كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الحادي والثلاثون
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء الحــــادي والثلاثــــون
،
متى يشتفي منك الفؤاد المعذب
وسهم المنايا من وصالك اقرب
فبعد ووجد واشتياق ورجفة
فلا انت تدنيني ولا انا أقرب
كعصفورة في كف طفل يشدها
تذوق حياض الموت والطفل يلعب
فلا الطفل ذو عقل يرق لما بها
ولا الطير ذو ريش يطير فيذهب
ولي ألف وجه عرفت طريقه
ولكن دون قلب الى اين أذهب
فلو ان لي قلبان لعشت بواحد
وأفردت قلباً في هواك يعذب
لكنَّ لي قلباً تّملكَهُ الهَوى
لا العَيشُ يحلو لَهُ ولا الموت يقرب
لـ قيس بن الملوح
،
اغلق الهاتف وهو يتحرك باتجاه غرفة النوم ..
دلف الى الداخل ماشطاً بعيناه المكان الخالي من "انثاه" ..
عرف انها في الحمام من صوت خرير المياه ..
قرر ان يصلي وتره ويقرأ ورده قبل ان يأخذ حماماً ساخناً هو الآخر ..
مرت الدقائق حتى انتهى من صلاته وغرق في روحانية كلمات الله عز وجل ..
سمع وهو في وسط قراءته صوت فتح باب الحمام .. لم يرفع رأسه وانما فضّل ان لا يتشتت برؤية تلك الفاتنة واكمال ما يفعله ...
مرة أخرى.. سمع فتح باب الغرفة وخطوات "تلك" الناعمة تخطو للخارج ..
انتهى من ورده قبل ان يقف ويضع المصحف على الطاولة ..
ما هي الا ثواني حتى استدار بحدة/قلق ما ان سمع صراخ حاد قوي آتياً من خارج الغرفة ..
انه صوتها .. صوت لؤلؤته ..!!!
هرع الى الخارج وخوفه على محبوبته وصل حده الاقصى ..... والاشد ..
اقترب من مصدر الصراخ الذي تحول الى شهقات باكية مرتجفة تقطع نياط القلب ..
وصل وصدره يعلو ويهبط من اثر الانفعال/التوتر صائحاً بحدة صارمة:
لووووولووووووووووه
لم يسمع رداً غير الشهقات الخافتة .. ازداد توتره وهو يقترب من الصالة التي تحوي احدى جدرانها على أبواب زجاجية خاصة لشرفة خارجية تطل مباشرةً على غابات كولورادو المفعمة بالجمال
: لولووووه شو فيييج ..؟!
اتسعت عيناه وهو يراها بـ بيجامتها الطفولية القصيرة وشعرها الرطب المبعثر تضرب الحائط بوسادات الارائك الصغيرة ..
ما إن سمعت صوت سلطان حتى امسكت بآخر وسادة صغيرة ورمتها وهي تبكي بجزع حقيقي ثم ركضت نحوه بتعثر جزع لأقصى حد ..
اختبأت خلفه وهي تأشر بصياح مرتجف من بين دموعها المتساقطة: سـ سـ سلطاااااااااااان إلحق علييييه في وحش هنييييه ...
عقد حاجبيه بحيرة/اضطراب ... أيضحك على ما يجري ام يرثي حال هذه التي ترتجف خلف ظهره غير مدركة لكمية المعاناة التي يعيشها وهو يشعر بقربها المغري ولمساتها الخرافية عليه ..!!
ابتعد قليلاً وهو يضع يده على ظهرها مهدئاً اياها برقة: وحش ..!!! شو وحش .. ماشوف شي انا ..!!
امسكت بثيابه من الامام من ناحية بطنه وهي تتعلثم من فرط خوفها: هـ هـ هب وحش الا وحوووووووش ..
امسك نفسه بقوة كي لا يضحك امام وجهها الباكي .. قال وهو يقترب من المكان الذي رمت عليه الوسادات لكنها امسكته من ظهره وهي تصرخ: لاااااااا لا ترووووووح بياكلووووونك لا تروووووووح ..
رفع كلتا حاجبيه بذهول: شو ياكلوني الله يهدااااااج شايفتني خارووووف ..
شما بصوت راجي باكي ومازالت ممسكةً بظهره: اقولك لا ترووووح بياكلووووونك قسم بالله ..
سلطان: ههههههههههههههههههههههههههههههه لا تحلفييييين شو بياكلووووني .. هديني انتي خليني اشوف منو هاييل اللي بياكلوني ..
تركته شما بقهر وهي تسب حالها الذي يخونها دوماُ ويضعها في مواقف محرجة وبغيضة مع هذا "الساخر المغرور" ..
اقترب سلطان من الزاوية التي بين الباب الزجاجي المطل على الخارج وبين الارائك ..
وسرعان ما التمعت عيناه بفكاهة شديدة وهو يعطي شما نظرة سريعة ساخرة..
وبرشاقة .. دنا بجسده نحو الأسفل .. وحمل بين يديه حيوان صغير حديث الولادة ..
رفعه ببسمة رجولية ساخرة وهو يقول: هذا وحش بالله عليج ..!!!
ركضت شما لآخر زاوية في الصالة وهي تصرخ بحدة منفعلة: سلطاااااان شله من هنييييييه حرام عليييييك ..
ياربيييه انا شو يايبني هالبلااااااااااد ..
ضحك سلطان بنشوة عارمة وهو يمسد بأصابعه السمراء فرو الارنب الحديث الولادة .. ثم قال محاولاً تخفيف الجزع في قلب شما: ما يزيغ .. طاعيه أليف وحلوووو .. هذا اسمه البيكا .. ارنب صخري يعيش في الايبال هنيه ..
ضربت شما رجلها الأرض بغضب: يا هلا ويا مرحباااا تشرفنااا .. يوم انه يعيش في الايبال شو يايبنه صوووووبنا ..!!!!
وضع سلطان الارنب الصغير بجانب والدته ضاحكاً بخفوت: ههههههه حليلها الام الظاهر انخشت عندنا يوم ربت ..
رفعت شما رأسها وجسدها بأطراف أصابع قدمها ورمقت الام واطفالها الصغار بطرف عيناها ثم انكمشت مرة اخرى بقرف وهي تهتف:
وع استغفر الله العظيييييم ..
شلهااا سلطااان دخيلك والله ماقهررر ..
(ماقهر = لا اتحمل)
اقترب سلطان منها وهو يعطيها نظرة سوداء تلمع جاذبية .. ثم قال: مسكينه خليها شو تبيبها .. بخلي باب البلكونة طلق وهي بتشل اعيالها وتظهر روحهااا ..
(طلق = مفتوح)
صاحت بجزع واشمئزاز: سلطان لا لا .. لا تقرب ..
توقف وهو يرفع كلتا حاجبيه باستغراب: شو فيج بعد ..!!
التصقت بالجدار وهي تغضن وجهها باشمئزاز: بعيد بعيد لو سمحت انت توك زخيت هالوحش لا تقرب منيه اجززززز
(اجز = اتقزز)
لعق بخبث شفته السفلى وهو يقترب ويقول بعناد باسم: وان قربت ..!!!!
صاحت بخفوت متقطع وهو تدفن وجهها بالحائط: سـ سلطااااااااااااااان والله اجزززززز لا تقررررب دخيييييييييلك
اقترب حتى محى المسافة/الهواء/المجال بينهما هامساً بنبرة اجشة تنضح مكراً:
عاد انتي خذتي ريال عوقه الـ لاا والممنوع ..
ما ان سمعت همسه حتى تحولت رجفة القرف في جسدها الى رجفة من نوع آخر .. حاولت ان تسيطر على اضطرابها من همسه بأن قالت بحدة وهي تواجهه بوجهها: قول الا ماخذه ريال يعشق العناد ويكره يشوفني مرتااااااحة ..
همس بذات نبرته الاجشة غير مدركاً انه ينطق ما يخبأه بقلبه:
انتي اول من قدرت تظهر ويه سلطان الثاني .. وانتي اول من تجرأت وقالت في ويهي لا ..
تغريني الـ لا مالتج .. تخليني ماروم اتحكم بـ فعايلي ..
وصلت درجة خفقات قلبها للأقصى تماماً .. انكمشت حتى تتمكن من التقاط انفاساً "غير انفاسه" .. فأنفاسه تصيبها بالدوار .. تجعلها غير مسؤولة عن اي فعل سيخرج بسبب جزيئاته الرجولية ذو الرائحة العودية العبقة "المُسكرة" ..
اخذت شهيقاً قوياً وهمست وهي تنظر لكل شيء عداه .. همست معتقدةً ان سلطان يستنكر تصرفاتها اتجاهه ويستهزأ لا اكثر:
ما سويتبك شي .. انت اللي دوم تحب تفرض رايك وتصرفاتك عليه .. من اول يوم امبينا وانا حاسه ان كل شي تسويه عناد اليه وبس ..
ابتسم بـ وجع ماكن لم تفقه معناه المبطن ثم قال ممسكاً ذقنها بخفة ويرفع وجهها إليه: انزين طالعيني وانتي ترمسين .. نضيتي قلبيه يا بنت خويدم ..
(نضيتي = نضجتي، اي اتعبتي القلب)
رفعت وجهها رغم عنها الا انها لم تتمكن من وضع عيناها امام عيناه ..
هتف بحزم خبيث وقد كتم ابتسامته في قرارة نفسه: يا لولوه طالعيني ..
احتدت نظرة عيناها وهي ترفعهما بحدة بفم مزموم من فرط قهرها .. قالت وقد خرج غيظها عن السيطرة:
قلتلك اسميه شما .. شمممااااا ...
اسميه شما خويدم بن زايد بن سعيد الـ ...
اتسعت ابتسامته وهو يتأمل الغضب في عيناها مما زاد من نشوته .. وتوقه الجائع ...
قال باستفزاز واضح:
ليش بلاه "لولوه" .. اشوفه يلوق عليج اكثر عن اي اسم ثاني ..
ردت شما وانفعالها بدأ باشتداد/بالهيجان: ما قلتلك تعشق العناد وتكره تشوفني مرتاااااحة ..
اصلا انت لو ما ظهرتني عن طوري ما ترتاااااح ..
(طوري = سيطرتي)
مر بريق امام عيناه بصورة لا تظهر الا "لها" .. وهمس بنبرة ضبابية هائمة وكأنه لم يسمع شيئاً:
لولوة ..
الحورا عدها عندج ..؟!
عقدت حاجبيها بعدم فهم .. ثم .. وبالتدريج .. اتسعت عيناها بقوة .. وقالت بـ ذهول ناعم:
تطري حمامتيه الحورا ..؟!
