لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-01-15, 06:21 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2011
العضوية: 232664
المشاركات: 436
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 628

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنت أرض الكنانه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بنت أرض الكنانه المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!

 


الرابع
في رقبتي دين!!!!
*مصطفى*
منذ اثنتي عشر عام
كان أرملا، يشارف الأربعين، رجل أعمال مخيف، ذي شخصية متغطرسة ورثها عن أسلافه الارستقراطيين، حينما واتته لتجري مقابلة توظيف، اعترته مشاعر غريبة حيالها، تكاد تكون قد احتلته بعيونها، كانت متأرجحة بين ثقة كاملة في النفس وبين خوف من ألا يتم توظيفها، كانت متحدثة لبقة وبارعة، وكان وجهها وكأنه لعروس، مصاغا من الزهور الجورية ومطعما بالبتلات الندية...
في غياهب كلماتها سقط صريع أحداقها، وكأن النجوم تتناثر فيهما، وكأن البدر يستوطنهما... وكأنه يسير في سردابهما السحري بلا أدنى حولٍ ولا قوة...
ضبط نفسه متصببا عرقا وفيرا ثجاجا... مرتبكا ومتوترا لأول مرة في حياته... لقد كان ولا يزال رجل محنك... استجمع شتاته التي تبعثرت على مشارف مآقيها الواسعة النجلاء...
أَدْخَلت ضوضاء في روحه، وأَضْرَمت النيران في قاطبة كيانه!!!، وعصفت بكافة وجدانه، ولكن تقاسيمه لم تفصح عما ينتابه...
اتخذها سكرتيرة لديه، كانت مختلفة عن قريناتها، كانت قليلة الكلام، منكبة في الأعمال، منعزلة ومتقوقعة على نفسها، وكأن لها وجهان... وجه يعشق مخالطة الناس والثرثرة معهم... ووجه متجهم ترفعه أمام كل من يدنو من أسوارها!!!!
لم تكن تُكثر من مستحضرات التجميل كانت تكتفي برتوش بسيطة، وتصك وجهها أمام أية محاولة استقطاب واستمالة...
كانت جدية وتروقه، مطوقة إياه بورود خدودها، وبسحر عيونها، وحتى بأدنى حركة تصدر من جسدها... وبأقل انفعال يحط على وجهها...
زعم أمام نفسه أنه على قبيل الفضول يود معرفة كيفية حياتها، التحريات التي أجراها لم تكشف عن الكثير، كانت تحيا مع امرأة تمت لها بصلة قرابة بعيدة في أحد الضواحي الشعبية، لا أحد يعرف عنها شيء، كلها تكهنات وثرثرات، هي بغتة حَطَّت على قريبتها وقطنت معها، واتتها وهي في الثانية والعشرين، وكل ما وقع لها قبل ذلك لم يعثر على أحد يعلم بتفاصيله أبدا... ولم تَبُح هي به مطلقا!!!
سوما!!!!
حينما يناديها باسمها لا تصدر منها ردة فعل سريعة... وكأنه ينادي شخص غيرها
وكأن هذا ليس اسمها...
بشرتها أكداس من اللوز... وعيونها أطياف من الكهرمان... ووجهها لوحة أبدعها الخلاق... وشعرها الكستنائي مجدول ومنساب على ظهرها ليضفي عليها هالة براءة لا تفتر...
هي تسافر مثل اليمامة في دمه وتغتاله من الوريد إلى الوريد!!!!....
من معرفته بها أدرك أنها لا تعي مقدار سحرها... وبأنها ذات فتنة طاغية... هي تحسب نفسها عادية... وهذا يلائمه جدا!!!!
بعد مضي شهور من عملها لديه، لمح تقرب احدى موظفي قسم العلاقات العامة منها، ولم يجد منها صدا تلك المرة، بدت مرحبة به، وهذا أشعل ثائرته، وأوقد نيران سخطه واحتقانه...
غزته فكرة طرد هذا المعتدي على بستانه، غيمة البشاشة والترحاب التي كانت تطل من عيون سوما تجاه ذلك الصعلوك، كانت تدفع بألسنة الغيرة لتجتاحه، كان يستشعر حينها أشواكا تنهمر على كيانه، كان يود سحق هذا الدخيل عليهما، وكان يشتهي فصل رأسها عن جسدها لأنها خانته بتفكيرها ومنحت فسحة لشخص غيره ليدنو منها ويغزل الابتسامة على قسماتها....
ولكنه لم يفعل أيا من ذلك، لقد راقبها وهي تخونه بنظراتها، وسلَّط بصره عليها وهي تتلهف لرؤية رجل غيره، لم تكن هناك طريقة لإبراء نفسه منها سوى بمشاهدته حقيقتها الملتوية... فهي مثل كل النساء... أفعى ملتوية!!!!
بعد فترة بسيطة لمح هوَّة جفاء تتسع بينها وبين ذلك الغريم " مراد"، لم تعد ترفع وجهها أصلا صوبه، وهو صار يتجاهلها ولا يُلقي عليها حتى السلام، وكأن اهتمامه بها فَتُر!!، كان ينبغي عليه حينها أن يتشفى فيها، ولكنها أضحت بائسة جدا في تلك الأونة، بدت له تعيسة.... متكدرة... على شفا انهيار هذا ما لم تكن قد تهاوت فعلا أشلاءً متناثرة....
لقد هزَّه انسحاب الدم من وجهها.... والهالات السوداء التي صارت تغمر عيونها.... لقد مسَّ بؤسها وشقائها شغاف قلبه.... ووجد له قلب يغفر لها زلتها ويخلق مبررات لفعلتها.... لقد كانت بينهما عهود لم تقال ولكن عيونهما قد تلتها وتبادلتها... كان يجب أن تنتظره وألا تيأس منه... كان ينبغي عليها أن تثبت له أنها فتاة تستحق أن يرتبط بها.... ولكنها قنطت سريعا ورقصت على أشلاء عهودهما!!
أحضر مراد لمكتبه، وأشار له ليجلس
أمعن النظر فيه بوجه لا يحوي تعابير، كان يريد أن يعرف ما الذي جذبها إليه؟!!... فيمَ يفوقه ذلك المعدم الفقير؟؟...
ساد الصمت بينهما لهنيهة، كان مراد أيضا يتفحص فيه!!!!
قطع مصطفى حيز السكون وسأله " ما مدى العلاقة التي تجمعكَ بسوما؟؟؟"
وتابع وقد لانت ملامحه، مقررا أن يكون حمامة السلام التي تؤلف بين الأحبة، فلقد انهار فوق ألمها جبروته وكبريائه، وود لو يطمس الكآبة من صفحة وجهها
" الثرثرة حولكما تتزايد، وسوما فتاة مجدة وأنا أتمنى لها السرور والسعادة، لو كان الخلاف بينكما ماديا فأنا سأنهيه!!!!، أي شقاق مالي بينكما سأتكفل أنا به، لا تَدَّعي أمامي أن لا شيء يربطكما، أخبرني فقط كيف بإمكاني أن أزيل ذلك التصدع وأمحيه؟!!!!"
انفرجت ملامح مراد عن ابتسامة طفيفة وعَلَّق بصوت فحيح الأفاعي وهو يمط شفتيه
" آخر شيء كنت أتوقعه أن تكون مغرما بتلك الحقيرة... إنها مكب للنفايات... صدقني سيدي"....
قصف الدم وجه مصطفى، وتشَنَّج جسده غضبا عاتيا، وبرزت كافة عروق رقبته، ورعد فيه فورا، وهو ينتصب واقفا ويحفز الخطى إليه
" أنت مطرود... أنتَ هو الحقير"....
أمسكه من تلابيبه وشرع يكيل له الضربات كما كان يود منذ أمد بعيد....
مسح مراد خيط دماء انفجر من شفته بكم قميصه الذي تمزق، وتشابك مع مصطفى بصريا وأفصح بحقد دفين
" هي لا تستحق... لقد قضيت وطري منها، وأنت تعرف أن الرجل بعد تحقيقه لمبتغاه يفتر اهتمامه بالفتاة، لو كانت عشيقتك وتبحث لها عن وضع اجتماعي يرضيها لتستمر في مباشرتها بدون أن تنتهكها الأقاويل، ففتش عن مقطف سواي، فأنا لن أكون التغطية المناسبة لقصتكما المخزية المشينة، وأنصحك بأن تطوي صفحتها وتنساها، هي مكب نفايات... رخيصة جدا وسهلة المنال"...
قَطَّع الجملة الأخيرة وهو يضغط على أسنانه
وأضاف وهو يدير مقبض الباب ليغادر الحجرة " وأنا هو المستقيل!!!!"
_______________________________________
*مصطفى* الآن
ولج من سفرته، كان البيت هادئ ويغط في السبات، تفقد ياقوتة ومنصور، واستكشف غياب سلام، فتح باب حجرة أمه، لمح مصباحا خافتا، يحتل منضدية مجاورة لسريرها، ينشر غلالة ذهبية ناعمة، كانت سوما راقدة بجوارها، تلفها بين ذراعيها وهي نائمة، لاريبة في أن أمه مرضت مجددا وسوما كعادتها تعتني بها!!!!
إنهما كما المتصارعين في الحياة العادية، ولكن حينما يدب الوهن في أمه لا تجد سوى سوما لتلازمها وتداويها مما أصابها....
أوصد الباب مجددا وارتحل تجاه غرفته الخاوية!!!!
كان الأرق مستوليا على سوما، لقد حاولت جاهدة أن تغفو ولكنها أخفقت فقررت التمدد قليلا لتستعيد نشاطها، مصطفى آب للمنزل، هي تستشعر أمانا في وجوده!!!!، نقلت نظراتها نحو حماتها مزدانة، هي تَكِن لها كراهية لا محدودة، ولكنها ترأف بها لأنها تذكرها بأمها، أمها ياقوتة طاعنة في السن مثلها ولاريبة في أن الأسقام متكالبة عليها، أمها ياقوتة لا تملك سوى زوجة منصور لو سقطت مريضة، ولو لم تراعي تبر حماتها في كبوتها الصحية، لن تطبب زوجة منصور أمها!!!!... دائن تدان.... هكذا ربتها ياقوتة!!!!
تواترت عليها تلك الأفكار لتُهْلِكَها تماما، هناك كلب يبتغيها في الحرام، وهي لن تذعن له بالتأكيد، ولكنه يشكل عليها تهديد، الخيانة درجات وهي خائنة!!!، لقد انزلقت للدرك الأسفل... وهبطت للحضيض...
لقد سجَّل لها حوارات الهاتف التي دارت بينهما، هو محتفظ بكل الرسائل التي بعثتها له عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، هي مغطاة بالإثم، ولا تجد شخصا يُمْسِك بيدها ويدلها على الطريق
كيف وثقت فيه؟؟.... هي فقط كيان ينبض، وحياتها لا تحوي سوى إمطار حماتها لها بوبيل السباب والإهانات... وبرمقات الاستعلاء والبغض التي تسددها لها سلام... وبنظرة دونية يغدقها بها زوجها!!!!.....
هي تحمل على كاهلها أعباء ثقيلة، عقل ابنتها الضحل.... ذعرها الدائم من طردها من حياة أولادها.... ذنبها الذي يتعاظم كل يوم تجاه ياقوتة الكبيرة.... لو كان الموت راحة فهي تنشده من الله....
لا تندمج في الصلاة... منذ تلطخها بوصمة العار.... هي فقط تنقر فيها... والاسم تؤديها.... هي في أشد العوز لرحمة الله بها ولكنها مع ذلك لا تطلبها ولا تتضرعها وكأنها يمكنها النجاة بدونها...
أسند مصطفى رأسه المثقلة بالهموم على وسادته المخملية، كان على وشك إطفاء النور حينما أبصرها واقفة أمام باب حجرته!!!!
غزتها تلك الأفكار ما اقترفته الآن جنون صرف، لمَ واتته أصلا؟؟، لقد كانت تتلمس الدفء في حضن أمه فهو نفحة منها، ولكن بأوبته صارت مستوثقة، أنه من تريد أن يضمها إليه.. كي تنسى آثامها.... وأوجاعها....
تنحنحت وعيَّت قائلة وهي تقضم شفاهها " استشعرت عودتك فوددت الحديث معك، ولكن لو كنت متعبا فأنا متفهمة"....
ضيَّق عيونه وسألها مشاغبا " لمَ أنتِ متوترة هكذا؟؟"
ردت بصراحة وهي منكسة رأسها " أخاف أن ترشقني بإهانة كما عادتك"....
انفرجت شفاهه حينها عن ابتسامة مريرة وعلق عليها " أهوى إثارة حنقكِ فقط حينما تتصرفين وكأني أنا وأنتِ خصمان في حلبة مصارعة"..
واسترسل وهو يحثها ويحضها لتتقدم " ولا أرفضكِ أبدا وأنتِ كما الطفلة تبحثين عمن ينتشلكِ من ضياعك"....
اتخذت لنفسها أكثر المقاعد بعدا عنه واستوت عليه جالسة...
كانت مطرقة برأسها وتتحدث بأية كلام يواتي بالها " مصطفى أنا تعبت ألم تتعب؟؟... حياتنا معا منتهية قبل أن تبدأ...."....
صارت نبرته غليظة خشنة وهو يطالبها " ارفعي رأسك وأنتِ تتحدثي معي"....
وتابع بصوت ينضح احتقارا.... لها " وجدتِ رجلا جديد وتبتغي الزواج منه ولذا تقومي بكل ذلك التمثيل"....
غاصت بأقدامها في السجادة الداكنة الكثيفة الوبر... لقد اعتادت قساوته وفهمه المغلوط لها فلمَ لايلبث يئن فيها تجريحه واتهاماته التي يرميها بها...
ازدردت ريقها بصعوبة بالغة وكأن أمواسا قد نزلت في حلقها تجريحا... وعقبت عليه بتماسك ظاهري يخفي خوائها الداخلي
" لقد تجاوزت الخمسين يا مصطفى.... والرجال في هذا السن يكونوا مستقرين نفسيا، ومرتاحين عاطفيا، ويكونوا قد كفوا عن الفواحش التي لربما وقعوا فيها برعونة في مرحلة شبابهم، ولكن أنت... لا تلبث تنهل منها... وهذا يجلب لحياتك البؤس.... أنتَ لا تثق بي مطلقا، أنا لا أدعوك لطلاقي ولكن ابحث لنفسك عن زوجة مناسبة واقترن بها، يجب أن تحاول الاستعفاف يا مصطفى، أنا أخشى عليك بطش القدير وتنكيله بمن يعثون في الأرض مفسدين"....
واستمرت بمرارة أثرت فيه " أَغْلِق أمام الشيطان الأبواب التي تصله بكَ، إنه يجعلنا ننسى أننا من طين مخلوقين"....
بدون أن تشعر وجدته واقفا فوق رأسها يمعن النظر فيها ويسألها بارتياب " ما الذي ارتكبتيه؟!!!!"
