كاتب الموضوع :
بنت أرض الكنانه
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!
الخامس
الورطة
*تبر* منذ اثنتي عشر عام
((يا ويل دموعي لو سفحتها عليك
ويا ويل قلبي لو نزف دما لأجل قساوة عينيك
ظننتكَ طوق نجاتي فكنت أنت من يقذفني في بحر الشوك
مدفوعة للدوران في حلقة مفرغة وإياك فأنت تنسج حولي خيالات
تملأ ذهنك بخواطر الريبة والتوجسات وتأبى فتح عقلك لأية إيضاحات
تراني أفعى رقطاء وامرأة ملطخة بالوحل فتتمادى في إذلالي وفي دهسي بقدميك
ولو أن لي قلبا يكرهك لكنت أغمدت فيك سيف ولكنت مزقتك ورميتك للطير
أسمع حفيف الأسى ينساب من صنبور الابتلاء
ولو اكتنفني الظلام الكثيف من جرائك فلي قلب يغفر لك ويصفح عنك
ادخرت لك العشق فألقيته في وجهي ورفعت بيننا حاجر الشك))
____________________
*سلام* منذ ثلاثة عشر عام
حينما خطب أخوها مصطفى (زوجته الأولى) مادلين استشعرت نفورا تجاهها، وحاولت أن تدفع أخيها ليعدل عن تلك الزيجة، لكنه عاملها كطفلة مدللة تضطرم بداخلها الغيرة لأن أخرى ستحتل مكانا في قلب أخيها الذي كان مملوكا صرفا لها...
الفارق العمري بينها وبين أخيها يكاد يكون مهولا، هي الآن في الثانية والعشرين وهو يتجاوز الخمسين، وفاة والدها وهي لاتلبث رضيعة جعلتها تشب على فكرة أن مصطفى هو راعيها وحاميها، أَسَرَّت له محبة الابنة تجاه أبيها، واتهامه لها بأنها أنانية أدمى فؤادها وغاص بنصل حاد في أعماقها، هي تؤثره على نفسها...
دأبت الصمت، وتمنت له أن تخفق أجنحة الفراشة بداخل صدرهِ، وأن يجد السعادة لبقية عمرهِ، كانت مادلين شخصية متعالية ومتكبرة، حتى أمها مزدانة لم تسلم من ترفعها عليها، ومن الغريب أن أمها كانت خانعة لإذلالها لها!!!، وحينما انتشر في الجو خبر حملها، شعرت سلام بيد تعتصر قلبها!!!!، لم تشاطرهم الفرحة، ولم تعثر على تفسير واضح لما يُعْتَمَل فيها...
كان قلب أخيها يقفز كما البهلوان من فرط السرور إزاء خبر حمل زوجته، وأرجعت سلام ما يعتريها إلى أنها فعلا طفلة مدللة، لم تستسغ بعد فكرة تكوين أخيها أسرة أخرى...
في جوف الليل كانت تنتابها أضغاث أحلامٍ تفريها، حتى رقدة الأجفان كانت مستعصية عليها، أخوها لا يثق بأحد حينما يتعلق الأمر بالعمل، ولذا فهو يُشْرِف على كل شيء بنفسه، لقد وعى الدرس جيدا، فحينما وضعت أمه الثقة بأخواله كادوا أن يبددوا كل الوَفْر الذي خلَّفه لهم أبيها، كان مسافرا في تلك الليلة لمهمة مرتبطة بعمله، ولم تدري سلام ما الذي ساق أقدامها نحو حجرة أخيها، كان التردد يواكب خطواتها ولكن الله من ثبَّتها وكتب لها أن تنهيها...
كانت القهقهات الماجنة تنبعث من حجرة أخيها، لم يكن من عادة سلام التصنت، ولكن شيئا دفعها لتلصق آذانها وتسترق السمع
" لا... لا أحبه أبدا... هو فقط زوج مناسب... والدي أصرَّ عليه ليضمن ألا يتزوجني مطلقا معدمٌ طامعٌ به، هو لا يسعدني مطلقا... هو جدي ورصين... ويدفع بالسأم في عروقي، من الرائع أن الأعمال عليه متكردسة وأنه يلاحقها ويريحني منه، طفلنا سيكبر ليكون نسخة منك، سينشأ تحت أنف ذلك الأحمق وهو يظنه قطعة منه، كنت سأموت كمدا لو كنت حاملا منه، ولكن منك الأمر مختلف ومبهر ويستحق!!!!"....
وبعد برهة صمت وكأنها كانت تنصت لما يقوله الطرف الآخر على الهاتف تابعت بغنج وبصوت تخالطه شهقة
" لا... ياشقي لا يمكنني المجيء لك الآن.... لتنم محروم كي تتأجج بداخلك نيران الشوق"...
