كاتب الموضوع :
فطووووومة
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
البـــــــــــــــــــــــــــــ الثالــــــــث ــــــــــــــارت
الجزء الثانــــــــــــــــــى
.......................................
كان عبد الرحمن يجلس على مقعد خشبي بجوار النافورة الرخامية القابعة في منتصف حديقة قصر والده عبد الله يراقب عائشة وهي تسير فوق مسطبة النافورة الدائرية وتقطعها بسرعة ورشاقة في خطوات متكررة ،تدور وتدور بلا كلل ، وثوبها الحريري الفاخر ذو اللون السماوي الزاهي يصدر حفيفا مع كل لفة, وتتطاير أكمامه الشفافه مع نسمات الهواء ,وظفيرة شعرها البني المجدولة بحبات من اللؤلؤ اللامع تتراقص على ظهرها
هتف عبد الرحمن بضجر : كفي عن الدوران بهذه الطريقة .. أصبتيني بالدوار
قالت وهي لا تزال تدور : عقلى لا يفكر الا بهذه الطريقة
قال ساخرا : وكيف يفكر عقلك وهو يدور في دوائر مفرغة!
قالت بغيظ : كيف يمكن أن نخرج القاتل من جحره؟
قال ببساطة : عندما يشعر بالخطر سيظهر بالتأكيد
توقفت فجأة عن الدوران ونظرت اليه مليا ثم قالت بتفكير : علينا أن نجبره على الظهور ...
كان صخب الصبيان عثمان وعلي يملأ الحديقة وهما يتبارزان بسيفين من الخشب ويركضان خلف بعضهما البعض بمرح ،
شرد عبد الرحمن قليلا وهو يتأمل الصبيين وتذكر عائشة وهي تبارز يوسف ثم انفجر ضاحكا : وكأنني رأيت هذا المشهد من قبل, أخيرا وجدت من يتغلب عليك ،
نظرت اليه بغيظ بعد أن فهمت ما يرمي اليه وكادت تطلق لسانها نحوه لكنها فجأة نظرت الى الصبيين , ولمعت عيناها وكأنما أضاءت عقلها فكرة مبدعة ،
قفزت من فوق النافورة وجرت الى أخويها عثمان وعلى وهتفت بهما : ماذا تلعبان؟ توقفا عن اللعب ونظرا اليها بدهشة وكأنما يتساءلان عما جعلها تهتم فجأة بما لم تهتم به أبدا قال عثمان : كما نلعب كل يوم
قالت بلهجة ماكرة : ظننت أنكما تلعبان لعبة المطاردة بين الفارس والقاتل الأسود ،
انتبه الصبيان وتحفزا لإستقبال قصة مثيرة,
وهتف علي بحماس : وما قصة تلك المطاردة؟
قالت: ألم تسمعا بها ؟ عجبا !! قصت عليهما القصة بمزيج من التشويق والمبالغة ،
حتى صاح علي قائلا لعثمان بحماس بالغ : أنا الفارس وأنت القاتل
رد عليه عثمان بثورة : بل أنا الفارس ، أخذا يتشاجران على من منهما يكون الفارس, وابتسمت عائشة وأخذ عبد الرحمن يراقبها بصمت وهو مندهش من تصرفاتها الغريبة
قالت عائشة لأخويها : لا شك أن أنيسة تعرف هذه القصة هز عثمان رأسه نفيا : لا أظن ذلك ،
قالت متصنعة الدهشة : لا يمكن أن تفوتها قصة كتلك, بالتأكيد سمعت بها في السوق
قال عثمان : لو كانت سمعت بها لكانت حكتها لنا
قالت بمكر : لا شك أنها لو سمعتها فستجدها قصة مثيرة للغاية
نظرا الى بعضهما البعض وانطلقا يتسابقان ليبلغاها بالقصة
ووقفت هي تنظر اليهما برضا وهما يبتعدان ، اقترب منها عبد الرحمن وتساءل بدهشة : حسنا ما الذي يدبره عقلك الصغير
لمعت عيناها وهي تقول : علينا أن نستفزه للخروج من جحره
قال بدهشة : وهل ستقنعه أنيسة بذلك !!
