الجزء السادس والثلاثون
جود
التفتنا لمصدر الصوت فكانت رنيم تقف عند الباب وتنظر لبحر بجدية فقال
" يخصك أنتي !!! إنه رقم رجل "
قالت " نعم أنا من يتحدث معه من هاتف جود فلا هاتف لدي كما تعلم "
قال بصدمة " ولكن ..... "
قاطعته قائلة " إنه رقم ابن خالتي يمكنك الاتصال به لتتأكد بنفسك "
وضع الهاتف على الطاولة وقال " هل غيث يعلم بهذا "
قالت " لا ... ولا تخبره أرجوك "
تنهد بضيق وقال " ولما تتحدثين معه بدون علمه وموافقته "
قالت " إنه أمر شخصي "
قال مغادرا " هيا يا جود ولا أريد رؤية هذا الرقم في هاتفك ثانيتا "
خرج من المطبخ وسمعته يتحدث مع أحد إخوته في الخارج ثم ابتعدا نظرت لرنيم وقلت
" لما فعلت ذلك يا رنيم "
ابتسمت وقالت " لا أريد أن تخسري شقيقك يا جود وها أنتي رأيت بنفسك أن الأمر لن يجلب لك إلا
المشكلات وأخشى أن لا تنتهي على هذا "
قلت بحزن " يبدوا لي معك حق شكرا يا رنيم لن أنسى لك هذا أبدا ولكن بحر سيضن بك سوءا "
ابتسمت وقالت " لا عليك سوف أتدبر الأمر بمعرفتي "
خرجت للخارج لنغادر فوجدت زبير يقف مع بحر فقلت بحياء
" أعتذر منك دوننا عن الجميع يا زبير وأتمنى أن لا يكون في قلبك أي شيء سيئ اتجاهي "
نظر لوجهي مطولا وكأنه يرسم ملامحي بمقلتيه ثم قال
" أبدا يا جود لا تفكري هذا التفكير الخاطئ وأنا من عليه الاعتذار منك عن كل ما بدر مني "
قلت بابتسامة " إذا متصافيان ولا أحد غاضب من الآخر "
قال بذات الابتسامة " متصافيان جدا , أتمنى لك التوفيق والسعادة الدائمة "
قلت وأنا أفتح باب السيارة " أحظر حور لزيارتي دائما أرجوك يا زبير "
نظر لي نظرة غريبة ثم لبحر ثم ابتسم وقال " سوف أفكر في الأمر "
استغربت من جملته وصراحة لم افهمها ركبت السيارة وغادرنا على بركة الله
زبير
وقفت عند سيارة بحر كي أتأكد من أنني سوف أراها وما فاجئني هوا اعتذارها مني والكلمات التي قالتها لي
يالك من فتاة يا جود رغم كل شيء تعتذرين مني ثم ركبت وعينيا يتبعانها كمن أخذوا منه روحه بعدما نزعوها
من جسده انتزاعا ولا شيء بيدي سوى الصمت والتحديق ولم تفارقهم عيناي حتى توارت سيارتهم عن ناظري
تنهدت بحزن وما أن التفتت للخلف عائدا للقصر حتى سمعت صراخا من الداخل فركضت مسرعا ودخلت
فوجدت الجميع مجتمعين أمام باب جناح غيث وصراخه و رنيم خارج من هناك أمسكت يد أمي وقلت
" ماذا هناك يا أمي "
قالت بصياح " غيث يضرب رنيم في الداخل "
طرقت الباب بكل قوتي وصرخت به ليفتح ودون جدوى كان صراخه كالمجنون وبكائها ولا أفهم
مما يجري ويقولان شيئا نزل حينها صهيب راكضا وقال " ماذا بكم "
قلت بصراخ " أحضر إحدى مسدسينا بسرعة يا صهيب "
أمسكت بي أمي وقالت " ماذا ستفعل به "
قلت " لا تخافي لن أقتل أحدا "
ثم صرخت به " بسرعة يا صهيب علينا فتح الباب قبل أن يقتلها تعلم أنها حامل "
ركض كالبرق للأعلى وأحضر مسدسه فضربت قفل الباب ودخلت وهوا معي وأمسكنا غيث
وأبعدناه عنها قبل أن يقضي عليها ففك نفسه منا وخرج غاضبا دون كلام ودخلت حينها والدتي
وحور وميس وحتى والدتها فخرجت أنا وصهيب
سماح
يبدوا أن الفرح هنا لا يدوم فما أن تحسنت أحوال غيث وزوجته حتى عدنا من حيث بدأنا أنا لا أصدق أن
غيث يضرب امرأة كانت من تكون , دخلنا مسرعين فوجدناها ملقاة أرضا وغائبة عن الوعي تماما حاولنا
إيقاظها ولكن دون جدوى فصعقت وأنا أرى النزيف ينزل منها بشدة خرجت مسرعة وصرخت بهما
" إنها تنزف علينا أخذها للمستشفى قبل أن تموت هي وابنها "
جاءت سيارة الإسعاف في لحظات لأخذها وأصررت على الذهاب معها وركضت حور خلفي
قائلة " خالتي خدي معك حقيبة الطفل قد تحتاجونها "
آه يا لها من فكرة سديدة قلت مغادرة " شكرا لك يا حور جيد أنك تذكرتها "
وصلنا المستشفى وأدخلوها حجرة الولادة ومرت بنا الساعات ننتظر
" صهيب ألم يجب شقيقك بعد "
تنهد بضيق وقال " لا , وأغلق هاتفه أيضا "
قلت بحزن " يا رب سلمها يا رب "
قال " ماذا حدث يا أمي ألا تعلمي شيئا "
قلت بحيرة " لا لقد كانت أحوالهم على أحسن ما يرام مؤخرا لا أعلم ما حل بهما فجئه "
خرج حينها الطبيب فركضنا نحوه ثلاثتنا وقال زبير " ماذا حدث أيها الطبيب طمئنا عنهما "
قال بهدوء " لقد أجرينا لها عملية قيصرية لإنقاذ الطفل فهي في نهاية حملها "
قلت بخوف " وهل هما بخير "
قال " حمدا لله على سلامتهما إنه مولود ذكر وبصحة جيدة ولكن والدته نزفت كثيرا وتحتاج لنقل الدم "
قال صهيب " أنا جاهز "
قال زبير " وأنا كذلك "
قال الطبيب " ما هي فصيلتكما "
قال صيب " أي سالبة "
قال " جيد ضننت أننا لن نجد هذه الفصيلة بسهولة تعاليا معي "
وبعد قليل اتصلت حور فأجبت في الفور " نعم يا حور "
قالت بلهفة " ماذا حدث معكم "
قلت بسرور " حمدا لله لقد أجروا لها عملية وهي والمولود بخير "
قالت بدموع " حمدا لله على سلامتهما لقد خفنا عليها كثيرا , هل رأيتها "
قلت " لا ليس بعد فلم تستفق حتى الآن "
قالت " طمئنيني عنها حينما تستفيق , وداعا الآن "
وبعد ساعات استفاقت رنيم مسحت على شعرها وقلت
" حمدا لله على سلامتك يا ابنتي هل تشعرين بشيء "
قالت بتألم " ماذا حدث لي "
قلت بابتسامة " لقد اجروا لك عملية لإخراج الطفل حمدا لله على سلامتكما يا رنيم "
قالت " أين هوا ابني "
قلت " إنه في الحاضنة سيكملون بعض الإجراءات ويحضرونه لك "
نزلت من طرف عينيها دمعة عبرت طريقها فمسحتها ونزلت تلحقها الأخرى فأمسكت
بيدها وقلت " رنيم ما الذي حدث بينكما يا ابنتي "
قالت بعد صمت " لا شيء يا خالتي مجرد مشكلة بسيطة "
قلت بضيق " وأي مشكلة هذه التي تجعل غيث يضربك فلم يربي شامخ أبنائه على ضرب النساء أبدا "
قالت ببكاء " ابني يا خالتي أحضروه لي لا تدعوه يأخذه مني "
قلت وأنا أمسح على كتفها " لن يأخذه منك أحد يا رنيم ارتاحي الآن فأنتي لازلت متعبة "
سمعت طرقا على الباب فخرجت وكان صهيب فقال
" أمي عليك العودة للمنزل الآن وسوف أحضر ميس أو والدتها يجب أن ترتاحي "
قلت " سأبقى معها أنا لست متعبة "
قال بنفاذ صبر " أمي أرجوك لا تعاندي "
قلت بقلة حيلة " حسننا فعلينا إحضار بعض الثياب من أجلها كيف هوا الصغير "
ابتسم وقال " يشبه غيث كثيرا وبصحة جيدة لقد أنهينا الإجراءات وسيحضرونه لها حالا "
قلت " حمدا لله وهل جاء غيث "
قال " لا لم نره منذ الصباح لقد قمنا نحن بكل شيء لقد أتعبونا كثيرا معهم هيا يا أمي بسرعة "
صهيب
كان هذا اليوم مرهقا ومتعبا ومليء بالمفاجئات ولكن حمدا لله أن الطفل ووالدته بخير عليا الآن اخذ والدتي
للمنزل لترتاح وجلب ميس لتكون معها حتى نرى ما سنفعل إما نعلم والدتها أو نذهب لجلبها ولا أعلم ما ينوي
غيث فعله فقد خرج كالإعصار صباحا وها قد حل الليل ولم يرجع ولم يفتح هاتفه وزبير خرج للبحث عنه منذ
وقت ولم يجده
" صهيب ماذا بشأن البقية هل أخبرتهم "
قلت بهدوء " ما من داعي لذلك يا أمي فبحر غادر اليوم وسيسافر في الغد خارج البلاد وأديم كما تعلمين لا يمكنه
المجيء حتى نهاية الأسبوع فما من جدوى من أخبارهم مادامت رنيم والطفل بخير "
تنهدت وقالت " ولكن غيث مختفي منذ الصباح قد يكون به مكروه ما "
قلت " ذهب زبير للبحث عنه وسألحق به أنا أيضا , ولكن هل قالت لك رنيم شيئا عن سبب شجارهما "
قالت بحزن " قالت مشكلة بسيطة ولكن أي مشكلة تلك التي تجعله يضربها هكذا فلازالت أثار صفعاته لها
واضحة على وجهها والكدمات في جسمها "
قلت بضيق " لقد كادوا يفتحوا لنا تحقيقا لولا صديق لزبير طبيب هناك "
تنهدت وقالت " لا أعلم متى سنخرج من مصيبة ولا تلحقها أخرى "
وصلنا القصر ونزلت من السيارة مسرعا قبلها دخلت وكانت ميس ووالدتها وحور مجتمعات وينتظرن
فقفزت ميس راكضة نحوي وأمسكت بيدي وقالت " كيف هي الآن يا صهيب "
قلت متوجها للأعلى وممسكا يدها " إنها بخير لا تقلقوا ستذهبين معي للمستشفى الآن بدلا عن والدتي "
دخلت لغرفتي أمسكت وجهها وقبلتها وقلت " ميس هلا أخرجت لي ثيابا من غرفة الملابس عليا
الاستحمام سريعا "
قالت بابتسامة " بالتأكيد ولكن أيها تريد "
قلت وأنا آخذ المنشفة وادخل الحمام " لا يهم أي شيء تجدينه أمامك وجهزي ملابس لرنيم لنأخذها معنا "
غادرنا القصر وفي الطريق اتصل بي زبير وأخبرني أنه وجد غيث ولكنه رفض المجيء معه وأخبره أنه سيقوم
بتسجيل ابنه بنفسه وغادر , حمدا لله هذا غيث وجدناه وضننت أنها المشكلة الأخيرة لهذا اليوم حتى وردني اتصال
آخر فأجبت من فوري " نعم يا عصام هل من جديد "
قال بتردد " عمك جسار كما توقعت يا صهيب "
قلت بصدمة " ماذا !!! كيف ذلك "
قال " إنه متورط معهم والأخبار أكيدة "
قلت بحيرة " ولكن ما علاقته بهم وبتلك الأعمال "
قال بهدوء " إنها عصابة "
قلت بغيض " سحقا علمت أنه سيكون وراء ذلك "
