كاتب الموضوع :
بنت أرض الكنانه
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!
الثاني
رحلة نحو المجهول
*تبر*
دنا منها بخطوات فهد يتحين الفرصة لينقض على فريسته وأفصح لها بخشونة "أريدك"
وبدون أن يمهلها أحكم قبضته حول رسغها وسحبها ورائه، تكاد لا تلامس أقدامها الأرض، الوحيدة التي كانت تنطق في وسط هذا الجو المشحون كانت ياقوتة، كانت تصفق بكلتا يديها في جزل طفولي، وتعرب بصوت ملؤه الحبور والسرور " أبتي اشتاق لأمي"
همست مزدانة في سرها وبحقد مستشري فيها " لم تستحقي لقب معتوهة من لاشيء!!!!"....
تبر روحها ملوثة باحتقار الذات، ومختومة بالندم الرهيب، هي تتلظى على نيران الألم الثخين، ولا تجرؤ على مشاركة سرها مع أي كان!!!!
كان مصطفى يجرجرها ورائه وهو يصعد درجات السلم، أما هي فقد كانت شاردة في هذيانها المنصرم، لقد ظلمتها الدنيا ورفعت الأسوار بينها وبين أمها ياقوتة، ولقد كان اختيارها هي، أجل هي من اختارت إقصاء أمها وأخيها من حيز حياتها!!!!!
شرع باب الحجرة ونفضها عنه بغلظة، سألها وهو يصر على أسنانه ويثني بدنه تجاه جسدها المنسكب على الأرضية
" هل لديكِ تفسير لعهرك الظاهر عليكِ في الأونة الأخيرة؟؟؟"....
مسحت خيط الدم الذي انفجر من شفتها، نتاج ارتطام وجهها وهو يطرحها أرضا بأحد أعمدة منضدية الزينة، وردت بهدوء لا يعبر عن الخوف الذي ينهش فيها، من أن يحرمها أطفالها
" خرجت للجلوس في النادي واحتساء مشروب هناك، وفي طريق أوبتي كان هناك حادث مروع، جسد المصاب كان كرة من الدماء، أنا لست طيبة أنا أعرف هذا، ولكني كنت ممن تبعوه للمشفى، تبرعت له بدمي، كان من نفس زمرتي، تبدو قصة لا معقولة ولكنها هكذا حدثت، ملابسي كانت تفوح منها رائحة الدماء.... كانت تلك الرائحة تسد عليّ مياسم الهواء!!!!!، فذهبت لصديقتي سوسنة، وبدلت ملابسي هناك، لم أرد إفزاع ياقوتة ومنصور لو ولجت ورأياني مغطاة بالدماء!!!!"....
أومأ برأسه ووافقها في القول " نعم تبدو قصة غير معقولة"
واسترسل وهو يخلع سترة بذته ويلقيها بدون أدنى اكتراث، وهو يحل أزرار قميصه العلوية علها تجلب له بعض الهواء
" بإمكاني أن أقتلك بدم بارد.... أن أمحي وجودك من على الأرض وكأنكِ لم تكوني على صفحتها أبدا، إنكِ مجرد صعلوكة، اختفائك من الدنيا لن يُحدث بلبلة، ولن ينتبه أحد له، وأنا بنفوذي سأدبر كذبة محبوكة، لقد وضعنا الشروط منذ البدء يا سوما، لا تعبثي معي.... وإلا الخيانة!!!!، لكِ فرصة ثانية لن تتكرر مطلقا مجددا، أخبريني هيا مع من كنتِ ولمَ قضيتِ ليلة كاملة خارج بيتك"....
هزت رأسها وكأنها لم تعر اهتماما لتهديده بقتلها، وأصرت قائلة وهي تكور شفتها
" كنت في المشفى، أتبرع بالدم".....
والتفتت نحو حقيبتها المقذوفة أرضا كذلك، وفتحتها وأخرجت كيسا وصبت محتوياته، كان ثوبها وهو ملطخ بالدماء!!!!!.... لم تكن كاذبة!!!!!
________________________
*ملك*
أروع ما قد تجود به الحياة أن تعثر على شخصٍ يقرأك بدون حروف
يستمع لصمتك فيجد فيه بوح
يمنحكَ حبا بلا مقابل
يغدقكَ بعطاءٍ لا مشروط
أروع ما تجود به الحياة فائض أمومة لا محدود
ابتسامة تذيب صخور الحياة التي تشبه الجلمود
قلب لا يغلق أبواب محبته في وجهك مهما صددته بكل برود!!!!!