رأت صف اسنانه تطل بفتنة ماكرة خلف ابتسامته المتسعة وهو يؤكد على كلامها بهزة رأس خفيفة:
هيه حمامتج الحورا .. وينها ..؟!
شما بذات ذهولها المحتار "غير المستوعب": شـ شـ شو عرفك ان كان عنديه حمامة اسمها الحورا ..؟!
سلطان: كان ..؟! جيه ماتت هي ..؟!
تلعثمت بنبرة خافتة تخللها حزن أليم: آ آ آ هي ماتت بس يابت اليه ثلاث حمامات قبلها ..
سلطان بتساؤل لم يخرج معه خيبته العصية على التفسير: متى ماتت ..؟!
اشاحت بوجهها عندما تذكرت اليوم الذي توفيت فيه حمامتها المفضلة .. قالت وقد تحولت نبرتها لشيء من القسوة والبرود والصقيع:
عقب ما انهينا خطبتنا الاولية بكم يوم ..
ابتعد ووجهه غدا كـ صفحة بيضاء لا تُفسر .. هذا ما كان لا ينقصه كي يتذكر جرحه الماكن في اعماقه بسببها ..
لا ينقصه ابداً ..
اعطاها ظهره وهو يقول بجفاف مقتضب: اهاااا ..
ابتلعت ريقها الجاف وهي ترى الجفاء الواضح في نبرة صوت سلطان ..
اعادت تساؤلها بهدوء: انزين ما جاوبتني .. شو عرفك ان عنديه حمامة اسمها الحورا ..؟!
اعطاها سلطان نظرة جانبية اخفى سخريةً مريرة خلفها ... وقال بجمود: اعرف اشيا عنج يا لولوة انتي روحج ما تعرفينها ..
تركها ودخل غرفة النوم بعد ان اغدق قلبها وعقلها بألف سؤال وسؤال .. وألفاً من ألف علامات تعجب واستفهام ..
.
.
.
.
.
.
.
بعد اصرار والدته .. اقتنع بأن يجلب ولده الى منزل عائلته ويتركه معهم رغم انه لم يكن ليفعلها ومشكلته مع والده لم تُحل بعد .. !!
لكنه ولأجل ان لا يكسر قلب والدته .. رضخ لمطلبها ولم يحاول الاعتراض ..
رغم كل شيء هو أب اعزب ولا يستطيع الاعتناء بولد صغير لوحده .. يحتاج لوالدته وشقيقته كي يعتنين به ..
والآن هم مجتمعون على سفرة الغداء عدا والدهم ..
هتف الجد ابا عبيد بصرامة بحته الدائمة: عذبة وينه ريلج ..؟!
اجابت ام نهيان بتوتر وهي تلقم عبيد الصغير بيدها:
أ أ عبيد مصدع شوي عميه وقايل ما يبا يتغدا ..
نظر فلاح الى نهيان نظرة ذات معنى ثم قال: رب ماشر ..!! مصدع من شووه ..؟!
ردت والدته باقتضاب: عادي ولديه ايوز لانه راد من برع وظربته الشمس ..
(ايوز هنا بمعنى من الممكن)
نهض نهيان فجأة واتجه لغرفة والده مع تلاحق أعين الجميع خلفه ..
هتف حمد بحماس كي يزيل التوتر الشائك في المكان: امايه شو رايج اليوم اودي عبيد بوظبي جدا بيت عميه مصبح يلعب مع العيال شوي ..؟!
هتفت مهرة بخفوت متوتر: امايه انتي خبرتيهم بسالفة الولد صح ..؟!
هزت ام نهيان رأسها مع تنهيدة عميقة ثم قالت: هيه الصبح رمست سلامة وخبرتها ..
نظرت لولدها حمد وقالت: ما يحتاي توديه هم قايلين بيونا باجر ان شاء الله عسب يشوفون الياهل ويسلمون عليه ..
.
.
.
.
.
.
.
دخل الغرفة بخفة ..
يعرف ان والده لا يعاني من مجرد صداع .. هو يعاني من امر آخر اشد وطأة على رأسه من الصداع ذاته ..
اقترب من السرير وهو يدعو الله ان لا يخذله والده هذه المرة ..
رآه واضعاً ذراعه على جبهته غارقاً في نوم "غير مريح" .. فـ وجهه المكشر لا يوحي بأنه في نوم هانئ مرتاح ..!!
جثى على ركبة واحدة بجانب السرير قبل ان يمسك بكف والده الايمن ويقبّلها قبلات عميقة طويل تفجرت بالصدق .. قبلات ثلاث حمل فيها شتى انواع الأسف/الحب/الرجاء ..
جفل أبا نهيان مستيقظاً من نومه بحدة مزيحاً ذراعاً عن جبهته ..
ما ان استوعب وجود بكره امامه حتى تشنجت كل اطرافه واشاح بكامل جسده لاتجاهٍ آخر وهو يزمجر بقسوة جافة خالية من الاحساس:
زول عن ويهي مابا اشوفك ..
وقف نهيان وعيناه تنضحان بالخذلان الأليم .. فهو رغم ما عاشه في عمله من قسوة ومواقف تجبر القلب على التخلي عن احاسيس الندم .. والاسف .. والطيبة ... وحتى الألم ... الا انه مع والديه لا يستطيع السيطرة على الابن المشاكس الساخر الذي بداخله والذي يخطئ دوماً ويرجع إليهم متأسفاً بعد كل خطيئة ..
لكنه هذه المرة بحق اخطأ خطأ لا يمكن تعديه بسهولة .. خاصة مع والده ...
هتف بنبرة حازمة وقد قرر ان يعترف بما في جوفه علّ والده يتمكن قليلاً من تفهم ما فعله رغم انه "لا ينكره خطأه الاساسي":
يابويه .. اسمعني انت وعقبها يحرم عليه هالبيت ان طحته وانت هب راضي عليه ..
لم يسمع رداً من اباه .. لذا تشجع واكمل اخراج ما في جوفه بخفقات خجولة مرتبكة:
يالغالي .. اشهد انكم ما قصرتوا ويايه .. انا هب ياحد عسب انكر اللي سويتوه اليه .. بس ...
تنهد ويمسد رقبته بضيق .... واكمل بصوت اخشوشن من مشاعره التي يظهرها لأول مرة امام والده:
بس انت بالذات دومك تحسسني انيه انسان فاشل .. مستهتر .. ما وراه شي في حياته يسويه ولا فايده منه .. كنت دومك تحسسني انيه مالي شغله الا المرابع ورا البنات والسوالف البطالية .. عمرك ما شفتني شرات فلاح وحمد ..
ما اجذب عليك .. كنت اتضايج يوم اشوف نظرة الفخر والفرحة بعينك يوم اخوانيه ينجحون وماشوفها اليه يوم ارسب او حتى يوم انجح على الحافة ..
كنت اقول في خاطريه شحقه ابويه يبدي اخوانيه عليه وما يحاول في يوم يعرف سبب فشليه في الدراسه ..
هب بس الدراسة .. فشليه في الحياه عموماً ..
ابتسم بألم خفي وهو يكمل بنبرة هادئة: في اول سنة جامعة ييتك وانا مستانس وقلتلك ابويه انا الحمدلله قدرت احفظ سورة البقرة .. تحيد شو رديت عليه ..؟!
قلتليه وايد عليك .. طاع اخوك فلاح قدر في رمضان يحفظ ثلاث ارباع كتاب الله .. وحمد حافظ البقرة من هو في الاعدادي ..
ترييت اشوف غير التطنز والاستخفاف بعينك بس ما شفت ..
بس اللي ماتعرفه ان عقب اللي صار قدرت بفضل رب العالمين احفظ كتابه الكريم كله بس ما قلتلك عسب ماسمع كلام يجرح او نظرة تذبح فرحتيه ..
استطاع لمح رجفة كف والده الذي مازال متقوقعاً داخل دوامة صمته المهيب ...
انزل نهيان رأسه واكمل: اعترف ان اللي خلانيه ادور حظن غير حظن هالبيت هو انيه كنت في مرحلة ضعف .. كنت في حيرة وحزن محد كان يعلم ابهم الا رب العالمين .. ماقدر اقولك شو سويت اكثر عن انيه عرست بليا علمكم .. بس اقدر اقولك ان اللي كل سويته كان لجل اثبت لعمريه انيه انسان اقدر اسوي شي له جيمة في هالدنيا ..
اقدر اعتمد على نفسي .. واقدر اسوي شغله افتخر ابها انا قبل لا يفتخر ابها هلي وناسي ..
طبعاً بتسأل روحك شو مسوي هالولد اكثر عن انه معرس من ورانا ..
لا تخاف ابويه .. ميسون هي الغلطة الوحيدة اللي ندمان عليها اما الباجي لا ..
وللأسف هالغلطة يت معاها ياهل ماله ذنب ..
ولديه عبيد اللي سميته عليك من غير اي تفكير يا تاج الراس ..
تاق في قرارة نفسه ليرى والده يتحرك ويستدير نحوه الا ان توقه قد ذبل وظنونه قد خابت ..
اضاف وهو يبث القوة والتصميم في نبرة صوته الحازمة:
واللي خلقك يا بونهيان .. والله ثم والله انيه عقب ما طلقت ميسون ودرت كل شي يخليك غضبان عليه ..
حـ حـ حتى انيه ....
صمت مانعاً نفسه من التعمق في اعترافاته اكثر .. فالوقت الآن غير مناسب كي يتحدث بأمور تجري في قلبه المثقل بالاسرار ..
تنهد بعمق وقال مغيراً مجرى حديثه:
يا بويه ولدك ندمان ومعترف بغلطته .. وما يبا منك شي الا الرضا ..
رضاك من رضا رب العالمين يالغالي ..
ولديه عندكم وفي عهدتكم .. مأمنك عليه اكثر مما انا مأمن روحيه عليه .. خذه وربه شرات ما ربيتنا انا وفلاح وحمد ومهرة ..
والله لو تمرغه بالعقال شرات ما كنت تمرغنا ما بفتح ثميه وبرمس .. انت سِيده وسِيد راسه وراس ابوه ..
انهى حديثه بأن انحنى بجسده مقبّلاً كتف والده بعمق ..
قال كلمة اخيرة قبل ان يخرج على عقبيه: آسف يا بويه .. اتمنى في يوم تقدر تسامحني على اللي سويته .. وان ما سامحتني اعرف انيه بعيش بـ شقا يلين ما الله ياخذ امانته ..
خرج من الغرفة تاركاً عقل الاخير في اعصار تهب وسط اعترافاتٍ غير متوقعة بتاتاً .. اعترافات صادمة على قلبه .. صادمة لدرجة اعتصرت وتينه واوجعته ..
.
.
.
.
.
.
.
: البكرتين بـ 50 ألف .. الكبيرة فارسيه والصغيرونه امها بنت مياس .. ها شو قلت ..؟!
