بعد ذلك وجدت فيكى التى لم تسافر أبداً بالطائرة من قبل, نفسها فى طائرة كاريسا الخاصة. كانت متجهة نحو لاس فيغاس, المدينة التى لم تزرها من قبل لتتزوج رجلاً لم تقابله قط.
عندما بدأت الطائرة بالهبوط فى لاس فيغاس, بدأ التخوف, الذذى حاولت إخفاءه. أغمضت عينيها بقوة, عضت على شفتيها و بدأت بالصلاة.
فى فيغاس و فى شقة السطح فى فندق كزانادو, كان جيل يحصل على نصيبه من الصفقة.
قال ليفرينغهاوس يسأله: "ماذا ستفعل بالنسبة لشفتيك؟ أريدك أن تخضع لحق كولاجين. أننى أمرك بذلك."
وقف الرجلان فى غرفة جلوس الجناح ذات اللونين الأبيض و الذهبى, بدا ليفرينغهاوس, الذى كان يرتدى بذلة من ثلاث قطع باهظة الثمن و ساعة رولكس, و كأنه ينتمى إلى ذلك المكان.
لم يكن جيل ديسباين كذلك. جلس على احدى الأرائك اليونانية عارى الصدر و هو ينزع آخر شريط لاصق عن جروحه, أحس أنه سخيف, كان يرتدى سرولاً جلدياً أسود ضيقاً و حذاء رعاة البقر.
تنافر شكلاً و روحاً مع السجاد الأبيض و المفروشات الثمينة فى الغرفة. كان يمكن أن يشعر بسعادة أكبر لو كان وحده فى الجبل يصطاد السمك من مستنقع أو فى أى مكان آخر وحيداً. لقد كان ليفرينغهاوس يضايقه كثيراً.
و صرح: "لن أتعرض لحقن كولاجين فى شفتى؟ هذا سخيف و خطر."
و قال ليفرينغهاوس باستياء: "خطر؟ لقد تدحرجت البارحة ست مرات من أعلى الجبل. ست لقطات. لقد كسرت ضلعاً لعيناً آخر و فى الأسبوع الماضى وقع عليك حصان و تخشى أن يكون الكولاجين خطر؟"
"لا أحقن جسدى بمواد كيماوية." قال جيل. و قد وقف يرتدى قميصاً حريرياً أزرق من النوع غالى الثمن الذى يرتديه كيفن تشاندلر.
"شفتاك رقيقتان جداً." قال ليفرينغهاوس بتوتر متفحصاً جيل بعين ناقدة. "إذا بقيت النظارات الشمسية بأمكانك الظهور على أنك هو ـــ ماعدا الشفتين."
مر جيل أحد أحزمة شاندلر داخل الفتحات المخصصة له فى سروال جلدى. على شاندلر أن يتخذ شارباً, مع الشارب قد أستطيع الظهور على أننى هو."
قال ليفرينغهاوس: "لا تحب كاريسا الشوارب. سوف يجب عليك إبقاء فمك مغطى إذا أقترب أحدهم منك."
شد جيل قفل الحزام الفضى. كان القفل كما السروال مرصعاً ببعض أحجار الأوبال الثمينة من استراليا, إلا أنها لم تعجب جيل. كان جيل يؤمن بالخرافات و الأشباح كسائر الرجال الذين يقومون و يقال أن حجر الأوبال لا يجلب الحظ.
و قال ليفرينغهاوس مقترحاً: "بإمكاننا وضع بعض المكياج على شفتيك." كان رجلاً طويل القامة و بديناً, رقيقاً و شاحب الوجه كان يضع نظارات سميكة. إتكأ على المدفأة و هو ينقر بعصبية على رخامها المطعم بالذهب.
"سوف يفى المكياج بالغرض."
فقال جيل بإزدراء: "لن أضع المكياج. إنس الموضوع." و توجه إلى المرآة متفحصاً نفسه بتبرم. و كمعظم منازل لاس فيغاس, كانت الشقة الفخمة فى الكزانادو مليئة بالمرايا.
كان قد قص شعره قصيراً جداًمقلداً شاندلر عندما كان يمثل دور رائد الفضاء فى فيلمه الآخير. التقط نظارات شمسية من نوع راى بان, و هى المفضلة عند شاندلر, و وضعها على عينيه, كان التشابه قاسياً إنما حقيقياً كان يبدو و كأنه الاسترالى عن بعد.