أمها أزاهير لا تفارقها أبدا، هي لا تتأفف مطلقا من السوائل التي تخرج من جسمها، هي من تبدل لها حفاضاتها، فهي كطريحة الفراش لا تقوى على الذهاب للمرحاض، وهي من تحممها، ومن تعتني بجروحها، هي مختلفة عما كانت، لقد كانت تشمئز منها لو مرضت، وتخاف انتقال العدوى لها، فتأمر المربية بملازمتها، وبإخبارها حينما تتعافى، لتعاود الإطلالة عليها... كانت امرأة لا تهتم سوى بنفسها!!!!
هي محبوسة في هذا الجسد المشوه العاجز، تلك إرادة الرب وهي لا تعترض عليها، هي فقط تبتهل وتصلي للرب لتعاود السير والنطق، وهي تتلظى على نيران الشوق للصغيرة "أمورة" والصغير "ألفونسو"!!!!!
______________________________
*منصور*
في أحد مستشفيات العاصمة
كانت أمه تمسك بيده وهي جاثية على ركبتها بجوار سريره، وتلفظت وهي تحاول مغالبة دموعها التي تطفر رغما عنها
" قدر ولطف يا حبيب ياقوتة، دوما حذرتك من القيادة بسرعة وتهور، نحن أبناء القرية لا نستطيع مجاراة أهل المدن في نظام سيرهم.... وأسلوب حياتهم، كان من الأفضل لو استمعت لكلام أمك واتخذت لك سائقا، ولكنك عنيد ولا تنصت لنصائحي أبدا"....
علق منصور بصوت واهن، يحوي خيط عتب " تبكتيني يا ياقوتة وأنا طريح الفراش!!!"....
عقدت ياقوتة حواجبها وأبرزت شفتها السفلى بامتعاض طفولي لا يناسب سنوات عمرها السبعين وأعربت بغضب وانفعال
"لقد فقدت أختك قبلا، ولم يعد لي غيرك، ولقد طالبتك مرارا بأن تنتبه لنفسك، ولكنك لا تُلقي بالا لكلام العجوز، أنت ابن عاق، وأنا غاضبة عليك"....
انفتح باب الحجرة وأطلت باقة من الورود الجورية تحملها فتاة سمراء ممشوقة القوام خلابة القسمات
كان الأرق جليا عليها من خلال الهالات السوداء المتعاظمة حول عيونها، وكانت شاحبة شحوب الموتى وكأن حادث منصور شطر روحها وأهرق دماء قلبها
ازدردت ريقها ولم تتقدم نحوهما، وقالت بخفوت وتخاذل " أعتذر على اقتحامي غرفتك سيد منصور، ولكني وددت الاطمئنان عليك"
تفاجأت ياقوتة حينما أبصرت ابنها يحاول الاعتدال جالسا رغم حالته المتدهورة، واندهشت أكثر من السرور الذي ارتسم على وجهه من زيارة تلك السمراء النحيلة له، لقد صارت ياقوتة واجمة تراقب ما يجري أمامها بدون أن تفهمه... أو تعلق....
رد منصور على ساندي برحابة وهو يحاول قهر نبرة المرض في صوته " أنا بألف خير، علام تعتذري؟؟... أنا شاكر زيارتكِ الثمينة لي، تفضلي بالجلوس"....
كانت ساندي خجلة من وجود تلك السيدة العجوز، التي خمنت بأنها أم منصور، فردت بصوت حاولت أن تفرغه من شتى الانفعالات وتكسيه برنة مرح مصطنعة
" ألف سلامة عليك يا كبير، لقد اطمأننت عليك، ويجب أن أنصرف الآن، السلام عليكم"....
سألته ياقوتة بعد انصراف ساندي " هل نسيت أنك متزوج وأن لديك أطفال؟؟"
فأجابها منصور بسؤال " وهل نسيتِ بأن الشرع حلل للرجل مثنى وثلاث ورباع؟؟"
وضعت ياقوتة يدها على فمها لتخفي شهقاتها المتوالية، وقالت موبخة، وقد امتقع لون وجهها " رجال عائلة التبريزي لا يخونوا زوجاتهم يا منصور!!!، أعرف أن بسنت صعبة المراس حادة الطباع ولكن عليك بالصبر يا ولدي، إن لديكما بنات، لو تناهى لعلم بسنت نيتك الزواج من أخرى ستطالب بالطلاق وقد يبلغ بها العند مداه فتتزوج بآخر بمجرد أن تُكْمِل العدة، ابنة ريانة وبشير وأعرفها"....
