمل منه الجرح وسيكون مختلفا عن غيره في كل شيء !
لا أعلم كم ساعة بكيت الليلة , كل ما أعرفه أني بكيت لوقت
طويل جدا كبكائي ليلة نمت في منزلنا وحيدة , بكيت بحرقة أدس
وجهي في الوسادة حتى نمت ولا أعرف كيف ولا متى واستيقظت
وقت الفجر ورأسي يؤلمني بشدة من كثرة بكائي وأشعر بمعدتي
تؤلمني أيضا , صليت بصعوبة ثم عدت للسرير ولم أنم بعدها
أبدا وفات وقت المدرسة ولم أغادر سريري , إنه موعد دورتي
الشهرية وحين أكون منزعجة أتألم منها كثيرا , غادرت السرير
دخلت الحمام وعدت له من جديد وعند العاشرة سمعت طرقا
على الباب فاختبأت تحت اللحاف ولم أجب , تكرر الطرق عدة
مرات ثم انفتح الباب وبعد لحظة وصلني صوت نزار قائلا
" سما المدرسة لا ذنب لها "
نزلت دمعتي ولم أتكلم فقال
" والدتي منشغلة عليك , على الأقل انزلي لتطمئن "
قلت من تحت اللحاف " متعبة قليلا "
لاذ بالصمت لوقت ثم قال " هل آخذك للمستشفى "
قلت بهمس " لا "
لم اسمع بعدها سوى الباب يغلق وعدت لبكائي من جديد
يبدوا مستاء مني من نبرة صوته فما ذنبي أنا وما الذي فعلته
أستحق عليه كل هذا , كنت أتألم كثيرا ولم أستطع مغادرة
السرير لأعد الطعام كي لا يعتقد أحد منهما أني أتعمد ذلك فقط
لأني غاضبة وكأني أمن عليهم بخدمتي لهم , بعد وقت سمعت
الباب ينفتح من جديد ثم صوت عجلات كرسي خالتي المتحرك
يقترب مني وصوتها الحنون يقول " سما هل أنتي مستيقظة "
أبعدت اللحاف وجلست وجمعت شعري المفتوح جانبا , كانت
أمام سريري بكرسيها المتحرك ونزار يقف خلفه , نظرت ليدي
في حجري وقلت " آسفة خالتي كنت متعبة ولم أستطع النزول لك "
أمسكت يدي وقالت " وجهك متعب جدا ما الذي تشعرين به "
نظرت لها ونزلت دموعي من فورها ودون شعور
فمسحتها وقلت " معدتي تؤلمني كثيرا "
مسحت بظهر أصابعها على خدي وقالت
" ومن معدته تؤلمه يبكي هكذا !! "
خرج حينها نزار وتركنا لتنزل دموعي مجددا وأمسحها
بسرعة فتنهدت وقالت " متعبة أم غاضبة منه "
نظرت لها ثم نظرت للأسفل وقلت بصوت منخفض
" هذا موعد دورتي الشهرية وتؤلمني كثيرا ونزار
يبدوا هوا الغاضب وليس أنا "
قالت بضيق " ليس غاضبا هوا فقط لا يريد أن يعترف بخطئه "
عدت بنظري لها وقلت " هل أخطأت حقا يا خالتي , قولي أنتي "
قالت بهدوء " لو فعلتِ كما ضن تكونين مخطأة "
نظرت لها بعينان دامعتان وقلت " لكني لم أفعل ذلك أقسم لك "
هزت رأسها بنعم وقالت " أعلم وأخبرته أيضا فتحول لومه
على أن تطلبي النقود من صديقتك "
قلت بحزن " لكني لم أطلب منها بل هي من عرضت علي
مساعدتها وأخبرتها أني سأعيدهم لها من مصروفي "
تنهدت وقالت " نزار يبدوا مستاء ويتضايق من كل شيء
لا تغضبي منه سيعود لطبيعته ويدرك خطأه "
رفعت شعري خلف أذني وقلت " لست غاضبة منه "
قالت مبتسمة " اتصلت بدعاء ستأتي لتراك هي ممرضة لكنها جيدة "
هززت رأسي بلا وقلت " لا أريد خالتي لا أريدها "
قالت باستغراب " ولما يا سما ! ستكتب لك اسم علاج يفيدك "
قلت بتذمر " لا أريد لا , ثم هي ممرضة ما سيفهمها في الأدوية "
مسحت على يدي وقالت " حسنا لن تأتي مادمت لا تريدين سأسألها
عن شيء ينفع وأوصي نزار يحضره من الصيدلية "
عدت للإضجاع عل السرير وغطيت رأسي باللحاف أبكي فسمعتها