قال " كيف ونحن لم نتأكد من مسئوليته عن ما حدث لعمك بعد "
قلت بجدية " سوف نتأكد وسيكون كما ظننا وسترى , حسننا وداعا "
نظرت لي ميس وقالت " ماذا هناك هل أحد إخوتك به مكروه "
قلت بضيق " ليس من أخوتي إنه عمي جسار "
قالت بصدمة " ما به "
قلت " سنتحدث فيما بعد حبيبتي دعيني أعلم كل شيء أولا "
قالت " هوا وراء كل شيء أليس كذلك "
قلت " لم أتأكد بعد ولكن وجدت الطريقة التي سوف أعلم بها وسيرى كان من يكون "
وصلت المستشفى دخلت ميس عند رنيم ووجدت زبير هناك فغادر زبير وبقيت أنا بالمقربة منهم
غيث
لا أصدق أن رنيم تفعل بي هذا لقد وتقت بها لقد ....... لقد أحببتها حقا
لماذا يا رنيم لماذا كنتي مثلهن ما كان عليا الوثوق بك يوما ولا قبولك في حياتي لقد اثبتي لي صدق
نظريتي خائنات كلكن هكذا ولا تختلفن عن بعض لم ألقى في حياتي نموذجا مختلفا أبدا إلا الخيانة
الماضي
" ابتعدي عني ماذا تريدين , سوف أشتكيك لوالدتي سمعتي "
ابتسمت بسخرية وقالت " حسننا تعالى لترى والدتك "
تبعتها أخذتني لغرفة في الملحق الخارجي وقالت لي " انظر من هناك في الغرفة تعالى "
نظرت هي من فتحة الباب ثم قالت " انظر من هنا "
نظرت فكانت والدتي مع زوج هذه .... مع زوج الخادمة
نظرت لها بصدمة فابتسمت بسخرية فتحت الباب بسرعة وهي تحاول منعي نظرت لي
والدتي بصدمة وقالت " غيث ماذا .... "
قلت بصراخ " أمي ماذا تفعلان هنا "
وقفت وتوجهت ناحيتي ومدت يدها وقالت " غيث تعالى "
لكنني ركضت مسرعا للخارج فلحقت بي أمسكتني من يدي وقالت بحدة
" غيث انتظر قلت لك "
قلت بغضب وبكاء " ماذا كنتي تفعلي ماذا "
قالت " غيث هذا شيء عادي ماذا فهمت أنت "
قلت " إنه ليس زوجك "
قالت " هوا خادمنا "
قلت " الخادمة تضايقني لا أريدها اطرديها "
قالت " لا استطيع ولا تكترث لها لن تؤذيك "
قلت بغيض " لماذا لا تستطيعي وأين هوا زوجك أين ذهب "
قالت بحزن " لقد رحل ولن يعود "
قلت " أريد والدي لا أريدك "
قالت بغضب " بل ستبقى معي والدك لا يريدك سمعت "
قلت " كذب والدي كان يحبني دائما لم أره ينام مع امرأة غيرك ولا يتحدث في الهاتف مع غرباء مثلك
لماذا أنتي تفعلين ذلك ولما هوا لا ينام مع الخادمة "
الحــاضر
هه كم كنت مغفلا وطفلا ساذجا وكم كنتي خائنة وحتى حسام صديقي المقرب الذي لم أنساه يوما قتل نفسه
بسبب خيانة زوجته له لم أنسى يومها حين كان يبكي ويقول لي
( أحبها يا غيث كيف لي أن أنساها وكيف لي أن أغفر خيانتها لي ومع من مع صديقي )
وبالرغم من كل ذلك وثقت بك وأحببتك يا رنيم يا خائنة ومع من مع ابن خالتك استغفلتماني وضحكتي
عليا أنتي وهوا يا خائنان ولكن ابني لن تريه ولو طلت النجوم والسحاب ولن تربيه خائنة ليعيش طفولة
والده من جديد
ابقي هناك مع ابن خالتك واشبعي به وأنا وابني سنعيش بعيدا عنكم جميعا لا أريد منهم ثروة ولا شيء ولن
أضحي من أجل أحد بعد الآن هي مدة قصيرة انهي فيها كل شئون الشركات ليستلمها إخوتي ولن اربط نفسي
بك بعد اليوم
أديم
لم أذهب الإجازة الماضية لعائلتي بسبب ظرف حدث لصديقي لقد مر أسبوعان على ولادة رنيم وصار غيث
أبا ولم يزدني ذاك إلا شوقا لابنتي وزوجتي يبدوا أنني سوف أنتظر حتى آخر العمر ولن أراهم لقد بدأت افقد
الأمل حقا دخلت المنزل الخالي الذي لا يملأه إلا الغبار من كثرة فتح بابه ووجدت سيدة تقف بالداخل شبه مولية
ظهرها لي لم يكن يظهر عليها أنها حامل فليان الآن ستكون في نهاية الشهر السابع فتحت شفتاي لأسألها من تكون
فالتفتت قبل أن أفعل وكانت ............ ليان
ركضت ناحيتي فحضنتها بقوة ونزلت الدموع من عيناي الواحدة تتبع الأخرى لم أكن مصدقا أن ليان تقف أمامي
وبين ذراعاي الآن كنت أشدها لحظني بقوة وأبكي وهي تبكي بمرارة وعبرات متتابعة وتقول
" وسيم هذا أنت أمامي هنا لا أصدق ذلك أبدا "
كنت احضنها بقوة وأقبل رأسها وأمسح على ظهرها في صمت وصدمة يصعب معها الاستيعاب والتصديق تنهدت
تنهيدة طويلة مرة حارقة ومريحة ذات الوقت ثم تذكرت أن بطنها لم يكن كبيرا هل ماتت طفلتي يا ترى ولكن المهم
أن ليان عادت لي أخيرا , أبعدتها عني نظرت لجسمها فابتسمت وابتعت قليلا وعادت بقطعة قماش ملفوفة ومدتها
لي نظرت غير مصدق للوجه الصغير للغاية الذي كان يوجد في فتحة من تلك اللفافة نظرت لليان في دهشة فابتسمت
وقالت " ابنتك يا وسيم كما كنت تريد إنها فتاة "
أخذتها من يديها وحملتها بين ذراعي أنظر لها غير مصدق ثم غمرت وجهي في وجهها الصغير استنشقت رائحتها
الطفولية الجميلة وقبلتها على خدها وبين عينيها ونزلت دموعي تتساقط فوق وجهها وخرجت مني عبرة أسمعها للمرة
الأولى جلست على الكرسي وفتحت اللفافة عنها وأخرجت يدها الصغيرة الحجم وكأنها يد دمية كانت ناعمة وبيضاء
قبلتها مرة واثنتين وثلاثة وعشرة حتى تغيرت ملامح وجهها دليل الضيق وفتحت عيناها الجميلتان ببطء كانتا كعيني
ليان كبيرتان جدا وعسليتا اللون كعيناي شعرها كلون شعري تماما وتبدوا صغيرة للغاية وكأنها لم تكمل نموها بعد
نظرت لليان التي كانت تقف مكانها تنظر إلينا وتمسح دموعها مددت يدي لها فاقتربت وأمسكت بيدي وجلست
بجواري فطوقتها بها والأخرى تمسك ابنتي وحضنتهما لصدري كليهما وحمدت الله في قلبي كثيرا
بعد قليل وصلت رسالة عبر هاتفي فأخرجته وفتحتها فكانت من صديقي خيري وفيها
" هل وصلتك الأمانة "
ابتسمت بحب وأعدت الهاتف لجيبي نظرت لليان ومررت أصابعي في شعرها وقبلتها بعمق ثم حضنتها فقالت
بدموع " كم اشتقت لك يا وسيم وافتقدتك كثيرا وضننت أنني لن أراك أبدا وأني فقدتك كما فقدت كل شيء يالي
من حمقاء لو أني عدت إلى هنا لوجدتك في المنزل , لا تتركني ثانيتا أرجوك "
أعطيتها الصغيرة ودخلت الغرفة أحضرت الدفتر والقلم ومددتهما لها فضحكت من بين دموعها وقالت
" هل سأكتب لك ما حدث خلال كل هذه الأشهر "
ثم أخذت مني الدفتر والقلم وكتبت كلمات قليلة وناولتني إياه فكان مكتوب فيه
( أحبك يا وسيم أحبك وهذا كل شيء )
حضنتها مطولا ثم كتبت لها ( كيف أنجبتها الآن )
كتبت لي ( لقد مرضت كثيرا وأنجبتها في بداية الشهر السابع ونجت من الموت بأعجوبة )
كتبت ( هل صحتها جيدة هل هي بخير )
هزت رأسها بنعم دون كلام فكتبت ( كيف علمتي أنني هنا )
كتبت ( بعد ولادتي وبعد أن تعافيت توجهت للسجل المدني لتسجيل الطفلة فطلبوا مني عقد الزواج الموثق في
المحكمة حاولت معهم جاهدة وحكيت له قصتي فقال أعطني اسمك كاملا وعندما رآه اتصل من فوره بشخص
يعمل ضابطا في المخابرات فحضر وتحدث معي وقال لي أن أعود للمنزل عند هذا الوقت تحديدا وسوف
أجد الأوراق ولكنني وجدت ما هوا أهم وهوا أنت )
رميت الدفتر وحضنتها مجددا أذا هي أيضا لم تكن تعلم أنني هنا لقد لعبها خيري بشطارة كيف لم يخطر
في بالي أنها ستلجأ للسجل المدني لتسجيل الطفلة يا لا سعادتي بهما ويا له من يوم لا يضاهيه أي يوم , أخذت
الطفلة منها وحضنتها بقوة أستشعر وجودها أمسكت كتفي وقالت بابتسامة
" وسيم سوف تبكيها رفقا بها فهي لم تكمل نموها بعد "
دخلت الغرفة أخرجت جواز سفري وجوازها وأوراقنا ثم خرجت كتبت لها أن تبقى مكانها ذهبت وسجلت طفلتي
الحبيبة باسمي ( ميسم أديم شامخ آل يعقوب ) كاملا لا ينقصه أي حرف وكما أردته دائما , حجزت تذاكر لنا
فغدا إجازتي وعليا أن آخذها هناك وتعلم كل الحقيقة أعلم أنها مهمة صعبة للغاية ولكن لن أعيش معها على الكذب
بعد الآن اتصلت بصهيب وطلبت منه استقبالنا عند المساء في المطار وشرحت له أن لا يتحدث بشيء أمامها
عدت للمنزل وجدتها كما توقعت تحاول تنظيف الغبار أمسكت يديها قبلتهما ثم أجلستها وقضيت باقي اليوم وهما
في حضني غير مصدق لما حدث معي , خرجت لجلب الطعام وعدت من فوري وكأنني أخاف أن ارجع ولا أجدهما
وعند الثامنة مساء حملت حقيبة ابنتي على كتفي وحملتها وناولتها لها خرجت بهما وفتحت باب سيارتي فنظرت
لي بصدمة ثم للسيارة وقالت
" نركب هذه ولكن كيف تحصلت عليها ممن استعرتها "
ابتسمت وحثتها على الركوب وركبنا الطائرة كله في صمت وصدمة على وجه ليان من كل ما يجري ولكني لم
أتحدث معها في شيء وكنت ممسكا ابنتي طوال الرحلة وعيناي لا تفارقانها وكأنها حلم تحول فجئه لحقيقة
سماح
" خالتي إنه لا يتوقف عن البكاء "
تنهدت وقلت " لا حل لدي يا ميس فعلت كل شيء وبلا فائدة "
قالت " لقد مر على ذهاب رنيم أكثر من أسبوع والطفل على حاله يبكي طوال الوقت "
آه لو أعرف فقط ما جرى بينهما فكلاهما لا يريد الكلام و رنيم جاء زوج خالتها وأخذها من المستشفى مباشرة
أنا حقا لا أفهم شيئا , ولما يحرم غيث الطفل من والدته لما كل هذه القسوة ترى ما حدث ليتحول غيث لقاسي معها
