كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الثالث والخمسون
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء الثــــالث والخمســــون
،
ألا أيها النُّوّامُ، ويحكُمُ، هُبّوا !
أُسائِلكُمْ: هل يقتلُ الرجلَ الحبّ ؟
ألا رُبّ ركبٍ قد وقفتُ مطيَّهُمْ
عليكِ، ولولا أنتِ، لم يقفِ الرّكبُ
لها النّظرة ُ الأولى عليهم، وبَسطة ٌ
وإن كرّتِ الأبصارُ، كان لها العقبُ
لـ جميل بثينة
،
تمكنت من تهدئة ما في نفس فطيم من حزن/وجل ... وساعدتها في غسل وجهها وإعادة ترتيب منظرها وزينتها قبل ان تستأذن منها بهدوء لتعود الى مجلس النساء حتى تنهي ما تفعله ...
في الحقيقة .... ارادت الهرب بكل ما يعتمل خاطرها من .... شتات ...... واختناق .....
وحسرة تجثو على كل مكامن النبض في روحها .....
بكاء فطيم ورؤية الحزن المطل من عيناها ألهبت عشرات الصور في ذاكرتها المظلمة ... وانعشت بوحشية صخب الماضي المرير وضجة صرخات صبية تتوسل وتناجي ...
ما ان أغلقت الباب ورائها حتى رفعت رأسها الى السقف وهي تأخذ نفساً قوياً عنيفاً حاداً .....
الهواء من رئتيها قد اعلن اختفاءه المفاجئ .... ولو ظلت على هذه الحالة فـ لن تتمكن من مجالسة النساء في الأسفل ....
اخذت عدة شهقات عنيفة واخرجتهم كـ زفرات بذات العنف علّ الهواء يتمركز في داخلها ولا يخرج الا منتظماً .... واكملت سيرها المتعثر على طول الرواق المُضاء بعدة انوار صفراء خافتة السطوع ....
كانت تسير وصدرها يعلو ويهبط بشكل سريع جعل نظرتها تتغيم وتظلم .... ولم تعد تبصر شيئاً عدا صور عقلها التي تتراقص بشكل مرعب بشع امامها .....
رفعت عيناها الذابلتان بمحاولةٍ منها كي ترى طريقها وتستدل على مكان الدرج الذي أتت منه ...
الا انها تسمرت فجأة بمكانها عندما سقطت عيناها على صورة مبروزة كبيرة من خلف فتحة باب موارب مرت من جانبه للتو ..
صورة جعلت خفقاتها ترتعد ذهولاً ....... ولهفةً تبكي الحجر/الوجع نفسه .....
اقتربت بعقل مسلوب الى باب الغرفة ..... وفتحته غير مستوعبةً البتة انها في غرفة غريبة داخل منزل ليس بمنزلها ..!!
كانت فقط تريد رؤية الصورة بوضوح ..... وتروي زهور روحها الميتة بالماء .... حتى لو كان ماءاً قليلاً لا يروي بما فيه الكفاية .....
فتحت الباب بكف يرتعش ..... وعيناها لا تحيدان عما امامها .....
صورة شقيقها عبيد .... وبجانبه احدهم ...
لم تحاول مجرد محاولة ان ترى ذلك "الـ أحدهم" ..... بل لم تحاول حتى تحريك عيناها والنظر لشيء عدا عيناه ... وبسمة ثغره الشفافة المتفجرة بالشباب/انتعاشة الرجولة ....
وضعت يدها على صدرها وهي تمشط وجهه الحبيب بعيناها المتلألئتان بدموع الشوق/اللوعة/اللهفة المريرة ..
من فرط ما اعتلج خاطرها من مشاعر هائجة مشتعلة .... لم تفقه لحقيقة انها لا تتنفس ..
ان صدرها شيئاً فـ شيئاً يضيق ..... ان عيناها اللتان ترمقان وجه عبيد الغالي كانت تنغلق ببطء/بخفوت ...
تمكنت من استيعاب ما فيها في اللحظة الأخيرة سارقةً نفساً حاداً مرتفع الصوت/الصدى ... وهي تتراجع بتعثر ...
كانت تعرف انه يجب عليها ان تستدير وتخرج لأنها ادركت وبعد زمن ان من العيب والمشين ان تدخل غرفة غريبة ...... وعلى ما يبدو ..... فإنها غرفة شاب .....
لكنها لم تستطع يالله .... لم تستطع ابعاد ناظريها عنه .... عمّن فقدته في لحظة زمنية مباغتة آخذاً معه ضحكته/بسمته المثقلة بالدفء .....
جفلت وهي في وسط معركتها العنيفة مع اختناق تنفسها عندما استشعرت وجود ظل طويل امام باب الغرفة ....
وما ان استدارت ..... ورأت صاحب الظل بعيناها الضبابيتان ...... حتى ارتخى ما تبقى فيها من قوة .... وانهارت كلياً وهي تسقط على الأرض بلا حول ولا قوة منها ..... انهارت بعد ان تحركت شفتاها الصامتتان صمتاً ينزف آسى/حسرة باسم شقيقها عبيد ..
.
.
.
.
.
.
.
شحب وجهه اضطراباً/ارتباكاً وهو يرى الفتاة التي سقطت فجأة امامه ...
في الحقيقة ... عندما خرج من مجلس الرجال قاصداً غرفته ليجلب شاحن هاتفه .. لم يتصور مجرد تصور انه سيتفاجئ بـ غريب يقتحم خصوصية غرفته ..... غريب .... وياللصدمة .... فتاة .....!!!!!
لكنها وما ان استدارت نحوه ... تصنمت خفقاته وكأن احدهم قد ألقى للتو عليه قنبلة موقوتة .....
ما الذي جلب هذه الصغيرة الى هنا بحق الجليل .....!!!!!
تحرك بشكل مضطرب متوتر واقترب منها محاولاً ان يشتت ناظريه عن شعرها الذي انسكب كالحرير على جانبي وجهها من حجابها الذي انزلق مع سقوطها ....
كان يجهل ان مع اضطرابه .... كان قلبه يخفق ..... بل يرتعد حد اللامعقول ......
يرتعد لحضورها الصامت الاثيري .... للجو الذي يحوم حولها والذي كان معطراً بروائح كلاسيكية عتيقة وكأنها قادمة من زمن آخر .. زمن بعيد ..... زمن زنوبيا .. وشجر الدر .... زمن زيب النساء .... وناريمان .....
زمن كن فيه الملكات الحسناوات هن الصفوة ....
وهي ..... ويالما يشعر به من رجفة في الخافق .... كانت في الصفوة .....
بـ كل ما فيها من سطوة/سحر خلاب ....... كانت في الصفوة التامة التي لا تقبل النقاش/المعارضة ....!!!!
ازدرد ريقه بصعوبة والتفت الى باب غرفته المفتوحة .. ثم سار اتجاهه ليتأكد من عدم وجود احد في الرواق ...
اخذ عقله يفكر بسرعة عن انسب طريقة لحل الازمة التي وقع فيها ....
ما ان لمح اخته فطيم وهي تخرج من غرفتها ... حتى تهلل وجهه امتناناً ....
هرع إليها وهو يهتف بأنفاس متلاحقة: فطيم تعالي اباج ..
اتسعت عينا فطيم بـ ذعر من وجود ذياب المفاجئ .. وقالت: بسم الله .. شبلاك ..؟!
امسك معصمها بقوة واجابها وهو يجرها بسرعة: تعالي اقولج ....
فطيم بذات ذعرها: ذياب شبلاك زيغتني ...
عندما اقترب من باب غرفتها .... دفعها للداخل وهو يقول بتوتر شديد: حدري وطاعي شو فيها بنت محمد ..
عندما اطلت فطيم بعيناها الى الداخل شهقت بهلع حقيقي وقالت بانفعال: شو مدخل موووزه حجررررتك ....!!!!
