قال بصوت أجش: "أسمعى, أريد العمل معك لكننى لا أفهمك قد تبدين المرأة الأكثر إثارة فى العالم... لكنك ترتعدين كالرنب عندما يلمسك رجل, أنت...."
فقالت بغضب: "أنا لا أرتجف كالأرنب. ربما أنت مرتاح لهذه المهزلة. أنا لست كذلك, أنا لست ممثلة."
فقال و هو يضغط على قبضته: "أنت ممثلة. أنت تعملين ست ليالٍ فى نادٍ يدعى ميراجس... ليفرينغهاوس أخبرنى بذلك, لا يمكنك إنكار ذلك."
فكررت: "لست ممثلة. لا أريد أن أكون واحدة. ليست عندى موهبة. أنت تحب هذا النوع من العمل. و أنا اكرهه."
فى تلك اللحظة, كل ما أراده كان أن يضمها بين ذراعيه, لعلها تستطيع التوقف عن الادعاء. لكن هنا كانت تكمن المشكلة, لأن كل شئ بينهما كان مبنياً على الادعاء.
"اسمعى. لقد طلبت منك أن تثقى بىّ لكنك لم تفعلى, عملى سواء أعجبك ذلك أم لم يعجبك, هو الطهور و كأنى أقيم علاقة معك. و.... بصراحة.... لست امرأة تسهل إقامة علاقة معها. إذا كنت أخيفك, أو إذا كان كل الرجال يخيفونك, أعلنى ذلك. سوف نعالج الموضوع معاً. فقط كونى صريحة بالله عليك."
فتنفست بعمق: "لست باردة و لا خائفة و لا حتى غير طبيعية. أنا إنسانة طبيعية جداً. ماذا تريدنى أن أفعل.... أن أذوب بين ذراعيك؟"
قال جيل بحدة: "هذا موضوع آخر. أنا لا أهتم أن كنتِ طبيعية أم لا. عندك هذا الهوس المجنون بأنك طبيعية. و لكنك لست كذلك, حتى ولا بعد مئة عام."
عندما حاولت النهوض و الابتعاد وقف جيل و جذبها من كم قميصها و أجبرها على الجلوس و هو يقول امراً: "لن تذهبى إلى أى مكان. إذا تابعت التصرف على هذا المنوال فقد يمنعك روتش من مغادرة الغرفة, يا إلهى. لماذا أختارك أنت بالذات لتكونى شريكتى فى هذا العمل؟"
جلست فيكى بطريقة مستقمة. حاولت إخفاء الدموع لكن جيل رآها فى عينيها.
حدق بها جيل. "أنت لا تخيفيننى, يا ملكة الثلج. الآن, أريد بعض الأجوبة. كيف توصلت لأن تصبحى مشخصة و أنت تكرهين هذا العمل؟ قلت إن عائلتك كانت تعمل فى الاستعراض, أليس كذلك؟ ماذا عن والالديك؟ ماذا حدث لهما؟"
رفعت فيكى ذقنها عالياً. "لقد ماتا." قالت بسرعة. "كانا مغنيين. أو ظنا أنهما كانا كذلك."
يا إلهى فكر جيل خائباً, كانت فيكى فى حالة نفسية خطرة, مع أنها حاولت إخفاء ذلك و كذلك كان هو, كان عليه أن يعلم الحقيقة من أجلها و من أجله هو.
"ماذا تعنين, أنهما ظنا ذلك, ماذا حصل لهما؟"
هزت فيكى رأسها و قد بدت فى عينيها نظرة تعيسة: "كانا عضوين فى فرقة روك شعبية. كانت تُدعى كيبرز." و رمقته بنظرة تحد. "لم تسمع بها أبداً, أليس كذلك؟ لم يسمع بها أحد"
نظر إليها و قال: "لا, لم أسمع بها."
فتنفست بعمق و تابعت: "حسناً, كيف يموت المغنون عادة؟ إما بسبب جرعة زائدة من المخدرات و إما بسبب حادث طائرة أليس كذلك؟ كانوا يقومون بجولة, فى فصل الشتاء فى طائرة صغيرة فى كنساس. و وقعت الطائرة و ماتوا جميعاً."
توقع أن تتابع. محاولاً فهم شعورها, الشعور الوحيد الذى اظهرته كان الهزيمة. "هذا كل ما فى الأمر. هل انت راضٍ الآن؟"
"كم كان عمرك؟"
"أربعة أعوام." و فجأة بدت متعبة, مثقلة بالذكريات.
و سألها: "أين كنت؟ أين ذهبت؟ ماذا حل بك؟"
"أخذتنى جدتى, والدة أمى. لفترة قصيرة فقط, كانت تظن أن وجودى معها يجعلها تبدو أكبر سناً و كانت تظن نفسها ممثلة."