تقول " سما يكفي بكاء هل تريدي أن تقلقيني عليك "
جاء حينها صوت نزار قائلا " هيا يا أمي سأنزلك لغرفتك
وسما تجهز نفسها لآخذها للمستشفى "
قلت من تحت اللحاف " لا أريد سأكون بخير "
قال بضيق " لست غاضبا منك يا سما سنذهب أو سأغضب حقا "
ثم لم أسمع سوى صوت عجلات الكرسي خارجا به
إذا كان هنا ويستمع لكل ما نقول , جيد أني لم أخبر خالتي
عما كان يزعجه لسمعني ووجد شيئا جديدا يلومني عليه
وأكون أستحق حينها فتلك أمور تخصه لا يحق لي قولها
غادرت السرير غيرت ثيابي ولبست حجابي الأبيض ونزلت
للأسفل فوجدته ينتظرني أمام غرفة والدته عند أول السلالم
فأرخيت نظري ونزلت دون أن أنظر إليه وسار هوا قبلي
جهة الباب وخرج وأنا أتبعه , ركبنا السيارة وأنطلق ونحن
في صمتنا سوى من الأوجاع التي تزداد علي , لاحظت
بعدها أنه زاد السرعة فيبدوا لاحظ أني أتألم كثيرا
وصلنا المستشفى ونزلنا ودخل وأنا أتبعه ودخلت لحجرة
الطبيب وحدي , وصف لي علاجا وحقنني بالمسكن فشعرت
بعدها بالراحة كثيرا ومن ثم خرجت فكان نزار يقف بعيدا
ودعاء معه , كان يتحدث بضيق فاقتربت وهما لا يشعران
بي لكني لم أستمع سوى لبعض الكلمات وهوا يقول لها
" لا أريد أن أراها ولا أسمع صوتها فأخبريها أنتي أن كل
ما بيننا انتهى فيبدوا لا تريد أن تفهم مني "
نظرت حينها دعاء ناحيتي فالتفت لي نزار وقال
" هل نغادر "
هززت رأسي بنعم دون كلام فتحرك قائلا
" وداعا يا دعاء وشكرا لك "
سار معطيا ظهره لنا فنظرت لها فكانت تنظر لي نظرة
غريبة لم أفهمها ثم ابتسمت بسخرية وغادرت في صمت
لحقت بنزار مسرعة لأدركه وتركت ترجمة تصرفات المدعوة
دعاء فلازلت مؤمنة بكلام والدتي حين كانت تقول لي دائما أن
الأخيار يدافع الله عنهم وأن الأشرار هم من يخسرون في النهاية
ومهما طال الزمن , أجل الآن فقط فهمت ما كانت تقصده من
كلامها معي سابقا , هي تخاف أن يحبني نزار وتبدوا تحبه
لكن ترى ما علاقتها بخطيبته السابقة فيبدوا كانا يتحدثان عنها
وصلنا السيارة ركب وركبت بعده وانطلقنا عائدين وبعد
مسافة قليلة نزل للصيدلية وأخذ لي العلاج ثم عاد للسيارة
ركب ووضع الكيس في حجري ثم انطلقنا وقال بعد قليل
ونظره على الطريق " كان يفترض بك أن تخبريني أنا
أنك تريدين نقودا يا سما "
أنزلت رأسي وقلت بحزن " كنت سآخذها منك على أية حال
فأنا كنت سأرجعها لها من مصروفي الذي تعطيه أنت لي "
سكت قليلا ثم قال " أنا آسف كنت منزعج من بعض
الأمور وأزعجتِني كثيرا بما فعلتِه "
نظرت جهة النافذة وقلت " لم يكن أمامي وقت أجمع فيه
المال وأردت أن أشعر أني أنا من اشترها لك وليس من مالك
أردت شكرك ولو مرة واحدة على ما تفعله من أجلي "
قال بانزعاج " مالا تعلميه يا سما أني أنا من يلزمه شكرك
على كل ما تفعليه من أجلي ووالدتي "
نظرت له وقلت " هذا يجرحني أيضا كما يجرحك أن
أدفع من مالي عليك "
أوقف السيارة أمام المنزل ونظر لي وقال بابتسامة صغيرة
" إذا لنتفق أن لا يجرح أحد منا الآخر في هذان الأمران "
هززت رأسي بحسنا مبتسمة ونزلت من السيارة ودخلنا
المنزل معا , ترى هل من علامات الحب أيضا أنك لا تستطيع
أن تغضب ممن تحب وتسامحه بسهولة ما أن يعتذر منك !!