اضطرب محياها، وزاغ إبصارها، وتجمع اللعاب في تجويف ثغرها... رفعها إليه وأبلغها من بين صرير أسنانه وهو يحكم قبضة فولاذية عليها
" أنا لا أتسامح مع الفاسقات أبدا، تبالغي في الأناقة تلك الأيام، وتكثري من المروق متذرعة بحجج واهية، تهملين طفلتك ياقوتة، لو أبقيت عليكِ فمن أجلها، لولاها لكنت قذفتكِ خارج حياتي كما النفاية المقرفة، بل لولاها لما كنت سترتك أصلا واتخذتك زوجة في العلن"....
وتوعدها وعيونه تتوهج ببريق أرسل قشعريرة باطشة في جسدها " سأعرف ما ارتكبتيه كوني متيقنة، وسآخذ بقصاصي منكِ، حالما أستوثق من عهرك سأحيل حياتكِ جحيما صرفا، وستكونين عظة وعبرة لكل من تسول لها نفسها خيانة زوجها، أنا أرى خيانتكِ في عيونك يا سوما، أنا أراها!!!!"
______________________________
*ملك*
طلبت من أمها أن تجلب لها أمورة، لقد قاربت مغادرة المشفى، لم تعد مريعة وبشعة كما كانت، أمورة لن تنفر منها الآن، ولن تشمئز من سحنتها البتة، لقد خاضت الكثير من عمليات التجميل، وخضعت لنظام إعادة تأهيل بدني عنيف، لم يعد على وجهها سوى آثار بسيطة لخدوش طفيفة، يجب أن تراها أمورة وهي راقدة في المشفى لتعلم بأن ابتعادها عنها لم يكن اختيارها، وينبغي أن تُبصرها كما عهدتها كي لا تصاب بأزمة نفسية على إثر مشاهدتها لها وهي مشوهة، ولهذا طلبتها الآن فلقد صار وجهها مستساغ القسمات، لا يثير أدنى نفور وتقزز واشمئزاز، التقطت المرآة من على طاولة خردلية مجاورة لها، ملك كانت دوما بارعة الحسن متألقة الجمال، كل الفتيات الأخريات بجوارها كنا منحسرات البهاء، عصافير عيونها تحتشد أفواجا من جهة البحار اللازوردية، وثغرها الكرزي الممتلئ يكاد يكون معصية، يرتعش اللهب في وجناتها بتورد قاني ساحر أخاذ، حتى أنفها الأشم الباذخ خفقة من ضوء تُكْمِل لوحة البهاء...
أخذت تتحسس محياها، وكأنها تتأكد من أنه لم يعد يحوي نتفة شظية، قد تثير الفزع في نفس ابنتها، رفعت عيونها لأمها وسألتها " هل تزينين وجهي؟؟... مازال يحوي خدوشا... لا أريد لأمورة أن تراني سوى كما عهدتني دوما"...
أومأت أزاهير برأسها ودنت منها لتلبي طلبها... لو تظل ملك هكذا دوما... لو تظل محتاجة لها ولا تقوى على إكمال عمل بدونها... ستشرق قسماتها وتسلك الفرحة فيها ينابيعا متفجرة تَطَّرِد مع مرور الأيام...
*علي* منذ ثلاثة وثلاثين عام
حينما وضعت زوجة عمه توءمتين متماثلتين، كان في الجوار، كان أول من يقع بصره عليهما بعد والديهما، كانت احداهما متململة في الفراش تجهش في البكاء، أثارت تلك الصغيرة انزعاجه بدون سبب معلوم ويكاد يكون قد تنفس الصعداء حينما اقترب من المهد عمه أحمد ورفعها إليه ليهدهدها، وليعطيها لأزاهير ترضعها، أما الأخرى فكانت تحملق فيه كما يحملق فيها، كانت عيونها بلون النار الأزرق، ووجناتها غيمة وردية ناعمة، كانت قبس من نور هبط من السماء ليستوطن الحياة، خشى أن يحملها فتسقط منه، كانت حليقة ولكنها كانت جميلة... وكانت آذانها مزينة بأقراط عقيقية وهاجة... وابتسمت له فكأن الكون قد أضاء من حوله.. هتف قائلا وهو مأخوذ بها " ما اسمها؟؟"
رد عليه عمه أحمد وهو يدنو منه مرة أخرى ويبسط أنامله على لحم كتفيه " لم نستقر على الأسماء بعد"...
رفع عليّ نواظره تجاهه وصَرَّح له " تشبه الملاك..."
وكأنه يتضرعه " لمَ لا تُطْلِق عليها ملك؟؟"
سأله عمه " والأخرى ما مقترحاتك لنسميها؟؟"
قطَّب علي جنبيه، وكأنه استاء من كلام عمه، وعقب بخشونة، وهو متجهم التقاسيم، وهو يدبدب برجليه على الأرض
" أنا لم أمعن النظر فيها كي أسميها..."...
بوغت بانفجار عمه أحمد في وصلة قهقهة رنانة، شعر بعمه يفضح دواخيله... وهذا أثار حفيظته وانزعاجه....
لم يحفل عمه بحالته وبعدما انتهت نوبة ضحكه الهيستيرية، قرص وجنات عليّ وأفضى بشقاوة وهو يغمز له " هو الحب من أول نظرة يا خلبوص"...
وتلاحم معه بصريا وأردف بصوت أجش " سأسميها كما أطلقت عليها، ولكن لتظل دوما حاميها، مقابل تلبيتي لطلبك ستعدني بأنك لن تسمح لأحد بأن يمسها بأدنى سوء، وستكون حتى انقضاء عمرك راعيها"...
مدَّ علي يده لعمه ليصافحه وليُصَدِّق على تعاهدهما وأعرب بصوت يتجلى منه الاعتداد والحبور " موافق، عليّ الجبالي لا ينقض عهده أبدا"....
تناهى لسمع عليّ تذمر زوجة عمه أزاهير " الاسم لا يروقني، بناتي سأطلق عليهما لامار ولوتس"...
صار وجه عمه متصلبا مشدودا وهو يوجه الكلمات لزوجته " بناتي وأنا من سأسميهم، وعليّ سيتزوج ابنتك حالما تشب عن طورها، سأقرأ أنا وهو فاتحتها الآن، زوجها المستقبلي هو من اختار اسمها، وهو من سيحميها دوما من ترصد الشر بها"...
كبح زمام فرامل سيارته النبيذية، معلنا بذلك وصوله هو وأمورة للمشفى التي تقطن فيها ملك....
سأل عن حجرتها في الاستعلامات، وصعد لها...
كان الباب مواربا، دقَّ عليه بطرقات هادئة خفيفة، حتى قامت حماته المنصرمة بفتحه على مصراعيه...
تناهى لسمعه صوتها الحازم الذي لا يخلو من العذوبة والرقة " ماما اتركينا وحدنا رجاءً"
نفذت أزاهير طلب ابنتها بعدما لثمت وجنات حفيدتها واعتصرتها بين ذراعيها بتوقٍ عارم...
سألتها ملك وهي تفتح لها ذراعيها وتُفْرِج لها قسماتها " كيف حالك يا أمورة؟؟"...
ردت أمورة بتوليفة من القساوة والفتور " بخير مادمتِ بعيدة عني"....
وكأن قلب ملك لم يتمزق من جراء تحجر قلب الصغيرة، تفرست فيها وتحدثت وكأن ابنتها لم تصد فيها منذ هنيهة " قاربنا العام ولم نلتقي، صرتِ أكثر جمالا مما أتذكر، هل تبلين حسنا في الاختبارات المدرسية؟؟"
وحثتها " اقتربي يا عاقة وإلا سأغضب عليكِ، ستشبعين ماما تقبيلا حتى تنسى جفائك وقلة تهذيبك معها"....
وأردفت بزجر " تعقد حواجبكِ هذا يجعلكِ مريعة، افردي تقاسيمك"...
واستطردت " سأغادر المشفى قريبا جدا وحالما أفعل ذلك سنذهب أنا وأنتِ في رحلة سفاري طويلة"....
ألغت أمورة الخطوات التي كانت تفصلها عن ملك بتمهل، وكأنها لا تتحرق شوقا لالتهامها، وأفصحت لها بضعف، وهي تكور شفاهها
" لا تغريني... أنا سأشبعكِ تقبيلا بدون أن تغويني!!!!"
ألقت أمورة بنفسها عليها وأجهشت في البكاء في حضن ملك الواسع الفضفاض...
كانت ملك متسمرة البصر عليه ترمقه بكراهية سافرة، هي مقتنعة أنه من يقلب ابنتها عليها... زم علي شفتيه ساخرا منها وأحاد بنظره بعيدا عنها... هو لم يكترث يوما برأيها فيه... لتظن فيه كما تبتغي وتريد... هي لم تكن يوما ملاكه... هي من فتحت عليه أبواب الجحيم...
برغم زعمه أمام نفسه أنها مجرد حفنة من الهواء بالنسبة له، لقد سبحت نظراته في عيونها، لا تلبث ساحقة الجمال، لا يهزها حادث، ولا يصدعها زلزال، لأول مرة تصطخب بداخله تلك الأحاسيس، هو مصفود بأغلال سحرها... لقد كان ينفر منها، كانت تثير الغثيان في نفسه فمتى استحالت فراشته من جديد... متى استحالت بعيون يذوب الحنان فيهما كما دوائر الماء حينما ترمق ابنتها.... لقد كانت دوما تمقتها ولا تحفل بها...
__________________
*أنجيلا*
لم تستسِغ فكرة أوبتها لبيت أمها أو بالأحرى إلى بيت زوج أمها... ودخلت مع أمها في مجادلات حتى أقنعتها بأن تسكن وحدها ولكن على مقربة منها، ولكنها تريد أمورة معها، وأمورة تحيا في القاهرة وليست بالاسكندرية، لم يبدُ عليّ لها ذلك الوحش الكاسر كما تصورته، ولم يتجلى لها طعينا من تقلبات أختها المزاجية!!!!....
أنجيلا مدفونة تحت الأرض وملك فوق بسيطة الحياة... لقد فات أوان استقلالها قطار التراجع عما تنتويه، هي متورطة الآن... قرعتها تلك الأفكار إلى متى ستبرع في انتحال شخصية أختها؟؟... هل من المعقول أن أزاهير لا تشتبه بها؟؟... لقد تلاعبوا في فرامل سيارة أختها، لم يسعف الزمن ملك لتفضي باسم من كاد لها... وخطط لإزهاق روحها... في رقبتها دين نحو أختها، لقد كان عقل أنجيلا يترنح وجسدها متيبس حينما كانت السيارة تتأرجح في مسارها، طالبتها ملك بأن تفتح الباب لتلقي بنفسها خارج السيارة قبل أن تتهاوى في المنحدرات، وتتلاشى فحما متوقدا، ولكن أنجيلا كانت متشرنقة في حالة وجوم ولا تعي ما يجري من حولها، لقد كانت لحظة فارقة.... كان بإمكان ملك فيها أن تنجو بنفسها ولكنها آثرتها عليها، حاولت فتح الباب المجاور لها هي ولكنه كان موصود بإحكام، هناك من حاك لها هذا الشرك، هكذا اقتحمت الفكرة ملك ونطقت بها، ولم تتردد لبرهة واحدة، وأمسكت بعصا نحاسية لم تكن تفارقها أبدا، التقطتها من على الأريكة الخلفية، ورعدت في أختها أن تخفي وجهها وهشمت زجاج النافذة المجاورة لانجيلا، ورفعت جسد أختها بحركة مباغتة، وهدرت فيها أن تتكور على نفسها، وألقت بها خارج السيارة عبر الفتحة التي أوجدتها، وبمجرد أن أتمت ذلك اختل توازن السيارة جدا، وانزلقت نحو الهاوية... وصارت ملك في خبر كان!!!!.... صارت مجرد جثة هامدة تفحمت حتى ضاعت ملامحها وتعذر التعرف عليها...
هي تزعم أمام أزاهير أن الحادث قد ألحق ضيرا بذاكرتها وأن هناك فجوات بها، أمان قد لحقتها المنية منذ أحقابٍ انصرمت، وملك قد لاقت حتفها منذ قرابة العام، ولم تعد على صفحة الحياة سوى أنجيلا.... الراهبة الكاثوليكية المتشددة.... والجراحة الفرنسية البارعة....
حادث أختها كان متعمد والجاني لا يلبث حرا طليق وهي لن تكون الجراحة روكسان مالم تفك طلاسم ما كان.... والكل هنا مدان!!!
___________________
ضريبة أن تكون ابن فنان مرموق... أن تطاردك الأضواء حتى في أحلك الظروف، وأمها أزاهير نجمة متلألئة في سماء الغناء، صحيح أن شعبيتها تراجعت كثيرا، ولكنها لا تلبث محط الأنظار، مغادرتها للمشفى صحبها ضجيج من الصحفيين الفضوليين، ووميض كاميرات متلاحقة تكاد تكون قد أعمت إبصارها...
كانت أمها تقود ببراعة وسلاسة وصوبت تجاهها نظرة مطولة، وتفوهت لها بنبرة يشوبها الاعتذار " هؤلاء الصحفيون يشبهون الجراد، لقد ضجرت منهم، هم لا يكفوا عن التلصص علينا وتلفيق الأكاذيب عنا"....
أطلقت أنجيلا تنهيدة وهي تُرْجِع رأسها للخلف لتريحها على ظهر مقعدها المجاور لخاصة أمها، وعقبت بتمتمة " لقد كان اختيارك أمي"....
استدارت أزاهير لها وتلاحمت معها بصريا وسألتها وهي مقطبة الجبين " ما معنى ذلك؟؟"
ردت عليها أنجيلا وهي تتأمل في طرقات بلدها المكتظة بالسيارات... وفي الوجوه العابسة التي تسير فيها وكأنها أُفْرِغَت من الحياة
" معناه أنه اختيارك، لم يجبرك أحد عليه، فلا يحق لكِ أن تتأففي منه"...
مدت أنجيلا يدها لتشعل المذياع، وانسابت موسيقى أثيرة لديها لأغرودة عن مناوشات بين أم وطفلتها هديل كانت في حنايا مسلسل جميل....
تفوهت انجيلا وهي شاردة " وددت دوما لو تكون احدى أغنيات الطفولة تدور حولي وتتحدث عني، تلك المغنية صوتها رخيم وشجي، ما اسمها؟؟؟"...
توسعت أحداقها وأمها تشدو بكلمات الأنشودة، لقد كانت هي مغنيتها...
سألتها " لمَ لم تغني لملك أو أمان؟؟... لمَ هديل؟؟"
ردت أزاهير وهي تمط شفاهها وكأنها تستحق العتب والتوبيخ " لقد كان اسم ابنتي في الرواية.... ولكني بالطبع قصدتكما بها"...
سألتها انجيلا " هل تغردي لي أغنية، تكون عني، وليست عن تلك الهديل؟؟"
تواصلت أزاهير معها بصريا وكأنها استوعبت أخيرا " أنتِ تغارين من فتاة لم يجمعني بها سوى بضعة مشاهد تمثيلية!!!!"
وتابعت زاجرة إياها " ويحكِ أيتها الفتاة أنتِ ابنتي الحقيقية"....
ردت عليها انجيلا بضراعة وتخبط، وهي تغالب انحدار الدمع من مقلتيها
" لم أعد واثقة فهل تضرمي في هذا اليقين؟؟"