كانت هناك بعض الأختلافات البسيطة فى الخطوط حول الفم و العينين لكنه يفى بالغرض عن بعد.
وقف ليفرينغهاوس خلف جيل و نظر من فق كتفه فى المرآة. ربت على كتف جيل و كأنهما صديقين حميمين.
"يمكننا تضميد شفتيك, يمكننا القول بأن شاندلر تعرض لحادث."
فقال جيل بإزدراء: "تضميد شفتى؟"
فقال ليفرينغهاوس: "طبعاً. أسمع, بإمكانك القول إن شاندلر جرح نفسه و هو يحلق....."
أبعد جيل يد الرجل عن كتفه قال صارخاً: "لن تضمد شفتى." أقسم و هو يهز رأسه. "إن هذا العمل يقودك إلى الجنون, ليفرينغهاوس, هل تعلم ذلك؟"
"حسناً, شفتاك رقيقتان جداً, ماذا لو أراد أحد المصورين أستخدام عدسة مكبرة و التركيز على فمك؟ أعنى علىّ التفكير بأشياء كهذه."
استدار جيل و حملق من دون تأثير من نافذة الغرفة الضخمة. لاحت بعيداً ملاعب الجولف الخضراء التابعة للفندق, بينما لمعت السيارات و البنايات و أحواض السباحة تحت أشعة الشمس, لكن خلف المدينة امتدت الصحراء الصخرية, عارية و خطرة كزواج جيل.
منتديات ليلاس
نظر جيل إلى جسم ليفر ينغهاوس الذى يشبه الإجاصة و إلى يده البيضاء السميكة التى لا تنفع فى الملاكمة. "لن يؤلمنى ذلك كثيراً, فقط قم به و أصمت, هلا فعلت؟"
قال ليفرينغهاوس و هو يتراجع خطوة أخرى: "أنت جقاً مجنون هل تعلم ذلك؟"
فقال جيل: "كلا لقد سئمت من نحيبك و عوائك. إذا كنت لا تريد لكمى, فأسكت إذاً بشأن شفتى ــ و إلا لكمتك بنفسى, يا ليفرينغهاوس. أنا أعنى ما أقول."
"أهـ, حقاً." قال ليفرينغهاوس بسرعة و هو يهرب نحو خزانة تحتوى على بار. سكب لنفسه كأساً من الويسكى و رشفة دفعة واحدة. ضغط بأطراف أصابعه على قلبه و كأنه يتأكد من سلامة ضرباته. ثم كست وجهه إمارات قلق قوية.
قال: "هذا الضغط النفسى يقتلنى. لم تكن عملية الهضم عندى جيدة مؤخراً. لست جيدة. عندما تصل إلى هنا, سوف أذهب إلى غرفتى و أطلب أحضار بعض الخوخ المسلوق. كانت جدتى تقول دائماً, يا الفين, الخوخة هى ـــــــــ"
"ليس على أن أقلق بشأن التفاصيل."
نظر ليفرينغهاوس إلى ساعته الرولكس, ثم قضم أظفر إبهامه بتوتر. "لقد تأخرت." و كان يقصد فيكىكان عليها الوصول مع روتش من نصف ساعة
و قال جيل معلقاً: "يبدو أنها تتقن الدور جيداً, كاريسا تأتى دائماً متأخرة."
"هناك شاب فى الطابق العشرين من السيلفرادو. "تمتم ليفرينغهاوس و هو يمضغ ظفره بتوتر ظاهر. "إنه مصور إنه بعدسته المكبرة يراقبنا. هاهو ذا أنه يحول آلة التصوير نحو الآن."
قال جيل: "أعلم, لقد أخبرتنى ذلك عدة مرات."
سوف يوجه عدسته نحو شفتيك" قال ليفرينغهاوس ذلك بصوت مرتجف. رفع نظاراته و بدا كأنه يمسح الغشاوة عن عينيه.
حملق به جيل بخيبة, مرر يده فى شعره القصير ثم رمى نظاراته الشمسية على الأريكة بإشمئزاز.
