كاتب الموضوع :
فطووووومة
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
البـــــــــــــــــــــــــ الرابـــــع ـــــــــــــــــــــــــارت
............................................................ ....................
4)
في حي الأعيان ..
وعلى أحد الطرق الرئيسية المعبدة بعناية و تنتشر على جانبيه الزهور الملونة والأشجار الخضراء ، يطل بناء كبير مبني بالأحجار البيضاء لا تخطئه عين عابر للطريق ،فما من أحد لا يعرف أشهر حمام للرجال في البلدة ، الذي يرتاده الأثرياء والأمراء والتجار والأعيان
تقف أمامه عربة فاخرة يجرها حصان مسرج بسرج فخم ولجام مجدول
يترجل منها أحد الأمراء و يدخل المبنى
وفي احدى غرف الحمام الداخلية يساعده الخدم في خلع ملابسه ولف نصف جسمه السفلي بمئزر فاخر
دخل الرجل الى القاعة الكبيرة والتي تحوي أحواض ضخمة للماء الساخن الذي يتصاعد منه البخار بكثافة ليخفي أغلب معالم الحمام ويترسب على حوائطه البيضاء الناعمة المزينة بنقوش نباتية جميلة بارزة وفي الأركان الأربعة تماثيل بيضاء عَلى شكل حيوانات دقيقة الصنع
ويجلس بعض زبائن الحمام على المصاطب الرخامية وبعضهم مضطجع ، وآخرون يسترخون في أحواض الماء الدافيء
يدور الأمير في الحمام ، يبحث بعينيه الجاحظتين المكتحلتين في كل الوجوه حتى يصل الى ركن قصي بعيد عن الزبائن يضطجع فيه أحد الرجال مغمض العينين على مصطبة رخامية عريضة ، له جسم ضخم ، عريض المنكبين يتدلى كرشه الكبير أمامه .. ذو شعر رمادي أصلع من الأمام و من الخلف طويل حتى كتفيه ، له وجه مستطيل بملامح غليظة و حاجبين كثيفين و شارب رمادي ضخم يغطى شفته العليا
عندما جلس الأمير بجواره على المصطبة ظهر بوضوح الفارق الهائل بينهما في الحجم
نظر الأمير حوله واطمأن الى أنه لا أحد ينتبه اليه أو ينظر نحوه ، تظاهر الأمير بأنه لا يعرف الرجل ، وهمس دون أن يلتفت اليه : هناك مهمة عاجلة
قال الضخم بصوت خفيض ودون أن يفتح عيناه و كأنه يعرف محدثه حق المعرفة : هات ماعندك .
الأمير : هي متعلقة بالمهمة القديمة .
الضخم : لقد أنجزت المهمة كما أردتم تماما و اختفى الشيخ من على وجه الأرض .
الأمير : ما كان عليك أن تقتل قاتله.
الضخم : غبى ، فضح نفسه و أصبح هدف مرصود و مطارد ’ كنا مضطرين أن ننظف ذيلنا حتى لا يتعقبه أحد و يصل إلينا .
الأمير : و لهذا أخفيتم جثته قبل مجيئ الشرطة ؟
الضخم : هذه شئون خاصة في جماعتنا ولا يحق لأحد السؤال عنها .
الأمير : القصر كله انقلب لمقتل الشيخ ، و هناك من الأمراء من يطالبون بالقصاص من قاتله .
الضخم : وها قد تحقق لهم ما أرادوا .
الأمير : كان عليك أن تترك الجثة للشرطة حتى تنتهى القضية تماما
الضخم : ترك الجثة خطر و قد يؤدى إلى كشف جماعتنا ، تلك أمور لا دخل لأحد بها.
الأمير : حسناً أعطيك ضعف ما أعطيتك لقتل الشيخ حتى تختلق قاتل يحمل القضية و يسكت الاصوات المطالبة بالقصاص ويهدئ البيت الملكي من الداخل
الضخم : عملي هو القتل لا تسليم القاتل !