قالت باسمة : أين ذكاؤك يا أخي العزيز
قال بملل : أفصحي عما في عقلك دون ثرثرة فارغة
قالت : ما الذي ستفعله اذا ما وجدت منافس من رفقائك يسعى لأخذ مكانك في الصدارة ويريد أن ينتزع منك الزعامة؟
عقد حاجبيه بغضب عندما تذكر ما فعلته به في الغابة وقال بعزم : سأنازله حتى أهزمه
قالت بجدية : اذا هذا هو ما سيفعله القاتل اذا ما شعر بأن أحد ما يريد أن يستولى على مكانه وينتزع منه مصدر رزقه
قال : أخشى أن من دفع له المال ليقتل الشيخ لن يعجبه هذا .
نظرت له وهي تفكر , ثم قالت : فلنعرف طريقه أولا ثم نبحث عمن دفع له بعد ذلك
......................................................
جلس عبد الرحمن فوق سطح البيت المواجه لباب حانة اللصوص والمكون من طابق واحد والى جواره أخته عائشة في زيها الاسود كقطع الليل يرقبان كل حركة تدور في الزقاق في انتظار ظهور الشبح الاسود قاتل الشيخ
تململ عبد الرحمن قائلا : يبدو أننا سنظل هنا أبد الدهر ولن يظهر أبدا
قالت بعناد : لن أبرح حتى يظهر
قال : خطتك فشلت يا أختاه, وعليك أن تعترفي بالحقيقة وتستسلمي وتتركي الأمر للشرطة
قالت هازئة : الشرطة!!الشرطة مشغولة بجباية المال من الفقراء وحماية الأغنياء ماذا تنتظر من شرطة رئيسها فاسد مفسد ماذا تتوقع من قضاة باعو آخرتهم بدنياهم يتركون الحانات وأوكار المجرمين ويسكتون عن قتل شيخ يقول كلمة حق
قال : لا تأملى أن تصلحي الكون , حتى لو انتقمت لشيخك فلن يتغير أى شيء عليك أن تستسلمي وتعلني فشلك
ابتسمت عندما رأت شبح متشح بالسواد يدخل الزقاق ويتجه الى باب الحانة, وقالت بثقة بالغة : عندما أعلن استسلامي فسأكون جثة هامدة بالتأكيد أما الآن فلا مانع لدي أن أتقبل منك اعتذارك, واعتراف بأنني كنت على حق ، وأن خطتي نجحت بالفعل
نظر الى حيث تنظر ورأى القاتل يسير في الزقاق ويدخل من باب الحانة فهمس بانبهار : لقد ظهر بالفعل , نجحت خطتك وأجبرتيه على الخروج من مخبأه
قفزت من مكانها وقالت : لا تضيع الوقت , لقد وقع الفأر في المصيدة قفز الاثنان برشاقة من سطح البيت الى الأرض واقتحما الحانة بلا تردد وأشهرا سيفيهما واتجه عبد الرحمن الى اليسار وعائشة الى اليمين ليطوقا القاتل الذي كان يجلس الى احدى الطاولات القصية يغطي جسده بالملابس السوداء و يخفي وجهه بلثام أسود وعندما رآهما يتجهان نحوه انتفض من مجلسه ووقف يواجههما وانتحى رواد الحانة جانبا وكثير منهم فروا عندما رأوْا حربا تشتعل بالمكان وتردد الساقي والعمال كثيرا في التدخل رهبة من منظر السيوف المشهرة اندفعت عائشة تهاجم القاتل بسيفها بشجاعة , لكنه قفز لأعلى قفزة هائلة كما لو كان يطير وهو ينتزع سيفه من غمده في نفس الوقت ثم نزل على الطاولة التي كان يجلس اليها برشاقة بارعة موجها سيفه مباشرة نحو رأسها في ضربة قوية طوحت رأسها الى الخلف اتقاء ضربته القاتلة ودارت بجسدها كله دورة رأسية بارعة مبتعدة عن مرمى سيفه وقبل أن يهاجمها ثانية قفزت بسرعة فوق طاولة أخرى بجوار التي يقف عليها وبذلك أصبحت في نفس مستوى جسده ثم اندفعت بسيفها تبارزه بمهارة