رد منصور بمرارة " هي حتى لم تأتي لزيارتي رغم معرفتها بحادثي...."
قاطعته ياقوتة بعنفوان " هي لم تعلم بعد، لقد أخفيت عنها الأمر، فلقد أخبرتني أمس بحملها ولقد خشيت عليها صدمة المعرفة، اتق الله يا منصور، في رقبتك بنات، لا تظلم بنات الناس لكي لا يظلم أحد بناتك، وتلك الملتصقة ببعضها أول وآخر مرة تراها مفهوم؟؟!!!!!!!!!!!"
إن أمه مخدوعة ببسنت، إنها امرأة خبيثة، ولقد عاشرها واختبر معدنها الرديء بنفسه، ولكن لا قوة لديه ليجادلها، والحمل!!!!........ هل كُتِبَ عليه الإنجاب من تلك الخبيثة؟؟.... لقد اكتفى منها وفاض الكيل.....
تواردت تلك الأفكار عليه، حادثه كان غريبا، لم يكن صدفة كان تخطيطا، هناك من يود إزهاق روحه!!!!!!!......... ولكم من هو وما دافعه؟!!!!
___________________
مرت الشهور على سيف وهو ممسك بإدارة السجن، مازال لا يفهم لمَ زبرجدة معشوقة لزميلاتها في السجن، مازال لا يستوعب لمَ يضعوا بها تلك الثقة العمياء، لمَ صارت الأثيرة لدي السلطانة التي كانت محتجزة هنا في زمن فات، لمَ انهالت على شكري هذا بالطعنات لترديه قتيلا بعد خمسة طعنات!!!!!....... مازال لا يفهم... ومازال منجذبا نحوها بخيط غير مرئي يزداد قوة ومتانة مع مرور الأيام، لقد صارت تتفاداه عمدا وهو لا يدري لماذا، جملتها لا تنفك تراوده " لأني هكذا أريد"....
هل السجن اختيار؟!!!.... وما كانت الاختيارات الأخرى المتاحة أمامها؟؟....
بعد خروج ريحانة من السجن صارت حياتها قاحلة جدباء، إن ريحانة كانت رفيقتها طوال الثلاثة عشر عاما المنصرمين.... هي تحب كل زميلاتها هنا، ولكن غياب ريحانة خلق فراغا موحشا.... ليحفظكِ الله يا ريحانة من كل ضير..... لتحفظها يارب فهي فتاة خفيفة وستذوب أمام أية تلميح....
طلبها سيف لتمثل أمامه في مكتبه، وذهبت إليه بعدم اكتراث بما ينتوي قوله
تلفظ لها " اجلسي يا زبرجدة، فأنا لدي لكِ خبر مفرح"...
ردت عليه وهي لا تلبث واقفة " الفرح لا يدخل قلب مازال متمرغا في طعم الأنين"....
رد عليها وشفاهه تنشق عن ابتسامة صغيرة " لن أجادلك وإن كنت سأفتقد مناوشاتك، أعرف الآن أن سامح ألحق بكِ ضير، فأنا أعرفكِ الآن يا زبرجدة، لقد تم الإفراج عنك، ستخرجين من السجن غدا...."
انسحب الدم من وجه زبرجدة وتوسعت أحداقها بعدم تصديق.... لقد اعتادت السجن ولا تود الرحيل كما إنه يتبقى لها عامان هنا ويفيض.... فصرخت فيه وهي تلوح بأكتافها
" كيف تُخْرِجوني؟؟... حرامٌ عليكم... أنا لم أستوفي مدة العقوبة بعد!!!!"
سألها وهو ينتصب واقفا " هل أنتِ مرتعبة من الحياة خارج السجن يا زبرجدة؟.... تخافي أن يلحق بكِ أحدهما ضير؟؟"...
هزت رأسها نافية ما يقول وأعربت بهمس تخنقه غصة مرتفعة في حلقها
" لم تعد لي حياة خارجه، لقد تأقلمت على المعيشة هنا"....
ولأول مرة يستمع للهجة استجداء في صوتها " لا تُخْرِجوني... ماذا أفعل لكي أبقى.... أأفتح دماغ احدى زميلاتي.... أأغمد سكينا في قلب احدى رفيقاتي.... ولكنهم سيسامحوني.... لو أضمن أنهم سيصرون على معاقبتي لأقدمت على ذلك ولكنهم سيسامحوني!!!!"