(البكرة هي انثى الابل الصغيرة) (بنت مياس اي من سلالة معروفة اسمها مياس)
مسد احمد عنق البكرة الصغيرة وقال موجهاً حديثه لابن اخيه: ها شو الشور بومايد ..؟!
هتف سيف بنظرة فاحصة وهو يسوم سعر البكرتين بحيادية تامة: والله يا بوزايد يردن الروح في ذمتيه ..
التفت لـ صاحب البكرتين والذي يكون احد اصدقاء صديق عمه احمد محمد "أبا شامس" والذي اقام وليمة غداء لجميع الاصدقاء في عزبته .. ثم قال: لجنه يا بن صياح السعر عليك به شوي ..
شمر صاحب البكرتين عن ساعديه ثم قال بحزم ودود: امررره واصل والله ان بغيتوهن ابلاش يالقروم ..
ربت احمد على كتف صديق صديقه بـ رجولية محبوبة وقال: يعلك تسلم يا بوبخيت .. نحن نبا نفيدك ونستفيد .. على كم ناخذها منك آخر شي ..؟!
ضرب أبا بخيت مؤخرة البكرة الفارسية ثم قال بعد تفكير: بومايد فطين ويعرف بالمساوم اكثر عنيه .. اللي يحدده هو امرره انا راضي به ..
ابتسم سيف ابتسامة خافتة ثم قال: يطولي بعمرك ماعليك زود .. والله انا بقول اللي اعرفه لجنه الراي الاول والاخير للعم ..
ابوبخيت: ماعليك انت من عمك .. قول اللي عندك
هتف بحزم بالغ وهو يتفحص البكرتين ويستذكر بعقله مزاياهن التي تحدث بهن ابا بخيت قبل دقائق: 30 يا بن صياح
ضحك احمد وقال موجهاً حديثه لأبا بخيت: ولد اخويه هب ناوي يربحك الظاهر هههههههههههههههههه
ضحك أبا بخيت بـ قلب طيب وقال بنبرة رجولية رنانة: وانا والله ما بمشي غير على شور ولد اخوك .. مبروك عليك يا بوزايد ..
اتسعت ابتسامة سيف وهو يرفع كلتا يداه اللتان كانتا تستكينان على اطارات الكرسي المتحرك .. ثم قال:
لا ما اتفجنا على جيه .. قلت انا بقول لجني ما قلت تاخذون على رايي ..
احمد: ههههههههههههههههههه مبونيه ما بسعى لـ بوبخيت بالخسارة .. يومين يا طويل العمر والـ 50 الف في حسابك ان شاء الله ..
ابا بخيت بحمية لا تقبل الانكسار او التراجع: لا والله ما ارضى الا بـ سعر بومايد .. خذهن الهنتين بـ 30 ويعلك تتهنابهن وتشوف على ويهّن البركه ..
حاول احمد ان يقنع الرجل بـ رضاه بالسعر الأول الا ان الرجل رفض ان يرضى الا بالسعر الذي قال عنه سيف ..
احمد بـ رضوخ باسم: علنيه افدا خشمك يا بوبخيت .. تسلم الغالي والله يطرح في باجي حلالك الخير والبركه ..
سيف ببسمة خافتة يخفي خلفها ارهاقه الشديد من لهيب الشمس الحارقة والذي لم يعد يتحملها كما السابق:
يعله مبروك للبايع والمشتري ..
أبا بخيت + احمد : الله يباركلك يا بومايد ..
اردف سيف وهو يرفع هاتفه الذي يرن: ولد حلال توه على البال ..
: هلا والله بـ بوخويدم .. شحالهم ..؟!
جلس بطي على كرسيه ورد بتهكم: انتو وينكم ..؟!! عنبوه انا ما قبضتكم الشركه هناك عسب اتقزروليه اياها حواطه ولعب من ورايه ..
سيف: هههههههههههههههههههههههه افا عميم منو قاااااال ..؟!
التفت لـ عمه احمد واكمل: انا اصلا اجازة إلى اجل غير مسمى .. وعميه احمد مادريبه تفاهم انت وياه هههههههههههههه
بطي بذات تهكمه: عطني عطني اياه .. الهرم اتصلبه من الصبح ولا يرد عليه ..
سيف: ههههههههههههههههه ان شاء الله معزبنا .. عميه يوّد اخوك يباك ..
ارتسم الرعب الفكاهي المصطنه على وجه احمد الذي قال وهو يلتقط الهاتف: وابووووويه شو بيفججني الحينه من لسان المعزب ..
تنحنح بخفة ثم هتف بمرح رجولي: مرررحبا ملايين ولا يسدن في ذمتيه ..
بطي بحدة: احمدوووه وينك انت .. شو هالتسيب يا اخي ..
احمد كابحاً بسمته: الله اكبر متى صار التسيب ..!! بوبخيت عزمنا على الغدا انا وسيفان وما بغينا نرده .. عقب الغدا ان شاء الله برد الشركة بجيك على الامور كلها .. لا تستهم طوليه بعمرك ..
زم بطي فمه ثم هتف بنبرة اقل حدة: انزين يوم ترد اباك اجيك على الايميل طرشتلك اوراق يبالهن مراجعة ..
احمد: ان شاااااااء الله يا بوخويدم على هالخشم ..
بطي: لا تنسى يا احمد بارك الله فيك .. اباك تخلص الشغل العالق قبل لا تسافر ويه احمد ..
ابتعد احمد قليلاً عن ابا بخيت وسيف ثم همس: لا سالفة السفر هاذي بعدني هب متأكد منها ..
بطي: شحقه ..؟! هب قايل انك خلاص عزمت تسافر وياه ..؟!
احمد: هيه قايل بس الحينه هب متأكد .. عقب بتصلبك وبخبرك السالفة ..
بطي: زين عيل .. يلا برايك .. وسلم على اللي حولك ..
احمد: الله يسلمك يبلغ العضيد ..
اغلق الهاتف وهو يقترب من الرجلان ويقول: بوخويدم يسلم عليكم
سيف + أبا بخيت: الله يسلمك ويسلمه من الشر
.
.
.
.
.
.
.
تنحنح بخشونة وهو يمسد رقبته بارتباك/احراج .. ثم قال:
آ آ آ يا عمتيه الله يهداج شو شو مستوي في الدنيا .. انا ريال شفت عمريه زاهب للعرس ورمست ..
هتفت ام العنود بتساؤل اخفت خلفه خبث انثوي باسم: يعني غريبه يا حروب ..
من متى احن عليك تعرس وانت هب طايع .. الحينه فجأة ادق عليه وتخبرني انك تبا تعرس وانك خلاص خطبت من قوم هامل بن ذياب ..
السالفة فيها إن يا ولد اخويه ..
ابتسم حارب ثم هتف بحزم ودود: لا إن ولا كان واخواتها .. السالفة بسيطة .. بغيت اعرس وما حصلت شرات سلطان بن ظاعن عسب اناسبه ..
ام العنود بتساؤل ناعم: انزين خطبت منوه بالضبط ..؟!
شعر ان التلعثم سيطفو على نبرات صوته .. ولكنه كره ان يُشعر عمته بارتباكه الذي تزايد .. زاد من تنحنحه قائلاً بخشونة: بنت اخوه هامل بن ذياب ..
التمعت عينا ام العنود بذهول وكأنها لم تكن تتوقع ذلك: ناااااعمه ..!!!
خفق قلبه لسماع اسمها المرهف .. لكنه هتف بذات خشونة نبرته وهو يدعي عدم معرفته لإسمها: آ آ آ عاده ماعرف شو اسمها ..
وضعت اصبعها على فمها بتفكير: هامل عنده بنتين ناعمة وفطيم .. بس فطيم ياهل توها مخلصه ثاني ثنوي ..
حارب: أ أ لا مب الصغيرة العوده ..
ام العنود: ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
رفع حارب كلتا حاجبيه باستغراب ثم قال: بلاج تضحكييين ..!!!
ام العنود: ههههههههههههههههههههههه لا لا ماشي ..
اكملت وهي تشعر بنشوة سعادة لا قبل لها: علنيه افدا زولك يا حارب .. اسميك رديت فيه الروح على هالخبر الحلووو ..
خبرني حبيبي متى تبانيه اسير اخطبلك بنت العرب ..!!!
رد حارب ببسمة حلوة بالكاد ظهرت: صبري الغاليه إلين ما يرد بومييد من السفر ..
في الحقيقة .. استثقل حارب فكرة ان يعلم سلطان بأمر خطبته لابنة اخيه متأخراً .. غير انه يشعر انه من المهم ان يخبر الاخير وجهاً لوجه بالأمر ويعرف رأيه قبل ان يخطو خطوة الخطبة ..
السنين التي وقف فيها سلطان بجانبه وسانده فيها نفسياً/وجدانياً/عملياً تحتم عليه احترام قدسية ما فعله له وان يعطيه ذلك الشأن الكبير ..
ام العنود: امممممممم هب مطولين ان شاء الله هم في السفر .. على الاسبوع الياي رادين ان شاء الله ..
اضافت بعد صمت ثانتين: تصدق احسن بعد .. هالويكند نحن مرتبشين بـ ملجة عيال خالك فلاح وحمد ..
حارب: اهاااااا
واكمل بتساؤل: الا بتخبرج عموه .. هم بياخذون من بنات عميه عبدالله صح ..؟!
ام العنود: هيه فديتك بياخذون حصة وميرة ..
حارب: هيييييييه .. زين زين الله ايوفجهم ويباركلهم ..
ام العنود: فديتك آميييييين والفال لك جريب ان شاء الله
حارب: امين غناتي ..
اقولج عموه .. لا تخبرين موزانه بالسالفة .. انا بخبرها
ام العنود: ولا يهمك حبيبي ..
اغلقت ام العنود الهاتف وبقايا بسمة دهشة ما زالت ترتسم على محياها الجميل .. لم تتوقع ان حارب سيخطب الفتاة التي رغبت هي شخصياً بخطبتها له منذ فترة طويلة ..!!
لطالما رأت في ناعمة الكيمياء التي تتوافق مع كيمياء ابن شقيقها وبشدة ..
الكيمياء التي ستنتشله من وحل الحزن ... الفقد ...الوجع ..... والوحدة ..
رغبت بخطبتها لابن الغالي منذ فترة طويلة لكن الله لم يكتب ذلك خاصةً وان حارب نفسه لم يكن مستعداً نفسياً وذاتياً لخطو هذه الخطوة المهمة ..
.
.
.
.
.
.
.
ارتجفت يديها وهي تقرأ كلام شقيقها على برنامج الواتس آب
صدمة تلك على قلبها الضعيف الذي لا يمتلك الا نبضاتٍ تتنفس فقط لمرأى شقيقها ..
