كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: رواية .. ترنيمة عذاب سلسلة أسياد الغرام لعبير قائد .. الفصل الثامن
بسم الله ..وين راحت الفقرة ؟؟ ..
هاذي اهي مرة ثانية ..
كان الجو صحراوياً ..
الغبار الذي انتشر مثيراً ذكرى الصحــراء في أعماقه .. الصمت المخيم في تلك الساعة التي تجاوزت الثانية والنصف ظهراً تحت أشعة شمس حامية التجئ منها الجميع تقريباً الى برودة المنازل والتكييف ..
نظر حوله للشارع الساكن .. سيارات تعبر من حين الى أخر تثير زوبعة من غبار وفحيح الأرض التي احترقت بلهيب شمس سماءنا .. ثم استقرت نظراته على البوابة الحديدة الصلبة .. المتآكلــة بفعل الزمن والحرارة القوية .. دفعه بقوة ليفتح على مصراعيه ويدخل الى الأرض الجدباء عبر طريق مرصوف بحجارة غير مستوية الى ظل شجرة فقدت معظم أوراقها تظلل مساحة مســَّورة تظهر عليها أثار العناية .. تقدم الى أحد القبور التي عليها شـاهد بسيط ورفع كفيه يقــرأ بعض القــرآن ويتلو بضع أدعية على روح أبيه .. وينتقل منه الى القبر المجاور .. قبر جده ليفعل المثل ..
ثم يلتفت الى القبر في الزاوية ..
ضاقت عيناه خلف نظارته السوداء الداكنــة وعبس وجهه وهو يقترب ..
ليقرأ القرآن ويتلو بضع أدعية ..
ثم ينظر لشاهد القبر الذي حمل اسم علياءه بتجهم .. يائس .. وكالعادة أمام قبـرها .. لايقوى على الوقوف .. نزع جاكيته وألقاه على الأرض اليبسة .. ليتهالك الى جواره وشفتاه الجافة كماها تنزف بحرقة:
-أحبــها !!
تراقصت دقات قلبه اللاهفة مع الكلمة .. التي شعرها تخرج من بين نبضاته وليس من شفتيه ..
وتاهفتت روحه لتسمو فوق كآآبة المكان وسكونيته لتمتزج مع صخب اجتاحه لذكرى تلك التي يصف شعوره نحوها .. شفاآآءه .. ولعــه .. وجنونه !!
تصبب عرقه وهو ينظر لشاهد قبر امرأة أقسم جل أيامه أن يمضيها في ذكرى حب لن يموت ..
يعيش لذكرى امرأة امتلكت منه مالم يظن أن امرأة قد تملكه ..
قلبه .. روحه .. ومفاتيح عشقه المغلق..
لتأتي تلك ..
وتزرع بدل القلب .. أخـر .. ينبض باسمها ..
وتنزع روحه المكسورة .. وتهديه روح سواها مليئة بالأمل ..
وبدل المفاتيح .. شرعت الأبواب المغلقــة على مصاريعها ..
امرأة وهبته أغلى ماقد يرغبه رجل ..
امرأة قلبت كل كيانه .. جعلته غِر .. لايشعر برجولته الا حين يراها ..
جعلته عاشق لايدق قلبه الا متناغماً مع دقاتــها ..
جعلت ابتسامته تزوره لذكرى رائحتها ..
وأصابعه تتوسله للمسة من بشرتها ..
رفت عيناه .. والتمعت نظرته وهو يهمس بصوت مبحوح:
-أحبها ياعلياء..
شعر حينها بعرقه يزداد .. واختناقه من اعماقه يطفح ليغلق عليه منافذ الهواء وكأنما يقبع بداخل ذلك القبر هو نفسه !! فتح أزرار قميصه العليا ونهض بعصبية يدور على ساقيه ..
هتف كانما يخاطب علياء بلحمها وشحمها ..
" لاتفعلي بي هذا .. الذنب ليس ذنبي .. لا أعرف مادهاني ..
في لحظة وجدتها تنتمي لي ياعليا .. تعيش بين مساماتي .. أتنشقها مع انفاسي ..
في لحظة وجدتها تسكن كل أحلامي ..
كتعويذة سحرية .. ألقتها جنية علي ..
وجدتها لاتفارق أيامي .. وكأنما هي قدري وقد وضعوه نُصُب عيني .. لافكاك لي منه ولامهرب!!
منذ رأيتها ..(أسيـ الغرام ــاد بقلمي بيـرو)
وجدتني أخدع نفسي .. وأقول أنها مثلك أنتي ..
توقف حينها عن الدوران والتفت لقبرها يقول بشحوب:
-نعم ياعليا كنت أخـدع نفسي ...
فهي ليست مثلك أنتي .. ليست مثلك أبداً ..
اقترب من القبر وانحنى على ساقه امامه ليهمس بصوت موجوع:
-الأن فقط أدركت كم أنها لاتشبهك عليا .. وكم كنت أخدع نفسي ..