دفعها اكثر الى الداخل وصبره قد نفذ تماماً من فرط ما ينتابه من انفعال/اضطراب عاتيان .... وهدر بحدة: هب وقته الرمسة الحييينه ..
سيري طاااعي شو ياهاا البنية ..
.
.
.
.
.
.
.
ما ان وصله خبر ان شقيقته قد سقطت مغشي عليها من احد الصبية الصغار اثر اختناق حاد حتى هرع اتجاه عمه أبا ذياب ... وقال له بحزم تخلله قلق عاصف وهو يأخذه لزاوية بعيدة عن الرجال: عميه هامل علني افداك سوليه درب أبا احدر البيت .. ختيه تعبانه وابا اشوفها ...
أبا ذياب بقلق مشابه: ما عليها شر ان شاء الله .. اصبر شوي بعطيهن خبر ..
دخل أبا ذياب المنزل وتنحنح بصوت رجولي غليظ قبل ان يخبر الجميع ان حارب سيدخل المنزل ...
اجابته والدته بذات ارتفاع صوته وهي في المجلس الذي فرغ الا منها وناعمة وام العنود وموزه المنهكة تماماً بينما الباقيات قد ذهبت الى الطابق العلوي مع فطيم: تعالو تعالو ولديه ما من غريب ..
رغم ما انتاب روح ناعمة من توتر شديد الاشتعال من قدومه ... الا ان طبعها الانثوي المسيطر على الدوام خرج ولم تتراجع عما كانت تفعله ...
كانت ترش على وجه موزة قطرات من ماء زمزم وتقرأ عليها المعوذات ....
فهي ما ان رأتها تترنح بمشيتها بمساعدة فطيم حتى وقفت وشعور المسؤولية توجه خطواتها وتبث فيها قوة امومية اكثر مما هي اخوية ...
ثم ساعدتها في الارتماء على الاريكة ووضع رأسها على فخذها .... كانت متهالكة القوى بشكل اثار شفقة الجميع واحزن قلوبهم ....
عندما طُرق الباب بخشونة عرفن النسوة انه حارب ... تقدمت ام العنود هاتفةً بتهكم تخلله قلق:
منو قاله ان موزة طاحت علينا .. الله يهديه بس .. روحه ما يقهر النسمة تجيسها ..
الجدة ام هامل بوجه ينضح قلقاً: ها اكيد حمدان الله يهداه .. هو شاف فطيم وهي محدره موزة علينا ..
ام العنود بصوت رنان: دش دش ولديه ..
دخل وامارات الخوف ناضحة من تقاطيع وجهه الأسمر .. وقال وهو يوجه نظراته مباشرةً الى عمته: شبلاها موزه عموه ..؟!
وينهااا ...؟!
ام العنود محاولةً تهدئته: ما من باس عليها ابويه بس ضاج عليها نصخها شوي ...
تحركت عيناه من عمته لتلك المرتمية على الاريكة خائرة القوى/الإحساس .. اقترب منها وهيجان حار يسري داخله ارتباكاً مما حل بـ شقيقته .............. ومن قرب "تلك" .....!!
اجل ... لقد عرف بأنها هي من تضع موزة على حضنها .... عرف بأنها هي ما ان خفق قلبه بشكل غريب وهو يخطو خطوات قصيرة نحوهما ...
جثى على ركبة واحدة امامهما وهي يرفع بحركة سريعة طرفي غترته فوق رأسه ويضعهما على بعض .. وهتف بصوت عميق/متفجر بالعاطفة وانما متزن قوي: موزة .. موزة حبيبتي تسمعيني ..
ضرب خدها بخفة وهو يكرر: موزة فديتج شوفيني ..
فتحت موزة عيناها الذابلتان بوجهٍ يصرخ بالشحوب .. وشفتاها ترتعش باسم "عبيد" بصدر يعلو ويهبط بجنون
تحرك بخطوات سريعة مدروسة واخذ وسادتين من وسائد الارائك الموزعة فوقها هنا وهناك ... ووضعهما تحت ركبتيها قبل ان يقترب اكثر جاهلاً تماماً ما يجري مع "تلك" التي تشعر بروحها تكاد تهرب من جسدها من فرط اضطرابها من قربه المهلك ... ومن فرط تهيج مشاعرها التي اشتمت عن قرب رائحته العودية الفخمة .....
وضع يده اليمنى على الجزء العلوي من بطن موزة ووضع الأخرى على صدرها وأمرها بحزم بالغ: موزة سمعيني .. تنصخي بس شوي شوي مب بسرعة ... تسمعيني فديتج ... شوي شوي ... ويوم تاخذين نصخ حبسيه شوي وعقب ظهريه .. زين ...؟!
اخذت موزة تفعل بعقل مشوش ما يطلبه اخاها وهي تشعر بيده التي فوق بطنها تتحرك بشكل فعال/محترف .. وظلت على هذه الحالة خمس دقائق حتى شعرت بأنها استردت أنفاسها وعاد الدم من جديد الى وجهها ....
سأل وهو يتلمس بعفوية/بحنان متفجر جبهة اخته: عموه شو صار ما خبرتوني ....
عندما لم يتلقَ جواباً ... التفت بخفة ونظر من خلف كتفه واكتشف ان المجلس اصبح فارغاً من أي احد عداهم ....
تفاجئ بصوتها الناعم يجيب: ما نعرف .. بلا حاسية طاحت عند ختيه فطيم ويابتها ..
هنا ... التفت ....... ورآها .......
رأى من غزت بنجلاء عيناها حصونه ..... ومدن روحه .... وطرقات النبض بدواخله ......
رأى من تمكنت بنظرة من عيناها من جعله ينسى وجعه لثواني ... لثواني فقط ... وأذاقته شعور الحياة بعد ان نسيَه منذ اربع سنين .... منذ ان دخل المنزل ووجد والده يترنح ثملاً وهو يزمجر بغضب مجنون ... ووالدته مرمية كالشاة المذبوحة عند قدميه ...
وشقيقته ....... آه يا شقيقته ........
اخفض عيناه حاجباً عنها ما كاد ينفجر من مقلتا عينه المظلمة ..... وهتف بخشونة صوته الرجولي:
ما عليج امر لبسيها وقايتها بوديها المستشفى ...
طبــــــــول ....... كــل مــا تسمعــه هــو الطبــــــــول
طبـــــول قلبـــــها المنبهـــــر/المرتبـــــــك مــن حضــــوره ...!!!
أومأت برأسها وهمست ببحة "تقتل": ان شاء الله ..
وضعت يدها تحت رأس موزة كي تحركه للأعلى وتتمكن من الوقوف الا ان ليس موزة من كانت تعيق تحركها .... بل جسده الجاثي امامها بالضبط ...... جسده شبه الملاصق بساقيها .....
همست بوجنتان احتقنتا بـ دم خجل حواء: لو سمحت ..
وقف حارب مستوعباً مؤخراً انه بهذا القرب الشديد منها بحيث يمنعها من التحرك .. وقال بعفوية تخللها تخبط مشاعره المشتعلة: السموحة ..
اطبقت شفتها العلوية على السفلية بذات خجلها ... وهمست: لا عادي ...
عندما تمكنت من الوقوف .. اعطته ظهرها كي تتمكن من وضع رأس موزة على الاريكة بحذر ....
ولم تدرك البتة ....... ان جمالها الغجري الجالب لكل أنواع الاغراء/الاثارة ..... كان مكشوفاً امامه .....
ولم تدرك البتة ...... ان الذي خلفها قد سحب فجأة نفساً صامتاً حاداً عنيفاً .... وحبسه من فرط ذهوله/افتتانه ...
لأول مرة .......... لأول مرة بحق ..!!
يعتريه شعور وحشي ..... شعور بدائي ..... للتأهب ...... للانقضاض .... للافتراس .....
للإمتـــــــلاك ...!!!!