 
 

 

عرض البوم صور بنت أرض الكنانه   رد مع اقتباس
قديم 15-01-15, 06:24 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2011
العضوية: 232664
المشاركات: 436
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 628

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنت أرض الكنانه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بنت أرض الكنانه المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!

 




__________________
أقامت أزاهير حفلا ضخما على شرف ابنتها التي تعافت أخيرا من الكبوة الصحية التي أَلَمَّت بها...
كانت أمها متألقة، ترتدي ثوبا منسجما مع جسدها، ذي وشاح حريري تربطه حول الخاصرة، وبتنورة تتسع تدريجيا، ويضفي عليه رونقا أخاذا تلاعب التماعات اللون القرمزي الداكن الذي كان يتغير لدي كل حركة.... كانت تمتمات الاستحسان وشهقات الانبهار ترتفع من حول أمها، وهذا كان يثير انزعاجها، لا تحب أن تنهش العيون تفاصيل جسد أمها، يجب عليها أن تقلد طراز أختها في الملابس، ولكن ملك كانت متحررة وترتدي ثياب تراها انجيلا فاحشة، يتغير الإنسان بعد النكب التي يبتليه الله بها، من الطبيعي أن تحتشم بعد مصابها....
فارتدت كنزة سوداء حريرية طويلة الكمين بفتحة عنق مستديرة صغيرة، وتنورة خردلية ناعمة تتهدل في صفوف انسيابية متوازية، وعقصت شعرها فوق رأسها بعقدة مسترخية، وضعت مبيض بشرة برتقالي على وجهها، ولونا أرجوانيا خفيفا على شفتيها، واكتحلت جيدا....
كانت الألعاب النارية تفرقع في جو السماء، وتتخذ أشكال فراشات وأزهار، وكان الحفل صاخبا....
البشر يعجون في المكان، وهي تود الانزواء في ركن قصي بعيدا عنهم....
لم يروقها ما يجري في ذلك الحفل، لقد كانت بدايته جيدة تشابكت أصابعها مع خاصة أمها وهما تهبطان الدرج وكان الكل يصفق لهما، ولكن بعد ذلك أصيبت بالغثيان من التصاق أجساد الشباب بالبنات، من تجاوزات أخلاقية شهدتها بعيونها، وحينما أخبرت أمها لم تحرك ساكنا وكأن ما يجري هو المعتادة عليه... وهو الطبيعي!!!!
هاتفت أمها عليّ ليُحْضِر أمورة، ولربما لأجل ذلك فقط لم تُصَب الخمور في ذلك الحفل الماجن!!!!!
تأخر عليّ كثيرا، يبدو أنه لا ينتوي الحضور، لا... هي لا تأبه بمجيئه، ولكنها تكترث لوجود أمورة بجوارها، بعدما فاض بها الكيل، وامتلأت روحها حتى فوهتها بالضجر والسأم، حثت الخطى نحو حجرة في بيت زوج أمها الذي يقام فيه الحفل لتلتقط أنفاسها، أدارت المقبض وكان مشهدا فاسقا يفوق احتمالها، لقد كان ولدا وبنتا من الضيوف يمارسا الرذيلة في عقر دار أمها، امتقع لون وجهها، وتوسعت عيونها جحوظا، وتصلب كيانها قاطبا، وشهقت بقوة عاتية، وطرأتها تلك الفكرة ولكن يبدو أن هذا الطبيعي في عالم أمها، تمالكت نفسها وأوصدت الباب من جديد وهي تدمدم لهما معتذرة إفسادها اختلائهما، وهرولت نحو المرحاض لتبصق تقيؤ متدفق من ثغرها، وقفت مترنحة وطالعت في المرآة وجهها الذي فَسُد تبرجه، وعيونها التي انطفأت جذوتها، وملابسها التي تبعثرت عليها، انكبت على المعلقة التي تحوي الصنبور لتغسل فمها من رائحة القيء التي توغلت فيه، ونظفت أسنانها جيدا، ولم تأبه بإعادة هندمة ثيابها، ولا بوضع لمسات تجميلية على وجهها مرة أخرى... هي لن تلج مجددا لتلك الحفلة المقرفة.... ستذهب إلى بيتها لتُغْمِض عيونها هناك علها تنسى ما وقع عليه إبصارها...
تنهد وهو يفك حزام الأمان عن جسد ابنته، لقد قابل ملك تلك الأيام أكثر مما التقى بها طوال سنوات، أجل هو يصبو للارتواء من حسنها الوضاء، يكاد يكون مراهقا من جديد، إنها تغزوه في تلك الأونة ببربرية متوحشة، ولكن لتكن الواجهة رخام ولينبض القلب بما يشاء، يستحيل أن يتخذها زوجة من جديد، إنها امرأة تحيى في الحضيض....
كانت أمورة ترتدي ثوب عروس منفوش، وتربط شعرها الحريري بمشبك من عقيق، وتنطلق صوب الحفل لتغترف منه بنهم شديد... عليّ يحتجزها ولا يصطحبها في نزهة إلا قلما.... ولقد واتتها مساحة لترى شيئا جديد... لقد كان يمنعها عن حفلات أمها... وهي كانت تطيعه وتدعي كراهيتها لها كي ترضيه...
استقبلتها جدتها بحفاوة، وحملتها ولفَّت بها الحفل المديد وهي منتفخة الأوداج سرورا وافتخارا بها... وسألتها أمورة بعدما زالت عنها غشاوة الفرحة بالجو الجديد " أين ماما؟؟"
قررت انجيلا أن تفارق هذا الحفل الخانق، ولم تود أن ينتبه أحد لمغادرتها كي لا تحرج والدتها، فتسللت خارجة من القصر عبر المطبخ وقد فعلت ذلك في غفلة عن عيون الخدم، لم يرغب عليّ في أن يدلف للداخل، فقرر انتظار ابنته حتى تنتهي الحفلة هنا... في تلك الحديقة اليانعة، كانت تتعثر في حذائها ذي الكعب العالي، لم تعتد انتعال مثل تلك الأحذية، وبغتة شعرت بقبضة تلتف حول رسغها، رفعت عيونها صوب من يحتجزها باعتصارته لرسغها، إنه الشاب الذي كان يغترف من الفواحش منذ هنيهات، إنه يود بها سوء، لتصرخ.. لتستغيث....
ولكنه أجفلها بقوله " ابنة عمتي، إياكِ ونشر ما شهدتيه، إن زوجها رجل أعمال طاغية، سيخسف بي الأرض وسيبيدني من الحياة لو تناهى لعلمه ما رأيتيه، اعتبريه تهديد، لو فكرتِ في الإفصاح سأفجر نوافير الدم من جسدكِ الجميل"....
ورمقها بنظرة حيوانية فضربته بحذائها في قصبة ساقه لتحيله مترنحا... متأوها....
وتفوهت له من بين صرير أسنانها " عليك اللعنة... لتتعفن في الجحيم... أنا لا أخشى شيء"....
سحبها فارس نحوه وأعرب لها بفمٍ متوحش...وبوجهه القبيح " لقد تذوقتِ الموت قبلا ولكنه كان في المرة المنصرمة رحيم... مجرد حادث طريق، التارة المقبلة لن يكون فيها احتمالية خطأ البتة... وستكون مجزرة متكاملة، فتجنبي إغضابي، ولا تقفي عثرة في طريقي"....
لمح فارس من زواية عيونه عليّ فخشى أن يكون قد تناهى لسمعه شيء فقرر التغطية على تهديده لملك، فشدَّها لحضنه وهو يمرغ أنفه في خصلات شعرها اللامع، ويتفوه بصوت مثقل بالأحاسيس الجياشة " أنتِ رائعة دوما يا ميمي"....
ثم وكأن وجود عليّ قد استرعى انتباهه، أفلتها، وقد بهت اللون على وجهه، وتمتم متلعثما " سأعود للداخل، حمدا لله على سلامتك يا ميمي"....
واستدار مبتعدا عنهما وهو يكتم قهقهته بشق النفس....
_______________________________
*أعمار زبرجدة*
انتشر خبر أوبتها للقرية كما النار في الهشيم، أما هي فقد لازمت توت، وتشبثت بيدها وكأنها طفلة ستضيع لو خلفتها توت ورائها، وتركتها وحيدة بدونها، جابهتها رحاب وسألتها وزبرجدة راكعة على ركبتيها بجوار سرير توت " لمَ أتيتِ الآن؟؟.... لقد تخليتِ عنها لأماد.... لم تحفلي بأنينها الذي كان ينخر فيها منذ سنوات"..
كان اهتمام زبرجدة منصبا على العجوز توت فردت عليها وهي تتلمس وجهها وتمر بيدها على كل إنش من جسدها " لو تحبينها فادعي لها ربكِ يترفق بها، مصاب توت يوحدنا يا رحاب"...
تأجج غيظ رحاب من زبرجدة، فهي لن تتشاجر معها مهما استفزتها لأنها حقا متأثرة ومتداعية الأركان بمصاب توت أكثر منها، وهذا يحنقها، ويثير امتعاضها، فأعربت بفم شَموس... وبصوت ينفث حقدا أسودا " لا يحق لكِ البقاء هنا... بجوارها.... لقد دمرتِ أحلامها التي عقدتها عليكِ.... لقد نكثتِ بعهدكِ لها بأن تكوني أفضل بنات قريتنا.... لمَ أنتِ هنا؟؟؟.... ارحلي.... أنا من اعتنيت بها طوال تلك السنوات المنصرمة... أنا الوحيدة التي يحق لها أن تكون هنا.... أنا من ظللت أضرب على صدرها حينما توقف قلبها كي تنتعش فيه الحياة...أنتِ مجرد قريبة لها من بعيد يا زبرجدة.... محاولتكِ رشوتي لأبيعها لكِ لن تلقى يوما قبولا من ناحيتي، سأجمع حولكِ رجال القرية يا زبرجدة لينصبوا لكِ محرقة ويلقونكِ في وهدتها، وسأكون المعول وراء التفاف نساء البلدة حولكِ ليوسعونكِ ضربا وليسيروا عليكِ بنعالهم، غادري الآن يا زبرجدة، ما كان يربطكِ بتوت أمكِ زهر وقد لحقتها المنية منذ أعوام".....
رفعت زبرجدة عيونها لرحاب وغمغمت لها وكأنها تخشى بطشها " امنحيني فقط خمسة دقائق مع توت وسأرحل بعدها للأبدية، هذا وعدٌ مني والرب شاهد على ما أقول"....
لبت رحاب طلب زبرجدة وهي تدرك من كلام توت عنها أنها فتاة لا تحنث بيمين قطعته البتة!!!!
تشبثت زبرجدة بيد توت ودمدمت لها بصوت مفعم بالدفء، ويحيطه الغموض " هم يظنون أني أخشى الموت يا توت، كلهم هددوني به، ولكنكِ الوحيدة التي تعرف، أنا لا أحفل به، رحاب تدعي محبتكِ يا توت، ولكن من يعشق أحدا لا يسلخه عن بقية محبينه، هي مثلكِ يا توت، ترى الحب أنانيا.... ومحدود، افتحي عيونكَ فقط، لا تستلمي للمنون، توت أنا لا أقدر أن أتخلى عنكِ، أنتِ قطعة مني يا توت كما أنا قطعة منكِ، لا تصدقي وشايات المغرضين، الموت يلفظنا يا توت، مازالت أمامنا في الحياة معارك نخوضها فأفيقي، من سواكِ سيهز عرش قيثارة وسيُقَوِّضَه أكداسا وركام، من غيركِ سيتشفى في عائلة الجبالي حينما يفلسون؟!!!...".... كانت تبثها الحياة بطريقتها الخاصة....
وأردفت وقد اكفهرت سحنتها وقد أَطَلَّ الشرر الساخط من عيونها
" لا تكوني لئيمة معي يا توت، لا تنصتي لكلامي بدون أن تختلج تقاسيمك بتعبير، أو يتلون حلقكِ بصوت... كيف تموتي قبل أن نفضح عائلة الجبالي... قبل أن تصير سمعة بناتهم مضغة في الأفواه.... قبل أن نبدد نفوذ قيثارة ونحيله ذكريات... يجب أن تتيقظي يا توت، لقد تأخرنا فقط ولكن كل ما رسمناه سويا سيكون!!!!"
تفتحت عيون توت رويدا رويدا وتثبتت على سحنة زبرجدة....
فافتر ثغر زبرجدة عن ابتسامة تغدقها بها ولا يدرك كنهها أحد سوى توت!!!!....
____________________________
إلى اللقاء مع الفصل الخامس الورطة
فيري سون

 
 

 

عرض البوم صور بنت أرض الكنانه   رد مع اقتباس
قديم 15-01-15, 06:27 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2011
العضوية: 232664
المشاركات: 436
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 628

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنت أرض الكنانه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بنت أرض الكنانه المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!