هكذا كالسابق , خرجت حور من المطبخ متجهة جهتنا وهي ترج رضاعة الحليب الخاصة بشامخ الصغير وقالت
" لقد غيرت نوع الحليب ثانيتا أحضره زبير للتو قد يتقبله "
قلت بقلة حيلة " هاتي لنجربه ناوليني الطفل يا ميس "
تحسس الحليب بلسانه ثم أمسك رأس المرضعة بشفتيه ورضع ببطء
قالت ميس بسرور " حمدا لله وأخيرا "
ضحكت وقلت " ميس يبدوا أنك كنتي متضايقة منه جدا "
دخل صهيب قائلا " كنت استغرب أنها لم ترمه خارجا "
قالت بضيق " ما تضنني متوحشة لهذه الدرجة "
اقترب مني قبل رأسي وقبل الطفل ثم جلس بجانب ميس قبلها على خدها فوكزته
بمرفقها في ضيق فضحك وقال " يا لي من محضوض بك يا ميس "
ميس تخجل كثيرا من جنون صهيب الذي لا يعرف الخجل رغم شراستها وحدتها إلا أنها تستحي منا كثيرا
قلت بهدوء " ميس تعبت معي كثيرا لقد أمضت البارحة كلها تحاول إسكاته "
همس لها شيئا في أذنها فنظرت له بصدمة ووقفت مغادرة في ضيق وهوا يضحك فقلت
" صهيب خف على زوجتك قليلا إنك تزودها أحياننا "
قال مبتسما " دعيني آخذ حقي منها فيما فات "
تنهدت وقلت " أخشى أن يتحول الأمر لمشاحنات ميس تخجل مني ومن والدتها كثيرا وأنت لا ضوابط
لديك أبدا "
قال بضيق " أمي إنها زوجتي ماذا في ذلك "
قلت " لست المتزوج الوحيد هنا لما غيث وزبير لا يفعلان ذلك "
قال بتذمر " وماذا في الأمر لما تعقدونها هكذا ما ذنبي إن كانا لا يحبان زوجاتهم "
هززت رأسي بيأس ونظرت لشامخ وقلت بسرور " ها قد نام أخيرا الحمد لله "
قال " هاتي دعيني أحمله "
قلت معترضة " لا هل تريد إيقاظه بعد أن نام بأعجوبة "
دخلت حور وقالت بسعادة " هل نام أخيرا ياله من مسكين لم ينم منذ يومين "
وقفت برفق وقلت " سوف آخذه لسريره وسنتناوب على مراقبته , آه لن أتخلص من تربية الأطفال أبدا "
ضحك صهيب وقال " أحمدي الله أنه معك مساعدات هذه المرة "
قلت مغادرة بابتسامة " أجل فلولاهن لتركت لكم القصر منذ أول يوم "
تلقى صهيب مكالمة غادرت وعدت فقال لي بابتسام " أمي لدي لك خبر يساوي الملايين "
قلت " ليس لدي شيء أعطيه لك "
ضحك وقال " أديم قادم اليوم مع زوجته وابنته "
قلت بفرح وأنا أركض ناحيته وأجلس وأمسك بيده " قل أنك لا تمزح قل قسما أنها حقيقة يا بني "
قال " أقسم أنه تحدث معي للتو لقد وجدهما يا أمي "
قلت بدموع وفرح غامر " حمدا لله ما أسعدني بهذا الخبر "
مد يده وقال " هيا هاتي مليونا واحدا فقط "
ضربته على يده وقلت " هذا الخبر لا تضاهيه النقود متى قال أنه قادم "
قال بابتسامة " عند المساء "
جلست وقلت ببكاء " أخيرا أقر الله عينه برؤيتهما وطمئن قلبي عليه وعليهما حمدا لك يا رب على كل
ما تعطي , سوف اتصل به "
قال معترضا " لا أمي لقد قال أنه لم يخبرها حقيقته بعد فعليكم أن تكونوا حذرين من الأمر حين مجيئها هنا "
مسحت دموعي وقلت بهدوء " حسننا ولكن أخبرني هل تحدثت مع غيث هل قال شيئا "
هز رأسه وقال " لم يترك لي مجالا حتى للحديث في الأمر أنا خائف مما قد يقدم عليه "
نظرت له بصدمة وقلت " هل تقصد أن ينفصل عن رنيم ويتركنا "
تنهد وقال " تحركات غيث في الأملاك لا تعجبني أخشى انه يفكر في ذلك "
شعرت بالأرض تتحرك بي فوضعت يدي على راسي وقلت " يا لا المصيبة "
قال " أمي ما بك إنه مجرد تخمين مني ولا شيء واضح حتى الآن "
مرت ميس فقلت لها منادية " هلا تفقدت شامخ يا ميس "
قالت بابتسامة " لا تخافي فصوته يشق الجدران ويصل إلينا بسهولة "
وغادرت ضاحكة فضحك صهيب وقال " لا اعلم كيف ستربي أبنائنا عليا جلب مربية منذ البداية "
ضحكت وقلت " تزوج عليها حينها "
نظر لي بصدمة ثم قال بصوت مرتفع " ميس تعالي واسمعي ما تقول زوجة عمك "
قلت بخوف " صهيب هل جننت لا توقع بيني وبينها يا محتال "
ضحك وقال " سأقول الحقيقة واعدك أن لا اكذب في شيء "
وقفت ميس بعيدا وقالت " هل ناديتني "
نظر لي بمكر وأنا أهدده بيدي ثم ضحك وقال " أديم وزوجته وابنته أيضا قادمون الليل "
اقتربت وقالت بسرور " حقا "
ثم احتضنتني وقالت " حمدا لله على سلامتهم يا خالتي "
قال صهيب بتذمر " أنا من نقل لك الخبر وليس أمي "
نظرت له بضيق وقالت " هل تعرف ما هوا اكبر أخطائي "
ضحك وقال " اعلم , انك وافقت على الزواج بي ... قديمة "
قالت بضيق " خالتي جدي لي حلا مع ابنك هذا "
قلت بابتسامة " ليس لدي حل يمسح الحب من القلوب "
قال بابتسامة " عاشت والدتي "
تركتنا ومضت فتبعها جهة المطبخ هذا الفتى سيجعلها تكرهه بالتأكيد , أتمنى من الله أن يوفقهما
بحر
" لقد قررت وانتهى يا صهيب هي مسألة وقت فقط "
قال بحدة " هل جننت يا بحر بما تهدي الآن "
تنهدت وقلت " لا خيار أمامي يجب أن تعيش حور حياتها كالبقية عليا أن أفكر بها أيضا وأتوقف عن التفكير
في نفسي فقط , انظر كيف أن حياة الجميع تسير للأفضل غيث أصبح أبا وأديم تزوج ولديه ابنة وأنت تزوجت
بمن أردت وحده زبير من يسير للخلف بينكم وانظر كم من الأشهر مضت وحور ليست لي ولا له سوف تنسى
وتتعايش مع واقعها يوما "
قال بهدوء " وأنت "
قلت بحزن " أنا حُرِمت عليا النساء بعدها سوف آخذ شقيقاي بعد أن أصبحا تحت وصايتي ووالدتهم أيضا وأسافر
وأعمل هناك وتنهي شقيقتي دراستها ويبتعدوا عن همز الناس لهم إنه الخيار الأفضل للجميع من أجلهم وليس من
أجلي فقط "
قال بأسى " ونحن يا بحر ووالدتك ألم تفكر بنا "
قلت بحزن " أنتم عائلة ستكونون سعداء معا ووالدتي لديها غيري أما أخوتي فليس لديهم غيري وليس لي غيرهم
بعد الآن "
قال بغيض " اقسم أنك جننت يا بحر جننت وستحطم قلبك وقلبها وقلوب الجميع "
قلت بألم " وماذا تريد مني أن أفعل أن أموت كل يوم وأقتلها معي وهي لن تكون لي أو أن أطلب من زبير أن يترك
عائلته وثروة والده من أجلي وأجلها أقسم لو كان الأمر بيدي لحاربت كل شيء لأحصل عليها فقد تعلمت درسا قاسيا
يجعلني أفكر مليا قبل ترك الأشياء التي بين يدي "
قال بضيق " وما الذي تفعله الآن أليس تخلي "
قلت بابتسامة سخرية " تخلي عن ماذا فهي ليست بين يدي الآن لأتخلى عنها لقد ضاعت للأبد لو كنت مكاني ما كنت
ستفعل يا صهيب أخبرني صراحة "
قال بحزن " لا أعلم ما أقول ولكني لا أريد أن نخسرك يا بحر لا أريد "
قلت بهدوء وأنا أنظر لعرض البحر " لا تخبر أحدا بما قلت لك فلم يعلم بما أفكر غيرك "
الفصل السابع والثلاثون
زبير
كان عليا اليوم زيارة عم حور برفقة جبير لقد أجل الأمر كل هذا الوقت من أجلي ومن أجل ظروفي كم أصبح
عالمي كئيبا دون وجود جود ودون رؤيتي لها والقصر أصبح أشبه بالخراب دون ضحكاتها وصوتها وزد عليه
أنها تغلق هاتفها منذ غادرت القصر أكاد أجن ولا أعلم كيف أصل لها فلم تعد تحت نظري لكي أبعد كل من يقترب
منها وبحر شبه مختفي ولا أخبار لدي عنها
" ألم نصل بعد "
قلت بتذمر " أعطني شجرة عائلتك يا جبير في أقرب وقت "
ضحك وقال " لا تتعب نفسك فوالدتك لا تقرب لي "
تأففت وقلت " ها قد وصلنا أصمت الآن "
نزلنا وكان السيد راجي في استقبالنا فقال مرحبا " مرحبا زبير لم نعد نراك "
قلت بابتسامة " مشاغل الحياة وأنت تعرف الأعمال والسفر , أقدم لك صديقي جبير عسلاني "
مد يده له مصافحا وقال " هل أنت صاحب محلات العسلاني لقطع الغيار "
قال مبتسما " نعم تشرفت بمعرفتك سيد راجي "
قال بذات الابتسامة " ولي الشرف أيضا وقد نصبح شركاء عمل فمحلاتكم سمعتها كبيرة وطيبة بين الجميع
ونحن نحتاج لمثلها في شركتنا "
قلت ضاحكا " هذه ليست زيارة عمل فدعونا ندخل أولا "
قال راجي " لنجعلها اثنين في واحد هيا تفضلا "
دخلنا وجلس جبير وبدأ بالتوتر وهوا ينظر لي وكأنه ينتظر أن أتحدث ياله من مخادع هل أحضرني لأتحدث
أنا , ثم بعد صمت قال راجي " تفضل يا بني قال زبير أنك تريدني في أمر "
قال بتوتر " نعم , لقد جئت طالبا التقرب منك فأنا لا والد ولا إخوان لدي وزبير هوا صديقي المقرب وصهركم
فطلبت منه المجيء معي "
قال بهدوء " التقرب مني أنا ولكن في من "
قال " في ابنتك الكبرى لقد سمعت عنها طيبا ولدي شقيقان صغيران أنا من يقوم برعايتهم حاليا وأريدها زوجة
لي إن وافقت على أن يكونوا معها وتحت رعايتها "
قال بحيرة " شقيقاك طفلان "
قال " نعم هما شقيقاي من والدي أصغرهما ملاك في الثالثة وأمجد في الخامسة "
لاذ بالصمت فقال جبير " خد وقتك في التفكير وسأكون من يدك هذه لتلك وكل ما تشترطونه أوافق عليه
فيما عدا أمر شقيقاي "
قال بهدوء " بارك الله فيك يا جبير وفي من رباك لكن ابنتي خطبها حتى الآن ثلاثة خلال هذا الشهر ولم أعطي
الرد لأي منهم وأنا سأترك الخيار لها فلا شيء يعيبك ويعيبهم ومن اختارته هي وافقت أنا عليه فلا تلمني في
ذلك مهما كان قرارها "
قال " وأنا في انتظار ما تقرر ولن يغير رأيها شيئا فيما تحدثنا عنه "
وقف جبير ووقفت بعده فقال راجي " مهلكما فلم تشربا شيئا "