عندما خطبها من شقيقها ... تلك الخطبة التي أتت اثر حادثة السيارة ..... كان مرتبكاً وضائعاً وتنقصه الكثير من الشجاعة ليؤمن بروحه وحياته ويُدخل إليهما عنصراً جديداَ .... لم يكن يرغب حقاً بالتورط عاطفياً واقحام شخص جديد في دوامة انتقامه البشعة المدمرة .... وبث الرعب في روحه ما ان يدرك كم ان قلبه اسود ..... متفحم ...... ويصرخ كل لحظة غلاً/حقداً/غضباً ....!!
لم يكن يرغب ابداً في جعل عقله يتشتت بين ثأر عتيق .... وسعادة طازجة ...... كان يرغب بإتمام ما يصبو إليه ثم التلفت للمستقبل .....
رغم ان التلفت للمستقبل كان آخر شيء يمكن ان يفكر بفعله ......
كان ميتاً .... ميت الروح .... وميت الإحساس ...... ولم ينعش روحه غير "ادرينالين انوثتها" ..
انوثتها هي فقط ...... توأم نجلاءه ........!!
والآن .... وهو يراها امامه وقد أصبحت بكل ما فيها من روح/جسد "حلالاً له" ....... تأججت تلك المشاعر الغريبة ..... مشاعر فهد "يزأر زئير اللهفة" ..........!!!
يالله ........... كيف لـ هذه الانثى ان تضخ هذه الكمية المخيفة من الرغبة فيه ....!!
رغبة السعي مهرولاً اتجاه العشق ... وانشاد قصائد الصبابة نشوةً/ذهولاً امام حضرة سموها .....!!
انقشع ظلام فكره الساخن/المتشابك على صوتها وهي تقول بقلق مغلف بـ حياء بالغ:
حـ حـ حارب .. موزة ما تبا تسير المستشفى ...
سحقاً ...... ان لم تصمت هذه الغجرية الصغيرة فـ سيقسم ان لا يخرج الليلة من هنا الا وهي معه .....!!!!
تمسك بحبال الثبات/السيطرة ... واقترب من موزة وهو يقول بحزم بالغ: موزة لازم نجيك عليج ... يمكن لا سمح الله فيج شي ...
هزت موزة رأسها بإنهاك واشرت بعناد شديد: مابا مابا .. الحمدلله الحينه انا بخير ...
عقد حارب حاجبيه باستنكار وقال وهو يهم ليساعدها على الوقوف: لو انتي هب مستهمة على صحتج فـ غيرج مستهم ....
نشي يلا ...
امسكت بذراعه بقوة وتوسلته بعيناها المتلألئتان بالدموع ان يتركها ...
اقترحت ناعمة وهي ترى عناد موزة امام عزم شقيقها: انزين شرايك تخليها تتعشى الحينه وتشرب شي يردلها عافيتها وباجر ان شاء الله تسير المستشفى .... أصلا اليوم يمعه وماشي الا طواري ...
هزت موزة رأسها بسرعة موافقةً على اقتراح ناعمة ولم يجد حارب سوى ان يقول بهدوء تخلله حزم بالغ:
ان شاء الله ... موزوه تعشي شرا الناس ....
واردف مهدداً بلطف: ولا والله بخليهم يرقدونج في المستشفى ....
ابتسمت ناعمة على تهديده اللطيف وقالت له بثقة وهي تحضن كتف موزة: ماعليك محد بيوكلها غيريه انااا ...
اخ ............ يا لـ لذة حظك يا ابنة امي ......!!
هز رأسه بـ فكر مشوش ... وقال: تسلمين بنت هامل ... بنت اصل ..
اعطته نظرة سريعة/خجولة ... تلمع بكلمات كثيرة .... وهمست: ما يحتاي ... موزه فديتها ختيه الثانية ....
تراجع واتجه الى باب المجلس .... لكنه وقبل ان يفتحه .... توقف ....
هتف وهو يستدير بوجهه الى الفتاتان: ناعمة
ناعمة بعفوية تضج بالانوثة: هلااا
تنحنح بثقل كي يهدأ خفقان ايسر صدره الذي ازداد عنفه مع عنف تأثره بـ "سحر رقتها/نعومتها" .. ثم حرّك انفه الى الأسفل وهو يقول بصوتٍ خفيض تخلله غموض من نوعٍ ما: تعالي شوي ..
لا لا لا ...... لا تطلب مني الاقتراب وانا التي تمكنت بصعوبة مهولة من سيطرة ارتعاشة جسدي امامك ..
ارجوك .... الا الاقتراب من حدود رجولتك السمراء المُهلكة .......
ازدردت ريقها بارتباك شديد ... وتحركت اتجاهه بعد ان رأت موزة وهي ترتمي على الاريكة مجدداً غير مدركة ابداً الذي يجري حولها من "عواصف" .....
وهتفت بعد ان أصبحت امامه بالضبط ...... قامتها ذو الطول الانثوي المتوسط تقابل قامته الرجولية الطويلة: آمر بومحمد ..
حدق بـ وجهها المتفرد بجماله بنظرة براقة تضج بالحياة .... وقال بنبرة عميقة دغدغت روحها المرتبكة:
ما يامر عليج عدو ....
امسك كفها الأيمن بشكل مباغت سرعان ما سبب لها الانتفاض .......
ثم رفع يدها المرتعشة ممسكاً بأصابعها بقوة "رقيقة حانية" ..... وطبع قبلة دافئة عليهم وعيناه لا تحيدان عن وجهها الذي اصطبغ وتلون بكل ألوان الكون ......
ثم همس بأجش رجولي "قاتل" وهو يُبعد ثغره عن اصابعها الناعمة كـ "صاحبتها": مبروك علينا بعض ....
لمح رجفة فكها الرقيق ... واهتزاز نظرتها خجلاً/ارتباكاً لا حدود لهما .....
ادخل يده داخل جيبه واخرج شيئاً منه .... ولم تتمكن ناعمة من رؤيته الا عندما وُضع داخل اصبعها .....
شيئاً فـ شيئاً ..... اتسعت محاجرها غير مصدقة ما تراه ..... وقالت بتعبير مصدوم حد الألم الخالص:
هـ هذااا ..... خاتميه ... و و وييين لقييييته .....؟!
ارتفع ثغره ببسمة خفيفة مثيرة .... بسمة جعلت وجهه المتصلب "بندبته التي تعطيه منظراً وحشياً" مسترخياً صافيَ التعابير ..... وقال بنظرة لامعة ذات معنى: لقيته طايح عقب ما سرتي عني هاك اليوم في المطار ..
رغم ما اعتراها من خجل لـ ذكره ذلك اليوم الذي كان فارقاً زمنياً في حياتها .... الا ان سعادتها بالخاتم فاقت كل الحدود .....
اخذت تتلمسه بأصابعها ... وبلا ادراك منها كانت عيناها تتغشيان بدموع خفيفة شفافة متأثرة .... وقالت بحشرجة تفجرت بالسرور/الامتنان: يالله ..... ما تعرف شقد هالخاتم غالي على قلبيه .... ها من الغالية امايه الله يرحمهاااا ..
مـ ... مشكووور ...
مشكووور وااااايد ....
رفع ذقنها حتى سجن عيناها بعيناه .... وقال متأملاً ببطء كل انش من وجهها المتورد: ما سويت شي .... بغيت اسعد خاطريه بـ شوفة بسمتج وانا ألبسج الخاتم ....
ثم دنى منها بخفة وقبّل ما بين حاجبيها تحت نظرتها الثملة وجسدها المتخدر تماماً .....
رفعت عيناها الغائمتان بالعاطفة إليه وجسدها يرتعش تأثراً من أنفاسه الساخنة التي تلفح وجهها .... وحدّقت بـ ندبته مطولاً/من غير وعي ...
الا ان سرعان ما اعترتها الحيرة وهي تلمحه يتراجع فجأة ويمسد ندبته بحركة حادة لا تُفسر .... ويقول بهدوء مقتضب بعد ان تنحنح بغلظة:
مع السلامة ..