 




الخامس
الورطة
*تبر* منذ اثنتي عشر عام
((يا ويل دموعي لو سفحتها عليك
ويا ويل قلبي لو نزف دما لأجل قساوة عينيك
ظننتكَ طوق نجاتي فكنت أنت من يقذفني في بحر الشوك
مدفوعة للدوران في حلقة مفرغة وإياك فأنت تنسج حولي خيالات
تملأ ذهنك بخواطر الريبة والتوجسات وتأبى فتح عقلك لأية إيضاحات
تراني أفعى رقطاء وامرأة ملطخة بالوحل فتتمادى في إذلالي وفي دهسي بقدميك
ولو أن لي قلبا يكرهك لكنت أغمدت فيك سيف ولكنت مزقتك ورميتك للطير
أسمع حفيف الأسى ينساب من صنبور الابتلاء
ولو اكتنفني الظلام الكثيف من جرائك فلي قلب يغفر لك ويصفح عنك
ادخرت لك العشق فألقيته في وجهي ورفعت بيننا حاجر الشك))
____________________
*سلام* منذ ثلاثة عشر عام
حينما خطب أخوها مصطفى (زوجته الأولى) مادلين استشعرت نفورا تجاهها، وحاولت أن تدفع أخيها ليعدل عن تلك الزيجة، لكنه عاملها كطفلة مدللة تضطرم بداخلها الغيرة لأن أخرى ستحتل مكانا في قلب أخيها الذي كان مملوكا صرفا لها...
الفارق العمري بينها وبين أخيها يكاد يكون مهولا، هي الآن في الثانية والعشرين وهو يتجاوز الخمسين، وفاة والدها وهي لاتلبث رضيعة جعلتها تشب على فكرة أن مصطفى هو راعيها وحاميها، أَسَرَّت له محبة الابنة تجاه أبيها، واتهامه لها بأنها أنانية أدمى فؤادها وغاص بنصل حاد في أعماقها، هي تؤثره على نفسها...
دأبت الصمت، وتمنت له أن تخفق أجنحة الفراشة بداخل صدرهِ، وأن يجد السعادة لبقية عمرهِ، كانت مادلين شخصية متعالية ومتكبرة، حتى أمها مزدانة لم تسلم من ترفعها عليها، ومن الغريب أن أمها كانت خانعة لإذلالها لها!!!، وحينما انتشر في الجو خبر حملها، شعرت سلام بيد تعتصر قلبها!!!!، لم تشاطرهم الفرحة، ولم تعثر على تفسير واضح لما يُعْتَمَل فيها...
كان قلب أخيها يقفز كما البهلوان من فرط السرور إزاء خبر حمل زوجته، وأرجعت سلام ما يعتريها إلى أنها فعلا طفلة مدللة، لم تستسغ بعد فكرة تكوين أخيها أسرة أخرى...
في جوف الليل كانت تنتابها أضغاث أحلامٍ تفريها، حتى رقدة الأجفان كانت مستعصية عليها، أخوها لا يثق بأحد حينما يتعلق الأمر بالعمل، ولذا فهو يُشْرِف على كل شيء بنفسه، لقد وعى الدرس جيدا، فحينما وضعت أمه الثقة بأخواله كادوا أن يبددوا كل الوَفْر الذي خلَّفه لهم أبيها، كان مسافرا في تلك الليلة لمهمة مرتبطة بعمله، ولم تدري سلام ما الذي ساق أقدامها نحو حجرة أخيها، كان التردد يواكب خطواتها ولكن الله من ثبَّتها وكتب لها أن تنهيها...
كانت القهقهات الماجنة تنبعث من حجرة أخيها، لم يكن من عادة سلام التصنت، ولكن شيئا دفعها لتلصق آذانها وتسترق السمع
" لا... لا أحبه أبدا... هو فقط زوج مناسب... والدي أصرَّ عليه ليضمن ألا يتزوجني مطلقا معدمٌ طامعٌ به، هو لا يسعدني مطلقا... هو جدي ورصين... ويدفع بالسأم في عروقي، من الرائع أن الأعمال عليه متكردسة وأنه يلاحقها ويريحني منه، طفلنا سيكبر ليكون نسخة منك، سينشأ تحت أنف ذلك الأحمق وهو يظنه قطعة منه، كنت سأموت كمدا لو كنت حاملا منه، ولكن منك الأمر مختلف ومبهر ويستحق!!!!"....
وبعد برهة صمت وكأنها كانت تنصت لما يقوله الطرف الآخر على الهاتف تابعت بغنج وبصوت تخالطه شهقة
" لا... ياشقي لا يمكنني المجيء لك الآن.... لتنم محروم كي تتأجج بداخلك نيران الشوق"...
تصلبت سلام مكانها، ثم سحقتها قشعريرة من قمة رأسها حتى أخمص قدميها، اجتاحتها فيضانات من الضعف واستحالت ساقاها هلام وتشبثت بالجدار كي لا تهوى أرضا
احتج قلبها على قساوة كلمات امرأة أخيها، أبوها مصطفى ليس مضجرا هي فقط اللئيمة، ليتها كانت في كابوسٍ مريعٍ لتتيقظ مبصرة تلك المادلين امرأة عفيفة، السهام المسممة المنهكة غرقت غائرة في فؤادها، ولولب حارق من المشاعر جال حائرا في أعماقها، هل تكشف لأخيها الحقيقة أم تطمرها في طيات روحها؟!!!، لم تفلح في ثنيه عن الاقتران بتلك الخبيثة وما حصدته من محاولتها اتهامه لها بأنها غيورة تبتغيه فقط لنفسها، ولكن محال أن تترك تلك الخائنة تمرغ شرف أخيها في الوحل أكثر من ذلك، لتقدح زناد أفكارها ولتُخَلِّص أخيها... توخت الحذر وهي عائدة لحجرتها وقضت الليلة تُقَلِّب الخواطر في عقلها
وتعمدت سلام الالتصاق بمادلين منذ تلك الأثناء، ارتدت زي الحمل الوديع، وزعمت لها أنها معجبة بشكلها... بطراز لبسها... بأناقتها المبهرة... بطلاقة لسانها.. وأنها تريد حينما تشب أن تكون مثلها ولذا ترافقها في كل خطواتها، وأن غيرتها المنصرمة منها كانت فعلة حمقاء وقد اجتازتها.... كانت مادلين متأففة منها ولكنها لم تجد بدا من الإذعان لها....
في النادي
كانت عيون سلام تحملق في الجميع، وترتاب في كل من تسلم عليه مادلين، وتمحورت نظرات سلام عليه أخيرا، بدا لها أنه هو من تبحث عنه!!!...
فحكت رأسها مقررة أن تدع لامرأة أخيها فرصة الاختلاء به، فتذرعت برغبتها في دخول المرحاض، وانطلقت راكضة نحوه، وحينما أهملها إبصار مادلين توارت خلف الأشجار القريبة منها، وأطلقت سمعها
" مرت ثلاث أيام وأنتِ لا تواتيني... لو كنتِ تودي إنهاء العلاقة أعلميني... أنا أتحرق شوقا لكِ وأنتِ لا تأبهين بما يعتريني.... أجل يحق لي الغضب منكِ... لو طرأ على قلبكِ حبا مفاجئا لذلك المقطف فلزاما عليكِ أن تخبريني"...
آلم سلام نبرة التهكم التي شابت صوت ذلك الرقيع وهو يتلفظ بالجملة الأخيرة ... وتَقَبَّضَت ملامحها أنينا ونزيفا....
" أنت تقفز لاستنتاجات ليس لها من أساس... أنا أحب مصطفى"... اشتدت عضلة محيطة بعينها اشمئزازا وهي تنطق بتلك الجملة وأردفت
" أخته السمجة ملتصقة بي... تدعي أنني أسوتها الحسنة وتلازمني في كل مروق لي"....
" دعكِ من تلك الترهات لو لم تواتي مخدعي اليوم، اعتبري كل ما بيني وبينك منتهيا لغير رجعة"....
كان وليد الجبالي مراهقا حينها، وهما بحكم الجيرة بينهما علاقة وطيدة، ولحسن ظنها أنه كان في النادي خلال تلك الأحداث...
لمحها مختبئة خلف الأشجار ترهف سمعها، وتُقلص عيونها، وتُقوس بدنها، وقبل أن يفتح فمه بكلمة واحدة ليناوشها، كانت قد اقتنصت المسافة التي تبعدهما، وتوثبت لتطبق بيدها على فمه كي تحجمه عن النبس ببنت شفة، كانت عيونها متوهجة بقوة ألف ساحرة، وسحبته خلفها وهي تمتم له بحدة قاطعة
" لو نطقت بحرف واحد سأقتلع رأسك عن جسدك"...
أفلتته من قبضتها بعد ابتعادهما عن مجال إبصار مادلين وشريكها...
وحملقت فيه لهنيهة ثم أفصحت له بلهجة خفيضة متضرعة، وهي تشبك أناملها أمام وجهها في ضفيرة " أريدك أن تسديني معروفا!!!"....
كان وليد يكبت جموح القهقهة بشق النفس، إنه دوما يرى سلام فتاة داهية وكهينة!!!!
اعتداد سلام بنفسها يفوق كل الحدود المتعارف عليها، هي لا تنحني لأجل أي شيء مطلقا... وتوسلها السابق مسكنة مدروسة من قبلها.... ولكن ومع ذلك كان صوتها يرشح صدقا نازفا...
رفع وليد حاجبه الأبنوسي بمكر وعقب عليها وهو يمط شفتيه ويحرك أكتافه
" ربما لو ذرفتِ دمعة أفكر!!!"
صار مشدوها وغير مستوعبا حينما انهارت أمامه سلام مجهشة في البكاء....
أحاطها بذراعيه، وسألها بجدية، وبنبرة يشوبها الحنو، وهو يثبت ذقنها بين إبهامه وسبابته ليرفع وجهها له " ما الأمر؟؟"
بوغت بتسديدها ضربة قوية على صدره وهي تعرب باحتداد... وبزمجرة لبؤة متوحشة
" لكَ وجه متعجرف بغيض... سأمزقه يوما حينما أكون متفرغة!!!!"
سألها ومحياه ينفرج عن ابتسامة صافية لم تتخللها السخرية " هل هذا وعد؟؟"
زجرته سلام وهي تحرك رأسها صوبه " دعنا نركز على المهم... هل ستسديني المعروف أم لا؟؟"
رد عليها وليد بصوت أجش " لقد طالبتكِ بدمعة ولقد استجبتِ بألف واحدة... كل طلباتك ستُلَبَّى أيتها السيدة الصغيرة"....
وانحنى بحركة مسرحية أمامها....
تهدج شيء بقلب سلام حينها... ولكنها طمرته فبلوة أخيها تأتي في أولوية اهتماماتها... وشعورها بأي شيء عدا الكرب على مصاب أخيها سيُعَد خيانة منها...
وجهت سلام إصبع نافر من قبضة مضمومة صوب وليد وأخبرته
" سأفضي لكَ بالحقيقة، ولكنها سرٌ بيني وبينك، شرف أخي واعتداده بنفسه بين يديك!!!!"...
سايرها وليد وهو يكتم انفجارة ضاحكة بشق النفس وهو يحيطها بين ذراعيه
" ما الذي فعلتيه بنفسك؟؟... شرف البنت مثل عود الكبريت لا يشتعل سوى مرة واحدة"....
وشرع مقلدا يوسف بيك وهبي....
يتندر عليها ويستهزئ بها؟!!!!.... وأَجْفَل وليد قفزها عليه وإحالتها ليديها طوقا ملتفا حول رقبته...
تَخَلَّص من هجومها بصعوبة عاتية، وأخذ يسعل وهو لاهث الأنفاس، يمسد رقبته وكأنه كان على وشك الاختناق....
راقبت سلام ما يداهمه واستشعرت ندما على ما ارتكبت، فنكست رأسها واعتصرت عيونها وتفوهت بصوت باك " اغفر لي رجاءً... أنا متلفة الأعصاب... تلك المادلين تعربد على شرف أخي، تسخر منه مع رفيقها في الحرام!!!... وأنا كنت أطلب مساعدتكَ لأخلص عائلتي منها"...
حينما لم يصدر منه ردة فعل، فتحت سلام عيونها رويدا رويدا، وحينما أبصرته منغلق التعابير، مكفهر المحيا، شرعت تنتحب وتغمض عيونها مرة أخرى
تناهى لسمعها سؤاله " ولو كنتِ كاذبة... وكنتِ فقط تودي التخلص من مادلين ليخلو لكِ وجه أخيكِ"...
رفعت سلام رأسها بأنفة واعتداد وأعربت وهي تطوق خصرها وتقوس بدنها تجاهه
" أنا لست مثل أخوة يوسف عليه السلام حينما كادوا له"...
رد عليها وليد بتنهيدة " وأنا أصدقك.."
واستطرد سائلا إياها " ما هي خطتك؟؟"
اقتربت منه وانتقلت ببصرها في كافة أرجاء المكان كي تستوثق من عدم وجود أدنى أحد