قال بابتسامة " في المرة القادمة "
ضحكت وقلت " قهوة الموافقة من العروس "
ثم غادرت و جبير وأوجع رأسي طوال الطريق وهوا يصر على أن تتحدث حور معها كي توافق , بعد أن
أوصلته لمنزله فسيارته هناك توجهت لمكتب الشركة واتصلت بجود وكان هاتفها للمصادفة مفتوحا ولكنها لم
تجب حاولت مرارا ودون جدوى فأرسلت لها
( لا تجعليني أجن وأفعل ما لا يحمد عقباه )
بعد وقت أجابت فقلت بغضب " ما معنى الذي تفعلينه معي الآن "
قالت بهدوء " لقد وجد أخي رقمك يتصل بي وكدت اخسره للأبد "
قلت بصدمة " متى "
قالت " لا يهم متى ولكنه وجده ولولا أن أحدهم عرض نفسه ساعتها للخطر لأجلي لكبرت المسألة "
قلت " حسننا والحل "
قالت بحزن " عندما تنتهي ظروفك فأوفي لي بعهدك وأنا سأكون عند وعدي وانتظرك فأعذرني عن مواصلة
المشوار أحبك أكثر من نفسي ولكن حتى هنا يكفي "
قلت بصدمة " ماذا تعني بذلك "
قالت ببكاء " الأمر ليس بيدي أعذرني "
قلت بغضب " كيف تتخلي عني الآن كيف "
قالت والعبرة تخنقها " أنا لا أتخلى عنك أخبرتك أني سأكون عند وعدي "
قلت بأسى " وتحرميني منك ومن الحديث معك لماذا "
قالت " أنا أخطئ بما أفعل وأدمر علاقتي بالأقربين لو كنت بدل شقيقي ما كنت ستفعل ولو كنت شقيقتك كيف
كانت ستكون ردة فعلك حين تعلم "
صرخت بغضب " الآن تقوليها يا جـ.... الآن الآن بعد كل هذا الوقت "
قالت ببكاء " لا تضع اللوم علي فأنت من تحدث معي إن كنت ستتخلى عن وعدك لي فأخبرني "
قلت بهدوء ممزوج بالضيق
" يبدو أنه لا يمكننا التحدث الآن فكري مليا فيما تقولين وهدئي من روعك وسنتحدث لاحقا حسننا وداعا "
وأغلقت الخط على صوت شهقاتها , ما الذي تهدي به يا جود ما هذا الهراء الذي تقولينه كيف تتركينني حتى
تنتهي ظروفي بل ومتى ستنتهي ولكن معها حق يا زبير أنت نفسك لا تعلم متى ستنتهي مأساتك آه منك يا جود
فقد زدتني فوق همومي هموم وها قد عادت لغلق هاتفها من جديد
رن هاتفي فكان المتصل عم حور استغربت أن يتصل بي وأنا كنت معه منذ قليل هل وافقت ابنته يا ترى أجبت
فجاء صوته هادئا " أعذرني يا زبير ولكن ثمة أمر مهم عليا التحدث معك فيه "
قلت بتوجس " لا عليك خد راحتك "
قال " أخاف أن تغضب مني حور لأنني خيرت ابنتي وفرضت عليها هي الزواج بك "
قلت بعد صمت " ولكن حور تعلم أن الأمر خارج عن إرادتك "
قال بجدية " تحدث معها يا زبير لا أريد أن تأخذ على خاطرها مني فلو كان الأمر بيدي ما أجبرتها "
قلت بهدوء " حسننا سأتحدث معها هل تأمرني بشيء آخر "
قال " شكرا لك يا زبير لا شيء غيره وداعا "
لقد ظلمناك يا حور ظلمك الجميع من والدك لوالدي لعمك لي أنا , أنا الذي لازلت أكمل مأساتك ومأساتي ولكن
ما بيدي حيلة فرسالة والدي لي لازالت تعيق أي فكرة تخطر ببالي , أريد ترك كل شيء الثروة وحور والفوز
بمن أحببت لأرتاح وترتاح هي ويرتاح شقيقي ولكن كيف أخيب ظن والدي بي , أنا من لم ارفض له طلبا أبدا
وهوا على قيد الحياة فكيف بعد موته وكلماته المكتوبة لازالت نصب عيني
( لا تترك شرط الوصية حتى اقتسام الميراث يا زبير أنا أعتمد عليك )
آه منك يا والدي ومن وصيتك فليست حور الخاسر الوحيد فبحر وأنا أيضا معها
صهيب
ياله من هم حملني به بحر اليوم , أنا أعرف شقيقي جيدا لا يفكر في أمر إن كان غير مقتنع به وغيث أنا متأكد
من انه ينوي على ذات الشيء فهل سأخسر إخوتي واحدا تلو الآخر يا ترى
" صهيب هلــ ..... "
بترت كلماتها ثم قالت بصدمة " صهيب ما بك تبدوا حزينا جدا "
تنهدت وخفضت بصري للأسفل وقلت " لا شيء حبيبتي "
اقتربت مني جلست بجواري وأمسكت يدي وقالت " لا ليس لا شيء ماذا هناك "
قلت بحزن " إنهم أشقائي يا ميس بث أخشى بل أرى فقدنا لهم واحدا واحدا سيكون قريبا "
ثم نزلت من عيني دمعة وكأنها تريد رواية ما كنت أكبته منذ أيام مرة حارقة لا اعلم كيف سقطت مني
, دمعة لم أرها يوما تسقط من عينيا , ضمتني ميس بذراعيها واتكأت برأسها على كتفي وقالت
" صهيب لا تبتئس ولا تحزن , من أجلي أرجوك "
قلت " رغما عني كيف لي أن لا أحزن "
قالت بحزن " وكيف علمت بذلك هل هم من أخبروك "
قلت بأسى " لا يحتاج الأمر أن يخبروني إنه واضح تماما "
لازال هناك أديم فقد لا تقبل زوجته عيش عالمه هذا ويتركنا من أجلها ومن أجل ابنته أخشى أن لا يبقى غيري
في النهاية , تنهدت وقلت " أخشى أن أفقدك أنت أيضا ذات يوم يا ميس "
قالت بدموع " لا تقل ذلك أرجوك نحن لن نفترق أبدا "
طوقتها بذراعي وقبلت رأسها وقلت " أتمنى أن لا يحدث كل ما أتوقعه "
جلست مقابلة لي فمسحت دموعها بأصابعي وقلت " لا أريد رؤية هذه مرة أخرى حسننا "
ابتسمت بحزن وقالت " وأنا لا أريد أن أراك حزينا أبدا "
حضنتها وقلت " ما رأيك لو تزوجنا الآن لتبددي بعض حزني "
ضحكت وغمرت وجهها في صدري أكثر وقالت " يالك من محتال "
ثم ابتعدت عن حضني وقالت " ماذا عن عمك جسار لم تحكي لي ما حدث "
تنهدت وقلت بضيق " إنه متورط في تجارة مشبوهة وأفكر في تهديده بذلك "
قالت بصدمة " تجارة مشبوهة "
قلت " نعم ومتورط فيها حتى القاع وله صلة بالرجل الذي دبر تهمة والدك هناك "
قالت بغيض " إذا كما توقعت هوا من وراء ذلك "
ثم نظرت لعيناي وقالت " لكن قد تعرض نفسك للخطر بذلك أنا أتنازل عن شرطي "
ضحكت وأمسكت وجهها بكلى يدي وقلت " هل تخافين علي يا ميس "
قالت ودموعها عادت للنزول " أحمق لا أخاف عليك طبعا "
قبلتها على شفتيها وقلت " يالك من كاذبة , تم ألم أقل أني لا أريد رؤية دموعك "
هزت رأسها بالنفي ولم تتكلم فقلت بحزم
" ميس أنا لن أتخلى عن حقكم وبراءة عمي نبيل ولو كلفني ذلك حياتي "
ارتمت في حضني وقالت " وما نريد بكل ذلك لو فقدت حياتك "
مسحت على رأسها وقلت " وما أريد بحياتي وعمي يموت مجرما وهوا بريء وحقكم يضيع وأنتم أحياء "
طرق حينها أحدهم باب الغرفة ابتعت ميس عن حضني ودخلت أمي وقالت بعد صمت وهي تتأملنا
" ما بك تبكي يا ميس هل تشاجرتما "
نزلت دموع ميس من جديد في صمت فقلت بابتسامة
" لا شيء يا أمي فقط زوجتي تريد إفراغ خزاناتها الممتلئة منذ سنين "
قالت ميس بابتسامة " أحمق "
ضحكت وقلت " ما أجملها من شفتيك "
ثم حضنتها فابتعدت عني وهربت خارجا في خجل فضحكت وقلت
" أعرف كيف أتخلص منها في وجودكم "
قالت أمي بضيق " صهيب توقف إن إحراجها أمامنا لما تتعمد فعل ذلك "
قلت " أحبها أمي ما عساي أفعل "
قالت " أحبها برفق بني , ألم يخبرك أديم متى سيصل يبدوا لي تأخر "
نظرت للساعة في يدي وقلت " بعد قليل عليا الذهاب لاستقبالهم الآن أمي لا تنسي ما أوصيتكم به لا تتحدثوا
أمامها بشيء "
قالت " نعم أعلم وكن مطمئننا "
ليان
ظننت أنني نسيت السعادة وأن السعادة نسيت أن لي وجود حتى اليوم حين ذهبت للمنزل الذي ظننت طويلا
أنه ضاع كما وسيم وصدمت حين اخبرني ضابط المخابرات ذاك أن المنزل ما يزال مفتوحا منذ غادرته
واقترح عليا أن آتي لأبحث فيه عن أوراقي دخلت ووضعت ابنتي في أنظف مكان فيه فقد كان مليء بالغبار
ويبدوا لي أن بابه لم يغلق كما قال
كان ثمة أكياس للطعام استغربت وجودها وخفت أن يكون احدهم يعيش هنا هممت بالخروج عندما سمعت
خطوات ورائي التفتت فكان وسيم أمامي كالحلم بل كالمعجزة فلم تسعني الدنيا من فرحتي وركضت مرتمية
في الحضن الذي كان ملاذي لأشهر طويلة والذي فقدته لأشهر أيضا ولم اشعر بالأمان إلا وأنا أغوص فيه الآن
قضيت اليوم غير مصدقة لما أنا فيه يوم كأيامنا الجميلة تلك مع فارق بسيط وهوا وجود ابنتي الحبيبة معنا
الطفلة التي طالما تمناها وسيم وانتظرها كثيرا ثم عند أول المساء خرجنا من المنزل وركبنا سيارة لا أعلم من
أين لوسيم بمثل هذه السيارة الفاخرة جدا فراتبه كله ما كان يكفي لاستئجارها
والأغرب من ذلك أنه أخذني للمطار وركبنا الطائرة أيضا وهوا لم يقل شيئا لا أين سنذهب ولا لما ولا شيء
كانت الرحلة قصيرة لم يفارق خلالها ابنته وعيناه لم تتحول عنها وها قد نزلنا مطار دولتنا ذاتها كما يبدوا
من الأعلام واللافتات لذلك كانت الرحلة قصيرة كنا في المطار حين توجه ناحيتنا شاب تشابه ملامحه
لوسيم بعض الشيء وثياب لا تقل عنه أناقة بل قد تكون أرقى توجه وسيم ناحيته صافحه بحرارة ثم تعانقا
من يكون يا ترى هل هوا شقيقه ولكن لم يكن له أشقاء وما يدريني وهوا رفض الحديث عن عائلته قد يكون
ابن عمه أو ما شابه ابتعدا قليلا ثم عاد وسيم أخد ابنته وحملها إليه أخذها ذاك الشاب منه وقبلها بحب وداعب
خدها بأصابعه على ما يبدوا لي فالمسافة كانت بعيدة بعض الشيء ثم اقتربا مني في صمت وضع وسيم
ذراعه حول كتفاي حاثا إياي على السير معهم ولكن أين لا اعلم ومادمت مع وسيم فلن أخاف شيئا ركبنا سيارة