رغم استغرابها من حركته المبهمة وشحوب وجهه المفاجئ .... الا انها همست وهي تخفض اهدابها: ربيه يحفظك
.
.
.
.
.
.
.
لم يفقه بمدى ريبة هيئته وهو يدور في باحة المنزل بلا هدى ... وبلا فكر حاضر ..
لأول مرة يشعر بالقهر ..... بهذه الكمية الخبيثة من العجز ..
بأنه يتأرجح بين النار والصقيع بلا إرادة بين يداه وسيطرة على روحه ..
غاضـــــــب ...... غاضـــــــب وبشكل غيـــــــر معقــــــول ....
كانت امامه تسقط كـ ورقة خريف ذابلة ميتة الروح ..... ولم يفعل لها شيء سوى ان وجد نفسه يرتبك بشكل يائس ....
كانت امامه تسقط يالله .....
والسبب هو ......
اجل ..... لم تنهار الا بعد ان رأت صورته وعبيد داخل غرفته .....
شوقها المدمر لـ أي شيء يحمل رائحة من فقدتهم جعلها في حالة ذهول/عمَى حد ان تدع لـ عقلها المسلوب السيطرة كي يسيرها ويدخلها لأماكن محظورة ....!!!!
كلما تذكر الألم الناضح من وجهها يشعر بقلبه ينتفض ..... ويتقلص بين اضلعه ......
ليته فعل شيئاً غير تصرفه اليائس بمناداة شقيقته .... ليته فعل شيئاً يرضي رغبته العطشة بمساعدتها وبث الهدوء في روحها .....
ليتـــ........
زمجر بـ انفعال شديد وهو يركل بقهر كرة قدم كانت قريبة منها حتى اصطدمت بقوة على احدى جدران المنزل الخارجية ...
وفكر بشكل محموم متفجر بالعاطفة .....
يرغب بها زوجة حد اللامعقول .... حد السماوات السبع .....
ولأن هذه الرغبة لا تدعه منذ فترة ينام كما البشر .... فقد خطى منذ ثلاث أيام اول خطوات سعيه نحو الامر .. وتحدث مع ناعمة بما يفكر به ..... الا ان الأخيرة صدمته بحقيقة مريرة ....
الا وهي ان موزة ... ما هي الآن ... سوى بقايا روح عتيقة كانت تتأجج شباباً/انتعاشاً/عطاءاً .... وانها الآن ليست بحالةٍ تخولها لـ الزواج ابداً .....
وانها .. وياللحسرة .... لن تستطيع فتح فصل جديد من كتاب حياتها .... قبل ان تحيى من جديد .......!!!!
قبل ان تسترد على الأقل صوتها ...
وسألته بـ بسمة حزينة ما اذ كان مستعداً ان يعيش مع بقايا انسان .......!!
اجابها بكل ثقة انه يستطيع ... ويستطيع بشكل فعال ومضمون ان يساعدها على استرداد صحتها وإنعاش روحها الهاربة ....
لكن عيناها ابتسمت له بتفهم/صبر .... وقالت له بصريح العبارة:
"اصبر يا خويه .. اصبر وبتنول اللي في خاطرك ان شاء الله اذا هالشي مقدر لك ومكتوب ... البنية الحينه ابد هب في وعيها" ....
.
.
.
.
.
.
.
بعد مرور ساعة كاملة
تحرك من غير هدى بين السيارات المركونة امام منزل عمه أبا ذياب منتظراً شقيقته وعمته لتخرجان إليه ..
سقطت عيناه بلا وعي منه على احدى نوافذ السيارات اللامعة تحت انارة الرصيف الصفراء .....
وانعكس وجهه نصف المظلم عليها .... واخذ يحدّق بـ نفسه ..... بندبته تحديداً ..... بخفقات تنكمش شيئاً فـ شيئاً ....
بألمٍ يرتعش صارخاً شيئاً فـ شيئاً ....
يالك من احمق يا حارب ..... كيف اعتقدت انك في يوم من الأيام ستعرف تخطو كالطفل اول خطوات السعادة ..!!!!
كيف اعتقدت بحق الله ان روحك الميتة ستحيى بعد موت اربع سنين طوال .....!!!
انت ميت يا ابن محمد ....... ميت ميتةً لا برزخ لها الا برزخ الانتقام/رائحة الدم الكريهة النفاثة .......!!!!
وبشكل مبهم ...... بشكل ضبابي باهت ...... احتل عقله صور معتمة .... أصوات .... صخب .... صراخ ..... نداءات راجية ...
.
.
: حاااااااااارب ...... حاااااااااااااارب .....
كان يعلم من الذي يناديه باحثاً عنه ....
رغم هذا ...... لم تزدد عيناه الا تضبباً ..... وظلمةً ...... وضياعاً .........!!!
النار في روحه ليس لها وصف .. ولا بعدها انخماد ..
شعر بأنه بالمختصر ........ يتلظى في الجحيم .......!!!!!!
صدره يعلو ويهبط بجنون مشتعل .... وجسده المنحني "وكأن فوق ظهره جبال الأرض كلها" يرتعد غضباً/ألماً/مرارةً صافية فوق الأرض اليابسة ......
الأرض التي على بعد خطوات قليلة من المقبرة التي دُفنت فيه "والدته" .....!!!!!
كم ظل هنا ....!!!!
ساعات ....!!!! ......... أيام ........!!!!
لا يعرف ....... الذي يعرفه ان جسده فقط من ظل هنا .... اما روحه .... فقد دُفنت مع النجلاء دفنةً لا خروج منها الى يوم يأذن الله .......!!!!
انعكس لهيب النار على مقلتاه شاعراً ان اللهيب نفسه ما هو الا انعكاس "اللافا المستعرة في كيانه بأكمله" ...!!!
شد من قبضته على الحديدة الحامية والتي ظلت في النار مدة طويلة .....
وببطء شديد ..... وبنظرة مات فيها "الحياة/النبض" ........ رفع الحديدة ...... ووسم ما بين عيناه بها ......!!!!!!
: حااااااااااارب لااااااااااااااااااااااااا .........
.
.
استيقظ من سبات ذكرياته المريعة على صوت خطوات عمته وشقيقته ..... وما ان اقتربتا منه حتى كسى وجهه ذلك التعبير الثلجي/الهادئ والذي اخفى ... بمهارة ...... ما في روحه ...... من براكين لا قرار لها ......!!!!
.
.
.
.
.
.
.
وضعت قلم احمر الشفاه على المنضدة بعد ان لوّنت شفاهها قليلاً منه ..
ارتجف صدرها وهي تأخذ اكسجيناً بحدة/بضياع راغمةً نفسها ان لا تتذكر ما حدث ليلة البارحة ..
ان لا تتذكر ما استعر فيها من ضعف وخوف وشتات وهي تستقبل عواصفه الهادرة المجنونة ... ان لا تتذكر كيف تنازلت وببؤس بالغ عن روحها وجسدها ..... وكل احساس يصرخ بالحياة فيها .....
يالله ...... لم تستطع حتى ان تستمر بمقاومته ...!!!
بل لم تستطع الا ان تبث عطاءها وفاحش كرمها وتهديه ... "ويالما تشعره من خزي/قهر" ..... كل انوثتها ناسيةً شتائمه ... اهاناته ... قساوته .... وازدرائه .....
وكأنها كانت تشبهه في التوق ... تماثله بالحاجة .. وتضاهيه رغبةً عارمة في إثبات انها تستحق قليلاً من السعادة/الدفء ... تستحق قليلاً ان تؤمن بوجود "الانثى فيها" .....!!
رغم هذا تكرهه .. تكرهه يالله لانه وبكل بساطة ... يجر روحها إليه ويلف حبال رجولته المهيمنة عليها اكثر من ذي قبل ..
تكرهه لأنه يا رحمن لا يتوانى لحظة عن جعل قلبها يضعف أمامه ..... وان يميل بصورة منحرفة نحو أنفاسه/دقات قلبه ....