حاول عبد الرحمن أن يتدخل لكنه رأى أخته تبلى بلاء حسنا فوقف متحفزا مستعدا يراقب الاثنين وهما يتبارزان برشاقة ومهارة فريدة
اشتدت وطأة ضربات القاتل وعائشة تقفز يمينا ويسارا لتفادي ضرباته القوية ، طوح سيفه بضربة مستعرضة كادت أن تطيح برأسها لولا أنها تراجعت للخلف قفزا من فوق الطاولة الى الأرض فلم ينلها سيفه ، وقبل أن يأتي بحركة أخرى هوت بسيفها على الطاولة الخشبية التي يقف عليها فقسمتها نصفين لتهوى أرضا ويختل توازن القاتل ويسقط فوقها على ظهره وتستغل هي فرصة سقوطه لتهوي بسيفها على رقبته وكادت بالفعل أن تقتله لولا أنه تدحرج بسرعة عدة مرات مبتعدا عن سيفها ورغم ذلك استطاعت أن تصيبه في كتفه لكنه قفز رغم جرحه قفزة رشيقة ووقف على أقدامه وهو يصد ضرباتها القوية
كانت تكر للأمام في ضربة فنية يصدها القاتل بسيفه ثم تفر للخلف وسيفه يكاد ينزل على عاتقها فتنجو من ضربة قاتلة ، وعبد الرحمن تشتعل عروقه بالغضب والتحفز ينتظر اللحظة المناسبة للتدخل
وجهت له ضربة شديدة كادت أن تصيب ذراعه لكنه ابتعد في الوقت المناسب ودار حول نفسه موجها لها ضربة هائلة تفادتها بقفزة للخلف لكنها اصطدمت بطاولة خلفها لم تلحظها فانقلبت الطاولة واختل توازنها و سقطت أرضا واصطدمت رأسها بأحد أرجل الطاولة المقلوبة وشعرت بدوار شديد فأغمضت عينيها بقوة وفتحتهما ورأت القاتل يقف فوق رأسها ويرفع سيفه عاليا وينهال به على رقبتها مدت يدها تتحسس الارض من حولها تبحث عن سيفها فلم تجده وأيقنت بهلاكها وأخذت تراقب سيف القاتل وهو يهوي على رقبتها لكن السيف توقف قبل أن يصل اليها لقد اعترضه سيف عبد الرحمن في اللحظة المناسبة وتصدى لسيف القاتل , واشتبك معه عبد الرحمن في مبارزة عنيفة والقاتل يحاول أن يبعد عبد الرحمن عن طريقه ليجهز على عائشة نهضت عائشة ببطء والدوار لازال يعصف برأسها و استندت الى كرسي قريب منها وشعرت بقطرات تسيل من جانب رأسها وعندما تحسستها بأصابعها وجدتها دمائها كانت تبحث عن سيفها وعندما وجدته بجوار الطاولة المقلوبة انحنت لتأخذه فوقعت عيناها على رجل طويل ذو لحية رفيعة يقف بجوار الساقي شعرت بأن عيناه مألوفتان لديها وكأنها رأتهما في مكان ما من قبل أخذت تتفحصه جيدا من فوقه لتحته وعندما وقعت عيناها على يده اليمنى ارتجفت , فقد رأت فيها أثر لجرح عميق كان ينظر الى المبارزة القائمة بين عبد الرحمن والقاتل ، لكنه أدار رأسه فجأة ليتحدث الى الساقي الذي يقف بجواره فرأت في خده ثقوب غائرة بها آثار حرق
استعاد خيالها منظر بهلول وهو يلقي في وجه القاتل بمسحوق أسود والقاتل يصرخ وتفوح منه رائحة لحم مشوى لم يعد لديها أدنى شك في أنها تقاتل الشخص الخطأ القاتل يقف أمامها الآن يتصنع أنه شخص عادي من رواد الحانة أمسكت بسيفها واتجهت نحوه وعندما انتبه اليها و أدرك أنها تقصده خرج يركض من باب الحانة وانطلقت هي تجري خلفه بلا تردد عندما رآها الملثم الاسود الذي يقاتله عبد الرحمن تجري ظنها تهرب من الحانة, فهجم هجمة شرسة على عبد الرحمن وأطاح بسيفه وانطلق يركض خلفها تناول عبد الرحمن سيفه بسرعة وخرج من الحانة يتبعهم ركضا