الأمير : السعر قابل للتفاوض ، أعطيك كل ما تطلبه وزيادة و تنفذ المهمة
أخيرا فتح الضخم عيناه وتألقت فيهما لمعة طمع ،وظهر على وجهه التفكير العميق و قال : ليس هناك سوى شخص واحد يمكن أن تنطبق عليه تلك الجريمة دون عناء أو تشكيك من أحد.
بل وسيكون محل ترحيب من جميع الأطراف
الأمير : المهم الا يثير المشاكل او يطلب المزيد من المال، والا يبحث خلفه أحد أو يثير الشبهات والقيل والقال
الضخم : اطمئن ، لن يطلب مالا على الإطلاق ، ولن يسبب لنا إزعاجا أو مشكلات ، ولن يهتم به أحد ، وحتى لو حاول الدفاع عن نفسه فلن يصدقه أحد
انه الشخص المثالي للمهمة .
........................……………
في مقر رئيس الشرطة..
دخل قائد الحرس وأدى التحية
قائد الحرس : التقرير الذي طلبته جاهز سيدي
تناول منه الرّق الملفوف على شكل اسطوانة و فرده و تمعن فيه جيدا ،و قرأه كله ثم نظر اليه وعلى وجهه أمارات النصر وقال بظفر : اذا فقد حلت الجريمة أخيرا، من كان يتوقع أن مثل هذا الشخص التافه قاتل خطير!!
آمرك ان تأتني به حالا
قال القائد : هرب سيدي ، ولا أحد يعرف مكانه ولا ندري له سبيلا
الرئيس : أرسل سرية للبحث عنه
القائد : أمرك سيدي
قال وعيناه تلمعان بالغضب : يجب أن يكون تحت يدي حيا أو ميتا قبل الغد ، لن يهدأ القصر الكبير قبل ان نجد قاتل الشيخ.
ثم أطبق كفه بقوة ولوح بقبضته وهو يقول : ونقتص منه.
.......………………………
في أحد الثغور على الساحل وفي مكان وَاسِع تحول لساحة كبيرة لتدريب فرسان الجيش وتم فيه نصب أدوات التدريب و الخيام و مرابط الخيل
كان هناك مجموعة من فرسان الجيش يمارسون تدريباتهم على السيف و الفروسية وأعمال الحرب
ومن بعيد لاح فارس قادم على حصانه ينهب الأرض نهبا حتى وصل الى ساحة التدريب ، وترجل من على حصانه وأخذ يراقب بإعجاب أحد الفرسان المندمج بملابس التدريب في مبارزة بالسيف حامية الوطيس مع رفيق له
ثم ناداه عدة مرات : يوسف
التفت المبارز الفذ ينظر نحوه ، فاستغل رفيقه التفاتته فانقض عليه لكنه كان ماهرا فاعتدل بسرعة و صد ضرباته بسيفه ثم انهى المبارزة بضربات فنية سريعة وأسقط سيف خصمه ، ثم انضم الى صديقه الذي بادره قائلا: حركة بارعة للغاية
قال يوسف و هو يجفف عرقه : شكرا
صديقه : أنت الأبرع في المبارزة على الإطلاق
يوسف : أنهيت النزال سريعا لأستمع إلى ما ستقوله
قال صديقه باهتمام : وجدت ما كنت تبحث عنه
يوسف : حقا!!
صديقه : لن تصدق من هو
يوسف : أيا يكن من هو فلن أتركه
صديقه : الشرطة عرفته ، و الآن تتهمه بالجريمة و تمشط البلد بحثا عنه
أعطاه رق ملفوف ، تناوله يوسف وفضه بسرعة وقرأه
ظهرت الدهشة على وجهه وقال : غير معقول !! لا أستطيع أن أصدق !! أواثق أنت من ذلك؟؟
صديقه : عليك ان تثق بمصادري فابن عمي قائد كبير في الشرطة
يوسف : اذا فعلي أن أصل اليه قبلهم
صديقه : ولم لا تترك الأمر لهم؟!
جرى يوسف نحو حصانه في مربط الخيل وهو يهتف ليسمع صديقه : لن أخفي عليك ، فلا أثق كثيرا بالشرطة ولا بإجراءاتهم العادلة
صديقه : وماذا ستفعل؟!