اخفضت وجهها الشاحب "المتورد رغماً عنه" وهي تفكر كـ طفلة تائهة ..... كيف ستجري علاقتهما بعد ما حدث ..!!
كيف ستؤول الأمور بينهما الآن ...؟!
أسيتوقف عن معاملتها باحتقاره المستفز ..؟!
أسيكف عن قذف قسوته عليها وتصرفاته الغريبة المهينة بحقها ..!!!
أسيترك عنه بسمته المخيفة/العصبية والتي اكتفت من رؤيتها على ثغره طيلة الأيام الفائتة ...!!!
أسـ.....
قطع مجرى تساؤلاته المرتبكة القلقة دخوله المباغت ...
انكمش جسدها رغماً عنها وهي تسمع خطواته القادمة نحوها .. وانكمشت كذلك خفقاتها خجلاً/وجلاً عندما سمعته يقول بصوتٍ هادئ متزن "عميق": تبينا نظهر الحينه ولا نتريا يلين عقب الصلاة ..؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة ... واجابته بصوت رقيق مبحوح: ا ا ماعرف .. على هواك .. انا متمسحه الحمدلله ..
بشكل صدمها ... وسبب لها الشلل المؤقت .. مد يده إليها وهو يقول بذات صوته العميق: يلا عيل
تساءلت في لحظة سريعة حمقاء ...
ألمس يده "التي هدمت حصونها بدفئها/رقتها ليلة البارحة" سيسبب لها الاغماء ....؟!
من فرط خجلها لم ترغب بمد يدها اليه ... الا انها خافت ان لم تفعلها يظنها تنفر منه ويغضب بالمقابل ....
مدت يدها التي بلا حول ولا قوة منها كانت ترتعش ... وغمستها بشكل يذيب القلب ... داخل يده الكبيرة الدافئة .....
ثم سار بها باتجاه باب الغرفة وتنحى بعفوية كي يدعها تخرج قبله ..
وعندما اصبحوا قرب باب المنزل .. توقف فجأة محدقاً بشفتيها ....
سأل بخفوت: شو ها ..؟!
لا إرادياً .. اغلقت شفتيها بيدها وقالت بخوف طفولي وبصوت اختفى خلف اصابعها: ا ا ا ... روج ... هب حلو ..؟!
تحركت بسرعة قبل ان تنتظر رده وهي تكمل: بسير امسحه ...
امسك معصمها بقوة حانية وجذبها إليه حتى اصبحت قريبة من انفاسه .... وهمس وهو يتأمل وجنتيها ذوات لون التفاح ويدها التي ما تزال تغطي ثغرها: انا ما قلت هب حلو ...
امسك يدها وازاحها عن محيط ثغرها .... وتابع مع تتابع نظراته فوق كل رعشة منه: بس شعنه تحطينه .... ما تحتايين ..
اتسعت عيناها المنخفضتان وموجة عاتية خليطة من ذهول/خجل تجتاحها .....
مـ ... ما الذي يقوله هذا الانسان بحق الله ....!!!!!
تراجعت بعفوية وهي تستقبل تغزله الاول من نوعه وهي تقول بصوت مرتعش: بـ بـ ... بمسحه
هذه المرة .. حررها وتركها تذهب وهي تتخبط بمشيتها ..
ابتعدت عنه وهي تجهل تماماً انها اثارت ذاكرته العتيقة بلون احمر شفاهها .. باللون الذي كانت تفضله عوشة وتضعه باستمرار
اعتقدت حنان ان ما خرج من فاهه كان مقصده الغزل البحت الا انها لم تعلم ان ما قصده هو "التقيؤ" ... تقيؤ كل امر ولو كان تافهاً يذكره بتلك الحرباء .....!!!
.
.
.
.
.
.
.
دخل الغرفة الصغيرة المتهالكة وحواسه كلها تهرول باهتمام نحو الطبيب الذي كشف للتو على حالة إبراهيم ...
حمد الله على وجود هذا الطبيب الذي نزل عليه من السماء وقبِلَ ان يعالج مريضاً بخفاء وبشكل غير قانوني .... فـ طبيبٌ غيره لن يقبل بمعالجة مريض بحالةٍ مشبوهة وفي مكان بعيد جداً ... في كوخ فوق الجبال الشاهقة ...!!!!
سأل بإنجليزية سلسلة وهو ينقل عيناه الى إبراهيم: كيف حاله الآن أيها الطبيب ..؟!
خلع الطبيب التركي نظارته وقال بمهنية شديدة: الحمدلله .. صديقك ذو بنيةٍ قوية وقد تمكن جسده من الاستجابة للعلاج .. لكن من المهم جداً ان يظل طريح الفراش حتى يلتئم جرحه .. لا تنسى ان جرحه في مكان حساس جداً ...
تساءل باهتمام اكثر وهو يقف بجانب رأس إبراهيم: ماذا بشأن ارتفاع درجة حرارته ..!!!!
أستظل تلازمه مدة طويلة ..؟!
الطبيب: من الطبيعي ان ترتفع درجة حرارته في هذه المرحلة من علاجه .. لكن لا تقلق سيدي .. اعطيته للتو حقنة لتخفض حرارته ... وسأعطيك دواء لتعطيه إياه ما اذ ارتفعت في أي لحظة ....
هز سلطان رأسه بتفهم ... وتمتم بالعربية: ان شاء الله ..
ابتسم الطبيب التركي وقال بالكلمة التي يقولها الاتراك والعرب على حد سواء: ان شاء الله ...
عندما خرج الطبيب .... تذكر انه ينقصهم بعض الخبز والطعام .... حمل سترته الثقيلة وخرج بعد ان ألقى نظرة سريعة على إبراهيم النائم ...
وهو عائد .... استوقفته امرأة عجوز تبيع الحلي القديمة والمستعملة ....
توقفت عيناه على عقد لؤلؤ "الانيق رغم قدمه" ... وبلا وعي منه سأل العجوز عن ثمنه ....
ماهي الا لحظات حتى اكمل سيره وبيده العقد ....
رفعه وهو يترنح بين اصابعه السمراء ...... وابتسم نصف ابتسامة مسترجعاً بشكل ما لهيب انثاه بداية زواجه عندما كان يناديه بـ ... لولوه ...
هههه تلك الشعلة لا تعرف انه وبكل سحر الكون ... اعتبرها لؤلؤته منذ ان صوبت نحوه اول نظرة طعناء عندما رفضته اول مرة ....
تحديداً عندما تحدته بكل شراسة وهي خلف ابيها ورفعت رأسها إليه لتعلن فرض احتلالها الماكن في روحه ...
"الشعلة" اعتقدت انه كان يسخر منها بـ مناداته باللقب الذي ألصقته بنفسها المعتدة ..
لم تعرف البتة ... انها عندما قالت له وهي ترمقه بسهامها انها "لؤلؤة خويدم" ..
فـ انها وقعت على صك ملكيته لها .....
لا لـ والدها .... ولـ اي انسي آخر .......
لا تعرف انها عندما تحدته بمجرد كلمات ... ان روحه "رغم ان قطار الكرامة المهانة قد صدمه ابشع صدمة" قد قبلت تحديها لتبرهن لها انها مخطئة ....
فهو الوحيد من يعلم بأحقيته بامتلاكها .... وهو الوحيد من يعلم انه "طواشها الذي لن يفكر ابداً ببيعها" ....
الا انها لم تعرف هذا كله .... واشتعل سخطها منه كلما ناداها باللقب "الذي يثير في روحه المتعة/المشاكسة/الإثارة" ...
اللقب الذي استخدمه ليذكر نفسه بأحقيته بها لا بتذكير نفسه انها في يوم من الأيام قد بصقت وصاله/قربه ....
كما لم تعرف كذلك ... ان هيامه الخرافي لها اشتعل ما ان اصطادت قلبه بنظرتها الخاطفة اليتيمة .. وليس بمجرد سماعه صوتها ورؤيتها تغانج حمائمها كالملاك في حديقة منزلها وهي تشدو الاهازيج الشعبية القديمة ...!!!!