فسألها: "هل كانت كذلك؟ هل كانت حقاً تعمل فى السينما؟"
فقال فيكى, و من الواضح أنها كانت تعبة و غاضبة: "أوهـ, لا أعلم, حصلت على بعض الأدوار القصيرة. كانت, غالباً تأخذ دور نادلة فى حانة. لم يكن ذلك يتلاءم مع الصورة التى رسمتها لنفسها, هذا كل ما فى الأمر. و لم يمكننا التفاهم. كانت أظن أننى.... كثيرة المشاكل."
تفرس جيل فى وجهها, و هو عابس. أراد أن يمد يده و يحل لها رابطة شعرها, و ان يراه ينسدل حراً. ضغط على قبضته بقوة لكنه لم بفعل شيئاً.
"ماذا حصل بعد ذلك, أين ذهبت؟"
نظرت إلى الطاولة و هزت كتفيها. "إلى عمتى, أخذتنى شقيقة والدى الكبرى. كانت مغنية هى ايضاً. أو حاولت أن تكون كذلك."
منتديات ليلاس
فقال: "حسناً, لقد أصبحت لدى فكرة. لم يكن النجاح حليف العائلة." فك قبضته, ثم شدها من جديد.
لم تنظر إليه. بل أخذت الببغاء الملون و بدأت بالنظر إليه. "ليس لأنها لم تكن تملك الموهبة. لا أريد أن أكون غير لطيفة بالحديث عنها, بل اختلاطها بالأشاص الغير مناسبين."
وضع ذراعه خلفها و كاد أن يلامسها: "تعنين بالأشخاص الغير مناسبين, الرجال الغير مناسبين؟ و أنت رأيت كل ذلك؟"
"نعم, رأيت كل شئ. أظن أنها كانت من النوع الذى يحب الأعتماد على الرجال. كانت تتورط معهم من دون أن يكون بينهم أى شخص مناسب"
"وبعضهم حاول معك, أليس كذلك؟"
"حاولوا." رفعت رأسها حتى تقابل عينيه, "عندما بدأت أكبر. لكننى لم أدعهم يقومون بأى شئ. لقد كافحت كثيراً." و صرت بأسنانها. "لقد هُددت, لقد اصبت عدة مرات." قالت و المرارة ظاهرة فى عينيها: "لكننى لم استسلم أبداً. لم أدع احد يقوم بأى شئ تجاهى."
"أجل أعلم أنك مناضلة. ماذا بشأن عمتك؟"
نظرت فيكى إلى الخارج مرة ثانية ثم حملقت بكأسها. "رواندا؟ لقد مرضت. فقدت صوتها, كان عليها أن تعمل فى التشخيص فى نادى الميراجس. أخذتنا إيفلين المالكة عندها, كانت تعرف رواندا و والدى عندما كانوا صغاراً."
"ثم ماذا؟" قال جيل مشجعاً. و تمنى لو نظرت إليه.
ازدردت هى ريقها و تابعت النظر إلى كأسها: "ثم ازداد مرض رواندا و جعلتنى إيفلين أحتل مكانها. لم تكن سنى مناسبة لكن إيفلين ساعدتنى كثيراً. كان علىّ دفع فواتير الأدوية و الأطباء. ثم ماتت رواندا و كان هناك فواتير أخرى. و لقد دفعت كل شئ. أما الآن...."
عضت فيكى على شفتها و رفعت كتفيها. "و الآن.... عندما أعود... سوف أخرج من ذلك النادى, تريد إيفلين بيع حصتها فيه. على كل حال. سوف أحصل على شهادة فى التجميل, سوف يكون لدى.... عمل حقيقى, أنت تعلم؟ سوف يكون ذلك مع ضمان أجتماعى و كل الأشياء الأخرى."
هز رأسه و قال: "فهمت. لهذا تريدين أن تكونى... إنسانة عادية."
"أجل." التقطت الببغاء مجدداً و بدأت تربت عليه بالطريقة المترددة نفسها. "ترى أننى, لم احصل على طفولة عادية. كنا دائماً نتنقل , تنقلت رواندا من عمل إلى عمل آخر. الكاتسكليز. ميامى. بوسطن. استعراضات. هذا لا يناسبنى. أريد البقاء فى مكان واحد. مد جذور."
تناول كأسه و أخذ رشفة طويلة. "هذا هو تماماً. ما لم يعجبنى." قال ببساطة خاطئة. "البقاء فى مكان واحد. أو أن تكون لدى جذور. كنت متلهفاً للخروج من مونتيرى. رؤية العالم. القيام بالمغامرات. أن أكون فى السينما و التمثيل طيلة النهار."
رفعت فيكى رأسها و حاولت أن تبدو فيلسوفة. رفعت كتفيها و قالت: "لكل منا افكاره."