وكأنها منكوبة!!!!!
كان صوتها أبحا.... مهموما!!!!
ستظل تلك الفتاة لغزا محيرا له... هل سيتمكن يوما من فك طلاسمه؟.....
__________________________
*علي*
كان واقعا في دوامة تفكيرعميق
لقد نشب الموت مخالبه فيها ولكنها أفلتت منه بأعجوبة لا يحب أن يُطلق على نجاتها معجزة، هي فقط كما القطط بسبعة أرواح!!!!
هو يمقتها...ربما!!!!، هو يفهمها... محال، هو يشفق عليها... ربما، هو يراها امرأة جديرة بأن تكون أم ابنته.... لا!!!!
لمَ لم تموتي يا "ملك"؟.... لمَ لم تخمد أنفاسك وتتخلص الدنيا منكِ؟؟!!!... لمَ أنتِ هكذا متشبثة بالحياة؟؟....
لقد تزوجت بعد انفصالهما بعدة رجال، آخرهما رفيق دراستها والذي أعربت للجميع بأنه معشوقها وحب حياتها، ولكن المنية قد وافته قبل حادثها، يقال أنها انهارت تماما حينها، وتمزقت أشلاء!!!!
هي امرأة مزواجة مثل أمها وهو يخشى على ابنته "أمورة" أن تكون ورثت منها تلك الجينات... القذرة!!!!!
لقد ورده اتصال من أزاهير بالأمس، عنفته فيه لأنه لا يُحْضِر أمورة لأمها، وأخبرته بأن ملك تطالب برؤية ابنتها الوحيدة...
حسنا من يكون ليحاكم ملك، إنها نتاج طبيعي لانفصال والديها وهي لا تلبث غريرة، كما أنه مزواج مثلها فلقد اقترن حتى الآن بخمسة نساء.... ثلاثة بعقود موثقة، واثنتين بعقدين عرفيين....
دلف لحجرة ابنته، كانت مسترسلة في الوسن، ضوء القمر انعكس على قسماتها بلفافة نورانية أخاذة، أمورة ذات نوم خفيف، بمجرد اقتراب والدها منها تيقظت
واعتدلت جالسة، وقالت له بتثاؤب وهي تحك أجفانها
" أهلا بابا لمَ تأخرت اليوم؟؟"
رد عليها بحنو وهو يمشط بأنامله خصلات شعرها المتشابكة " الأعمال على عاتقي متكردسة، لنأمل من الله أن ينفخ في صورة عمك "وليد" ليأتي ويشاركني هذا العبء الثقيل"....
أجابته أمورة بحصافة " عمي وليد لن ينصلح حاله حاليا، مازال أمامه بعض الوقت، جدتي نور تقول بأن اللهو والعبث يجريان في دمه، وهو بحاجة لزمن ليتعقل ويصير قدر المسئولية"...
لم يَرُق لعلي كون أمه تتحدث عن الجانب الطائش من أخيه أمام ابنته الصغيرة، إن أخيه يحيا في ضلال، نساء.... خمر... سهر... مجون... حال أخيه ليس لهو وعبث هو فقط انحلال بَيِّن!!!
تداخل معها بصريا وتلفظ لها بحنو " ماما تريد رؤيتك"...
ردت أمورة فورا " أَخْبِرْهَا أني لا أريد!!!"
زجرها بلطافة وإن كان مسرورا داخليا أن ابنته لا تحب أمها ولا تحفل بها
" قال الله عز وجل ((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)) كما أنه قال ((وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ))، لا يليق بكِ الجفاء حبيبتي، أو أن تكوني فتاة غير بارة بأمك"
أطرقت أمورة برأسها وقالت بعد برهة تفكير " حسنا سألقاها"...
تنفس علي الصعداء وانتصب واقفا واستدار ليغادر الحجرة فأُجْفِلَ بصوت ابنته وهي تسأله بتردد " هل صارت بخير؟!!!"
_________________________
*توت*
في احدى قرى صعيد مصر، في بلدة مهمشة حتى الجغرافيين لم ينصفوها ويضعوها على خارطة مصر.... كانت توت ملتفة حول المصطبة، أمامها قُلَّة تشرب منها، وبضعة من جبن قديم في وعاء صغير، الخبز ناشف فهو مصنوع منذ زمن سحيق، والبيت الذي تحيا فيه متهالك وبالي وعتيق....