دخلت وتوجهت لغرفة خالتي فورا فمدت يدها لي مبتسمة
فاقتربت منها وجلست بجوارها فاحتضنت كتفي وقالت
" كيف تشعرين الآن "
قلت بهمس " جيدة "
وقف نزار عند الباب وقال " سأخرج من العاصمة لأزور الشركة
التي يعمل فيها حسام لآخذ لهم الخرائط التي رسمتها "
قالت خالتي مبتسمة " وفقك الله بني "
قال مغادرا " لا تفتحي الباب لغير جابر يا سما وكان من يكون "
نظرت لي خالتي وقالت " يبدوا تصافت الأمور "
هززت رأسي بنعم ثم قلت " ما قصة الخرائط "
قالت " حسام تحدث مع صاحب الشركة فهوا والد صديقه
وسيتعاملون مع نزار ليرسم لهم لو أعجبهم أدائه لذلك
هوا يعمل عليها منذ أيام "
قلت بهدوء " لكنه ذهب دون أن يتناول غدائه وأنا لم أعد شيئا "
قالت مبتسمة " لا تقلقي عليه سيأكل في الخارج "
وقفت وقلت " إذا سأعد الطعام لنا وأنظف المنزل "
أمسكت يدي وقالت
" اذهبي لغرفتك لتنامي وترتاحي فلازلت متعبة "
قلت مبتسمة " لم أعد متعبة سأطهو الطعام حالا "
خرجت من عندها أعددت الغداء ثم بدأت بتنظيف المنزل
نظفت الصالة والحمام ثم صعدت للأعلى رتبت غرفتي ثم دخلت
لغرفة نزار وفوجئت بالمجسم قد أعاد تركيبه كما كان فقط بدون
الزجاج فوقه , اقتربت منه ولمسته فكان تابتا تماما فيبدوا أنه
ألصقه بالغراء , لفت انتباهي صندوق بجانبه فتحته فكان فيه
ساعة رجالية , قلّبت الصندوق كثيرا ولم يكن مكتوبا عليه
شيء وحين أعدته مكانه لاحظت البطاقة المقلوبة في
مكانه على الطاولة فرفعتها فكان مكتوبا فيها
( كل عام وأنت بخير يا نزار ...... دعاء )
شعرت برغبة كبيرة في تحطيمها ورميها في القمامة لكنه
سيعلم أنها أنا لكنت فعلتها دون تردد , نظفت بعدها الغرفة
وكويت له ثيابه ورتبتها في الخزانة وجمعت الأوراق من
الأرض لأضعها في سلة المهملات ففوجئت بهدية مغلفة
لم يفتحها مرمية بداخلها فرفعتها أنظر لها باستغراب
ترى من أهداها له ولما يرميها دون حتى أن يفتحها !
فتشت في السلة فوجدت بطاقة صغيرة ممزقة لأربع أجزاء
أخرجتها وتوجهت بها للطاولة جمعتها فكان مكتوبا فيها
( كل عام وأنت بخير يا نزار ومن أجلي وحدي فقط )
جمعتهم من جديد ورميتها في السلة وقلت بضيق
" غبية , من أجلك أنتي فقط يكون بخير يا وقحة "
خرجت من الغرفة ونزلت لخالتي تناولنا الغداء معا ثم
قلت " لما لا نقرأ قليلا في الرواية أنا متحمسة لها كثيرا "
قالت بعد ضحكة " هذا سيكون جزء الليل ولن نقرأ الليلة "
قلت بابتسامة " ندعه لليل إذا "
رن حينها هاتفي فكانت بتول فأجبت عليها فقالت من
فورها " مرحبا سما أين أنتي لم تأتي اليوم "
قلت " كنت متعبة قليلا وأنا الآن أفضل "
قالت بصوت مبتسم " حمدا لله على سلامتك إذا
ظننت صاحب الهدية قتلك "
قلت بابتسامة صغيرة " من أين تأتين بهذه الأفكار "
قالت ضاحكة " اعتني بها جيدا وأوصيه عليها
فلست تعلمي ما عانيته بسببها "
قلت بإحراج " أنا آسفة حقا يا بتول إن سببت لك مشكلات "
قال مباشرة " أبدا لا تفكري في الأمر ووداعا الآن ونلتقي بعد غد "
قلت بهمس " وداعا "
*
*
التعديل الأخير تم بواسطة تفاحة فواحة ; 24-06-15 الساعة 10:51 AM
سبب آخر: تقسيم الفصل
|