تصلبت سلام مكانها، ثم سحقتها قشعريرة من قمة رأسها حتى أخمص قدميها، اجتاحتها فيضانات من الضعف واستحالت ساقاها هلام وتشبثت بالجدار كي لا تهوى أرضا
احتج قلبها على قساوة كلمات امرأة أخيها، أبوها مصطفى ليس مضجرا هي فقط اللئيمة، ليتها كانت في كابوسٍ مريعٍ لتتيقظ مبصرة تلك المادلين امرأة عفيفة، السهام المسممة المنهكة غرقت غائرة في فؤادها، ولولب حارق من المشاعر جال حائرا في أعماقها، هل تكشف لأخيها الحقيقة أم تطمرها في طيات روحها؟!!!، لم تفلح في ثنيه عن الاقتران بتلك الخبيثة وما حصدته من محاولتها اتهامه لها بأنها غيورة تبتغيه فقط لنفسها، ولكن محال أن تترك تلك الخائنة تمرغ شرف أخيها في الوحل أكثر من ذلك، لتقدح زناد أفكارها ولتُخَلِّص أخيها... توخت الحذر وهي عائدة لحجرتها وقضت الليلة تُقَلِّب الخواطر في عقلها
وتعمدت سلام الالتصاق بمادلين منذ تلك الأثناء، ارتدت زي الحمل الوديع، وزعمت لها أنها معجبة بشكلها... بطراز لبسها... بأناقتها المبهرة... بطلاقة لسانها.. وأنها تريد حينما تشب أن تكون مثلها ولذا ترافقها في كل خطواتها، وأن غيرتها المنصرمة منها كانت فعلة حمقاء وقد اجتازتها.... كانت مادلين متأففة منها ولكنها لم تجد بدا من الإذعان لها....
في النادي
كانت عيون سلام تحملق في الجميع، وترتاب في كل من تسلم عليه مادلين، وتمحورت نظرات سلام عليه أخيرا، بدا لها أنه هو من تبحث عنه!!!...
فحكت رأسها مقررة أن تدع لامرأة أخيها فرصة الاختلاء به، فتذرعت برغبتها في دخول المرحاض، وانطلقت راكضة نحوه، وحينما أهملها إبصار مادلين توارت خلف الأشجار القريبة منها، وأطلقت سمعها
" مرت ثلاث أيام وأنتِ لا تواتيني... لو كنتِ تودي إنهاء العلاقة أعلميني... أنا أتحرق شوقا لكِ وأنتِ لا تأبهين بما يعتريني.... أجل يحق لي الغضب منكِ... لو طرأ على قلبكِ حبا مفاجئا لذلك المقطف فلزاما عليكِ أن تخبريني"...
آلم سلام نبرة التهكم التي شابت صوت ذلك الرقيع وهو يتلفظ بالجملة الأخيرة ... وتَقَبَّضَت ملامحها أنينا ونزيفا....
" أنت تقفز لاستنتاجات ليس لها من أساس... أنا أحب مصطفى"... اشتدت عضلة محيطة بعينها اشمئزازا وهي تنطق بتلك الجملة وأردفت
" أخته السمجة ملتصقة بي... تدعي أنني أسوتها الحسنة وتلازمني في كل مروق لي"....
" دعكِ من تلك الترهات لو لم تواتي مخدعي اليوم، اعتبري كل ما بيني وبينك منتهيا لغير رجعة"....
كان وليد الجبالي مراهقا حينها، وهما بحكم الجيرة بينهما علاقة وطيدة، ولحسن ظنها أنه كان في النادي خلال تلك الأحداث...
لمحها مختبئة خلف الأشجار ترهف سمعها، وتُقلص عيونها، وتُقوس بدنها، وقبل أن يفتح فمه بكلمة واحدة ليناوشها، كانت قد اقتنصت المسافة التي تبعدهما، وتوثبت لتطبق بيدها على فمه كي تحجمه عن النبس ببنت شفة، كانت عيونها متوهجة بقوة ألف ساحرة، وسحبته خلفها وهي تمتم له بحدة قاطعة
" لو نطقت بحرف واحد سأقتلع رأسك عن جسدك"...
أفلتته من قبضتها بعد ابتعادهما عن مجال إبصار مادلين وشريكها...
وحملقت فيه لهنيهة ثم أفصحت له بلهجة خفيضة متضرعة، وهي تشبك أناملها أمام وجهها في ضفيرة " أريدك أن تسديني معروفا!!!"....
كان وليد يكبت جموح القهقهة بشق النفس، إنه دوما يرى سلام فتاة داهية وكهينة!!!!
اعتداد سلام بنفسها يفوق كل الحدود المتعارف عليها، هي لا تنحني لأجل أي شيء مطلقا... وتوسلها السابق مسكنة مدروسة من قبلها.... ولكن ومع ذلك كان صوتها يرشح صدقا نازفا...
رفع وليد حاجبه الأبنوسي بمكر وعقب عليها وهو يمط شفتيه ويحرك أكتافه
" ربما لو ذرفتِ دمعة أفكر!!!"
صار مشدوها وغير مستوعبا حينما انهارت أمامه سلام مجهشة في البكاء....