شقيقها الذي بقيَ لها سيتزوج ..
سيتزوج ويتركها ..
اخذت دموع الألم تندفق من مقلتيها بلا حول ولا قوة ..
لمَ يا حارب ..!!
لمَ ترغب بإذاقتني مرارة اليتم مرة أخرى ..!!
لمَ يا من أصبحت العزوة .. والنفس .. والروح ..!!!
لا تقتل من تنفست هواء البرزخ مرتين وبنفس السكين ..
ارجوك يا آخر انفاس نيلا ومحمد ..
ارجوك ..
ارتمت على فراشها وللمرة الألف ارغمت وسادتها على مشاركتها دموع المصبوبة بغزارة ..
تشعر بالغيرة .. بالانانية .. باليتم .. بالنار اللاظية .. كل ذلك ينهش عظامها ويحولها الى كائن "لا تعرفه" ..
فكرة ان تدخل فتاة أخرى حياة شقيقها وتشاركها حبه واهتمامه لا تحتملها .. لا تحتملها ابداً ..
ليس من حق احد ان يشاركها ما بقيَ لها من اسرتها المغدورة ..
هي فقط من يحق لها هذا الى ان يأخذ الله روحها المترمدة حد الموت ..!!
.
.
.
.
.
.
.
نار تشعل جوفه ..
نار ..
لم يجد سوى الرياضة ليطفئ ما فيه من قهر مكتوم ..
فتح احدى نوافذ الغرفة الطويلة المطلة على طبيعة كولورادو الخلابة .. وبرشاقة وضع يديه على قمة النافذة وبدأ يرتفع وينزل بجسده الطويل المثخن بالعضلات غير مكترث بتاتاً ما اذ ستتحطم النافذة ام لا ..!!
المهم ان ينفث ناره ..
هذا المهم ..!!
استمر نحو ثلث ساعة على هذا النحو .. يرتفع وينزل بسرعة وعنف ..
دخلت شما الغرفة بتردد .. لا تعرف لمَ تشعر ان سلطان قد انزعج مما قالته قبل قليل ..
لكنها لم تقل سوى الحقيقة .. حمامتها حقاً ماتت بعد ان انهيا خطبتهما الأولى ..
اففففف
اف يا شما
لقد انزعج من تذكيرك اياه بأنكِ رفضته يا بلهاء ..
التمع التمرد بعيناها وظهرت شيطانة صغيرة فوق رأسها لتقول بضحكة خبيثة
هههههههههههههههههههه فليحترق كما احرقني منذ زمن بعيد ..
أكان سهلاً عليّ ان اتقبل جرحاً كان هو مسببه ..!!!
لكن الملاك الصغير في قلبها اطل برأسه ليقول بتوبيخ
لكنك يا شما اروع واجمل وألطف من ان تدعي احد يشعر بالضيق بسببك دون ان تعتذري إليه ..
دفع الشيطان الصغير الملاك الطاهر وهو يصرخ في جوف عقلها
لكن هذا اقل جزاء ممكن ان يناله هذا المغروووور ..
ظلت واقفة تنظر إليه بتردد ..
وبعد صراع شديد بين شيطانها وملاكها ..
خطت خطوتين خجلتين باتجاهه ... وهمست بنعومة مضطربة وهي تنظر لكل شيء عداه:
آ آ آ سـ سلطان
لم تسمع اجابة منه وهويستمر بتمرينه القوي بسرعة اشد ..
: سـ سلطان ممكن ارمسك شوي ..
هتف باقتضاب خشن جاف: اسمعج ارمسي ..
ارتفعت عيناها إليه بتردد قبل ان تكتم شهقة انبهار لكمية الفتنة الناضحة من هيئته الرجولية الصعبة ..
ابتلعت ريقها الجاف وهي تقول: لا وقف شوي ماعرف جيه ارمس ..
ارتفع سلطان مرة واحدة بقوة ثم قفز الى الاسفل برشاقة والعرق يلتمع بـ جانب وجهه ورقبته وصدره ..
مر من جانبها وهو يقول بذات نبرة الاقتضاب الجافة: وقفت .. قولي شو عندج ..
استدارت وهي تلاحق تحركاته بنظراتها الخجلة: أ أ امممم .. انا اسفة ..
توقف عن تجفيف وجهه بالمنشفة وهو يتلق اعتذارها الناعم الخافت ..
قال بخشونة وهو ينظر الى انعكاس وجهها الاثيري المحتقن بالاحمرار بالمرآة: على شو تتأسفين ..!!!
ردت وهي تشعر بالضيق من سؤاله الخبيث الذي يرغمها على الدخول في تبريرات لا تريد التعمق فيها .. هي فقط تريد الاعتذار وكفى: بـ بس جيه .. انا اسفة لو ضايقتك ..
قالت جملتها وهي تستدير لتخرج .. الا ان يد سلطان اوقفها ليجرها بخشونة ويجبرها على مواجهته ..
هتف بنظرة سوداء قوية: يوم اسألج ردي عليه .. على شو تتأسفين ..؟!
هتفت بضيق شديد: بومييد لا تيرني جيه .. ما احب ..
سلطان بحزم شديد آمر: ردي عليه .. على شو تتأسفين ..!!!
تنهدت بعمق وهي تزيح عن جبهتها شعرها الذي تمرد عليها وسقط .. قالت بسرعة وهي ترغب باختصار القول:
آسفة لو ذكرتك مساعه بسوالف تضايقك ما تبا تتذكرها ..
رمقها بنظرة لم تفهم ماهيتها ... نظرة ذات معنى سحيق حد الظلام ..
لانت قبضته على ذراعها وهو يقول بخشونة هادئة: وشو هي السوالف اللي تضايقني وذكرتيني ابها ..!!!
تغضنت جبهتها بضيق أشد .. هذا السلطان ينبش أمورًا لا ترغب بالخوض بها ..
قالت باقتضاب شديد: سلطان خلاص طاف .. ولا جني قلت شي ..
حاولت ان تستدير لتخرج لكنه أحاط خصرها بذراعه بقوة ليجبرها على الوقوف بمحلها ..
هتف وهو يتأمل كل وجهها الجميل بتمهل صرف: تأسفتي لانج حسيتي انيه تضايقت من سالفة كنتي انتي سببها ..
افهم من جيه انج متلومه وندمانه على اللي صار قبل 12 سنة ...!!
شهق كل عرق الكبرياء في جسدها الغض .. واتسعت عيناها استنكاراً وغضباً ملتهباً ..
وبقوة لم تعهدها ابداً .. لا تعرف أهي قوة الجسد أم قوة كرامة مهدورة مسفوكة الدماء تتعارك لتحافظ على ما تبقى فيها من انفاس ..
خرجت بحدة من حصار ذراعه وهي تهتف بغضب ماردي حاد مبحوح حد الزوال:
لا يا ولد ظاااااعن غلطاااااااااااان .. هب شما اللي تندم على شي سوته بإراااااادتها .. لا تاخذ مقلب في عمرك وتقول اووووه ظويت راسها وخذتهاااا ..
ان رقيت سابع سما ولا طحت القاع بتم في نظريه الريال اللي ما يستااااااااهل لولوةْ خويدم ..
لم تبالي بالوجوم الاسود الذي احاط بوجه سلطان وانما اكملت بذات قهرها الذي كتمته زمن طويل .. قهر ترك عيناها تنقلبان الى بلوران حمراوان:
ولو رد فيه الزمن جان رديتك مرتين وثلاث واربع هب الا مرة لان يا استاذ سلطان من باعنا برخيص نبيعه بسعر التراب
زمت فمها باحتقار شديد واكملت:
اعرف حجم الرمسه قبل لا تعقهااا لو سمحت ..
صمــــــــــت ..
صمــــت ازهــر الجـــدب في الوجــدان وقتــل الحيـــاة في العــــروق ..
صمت اخرج أحرّ الانفاس من الصدور .. وأجمد النظرات من العيون ..
تكاد شما تحلف انها رأت طيفاً شيطانياً اجرامياً مر امام عينا هذا الواقف كالجبل الشاهق ..
طيفاً مر بجانبها بعد ثواني بتروي بالغ مع مرور صاحبه الصامت ..
خرج من الغرفة ومن الجناح بأكمله تاركاً اياها وحيدة تشهد تسلسل كل حرفٍ قالته منذ ثواني معدودة بجسد ينتفض من شدة ما عانته من انفعال نفسي وعصبي ..
.
.
.
.
.
.
.
هتفت لابنتها ببال مشغول: مزنة فديتج خلي الكنادير على برد وسيري ازقري اخوج ظاعن .. يلا هِيّا
(على برد = على طرف/جانب) (هِيّا = بسرعه)
وقفت مزنة بسرعة وقالت: ان شاء الله ..
وضعت سلامة الملابس التي سبق واعادت ترتيبها بجانبها واخذت تفكر بما عرفته الصباح من ام نهيان ..
يالله .. كانت بحق صدمة ..
نهيان كان متزوجاً ولديه طفل ..!!!
ومن غير علم والديه ايضاً ..!!!
تنهدت بعمق وهي تهمس بخفوت: الله يهداك يا نهيان بس ..
ظاعن: لبيه امايه ..
سلامة بحنان: عساني اشوفك تلبي عند بيت الله يا نظر العين ..
ناولته كيساً كبيراً واردفت: دوك هالجيسه اباك توصلها جدا بيت بن زعل
(دوك/اندوك = امسك)
اتسعت ابتسامة متشوقة على ثغر ظاعن وهو يقول: زين عطيني سويج الاستيشن ..
سلامة بدهشة: شحقه ..!! سنانوه هنيه .. سِر وياه هو ما يدل البيت
ظاعن بإحباط وغيظ: امايه شو ابا في سنانوه انا اللي بسووق
سلامة بحزم مستنكر: يلا يلا مناك .. ماشي سواقه لين ما تاخذ الليسن ..
ظاعن: امايه يلا عااااد الليسن بظهره عقب اسبوع ان شاء الله ..
سلامة بذات حزمها: لين ما اظهره الله يحيينا .. الحينه خل عنك اللغوه وسوا اللي قلتلك عنَه ..
(اللغوه = الكلام الذي لا معنى له /الثرثرة الزائدة)
خرج ظاعن وهو يغمغم بتهكم وغيظ .. بينما ابتسمت سلامة بنعومة ودعت الله بقرارة نفسها ان يحفظ لها زوجها وابنائها نفائس روحها ..
.
.
.
.
.
.
.
جلست بجانب ابنة شقيقها وهي تهتف ببسمة حنونة: رمّسج اخوووج ..؟!
رأت لمحات الجمود على وجه موزة التي اومأت برأسها بلا أي ردة فعل تُذكر ..