وأشارت له ليحني رأسه لها فهو ذو قامة فارعة وهي قصيرة وداهية
وسكبت في مسامعه بصوت خافت " سأبلغ عنهما الشرطة... وستضبطهما بالجرم المشهود... ستكون فضيحة للعائلة... ولكنها لن تشكل ضير... فمادلين حامل من رفيقها في الحرام... وليست حامل من أخي... بطلاق أخي منها ستنقطع العلاقة التي كانت تربطه بها... وستصير الفضيحة حصرية لها هي وأهلها!!!..."....
حينما لمحت سلام تقطيبته لجبينه من زاوية عيونها استطردت لتقنعه " أنا أيضا فكرت بأن معرفة أخي وحدها تكفي... ولا داعي لإثارة جلبة حول الأمر"....
وتصلدت عيون سلام قساوة وهي تردف ساهمة " ولكن ما قولك في امرأة تستنكر بتقزز أن تكون واقعة في حب زوجها... وترتضي أن يتم نعته بالمقطف أمامها... وتتباهى بحملها من غير بعلها.. وكانت ستموت كمدا وقهرا لو كانت البذرة التي زُرِعَت فيها ممن جعلها حليلة ولم يهبط بها لمستوى الخليلة.."...
وصرفت أسنانها للمرارة التي ملأت فمها، وأوصدت عيونها كي تغالب انحدار عبراتها....
وشرعت أحداقها وتواصلت مع وليد بصريا وسألته " لو تراها تستحق الستر بعد كل هذا فأخبرني؟!!"
سألها وليد وهو يحيط بأكفه وجهها " كم تبلغين من العمر لتتحملي كل هذا؟؟"
عاونها وليد في تحقيق مخططاتها، هو يفوقها بستة سنوات، وأمر مروقه من منزله يتم بسلاسة.. وبدون صحبة ترافقه...
استطاع وليد معرفة موضع مكوث عشيق مادلين، ووضع تحركاته تحت المجهر، وأَحْكَم عليه المراقبة، اكتشف أنه يلاقي درزينة من الفتيات في أماكن مختلفة، ولا يقابلهم في سكنه الأصلي كي لاتفوح رائحته العفنة، ويتم فضحه لدي أهله الذين يعملون بالخارج، والذين يرسلون له النقود شهريا وهم يظنون أن الأموال وحدها تكفي لتشييده كيانا رفيع المستوى!!!!
بمجرد أن واتت مادلين ذلك الرقيع، هاتف وليد الشرطة، وتم احتجازهما تحت ذمة التحقيق....
مادلين ابنة زبدة، لم يَطُل حبسها، سرعان ما أطلقوا سراحها، ولكن بعد أن عرف مصطفى بفعلتها....
بمجرد أن رعد فيه الخبر، هرع إلى قسم الشرطة ليستفهم منها... فلربما في الأمر التباس، ويكون ما حدث مجرد خطأ فادح من جهاز الشرطة، كانت عضلاته مكسوة بالتوتر وهو ينتظر خروجها من التحقيق بفروغ الصبر، لتنفي عنها تلك التهمة البشعة، كان سيصدقها!!!!.... حتى لو تفوهت بمجرد ترهات غير مترابطة....
كان غارقا في ظلامٍ دامس وأية إنارة خافتة ستعطيها له سيتشبث بها، لن يسمح للشك بأن يتسلل داخله، حتى لو كل الوقائع أدانتها هو يضع بها ثقة كاملة وسيستعلم منها...
كان آخر ما طلبته سلام من جارها وليد أن يدس في يد زوجة أخيها وهي خارجة من التحقيق تلك القصاصة التي كتبتها، ولقد ناشدته ألا يقرأها فهي سرية جدا على حد تعبيرها، وهو امتثل لها فتلك الداهية لها عيون بريئة تخترقه تماما
بمجرد مغادرة مادلين لغرفة التحقيق شعرت بقصاصة تتعلق بيدها، وبفم يقترب من أذنها ويغمغم لها "تلك أوامر الصغيرة"
فضت القصاصة وسرعان ما سقط فكها وتوسعت عيونها ذهولا
" كيف حالك يا مادلين؟؟... أتمنى أن تكوني قد قضيتِ ليلة طيبة في السجن... من أكون؟؟، أنا القصيرة السمجة، أو بعبارة أخرى أنا أخت بابا مصطفى الملتصقة بكِ في الأونة الأخيرة، لقد كنتِ غبرة عالقة بثوب عفة عائلتي، والآن فقط قد نفضتها، لتتعفني في الجحيم يا مادلين... إمضاء النابغة سلام"....
شهقت مادلين من المفاجأة... ووضعت يدها على فمها كي تكتم توالي حشرجات أنفاسها... كان مصطفى ينتظرها بعيدا عن حجرة التحقيق، يضع بينهما مسافة كي تتلاشى حينما يتداخلا بصريا، ويقرأ في عيونها كل ما وقع لها من تلفيق وافتراء...
استرعى انتباهه اقتراب أحدهم منها ودسه شيئا في يدها.... وأراد أن يغلق المسافة القائمة بينهما ليشد من أزرها فلقد بدت متهاوية... وجمدته مكانه عيونها.... كانت تبصق كراهية غير متناهية له... وكانت تفيض ازدراءً له....
وهمست من بين أضراسها " حقير... أنا أبغضك أيها الحقير...."
ثم ارتفعت وتيرة صوتها لتصير رعدات متوالية تستهدف جدران قلبه لتفتتها
"لطالما اشمئززت منك... ادعاء محبتك كان يفوق قدرتي على الاحتمال، اغرب عن وجهي للأبد، بسببك صرت من ال******، لم تقارب صورة فارس أحلامي أبدا، رصانتك تلك اغتالت روحي... طيبتك تلك تخنقني... أنتَ معتوه فلقد صدقت زعمي محبتك... لو كان بكَ عقل لكنت أدركت أن مادو لا تطيق النظر إليك، ما بيننا صفقة تجارية... لقد كان تزاوج رءوس المال... تزاوج بارد.. ومقرف، تكيد لي يا حثالة أنت والخبيثة أختك، ما الذي تظن أنك ستكسبه؟!!!، بابا سيحيلك بنفوذه مجرد شحاذ، جزاء ما فعلته بي سيكون إلغائك من خارطة الأغنياء، سألقيكَ في الحضيض، هيا اغرب يا حثالة!!!"
أجهضت مادلين جنينها ربما متعمدة، وسافرت للخارج ولم تعد حتى الآن، أما والدها فلقد استخدم نفوذه ليمنع النشر في الموضوع، لم يستجب لطلب ابنته بتدمير أخي مصطفى، فهو يراها حقيرة وأَحَطَّت من قدره ولكنها ابنته وسترها فريضة عليه....
مزاج أخي صار أسودا متعكرا منذ ما كان، أَغْلَق على نفسه، ولم يعد يفارق الأعمال، حتى ظهرت سوما في حياته، أنا لم أتآلف مع سوما أيضا، إنها امرأة غامضة ومثيرة للارتياب.... كما أن طريقة زواجها بأخي تحوطها علامات الاستفهام.... لقد ورطت أخي بحملها بياقوتة، لا أدري لمَ صدقها أخي، لا يُلْدَغ مؤمن من جحرٍ مرتين، ولكن أخي....
لقد اعترف بجنينها واتخذها زوجة بدون أن يطالب بتحليل الحامض النووي للطفل القابع في أحشائها، لن أتوافق يوما مع تلك السوما، لقد استخدمت أقدم حيلة في التاريخ لتقفز من موضعها كسكرتيرة لمكانة زوجة الرئيس...
أخي ينهرني ويعنفني حينما أُطلق عليها ساقطة، ويؤكد على شرفها... وعلى أنها امرأة عفيفة، ولكني سلام التي تعرف دوما كل الحقائق، أمي مزدانة أثلجت صدري وبعثت بالطمأنينة في نفسي فلقد أخبرتني حينما كنت في الثامنة عشر، أبث لها توجساتي بشأن نسب أطفال سوما ،بأنها أجرت تحليل الحامض النووي بعد ولادتهما واستوثقت من أنهما من صلب أخي...
لربما لهذا لا أركز مع سوما كي أكشف قبحها وعهرها لأخي... طالما لا يوجد اختلاط أنساب سأظل غاضضة الطرف عنها، ولكن إهانتها.... حسنا أستلذ بإكالة الشتائم لها، وهي تستفزني بدأبها الصمت، أشعر حينما أمطرها بوبيل سباب وكأني أشفي غلي من مادلين، وكأني أُبْرِئ نفسي من سقم استبد بها، لقد لاقينا مادلين بالود والترحاب ولقد طعنتنا... وتسببت في زلزال شهدته أسرتنا... لقد ضربت عنفوان أخي وأحالته ركام بعدما كان زينة الرجال...
لقد تبوأت تلك المادلين عرش قلب أخي ولكنها غدرت به، وتلك السوما هي شمس لاحت في أفق أخي بعدما قذفته مادلين في وهدة العتمة والشقاء، هي رجفة روحه من جديد، هي همس الحب الذي يدق ثناياه مرة أخرى، هو مغرم بها كما لم يكن يوما نحو مادلين...
مادلين كانت افتتان... لوحة فائقة الجمال، ولكن سوما تسيطر عليه بكل طريقة ممكنة، هو نفسه لا يدرك ذلك، ولكنه أخي وأنا أدرك خباياه!!، لو تعاملت مع سوما بمحبة وترحاب, سيتمزق قلبي حينما أكتشف خيانتها لأخي، برشقي لها بالألفاظ النابية, أنا متأهبة لأي نقيصة تصدر عنها، مصطفى نفسه يتصرف حيالها بنفس الطريقة لأنه يخشى فتكها بقلبه، هو لن يسلم لها مقاليد فؤاده أبدا... أو بالأحرى هو لن يدعها يوما تعلم أنها استحوذت عليها فعلا....
وليد الجبالي!!!
هو متلاعب بقلوب النساء، هو فاسد تماما، لم تعد تربطني به أدنى علاقة، ولكني لن أنسى مساعدته لي ما حييت، لقد آمن بطفلة، وكَرَّس الوقت لإعادة رسم البسمة على شفاهها... بداخله نبيل ولكنه متخبط وبحاجة لمن يرشده على الطريق....
أنا أشكر له حسن صنيعه معي، ولكن ما وقع لم يحيلني مغرمة به!!!!... زيجات أخي شكلت وجداني، جعلتني أخشى كثيرا أن أعاني، وجعلتني أقرر أني لن أجعل رجل يجني أرباحا طائلة من جراء اقترانه بي، الغني طامع بالمزيد... والفقير سيتخذني سلم ليصعد عليه...
أنا سلام السلحدار فتاة قوية لست بحاجة رجل ما حييت!!!!....
___________________________
*مصطفى*
لم يطلق مادلين أبدا، ليس لشيء سوى الرغبة في تركها معلقة حتى مماتها، ولكنه جاء أسرع مما يتخيل، كانت ضحية احدى الانفجارات الإرهابية في أحد الميادين الشهيرة بانجلترا، لقد لاقى والدها حتفه قبلها، فلقد بدأ تهاويه منذ أدْرَك فحشها، والمحصلة أن مصطفى ورثها، كانت روحه تأبى في البدء الاغتراف من نقودها، هو لا يحتاجها، ولكن حينما غرق في الفواحش، وانغمس في الرذائل صار مسخا، ولم يعد يجد ضير في استعمال أموالها، لقد كانت صفقة تجارية كما وصفتها ولكنه هو من ربحها!!!، أخته تظن أنه طلقها وكذلك أمه، هما يعتبرانه رجلا ولكن مادلين أحالته مسخا... مثلها!!!!!
_________________
في قريتها الغالية
*ياقوتة الكبيرة*
"لمَ لا أشبهكِ أمي؟؟"
جملة لا تنفك تراودها، تُطْلِق ذكرياتها من معقلها، أين أنتِ يا مهجة قلبي؟؟... ياقوتة تعيسة بدونك، ورفعت رأسها نحو السماء، التي تتسلل من النافذة الموصدة، وابتهلت لربها لتحفظها من كل سوء، هي لم تزرع سوى الورد ولكنها جنيت الشوك!!!!!
يقض مضجعها ألا تعرف طريقا لابنتها، لقد تاهت منها في زحام الحياة...
ارتفع صوت الأثير الذي يحتل الطاولة المجاورة لسريرها الذي تفترشه...
" السلام عليكم... كيف حالكِ يا ياقوتة؟؟"
"لمَ تبكين يا سمرا؟؟"