أحاطها بذراعيه، وسألها بجدية، وبنبرة يشوبها الحنو، وهو يثبت ذقنها بين إبهامه وسبابته ليرفع وجهها له " ما الأمر؟؟"
بوغت بتسديدها ضربة قوية على صدره وهي تعرب باحتداد... وبزمجرة لبؤة متوحشة
" لكَ وجه متعجرف بغيض... سأمزقه يوما حينما أكون متفرغة!!!!"
سألها ومحياه ينفرج عن ابتسامة صافية لم تتخللها السخرية " هل هذا وعد؟؟"
زجرته سلام وهي تحرك رأسها صوبه " دعنا نركز على المهم... هل ستسديني المعروف أم لا؟؟"
رد عليها وليد بصوت أجش " لقد طالبتكِ بدمعة ولقد استجبتِ بألف واحدة... كل طلباتك ستُلَبَّى أيتها السيدة الصغيرة"....
وانحنى بحركة مسرحية أمامها....
تهدج شيء بقلب سلام حينها... ولكنها طمرته فبلوة أخيها تأتي في أولوية اهتماماتها... وشعورها بأي شيء عدا الكرب على مصاب أخيها سيُعَد خيانة منها...
وجهت سلام إصبع نافر من قبضة مضمومة صوب وليد وأخبرته
" سأفضي لكَ بالحقيقة، ولكنها سرٌ بيني وبينك، شرف أخي واعتداده بنفسه بين يديك!!!!"...
سايرها وليد وهو يكتم انفجارة ضاحكة بشق النفس وهو يحيطها بين ذراعيه
" ما الذي فعلتيه بنفسك؟؟... شرف البنت مثل عود الكبريت لا يشتعل سوى مرة واحدة"....
وشرع مقلدا يوسف بيك وهبي....
يتندر عليها ويستهزئ بها؟!!!!.... وأَجْفَل وليد قفزها عليه وإحالتها ليديها طوقا ملتفا حول رقبته...
تَخَلَّص من هجومها بصعوبة عاتية، وأخذ يسعل وهو لاهث الأنفاس، يمسد رقبته وكأنه كان على وشك الاختناق....
راقبت سلام ما يداهمه واستشعرت ندما على ما ارتكبت، فنكست رأسها واعتصرت عيونها وتفوهت بصوت باك " اغفر لي رجاءً... أنا متلفة الأعصاب... تلك المادلين تعربد على شرف أخي، تسخر منه مع رفيقها في الحرام!!!... وأنا كنت أطلب مساعدتكَ لأخلص عائلتي منها"...
حينما لم يصدر منه ردة فعل، فتحت سلام عيونها رويدا رويدا، وحينما أبصرته منغلق التعابير، مكفهر المحيا، شرعت تنتحب وتغمض عيونها مرة أخرى
تناهى لسمعها سؤاله " ولو كنتِ كاذبة... وكنتِ فقط تودي التخلص من مادلين ليخلو لكِ وجه أخيكِ"...
رفعت سلام رأسها بأنفة واعتداد وأعربت وهي تطوق خصرها وتقوس بدنها تجاهه
" أنا لست مثل أخوة يوسف عليه السلام حينما كادوا له"...
رد عليها وليد بتنهيدة " وأنا أصدقك.."
واستطرد سائلا إياها " ما هي خطتك؟؟"
اقتربت منه وانتقلت ببصرها في كافة أرجاء المكان كي تستوثق من عدم وجود أدنى أحد
وأشارت له ليحني رأسه لها فهو ذو قامة فارعة وهي قصيرة وداهية
وسكبت في مسامعه بصوت خافت " سأبلغ عنهما الشرطة... وستضبطهما بالجرم المشهود... ستكون فضيحة للعائلة... ولكنها لن تشكل ضير... فمادلين حامل من رفيقها في الحرام... وليست حامل من أخي... بطلاق أخي منها ستنقطع العلاقة التي كانت تربطه بها... وستصير الفضيحة حصرية لها هي وأهلها!!!..."....
حينما لمحت سلام تقطيبته لجبينه من زاوية عيونها استطردت لتقنعه " أنا أيضا فكرت بأن معرفة أخي وحدها تكفي... ولا داعي لإثارة جلبة حول الأمر"....
وتصلدت عيون سلام قساوة وهي تردف ساهمة " ولكن ما قولك في امرأة تستنكر بتقزز أن تكون واقعة في حب زوجها... وترتضي أن يتم نعته بالمقطف أمامها... وتتباهى بحملها من غير بعلها.. وكانت ستموت كمدا وقهرا لو كانت البذرة التي زُرِعَت فيها ممن جعلها حليلة ولم يهبط بها لمستوى الخليلة.."...
وصرفت أسنانها للمرارة التي ملأت فمها، وأوصدت عيونها كي تغالب انحدار عبراتها....
وشرعت أحداقها وتواصلت مع وليد بصريا وسألته " لو تراها تستحق الستر بعد كل هذا فأخبرني؟!!"
