المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
الملتحي والأخري
الملتحي والأخرى
أعلنَت التأمينات الاجتماعية عن حاجتها لموظفين.
رغبتُ في وظيفة محاسب؛ حاصل على بكالوريوس تجارة بدرجة جيد مرتفع، ومعي الشهادة الدولية للكمبيوتر، وشهادات اجتياز دورات تدريبيَّة متعدِّدة في المحاسبات الماليَّة الحديثة والكمبيوتر، وأجيد اللغة الإنجليزية.
تلقَّيت بابتهاج بريدًا مسجلاً بميعاد المقابلة بمحافظةٍ غير التي أقيم بها، أصر ساعي البريد على (الحلوان)؛ بحجَّة أنه خطاب تعيين.
جمعتُ مدَّخراتي من الذي ينْفحنيه والدي رغم محدوديَّة معاشه، مع أني بلغتُ سنَّ الثلاثين بلا فرصة عمل، والتحقتُ بدورة تدريبية سريعة - يومين فقط - على أعمال التأمينات الاجتماعيَّة بمبلغ سَبعمائة جنيه مصري تُدفع مقدمًا.
اجتزتُ الدورة بنجاح.
سافرتُ ودخلت لجنة المقابلة المكوَّنة من: رجل رئيس، وعضوتين.
نظر رئيس اللجنة إلى وجهي الملتحي، فاكفهرَّ وجهه، واربدَّ، وقطب كأنه رآني شيطانًا مَريدًا!
سألَتني إحداهن عن بياناتي الشخصيَّة.. طابقَتها على ما لديها.
خاطبَني سيادته بعُنف كأنه ينهَرُني لمثولي أمام معاليه:
• كيف يَزيد المنتفِعُ من التأمينات معاشَه؟
قلتُ على الفور وقلبي يلهَثُ مستبشِرًا بسهولة السؤال:
• يشتري مدة؟
طوح برأسه كأنه يرفس بها كرةً لخارج الملعب قائلاً:
• لا.
بُهتُّ ووجمتُ وجَمد نبضي.
في نفس الوقت قالت العضوتان متعجِّبتان في آنٍ واحد:
• إجابته صحيحة!
قال بتحدٍّ كأنه يلكمُهما:
• لكني أريد الإجابة (الأخرى)!
الحقيقة أنني ارتبكت، وازدادتُ رِعشتي التي كنتُ أداريها.. انتبهت على مناداته غيرى:
• بعده.
فانصرفت يائسًا حزينًا متحسِّرًا على ما أنفقتُه على الدورة التدريبية، وعلى مصاريف السفر، وإرسال المسجِّلات بالبريد الدولي السريع... إلخ.
قالت أمي:
• لا تيئس يا عيوني؛ لعل أحد الإعلانات العديدة (الأخرى) يكون من حظِّك ونصيبك.
غمغمتُ وأنا أعبثُ بلِحيتي الحالكة السَّواد: وهل أنجح في الأخرى؟!
|