"ولدي أصيب بالشطط في عقله، يريد أن يتزوج بممثلة سبق لها نكاح أربع رجال، كما أن سمعتها ليست فوق الشبهات، هي تدخن الغليون، وتسهر وتقهقه مع الرجال، ملابسها لا تدع شيء للخيال، أنا في نكبة يا ياقوتة، ابني سيضيع مني، أريدك أن تردي له عقله، هو يحترمك، وينصت لكلامك"....
أطلقت ياقوتة تنهيدة مديدة، وعقبت " ولدكِ ليس شابا غريرا، هو جاوز الخمسة والثلاثين، وهو ممثل شهير، مستقبله يخططه كيفما يبتغيه، هو لن ينصت لكلامي يا سمرا، لقد اضمحلت النساء في نظره منذ ظنه فرار تبر مع عشيق... ومنذ أن تمت إدانة أعمار زبرجدة بمقتل الوغد شكري... تبر وزبرجدة هما شقيقتاه، لقد تقاسما الثلاثة الرضاعة سويا في زمن فات، وصاروا أكثر من الإخوان، رأفت لا يلبث سجين ما ولَّى وانصرم من الذكريات، لو هناك أحد قادر على إقناعه بالعدول عن الزواج من تلك الحرباء كما وصفتيها لي فليست أنا، تبر قادرة... زبرجدة تستطيع... وحليمة... ستخمشه بأظافرها حينها وتطالبه بأن يكبر فعلا كي يتزوجها، هو يظن شقيقتاه في الدرك الأسفل ولذا فهو يفتش عن زوجة من ذلك الدرك!!!!"...
سألتها سمرا بلوعة قلب أم " والحل؟؟"
تنهدت ياقوتة مرة أخرى وأعربت وهي ساهمة " الحل بسيط، إما أن تعنفه احدى شقيقاته على انزلاقه في هذا التفكير، إما أن نخبره بالحقيقة، ليعلم ما وقع فعلا لتبر وزبرجدة وحليمة، الحقيقة يا سمرا هي ما يمكن أن تنجي ولدكِ!!!!... لقد كممنا الأفواه لكي لا تبوح وما ارتكبناه كان جريمة لن يغفل الله عنها، تبر!!!!!"
سألتها سمرا " تشتاقين لها يا ياقوتة؟؟"
صرخت فيها ياقوتة وهي تجهش في البكاء لم تعد تقوى علي التماسك أكثر من ذاك، كانت روحها تنتفض وهي تصيح في وجه الحياة
" ويحكم هي ابنتي... ابنتي... ليس من المهم ما تقولونه، ليس مهما أبدا أنني لست من أنجبتها، لقد غزلت حروف اسمها في قلبي، ولن أمحيها مطلقا... مطلقا!!!!... لتحاولون فقط سأدفنكم في مكانكم"
تضرعتها سمرا وهي تشاطرها عبراتها " اهدئي يا ياقوتة"....
ردت عليها ياقوتة والأنفاس تغص في حلقها " انهي الاتصال يا سمرا، فأنا بحاجة لأختلي بنفسي الآن"....
أطبق السكون بثقله على ياقوتة، وظل قلبها ينفطر في البكاء، وإن كان الدمع قد جف من أحداقها...
تناهى لسمعها طرقات تتوالى على بابها، وسرعان ما أطل منصور عليها....
" لا تلبثين غاضبة مني"....
أشاحت ياقوتة ببصرها عنه وصرحت بعدم اكتراث وهي تخفي أنينا ينزف فيها
"زواجك من تلك الملتصقة ببعضها اختيارك، أنت لست غريرا لأتحكم فيك"....
ركع ابنها بجوارها وتمتم لها " تعاتبيني بطريقتك يا ياقوتة، لم أقصد ما تفوهت به!!!، لكِ مطلق الحق لتتحكمي بي يا حبيبتي، لم أكن يوما غريرا لأنكِ دوما كنتِ توجهيني للصواب، اغفري لي يا أمي، أرجوكِ"....
وقام منصور بالانحناء على يد أمه ليوزع عليها قبلات تذلل كثيرة...
تشقق قلب ياقوتة حنانا عليه ومسحت بأناملها خصلات شعره وتمتمت وهي تغالب كبرها
" أنت ولد عاق ولا تستحق محبتي، ولكن حسنا لقد غفرت لكَ تطاولكَ عليّ لفظيا، انهض يا ولدي، لا كتب الله عليكَ الذلة"....
تشابك معها بصريا وغمغم لها " وساندي... ألن تتقبليها؟؟"
ردت ياقوتة " لقد أشهرت زواجك منها، وطلقت بسنت، وتسببت في إجهاضها، وهذا ما لن أسامحك عليه أبدا!!!!!"
سألها منصور وهو يشعر كما الطفل المذنب في حضرتها " تعرفين بفعلتي الشنعاء يا أمي؟؟"
هزت ياقوتة رأسها وقالت غير مصدقة وكأن حجرا يثقل أنفاسها " تُغْضِب ربكَ يا ولدي... وتدفع بسنت للتخلص من طفلك... لم تعد تطيقها وفهمتها، ولكن الوسوسة لها لتجهض ابنها، هذا ما لا أفهمه... تبتز أم بناتك لكي لا تزج بوالدها في السجن، وتبتزها لكي تفعل ماذا... لكي تقضي على نبتتك التي زرعتها في أحشائها... يا خيبة أمي فيك...."
كانت ياقوتة تتحسر على حال ولدها
حاول منصور الذود عن نفسه " أمي أنا.."
حركت ياقوتة رأسها يمنتا ويسارا ودمدمت بيقين " لا يوجد تبريرا لفعلتك"...
ازدرد منصور ريقه، وسلَّط بصره نحو نقطة بعيدة عن أمه لوهلة، وقال
" لقد واتيتكِ بطلبِ يا أمي... أريد بارودة أبي... أَفْرِجي عنها من القوارير التي تحتجزينها فيها"...
طالعته أمه بارتياب وسألته " عم تنتوي يا منصور؟؟"
انتصب منصور واقفا وأفضى لأمه
" أعمار زبرجدة ولجت للقرية يا أمي... هي عند أقدام توت راكعة.."...
استقامت أمه واقفة بحركة عنيفة، كانت عيونها متوسعة، وكان لونها شاحبا شحوب الموتى
وأمسكته من تلابيبه وزمجرت فيه وهي ترجرجه " وأنتَ تود قتلها يا معرة الرجال؟!!!"
آلم منصور سوء ظن أمه به، وقال لها بصلابة وهو محيد البصر عنها " بل سأزهق روح أي شخص يفكر في الاعتداء عليها"....
ربتت أمه على كتفه مستحسنة قوله، وأعربت بملء فيها " تستحق بارودة أبيك... لحظة وأجلبها لك... صحبتك السلامة يا ولدي..."......
_________________________
عاصفة من المفرقعات تنفجر من حول المشفى، أعيرة نارية تُطْلَق في الهواء وتطالب بنزول زبرجدة، كان الأطباء قد فصلوا توت عن جهاز التنفس الصناعي بعدما استفاقت على يد زبرجدة، جثت زبرجدة على ركبتيها وشبكت أصابعها مع خاصة توت في نسيج واحد وأقسمت لها " لن أتخلى عنكِ يا توت، لن يصيبني مكروه، إياكِ وأن يعتريكِ الهلع، وأن يخفق قلبكِ بالذعر عليّ"....
حثتها توت بصوت مفعم بالإعياء الشديد " اهربي يا ابنتي... اهربي.... سألحق بكِ أينما تكونين... فقط أرسلي لي... لم تَعُد لنا حياة هنا.... لقد بقيت هنا فقط أنتظر أوبتك..."
عقبت عليها زبرجدة وهي تطلق زفرة مديدة وتُعْمِل نظرها
" الهرب محالٌ يا توت، أنا مطوقة من كل الجهات... تلك لحظة المواجهة... لا تخشين عليّ... الموت يلفظني منذ مولدي، لن يرحب بي الآن"....
نهضت زبرجدة وألقت نظرة مطولة على رحاب، التي كانت ترتجف من قمة رأسها حتى أخمص قدميها، وقالت لها باشَّة... تطمئنها وهي تدنو منها " أفلحوا في إلقاء الروع في نفسك.... هم فقط قطيع ماشية يا رحاب... لو كان لهم عقل لما كانوا المنفذ لأية شيء... هم بيادق في يدها... مجرد عرائس ماريونيت تتلاعب بها"....
عبست رحاب وسألتها " من تقصدين؟؟"
سكبت زبرجدة في مسامع رحاب " فقط اعتني بتوت لو لحق بي سوء...".... واختفت في لمح البصر
_________________
" اهدئ قليلا يا سلمان"....
انفجر فيه سلمان " تقول لي أن رجال البلدة محيطون بمشفاي يطلقون الأعيرة النارية ويطالبون برقبة زبرجدة وتريدني أن أهدئ".....
برغم براعة سلمان في قيادة السيارات إلا أنه كان الآن يتخبط وفاقد للتركيز تماما.... كان متعرقا بغزارة وكان يلتهم الطرقات بجنون سافر، الكل كان يعدو من أمامه كي لا يدهسه بسيارته...
كبح زمام الفرامل على حين غرة مما دفع بجسد صالح للأمام حد الارتطام بزجاج السيارة الأمامي، وهبط منها وهو يفتح صدره أمام أية رصاصات طائشة قد تخترقه
وارتفع صوته وهو يشق طريقه بين الحشود
" ما بكم يا بلد؟؟؟، أنهيتم حروبكم مع الصهيونيين، وضمنتم قوتكم أنتم وأولادكم لمائة سنة قادمين، انسلختم عن ذنوبكم وتبتم إلى بارئكم، ولم يعد يقض مضجعكم شيء سوى غرز الرماح في جسد ابنتكم زبرجدة لتتطهر بلدكم من الإثم الذي لطخها، لتثبت واقعة زنا يجب أن يعترف مرتكبها، أو يشهدها أربع شهود موثوقين، وزبرجدة اعترفت بالقتل ولم تعترف باقترافها الفاحشة، لا أحسبكم متجمعين لتسفكوا دماء قاتلة، فالثأر لديكم على أشده وكلكم قاتلون، ولكنكم محتشدون لأجل الذود عن شرفكم، الجريمة النكراء في نظركم هو تخلي زبرجدة عن مكارم الأخلاق، من شهد منكم واقعة زنا جمعت زبرجدة بشكري هذا فليتكلم الآن وليحكيها بالتفصيل، ولنحصي الشهود!!!"
علا صوتٌ يتهمه " لمَ تدافع عنها؟؟... ما الذي كان يجمعكَ بها؟؟... لقد رافقتها أنت أيضا أليس كذلك؟؟...."....
وتابع هذا الصوت محرضا رجال البلدة " لقد اغتال شرفكم معها، اقذفوه بأعيرتكم النارية هو أيضا حتى يلفظ أنفاسه ويموت"
سلَّم سلمان يديه للهواء وعقب على هذا القول " أنا ابنكم سلمان لو كان رأيكم بي فاحشا فأنا لا أمانع أن تحيلوني بركة دم في مكاني"....
ارتفعت الجلبة تلك المرة جامعة همهمات رجال القرية... وكلها تردد حاشا لله يا ولدي أنتَ زينة الرجال..
فقاطعها سلمان معلنا " وأنتم متجمهرون لتُجْهِزُوا على أنفاس زوجتي أعمار زبرجدة... تودون قتل زوجة زينة أولاكم"....
وكأن رجال البلدة على رءوسهم الطير
وتابع سلمان وهو يُخْرِج قصاصة مهترئة من محفظته ويُشْهِرَها في وجوههم
" أنا متزوج من زبرجدة منذ ثلاثة عشر عام، وهذا عقد صحيح، ويمكنكم الاستقصاء عنه لو لم تكونوا متيقنين"....
لم يكترث للبلبلة العاصفة التي أحدثها، وكأنه يفتش عن شيء، وعاد صوته مجلجلا وهو يطالب قائلا
" شيخنا فواز أنت هنا، هل تشق الحشود وتعتلي تلك البسطة معي، أنت مأذون القرية وتستطيع البت في مدى صحة عقود الزواج"...
استجاب الشيخ فواز لطلبه... تفرس في العقد لوهلة ثم أعرب بصوت جهوري
" العقد صحيح مائة بالمائة يا بلد، وتوقيع الشيخ شمس يزين ذلك العقد في خانة ولي الأمر!!!!... والد أعمار زبرجدة وقع على تلك الوثيقة".....
ارتفعت الألسنة المعترضة حينها " الحاج شمس كان طريح الفراش حينها.... لم يكن يقوى على الحركة، توقيعه أمر مستحيل!!!!"
ارتقى منصور البسطة تحت ترقب أنظار الجميع وعلق قائلا بقوة " ولكن التوقيع صحيح وكذلك توقيعي... أنا كنت شاهدا على ذلك العقد"....
هي متزوجة... وممن... من سلمان هذا؟؟... حتى صوته غير مألوف بالنسبة لها... ولكن منصور أقرَّ بأنه كان شاهدا على العقد، عصف الصداع برأسها، واعتصرت عيونها من شدة الألم الذي يقذف عقلها....