فـ هيامه/عنفوان صبابته لم يكن قط الا "شماءاً" ... كـ اسمها .... وكـ نظرتها الدعجاء الأبية تماماً ....!!!!
يالله ...... هي لؤلؤته هو .... لؤلؤة السلطان ...
لؤلؤته التي لن يفرط بها حتى لو تفننت ببث كل انواع العذاب فيه ...
رغماً عنه قهقه بذبول .... بـ ثغر حرم من ضحكة العشق سنين طويلة ...
حتى لو تركته لـ سبب كذلك الذي تركته وجرحته من اجله قبل اثنا عشر سنة ...!!!
.
.
.
.
.
.
.
مجمع الأفنيوز
داخل احدى مقاهيها الفاخرة
وكأنها اعطته حقن متتالية من بروفين تسكين ألم روحه المجروحة/تصدع دواخله الذي استحال لشيء بشع لا يُستساغ
لن ينكر بأن بعض منه ما زال ينفر منها كونها شقيقة عوشة .... الا ان البعض الآخر يراها الآن بصورة "شبه صافية"
صورة حنان .. الزوجة لا اخت الزوجة ..!!!
صورة لشخص .... وياللغرابة ..... يشعر بالامتنان الخفي نحوه .... لأنه وبسويعات فقط ... اذاقه "الحياة" ....
اذاقه ما كان يتجرع حرمانه كالقط المتشرد تحت المطر سنين ليست بقصيرة ..... ولأجل هذه السويعات فقط قرر ان يستكين .. ان يأخذ شهيق سماحة النفس ويزفر لين المعاملة ..
حسناً هو لم يكن قراراً بالمعنى الدقيق ... هو وكما سبق ذكره ..... جراء حقن البروفين "خاصتها" ....!!!
: بوزايد
انتقلت عيناه من كوب العصير الذي امامه الى عيناها ... وقال بعد ان ابتسم بهدوء: على فكرة .. نسيت ان اسميه احمد طول هالايام ...
اتسعت عيناه ارتباكاً/خجلاً ... وصمتت ليردف بلطف: انتي حرمتيه الحين .. زقريني باسميه ...
اعطته نظرة بريئة مذعورة ثم تراجعت في جلوسها وهي تتلعثم: ا ا لا لا .. ا ا ماعرف .. خلني على بوزايد احسن ..
رفع حاجباً واحداً بسخرية مرحة وقال: جيه ..!! اسميه لهالدرجة يزيغ ....
ولا يمكن هب غاوي ...
رفعت عيناها بسرعة وهي ترد على ما قاله باندفاع: بالعكسسس .. انا اعشق اسم احمدددد ....
انخرس لسانها فجأة تحت سيطرة نظرته التي اشتعلت بريقاً مباغتاً ..... وقالت مبررةً:
ا ا ا اقصد مـ منو ما يحب اسم احمد وهو اسم من أسماء الرسول عليه الصلاة والسلام ...
تحرك ثغره بابتسامة خفيفة متلاعبة وتمتم: عليه الصلاة والسلام .... يعني افهم من رمستج ان حتى اسم محمد
"ولفظ آخر كلمة بتلكؤ متعمد" .... تعشقينه ....!!!
حرّكت عيناها بارتباك بالغ ... وقالت وهي تضطر لأن تكون صادقة .. فهي لا تعرف الكذب اصلاً: ا ا احب اسم محمد ... محد ما يحب هالاسم اصلاً .. بـ بس يعني .....
شعرت بالاختناق وهي تمسح عرق خفيفاً تجمع فوق انفها من فرط التوتر .... وتابعت: بـ بس ا ا ا ......
: ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
حدّقت به بهلع فاقدةً القدرة على استيعاب انه .................. يضحك .......!!!!!
إلهي ............ هذا الرجل ....... يضحك الآن معها .......!!!
يالصفاء بحته المنتعشة .... وكأن ضحكته حكت للتو اجمل حكاية تحت المطر .....!!!
اسند كلتا يديه على الطاولة وهو يقترب منها بينما ضحكته قد تقلصت لتغدو قهقهة رجولية مبحوحة "تسلب الحواس/الخفقات" ...... ثم قال: شبلاج تروعتي ... تراني ما اعض ...
جملته الأخيرة سببت لها ذعراً من نوع آخر هذه المرة ..... وبلا احساس وضعت يدها على عنقها وهي تنكمش بوجوم .....
رغماً عنه .... شعر بقلبه يعتصر من حركتها ..... واحس بمدى حقارته/دناءته ......
اسبل اهدابه بصمت وجيز .. قبل ان يرفع عيناه إليها مرة أخرى ويقول: ما سامحتينيه ....؟!!
اشاحت بوجهها قليلاً بـ ألم شفاف علقمي .... وقالت بجفاف: ديّة الذنب عند الكرام الاعتذار .. وانت لين الحينه ما عطيت ديّتك ..
عض لا ارادياً شفته السفلى محدّقاً بها "بافتتان لم يدرك وجوده" ..... وباعجاب لـ ثبات صوتها/بلاغة كلماتها .... وقال بصوت خافت "حار":
متأكدة ما عطيت .....!!!!
اعطته نظرة حادة مذهولة ... نظرة جعلت روحه ترقص بين جنبات صدره ... وقالت بانفعال: انت ما اعتذذذرت ...
قهقه برجولية وهو يرى شعلة عيناها المنفعلتان وقال مجارياً إياها: انزين ما اعتذرت ....
صمت وهو يشرب عصيره ونظرته البرّاقة المتلاعبة لا تحيد عنها ..... ثم وضع كأسه وقال بعد ان لحس شفته التي غدت رطبة من السائل: وانا أبا اعتذر .... كيف ......!!!
رفعت كلتا حاجبيها بتعجب .. قبل ان تقول برقة تشوبها بعض الحدة: شو كيف .... ما اتعرف كيف تعتذر ....!!!!
اتسعت ابتسامته بشكل مثير ... وقال بنظرته التي تحلق فوق وجنتيها ..... وشفتيها: جد اعتذرت بس الظاهر فشلت ... علمينيه انتي الحينه كيف يعتذرون الاوادم ....!!!!
احتدت شفتيها قبل ان تقول باستنكار انثوي مندهش: رد ايقول اعتذر ..... متتتتى ......!!!
كبح بقوة ضحكة كادت تفلت منه لـ شكلها المضحك وهي تستنكر .....
وهمس بنبرة مدروسة ... نبرة تعمد من خلالها اشعال لون خجلها "الذي اصبح مدمناً عليه" على وجنتيها: اممم ........ اعتذرت .... وانا اذوق الشهد من عنق الظبي ..
شهقت بصوت مختنق ... مكتوم .... وجسدها فجأة بدأ يرتعد بجنون .....
قالت وعيناها تتحركان هنا وهناك بشكل اخرق شديد الخجل/الاضطراب: ا ا ا .... انت شـ شوو تقووول .... عـ عيييييب ....
مص باطن وجنتيه بـ تلاعب اشد خبثاً .... وقال وكأنه لم يقذف للتو قنبلة موقوتة على حدود حياءها العذري حد اللامعقول:
انتي سألتي وانا جاوبت ... تبينيه اجذب يعني ..؟!!
وبعفوية خرجت من روحها البريئة ... تمتمت بخفوت مختنق وحرارة وجهها تمنعها من التفوه بجملة مفيدة واحدة: يالله ...
اردفت بذات حرارة انفعالها وهي تتململ بجلستها: ا ا السـ .... السموحة بـ بوزايد .... بـ بروح عزك الله الحمااام ...
حاصر ساقيها من تحت الطاولة بكلتا ساقيه بحركة سريعة جعلتها تتسمر بمكانها وخفقات ضارية تضرب دماغها حتى قدميها بثوران لا قبل له ولا بعد ......... وقال بنظرة تلمع اثارةً/مكراً رجولياً "فخم التضاريس": شو اسميه ...؟!