حلق يوسف في الهواء بقفزه بارعة للغاية ليستقر على صهوة جواده ثم أمسك باللجام بقوة و هو يهتف : سأقتص لشيخي بنفسي
انطلق الفرس كالريح العاصف مثيرا الغبار و عينا صديقه تتبعانه بدهشة و اعجاب حتى اختفى عن ناظريه
___
على الهضبة المطلة على شاطئ البحر
وفي داخل القلعة..
وقد مضى أكثر من نصف الليل ، كان يعقوب الإشبيلي يقطع ممراتها الطويلة مسرعا وهو يكمل ارتداء ملابسه ويضع الغطاء المعبر عن هويته حول رأسه قبل ان يصِل الى القاعة التي بها حاكم القلعة ريموند
وصل الى القاعة الكبيرة ووقف أمام ريموند وقال بتوتر : سيدي ، بلغني أنك تريد رؤيتي الآن
قال ريموند وهو يمد يده له برسالة : وصلتني هذه الرسالة من عيون لي في شرطة غرناطة أجزل لهم العطاء، أعتقد أنها هامة بالنسبة لك
عقد يعقوب حاجبيه باهتمام وتناول منه الرسالة وقرأها.
تغيرت ملامح وجهه واتسعت حدقتاه دهشة : لا أصدق!!
ذلك الذي كنت أبحث عنه منذ سنوات !!
لقد صدقت بالفعل أنه مات !! والآن فقط عرفت أين كان يختفي طوال هذه المدة وفي أي شخصية يتخفي !!
أما أنا فلا أدع شيئا للصدفة أو الاحتمالات
أرسلت لهم بأوصافه التي عرفتها منك ، وطلبت منهم أن يبحثوا عنه بين المهاجرين من إشبيلية
ولم يتوصلوا اليه إلا عندما فضح نفسه بقتل الشيخ
قال يعقوب مفكرا: نعم ، فهمت ،
عقد حاجبيه دهشة وتساءل : تقول قتل الشيخ!!
هز ريموند رأسه بالموافقة ، فقال يعقوب غير مصدق : لو لم يتغير عما عرفته عنه في الماضي فالمؤكد أنه لم يقتله أبدا
ريموند : فلم يلقون بالتهمة عليه اذا؟!
يعقوب : لا أدري ولكني أعتبر ذلك من حسن طالعي , فتلك الجريمة هي التي أخرجته من جحره و جعلتني أعثر عليه بعد كل تلك السنوات من البحث المضني
علينا أن نحضره الى هنا فهو الوحيد القادر على إتمام العمل
قال بخبث : اذا فانت تعترف أخيرا بفشلك بعد سنوات من التجارب الفاشلة والأموال الطائلة التي أنفقناها عليك و على أبحاثك,وان هذا الشخص هو الوحيد الذي بيده مفتاح الحل وأنه قادر على إنجاز العمل الذي فشلت أنت فيه
قال بغل بعد أن شعر بطعنة نجلاء في كرامته جعلت الدماء تغلي في عروقه : نعم أعترف
هز ريموند رأسه متعجبا :اذا كان الأمر كذلك , فيجب ان نحضره الى هنا بسرعة وقبل أن تمسك به الشرطة
قال يعقوب مداهنا: أنت الأجدر لتلك المهمة ، فلا شرطة ولا حتى جيش بإمكانهم الوقوف أمام براعة و إقدام رجالك
قال ريموندوقد انتفخ غرورا:حسنا سأرسل كتيبة الشهاب الصاعق لتأتي به
يعقوب : لا شك أن المنادي يجوب المدينة الآن يلقن الناس أوامر الشرطة بالإمساك بالقاتل أو الإرشاد عنه
ريموند : اذا فقد أصبح كفأر يخشى كل الناس و يختبئ في الجحور و بمجرد ان يقرصه الجوع سيخرج للبحث عن طعامه بين براميل القمامة و الفضلات
وما أسهل أن نمسك به حينها
___________
|