لا تقل فخامة عن تلك يبدوا لي الأمر مريبا جدا ما سر كل هذه التغييرات في حقيقة وسيم هل كان هذا المكان
الذي يأتيه أوقات الإجازات هل يكون صديقه آآآآه رأسي سينفجر من كثرة التحليلات فلنرى إلى أين سننتهي
سرنا مسافة لم يتحدث خلالها ذاك الشاب سوى رادا على بعض المكالمات التي وردته بعضهم صرخ في وجههم
غاضبا هكذا هم الأغنياء دائما كم أبغضهم وإحدى المكالمات كانت من امرأة نادها بحبيبتي يبدوا أنها زوجته
وكانت وكأنها تستعلم عن وقت وصوله ما كل هذه المتاهات اشعر أنني في لغز أو ما شابه
ثم توقفنا أمام سور ضخم جدا لا يكاد يرى ما خلفه ثم عبرنا بوابته الضخمة ودخلنا إلى مبنى أشبه بقصور
التلفاز الذي أحضره وسيم سابقا حديقة خيالية نافورات ومراجيح فخمة ومسبح وأضواء تزين كل المكان
وكأنني في الجنة نزلا ثم فتح لي وسيم الباب وأخذ الطفلة ومد يده لي لأنزل معه نظرت له بحيرة فابتسم
ومد يده أكثر وبإصرار فأمسكت بيده ودخلنا ذاك المكان وقفت عند الباب انظر بصدمة وحيرة وتساؤل
كانت الفخامة بالداخل أكثر من الخارج وهناك سيدة وشابان وفتاتان يقفون بعيدا فتوجه وسيم والشاب ناحيتهم
أُديم
كان لابد لهذا اليوم أن يأتي وأن تعرف ليان بحقيقتي قررت سابقا أن لا اخبرها وأن يبقى وسيم هوا عالمها
وهي عالمي المخفي والجانب الغير مرئي من حياتي ولكن كل ذلك قد تغير بعدما أحببتها وصارت تحمل
طفلتي في أحشائها وبعد أن فقدتها تعلمت معنى أن تكون حياتي من غيرها
اعلم أنها لن تكون بالمهمة السهلة ولكن لا خيار أمامي فعلى وسيم أن يموت كما ولد فسافرت بهما وصلنا
, نزلنا , ركبنا سيارة صهيب ودخلنا حتى القصر وليان على غير عادتها صامتة تماما لا اعلم هل هي الصدمة
بعد أن خمنت من سأكون أم هي الدهشة والحيرة لما يجري أمامها فمن عادة ليان أن تتحدث حتى إن كانت موقنة
أن من أمامها لا يمكنه سماعها اقتربت من والدتي والبقية احمل بين ذراعاي صغيرتي الحبيبة التي انتظر الجميع
قدومها وإيجادها وما أن وصلت لهم حتى أخذتها مني أمي والدموع بدأت ترسل مراسيلها من عينيها فقلت هامسا
" أمي لما البكاء الآن "
قالت بعبرة " لا اصدق أننا وجدناهم أخيرا حفيدتي الحبيبة الجميلة , ماذا سميتها "
قلت مبتسما بهمس " ميسم "
قالت ميس بابتسامة " دعوني أراها ياااااه كم هي جميلة وصغيرة جدا تبدوا أصغر حجما من شامخ بكثير "
قلت بهمس " لقد أنجبتها في شهرها السابع فهي لم تكمل نموها بعد لذلك هي نائمة اغلب الوقت "
ضحكت ميس وقالت " يعني لن تصدع رؤوسنا بصراخها "
نظرت لها بضيق وقلت " صهيب أنقذ زوجتك مني "
ضحك وقال " لو لمست زوجتي بسوء يتمت ابنتك ثم من حق غيث أن يغضب وليس أنت "
قال غيث ببرود " إن لم يصرخ الرجال فمن سيصرخ "
قالت حور " لما زوجتك مبتعدة عن الجميع هل أخبرتها بشيء "
قالت أمي بهمس " أديم يبدوا لي زوجتك مصدومة أو تائهة ألا تعلم شيئا !!!! لما لا تعرفها علينا "
قلت " ليس بعد سأتحدث معها أولا "
تركتهم وتوجهت ناحيتها أمسكتها من يدها وسحبتها معي للداخل وتخطيت الجميع في صمت تام وصعدت
بها للأعلى كنت أصعد السلالم حين انطلقت الكلمات الأولى منها قائلة
" وسيم أين تأخذني , يا إلهي أين نحن وما الذي يجري لا افهم شيئا هل هم عائلته أم ماذا "
وهاهي ليان عادت لطبيعتها أخيرا ويبدوا أنها تجاوزت نصف الصدمة وصلت لجناحي في الأعلى فتحت الباب
وأدخلتها للغرفة التي خصصتها لميسم غرفة أطفال جاهزة ومهد فخم وجميل والمئات من الألعاب والثياب نظرت
ليان لكل شيء بحيرة فقلت بهدوء " ليان "
نظرت خلفها وكأنها تتوقع أن من ناداها من عند الباب ثم نظرت لي بصدمة وقالت
" وســ وسيم "
هززت راسي نفيا وقلت " ووسيم أيضا ليس أسمي "
شهقت بصدمة وعادت بضع خطوات للوراء وقالت " مستحيل هل ..... هل أنت تتحدث معي "
نظرت للأسفل وقلت " نعم "
ثم نظرت لها وفتحت ذراعيا مشيرا لكل شيء حولي وقلت " وهذا هوا عالمي الحقيقي "
هزت رأسها نفيا بصدمة وقالت "لا اصدق أنت لست أخرس ولست ..... ولكن "
اقتربت منها أمسكتها من ذراعيها وقلت "نعم لست اخرس أسمع وأتحدث ووسيم ليس اسمي "
قالت بصدمة " من أنت إذا "
جئنا هنا للحظة الأصعب والموقف الأشد تنفست بقوة عدة مرات ثم قلت بهدوء
"أديم شامخ آل يعقوب "
رمت بيداي عنها وصرخت " لاااااااااااا ..... غير ممكن "
قلت مهدئا إياها ومحاولا إمساكها من جديد " ليان اهدئي حبيبتي دعيني ..... "
قاطعتني بغضب وهي تبتعد قائلة " ابتعد عني لا تلمسني فهمت ولا تقل حبيبتي "
قلت " ليان أرجوك استمعي إلي "
قالت وقد بدأت بالبكاء " كاذب يالك من محتال وكاذب لو كنت ثريا فقط ما قبلت بك كيف وأنت أديم الذي
أهانني ومسح بكرامتي الأرض "
قلت " ليان توقفي عن البكاء واسمعيني "
قالت بصراخ " لا أريد أن أسمعك كيف طاوعتك نفسك أن تكذب علي لأعيش معك طوال الشهور الماضية
على الكذب , بسببك فقدت عملي ثم منزلي ثم تشردت وابنتي في الشارع كله بسببك يا هذا "
تنهدت وقلت " دعيني اشرح لك أسبابي "
قالت ببكاء وهي تمسك رأسها " أديم ... أديم ابن آل يعقوب , الأبناء الذين يتحدث عنهم كل موظفات الشركة
ويتمنينهن وأنا وحدي من كنت أبغض الحديث عنهم وانعتهن بالسخيفات ... أنا أكون زوجة لأحدهم لا اصدق
, كيف كيف ذلك "
قلت بهدوء "هذا لأنك تستحقين الحياة الكريمة "
قالت بغضب " بل لأني أستحق الذل والمهانة والاستصغار قل كيف ستقدم زوجتك هذه للعائلات الثرية النبيلة
كيف سينظر لي الناس "
قلت بضيق " لا يهم ما يقولون فأنت في نظري ..... "
قاطعتني قائلة " توقف عن قول الحماقات ليتك لم تتحدث ليتك بقيت أخرسا بقيت وسيم الشاب الذي فعل الكثير
من أجلي وأجل عمي "
ثم شهقت بعبرة وقالت " ليثني لم أجدك اليوم بل ليثني لم ألتقي بك يوما ليثني تزوجت بشاهد أو شقيق شروق أو
حتى صاحب العقارات على الزواج بك أنت ... أنت أنت أنا لا اصدق "
قلت بغضب " توقفي عن إهانتي يا ليان أنا كنت رهنا لظروفي وهي من فرضت عليا أن أكون هناك وأن التقي
بك وأتزوجك أيضا ولمعرفتي كرهك الأغنياء لم أتحدث ولم أحكي لك عن حقيقتي "
قالت بأسى " ومادمت تعرف أنني أكره الأغنياء لماذا تزوجتني لماذا "
قلت بحدة " لأحميك من شاهد ومن أخوتك ومن كل شيء "
ابتسمت بسخرية وقالت " لا أصدق أن من أهانني يقوم بذلك هلا شرحت لي هذا الأمر "
قلت بضيق " لأنك كنتي تهينينني على مرأى ومسمع مني هل كنت سأسكت لك "
قالت بأسى " إن قلت أن الأغنياء يستصغرون الناس أكون أهنتك اعترف بغير ذلك إن كان كلامي غير صحيح "
تنهدت وقلت " ليان دعينا نجلس ونتحدث بروية "
قالت بضيق " لا لن أشوه لكم كراسيكم بملابسي المتسخة "
صرخت غاضبا " ومن قال ذلك يا ليان وحدك من يعتقد هذا أنتي لم تتعرفي عائلتي بعد لتحكمي عليها "
فتحت باب الغرفة وقالت مغادرة " لن أعرفهم ولن أتعرف عليهم ولن أنسى لك إذلالي وتعريضي للمهانة "
وخرجت وأنا اتبعها محاولا ردعها ودون جدوى وصلت للأسفل توجهت حيث البقية أخذت ميسم من والدتي
وقالت " عذرا فهذه لن تشرفكم ابنة الفقيرة الدونية المعدومة "
وخرجت فتبعتها وأمسكت بها وقلت غاضبا " ليان هل جننتي أين ستذهبين في هذا الليل وليس لك أحد هنا "
قالت بدموع " للشارع فليست المرة الأولى "
قلت بصراخ " ليان أنا زوجك ومن عليه أمرك وعليك طاعته وتوقفي عن هذا الجنون "
قالت بصراخ أكبر" لا لست زوجي , زوجي مات منذ نطق بما سمعت "
خرجت حينها والدتي اقتربت منا وقالت " ليان يا ابنتي أديم كان خائفا عليك وبحث عنك كثيرا هوا ابني
وأنتي من مقامه عندنا , الوقت متأخر وخروجك فيه خطر عليك وعلى ابنتك "
أشاحت بنظرها وقالت بضيق " لن أبقى هنا ولا للحظة أخرى بعد "
قلت بهدوء " أين تريدي الذهاب وسوف آخذك "
قالت " أعدني من حيث جئت بي "
فتحت باب السيارة وقلت " هيا اركبي "
قالت والدتي بصدمة " هل ستذهب للجنوب الآن "
قلت بحدة " وما تريدي مني فعله يا أمي اتركها تخرج للشارع وتنام فيه لا لن يحدث ذلك "
ركبت ليان في صمت ما أشرس هذه الفتاة عندما يتعلق الأمر بالغنى والأغنياء وهذا هوا الوجه الذي لم أره
لليان طوال بقائي معها , توقعت أن تثور وتغضب ولكن ليس لهذا الحد توجهت والدتي لنافذتها وقالت
" ليان أنا في سن والدتك إن كنتي لا تعتبرينني في مقامها الوقت ليل وبرد والمسافة طويلة وابنتكم صغيرة
دعي الأمر للصباح وافعلي ما تريدين "
نزلت ليان وأعطت ميسم لوالدتي في صمت وتوجهت للطاولة في الحديقة وجلست هناك تبكي في صمت
فأشرت لوالدتي براسي أن تدخل بالصغيرة وتوجهت ناحيتها جلست وقلت بهدوء
" ليان أدخلي ودعينا نتحدث "
قالت ببكاء وهي تخفي وجهها عني " لن أدخل هناك ولو قتلتني "
قلت بضيق " أنا لا أفهم لما كل هذا الموقف منا يا ليان "
اكتفت بالبكاء في صمت فقلت بهدوء