سألها وليد وهو يحيط بأكفه وجهها " كم تبلغين من العمر لتتحملي كل هذا؟؟"
عاونها وليد في تحقيق مخططاتها، هو يفوقها بستة سنوات، وأمر مروقه من منزله يتم بسلاسة.. وبدون صحبة ترافقه...
استطاع وليد معرفة موضع مكوث عشيق مادلين، ووضع تحركاته تحت المجهر، وأَحْكَم عليه المراقبة، اكتشف أنه يلاقي درزينة من الفتيات في أماكن مختلفة، ولا يقابلهم في سكنه الأصلي كي لاتفوح رائحته العفنة، ويتم فضحه لدي أهله الذين يعملون بالخارج، والذين يرسلون له النقود شهريا وهم يظنون أن الأموال وحدها تكفي لتشييده كيانا رفيع المستوى!!!!
بمجرد أن واتت مادلين ذلك الرقيع، هاتف وليد الشرطة، وتم احتجازهما تحت ذمة التحقيق....
مادلين ابنة زبدة، لم يَطُل حبسها، سرعان ما أطلقوا سراحها، ولكن بعد أن عرف مصطفى بفعلتها....
بمجرد أن رعد فيه الخبر، هرع إلى قسم الشرطة ليستفهم منها... فلربما في الأمر التباس، ويكون ما حدث مجرد خطأ فادح من جهاز الشرطة، كانت عضلاته مكسوة بالتوتر وهو ينتظر خروجها من التحقيق بفروغ الصبر، لتنفي عنها تلك التهمة البشعة، كان سيصدقها!!!!.... حتى لو تفوهت بمجرد ترهات غير مترابطة....
كان غارقا في ظلامٍ دامس وأية إنارة خافتة ستعطيها له سيتشبث بها، لن يسمح للشك بأن يتسلل داخله، حتى لو كل الوقائع أدانتها هو يضع بها ثقة كاملة وسيستعلم منها...
كان آخر ما طلبته سلام من جارها وليد أن يدس في يد زوجة أخيها وهي خارجة من التحقيق تلك القصاصة التي كتبتها، ولقد ناشدته ألا يقرأها فهي سرية جدا على حد تعبيرها، وهو امتثل لها فتلك الداهية لها عيون بريئة تخترقه تماما
بمجرد مغادرة مادلين لغرفة التحقيق شعرت بقصاصة تتعلق بيدها، وبفم يقترب من أذنها ويغمغم لها "تلك أوامر الصغيرة"
فضت القصاصة وسرعان ما سقط فكها وتوسعت عيونها ذهولا
" كيف حالك يا مادلين؟؟... أتمنى أن تكوني قد قضيتِ ليلة طيبة في السجن... من أكون؟؟، أنا القصيرة السمجة، أو بعبارة أخرى أنا أخت بابا مصطفى الملتصقة بكِ في الأونة الأخيرة، لقد كنتِ غبرة عالقة بثوب عفة عائلتي، والآن فقط قد نفضتها، لتتعفني في الجحيم يا مادلين... إمضاء النابغة سلام"....
شهقت مادلين من المفاجأة... ووضعت يدها على فمها كي تكتم توالي حشرجات أنفاسها... كان مصطفى ينتظرها بعيدا عن حجرة التحقيق، يضع بينهما مسافة كي تتلاشى حينما يتداخلا بصريا، ويقرأ في عيونها كل ما وقع لها من تلفيق وافتراء...
استرعى انتباهه اقتراب أحدهم منها ودسه شيئا في يدها.... وأراد أن يغلق المسافة القائمة بينهما ليشد من أزرها فلقد بدت متهاوية... وجمدته مكانه عيونها.... كانت تبصق كراهية غير متناهية له... وكانت تفيض ازدراءً له....
وهمست من بين أضراسها " حقير... أنا أبغضك أيها الحقير...."
ثم ارتفعت وتيرة صوتها لتصير رعدات متوالية تستهدف جدران قلبه لتفتتها
"لطالما اشمئززت منك... ادعاء محبتك كان يفوق قدرتي على الاحتمال، اغرب عن وجهي للأبد، بسببك صرت من ال******، لم تقارب صورة فارس أحلامي أبدا، رصانتك تلك اغتالت روحي... طيبتك تلك تخنقني... أنتَ معتوه فلقد صدقت زعمي محبتك... لو كان بكَ عقل لكنت أدركت أن مادو لا تطيق النظر إليك، ما بيننا صفقة تجارية... لقد كان تزاوج رءوس المال... تزاوج بارد.. ومقرف، تكيد لي يا حثالة أنت والخبيثة أختك، ما الذي تظن أنك ستكسبه؟!!!، بابا سيحيلك بنفوذه مجرد شحاذ، جزاء ما فعلته بي سيكون إلغائك من خارطة الأغنياء، سألقيكَ في الحضيض، هيا اغرب يا حثالة!!!"