شعرت بدموع الخجل/الاضطراب الحارقان تدغدغ مقلتاها وتنبآ عن سقوطها من غيومهما ان لم تهرب من هذا الجريء في الحال ..
همست بصوت رقيق ضعيف: بـ بـ بو ....... ا ا اقصد ا ا احمد ......
حررها من سجن ساقيه .. وسرعان ما تركته وذهبت الى الحمام بخطوات سريعة متعثرة شديدة التوتر .......
اخذ يحدق بها حتى دخلت ... وبشكل خفي مريب .... انحسرت ابتسامته لتحل محلها ابتسامة باهتة الضياء/الجمال .. ابتسامة لم تكن ابداً كـ تلك التي اهداها منذ قليل اليها ... بل اكثر تحفظاً ..... واشد حيرةً/اضطراباً ......
حسناً احمد ....... تذكرك بأن من واجبك ان ترفق بالقوارير لا يعني ابداً نسيانك لـ حقيقة رغبتك العاصفة في نحر كل الاناث من بعد "تلك" ....!!!
تنهد بـ خفوت شديد العمق ملؤه الشتات/الحسرة .... واخذ يحرك محتوى كأسه بالعود البلاستيكي ....
اخرجه من أفكاره رنين هاتفه .... استله بخفة .... وهتف: ألوو
..
: هلا وغلااا .. مرحبا ملاييين ولا يسدن ... علووومكم ..؟!
..
: لا لا ... مبرووكين مبرووكين .... ف ذمتيه حارب يستاهل كل خير ..
..
: اكيد الحينه بتصلبه وبباركله ..
..
: ان شاء الله ابويه لا توصي ..
..
: سلامن يبلغ ان شاء الله ... سلم سلم على اللي حولك ..
..
: في وداعة الله وحفظه ..
تلألئ ثغره ببسمة رجولية لطيفة وهو يهم بالاتصال بـ ابن ابن خالتهم حارب وتهنئته بمناسبة عقد قرانه ..
وعندما عادت أخيراً حنان من الحمام .. اعلمها بالخبر وكادت تطير سعادةً ... فتلك الناعمة عزيزةٌ جداً على قلبها ..
واتصلت بدورها بالفتاة وقامت بتهنئتها هي الأخرى ..
بعدها اخذ الاثنان يتمشيان قليلاً في المجمع قبل ان يخرجوا منه ويقررون اكتشاف دولة الكويت الحبيبة بمنظور اقرب وبصورة اشد صفاءاً .......
وعلموا بعد سويعات قصيرة ...... ان الليالي .... وقمر الليالي ... في الكويت ...... صعبةَ النسيان حد الوجع ..
.
.
.
.
.
.
.
حدّقت بعاطفة جياشة بـ شقيقتها التي لم تنم هذه الليلة الا بقربها ....
تعرف بالضبط ما بها .... وتعرف ما اعتراها من ألم/ضيق ما ان وقعت على ورقة عقد القران ... ولولا انغماسها بين النساء وصخبهن وتهانيهن لـ لحقتها وخففت من وطأة الامر في قلبها ...
تنهدت رغماً عنها تنهيدةً ترتعش قلقاً/حيرةً ...
رغم مشاعرها التي تتحرك بهيجان نحو ذلك الأسمر ذو الندبة المثيرة .... الا انها بحق لديها أسبابها الجدية في هذا الزواج ..!!
أسباب جعلتها تخطو اول خطواتها نحو المجهول ذاته .....!!!!
اكتشفت اليوم كم ان العلاقة بين حارب وموزة شديدة الحساسية .... حساسة حد ان الرجل لم يتحمل ان ينتظر قليلاً ليتأكد من سلامة شقيقته بعد العشاء ....
رأت الذعر الخالص بعيناه وهو الذي كان يشع قوةً/صرامةً/عنفواناً .... شعرت بهالة شخصه القوي المتفرد من مواقف عدة أولها لقائها الأول به في مطار باريس ...
لكن منذ سويعات فقط ... اكتشفت ان لو كان لـ ذلك الأسمر نقطة ضعف .... فـ هي موزة ..
ووحدها شقيقته من تهز قوته وتجعله هشاً امام كل امر يضرها ......!!!!
يالله ....... كاد قلبها يسقط بين دهاليز معدتها عندما هرع بنظرة ضائعة/تائهة/خائفة نحو اخته ليعرف ما حل بها ..
وكأنه ....... وكأنه يالله كان يدعو الله في قلبه ان لا يجزعه بفقد جديد ... بحرمان آخر .......!!
ارتعد قلبها عند آخر كلمة وهي تهز رأسها بقوة ....
تعترف ان صورته وهو مع اخته هزت روحها وجعاً .. بشكل اشد من اهتزاز روحها بهجةً/خجلاً عندما تم قرانها به ....!!!!
اهتزازات تختلف بالأسباب ..... الا ان مصدرها واحد .... ومن شخص واحد ...
شخصه هو .......... حارب كراها ......!!!!!
.
.
.
.
.
.
.
نهار يوم جديد
ما ان سمعت أصوات الصغيران حتى قهقهت بـ سعادة عارمة والاشواق ترقص بهجةً في صدرها ...
: حبيبي زايد شحالك ... تولهت عليكم وايد وايد ..
زايد: وانا تولهت عليج واااااايد خالوووه ... وييينج ....؟!!
ردت حنان وهي تشعر ان دموع الشوق ستخونها: يا حبيب قلب خالوووه ... انا مسافرة حبيبي الكويت ...
زايد: مع باباااا صح ...؟!
اشتعل لون الورد على وجنتيها خجلاً ... وقالت: هيه فديتك مع بابااا .. وين سعيد عطني اياه ابا ارمسه ..
اعطى زايد الهاتف الى سعيد الذي قال بصوته الصغير اللذيذ: كالووووه ...
حنان: يا عيووون وقلب خالوووه ... شحالك سعودي حبيبي ...؟!
واخذت تحادث الصغيران وكأنها فارقتهما منذ دهر طويل .... وبعد ان استفرغت كمية لا بأس بها من شوقها إليهما .. عادت تتصل بوالديها اللذان لم يجيبا عندما اتصلت بهما المرة الأولى عليها ....
وبعد رنين طويل ... رد والدها على اتصالها ...
قالت بقلب ينبض بالقلق: ابويه شحالك ..؟!
أبا حميد: هلا بنتيه .. بخير ربيه يعافيج ويسلمج .. انتي شحالج وشحال ريلج ..؟!
حنان: بخير فديتك ما نشكي باس .. وينكم اتصلبكم من متى ومحد يرد عليه .. امايه وين ..؟!
تلعثم أبا حميد بارتباك قبل ان يقول بضحكة قصيرة تنضح توتراً: امج في المطبخ هب متفيجة حق تلفونها .. تلقينه معقوق منيه مناك ..
لم ترتح حنان لـ نبرة صوت والدها المثيرة للشكوك .. وقالت بحزم: ابويه .. امايه فيها شي ..؟!!
أبا حميد: لا لا شو فيها بسم الله ... الحمدلله كلنا بصحة وعافية .. اللهم لك الحمد ...
ما زالت تشعر ان والدها يخبئ عنها امر ما .... الا انها قالت بهدوء: الله يحفظكم ويخليكم لي يا رب .. خلاص اول ما تخلص من المطبخ خلها تتصلبيه ما عليك اماره الغالي ....
أبا حميد: ماشي خلاف بنتيه .. هالله هالله بعمرج .. وردي السلام على بوزايد ..
حنان: يبلغ ان شاء الله ... في امان الله ...
.
.
.
.
.
.
.
كانت تعمل بالكروشيه بوجه ممتقع لا تفسير له سوى الغضب ...
لم تتحمل الجلوس محلها .. ليس وصور ليلة البارحة تتمازج امام عيناها مكونة صورة شخص واحد ..
ذياب ......!!!!