شفا تشبهك بقدر ما تشبهك أي امرأة بشعر أسود ..
اندفعت الريح تعبث بقميصه وتبرد بعض الحرارة التي اجتاحته وهو يكمل بصوت ازدادت خشونته:
-بقدر ماتشبهك أي امرأة تملك عينين واسعتين .. برموش طويلة ..
ولكنها تلك النظرة ياعليا.. تلك النظرة الشامخة اللتي أنزلتني من عليائي ..
ترشقانني بسهام تزرعها في قلبي بلارحمة ياحبيبتي .. سهام تشدقتْ بها .. وامتلأتْ بأريجها .. سهام مصنوعة من عنفوانها وكبرياءها ..
نظراتها ياعليا من أسرت قلبي ومرغت كبريائي .. وليست لديك نظراتها ..
..
أغمض عينيه لوهلة ولايزال يستحضر ملامح وجهها بذات الصوت المشروخ:
-شفتيها ياحبيبتي ..
أهٍ من شفتيها ياعليا .. نعم تشبهان شفتيك باستدارتهما .. بتلك الاكتنازة .. ولكن ..
تنهد بشوق .. " هل تدركين طعم الشوق ياعليا !!
هل تدركين معنى أن تذوق شهداً حراً كما يقولون !!
كلما قبلتها ازددت شوقاً لهــا !!
كلما قبلتها .. التهبت شوقاً أكبر وأكبر ..
جنة ونار .. ارتواء وعطــش .. جوع لايشبع .. ونبع لاينضب ..
تنتمي لي ياعليا .. ترويني وتشعل بي كل احتياج ..
هل تعرفين معنى أن تتلهف لكلمة حب من بين شفتي حبيبك ..!!
هي تلك ماخلقت له شفتيها يا حبيبتي ..
لم تخلق الا لتنطق اسمي .. ولتنطق بحروف هواي وعشقي ..
اراها واعرف .. ويكفيني ان أعرف ..
.. أنفها الشامخ يشبهك .. !!
لا لا .. فهي لاتخفضه قط حين تدلل علي كما كنت تفعلين.. بل ترفعه ليكاد يطال عنان السماء ..
مستقيم كحد سيف منمنم كحبة جوز صغيرة ...
وجنتيها ..
عنقها ..
شعرها الغجري الذي لم تفرده لسواي ياعليا ..
صدرها الذي يحتضنني ليلاً ..
ذراعيها اللتان تسكن اليهما ألامي ..
مسكني .. مخدعــي .. هي كلها تلك المرأة ..
كلها .. كلها لي .. لحبيبها ...
لقد خدعت نفسي ياعليا ..
خدعت نفسي يوم قلت بأني لم أحبها الا لأنها تشبهك ..
فهي لاتشبهك حبيبتي ..
ليست مثلك عليا ..
ابــداً ليست مثلك ...
التوت اطراف شفتيه بمرارة .. وهو يقبض على حفنة تراب ويبسط يده لتتناثر بفعل الريح ..
-كهذه الريح ياعليا .. وكما تعبث بذرات التراب ..
عبثت بي تلك المرأة .. عبثت بكل كياني
وتركتني مبعثراً كالمجاذيب .. أسعى لحبها وخطب ودها ..
سنوات طويلة منذ رأيتها للمرة الأولى ..
وتلك الذكرى محفورة في جنبات عقلي وقلبي
ترفض أن تتركني أو تحررني ..
.. أحبها ياعليا .. بل أعشقهـا حتى الثمالة ..
قال عبارته الأخيرة بخفوت..
وارتياح عامر يستكين في طيات صدره
وكأنما اعترافه لعلياءه يريحه ..
لايهم أن تكون شفا المرأة الثانية ..
لايهم أن عليا لاتزال حبيبته ..
فلعليا مكانة لن يصلها سواها ..
ولشفا مكانة لن تصلها سواها ..
حياته الأن مع شفا ..
مع المرأة التي بعثت الحياة لروحه من جديد ..
مع التي زرعت الاشواق في الابتسام ..
وبثت الحيوية في النهوض مبكراً
من جعلت غروب الشمس لحظــات تستحق الاحتفال ..
من رسمت لشروقها موعداً لايتكرر رغم مجيئه كل يوم!!
شفا ..
من شقت قلبه .. وأعطته نبضاً وليداً .. مفعماً بالأمل .. يكبر يوماً بعد يوم ..
شفا ..
الي أمهلت روحه المريضة المنهكة بالذنب فسحة للترويح .. وجرعته الدواء بصبر وهاهو كمريض يئس من حياته .. هاهو يقف من جديد ..
شفا ..
التي يحبها .. رغم العلقات بالماضي وسواده ..
رغم ذكرى المرأة سواها .. والرجل سواه ..
|