كانت مطاردة مثيرة في أزقة وحارات المدينة , أربعة أشخاص يركضون خلف بعضهم البعض تحت أستار الليل السوداء والناس نيام
وصل الشخص المتنكر في السواد أولا الى عائشة المتنكرة مثله والتى أدركت أخيرا أنه الفارس تلميذ الشيخ والذي يريد أن يثأر له وأنه فكر في نفس الخطة التي فكرت فيها ليجد القاتل بدأ الفارس يوسف يسدد لها ضرباته وهي تحاول صدها وتفاديها بكل جهدها وعندما شعرت بأن القاتل يهرب مبتعدا ولن تستطيع أن تمسك به هتفت تخاطب يوسف بصوت خشن وهي تصد سيفه بسيفها : لست أنا ضالتك أيها الغبي, أنت تطارد الشخص الخطأ, نحن الإثنان هدفنا واحدأشارت برأسها الى آخر الزقاق حيث وصل القاتل ويكاد يختفي : من تريده هناك يوشك على الهرب تردد يوسف لحظة وقلب نظراته بينها وبين الرجل الذي اختفى في آخر الزقاق ، وصل عبد الرحمن اليهما وهتف بعائشة : أين ذهب؟
قالت بسرعة : اختفى في آخر الزقاق
صرخ بعجلة : لن أفلته وانطلق يجري نحو آخر الزقاق,
وتبعته عائشة ، وتردد يوسف لحظة ثم انطلق خلفهما ركضا عند آخر الزقاق كان هناك مفترق طرق فقال عبد الرحمن بعجلة : سأبحث من هذه الجهة وأنت ابحث في جهة الأخرى لحق بهما يوسف وقد استوعب ما يحدث فأشار له عبد الرحمن قائلا : وأنت ابحث في الطريق الرئيسي , لا أظن أنه قد ابتعد كثيرا
انطلق الثلاثة كل في اتجاه يبحثون عن القاتل دخلت عائشة في الطريق الضيق الذي عبر بها الى زقاق آخر لكنها توقفت فجأة من هول الصدمة, فلقد رأت القاتل ملقى أرضا ومن صدره يبرز مقبض الخنجر المرصع الذي ارتكب به جريمته ودماؤه تسيل على الأرض وجسده يرتجف وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أطلقت من فمها صوت صفير يعرفه عبد الرحمن جيدا , وبالفعل أتى مسرعا وعندما رأى المنظر هتف بغيظ : سأبحث عمن فعلها كان يوسف قد وصل ورأى القاتل مقتولا فقال لعبد الرحمن لن تستطيع اللحاق به فلقد رأيت عربة تبدو لأحد الأعيان تنطلق مبتعدة على الطريق الرئيسي بسرعة كبيرة اقتربت عائشة من القاتل ونزلت على ركبتيها
قائلة بخشونه : من دفع لك لتقتل الشيخ؟
كانت عيناه جاحظتان وفمه يغرغر
فقالت : أخبرني من أمرك بقتل الشيخ قبل أن تقابل ربك وتلقى حسابك ،
نظر اليها ولسانه يتحرك وكأنما يريد أن يقول شيئا كان عبد الرحمن يشاهد الموقف بدهشة وصمت نزل يوسف على احدى ركبتيه
وسأل القاتل : من فعل بك هذا هو من أمرك بقتل الشيخ .. أليس كذلك؟
حرك القاتل شفتيه وكأنما يريد أن يقول شيئا , لكن قواه خارت وخمدت أنفاسه وقف الثلاثة ينظرون بخيبة أمل الى الجسد المسجى أمامهم بعد أن فقدوا آخر خيط يمكن أن يكشف لهم سر مقتل الشيخ
وقال عبد الرحمن : لقد نال جزاؤه بنفس الخنجر الذي طعن به الشيخ
قالت بحسرة : ويبقى من أمر بالجريمة ومن دفع له حرا يسعى في الأرض فسادا دون أن يكشفه أحد
قال يوسف بغل : قسما لن أترك ثأر شيخي مهما طال الزمنسأطارد كل من أعان على قتل شيخي ولو بشق كلمة وسأقتص منه...!
............................................................ .........
يتبـــــــــــــــــــــــــــــع بــاذن الله
|