" أنا لم أكذب عليك في حقيقتي أخبرتك أن لا تسأليني شيئا عني ولكنني لم أكذب "
قالت بأسى " بل حاولت الانتقام مني وإهانتي ثم شعرت بالشفقة علي بسبب ما صنعت بي أليس كذلك "
صدمت من تفسيرها للأمر ثم قلت " بلى هوا كذلك ولكنني أحببتك حقا وكدت اجن لفقدي لك عندما اختفيتي
صدقيني يا ليان هي الحقيقة لقد غيرتي بي أشياء كثيرة وصرت أنظر للفقر والفقراء من منظور مختلف تماما "
قالت بضيق " ولكن نظرتي أنا لم ولن تتغير "
تنهدت وقلت " هل رأيت شقيقي الذي أتى بنا إلى هنا زوجته أحدى الموجودات في الداخل هي ابنة عمي وجاءت
من الفقر ولا أحد يشعرها بذلك "
قالت بتذمر " هي ابنة عمكم على كل حال "
قلت بضيق " شقيقي الأكبر أيضا زوجته ليست من طبقتنا , ليان لا تتعبيني معك أكثر "
قالت بغضب " ها أنت ذا بنفسك تعيرهن بفقرهن وأنكم تصدقتم عليهن بالزواج بهن ماذا سيقولون عنك وعني
ها هوا أخونا المبجل تزوج بمعدومة من الشارع فما في الأمر "
قلت بنفاذ صبر " والحل الآن "
قالت ببكاء " أعدني من حيث جئت بي هوا وحده الحل "
قلت بغضب " وأنا ألم تفكري بي وابنتنا أنا أريدكما يا ليان "
قالت بعبرة " لن أنسى لك ما قلت لي لن أنسى إذلالك لي ما حييت كل ذلك لأنك السيد والمالك والكل في الكل
ولأني المحتاج الفقيرة كان عليا السماع دون رد إهاناتك عن نفسي يا لكم من مغرورين "
مر وقت طويل وهي تجلس مكانها وتبكي ولا شيء سوى الصمت ثم قالت
" لا تتعب نفسك بالجلوس هنا فأنا لن أدخل ولن ابقي "
دخلت بعد وقت فكانت أمي وحور وزبير على حالهم توجهت ناحيتهم فوقفت والدتي وقالت
" ماذا حدث معك "
قلت بيأس " لم يحدث شيء إنها غاضبة مني حد الجنون وترفض الدخول "
قالت بحيرة " كيف لامرأة أن تكره أن تكون زوجة احد الأثرياء أنا لا أفهم "
قلت بأسى " كما أخبرتكم عنها هي تكرههم بشدة وزاد الأمر سوأ أنها تكره أديم خصيصا كرها خاصا به "
نظرت لصغيرتي وقلت " هل استيقظت "
قالت حور التي كانت تمسك بها " لا إنها نائمة منذ وصلت هل علينا إعطائها الحليب يا ترى "
قالت أمي " آه كيف نسينا ذلك كان يجب إطعامها منذ مدة "
أخذتها منها وقلت " سوف آخذها لوالدتها لترضعها لقد أعماها غضبها حتى عن التفكير في ابنتها "
قالت والدتي معترضة " الجو بارد في الخارج إنها طفلة "
قلت بغضب " وما في يدي لأفعله هل سنتركها تموت جوعا "
فتحت حينها عينيها وبكت فقالت أمي " أديم لما الصراخ لقد أفزعتها "
خرجت حينها ميس بشامخ يبكي بشدة وقالت " لقد استيقظ يا خالتي "
وأصبح الصراخ على نوعين ونبرتين مختلفتين فقال زبير ضاحكا
" ها قد وجد له مساعدا "
قلت بضيق " لا نفع لك سوى في السخرية "
قال بغضب " لا تفرغ غضبك بي ليس ذنبي إن أنجبتم الأبناء وتخلصتم من الأمهات "
قلت بحدة " زبير لا تدفعني للشجار معك الآن واحترمني فأنا اكبر منك "
خرج مغتاظا وترك القصر بمن فيه تلك أفضل عادات زبير فبقائه سيؤدي لمشاحنة أكيدة
بحر
عائلتي اليوم يستقبلون أديم وزوجته وابنته اتصل بي صهيب لأكون معهم ولكن أي مكان لي هناك يكفيني
عذاب وحزن وألم ولهفة واشتياق هكذا أفضل لي ولها وللجميع فلست سوى سببا لدموعها ولتعاستي
آآآآه ما أشد ذلك وأقساه أن تترك شيئا هوا قطعة من قلبك لغيرك وترحل للبعيد لحيت لا شيء سوى أحلامك
الميتة وذكرياتك المتوجعة
" بحر "
نظرت له وقلت بهدوء " نعم يا حامد "
قال وهوا يبحث عن الكلام في عينيا قبل لساني " ما بك "
أبعدت نظري عنه وقلت بحزن " لا شيء سوى الموت البطيء يقترب مني وأنا أركض إليه "
قال بحيرة " أنا لم اعد أفهمك أبدا "
ابتسمت بألم وقلت " ولا أنا أفهم نفسي هل جربت يوما الموت حيا "
قال بعد صمت " لا "
قلت بحسرة " أتمنى أن لا تجربه فهوا أقسى من الموت ذاته , أخبرني ماذا حدث فيما طلبته منك "
قال بهدوء " سأسافر قريبا وكل شيء سيكون كما تريد "
رنيم
" افتحي هذه حبيبتي وانظري "
ابتسمت وقلت " أتمنى أن لا تكون فخا "
ضحك وقال " لم يخطر ببالي هذا لكنت جربته "
ضربته بقبضة يدي ثم نمت على صدره وقلت " كم احبك يا غيث "
ضحك وضمني بيديه وقال " ألن تفتحيه "
جلست وقلت بابتسامة " بلى "
ثم فتحته فكان سلسال به الماسة مرسوم بداخلها أول حروف اسمي نظرت له وقلت
" أمتأكد انك غيث ذاته ولم تتغير "
قال بضيق مصطنع " هل هذا شكرك لي على الهدية "
حضنته وقلت بحب " ما أسعدني بك "
مسحت دمعة نزلت حارقة على خدي وأنا اجلس أمام نافدة غرفتي أشاهد الشارع والمارة وضحكات الناس
وتلك الذكريات لا تفارق مخيلتي كم أخطأت يوم قررت أن أصهر الجليد والغي الفجوة التي كانت بيننا فما
كان حالي سيكون هكذا حينها .... آه من الذكريات
صرخ بغضب " خائنة ووثقت بك يا رنيم تبيعينني من أجل ابن خالتك "
قلت ببكاء " لم أخنك يا غيث لم يحدث اقسم لك "
قال بصراخ أكبر " وماذا تفعلين به تسألينه عن الأحوال أم عن الطقس هناك "
قلت " ليس الأمر كما فهمت "
قال بغضب " كيف إذا كيف وأنتي تطلبي من بحر أن لا يخبرني وتتحدثين معه من ورائي لقد سمعتك
بأذني تقولينها "
قلت بتألم " ولكني لم أخنك أقسم لك فلا تفهم الأمر خطأ "
قال بسخرية " وكيف أفهمه "
قلت " كان بخصوص والدتي فقط فخفت أن تغضب مني لذلك ..... "
امسكني من شعري وقال بغضب " وتكذبين عليا يا رنيم هل تضنينني طفلا لأصدق هذا "
قلت بتألم " آه غيث إنك تؤلمني "
ثم انهال عليا بالضرب حتى فقدت الوعي
آآآآه من تلك الذكريات فبعضها من جمالها تتمنى أن تعود وبعضها من قسوتها تحاول حذفها من عقلك
ما الذي كنت سأتوقعه منه بعد ما سمعه مني ولكن ابني لما يحرمني من ابني أنا والدته ومن حقي أيضا أن
يكون معي , طرقت أمي الباب ودخلت اقتربت مني وقالت " رنيم ارحمي نفسك يا ابنتي "
قلت ببكاء " أريد ابني أريده إنه من حقي فغيث لم يرد الأبناء أبدا وتضايق حين علم به لما يأخذه مني الآن "
حضنتني وقالت بحزن " ما الذي حصل بينكما يا رنيم أخبريني "
قلت بعبرة ودموع " لا شيء لا شيء "
قالت بحدة " وكيف سننهي المشكلة ولا أحد منكما يريد التحدث "
ابتعدت عن حضنها وقلت " لما أنا من يخسر كل شيء لما , تحدثي معهم يا أمي أرجوك "
قالت بيأس " لقد تحدثت مع زوجة والده أكثر من مرة وقالت أنه يرفض حتى الخوض في الأمر ويثور
ويغضب من ذكره "
قلت بحزن " أطلبي من زوج خالتي أن يتحدث معه "
قالت بيأس " منذ اتصل به غيث وأنتي في المستشفى وقال له ابنتكم تعالوا لتأخذوها وابني لدي علمت أن
الأمر ليس طبيعيا حاولت معه أن لا يذهب لجلبك عل الأمور تنحل بينكم هناك ولكنه رفض بشدة وقال أنه
لن يرضى على نفسه أن تنهاني ويسكت وقال لن يراها ولو طال النجوم وهذا ما سيعقد الأمور أكثر "
قلت بحزن " هوا لن يفكر في إرجاعي على أية حال ولكن ابني ..... "
تنهدت وقالت " رنيم إن لم تخبريني ما حدث فلن أستطع مساعدتك في شيء "
قلت بهدوء " هوا يضن أنني أخونه "
قالت بصدمة " ألم تنتهوا من الموال القديم "
قلت بأسى " ظننت ذلك ولكن شيء ما أعاد كل شيء كما كان بل أسوأ مما كان "
قالت " ما هوا "
قلت " لا أستطيع يا أمي لقد أقسمت أن لا أقول ذلك لا أستطيع "
قالت بضيق " وهل ظنونه حقيقة أم ماذا "
قلت بصدمة " أمي هل تصدقي ذلك بي "
قالت بحدة " رنيم لقد حيرتني معك يا ابنتي "
اكتفيت بالصمت فقالت " ولكن بينكما وصية ما سيحل بها "
قلت " لا اعلم لابد وأنه يفكر في ترك كل شيء أعرفه جيدا "
وقفت وقالت مغادرة " ابن خالتك جاء اليوم أيضا لرويتك وأنا صرفته "
قلت بضيق " لا أريد رؤية احد أمي أرجوك "
غادرت دون تعليق فأمسكت بالهاتف الذي اشتراه لي غيث ذاك الصباح الذي لم أجد فيه الفرصة حتى
لفتحه ولم افتحه من يومها فتحته فكانت خلفيته صورة لي وأنا نائمة ومكتوب عليها ( حبيبتي للأبد )
نزلت دموعي وأغلقته دون أن افعل أي شيء
الجزء الثامن والثلاثون
حور
أحوال هذه العائلة سيئة دائما لما لا تنتهي مشاكلهم أبدا وبكاء الأطفال يزيد
التوتر هنا قلت متسائلة
" ترى ماذا فعل أديم وزوجته "
تنهدت وقالت بضيق " لا أعلم فمنذ غادرا لم يتصل بنا ولم يجب ولست أعلم شيئا "
قلت بهدوء " هل سيتركها هناك وابنتها هنا "
قالت بأسى " أبنائي سيصيبونني بالجنون بالتأكيد لقد تعبت منهم جميعهم "
دخل حينها بحر ملقيا التحية فقالت بضيق " حمدا لله أننا رأيناك ظننتك مت "
قال بهدوء ممزوج بالضيق " أمي ألن ننتهي من هذا الأمر "
قالت بتنهيدة " فوضت أمري لله فيكم "
اقترب وقال " كيف تعيشون مع كل هذا الصراخ ما بهما "
قالت بتذمر " ابنة أديم معدتها ليست بخير بسبب الحليب وابن غيث لا يحتاج أن تسال
لما يبكي فهوا يبكي دون سبب "
ضحكت رغما عني لما قالت فنظرت لبحر ووجدته ينظر لي بحزن نظرة لم أفهمها ثم قال
" أعطني الفتاة سآخذها معي علها تسكت "