عقدت ام العنود حاجبيها باستغراب وقالت: موزانه حبيبتي .. هب فرحانه ..؟!
هزت موزة كتفيها ببرود واشرت بيدها بشكل عبثي: عادي ..
ام العنود وهي تتفحص وجهها الجامد: ما تبين اخوج يعرس ..؟!
اشاحت موزة بوجهها وهي تدّعي انها تبحث عن جهاز التلفاز ..
امسكت ام العنود بيد موزة وقالت بحزم: موزوه طالعيني ..
التفتت موزة نحوها الا انها لم تنظر لعيناها .. اردفت ام العنود بحزم اشد: موزوه انتي متضايجه لان حارب بيعرس ..؟!
ما ان رأت رعشة فك موزة حتى تيقنت ام العنود ان ما ظنته صحيح ..
امسكت ذقن موزة ورفعته لترغمها بنعومة على النظر بوجهها .. لكن لسانها تجمد وهي ترى كمية الوجع القابع بمقلتاها ..
لم تتمكن موزة من امساك دموعها ..
بكت وهي تغطي عيناها بقوة .. وكأنها بحركتها هذه تمنع عمتها من رؤية الألم المتجسد بمعناه الحقيقي فيهما ..
احتضنتها ام العنود وهي تهدهدها بعاطفة قوية وكأنها طفلة .. الا انه هذه الطفلة تحمل في قلبها ما لا تحمله عجوز امضت سبعون سنة في الشقاء ..
آآآآآآآآآآآه يا صغيرتي ..
آآآآآآآآآآآآه ..
ليتني بلمسة يد .. وبـ ضمة صدر .. استطيع محو ألمك كله ..
ليتني ..
ابتلعت غصة كبيرة وهي تقول بألم مبحوح: حبيبي شحقه الصايح الحينه ..؟! .... خلاص هدي غناتيه هدي ..
رفعت وجه موزة بكلتا يديها وقالت: انتي خايفة ان بنت الناس تاخذ عنج اخوج ..؟!
ها موزانه .. انتي خايفه من جيه ..؟!
هزت موزة رأسها بسرعة وبجسد ينتفض من شدة البكاء المرير ..
اعادت ام العنود موزة لأحضانها وهي تهمس بحزم حنون دافئ: يا عمررررري انتي .. من وين يبتي هالخراااااابيط حبييييبتي ..!!
اخوج بيتم اخوج ومحد في هالدنيا بيروم ياخذه منج وياخذج منه .. حارب اخووج وابوووج وسندج وعووونج .. ما انخلق اللي يحرمج منه يا قلب عموووتج ..
مسحت موزة دموعها بـ ظاهر كفها مبتعدةً قليلاً عن عمتها .. ابتسمت ام العنود ومسحت هي الاخرى دموع موزة وهي تقول بنبرة حاولت إخراجها منتعشة قدر المستطاع: يلا عااااده موزانه عن البزاااا .. انتي اكثر وحده تعرف انج اهم واعز انسانه في قلب اخوج .. ولا بيفكر في يوم يلتهي عنج وينساج .. انتي موزة اخته دلوووعته ..
وبعدين تعرفين هو منو بياخذ ..؟!
هزت موزة رأسها بـ لا وهي ترمق عمتها بعينان حمراوان رطبتان ..
ام العنود: بياخذ ناعمه بنت هامل .. بنت اخو سلامة حرمة خالج مصبح ..
رأت الدهشة بعينا موزة التي أشرت ببطء: نفسها اللي بغيتيها قبل حق حارب ..؟!
ضحكت عمتها ضحكة قصيرة .. ثم قالت: هيه نفسها ..
.
.
.
.
.
.
.
مساء يوم جديد
حمل مصبح عبيد الصغير وهو يتأمل وجهه الطفولي ببسمة حنان تخللها دهشة/عدم تصديق:
بعدني يا بويه هب مصدق ان نهيان طلع معرس وعنده ولد بهالعمر ..؟!
تنهد ابا عبيد بعمق ثم قال ببحة حازمة اخفى خلفه احتقاراً/استنكاراً: طلق حرمته من زمان قبل لا يعرف ان هي حامل بولده .. ومسودة الويه ما قالتله الا الحينه ..
انزل رأسه وقبّل رأس عبيد الذي قال لـ عم اباه بتساؤل طفولي "ملتوي اللسان": شو اسماك انتي ..؟!
ضحك جميع الحاظرين .. مصبح وامرأته واطفاله المندهشين بالفرد الجديد "الغريب" .. ومعهم ام نهيان وابنائها فلاح وحمد ومهرة ..
هتف الجد ابا عبيد بغضب: امفففففف لاااااااه .. اشوووه شو اسمااك انتيي .. مهرووه علمي الولد الرمسه لا والله امرغ نهيانوه سبع ليالي بعصا محنايه ..
ام نهيان بحزن: عميه حرام عليكم خلوا ولديه في حاله .. واعليه عنه ظهر من البيت ابكبره والله اعلم متى بيرد ..
ابا عبيد بغيظ: وين ثره بيسير يعني .. ولدج ثور عود ما ينخاف عليه .. تلاقينه يعربد منيه ولا مناك ..
حمد ببسمة خافتة: لا ظلمته يديه .. المسكين روّح بدع زايد صوب واحد من ربعه يشوفه ويتحمدله بالسلامة عقب ما الله سلمه من حادث ..
من جانب آخر .. دنت مهرة من امها هاتفةً لها لها بصوت منخفض: امايه يعني صدقه نهيان ما بيطب البيت إلين ما ابويه يرضى عليه ..
ام نهيان بضيق: هو جيه قال .. لا حول ولا قوة الا بالله .. لا الابو مستهدي بالله ولا الولد .. بيظهرون في راسيه قرون ..
حملت سلامة "ام ظاعن" الصغير عبيد ووضعته في حضنها وهي تقول له بحماس امومي شديد الرقة:
عبيد انا خالوه سلامة .. *اشرت لإبنائها الجالسين وهي تكمل* هذا اسمه عمي مصبح .. وهذا ظاعن ولديه العود .. وهاذي مزنة .. وهذا عبدالرحمن .. وهذا نهيان الحلو ..
وعندك بعد عيال عمة بابا .. عسولين وايد شراتك .. واحد اسمه حارب ووحده اسمها موزه ..
كان عبيد يستمع إليها بعيناه المستديرتان بانبهار وعقله يتلقى اسماء اناس جديدة تدخل حياته ..
اقترب نهيان الصغير ذو الخمسة اعوام "اي بعمر عبيد تماماً" وهو يضع اصبعه على فمه بخجل ويقول:
عبيد تعال بنلعب كوره برع ..
نظر عبيد بحيرة إلى مهرة التي اصبحت هي المسؤولة عن كل صغيرةٍ وكبيرةٍ تخصه .. حتى انه لا ينام ولا يشرب ولا يأكل الا بحضنها ..
ابتسمت مهرة بلطف وقالت مشجعةً اياه على الذهاب: روح حبيبي إلعب مع نهيان ..
قالت سلامة لـ مهرة بدهشة مرحة: اوووه اوووه ما نروووم نحن .. اونج مهااااري غديتي عمة ههههههههههههههههههه
ضحكت مهره بخجل وقالت: ههههههههههههههههههههههه فديت روحه والله .. ما قمت اصبر عنه خالوووه ..
سلامة: الله يخليكم له ويخليه لكم ياااااارب ..
مهرة: اللهم آمين ..
قال مصبح بتساؤل: عيل عبيد اخويه وينه ..؟!
اجاب فلاح بنبرة هادئة: ابويه خاري عند الكهربجي الحينه ياي ..
هز مصبح رأسه ثم دنا من اباه وقال: ابويه شو سوى عبيد يوم عرف بسالفة الولد ..؟!
هتف ابا عبيد بضيق عارم: والله ان بغى يذبح ولده ما بفتح ثميه وبرمس .. سود ويوهنا سود الله رقاع بليسه ..
ربت مصبح على فخذ اباه وقال بنبرة حازمة دافئة: ماعليه علنيه افداك .. كل شي بينحل بالهداوة انتو بس اتعوذوا من بليس ولا تحاولون اتكبرون الموضوع .. لان خلاص يا بويه اللي صار صار ..
ابا عبيد بصرامة حادة: انا لو انيه هب متعوذ من بليس جان انا لاعن صيره الخمام وخالص .. لجنه شو بقول وشو بسوي ..
ها اللي الله كتبه .. واللي صار صار شرات ما قلت ..
مصبح: سديت عوقك يا بويه .. هذا الكلام الطيب يالغالي .. والنعم بالله وباللي كتبه لنا من خير وشر ..
هز ابا عبيد راسه بإيمان ثم قال: خبرني ولديه شحوالك انت ..؟! شو الشغل وياك ..؟!
رب ما من شر وتعب ..؟!
مصبح: اللهم لك الحمد ما من شر ولا تعب .. غير محاتاة قضايا البشر وشيل هم حقوقهم ..
مسد ابا عبيد ظهر ابنه وهو يقول بنبرة مبحوحة تخللها فخر عميق: الله ايوفجك يا ولديه وايسر امرك .. نعم انه همممم .. هيه والله هم .. شغلتك هب سهلة ومسؤوليتك هب شويه .. الله يعطيك الصحة والعافية ..
امسك مصبح يد اباه وقبله هاتفاً بحب صرف: يعلك تبطي حي بطاعة الله ورسوله يالغالي .. كثر ابويه من هالدعاوي الطيبه محتاينها وايد هالفتره ..
ابا عبيد: لا توصي يا بوظاعن لا توصي ..
:السلام عليكم ..
نهض الجميع وهم يرددون السلام بحب/بهجة: وعليييكم السلاااااام ورحمة الله وبركاااااته ..
اقترب مصبح من اخاه وسلم عليه بأنفه وهو يقول: حي ذا الشوووف حييياه .. هلا والله بـ عين امي ..
ابتسمت عينا ابا نهيان على ذكر والدته الراحلة .. ورد بحزم دافئ: يعل عين مزنه ما تلامس النار ..
الجميع: آمييين يارب العالمين ..
ابا نهيان: انا اللي لزوم عليه احييبك واتحفابك يا ولد نهيان .. غاط ما تنشاف موليه ..
ضحك مصبح ضحكة قصيرة وقال بنبرة مرحة لم يعلم بفداحة اثرها على قلب اخيه: هههههههههههه لو كل يوم ادقون وتبشرونا بخبر حلو شرات خبر ولد نهيان جان نحن عندكم دوم ...
رآى الجمود بوجه اخاه واستشعر ثقل دم كلماته التي ليست بمحلها .. وقبل ان ينطق بأي حرف اضافي .. رأى اخاه يتعداه ببسمة باردة وهو يقول: هههههههه هب محتاي يا خويه اخبار عسب تراوينا ويهك السمح ..