سحقاً للشيطان ..... ألم تجد سوى غرفة ذلك المتغطرس لتدخلها .... ما الذي دهاكِ يا موزة بحق الله ..!!!!
تنهدت بـ ضيق عارم وهي تمسد جبهتها بأصابعها ....
يالله ..... لن تستطيع دخول ذلك المنزل مرة أخرى بعد الذي حصل لها .... ولن تستطيع مواجهة فطيم بعد ان شهدت خزي فعلتها .. والحمدلله انها الوحيدة التي شهدت ما حصل ....
اففف ..... رحمك الله يا عبيد ....... تمكنت ببسمة ثغرك من سلب التعقل/السيطرة من دماغي .....
لا ....... بل علقم الحرمان من سلبهما .... سلبهما وطيّرهما كما تطاير اللاشيء ...
خرجت صورته مرة أخرى ... هذه المرة اشد هيمنة .... اقوى حضوراً ..... اكثر وضوحاً ...
بثوبه الأبيض .. وطربوشه المرمي خلف كتفه العريض بإهمال ... بـ عنقه البارز وسط ميلان لفة غترته على رأسه بأناقة بدوية بحتة .... بـ تقاطيع وجهه المشابهة لـ شقيقتيه ناعمة وفطيم بحكم الاخوة بينهما ... بـ ....
بـ ..........
ارتعش جسدها وهي تتذكر نظرة الذعر/القلق بعيناه ... نظرة استطاعت التقاطها بـ عينها الضبابية قبل ان تسقط ارضاً مغشياً عليها ....
من فرط توترها ... شعرت بأمعاءها تتقلص وتنقبض بشكل مخيف .....
مخيف لـ حدود انوثتها المغلقة لأجل غير مسمى .. ومخيف لـ حصونها المانعة ذو الطول الشاهق والذي بُني بعناية سنين طوال لا راحة فيها ولا رخاء ....!!!!
وفجأة ... ادركت انها كانت تكتم أنفاسها بقوة .....
أخرجته مع زفير عنيف ملؤه الاضطراب .... ولم تحرك ساكنة الا عندما احست بشاشة هاتفها تُضاء اثر وصول رسالة إليها على برنامج الواتس آب ....
رفعت الهاتف امام عينها ... وقرأت ما وصلها ...
"موزه غناتي ... شو صحتج اليوم ..؟!"
اطبقت شفتاها على بعضهما ورغماً عنها شعرت بالحرج الشديد من الفتاة التي أصبحت زوجة شقيقها ... والتي حمداً لله تجهل ما حصل بينها وبين شقيقها في غرفته ....
اجابتها: الحمدلله فديتج احسن ..
ناعمة: سرتي المستشفى ..؟!
تذكرت موزة عناد حارب واصراره على موضوع المستشفى .. شقيقها الحبيب الذي لم ينسى ما حل بها ليلة البارحة .. ثم اجابت:
حارب فديته بيوديني العصر ..
ناعمة: ان شاء الله .... يوم تظهرين من المستشفى طمنيني حبيبتي ..
اجابت موزة وقلبها يخفق بمشاعر فريدة من نوعها اتجاه هذه الفتاة التي رغماً عن كل شيء ... رغماً عن مخاوفها/كوابيسها من قرب موعد زفاف شقيقها الذي سيحتم عليها الاقتراب من خط ماضيها الأسود المثير لـ جنون عقلها/هستيريتها ... بدأت تشعر انها الأخت التي لم تنلها يوماً:
ان شاء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
: روض القلب ... اول ما تظهر النتايج دقي عليه وخبريني ... لو ما ورايه كومة اشغال جان ما خليتج والله ...
اخفضت اهدابها وهي تبتسم بـ عشقٍ سرمدي لـ حروف لسانه المثقلة بالحميمية/العذوبة .... وهمست: لا خليت منك نهيان ... خلص اشغالك مابا اعطلك .. وبإذن الله اول ما يخبرنا الدكتور بدق عليك ....
نهيان بنبرة رجولية فخمة: ان شاء الله ما عليها شر ...
تلعثمت بخجل وهي تهمس: آ آ نهيان ييبلي عبيد .. اباه ..
: ما تبين ابوه ...؟!
عضت شفتها السفلية بوجنتين متوردتين .... الى الآن لم تعتد على جرأته في الحب واندفاعه في الشاعرية/الغزل .... همست ببسمة خجولة:
ابوه مشغول حليله ...
: لا أبو الشغل ولا أبو من يبعدني عنج .... قولي بس اباك وبقلع كل اللي في ايدي وبييج اربع ..
ضحكت بنعومة عبقة واجابته بذات همسها الغارق في الحياء: لا ... شغلك يباك الحينه .. يوم تخلص منه تعال ..
غمغم بتهكم رجولي مازح: عنبوه ... بايعتنا الحب من الحينه ... زين زين ...
روضة: ههههههههههههههههههـ....
صمتت عن ضحكتها المبحوحة ما ان لمحت الطبيب المشرف على حالة والدتها يقترب منها وبجانبه شقيقتها الكبرى فاطمة ام محمد ...
اردفت موجهةً حديثها الى نهيان: نهيان برايك هاذوه الدكتور وصل ...
نهيان مكرراً طلبه بحزم: لا تنسين ادقين عليه عقب ... مع السلامة ..
روضة ببسمة حانية: لا لا ما بنسى ان شاء الله ... ربيه يحفظك ..
أغلقت الخط عن زوجها وهي تقترب بخطى متلهفة نحو الطبيب وشقيقتها .. وقالت ما ان أصبحت امامهم:
دكتور ظهرت نتيجة الفحص ...؟!
فتح الطبيب باب مكتبه وهو يدعوا الشابتان للدخول بتهذيب مهني جم: تفضلن خواتي ...
دخلت فاطمة ومعها روضة التي وبشكل غريب ... تشعر بخفقاتها تزداد تخبطاً/صخباً ....
وما ان جلسن امام مكتب الطبيب حتى بادرت فاطمة بالقول: ان شاء الله النتايج زينة دكتور ...
شبك الطبيب أصابع يديه ببعضهما البعض .... وقال بعد ان زم شفتيه بتفكير: اولاً واخيراً يا ختيه كل شي بإيد الله سبحانه ...
قالت روضة بصوت اختنق من الانتظار/القلق: والنعم بالله .. دكتور قول شو النتيجة دخيلك ....
الطبيب: الوالده طلع فيها ورم في الدماغ .... وللأسف بدا ينتشر ........
.
.
.
.
.
.
.
ألمانيـــا
وضعت يدها المرتعشة على صدرها بينما اغرورقت عيناها بالدموع وهي تهتف بصوت مختنق تفجر بالهلع/الصدمة:
المهم سيييف ... سييف شو صحته دكتووور ...؟!!
اجابها الطبيب اليمني بثقة عالية: بخير الحمدلله .. يحتاج راحة عقب الانتكاسة اللي حلت بجسمه من اثر المخدر ... بكرة بإذن الله تقدرين تشوفينه ..
هزت رأسها بـ فكر مرتاع/مشوش .... وابتعدت وهي ترد على هاتفها الذي ازعجها برنينه المتواصل ..
استلته وصدرها يعلو ويهبط بهستيرية من اثر ما حل بها من جزع/اضطراب: أ أ الووو ...
اتاها صوت عمها أبا سيف وهو يهتف بلهفة: ها بنتيه بشري .. خلصت العملية .....
شهقت بحدة قبل ان تسقط الدموع من عيناها كالسيول ....
أبا سيف بهلع: بنتيه شووو مستوي خبرييني ...؟!
قالت من بين دموعها المتساقطة غير قادرة البتة على كبح انفعالها: عـ عميه ... ا ا ا الحمدلله هو ما فيه شي ... بـ بسس جسمه ما تقبل المخدر ... و و ولولا رحمة الله جـ .... جاان ...
جاان راااح فيهااااا ........
نهــــاية الجــــزء الثــــالث والخمســــون
|