الكل يخاف منها فسمعتها كنفاثة في العقد تسبقها، الكل يتناقل كلام عن كونها صانعة تعاويذ سحرية سوداء، لا يودها سوى "رحاب".... فتاة طيبة دءوبة في السؤال عنها...
الموت لا يتذكر توت..... والحياة أيضا!!!!
لم تبكِ حتى الآن.... منذ سجن زبرجدة وهي صامدة.... مآقيها جافة والقلب ينزف خيباتً من الأمل وأنهاراً من الأحزان....
تسعى لزيارتها كل أسبوع على الرغم من سجنها في محافظة بعيدة عنها... ولكن زبرجدة ترفض مقابلتها في كل مرة.... مئات التارات تذهب لها ولا تلمح حتى طيفها!!!!..... تلك الفتاة قاسية جدا ولكنها من ربتها لتكون هكذا!!!!!
أنهت توت إفطارها وشدت عزمها وسعت مجددا علها تجد ريح زبرجدة تلك المرة....
حينما وصلت السجن سألت عنها فقالوا لها خرجت، مادت الأرض من تحت أقدامها، لم تعد تعرف لها طريق، ولكنها تماسكت وسألتهم " متى؟؟"
أجابوها " اليوم"...
انتعش الأمل في صدر توت، وانبسطت أساريرها، غردت الورود في دمائها، لا ريبة في أن زبرجدة الآن تسعى إليها، وفي طريق أوبتها لقريتها!!!!!
عضها الخوف، ماذا لو التقت بها أم محمود وغرزت سكينا في قلبها، المرأة مصرة على الانتقام، وتطلق تهديدات عدة منذ زمن بعيد.....
حفزت الخطى نحو قريتها وهي تتوعد أم محمود لو فكرت في مجرد الدنو من زبرجدة ستفجر نوافير الدم من كل قطعة من جسدها........
__________________________
" حمدا لله على سلامتك يا مرمرة".... قالت السلطانة
كانت هي وزبرجدة مفترشتين الأريكة الخلفية لسيارة تانجيرينية حديثة....
" تسلمي يا سلطانة، ربنا يحفظك لي، ويديم الود بينا والمحبة"....
التفت شاب وسيم في أوائل الثلاثينات كان محتلا للمقعد الأمامي لهما، وقال عن زبرجدة وإن كانت عيونه مركزة على السلطانة بشكل دفع بالدم لوجهها
"وجدت شريكا في محبتي لكَ يا سلطانة..."
علقت زبرجدة بنبرة يشوبها التهكم والاستيعاب، وهي تتفرس في ملامح هذا الشاب الانتهازي
" زوجكِ الجديد يا سلطانة"....
نكست السلطانة رأسها خجلا من كلمات زبرجدة... إلا أنها سرعان ما رفعت رأسها وقالت بعزة وشموخ " الرجال الطاعنون في السن لهم القبر وليس الزواج يا مرمرة!!!!"
عقبت زبرجدة قائلة " وكذلك النساء يا سلطانة!!!"
جادلتها السلطانة بتململ " تربيتك الصعيدية تلك هي من أتلفت مخك"....
التفت شرنقة وجوم حول توما، كان مصابا بالذهول، السلطانة تجد نفسها مضطرة لتبرر ولمن؟!!!!... لفتاة لا حول لها ولا قوة.... لا تملك حتى حق قوت يومها....
ابتسمت السلطانة وهي تضم أصابع زبرجدة لها وقالت بحبور " دعكِ من زيجاتي، الليلة عيد، سنطلق الأعيرة النارية احتفاءً بخروجك، وسنقيم عرسا للصباح ممتلئ بالأطبال والمزامير"....
وأردفت السلطانة " وسأُحْضِر كل رجالي لتختاروا منهم واحد لتتزوجيه، وأريد حفيدا وسيم بعد تسعة شهور بإذن القدير"....
وحثت كريمة، خادمتها التي تجلس بجوارهما " أسمعينا زُغرودة يا كركر"...
وتابعت " ولف بنا الطرقات يا سعيد، لا نريد الأوبة للقصر مبكرا، لنتبختر على الطريق"....
كانت السيارة التي تستقلها زبرجدة مع السلطانة وزوجها مزينة وكأنها لعروس، ولكن بداخل قلب زبرجدة قبر من الحزن العتيق!!!!
التعديل الأخير تم بواسطة تفاحة فواحة ; 23-01-15 الساعة 07:57 PM
سبب آخر: تم تبديل المشاركه 3 و4 بطلب من الكاتبه
|