سلم ابا نهيان على جميع ابناء شقيقه ثم وقف وهو يلقي السلام برجولية حازمة على زوجة شقيقه سلامة: شحالهم يا ام ظاعن ..؟!
سلامة بحزم مشابه تجسد بنبرة صوتها الناعمة القوية: ربيه يعافييك ويسلمك يا بونهيااااان بخييير دامك بخيييير .. انت شحالك وشحال صحتك ..؟!
ابا نهيان: الحمدلله رب العالمين بصحة وعافية ما نشجي باس يا بنت ظاعن ..
سلامة: يعله حالن مديييم ..
ابا نهيان: ومن قااااااال يا ختيه ..
ربتت ام نهيان على كتف ابنتها مهرة وقالت: امايه مهاري سيري هاتي عبيد خل يسلم على يده ..
قاطع ابا نهيان امر زوجته بحدة حازمة: لا لا خلوه يلعب مع العيال لاحج عليّه ..
لم يعرف أكان رفضه ليترك الطفل يسعد باللعب مع الاطفال ام كان رفضاً سببه عدم تقبله لوجوده الى الآن ..!!
عندما رآه منذ دقائق يلعب في الباحة مع ابناء شقيقه تشنجت مشاعره وبلا تفكير اشاح بوجهه ودخل من غير ان يقترب منه ويدفنه في احضانه ..
آآه ..
أستدع قساوة قلبك تحكم بـ حبلها على عنق طيبتك وقلبك الكبير يا عبيد ...!!
الذي تفعله خطأ .. خطأ بحقك وبحق روحك وبحق هذا الطفل البريء ..
احس بنظرات الكل عليه .. وكأنهم لم يصدقوا الاسباب الحقيقية وراء ممانعته لرؤية الطفل ..!!
هتفت ام نهيان بقلب ينبض توقاً لرؤية زوجها يضم حفيده الى صدره: لاحج عبيد على اللعب .. مهاري سيري هاتيه ..
وقف ابا نهيان وقال بحزم لابنته: يلسي مهره انا بسير صوبه ..
خرج ابا نهيان الى الباحة بينما اقترب حمد من فلاح وهمس بتساؤل قلق: ظنك ابويه بيعدي هالسالفة لـ نهيان ..؟!
رص فلاح عيناه مجيباً بثقة: ان شاء الله .. ابويه لو انه عنيد شوي وعصبي بس قلبه ابيض ما يشل في خاطره ..
خرج ابا نهيان وهو يطوي غترته بشكل مبعثر فوق رأسه .. ما ان اقترب من الاطفال حتى تهافت ابناء مصبح عليهم يسلمون ..
رفع حاجباً واحداً بحنق مرح: وينكم مسودين الويوه .. من متى ياي انا توكم تسلمون ..!!
هتف عبدالرحمن ذو الاعوام العشرة بحرج: آسف عميه ما شفتك والله ..
كان محاوطاً بذراعيه ظهر كل من عبدالرحمن ونهيان ويبتسم بدفئ مع اختلاج نبضات قلبه بشكل مستنفر وهو يرمق بطرف عيناه عبيد الذي انزوى بعيداً خائفاً من "الرجل الذي يثير فيه الرعب من شدة جمود ملامحه وهيبته" ..
تنحنح ابا نهيان بخشونة ثم قال بنظرة حنونة "ماكرة/ذات معنى": نهيان يقولون عندك صديج ايديد .. ما عرفتني عليه ..؟!
ابتسم وجه نهيان الصغير ببهجة لا حدود لها وركض باتجاه عبيد وجرّه بقوة صائحاً بحماس: هيه عبيد صار صديقي .. عبيد قول حق عمي عبيد انك صرت صديقي ..
كاد ابا نهيان ينفجر ضحكاً عندما رأى "تمرداً نهيانياً" ناضحاً من أعين هذه الطفل الصامت ..
ارتفع حاجبيه بتعجب منتظراً ان يتقدم الطفل ويتكلم لكنه مازال متصنماً بمكانه رامقاً اياه بنظرته الحادة المتمردة المرتابة ..
ابتسم ابا نهيان وتقدم نحو الطفل بتمهل ..
ههههههههههه على ما يبدو دم سلالة الحر لا يمشي في عروقك فحسب .. انما يركض يا هذا ..!!!
جثا على ركبة واحدة ماداً كفه اليمنى: السلام عليكم .. معاك عبيد بن نهيان الحر ..
مد عبيد كفه الصغير ورد بـ رجولة طفولية لذيذة وعينه تنضح سروراً لأنه واخيراً رأى وجه هذا الرجل يلين على نحو حنون: وعليكم السلام والرحمة .. انا اسمي عبيد بن نهيان بـ بـن .. اممممممممممممم
اوووووووه نسيت عموه مهرة شو قالتلي اسمي ..
هنا لم يتحمل ابا نهيان كمية البراءة في روح هذا الطفل .. ضحك وهو يجره لصدره جرةً اخرج فيها كل شوقه .. حبه .. سعادته .. عاطفته ..
وشعور جديد عذب مُبهج يُقال انه يصيب كل من يصبح "جد" ..!!
ابعده قليلاً وهو يمشط بناظريه وجهه الجميل .. قال بنظرة تنضح ابوةً شديدةَ العذوبة: اسمك عبيد بن نهيان بن عبيد بن نهيان الحر الـ ...
هز عبيد الصغير رأسه بسرعة وقال بلسان انعوج بعفوية خرجت من فرط حماسه: اي اي هيك اسمي ..
ابا نهيان: ههههههههههههههههههههههههههههه ياااهي حااااااااله .. هي ابويه هيك اسمك .. احفظه عاده لا تنساه ..
.
.
.
.
.
.
.
وضعت صحن الفطائر على الطاولة وجلست ..
وجهها لم يوحي سوى بإمرأة لم تذق النوم منذ شهور ..
نومها المتقطع سبّب هالات سوداء تحت عيناها واصفرار باهت بوجهها ..
كانت كالمرآة الشفافة امام والدها .. لكن الاخير عجز وهو يقنعها ان تعدل عن قرارها وان تفكير بعقلانية بما يجري بحياتها ..
فالغضب والحنق وسيناريو الكرامة المهدورة لن تنفعها واسرتها في مثل هذه الامور ..!!
رفع عيناه إليها بنظرة حادهة عندما سمعها تهتف ببرود شاسع: ابويه تفاهمت ويه بوخويدم ولا بعدك ..؟!
أبا معضد: هب خفيف عقل انا ارمس ولد الناس ويطيح ويهي جدامي بلا سبب .. خبريني ليش تبين تطلقين عقب بتفاهم وياه ..
امسات انا رمسته وقلتله عن اللي في خاطرج لجنه والله يا امون افتشلت يوم سألني شحقه هي جيه تبا .. ما بخليج تحطيني في نفس الموقف مرتين تسمعين ..!!
وضعت كوب قهوتها بحدة على الطاولة وقالت بصرامة مقتضبة اخفت ما فيها من انفعال عاصف:
ظهر معرس عليّه .. شو رايك بهالسبب ..!!
عقد حاجبيه بـ ذهول مستنكر: معرس عليييييج ...؟!!
اردفت بذات اقتضابها الجامد الجاف: هيه معرس عليّه .. انا مستحيل اعيش ويه واحد رخص فيه وعرس عليّه .. لو سمحت ابويه ما عليك اماره دق عليه وتفاهم وياه ..
انا هالريال خلاص عفته مابااااه ..
اسند ظهره على الاريكة واخذ يرمقها بنظرات مستغربة متسائلة متعجبة ..!!
لو انه لا يعرف كم بطي يحب ابنته لكان صدق حالاً ما سمعه للتو ..!!!
بطي يتزوج على ابنته ...!!!
ياللعجب ..!!!
قرر ان يتصل فيما بعد به ويستفهم عن الامر .. ولو كان الامر حقاً صحيح .. لن يغضب ولن يزيد من نار الفتنة ..
فـ بطي لم يتعدى حدود الحق والدين ..
لكنه كـ أب .. لن يرغم ابنته على الرجوع لرجل تشعر انه اهان من مكانتها وكرامتها ..!!
ابداً لن يفعلها ..!!!!
: يديييييييييييه يديييييييييييه ..
حمل ابا معضد حفيدته لطيفة وهتف بحنان نابع من اعمق نقطة في قلبه: عيوووون يدييييييه انتي ..
ضحكت سعادةً لأن جدها اخذ يقذفها في الهواء ويتلقفها: ههههههههههههههههههه يديييييييه بعد بعد ..
اخذ الجد يلاعبها وكلما توقف تطلب منه الصغيرة ان يستمر .. ويرجع بكل حب وسرور وأريحية للعب معها ..
ماهي الا دقائق حتى التف جميع ابناء آمنة حوله يطلبون اللعب معه ..
لم يكن ليطلب من الله عز وجل أي شيء يعوض عليه وحدته في المنزل الكبير أكثر/أجمل من هذا الشيء ..!!
.
.
.
.
.
.
.
التمعت عيناها المتجعدتان وهي تتلقى الخبر المفرح بحبور شديد: حارب خطب ناعمة ..؟!
جلس ابنها هامل "ابا ذياب" بقربها وقال مؤكداً: هيه نعم .. عاده ماعرف متى الحرمات بيتصلن بج يخبرنّج رسمي ..
ام هامل بذات نظرتها المسرورة: وااايه علنيه افدا ولد محمد .. احيده من هو في المنز ..
(المنز = مهد الطفل)
اردفت وهي تغسل اصابعها بـ "الغسول": هزرك اخبر ناعمة ولا اصبر لين العرب ايون ..
ابا ذياب: لا انا اقول اصبري لين ما ايون هم ..
ام هامل: ان شاء الله الغالي ..
اخذ ابا ذياب يلتفت يمنةً ويسرة .. ثم سأل: وينهن البنيات ..؟!
ام هامل بنبرة سموحة عذبة: فديتهن فوق .. ياياتنّهن ربيعاتهن بنات خليفة الـ...
.
.
.
.
.
.
.
هتفت بعتب شديد تخلله دهشة بالغة: كل ها يستوي مهاري وانا ماااااااعرف ..!!!
تنهدت مهرة بعمق وقالت بأسف: آسفة ميراني بس ما حصلت وقت اخبرج الا الحين .. غير انيه ما بغيت ارمس بهالسالفة إلين ما ابويه يعرف ..
ميرة: ماعليه فديتج .. انزين ابوج شو قال يوم عرف ..!!!
زمت مهرة فمها بضيق وردت: لين الحينه ما يرمس نهيان بس الحمدلله ما خذا الياهل بذنب ابوه .. سلم عليه وخذاه بحظنه ..