قال جيل و هو يأخذ رشفة أخرى من كأسه: "اجل... لكل منا أفكاره." وضع كأسه بازدراء: "ظن أهلى أننى مجنون. أرادونى أن أكون استاذ مثل أخى."
تابعت فيكى عدم النظر إليه. "أظن أنه لا يمكننا أن نكون مختلفين أكثر من ذلك, أليس كذلك؟ أنت و انا؟"
فقال: "كلا. لا يمكننا ذلك."
ظل صامتين لفترة. بدا الصمت و كأنه يثبت نفسه بينهما, أو كانه عضو ثالث غريب, يسيطر على حديثهما و يضع حداً له.
وضعت الببغاء على الطاولة و قالت: "أسمع. لست جائعة حقاً. هل تستطيع أن تلغى طلبى؟"
أوما و قال: "أجل, و لا أنا, أيضاً. أعتقد أنه من الأفضل لنا ان نعود إلى الفندق."
جمعا كل الألعاب المحشوة التى ربحاها فى السيرك ثم وضع جيل قطعة بعشرين دولاراً على الطاولة و أمسك بذراع فيكي عندما وقفا. و ما أن بدأت بالأبتعاد حتى قال بسرعة و هو ينحنى ناظراً فى عينيها المضطربتين: "اسمعى, عندما المسك هكذا, لا يكون هذا تهديداً, مفهوم؟ إنه فقط من باب الأدب. إنه لا يعنى شيئاً. إنها فقط عادة, هذا كل ما فى الأمر."
هزت كتفيها و ذراعها ما زالت متوترة. "حسناً, لا أريده أنه يعنى شيئاً."
تجهم و أخذ نفساً عميقاً. "حتى فى المنزل, عندما قبلتك و كان عليك تقبيلى, كان ذلك أيضاً لا شئ. أنه فقط لزوم العمل. عندما المسك تذكرى ذلك. إنه لا يعنى شيئاً."
غادرا الهليتون و هما يحملان الحيوانات المحشوة. أعتقدت فيكى أنهما يبدوان و كأنهما عاشقان يقضيان ليلتهما بالمدينة.
استقلا سيارة اجرة و تأكد جيل من أن موزس يتبعهما فى السيارة التالية.
ضمت فيكى أحد الحيوانات إلى صدرها و أغمضت عيناها من التعب... أحست للحظات قليلة مجنونة فى تلك الليلة وكأنها تلميذة مدرسة وسط زحام مع رجل وسيم لا يمكن الوصول إليه. افترضت, خجلة من نفسها أنه فهم ذلك بوضوح كاف و قد حذرها بالابتعاد عن أحاسيس مماثلة.
مع ذلك فقد أراها المدينة, و صمم على معرفتها بشكل أفضل. كلا, قالت لنفسها, كان ذلك فقط ليسهل عمله معها, هذا كل ما فى الأمر. كان ذلك بسبب ما قاله. كانت امرأة من الصعب ممارسة الحب معها. فعل ذلك لأجل العمل, ليس إلا.
افترضت متعبة, أن عليها منعه من إجبارها على إخباره عن ماضيها, لكنها لم تشعر سوى بالراحة و فى داخلها فراغ غريب.
أرادت الأحساس بأنها قريبة من هذا الرجل, لكنها كانت خائفة من القيام بذلك. جزء منها كان يرفض الوثوق به, أو حتى الأعجاب به بأية طريقة. ذلك ما أشعرها بالغضب وحيرها.
همس جيل فى أذنها: "استيقظى, لقد وصلنا إلى المنزل."
المنزل, فكرت فيكى, لم يكن الفندق منزلاً بالنسبة إليها كان فخاً كبيراً لامعاً.
قالت و هى تفتح عينيها: "لست نائمة." إلا أنها تثاءبت دون إرادتها.
"أنت تعبة جداً, لم يكن علىّ إخراجك من الفندق."
فقالت تجادله: "انا أردت الخروج, كنت سأذهب, إما معك أو بدونك."
عند ذلك و بوصول تاكسى موزس, نظر رجل إليها, و أحست بالخوف.
كان شعره مختفياً تحت قبعة و يرتدى بذلة حارس أمن, سروالاً داكناً و قميصاً أزرق فاتح اللون, كان قصيراً ذو وجه شاحب غير واضح.... ما عدا العينين.
تعرفت فيكى إلى تلك العينين الذابلتين, و النظرة الباردة. كان الرجل نفسه الذى رأته فى مكتب تسجيل إجازات الزواج, الرجل الذى حدق بالليموزين و على وجهه تلك الابتسامة الغريبة.
مــــنــــتـــــديـــــــــات لـــــيــــــــلاســــــــــ