تقدم نحو ليفرينغهاوس واضعاً يده على كتفه بطريقة خالية من المودة. وضعها بقوة لدرجة أن الرجل كاد يقع. "أسمع. تريدنى أن أحصل على شفة غليظة؟ أضربنى, موافق؟ لا مواد كيمائية, لا حقن, لا أطباء مجانين ـــ فقط ضربة صغيرة على الفم. قل إن شاندلر كان يقوم بتصوير مشهد معركة و تلقى ضربة."
استغرب ليفرينغهاوس هذا الطلب و رفض القيام به خشية إيذاء جيل و قال: "لا أستطيع ضربك, قد يؤذيك هذا."
بينما كان يتناقشان رن جرس الهاتف الذهبى لأول مرة فى الغرفة. فقز ليفرينغهاوس نحو الهاتف و التقط السماعة بقوة. أرتجف وجهه الدائرى الشكل بعصبية. "نعم, نعم, نعم سيدى."
وضع السماعة, أصلح رابطة عنقه, تحقق من الوقت و رمى جيل بنظرة قاطعة.
"لقد وصلت, إنها هنا. إنهما يصعدان فى مصعد الخدم. أسمع. أذهب إلى الشرفة. سوف تأتى لملاقاتك هناك. من المفترض أن ترتمى بين ذراعيك, أنا متأكد أنه يوجد على الأقل مصور يراقبنا. أجعل الأمر يبدو شاعرياً, أتفقنا؟"
فقال جيل: "أعرف ما على القيام به," كان ضجراً حتى الموت من ملاحظات ليفر ينغهاوس.
و قال هذا برجاء: "بالله عليك أستر شفتيك." و التقط ورقة خاصة بالفندق و أعطاها لـ جيل.
"خذ. ضع هذه قبالة فمك, أنت تفهم ـــ جاعلاً نفسك تبدو و كأنك تفكر بعمق. يقول بول نيومان بهذه الحركة دائماً فى أفلامه و كذلك يفعل كوستنر."
رمى جيل ليفرينغهاوس بنظرة تهديد لكنها لم تترك فيه أى أثر. كان ليفيرينغهاوس متوتر الأعصاب "نظاراتك الراى بان."
تناول جيك بمزاج متعكر, أقرب ورقة بجانبه. ثم خطف النظارات الشمسية عن الأريكة, و ضعها على عينيه بعصبية ثم مشى نحو الشرفة, و كأنه يهرب من ليفرينغهاوس, تمشى ذهاباً و إياباً بين أحواض الظهور. كانت شرفة الشقة فخمة و منظمة كداخلها.
كان حوض السباحة الخاص يتألق بلونه الآزرق تحت اشعة الشمس. كما كانت المياه الزرقاء تتدفق من شلال فوق الحوض.
كانت تماثيل من البرونز و الرخام الأبيض تزين المنظر العام. بينما بحيرة صغيرة اصطناعية تلمع فى مؤخرة الشرفة, و تظللها اشجار النخيل. كانت ثلاث أوزات بيضاء, و واحدة سوداء تسبح على وجه الماء الناعم, و بينما الطواويس تتبختر عبر الحديقة على طرف البحيرة, أطلق أحدهما صرخة شؤم قوية.
حمل جيل الورقة قرب فمه و هو يربت بها على ذقنه. حاول أن يبدو مفكراً مثل الأمير هاملت, رافعاً بصره نحو الطابق العشرين فى السيلفرادو حيث كان يعلم بوجود المصور مبقياً فمه مغطى.
أحس و كأنه مهرج فى ثياب شاندلر تلك, و تساءل لماذا كلما دخلت الشهرة إلى حياة الإنسان, تخلى عنه الذوق السليم. لم تكن السروايل ضيقة فقط, بل كانت غير مريحة أيضاً. كان القميص مزرراً حتى نصف الصدر مظهراً سلسلة غليظة من الذهب الخالص حول عنقه.
تمشى جيل محملقاً فى الصحراء من وراء ضوء النهار اللامع فى فيغاس. و توقف عندما سمع باب غرفة الجلوس يُفتح, ليلتقط سمعه همسات آتية من الغرفة فشعر عندها ببعض الرهبة. لم يكن ممثلاً, كان معتاد على الأشياء الخيالية فى السينما, لكن عمله كان الوقوع عن الأحصنة و التدححرج على الجبال و المنحدرات. لكنه لم يكن يقوم بالأدوار الغرامية.
مــنــــتـــديــــات لــــــيـــلاســــــــ