وضعت ميرة يدها على صدرها بحنان ناضح: واااااايه فديته ابا اشوووووفه مهااااااااااري ..
ابتسمت مهرة بسمة كضياء القمر وقالت: يعلني افداه يا ميرووووه يجنن هالعبيد يجنن .. قلبي انفتح له من اول نظرة ..
ولو تشوفيييييينه بس ربع توووووله .. واااااي فديييييييته ..
(ربع توله = اي طوله كـ طول ربع تولة دهن عود .. دليل قصر قامته)
ميرة: يا حماااااااره بسرعة طرشيلي صوووورته على الواتس ..
مهرة: ههههههههههههههههههههههههه اوووكي ..
.
.
.
.
.
.
.
دخلت غرفة شقيقتها بعد ان هاتفت صديقتها روضة وتسامرت معها بالحديث عدة دقائق ..
رأت علامات نشوة السعادة/التلذذ على وجه اختها وقالت بتعجب: ميروه شبلاج ..!!
ركضت ميرة نحو حصة وهي تصيح ببهجة عارمة: حصيييييص شوفي شوفي هالحلوووو .. واااااي ما شاء الله عليييه يخبببببل ..
امسكت حصة بالهاتف ورأت صورة طفل صغير ..
ابتسمت بحنان خالص وقالت: اللهم صل على سيدنا محمد .. ما شاء الله تبارك الرحمن منو هااا ..؟!
ميرة: ما بتصدقيييين ولد منو هذااا ..
رفعت كلتا حاجبيها بتعجب وقالت: شو ما بصدق .. لغز هو .. !! ولد منو هاا ..؟!!
ميرة: ولد نهيان اخو مهره ..
لانت ملامحها وقالت بحنان: ماشااااء الله الله يحفظ.....
صمتت فجأة .. ثم هتفت بصوت ارتفع من الذهول: شوووووه ..!!!!
ولد نهيااااان ..!!! جيه نهيان اخوها متى عرررس ..!!
ميرة: ههههههههههههههههههههههه قلتلج ما بتصدقييييين ..
سمعي سمعي السااااالفة ..
اخذت ميرة تحكي لأختها ما سمعته من مهرة قبل قليل .. وعندما انتهت رأت امارات الاشمئزاز والاحتقار تنضحان من وجه حصة التي قالت بنبرة ازدراء حادة: اللهم لا تبليييينا بـ جييييه اخلااااااااق .. شو سالفة اخوان ربيعتج كل واحد اردى عن الثاااااااني ..
عقدت ميرة حاجبيها مستنكرةً نظرة الازدراء من حصة: حصة حرام عليج الريال ما سوى شي حرام .. كان معرس ..
رفعت حصة جانب فمها واردفت بذات ازدرائها: نعرف هب حرام لكن منقود اللي سواه وعيب في حقه وحقه اللي ربوه .. اشوووه ياخذ وحده بالسر وبليا شور هله ..!!!
امفففففففف .. اللهم عافينا ولا تبليييناا .... بس ما بستغرب دامه اخو الردي هذاك ..
رفعت ميرة حاجباً واحداً وقالت بحدة: اهاااا هنيه العووووق .. اصلا لو نهيان ما كان اخو فلاح ما كنتي بتعصبين جيه واطيحين سب ولعن في امن يابته ..
عقدت حصة حاجبيها بسخرية وردت: لا والله ..!! منو قال ..!!! ما حفلته ولا الطشه .. انا انسانه لو شفت الغلط ما بسكت عنه ان كان اخو هذاك اللي ما ينطرا ولا غيره ..
(ما حفلته ولا الطشه بمعنى لا اهتم له بأي صورة ممكنة)
ميرة محاولةً تهدئة حرارة النقاش: لا انا ولا انتي لنا خص .. خلاص اللي صار صار .. وما شاء الله هاذوه قوم مهاري عندهم ولد مثل العسل يسد العوق في ذمتيه ..
لانت ملامح عينا حصة واخذت تتأمل وجه الطفل من جديد .. ثم قالت ببسمة جميلة: تصدقين يشبه مهاري ..
ميرة: هيييه وايد ما شاء الله .. اصلا نهيان ومهاري ياخذون من بعض ..
: انتن هنيه وانا ادور عليكن من ساعه ..
اعتدلت حصة بجلستها وقالت: فديتج امايه جان زقرتينا بنتوايب لج ..
(بنتوايب = سنرد على ندائك)
جلست ام سيف امام ابنتيها وقالت: تزهبتن حق يوم اليمعه .. عرفتن شو بتلبسن ولا بعده ..؟!
رأت الحنق والغيظ على وجه حصة بينما علامات القلق والارتباك تنضح من وجه ميرة ..
اجابت حصة باقتضاب: انا بعدني .. اصلا شحقه ..!!! لا بشوفه ولا بيشوفني .. حق شو اتلبس واشد حيليه ..!!!
اتسعت عينا ام سيف باستنكار شديد: وابووويييه جييييه حصووووه تبين العرب ينقدوون ويرمسوون عليناااا .. ما تخيلين انتي ..!!! اونه حق شو اتلبس ..
بعدين انتي شو عرفج يمكن يطلب يشوووفج ..
حصة ببرود: ما بخلي حد ينقد عليج يا ام سيف لا تخافين .. وهذا يحلم يشوفني اصلا هب من سنتنا نظهر عند الرياييل وقت الخطبة .. بيشوفني ليلة العرس ليش العيِلَه ..
(العيله = العجله)
ام نهيان باستهزاء: هب من سنتنا لجنه ما بنمنع الريال لو هو طلب يشوفج حصة بنت المر ..
(حصة بنت المر هي الشيخة حصة والدة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وكانت من الشخصيات المهمة البارزة التي ساهمت بشكل مباشر في تطوير دولة الامارات بمجالات عدة .. ولها مآثر وسجايا يشهد لها تاريخ بلادنا الغالية)
أردفت باستنكار حامي: وانتي متى بتودرين هاللسان اللي طوله شبر ونص ..!!! يوزي عن هالسوالف ويلا جدامي نشي .. سيري دوريلج على لبسه غاوية تلبسينها ..
زمت حصة فمها بغيظ اشتد وغضب احتد ... وهرعت للخارج قبل ان تنطق بكلمات "لن تجلب لها الا المشاكل" ..
غمغمت ام سيف بكلمات متهكمة قبل ان تلتفت لابنتها الصغرى وتقول: ها ميراني حبيبتي .. شو بتلبسين انتي ..؟!
ميرة بارتباك: آ آ آ ماعرف والله امايه .. يمكن ألبس هاك الثوب اللي اشتريته من القرية ..
(القرية أي القرية العالمية في دبي)
ام سيف: اللي لونه بطيخي ..؟!
ميرة: هيه ..
ام سيف: بيطلع وايد حلو عليج ما شاء الله ..
امسكت بوجه ابنتها وقبلتها بنعومة: علنيه افدا العاجل .. محد يبرد اليوف غيرج والله هب اختج الهرمه ..
ميرة: ههههههههههههههههههه فديت قلبج امايه .. شوي شوي على حصيصي هي إلين الحينه هب متقبله الريال من جيه تشوفينها دوم ماده البوز ومعصبة ..
ام سيف: هب متقبله ما اختفلنا بس ما تفضحنا عند العرب واطيح ويوهنا عندهم ..
دنت من كتف والدتها وقبلته برقة وقالت: يخسي ويهبي اللي يفضحج عند عربج يا ام سيف .. اصبري انتي واطالعي كيف بيغدن بناتج اليمعه ..
.
.
.
.
.
.
.
وضعت الورقة قبل الاخيرة وهي تهتف بخبث باسم: اونووووووو ..
صاحت فطيم بجزع فكاهي: شيخووه شيخوووه لا تخلينها تفووووز دخيلج
ناعمة: هههههههههههههههههههههههههه جب مالج خص
عضت روضة شفتها السفلى بمكر وكأنها ضمنت الفوز .. وقالت وهي تضع ورقتها قبل الاخيرة هي الاخرى:
هههههههههههههههههههههههه محد بياخذ الناموس الا رويض .. سحبي سحبي اربع يلا
فطيم: هههههههههههههههه خفي علينا يا شاعرة المليون
شيخة وهي على وشك البكاء: روييييييض انتي وربيعتج متسلطات عليه .. اففففففففففف
فطيم بخبث واثق: دونت ووري بيبي اللي بالي بالج ما بتفوز
قرصت ناعمة فطيم على فخذها بحنق وقالت: يالطفسة شفتي ورقتيه هاااااااااه ..!!!!
فطيم: هههههههههههههههههههههه انتي اللي فارشه اوراقج جنج الا تبينا غصب نشوفهن ..
زمت ناعمة فمها بتهكم ثم سحبت ورقة من المجموعة بعد ان هربت منها فرصة الفوز بالمركز الاول ..
استمرن الفتيات يلعبن بالورق حتى فازت في النهاية روضة ..
روضة: يسسسسسسسسسس فدييييتني فزززززت هههههههههههههههههههههههههه
رفعت ناعمة أنفها بتعالي مسرحي: اصلا عادي اهم شي الاخلاق
روضة + شيخة + فطيم: ههههههههههههههههههههههههههههههه
رن هاتف روضة وقالت قبل ان تجيب: هاي امايه ..
ناعمة: لو قالتلكن ردن قوليلها بنتعشى اول
روضة بدهشة: نعوم عن السوالف قلتلج من اول بنتم ساعه وبنرد .. لا عشا ولا شياته ..
احتضنت ناعمة ذراع شيخه وقالت بعناد: ماشي ماشي ..
صكن الدعنه انتي وياها
تتعشن عندنا يعني تتعشن .. ان ما خبرتي امج رويض انا بخبرها ..
فطيم بخبث: اصلا بنحبسكن هنيه عندنا ما بنخليكن في حالكن ..
اجابت روضة على الهاتف وهي تضحك: هههههههههههههههههههه حشى شريرات ..
: ألو امايه .. هلا غناتيه ..
..
: هيه والله مستانسات ههههههههههههههههه
..
: فديت قلبج ..
..
: افااااااا شبلاااااها ام يحيى ..!!
..
: اووووه الله ايقومها بالسلاااااامة ما تشوف شر ..
..
: خلاص ان شاء الله بس طمنينا عليهااا دخيلج ..
..
: ان شاء الله ان شاء الله ..
..
: مع السلامه الله يحفظج
اقفلت الهاتف وهي تتلقف سؤال شيخة التي شعرت بالقلق من حديث روضة: شو فيها امايه ..؟!
روضة: وحليلها ام يحيى يارتنا تعبت وايد ودقت على امايه عسب توديها المستشفى لان دريولهم سافر ..
تخيلن طلع فيها الزاااايدة ..
ناعمة بحزن: حبيبتي ام يحيى ما تستااااهل ..
روضة: هيه والله .. الله ايقومها بالسلامة
الجميع: آميييين ..
شيخة بتساؤل: منو بيردنا البيت انزين ..؟!
روضة بحيرة: ماعرف والله .. امايه شكلها بتتحير في المستشفى ..
ناعمة بنصف عين: ونحن وين سرنا فديتكن ..!!!
عقب العشا ان شاء الله بوصلكن انا وفطيم البيت مع عمران بيه ..
شيخة: وي وي فديت الطاري .. هالمزيون بعده عندكم ..!!!!
فطيم بجرأة: ههههههههههههههههههههه ولا بخليه يسافر .. يا ختيه كم تسوى تصبحين على ويهه الرحيم كل يوم
(الرحيم = الجميل)
اتسعت عينا روضة بشكل مضحك ثم قالت: ههههههههههههههههههههههه ثرها هب بس شيخوه المتولعه بالريال .. اختج بعد يا نعوووووم ..
ناعمه ببسمة متهكمة: يا ختيه هاي مفشلتني .. حوووه فطيم غدي حرمه ولا بهالقلاص على راسج ..
شيخة: هههههههههههههههههههههه ما تنلام والله .. فتنه هالعمران سفروووه قبل لا تستوي مصيبه في بيتكم
فطيم بجزع مصطنع: يالهوي .. ما يظهر من هالبيت لو الموت .. الا جان بيظهر وريلي على ريله بالحلال هههههههههههههههههههههه
روضة بسخرية: هيه ان شاء الله بن عروه ..
ناعمة: هههههههههههههههه جان تبين هامل بن ذياب ايوزج اياه عند مقبرة بني ياس ماشي خلاف ..
فطيم بجزع: بسسسسم الله .. لا تفاااااولن عليه هليه يبوووني ..
.
.
.
.
.
.
.
دلف سيارته وهو يحرك هاتفه من اذنه اليمنى الى اليسرى ثم قال بتساؤل حازم: وين بحصل الاوراق ..؟!
: بتحصلهم داخل سدة موتريه .. بس السبير عاده هب في البيت .. مخلنه في بيت هامل اخويه ..
(السبير = المفتاح الاحتياطي للسيارة)
حارب: انزين ماعليه بخطف صوبه وباخذ عنه السبير .. تامرنا على حايه بومييد ..؟!
سلطان: لا ابد يعلك سالم يا حارب ..
حارب بحرج: اسمحليه عاده حشرتك بس لانيه دورت انا وحميد سكرتيك في مكتبك على الاوراق وما حصلناهن .. قلت اتصلبك اشوف وينهن ..
سلطان بحزم ودود: خل عنك يا بومحمد لا حشرتني ولا حايه .. قلتلك قبل ان بغيت اي شي اتصل لا تستحي ..
حارب: لا عدمناك بومييد .. يلا في امان الله ..
سلطان: في امان الكريم ..
اغلق الهاتف وهو ينظر لساعة يده ..
حسناً ..
الساعة الآن التاسعة وعشرة دقائق ..
ألا تشعر يا حارب بأن الوقت متأخر لتطرق باب منزل العم هامل وتطلب منه المفتاح ..!!!
اممم ... ليس باليد حيلة .. فهذه الاوراق مهمة ويجب ان تكون على مكتب أبا راشد صباح يوم غد ..
تحرك بسيارته واتخذ الطريق المباشر اتجاه منزل ابا ذياب ..
.
.
.
.
.
.
.
قبلت صديقتها على خدها وقالت: فديتج رواضي .. سلمي على امج واختج فطومه وايد .. كان في خاطريه اشوفهن واسلم عليهن .. بس المرة الياية ان شاء الله
حصة: بإذن الله حبيبتي .. سلامن يبلغ الغلا ..
ألقن الفتيات السلامات الأخيرة على بعضهن وافترقن ..
دخلت ناعمة السيارة وقالت بهدوء: يلا عمران البيت ..
فطيم ببسمة ناعمة: فديتهن بنات خليفة اسمي القعده معاهن حلوة وما تنمل ..
ناعمة: هيه والله .. لا خلينا من ربعتهن ..
فطيم: الناعم .. شحقه ما نخطب ذياب حق رواضي ..
ناعمه بضحكة قصيرة: ههههههههههههههه منو قالج ما فكرت فيها قبلج .. بس يا ختيه ذياب ما يبا يعرس .. كم من ودية رمسناه وهو هب طايع .. ما فيه ارمس بنت العرب عن اخويه وهو من الاساس هب في باله العرس ..
فطيم بتهكم: واخوج شعنه ما يبا يعرس ..!!! افففففف شو هاااا ابا اصير عمه ولا خاله ..
ثم دفعت اختها ناعمة برقة وتابعت بخبث: عرسي انتي ويبيلنا نونو ياخي ..
كسا الاحمرار وجه ناعمة فجأة وقالت بتعجب باسم: فضل عنج .. شو عرسي بعد هاي ..!!!
جيه شايفه الرياييل صف طوابير عند باب بيتنا ..!!!
(فضل عنج عبارة مستهجنة/ساخرة بمعنى "مالت عليج" ^^)
فطيم: ههههههههههههههههههههه يوج وايد انتي الا بطرانه ما تبين اي حد ..
ناعمة: كل من ياني ما دخل مزاجيه شسوي ..!!!!
فجــــــأة ..
دعس السائق عمران على "البريك" بقوة مما اثار الرعب في قلب ناعمة وفطيم وارتفاع صراخهن المنتفض ..
ناعمة بصياح خائف: غربل الله اليهوووود .. عمرانوووه شو مستوووي ..!!!
عمران بارتباك: مدام هذا سيارة قدام سوي بريك .. ما يعرف شو في ..
نظرن الفتيات الى الخارج ورأين ازدحام مفاجئ في الشارع ..
فطيم باستغراب/قلق: بسم الله شو مستوي ..!! .. مساعه خطفنا على هالشارع ما كان شي زحمة ..
دقائق حتى بدأت السيارات تتحرك .. ثم تحركت معها سيارة ناعمة واختها ..
وضعت ناعمة كفها على قلبها واخذت تذكر الله بخفوت .. لانها بحق قد جزعت من توقف السيارة المفاجئ ..
اتسعت عينا فطيم وهي تنظر للخلف وتهتف بحدة: نعووووم طااااعي النيسان اللي يايه صووبنا ..
استدارت ناعمة بحدة ورأت سيارة نيسان آتية بجانبهن بسرعة مهولة .. وسرعان ما هتفت بخوف شديد:
يعله ما يربح هذا ليش ياي ومشتل جيييه ..!!
ثم شهقت بحدة وهي تأشر: فطيييييم طاعي طاعي ثلاث دوريات يلحقوووونه ..
أتت سيارة النيسان بجانب سيارتهن وقد كان بداخلها أربع شبان يبدو عليهم أمارات الطيش المجنون والتهور الصبياني المخيف ..
ظلت السيارة تتحرك بجانبهم يمنةً ويسرة بشكل مرعب غير معقول ..
صرخت ناعمة بجزع شديد: عمران خوووز عنهم هالمخببببل ..
عمران بارتباك بالغ: مدام ما يقدر في اثنين سيارة في السيد اليميييين ..
فطيم وقد بدأت الدموع تتجمع بعيناها: حسبي الله عليهم ياربي بيدعموووونا نعوووووم
بدأت اصوات شرطة المرور تعلو وتصدح في الشارع كله ..
وأخذت الدوريات الثلاث تحيط بسيارة الفتيات والسيارة المجنونة كي يتمكنوا من محاصرة السيارة الاخيرة وايقافها ..
شعرت ناعمة في تلك الاثناء بغثيان شديد من شدة اهتزاز السيارة تحت يد سائقهم المرتعب ..
التفتت للخلف وهي ترى احدى الدوريات تشعل ضوء السيارة القوي كي ينبأهم بضرورة التنحي من خط الوسط والانتقال لليمين حالاً .. لكن عمران كان خائفاً لدرجة انه لم يستوعب ما عليه فعله ..
ناعمة: عمرانووووووه سِر سيد اليمييييييين ..
عمران: ماما ما يقدددددر والله ما يقددددددر في واجد سيارة صوب اليمييييييين ..
فطيم بصراخ مجنون: يلعن بلييييييييسك يا غبيييي .. ادعسسس ادعسسسسس وتجاوزهمممم بنعلمك السواااقه نحن الحيييين .. !!!
ما كاد عمران ان يضغط على مزود السرعة حتى اهتزت السيارة فجأة جرّاء مرور سيارة جديدة شديدةَ السرعة من جانبهم الأيمن وقدومها امامهم .. ثم وبمهارة منقطعة النظير تجاوزت تلك السيارة سيارتين أمامها ثم تحركت الى الخط اليسار .. حيث الخط الذي فيه السيارة الهاربة من الشرطة .. وتجاوزتها حتى أصبحت امامها ...
بدأت السيارة بالتباطؤ كي تُجبر السيارة الهاربة على التباطؤ ايضاً .. وهكذا أُجبِرَ السائق الخاص بالسيارة الهاربة على الوقوف وهو يشتم ويلعن الرجل الذي اعاق هروبه واصحابه ..
توقفت الدوريات الثلاث حول السيارة المطلوبة وبدأ رجال الشرطة بإخراج جميع الهاربين ..
خرج الرجل من السيارة "المُنقذة" واقترب من الشرطة وقالت بحزم فخم: سلام عليكم ..
نزع سائق السيارة الهاربة ذراعه من يد العسكري واقترب وهو يشتم بقوة ويصرخ:
يلعن شكـ.... انت شوووو خص امك فيييييينا .. الله يلعنـ... ويلعنــ.. يالـ.... يالـ.....
دفعه رجل الشرطة بقسوة وصرخ: جب ولا كلمة .. الا بيض الله ويهه ويعل من رباه الجنة .. شلوووه لا بركتن فيييه الردي ..
جرّه العسكري وادخله واصحابه المتهورين في السيارات وذهبوا ..
بينما استدار المسؤول عن العملية الى الرجل الواقف كالجبل الشاهق وقال بحزم مثقل بالفخر/الامتنان:
اشهد انك ما قصرت يا ولد الناس .. اللي سويته ينحط على الراس ثم في العين والله ..
مد يده واكمل: معاك النقيب حريز المحيربي ..
ابتسم الرجل بسمة خفيفة تفجرت بالرجولة الناضجة وهو يمد يده ويقول:
والنعم بك وسبعة انعام .. معاك حارب بن محمد الـ ..
نهــــاية الجــــزء الحــــادي والثلاثــــون
|