 
 

 

عرض البوم صور بنت أرض الكنانه   رد مع اقتباس
قديم 15-01-15, 06:29 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2011
العضوية: 232664
المشاركات: 436
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدابنت أرض الكنانه عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 628

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنت أرض الكنانه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بنت أرض الكنانه المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!

 

*الصديقي ميخائيل*
وبالتحديد في أوروني، التي تطل على خليج الباسكاي بفرنسا، كانت ندف الثلج تهطل، وتكسو الدروب بطبقة جليدية، وكان الطقس بردا قارسا، لم يكترث بإشعال المدفأة، لم يعد يأبه للحياة بعد اختفائها منها، ليتجبر عليه الصقيع وليفنيه وماذا في هذا؟!!!!... روكسان....
الشوق لها متوغل في دواخيله، وقلبه محترق من غياب سناها، هي نضرة الفجر الجميل، وطلعة الشمس بعد الشفقِ المخضبِ بالدمِ الكثيف، هي ما جعلت لحياته معنى ومذاقا ورونقا، كان يستهل الصباح باسمها، ويطوي على ثرثراتها المغربا... هي كنزه الغالي، وابنته التي أقسم على تحقيق كافة أحلامها....
لقد كان قاربا بشراعٍ واحد، وموتها ثَقَب صميم ذلك الشراع، لياليه أنواء، وأَنْهُرَه غيوم، عشقه لابنته يضطرم في ضلوعه، ومفارقتها الحياة مدَّت فراغا مظلما في زوايا روحه....
يلازم حجرتها القديمة ولا يبارحها فهي تحمل عبيرها.....
يشتم أريجها في صدى الرائحة العالقة بثيابها، يحتضن كل الأشياء البسيطة التافهة التي خلفتها ورائها، يضطجع على سريرها ولكن لا يرقد له جفن بعد رحيلها...
كل البشر طامعون به، هو ملياردير فاحش الثراء، هي فقط من لم تكن تأبه لحقيقة أنه ذو أموالٍ طائلة، لم تداهنه لتستحوذ على وفره بعدما علمت حقيقة نسبها!!!!، هي فقط طالبته بالابتعاد، وانسلخت كليا عنه، كل تلك النقود التي جناها لم تُمَكِّنَه من أن يثنيها عن قرارها، بطوي صفحته من حياتها...
عروقه كانت ممتلئة بالحنين لها وهي أيضا ولكنها ولا مرة أخَلَّت بقرارها..
لقد أقصته من عالمها، وطالبته ألا يقتفي إثرها، ولكنه أبقى عليها عينا من بعيد، لم يستطع أن يستجيب كليا لرغباتها...
حادثها الذي وقع لها في مصر شطره نصفين، شهادة وفاتها ووثيقة دخوله سرداب اللاحياة صدرا متزامنين....
ليس مقتنعا بتواريها في الثرى، لهذا لم يزر قبرها، بعدم ذهابه إلى هناك لا تلبث بارقة الأمل لائحة بأنها لم تفارق بعد الحياة... لن يبدد أوهامه التي تصطخب في جوانحه والتي تفضي بأنها لا تلبث على قيد البسيطة تلتقط الأنفاس.... هو لن يفض أمانيه ولن يذهب مطلقا إلى هناك...
فاحتمالية حياتها هي ما تجعله يواصل الحياة!!!!!
*أنجيلا*
ذلك البغيض ليون يحجبه عنها متعمدا، لقد استوعبت هذا أخيرا، بالتأكيد ليون يعرف أن ملك تضاهيها في القسمات، وأنها أختها التوءم التي باعدتها عنها الحياة، ولكنه لم ينقل تلك المعلومات لأبيها الصديقي، لقد اكتفى بأن يُلقي في جعبته خبر وفاتها ليحيله ركام!!!!
يريد أن يستولي على نقوده المترامية، يرفع بينها وبين أبيها حاجزا شاهقا ولكنها لن تُفْسِح له مجال
لقد هاتفت أبيها بمجرد أن دبتَّ بعض القوة فيها، ولكن اللعين ليون هو من أجاب، قال لها متشدقا ومتفكها " حسنا تدعين أنكِ أنجيلا... ولكن تحرياتي تثبت أنكِ لا تنفين كونكِ ملك أيضا.. ملامحكِ صنعتها عمليات التجميل... إنها ملامح مزيفة... وصوتكِ صار أبحا ومتبدلا... فأحبالك الصوتية تلفت تماما من جراء ما أصابك... لو رآكِ الصديقي لن يتعرف عليكِ"... قالها بصوت يغرد جزلا واسعا...
فردت عليه أنجيلا بيقين " إذاً دعنا نجرب"....
فانفجر ليون متوعدا " لو طرق بالك مجرد تفكير بأن تؤوبي للصديقي مرة أخرى، سأصل لكِ حتما وأقتلكِ بدمٍ بارد... إنها مغامرة، كذبي وتضليلي للصديقي مغامرة!!!!... لو أخفقت فيها سأستحيل يائسا وشريد، وحينها اغتيالك لن يكون جريمة أخرى أرتكبها، وتُزِيد من لائحة جرائري، بل سيكون عملا خلاقا أقوم به لأفرق شتاتكم وأفطر قلب الصديقي للأبد... سأشفي غلي به!!!!"...
واستطرد متشدقا بنعومة حريرية أرعبتها "ولربما أنفذ فكرة اغتياله هو!!!!... فحينها ستظلين تندبين!!!!... وسيكون جرحا لا يندمل بداخلك، فأنت حينها ستكوني على اليقين، بأنكِ المعول وراء وفاة أبيكِ الحبيب، اسمعي يا فتاة لا يوجد أكثر شراسة من شخص يفقد في لحظة كل شيء، وأنتِ تريدين أن تسلبيني كل ما دبرت له؟؟!!!!، أنتِ تجافيه منذ أمد بعيد، لا تدعي الآن التوق له، دعي كل شيء يسير تبعا للتخطيط"...
ورعد فيها " كان يجب ألا تدب فيكِ الحياة من جديد... عليكِ اللعنة يا شمطاء"...
لا شك في أن أبيها منزوي خلف أسوار الحياة منذ مصابها المزعوم، حتى هاتفه لم يعد يصاحبه، ولا ريبة في أن ليون أحكم نفوذه وتشعب كالاخطبوط في مؤسسات الصديقي ليعرف أدق رقائقها.... إنها لعبة يتوقف عليها حياة أبيها ولا مناص من أن تنهمك فيها.... وأن تجيدها بالحذافير!!!!!
____________________________
أوحى فارس لعليّ بوجود علاقة ماجنة تربطه بها، رمقة عليّ المزدرية لها نحرتها!!!، لم تكن لتطيق أن تستمع لتشدقاته اللفظية المحقرة لها، لذا ركضت بكل قواها لتصل لمخدعها لتنفطر باكية عليه... ولتعتكف منهارة فيه...
هي ليست مراهقة لتكون حساسة هكذا... ولتخشى المجابهة... لكن عليّ... نظراته لها تدميها... تطعن فيها...
هي تعلم بأن أختها كانت فتاة طائشة ولعوب، وأنها تستحق الازدراء الذي يطل من عيونه، ولكنها انجيلا وليست ملك...
الكل متهم يا انجيلا... لا تنسي هذا أبدا بما فيهم عليّ!!!!!
في الصباح الباكر قررت الذهاب للنادي... يجب أن تعثر على دائرة معارف أختها وتتلاحم معهم من جديد!!!!... ارتدت لباسا لافندريا زاهيا، كلاسيكي الطراز، وأسدلت شعرها الحريري على أكتافها، كانت اطلالة جريئة بالنسبة لها، ولكنها كانت محتشمة تبعا لتقاليدها
في حلبة الركض... كانت تعدو وكأنها في سباق ماراثون، في المطعم... قبعت لبعض الوقت، في موضع الجلسات الاجتماعية... تعمدت لفت الأنظار وأطالت المكوث، تهافت عليها الكثير من الأشخاص ليسلموا عليها، الأغلبية استقبلوا عودتها بحفاوة ومعظمهم كانوا من الشباب، والبعض لاقاها بتحفظ، وأقلية تباروا في رشقها بسهام النظرات المزدرية لها...
ظفرت في مسعاها وصارت حديث النادي بعد بضعة ساعات، مر رجل بجوارها، كانت تهبط الدرج لتصل للمسطحات الخضراء، أما هو فكان يصعد للصالة المغطاة التي تحوي تلفازا مسطحا ضخما، يعرض كلاسيكيات متعاقبة، تلاقت عيونهما لوهلة، وسرعان ما صار عابر سبيل بالنسبة لها، لم يدم في خُلْدِها!!!!
اقتربت منها احدى الفتيات التي عرَّفت نفسها لها بأنها صديقة مقربة، وغمزت وتلفظت بنبرة لم تروقها وهي تطلق تنهيدة وتضفر أناملها " وما الحب إلا للحبيب الأول، ذلك الرائد صرح رجولي متكامل".... واخترقت تصفيرة تلك الفتاة مسامعها
قطبت انجيلا جبينها، وخامرتها تلك الفكرة هل تقصد ذلك العابر السبيل الذي تمركزت نظراته عليها لهنيهة... هو شاب مفرط الأناقة، وتقاسيمه مليحة جدا وخلابة، ولكن به شيء لم تستحسنه مطلقا!!!!!....
اندفعت الصديقة المزعومة في وصلات ثرثرتها " ربما آن الأوان يا ملوكة لتتصالحي مع ورد نوار، هي رفيقة صباكِ، وقطعةٌ ثمينةٌ من تاريخك!!!!.."
وأردفت الصديقة بتبرم وحنق " لا تتطلعي نحوي وكأنكِ لا تفهمين ما أتفوه به"...
واستطردت بلهجة متبدلة مست شيء في روح انجيلا لأنها كانت جد صادقة
" ورد تتداعى يا ملك!!!!... هي تحتضر ببطء، لو لم تقفي بجوارها ستنهار، أنت الوحيدة التي يُمْكِنَك إنجادها من قوى الشر المحدقة بها... "...
وتابعت بقنبلة فجرتها في وجهها وهي تمط شفاهها " أن تقع الصديقة في غرام خطيب صديقتها شيء يحدث كثيرا، أنتِ من وضعتِ الزيت بجوار الفتيل، أنتِ من قربتِ بين رائد وورد، لقد تعلقت ورد برائد لأنه حبيبكِ أنتِ!!!!، تلك كانت وستظل قيمته الوحيدة بالنسبة لها!!!!!، هو لايلبث مغرما بكِ، يتتبع أخبارك، يقتفي إثرك، رمقاته لكِ وأنتِ تهبطين الدرج تدل على أنكِ لا تلبثين مليكة قلبهِ الوحيدة"....
سألتها انجيلا وهي تتفحص فيها " في أي صف تقفي؟!!!!... كلامكِ لا يشي بحقيقة موقفكِ، هل أنتِ معي أم بصف ورد أم تؤازري ذلك الرائد وتدعميه؟!!!"
حركت جورية رأسها صوبها، وأعربت بحصافة لا تلائم ما ترتديه " أنا بصف الحقيقة، وحينما تُتْلَى الحقيقة يكون الكل مدان يا ملك!!!!"
سألتها انجيلا وهي تثقبها بالنظرات " هل أنتِ فعلا صديقتي؟؟"
ردت عليها جورية بصراحة مطلقة وهي تزم شفتيها وتشوح بيديها " أنا أحب اللهو والعبث، وأنتِ زعيمة في هذا المجال، صداقتنا تنحصر على ليالي النبيذ الأبيض.... وعلى رحلات التخييم في البوادي.... صداقةٌ تشبه فقاعة الهواء، لم يطرأ على بالي مرة أن أزورك وأطمئن عليكِ في المشفى، ولكني أفهم نفسي يا ملك، أنا أعرف ما أريد من الحياة ولكن أنتِ متخبطة، وتائهة، وفاقدة لبوصلة طريقك، نديم من انتشلكِ من هذا الضياع، رفيق دراستك... هذا الشاب الذي كان مدعاة لتندرنا... بشكلهِ الذي يحاكي المهرج بالنسبة لنا... بعثرات لسانه وتلعثمه حينما يكون محط أبصارنا.... بمنظاره السميك الذي يخفي معظم ملامح وجهه المتواضع"...
تمتمت انجيلا بصوت يخالطه الجزم واليقين " أنا أحببته وتزوجته"...
أومأت جورية برأسها مصدقة على قولها " نعم... لقد عشقتيه، لم يعد بإمكان قلبكِ الحب من جديد يا ملك، فلقد احتل كافة قلاعه ذلك النديم، ما تحتاجينه الآن هو كتف صديق لتتوسديه، وفي حياتكِ كلها لم تكن لكِ صديقة حقيقية سوى ورد، تلك بقايا طيبة بداخلي التي تتحدث معكِ الآن، لقد استقام عودكِ فلا تعوجيه من جديد، ولا تستمرى على كراهيتكِ لمن أكَنَّت لكِ حبا عميق، فكري في كلامي، فالعمر قصير، وأنتِ تدركين!!!!"
____________________
الاسكندرية
*علي الكبير*
كانت تلك الأفكار تساوره، لمَ استجاب لحث أخته بالسعي لملاقاة حفيدته ملك؟؟؟، إن ريح الخزامي امرأة تجمع الصلابة والعدالة معا، برغم كونها شقيقته الصغرى إلا أنها تفوقه رجاحة عقل وحصافة، لقد تبرأ من ولده أحمد حينما تحداه وناسب الغجر!!!!!، لقد كان أحب أولاده إليه، فهو ابن حبيبته ملك!!!!... الطفل الوحيد الذي منحته له....
هو لم يلبي مناشدة ولده له برؤيته لطفلتيه حالما وضعتهما ابنة الغجر!!!!
على الرغم من أن أحمد أطلق على بناته أسماء أمه وجدته، إلا أن والده ظل ثابتا على موقفه....
لم يلين مرة واحدة!!!!
حتى عندما ضاعت أمان في احدى سراديق بيع الأغراض بالاسكندرية، لم يتشقق قلبه حنانا وهلعا عليها!!!!!