أجهضت مادلين جنينها ربما متعمدة، وسافرت للخارج ولم تعد حتى الآن، أما والدها فلقد استخدم نفوذه ليمنع النشر في الموضوع، لم يستجب لطلب ابنته بتدمير أخي مصطفى، فهو يراها حقيرة وأَحَطَّت من قدره ولكنها ابنته وسترها فريضة عليه....
مزاج أخي صار أسودا متعكرا منذ ما كان، أَغْلَق على نفسه، ولم يعد يفارق الأعمال، حتى ظهرت سوما في حياته، أنا لم أتآلف مع سوما أيضا، إنها امرأة غامضة ومثيرة للارتياب.... كما أن طريقة زواجها بأخي تحوطها علامات الاستفهام.... لقد ورطت أخي بحملها بياقوتة، لا أدري لمَ صدقها أخي، لا يُلْدَغ مؤمن من جحرٍ مرتين، ولكن أخي....
لقد اعترف بجنينها واتخذها زوجة بدون أن يطالب بتحليل الحامض النووي للطفل القابع في أحشائها، لن أتوافق يوما مع تلك السوما، لقد استخدمت أقدم حيلة في التاريخ لتقفز من موضعها كسكرتيرة لمكانة زوجة الرئيس...
أخي ينهرني ويعنفني حينما أُطلق عليها ساقطة، ويؤكد على شرفها... وعلى أنها امرأة عفيفة، ولكني سلام التي تعرف دوما كل الحقائق، أمي مزدانة أثلجت صدري وبعثت بالطمأنينة في نفسي فلقد أخبرتني حينما كنت في الثامنة عشر، أبث لها توجساتي بشأن نسب أطفال سوما ،بأنها أجرت تحليل الحامض النووي بعد ولادتهما واستوثقت من أنهما من صلب أخي...
لربما لهذا لا أركز مع سوما كي أكشف قبحها وعهرها لأخي... طالما لا يوجد اختلاط أنساب سأظل غاضضة الطرف عنها، ولكن إهانتها.... حسنا أستلذ بإكالة الشتائم لها، وهي تستفزني بدأبها الصمت، أشعر حينما أمطرها بوبيل سباب وكأني أشفي غلي من مادلين، وكأني أُبْرِئ نفسي من سقم استبد بها، لقد لاقينا مادلين بالود والترحاب ولقد طعنتنا... وتسببت في زلزال شهدته أسرتنا... لقد ضربت عنفوان أخي وأحالته ركام بعدما كان زينة الرجال...
لقد تبوأت تلك المادلين عرش قلب أخي ولكنها غدرت به، وتلك السوما هي شمس لاحت في أفق أخي بعدما قذفته مادلين في وهدة العتمة والشقاء، هي رجفة روحه من جديد، هي همس الحب الذي يدق ثناياه مرة أخرى، هو مغرم بها كما لم يكن يوما نحو مادلين...
مادلين كانت افتتان... لوحة فائقة الجمال، ولكن سوما تسيطر عليه بكل طريقة ممكنة، هو نفسه لا يدرك ذلك، ولكنه أخي وأنا أدرك خباياه!!، لو تعاملت مع سوما بمحبة وترحاب, سيتمزق قلبي حينما أكتشف خيانتها لأخي، برشقي لها بالألفاظ النابية, أنا متأهبة لأي نقيصة تصدر عنها، مصطفى نفسه يتصرف حيالها بنفس الطريقة لأنه يخشى فتكها بقلبه، هو لن يسلم لها مقاليد فؤاده أبدا... أو بالأحرى هو لن يدعها يوما تعلم أنها استحوذت عليها فعلا....
وليد الجبالي!!!
هو متلاعب بقلوب النساء، هو فاسد تماما، لم تعد تربطني به أدنى علاقة، ولكني لن أنسى مساعدته لي ما حييت، لقد آمن بطفلة، وكَرَّس الوقت لإعادة رسم البسمة على شفاهها... بداخله نبيل ولكنه متخبط وبحاجة لمن يرشده على الطريق....
أنا أشكر له حسن صنيعه معي، ولكن ما وقع لم يحيلني مغرمة به!!!!... زيجات أخي شكلت وجداني، جعلتني أخشى كثيرا أن أعاني، وجعلتني أقرر أني لن أجعل رجل يجني أرباحا طائلة من جراء اقترانه بي، الغني طامع بالمزيد... والفقير سيتخذني سلم ليصعد عليه...
أنا سلام السلحدار فتاة قوية لست بحاجة رجل ما حييت!!!!....
___________________________
*مصطفى*
لم يطلق مادلين أبدا، ليس لشيء سوى الرغبة في تركها معلقة حتى مماتها، ولكنه جاء أسرع مما يتخيل، كانت ضحية احدى الانفجارات الإرهابية في أحد الميادين الشهيرة بانجلترا، لقد لاقى والدها حتفه قبلها، فلقد بدأ تهاويه منذ أدْرَك فحشها، والمحصلة أن مصطفى ورثها، كانت روحه تأبى في البدء الاغتراف من نقودها، هو لا يحتاجها، ولكن حينما غرق في الفواحش، وانغمس في الرذائل صار مسخا، ولم يعد يجد ضير في استعمال أموالها، لقد كانت صفقة تجارية كما وصفتها ولكنه هو من ربحها!!!، أخته تظن أنه طلقها وكذلك أمه، هما يعتبرانه رجلا ولكن مادلين أحالته مسخا... مثلها!!!!!
_________________
في قريتها الغالية
*ياقوتة الكبيرة*
"لمَ لا أشبهكِ أمي؟؟"
جملة لا تنفك تراودها، تُطْلِق ذكرياتها من معقلها، أين أنتِ يا مهجة قلبي؟؟... ياقوتة تعيسة بدونك، ورفعت رأسها نحو السماء، التي تتسلل من النافذة الموصدة، وابتهلت لربها لتحفظها من كل سوء، هي لم تزرع سوى الورد ولكنها جنيت الشوك!!!!!
يقض مضجعها ألا تعرف طريقا لابنتها، لقد تاهت منها في زحام الحياة...
ارتفع صوت الأثير الذي يحتل الطاولة المجاورة لسريرها الذي تفترشه...
" السلام عليكم... كيف حالكِ يا ياقوتة؟؟"
"لمَ تبكين يا سمرا؟؟"
"ولدي أصيب بالشطط في عقله، يريد أن يتزوج بممثلة سبق لها نكاح أربع رجال، كما أن سمعتها ليست فوق الشبهات، هي تدخن الغليون، وتسهر وتقهقه مع الرجال، ملابسها لا تدع شيء للخيال، أنا في نكبة يا ياقوتة، ابني سيضيع مني، أريدك أن تردي له عقله، هو يحترمك، وينصت لكلامك"....
أطلقت ياقوتة تنهيدة مديدة، وعقبت " ولدكِ ليس شابا غريرا، هو جاوز الخمسة والثلاثين، وهو ممثل شهير، مستقبله يخططه كيفما يبتغيه، هو لن ينصت لكلامي يا سمرا، لقد اضمحلت النساء في نظره منذ ظنه فرار تبر مع عشيق... ومنذ أن تمت إدانة أعمار زبرجدة بمقتل الوغد شكري... تبر وزبرجدة هما شقيقتاه، لقد تقاسما الثلاثة الرضاعة سويا في زمن فات، وصاروا أكثر من الإخوان، رأفت لا يلبث سجين ما ولَّى وانصرم من الذكريات، لو هناك أحد قادر على إقناعه بالعدول عن الزواج من تلك الحرباء كما وصفتيها لي فليست أنا، تبر قادرة... زبرجدة تستطيع... وحليمة... ستخمشه بأظافرها حينها وتطالبه بأن يكبر فعلا كي يتزوجها، هو يظن شقيقتاه في الدرك الأسفل ولذا فهو يفتش عن زوجة من ذلك الدرك!!!!"...
سألتها سمرا بلوعة قلب أم " والحل؟؟"
تنهدت ياقوتة مرة أخرى وأعربت وهي ساهمة " الحل بسيط، إما أن تعنفه احدى شقيقاته على انزلاقه في هذا التفكير، إما أن نخبره بالحقيقة، ليعلم ما وقع فعلا لتبر وزبرجدة وحليمة، الحقيقة يا سمرا هي ما يمكن أن تنجي ولدكِ!!!!... لقد كممنا الأفواه لكي لا تبوح وما ارتكبناه كان جريمة لن يغفل الله عنها، تبر!!!!!"
سألتها سمرا " تشتاقين لها يا ياقوتة؟؟"
صرخت فيها ياقوتة وهي تجهش في البكاء لم تعد تقوى علي التماسك أكثر من ذاك، كانت روحها تنتفض وهي تصيح في وجه الحياة
" ويحكم هي ابنتي... ابنتي... ليس من المهم ما تقولونه، ليس مهما أبدا أنني لست من أنجبتها، لقد غزلت حروف اسمها في قلبي، ولن أمحيها مطلقا... مطلقا!!!!... لتحاولون فقط سأدفنكم في مكانكم"
تضرعتها سمرا وهي تشاطرها عبراتها " اهدئي يا ياقوتة"....
ردت عليها ياقوتة والأنفاس تغص في حلقها " انهي الاتصال يا سمرا، فأنا بحاجة لأختلي بنفسي الآن"....
أطبق السكون بثقله على ياقوتة، وظل قلبها ينفطر في البكاء، وإن كان الدمع قد جف من أحداقها...
تناهى لسمعها طرقات تتوالى على بابها، وسرعان ما أطل منصور عليها....
" لا تلبثين غاضبة مني"....
أشاحت ياقوتة ببصرها عنه وصرحت بعدم اكتراث وهي تخفي أنينا ينزف فيها
"زواجك من تلك الملتصقة ببعضها اختيارك، أنت لست غريرا لأتحكم فيك"....
ركع ابنها بجوارها وتمتم لها " تعاتبيني بطريقتك يا ياقوتة، لم أقصد ما تفوهت به!!!، لكِ مطلق الحق لتتحكمي بي يا حبيبتي، لم أكن يوما غريرا لأنكِ دوما كنتِ توجهيني للصواب، اغفري لي يا أمي، أرجوكِ"....
وقام منصور بالانحناء على يد أمه ليوزع عليها قبلات تذلل كثيرة...
تشقق قلب ياقوتة حنانا عليه ومسحت بأناملها خصلات شعره وتمتمت وهي تغالب كبرها
" أنت ولد عاق ولا تستحق محبتي، ولكن حسنا لقد غفرت لكَ تطاولكَ عليّ لفظيا، انهض يا ولدي، لا كتب الله عليكَ الذلة"....
تشابك معها بصريا وغمغم لها " وساندي... ألن تتقبليها؟؟"
ردت ياقوتة " لقد أشهرت زواجك منها، وطلقت بسنت، وتسببت في إجهاضها، وهذا ما لن أسامحك عليه أبدا!!!!!"
سألها منصور وهو يشعر كما الطفل المذنب في حضرتها " تعرفين بفعلتي الشنعاء يا أمي؟؟"
هزت ياقوتة رأسها وقالت غير مصدقة وكأن حجرا يثقل أنفاسها " تُغْضِب ربكَ يا ولدي... وتدفع بسنت للتخلص من طفلك... لم تعد تطيقها وفهمتها، ولكن الوسوسة لها لتجهض ابنها، هذا ما لا أفهمه... تبتز أم بناتك لكي لا تزج بوالدها في السجن، وتبتزها لكي تفعل ماذا... لكي تقضي على نبتتك التي زرعتها في أحشائها... يا خيبة أمي فيك...."
كانت ياقوتة تتحسر على حال ولدها
حاول منصور الذود عن نفسه " أمي أنا.."
حركت ياقوتة رأسها يمنتا ويسارا ودمدمت بيقين " لا يوجد تبريرا لفعلتك"...
ازدرد منصور ريقه، وسلَّط بصره نحو نقطة بعيدة عن أمه لوهلة، وقال
" لقد واتيتكِ بطلبِ يا أمي... أريد بارودة أبي... أَفْرِجي عنها من القوارير التي تحتجزينها فيها"...
طالعته أمه بارتياب وسألته " عم تنتوي يا منصور؟؟"
انتصب منصور واقفا وأفضى لأمه
" أعمار زبرجدة ولجت للقرية يا أمي... هي عند أقدام توت راكعة.."...
استقامت أمه واقفة بحركة عنيفة، كانت عيونها متوسعة، وكان لونها شاحبا شحوب الموتى
وأمسكته من تلابيبه وزمجرت فيه وهي ترجرجه " وأنتَ تود قتلها يا معرة الرجال؟!!!"
آلم منصور سوء ظن أمه به، وقال لها بصلابة وهو محيد البصر عنها " بل سأزهق روح أي شخص يفكر في الاعتداء عليها"....
ربتت أمه على كتفه مستحسنة قوله، وأعربت بملء فيها " تستحق بارودة أبيك... لحظة وأجلبها لك... صحبتك السلامة يا ولدي..."......
_________________________
عاصفة من المفرقعات تنفجر من حول المشفى، أعيرة نارية تُطْلَق في الهواء وتطالب بنزول زبرجدة، كان الأطباء قد فصلوا توت عن جهاز التنفس الصناعي بعدما استفاقت على يد زبرجدة، جثت زبرجدة على ركبتيها وشبكت أصابعها مع خاصة توت في نسيج واحد وأقسمت لها " لن أتخلى عنكِ يا توت، لن يصيبني مكروه، إياكِ وأن يعتريكِ الهلع، وأن يخفق قلبكِ بالذعر عليّ"....
حثتها توت بصوت مفعم بالإعياء الشديد " اهربي يا ابنتي... اهربي.... سألحق بكِ أينما تكونين... فقط أرسلي لي... لم تَعُد لنا حياة هنا.... لقد بقيت هنا فقط أنتظر أوبتك..."
عقبت عليها زبرجدة وهي تطلق زفرة مديدة وتُعْمِل نظرها
" الهرب محالٌ يا توت، أنا مطوقة من كل الجهات... تلك لحظة المواجهة... لا تخشين عليّ... الموت يلفظني منذ مولدي، لن يرحب بي الآن"....
نهضت زبرجدة وألقت نظرة مطولة على رحاب، التي كانت ترتجف من قمة رأسها حتى أخمص قدميها، وقالت لها باشَّة... تطمئنها وهي تدنو منها " أفلحوا في إلقاء الروع في نفسك.... هم فقط قطيع ماشية يا رحاب... لو كان لهم عقل لما كانوا المنفذ لأية شيء... هم بيادق في يدها... مجرد عرائس ماريونيت تتلاعب بها"....
عبست رحاب وسألتها " من تقصدين؟؟"
سكبت زبرجدة في مسامع رحاب " فقط اعتني بتوت لو لحق بي سوء...".... واختفت في لمح البصر
_________________
" اهدئ قليلا يا سلمان"....
انفجر فيه سلمان " تقول لي أن رجال البلدة محيطون بمشفاي يطلقون الأعيرة النارية ويطالبون برقبة زبرجدة وتريدني أن أهدئ".....
برغم براعة سلمان في قيادة السيارات إلا أنه كان الآن يتخبط وفاقد للتركيز تماما.... كان متعرقا بغزارة وكان يلتهم الطرقات بجنون سافر، الكل كان يعدو من أمامه كي لا يدهسه بسيارته...
كبح زمام الفرامل على حين غرة مما دفع بجسد صالح للأمام حد الارتطام بزجاج السيارة الأمامي، وهبط منها وهو يفتح صدره أمام أية رصاصات طائشة قد تخترقه
وارتفع صوته وهو يشق طريقه بين الحشود
" ما بكم يا بلد؟؟؟، أنهيتم حروبكم مع الصهيونيين، وضمنتم قوتكم أنتم وأولادكم لمائة سنة قادمين، انسلختم عن ذنوبكم وتبتم إلى بارئكم، ولم يعد يقض مضجعكم شيء سوى غرز الرماح في جسد ابنتكم زبرجدة لتتطهر بلدكم من الإثم الذي لطخها، لتثبت واقعة زنا يجب أن يعترف مرتكبها، أو يشهدها أربع شهود موثوقين، وزبرجدة اعترفت بالقتل ولم تعترف باقترافها الفاحشة، لا أحسبكم متجمعين لتسفكوا دماء قاتلة، فالثأر لديكم على أشده وكلكم قاتلون، ولكنكم محتشدون لأجل الذود عن شرفكم، الجريمة النكراء في نظركم هو تخلي زبرجدة عن مكارم الأخلاق، من شهد منكم واقعة زنا جمعت زبرجدة بشكري هذا فليتكلم الآن وليحكيها بالتفصيل، ولنحصي الشهود!!!"
علا صوتٌ يتهمه " لمَ تدافع عنها؟؟... ما الذي كان يجمعكَ بها؟؟... لقد رافقتها أنت أيضا أليس كذلك؟؟...."....
وتابع هذا الصوت محرضا رجال البلدة " لقد اغتال شرفكم معها، اقذفوه بأعيرتكم النارية هو أيضا حتى يلفظ أنفاسه ويموت"
سلَّم سلمان يديه للهواء وعقب على هذا القول " أنا ابنكم سلمان لو كان رأيكم بي فاحشا فأنا لا أمانع أن تحيلوني بركة دم في مكاني"....
ارتفعت الجلبة تلك المرة جامعة همهمات رجال القرية... وكلها تردد حاشا لله يا ولدي أنتَ زينة الرجال..
فقاطعها سلمان معلنا " وأنتم متجمهرون لتُجْهِزُوا على أنفاس زوجتي أعمار زبرجدة... تودون قتل زوجة زينة أولاكم"....
وكأن رجال البلدة على رءوسهم الطير
وتابع سلمان وهو يُخْرِج قصاصة مهترئة من محفظته ويُشْهِرَها في وجوههم
" أنا متزوج من زبرجدة منذ ثلاثة عشر عام، وهذا عقد صحيح، ويمكنكم الاستقصاء عنه لو لم تكونوا متيقنين"....
لم يكترث للبلبلة العاصفة التي أحدثها، وكأنه يفتش عن شيء، وعاد صوته مجلجلا وهو يطالب قائلا
" شيخنا فواز أنت هنا، هل تشق الحشود وتعتلي تلك البسطة معي، أنت مأذون القرية وتستطيع البت في مدى صحة عقود الزواج"...
استجاب الشيخ فواز لطلبه... تفرس في العقد لوهلة ثم أعرب بصوت جهوري
" العقد صحيح مائة بالمائة يا بلد، وتوقيع الشيخ شمس يزين ذلك العقد في خانة ولي الأمر!!!!... والد أعمار زبرجدة وقع على تلك الوثيقة".....
ارتفعت الألسنة المعترضة حينها " الحاج شمس كان طريح الفراش حينها.... لم يكن يقوى على الحركة، توقيعه أمر مستحيل!!!!"
ارتقى منصور البسطة تحت ترقب أنظار الجميع وعلق قائلا بقوة " ولكن التوقيع صحيح وكذلك توقيعي... أنا كنت شاهدا على ذلك العقد"....
هي متزوجة... وممن... من سلمان هذا؟؟... حتى صوته غير مألوف بالنسبة لها... ولكن منصور أقرَّ بأنه كان شاهدا على العقد، عصف الصداع برأسها، واعتصرت عيونها من شدة الألم الذي يقذف عقلها....
|