قالت " لا خذ شامخ ودعها هي "
قال باعتراض ملوحا بيده " لا لا لا كل شيء إلا هوا أعطوني الفتاة أو لن آخذ أحدا "
ضحكت وقالت " لما لا يحبه أحد هنا سوى ميس "
قلت بابتسامة " لا يبدوا لي ذلك قد تكون مجرد مساعدة منها "
ضحكنا كلينا ونظرت له فكان على ذات النظرة لا أفهم ما يدور في رأسه وما سر هذه
النظرة الحزينة أخذ مني الطفلة وما أن حملها حتى سكتت فورا فقالت خالتي
" لما لا تحمل هذا يبدوا أن الأطفال يسكتون بين يديك "
غادر من فوره مسرعا وقال " لا تورطيني يا أمي فلن أخذه ولو قتلتموني "
وغادر حاملا عينيا معه وهما تراقبانه حتى خرج , كم يغيب عني وكم اشتاق إليه
" أسأل الله أن أرى أبناءه يوما فبحر تعب في حياته كثيرا "
نظرت لها بصدمة فتابعت في حزن وعيناها على مكان خروجه
" بعدما طلقني والده وكبر قليلا تشرد بيننا ولم يشعر بالاستقرار يوما وكان يلومني دائما على
تفكك عائلتنا ويقارن نفسه بأصدقائه وزادت همومه عندما كبر أخوته وها هوا الآن ينهار أمام
عيني ولا املك من أمري شيئا كم أخشى أن أخسره للأبد "
نزلت من عينيا دموع دون شعور وقلت " خالتي لما تقولين ذلك "
قالت بحزن " لأنني أم وشعور الأم لا يخطئ "
زاد بكائي رغما عني لتصوري ما قالته أن يحدث حقيقة فنظرت لي وقالت بهدوء
" حور هل أنتي الفتاة التي كان بحر يريد الزواج بها "
نظرت للأسفل في صمت وبكاء ولم أجب
ربتت على كتفي وقالت " توقعت ذلك , سامحك الله يا شامخ سامحك الله "
دخل حينها زبير وقال بدهشة " ما بك تبكي يا حور "
ثم قال بضيق " وما به هذا لا يسكت أبدا "
وقفت خالتي مغادرة بشامخ في صمت وجلس زبير بجانبي حضنني وقال
" حور توقفي عن البكاء هيا "
مسحت دموعي وقلت " حسننا "
أبعدني عن حضنه وقال " جبير سيصيبني بالجنون تحدثي مع ابنة عمك وأريحيه ليرحمني "
قلت باستغراب " فيما سأتحدث معها أيضا "
قال " والدها قال أن الخيار لها فيمن تقدموا لخطبتها "
نظرت للأسفل بحزن فضمني لحظنه من جديد وقال " أعلم أنك حزنت لذلك ولكنك
تعلمين ظروف زواجنا جيدا وعمك طلب مني التحدث معك خشية أن يغضبك الأمر "
قلت ببكاء " وسيقيم لها حفلا أيضا وستتسوق كالأخريات فهل طلب والدي منه حرماني من كل ذلك "
زاد من احتضاني وقال " سأعوضك عن كل ذلك أقسم لك يا حور أن تأخذي كل ما حرمتي منه "
دخل حينها بحر قائلا " أين أمي لقد نامت الـ ..... "
نظر لنا بصدمة فابتعدت عن زبير ونظرت للأسفل في صمت ولم أرى سوى خطواته تقترب ووضع
الصغيرة في حجري ثم قال بهدوء " أتمنى أن أرى أبنائكما قريبا "
وخرج من فوره مخلفا ورائه بقايا زلزال بعد أن ضربني به بما قال فشهقت بعبرة دون بكاء فوقف زبير
وغادر في صمت حضنت الطفلة وبكيت بمرارة وألم وأنا أشتم رائحة عطره في ثيابها بعد قليل دخلت ميس
وركضت نحوي بصدمة وقالت " حور ما بك "
قلت بتعب " ميس خذيها مني لم يعد بإمكاني التحمل "
ركضت جهة الباب نادت خالتي بصوت مرتفع ثم عادت نحوي أخذت الطفلة فاستندت بيدي
على طرف الكرسي ودخلت خالتي مرعوبة وقالت " ما بكما ماذا هناك "
قالت ميس " إنها حور تبدوا متعبة تعالي لها بسرعة "
ثم ركضت خارجا حاملة الطفلة وجاءت خالتي نحوي مسرعة أمسكتني وقالت
" حور ما بك يا ابنتي ماذا حدث لك "
قلت بصوت متعب " خذيني لغرفتي رجاء ليس بإمكاني الجلوس "
زبير
ركضت مسرعا خلف بحر لقد جن هذا الفتى بالتأكيد هل ينقص حور صفعات ليصفعها عمها ثم هوا
لحقت به أمسكته من ذراعه وقلت " بحر أين أنت ذاهب "
نظر لي مطولا ثم قال " ولما السؤال "
قلت بعد تردد " أنت لم تصل إلا الآن فأين ستذهب "
ابتسم بسخرية وقال " سوف أترك البلاد كلها سآخذ أخوتي ووالدتهم وأغادر للأبد "
نظرت له بصدمة وقلت " ماذا !!! تغادر "
قال وهوا يركب سيارته " نعم أغادر , أتمنى لك السعادة يا أخي "
وغادر من أمامي وأنا جامد في مكاني من هول ما سمعت ليقل لي أحدكم أن ما قاله حقيقة وليس كذبا ولست
أتوهم أو أتخيل نظرت للخلف وفكرت في القابعة بالداخل حين ستعلم , وجود أجل جود سوف يأخذها معه
ويمضي أخرجت هاتفي اتصلت بها وهاتفها على حاله مقفل
ولم تنتهي المأساة هناك فقد لازمت حور الفراش من جديد كم أخشى أن تموت هذه الفتاة بسببنا فكل هذا وهي
لا تعلم بما دار بيني وبينه ولكن ما باليد حيلة فلابد وأن تتأقلم مع الوضع يوما فيبدوا أنه علينا الرضا بالواقع
والتعايش معه
بحر
أعلم أن الهروب ليس حلا ولكن الوجود هنا أسوء وأشقى منه فهل سأبقى كل حياتي أراها تضيع من بين
يدي شيئا فشيئا , عليا الرحيل من أجلها وأجلي ومن أجل زبير فمن حقه أن يحيا حياة سعيدة , رفعت هاتفي
واتصلت بصديقي احمد
" مرحبا احمد كيف أنت "
قال بهدوء " مرحبا بحر أنا بخير وأنت "
قلت بأسى " لست بخير طبعا ماذا بشأن ما تحدثنا عنه "
قال " هل قررت ألن تغير رأيك "
قلت بحزن " أجل قررت وسأطلب من غيث أن أسافر هناك لأتم كل شيء وأستأجر منزلا , فقط أنت تحدث
معهم "
قال بهدوء " بالتأكيد فمكانك جاهز فقط تعال وأتم وضعك وأوراقك "
قلت بامتنان " حسننا شكرا لك يا احمد "
أنهيت الاتصال واتصلت من فوري بغيث الذي أجاب من فوره
" مرحبا بحر كيف حالك "
قلت بأسى " لست بخير "
قال بتوجس " بحر ماذا بك "
قلت " لا شيء مهم أريد منك طلبا "
قال " بالتأكيد أنا في الخدمة "
قلت بعد صمت " أريد أن أسافر شهرا خلال الأيام القادمة لأمر شخصي ومهم "
قال " هل من مكروه "
قلت " لا ولكن تكتم عن الأمر فأنت تعرف والدتي ستضع ألف تحليل "
قال بعد صمت " حسننا كما تريد "
قلت " شكرا لك يا غيث وداعا "
ثم رميت الهاتف وتوجهت لصديق همومي الوحيد البحر
صهيب
توجهت اليوم لشركة عمي جسار طلبت سكرتيرته إذنا فأدخلني على الفور وهذا ما كنت أتوقع , دخلت
بخطى ثابتة فوقف ونظر لي بحدة وقال " ماذا تريد مني يا صهيب "
قلت بجدية " تعلم ما أريد "
جلس وقال " سوف أعطي الفتاة بعض النقود وانتهى الأمر "
قلت ببرود " ليس هذا كل شيء "
قال بحدة " ماذا بعد "
قلت " نصيبها كاملا وبراءة عمي "
قال بغضب " هل تهدي أنت وأنصحك أن لا تعبث معي كي لا تخسر "
قلت مغادرا " إذا السجن ينتظرك ولن أتوانى لحظة في فعلها "
خرجت من عنده متوجها للقصر دخلت غرفتي أخذت الأوراق من خزانتي وتوجهت لغرفة ميس دخلت
ووجدتها تمسك شامخ فقلت بابتسامة " يبدوا لي أنه لن يفارقك أبدا لقد بدأت أشعر بالغيرة منه "
وضعته على السرير وقالت بابتسامة
" وما عساي أفعل عليا مساعدة والدتك المسكينة فهي تتعب كثيرا وحقيقة الأمر أنا لم أحب الأطفال يوما "
اقتربت منها جلست بجوارها وقلت " ومن سيحب أبناءنا إذا "
ضحكت وقالت " أنت تكفي "
نظرت لها بضيق فقالت " ما هذه الأوراق في يدك "
مددتها لها وقلت بجدية " ميس أسمعيني جيدا ما سأقوله لك إن حدث لي أي مكروه فهذه الأوراق ستكون
طريقك الوحيد لتبرئة والدك والدليل على قاتلي "
أمسكت قلبها بيدها وقالت بخوف " ماذا تقول يا صهيب "
قلت " ميس أرجوك أسمعيني عمي جسار وراء كل شيء ولن يتوانى في فعل المزيد "
نزلت الدموع من عينيها وقالت "لا , لا تقل ذلك إنك تخيفني كيف تتركني وترحل "
حضنتها وقلت " تخافين عليا إذا "
قالت ببكاء وهي تشد بيديها علي " بلى أخاف عليك ألست زوجي "
أبعدتها وقلت " زوجك فقط "
قالت بحياء " وحبيبي أيضا فلا تعرض نفسك للخطر أرجوك "
قبلتها وقلت " لا تخافي يا ميس فلا يموت أحد قبل أوانه "
هزت رأسها نفيا وقالت " ولكني لن أتوقف عن لوم نفسي حينها "
ثم غطت وجهها بيديها وقالت بنحيب " لا أريد أن أفكر في ذلك ولا مجرد التفكير "
حضنتها وقلت " هيا يا غبية لم أعرفك ضعيفة هكذا سابقا "
بكى حينها شامخ فابتعدت عني وأمسكته محاولة إسكاته فقلت بضيق " أقسم أنني بدأت أغار "
ضحكت بهدوء فقلت " نعم هكذا أريدك دائما ولا تحزني يوما يا ميس مهما كان "
دخلت حينها والدتي وقالت " عذرا ظننتك وحدك متى أتيت أنت "
قلت بتذمر " منذ أن أصبحت زوجتي مربية خاصة لابنكم "
ضحكت وقالت " دعها تعتاد على الأمر لتكون أم صالحة "
ضحكت وقلت " إذا كان الأمر كذلك فلا بأس "
ثم وقفت وقلت " حبيبتي لا تنسي ما تحدثنا عنه وخبئي هذه جيدا حسننا "
قالت بدموع تملأ عينيها " ولا تنسى ما قلت لك "
قبلتها على خدها وقلت مغادرا " أمي لقد أصبحت أموت من الغيرة من طفلكم هذا فجدوا له حلا "
ضحكت وقالت بصوت مرتفع لأسمعه " جد لك عقاقير ضد مرض الغيرة فلا أحد لدي الآن سوى ميس "
غادرت ضاحكا وخرجت متوجها لحيت سيبدأ اللعب الحقيقي مع الموت
أُديم
كان عليا أخذ ليان من هناك صباح اليوم التالي فقد قضت تلك الليلة في الحديقة ورفضت كل محاولاتي لإدخالها
ولو للملحق الخارجي , توجهت صباحا لوالدتي لأخذ ميسم معنا فأصرت على إبقائها حتى ننظر ما سنفعل حيال
الأمر وفي رأيي هوا عين الصواب فليان كالبركان ولا تفكر في أحد الآن ويبدوا أنها ستكرهها هي أيضا فهي ابنة
أديم عدوها اللدود , غادرنا القصر وركبنا الطائرة وليان في صمت تام ولا تنظر ناحيتي حتى, تحدث كثيرا حاولت
شرح أسبابي حكيت لها كل ما يخص وصية والدي وهي لا جواب وها قد انقلبت الأدوار وصرت أنا ليان وهي وسيم
وصلنا للجنوب توجهت لشقتي نزلت فقالت أخيرا " أين سنذهب "
قلت " هذه شقتي هنا "
قالت بحدة " لن أنزل هنا "
قلت " نذهب لمنزلنا إذا "
قالت بضيق " ولا هناك "
قلت بغضب ونفاذ صبر " ليان ما هذا بحق الله "
قالت ببكاء وغيض " لا تصرخ بي يا هذا فلست أرفع مني في شيء "
قلت بأسى " لا حول ولا قوة إلا بالله "
ثم قلت بهدوء " ليان أنا لا أراك اقل مني في شيء صدقيني "
قالت " أعدني من حيث أتيت لمنزل السيدة التي عملت لديها خادمة هوا مكاني ومكانتي ولن تشرفك أبدا "
قلت بصدمة " خادمة "
قالت بألم " وما تضن سأكون وقد تركتني للشارع هل ستجدني وزيرا أم رئيسا نعم خادمة هوا خير لي
من أن أعيش عالة عليها فلم أرضى أن تتصدق علي بمالها "
قلت " ليان لما كل هذا فأنت من المفترض أن تخدمك الخادمات لا أن تكوني خادمة "
قالت بغضب " خدني هناك أو ذهبت لوحدي وأحضر لي ابنتي "
قلت بأسى " وأنا لمن تتركاني أنا أريدكما وهي ابنتي أيضا "
نزلت من السيارة وقالت " إذا خدها وأحرق قلبي عليها لكن لا تنسى إخبارها حين تكبر عن حقيقة
والدتها كي لا يفاجئها الناس وتكرهني "
غادرت سيرا على قدميها فتبعتها وأمسكت بيدها وقلت " إلى أين ستذهبين "
قالت " لقد أخبرتك إلى أين "
سحبتها جهة السيارة وقلت " حسننا سوف أخذك إلى هناك فأنتي تحتاجين لأن تفكري مليا "
ركبت السيارة في صمت متجاهلة لكل ما قلت ونزلت عند منزل تلك السيدة في صمت أيضا أيعقل أن تكره
الأغنياء لهذه الدرجة , لدرجة أن تتخلى عن ابنتها على العودة معي أم أن كرهها لي هوا السبب عدت لشقتي
ومرت بي أيام الأسبوع أحاول التحدث معها ولكنها كانت ترفض الخروج إلي , عليا الذهاب لإحضار ميسم
لها نهاية الأسبوع القادم فلن أحرمها من ابنتها مهما كان , آه ولكني سوف أحرم منها أنا ولكن لا بأس فأنا سأكون
هنا وسأزورها يوميا لعل رأس ليان يلين يوما
ليان
أشعر أنني في حلم بل في فلم لا في كابوس فحقيقة أن وسيم ليس بأخرس وحدها كفيلة بجعلي أجن من الصدمة
فكيف وهوا ليس أسمه وليس فقيرا وأديم أيضا وهذه أبشع الحقائق ها قد مر أسبوعان على عودتي بعد أن عرفت
كل تلك الحقائق البشعة القاسية وابنتي بعيدة عني والمدعو والدها لا يتوقف عن محاولة التحدث معي ما يضن نفسه
هل سأنزل نفسي له ليدلني هوا وعائلته وطبقته المترفة تلك , كيف أكون أنا زوجة ابن شامخ آل يعقوب مالك كل تلك
الشركة وكل تلك الأملاك كيف وأنا من رفضت من يملك بعض العقارات فقط , هل هوا انتقام الله مني لأني رفضته
لأنه يملك المال آه ما أقسى الواقع وما أسوءه , طرقت حياة الباب ودخلت تحمل ابنتي بين ذراعيها فركضت ناحيتها
وأخذتها منها وضممتها لصدري بحب وقلت " كم اشتقت لك يا حبيبتي "
ابتسمت حياة وقالت " زوجك قال أنه سماها ميسم وقد أحضرها لتبقى معك "
نظرت لها بصدمة فقالت " وقد جلب معه ما لا يكفي منزلنا لاستيعابه وحتى أبناء ابني لم ينسهم ولولا إصرارنا كان
يود دفع المال لأجل بقائكم هنا ووافق شريطة أن لا تعملي شيئا "
غمرت وجهي في وجه ابنتي وقبلتها بحب وفي صمت فأجلستني حياة وقالت بهدوء
" ليان أنا سأكون سعيدة ببقائك معي طوال العمر ولكن هل من حقك أن تحرمي زوجك أو نفسك من ابنتكما هل
ترضي أن تكبر وتجد نفسها مشردة بين والدين كل منهما في أرض "
تنهدت وقلت " حياة إن كان وجودنا يضايقك .... "
قاطعتني قائلة " أخبرتك منذ البداية أنني أتمنى أن تبقي معي كل العمر يا ليان تأكدي من ذلك ولكن فكري
في ابنتك وفي والدها الذي كان بإمكانه حرمانك منها بكل سهولة ولكنه رفض إلا أن تكون معك لقد حدثني
ابني عن أبناء شامخ فهوا عمل في العاصمة لسنوات وقال أن أديم هوا الأكثر غرورا بينهم ومع هذا أنظري
كيف يتمنى رضاك عنه ولو مرة وقد قال بنفسه لابني أنك غيرتي فيه الكثير "
نظرت لها مطولا في صمت فقالت " اخرجي للحديث معه هذه المرة من أجلي يا ليان "
مسحت دموعي وقلت " لن تفهمي ما اشعر به أبدا يا حياة "
قالت بحنان " بل أشعر وأشعر بما يشعر به زوجك وما ستشعر به ابنتك في المستقبل "
قلت " ولكن ..... "
قاطعتني قائلة " ليان تذكري أن من فعل كل تلك الأشياء من أجلك هوا أديم فهوا نفسه من تزوجك ليحميك من
شاهد ومن أخوتك أيضا و قتله لأنه اقترب منك وهوا من بحث عنك لأشهر وفعل كل ما فعل وهوا يعلم من يكون
ومن تكونين "
ثم وضعت يدها على كتفي وقالت
" هيا يا ليان أعطني الصغيرة واذهبي للتحدث معه جربا التحدث فقط ولا تغادري معه مادمت لا تريدين ذلك "
ترددت كثيرا ثم وقفت أعطيتها الصغيرة وخرجت ببطء متوجهة لمجلس الضيوف فتحت الباب ودخلت كان
جالسا في الداخل لوحده فوقف ونظر لي بصدمة وكأنه غير مصدق ثم اقترب مني وحضنني بحب فنزلت دموعي
مباشرة , آه ليتك وسيم وليتك أخرس ليتك الشاب الذي فعل كل ذلك من أجلي ولست أديم لقد اكتشفت الآن أنني أشتاق
لك حقا اشتاق لهذا الوجه ولهذا الحضن لوسيم وليس للآخر شهقت ببكاء وقلت
" وسيم "
أبعدني عن حضنه وامسك وجهي بيديه وقال " ليان ارحميني أرجوك "
أبعدت يديه وهززت رأسي بالنفي وقلت " لماذا تحدثت الآن كنت تركتني أحلم قليلا "
ثم أمسكت قميصه بقبضة يدي سحبنه جهتي وغمرت وجهي فيه وقلت بألم
" أريد وسيم أعده إلي أعده مثلما سرقته مني "
قال بأسى " أنا وسيم يا ليان أنا هوا وسأكون هوا إن أردتي وسأترك حتى ثروة والدي ووصيته إن كنتي تريدين
ذلك لكن عودي لي ولابنتنا لنعيش معا كما في السابق فقراء ومعدومين إن أحببتي "
أنزلت رأسي للأسفل دون كلام فقال " إذا هذا هوا جوابك , حسننا يا ليان اعتني بنفسك وبميسم جيدا وإن
احتجتما شيئا فاتصلي بي "
ثم غادر خارجا من الغرفة ومن المنزل كله
غيث
لقد تركتي لي مكانا شاغرا تعودت على وجودك فيه يا رنيم لماذا كنتي مثل الجميع خائنة وبلا مشاعر
" غيث ألن تأخذ الصغير لوالدته خذه لتراه وأعده "
قلت بضيق " أمي لن نتحدث في نفس الموضوع دائما "
قالت بحدة " تذكر أن ما تفعله ستحاسب عليه فالله لا يرضى بذلك يا غيث "
ثم غادرت من فورها لأنها كانت واقفة أمام الباب ودخل بعدها بحر جلس بجواري وقال بهدوء
" غيث أريد التحدث معك في أمر "
لذت بالصمت فتابع قائلا " سوف أغادر البلاد وأخذ عائلتي معي "
نظرت له بصدمة وصمت فقال " لم أراك تعترض "
ابتسمت بسخرية وقلت " حالي ليس بأفضل منك وأنا سأترك كل شيء أيضا "
نظر لي مطولا بصدمة ثم قال " تترك كل شيء "
قلت " نعم آخذ ابني وأرحل فالوصية ستعيد رنيم وتربطني بها لقد حسمت أمري وانتهى كل شيء "
قال بعد صمت طويل وعيناه لا تفارق ملامحي " وأين ستذهب "
قلت بهدوء " لقد جمعت بعض المال من رواتبي وسأتدبر أمري به "
تنهد وقال " أما أنا فلم يترك لي والدي مالا لأدخره وسأبدأ من الصفر واعمل بشهادتي , متى ستغادر "
قلت " سوف أبلغ المحامي عن قراري الأسبوع القادم , يعز عليا فراق الجميع لكن هذه هي الحياة لا يأخذ
الإنسان منها كل ما يريد "
قال بهدوء " أحيانا يكون الهروب أفضل حل للنسيان "
نظرت له وقلت " لم يكن هذا كلامك عندما كنا عند البحر "
ابتسم بألم وقال " ومن قال أن كلامي تغير أنا لازلت مصرا عليه فلن أتزوج بغيرها ما حييت "
هززت رأسي بيأس وقلت " الوصية وآه من الوصية بسببها عرفت رنيم وتزوجتها وصار لي ابن منها "
ثم ابتسمت بسخرية وتابعت
" وبسببها أحببتها واكتشفت أنها ليست تختلف عن غيرها وبسببها أنا مطر للرحيل "
ثم نظرت له وقلت " وكما ترى فما فعلته الوصية بك ليس بأقل مما فعلته بي "
دخلت حينها والدتي ونظرت لنا بصدمة ثم قالت " هل ما سمعته صحيح أم أنني أتخيل "
نظر بحر للأرض وقال بهدوء " بلى صحيح "
صرخت قائلة " هل جننتم يا أبناء شامخ هل فقدتم عقولكم بسبب النساء "
ثم أشارت بأصبعها لي وقالت " أنت تترك عائلتك هربا من امرأة "
ثم أشارت لبحر وتابعت " وأنت تهرب من حب امرأة وها هوا أديم يقول أنه مستعد أن يترك كل شيء
من أجل أن ترضى عنه امرأة أخبروني هل رباكم رجل لتفرقكم النساء "
لذنا بالصمت فقالت بحدة " وحتى متى كنتم تودون إخفاء الأمر عني "
قال بحر " كنتي ستعلمين على أية حال "
ثم وقف وقال مغادرا " لقد قررت وانتهى الأمر "
وخرج وخرجت تتبعه صارخة به " إن فعلتم ذلك فلستم أبنائي ولا أعرفكم "
وقد غضبت بعدها من الجميع وسجنت نفسها في غرفتها , سوف تعتاد على الفكرة هوا ابنها أما أنا فلم
يعد لدي شيء أخسره ولا أحد يخسرني