حتى حينما عثرت الشرطة على الملابس التي كانت ترتديها أمان قبل اختفائها طافية على سطح احدى الترع بطريق القاهرة – الاسكندرية، لم يتصدع منفطرا على فقدانها
في عرس حفيده عليّ على ابنة عمه ملك لم تنشرح أساريره، ولم يقف مع ولداه لتلقي التهنئات، لم يشارك قيد أنملة في استقبال الوفود التي قدمت لتشاطرهم المسرات....
هو ببساطة لم يستشعر أن زواج عليّ بحفيدة الغجر مبعث سرور وافتخار بالنسبة له!!!!....
حينما ظهر شقاق بين عليّ وملك أفضى إلى الطلاق، تنفس الصعداء وشعر بثقل يُزَاح من على كاهله!!!!
وحينما سقطت ملك طريحة الفراش، لم يستشعر رغبة بالمكوث بجوارها... وببثها الطمأنينة التي تحتاجها...
يكاد يكون طاغية ولكنه لا يبالي!!!!
هو لن يقبل باختلاط نسبه بالغجر مطلقا!!!!!!
هو وجيه منحدر من عائلة عريقة!!!!
هم أسياد البلد!!!!
وهؤلاء الغجر جراد انصهروا في نسيج القرية، ودفعوا بناتهم للزواج من كل العائلات ليُحْكِموا قبضتهم على البلدة!!!!
استخدموا جمال بناتهم المنزوعات الشرف للأبد!!!!!
لقد صار عجوزا هرما، بينه وبين القبر خطوات قليلة، لربما لهذا انصاع وراء إلحاح أخته أخيرا!!!!!
هو بحاجة لِيُكَفِّر عن ذنبه الرهيب!!!!!
ولو نبذته حفيدة الغجر سيكون قصاصا عادلا!!!!!
بجفائه المنصرم معها لا يتوقع منها احتفاءً وترحيبا به!!!!
كان يرتدي جلبابه ويلف تلفيعته حول رقبته، مفترشا مقعدا وثيرا في البهو ينتظر اطلالة الخانوم، ريح الخزامي داهية حية كانت تعلم بأنها لو حضته لزيارة ملك فقط لن يستجيب لها، فهو لن يطأ بأقدامه بيت ابنة الغجر أزاهير، ولذا فلقد أوردت له ذكرا بأن ملك تقطن بمفردها على قرابة من والدتها.
أجفله استقبال ملك له، دنت منه ببشاشة، وأفصحت له وهي منبسطة الأسارير وتمد يديها له بترحيب " آسفة جدي لتأخري، كنت في النادي بعد زمن طويل، فصرت ظمأى لتلك الحياة من جديد، كنت أغترف منها بشراهة فاستحلت متعرقة بفظاعة، فاستلزم الأمر اغتسالا كي أُجْلِي عني ذرات التراب التي علقت بي"...
لفت انتباهها عدم مصافحته لها، فقط استقام واقفا مع دنوها!!!!
أسقطت بصرها على يديه اللتين امتزجتا في نسيج!!!!!
فتلاحمت معه بصريا وعلقت بصوت أجش " تخاف أن تُطْلِق عقدتهما فيُحَلِّقَا ورائي ويتشبثا بي؟!!!!!"
تقلص محيا العجوز وغالب تقوض خزانات دموعه وغمغم لها والترنح يعتريه ويرتكز على حائط عيونها
"تلك المرة الأولى التي أنتبه فيها لكونكِ تحملين مآقي جدتكِ!!!!، كانتا جوهرتين من توباز على صفحة مرمر، كانتا نقيتان توائمان روحها الطاهرة!!!!"...
التوى فم ملك ساخرة " احتجت ثلاثة وثلاثين عام لتدرك هذا؟!!!!"
يحق لها توبيخه وتأنيبه، أخفض رأسه صوب الأرض وهزها وهو يدمدم محاولا إخفاء نشيجه
" أنا دوما أتأخر في الاستيعاب، فاغفري لي!!!!"
اختلج صدر ملك بمشاعر متضاربة إزاء ذلك العجوز البائس، قد يبدو طاغية لكنه في أشد العوز لتَفَهُّم... وسماح!!!!
تذكرت حينما كانت شقيقتها تسهب في إبراز نقائصه، وتُبْلِغَها بمدى جفائه وبرودته معها....
كانت تكرهه آنذاك ولكنها تستوعبه الآن!!!!
هو فقط لا يُحْسِن طلب صك الغفران، هو يود أن يسبغه أحد به بدون أن يطلبه منه!!!!!
إنه تركيبة متغطرسة تصادف هوى في نفسها!!!!
بوغت العجوز باقتحامها له!!!!!!
لقد دكت حصون مقاومته كلها!!!!!
هدَّمَت كل توابيت معتقداته البالية!!!!
لقد ارتمت عليه، وحضنته بأقصى وسعها!!!!!
_______________________
*علي*
واتاها على مضض، لقد زعم أمام ابنته بأن والدتها أصيبت بدوار من الحفل، ونشدت الراحة في سريرها، وأنه مع إشراقة الفجر سيصطحبها لها، فحضورهما للإسكندرية لن يذهب هباءً وستلتقي بأمها، ولكنه اكتشف خلو بيتها منها، فلقد عاودت عبثها، وولجت لارتياد النوادي لتلاقي صيدها، وتنصب شباكها، ولكنه كي لا يكسر قلب ابنته انتظر أوبتها، لم يرغب في موافاتها هناك كي لا تُبْصِر ابنته مشهدا يُسْقِط أمها من عليائها في نظرها، دقَّ ناقوس الباب، وقارنت الخادمة بين صورة أمورة المُزَيَّنَة بإطار كريمي، يحتل رفا في الصالة، وبين الكيان الصغير المتمثل أمامها، وشرعت الباب
رمش بأهدابه متفاجئا، لم يتوقع وجود جده، وانصهاره مع ملك في جذوة عناق متأجج
_________________________
تقريبا كانت انجيلا وعلي دائبين الصمت يتفاديا النظر لبعضهما، أما الجد عليّ فقد صار يثرثر بلا انقطاع مع الصغيرة أمورة، هو يتعرف عليها للمرة الأولى ولكنه انسجم معها بسلاسة وسهولة، والمناوشات بين الجد والصغيرة كانت على أوجها، وهما فقط كانا يصغيا لها، وامتدت مشادتهما الكلامية لتشمل افتخار الجد بقريته النائية وأنه لن يفارقها مادام به قلب ينبض، وحتى بعد موته سيُدْفَن بها، وأغرى الصغيرة لزيارتها مبرزا لها مواطن جمالها، فما كان من أمورة إلا أن هتفت بأبيها متوسلة لتذهب لقرية جدها، وطالبت أمها أيضا أن ترافقها فلقد وعدتها مسبقا برحلة تضمهما سويا، أرادت انجيلا التملص، هي لن تستفيد شيء بسفرتها إلى هناك، هي تحتاج البقاء في الأماكن التي كانت تتردد عليها ملك، ولكن أمام إلحاح أمورة واستعطافها لها امتثلت لرجائها، فشعرت حينها أمورة بالانتصار واستخدمت نفس الأسلوب الذي اتبعته مع أمها... لتقنع عليّ لينضم لهما، تذرع لها بالأعمال فالتقطت هاتفه على حين غرة وبحثت عن رقم جدها محمد لتخابره، وتمسكنت له ليُطلق سراح أبيها وليحمل على عاتقه كافة الأعمال لأسبوع يتيم ليتمكن والدها من الذهاب معها لرحلتها الصغيرة، في النهاية تم لأمورة مرادها وصارت مستقلة السيارة مع والديها وجدها عليّ متوجهة للقرية الغالية على قلوب أبنائها
في خضم ذلك واتى الجد اتصالا فشرع هاتفه، وشهق بغتة وقد تعطلت كافة مؤشراته الحيوية!!!!!
لقد كانت ريح الخزامي تفضي له بأمر أوبة الضالة لقريتها، وبتجمع الرجال من حولها بشعلات النار.... وببارودات ستُشْهَر في وجهها.... وستسفك دمائها
كانت انجيلا تشعر بأنها في مأزق حقيقي، فرحلة مع ذلك العليّ الذي كان زوجها قد تكشفها، هي مضطربة جدا، ومرتبكة لحافة الهاوية!!!!
وانتزعها من الأفكار التي تلاحقت عليها سقوط جدها مغشيا عليه وقد صارت أطرافه باردة ووجهه شاحب بصورة مرعبة!!!!
_______________________
حول المشفى
كان زعيم رجال السلطانة متعرقا بوفرة، يراقب ما يجري من بعيد... كان كما الأرنب المذعور، هو في النهاية مأجور... إنهم كما التتار في كثافتهم... وفي وحشيتهم... لا قبل له بهم!!!... لقد احتشدوا على قلب رجل واحد ليفتكوا بها....لا أحد يقوى على تخلصيها من براثنهم القاطعة... هذان الرجلان اللذان يحاولان إعدالهما عن قرارهما هالكان لا محالة..
كانت زبرجدة تحاول فك طلاسم ما تفوه به ذلك السلمان، كانت مشوشة الذهن جدا، عاجزة عن مجاراة ما يتصاعد من حولها، لزاما عليها أن تخرج وتواجه، ولو قتلوها يكونوا أراحوها، لا... هي ستصمد لأجل توت
تناهى لسمعها صوت متشدق يرتفع قائلا بتوبيخ " تصدقونهم؟!!!... صحيح أنتم بلدة بدون دماغ!!!..."
وفتَّق ذهن أهل البلد عن بعض الحقائق " شمس التبريزي كان جثة بلا حراك لآخر عامين من حياته، هذه الوثيقة مزورة!!!، منصور يكون صديق سلمان لأعوام، لفقا تلك القصاصة ليستوليا على وفر زبرجدة بعد أن يتم شنقها، إلا أن المحامي كان بارعا وخفف الحكم عنها، فبقيت تلك القصاصة قابعة لحين إشعار آخر، سلمان يعلم يقينا بأن زبرجدة ستجاريه لتتخلص من ذلك المأزق الملتف حول عنقها!!!!"...
ارتفعت الهمهمات المعترضة " سلمان يملك النذر الكثير، ليس بحاجة لنقود زبرجدة، كما أن شمس التبريزي قد كتب كل ما يملك قبل أن يسقط مريضا لابنته قيثارة"....
جلجل صوتا جهوريا جديد " العقد صحيح، وسبب كبوة الشيخ شمس الصحية هو اعوجاج مسلك ابنته، لقد أدمنت المخدرات واحتُجِزَت في المصحة لشهور مداد، وكانت ترافق كل يوم رجلا جديدا، وتعيث في سمعة والدها تخريقا ودهسا بأقدامها المتسخين، أمي كانت تعمل لديهم في قصرهم الرغيد وكانت تعي كل قذارات ابنة الشيخ الجليل"....
ضجَّت جلبة جديدة " وأسفاه على الشيخ، ابنته جعلت سمعته في الحضيض، لم يحسن تربيتها"....
هنا نفذ احتمال زبرجدة، وعيل صبرها، يتجرأوا ويوصموا والدها بأنه لم يُحْسِن تربيتها؟!!!!
خرجت لهم بقامة تشق أجواز الفضاء، وطوقت خصرها، وعنفت من تجرأ وألصق بوالدها لطخة عار وانطلقت بصوت يضج افتخارا... ويُقَرِّع من نسى القديم
" الشيخ شمس يا بلد الذي أوى المتشرد فيكم... الذي كان يكسي كل عاري... ويطعم كل فقير... ويقف بجوار كل عابر سبيل... الشيخ شمس الذي اختفى المساكين في عهده... الذي كان يفتح بيته لكل من يحتاج معونة أو مدد... لم يبخل يوما على أحد بأدنى شيء، هذا هو الشيخ الذي تتهموه بالتقصير في تشذيب سلوكي، من يُمْسِك عليّ فعلة شائنة فليتكلم ويُسْمِعَنِي صوته، لو تحسبوني أخاف نيرانكم وطلقاتكم تكونوا واهمين، أنا أعمار زبرجدة التي لا تخاف سوى بطش القدير!!!!، تزوجت سلمان ولم نعلن الزيجة لأننا كنا في انتظار تماثل أبي للشفاء ليفرح بنا!!!، لم يتزوجني ليستر عهري الذي تشيدونه في خيالكم المريض!!!، أنا هنا يا بلد فاردة جسدي لأعيرتكم النارية... وللهيب شعلاتكم، ولكن حينما ينهمر عليّ وابلكم تذكروا بأنكم قتلتموني بدون حجة ولا بينة!!!!، وبإني لن أغفر لكم مطلقا في الآخرة... لا أنا ولا أبي الشيخ القعيد"...
في غفلة عن الأحداق... وخلف غابة متشابكة من الأشجار...
كانت بارودة تتجهز وعيار من قناص يُحسن التصويب ينطلق مستهدفا قلب زبرجدة... عيون سلمان كما الصقر، وكأنما التفتت صوب الملثم الذي يستغل نُهْزَة الجلبة الدائرة حول زبرجدة ليبطش بها... توثب سلمان عليها بحركة مباغتة واستقرت الرصاصة في جسده هو!!!!!
ما الذي ورطه فيها؟!!!!
وكأن الهوى ليس قدرا يتلاعب بنا؟!!!...
يكفيه أن تحيا تلك البتلة الخمرية الجميلة!!!!!






 
 

 

عرض البوم صور بنت أرض الكنانه   رد مع اقتباس
قديم 15-01-15, 07:43 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بنت أرض الكنانه المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: وأذكر في الهوى جرحك!!!!!!!

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مبارك حبيبتي إنطلاقة روايتك الرائعة ..

أسلوبك فريد ولديك تعابير تنضح بالجمال ..

لم أكمل قراءة الفصول بعد ..

ولكني أحببت أن أعبر عن مدى إعجابي بكتابتك وأتمنى لك التوفيق واﻹزدهار.


تقبلي مروري ولي عودة بعد القراءة بتعليق ..

لك ودي
أختك ميمي




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الهند, جرحك!!!!!!!, وأذكر
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:39 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية