كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الثامن
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجـــزء الثـــــامــــن
يأتي ويذهب ..
يأتي حين أنفصل عن الظلال
وأنسى موعدي معه ..!!
لا نلتقي أبداً
في وقتنا خلل
ولا يلّوح عن بعدٍ ... لأتبعه ..!!
كأنه الشعر
أو ما يترك الحجل
فمن الخيال، ويغويني لأُرجعه
ما الشيء هذا الذي
يأتي ولا يصل
إلا غياباً، فأخشى أن أضيّعه ..!!
لا شيء، أحلم أحياناً
وأرتجل حلماً
يعانق حلماً كي نوسّعه
فلا أكون سوى حلمي
ولي جبل
مُلقَى على الغيم،
يدعوني لأرفعه
أعلى من الغيم إشراقاً
وبي أمل، يأتي ويذهب
لكن لن أودعه ..!!
لـ محمـود درويـش
،
شعور غريب ذلك الذي نشعر به عندما تتعلق انظارنا بوجوه لمحناها صدفة ..!!
شعور يعطيك ايماناً بأن تلك الوجوه لا تُنسى ..!!
لا تُمحى من ذاكرة القلب ..!!
شعور يغرقك في دوامة أسمها "خفقات قلب" ..!!
آآه يا عيناها ..
إن لعسلهما سحر قد انساه لذة النوم .. سحر عميق .. كأنه بئر لا قرار له ..!!
أصاحبات برك العسل لهن ذلك الصمت المهيب دوماً ..!!
أهن يحملن على الدوام هدوء يجعل من أرجاء الفؤاد ساحة صخب مجنونة ..!!
لمَ كانت صامتة ..!!
لمَ لمْ تعطه شرف سماع رنة صوتها العذب ..!!
آخ .. خفقات قلبه توجع أضلاعه .....!!!!
أخذ يناجي روحها باستجداء ..
يريد ان يلتقيها صدفة .. علّه يستطيع إخراج قلبه من وهم نسجه خياله ..!!!
أهو حقاً وهم يا يعقوب ..!!
أم حقيقة ..!!
لا يعرف، حقاً لا يعرف ...!!!!
تنهد بعمق وهو يحمل جهاز تحكم التلفاز ليغلقه .. ثم بدّل ملابسه وتعطر بكثافة قبل ان ينزل للطابق السفلي ..
خرجت والدته من المطبخ وهي تبتسم ابتسامتها الحنونة: ها حبيبي رقدت عدل ..؟؟
انحنى ابنها لـ يقبل رأسها هاتفاً بنظرة باسمة: هيه الحمدلله رقدت ..
أم يعقوب وهي تمسد ظهره بيدها الأيمن بحنان صرف: رقاد العافية يا عيون امايتك
يعقوب: ربي يعافيش يالغالية ويخليش إلنا
أم يعقوب بتساؤل: ها اشوفك لابس وكاشخ، على وين ..؟؟
أجاب وهو يلوي غترته ليلف بها رأسه امام المرأة: انا والشباب اليوم معزومين عند واحد من هل العين،
ما بتحير ان شاء الله .. بتعشى وبرد ..
عندما انزل يداه .. حدّق بـ "عصامته البيضاء" بنظرة رضا وثم استدار لوالدته ..
هزت أم يعقوب رأسها بإيجابية وقالت: الله يحفظك بحفظه، هالله هالله في الدرب ولا تسرع
يعقوب بابتسامة رجولية حنونة: إن شاء الله فديت قلبش ..
لا تمين روحش في البيت، خلي مريوم وعيالها أيون يقعدون وياش ..
أم يعقوب: فديت مريوم، أمبونها ما تقطعني وتييني كل يوم هي وفريخاتها
هتف يعقوب وهو يخرج: زين عيل، في امان الله
أم يعقوب: في أمان الكريم
.
.
.
.
.
.
.
العيـــــــن
جلست مع شقيقتها في صالة المنزل بعد أن انتهى الضجيج الذي اشتعل في ارجائه منذ الصباح الباكر ..
فأم سيف ذهبت مع والدتها ومعهن أم العنود والأطفال جميعاً للسوق ..
أما الفتيات حصة، ميرة، آمنة، العنود وشما فذهبن ليجلسن في غرفة شما ويتسامرن بأريحية وحرية تامة ..
مدّت أم سعيد فنجان القهوة لأختها .. وتنهدت بقلة حيلة ولسانها قد تغير بعفوية صرفة لـ لهجتها الحقيقية .. لهجة اهل رأس الخيمة:
يا موزة تعبت منها، كل حد اييها ترده، شو اسوي خبريني دخيلش ..!!
اجل ..
لقد نفذ صبرها من ابنتها العنيدة .. الكثير من العرسان تقدموا لخطبتها وهي لا تتوانى عن بث الإحباط في العائلة ما ان تعلن رفضها لهم بأسباب غير مقنعة البتة ..!!!
لم تبهجهم هذه الشماء سوى مرة .. مرة واحدة وذلك بعد سنين عدة من حكاية رفضها لـ سلطان والتي سبّبت جفاءاً/بروداً غير ملموسان بين عائلتي سلطان وعائلتهم .. رفض ابنتهم لـ "ذلك العزيز على قلوبهم" جعلهم بغير قصد يخمدون حقيقة انه في يوم من الأيام طرق بابهم "للقُرب" ..!!!
ابهجتهم فقط عندما قبلت مرة بـ ذلك الرجل الذي تركها فيما بعد لأجل حبيبته التي رفضت عائلته مسبقاً ارتباطه بها لأنها ليست من عشيرتهم ..
لا احد يتذكر اسم الخاطب حتى لأن الأمر مرّ عليه سنين ..!!!!
لكن الجميع حمد الله ان الرجل اظهر نواياه الخفية وفسخ الخطبة قبل موعد الزفاف بشهر ونصف ..
واعترفت انها لمحت طيف الارتياح/السرور بعينا ابنتها وكأنها لم تصدق حُسن حظها ...!!!!
حتى انها لم تغضب ولم تستاء .. الا انها ما زالت نادمة على موافقتها عليه لأنها تشعر انها انزلت من قدرها الكثير ..!!!!
اخرجتها شقيقتها موزة (أم محمد) من دوامة فكرها بأن قالت بصرامة: وانتو شحقه معطينها الخيط والمخيط يا لطيفة، اسمحيلي لجنه بوسعيد مبزنها من الخاطر، خلاص البنية اكبرت كم بتم يالسة عندكم بليا ريل ..!!!
وبتهكم امرأة عجوز اردفت بحدة بعد أن ارتشفت قهوتها: شما أول بنية من هلنا اتم لهالعمر بليا ريل، منقود عندنا يا ختيه منقود ..
أم سعيد بحزن: دبريلي صرفة موزوه، شميم عنيدة ولا ما بغت شي ما بتسويه ولا بتسمع شور أحد ..
هتفت أم محمد بسرعة وكأنها تذكرت امر ما: ما خبرتش .. ترى مخلفة عذيج شافت بنتش في عرس أمينة ودشت خاطرها .. وقالت جلام منيه مناك وفهمت انها تبا شميم حق ولدها ..
تنهدت أم سعيد وقالت بعزم أظهرته بقوة: خل يقربون، واللي فيه النصيب الله يجدمه ..
وتابعت بـ عبوس/وعيد: ولو الريال ما ينعاب يا ويلها منيه لو ردته ..
.
.
في الطابق العلوي
تحولت غرفة شما في لمح البصر من غرفة ذات أُلق أنثوي باعث للهدوء والسكينة إلى ساحة معركة هوجاء
صاحت ميره بصوت عالي غاضب معترض وهي تمسك موزة التي تضحك بصمت: قلتلج موزانه بترقد عننننديه انااااااا
حصة بذات غضب شقيقتها: موزوووه رقدت عندج المرة اللي طااااااافت .. دوري الحييييين
ميره باعتراض طفولي: مابا مابا، أصلا موزه ما تحب ترقد الا عنديه انا الشيخة ميره ..
ضحكت حصة باستهزاء: ها ها ها خفي علينا يا الملكة إليزابيث ..
قلتلج موزوه ما بترقد الا عنديه انااااااا ..
آمنة بصراخ: بسسسسسسسسسس انتي ويااااااها حشى، ميروه شلي ايدج عن البنية كسرتي ايدهااااااا
العنود بضحكة رنانة وعفوية: هههههههههههههههه موزانة لو فيها لسان جان زعجت عليكن انتن الثنتين
حل الصمت الجارف مقلتي عيني موزة التي بلعت غصة تكورت في صدرها ...
نظر الجميع للعنود ثم لموزة وقد استنتجن أن موزة قد أخذت المزاح بحساسية آلمت قلبها ...!!!!
قرصت آمنة فخذ العنود لتنبهها بما تفوهت به
تلعثمت العنود ما ان استوعبت ما قالته .. وقالت بنبرة مُحرجة/مرتبكة: أ أ أ آسفة موزانه هب قصدي والله
انا بس كنت أقووول .....
قاطعتها شما التي أمسكت يد موزه وقالت بابتسامة حلوة لتخفف الأجواء المتكهربة: موزانه لو ما فيها لسان ترى عندها ايد وتعرف تخبرنا باللي تباه ...
وتابعت بذات ابتسامتها التي اصبح اكثر رقة: موزوووووه منو اللي بيبات عند شوشو اليوووووم ...؟!!
أجبرت موزه نفسها على الابتسام كي تخفف التوتر، فهي موقنة بأن ابنة عمتها العنود لم تقصد جرحها ابداً
ولكن نفسيتها التي اتسمت بالحساسية في آخر السنين هي من تقودها للغرق في بحر الحزن أكثر فأكثر ..
أشرت بيدها لنفسها: انااااا ..
شما: واااايه يعلني افدا هالعيووووون ..
اقتربت العنود من موزه وضميرها يأنبها على لسانها الذي انفلت بغير قصد .. وقالت بحزن/أسف:
آسفة موزانة والله هب قصدي
جيه ظهرت من ثميه ..
مسكت موزة يد العنود وأشرت بابتسامة ناعمة: عادي العنود حبيبتي، ادري انه هب قصدج
زمت ميرة شفتيها بتهكم: طاعوووو .. موزوه ما تباني ولا تبا حصوه .. راحت عند حبيبة القلب شوشو
حصة بابتسامة حنونة: هيه والله ما يبونا
اجابتهم موزة بيديها وعيناها أصبحتا لامعتين ضاحكتين: ما عاش اللي ما يباكم، خلاص المرة الياية انتن ان شاء الله
أخرجت شما طرف لسانها بطفولية وقالت بنبرة ماكرة تغيظ بها بنات اخيها:
هههههههههههههاي موووتن من الغيييييظ ..
.
.
.
.
.
.
.
دبـــــــــي
دخلت مهرة المنزل بابتسامة كبيرة دليل قضائها يوم جميل وممتع لأبعد حد ..
وبنبرة عالية هتفت قبل أن تقبل رأس جدها: هاااااااي جراند باااا ..
أبا عبيد بتهكم مبحوح: اشووه جراند با هاي بعد ..!!! ارمسي شرا العرب لمرغج بالعصاا
وضعت مهرة يدها على خدها وبتفكه تمثيلي: أوووه ماي قاااااد ... شحقه يديه انته جاسي جيه ..!!
أبا عبيد بذات تهكمه: اوهووو ردت تلوي ثمها هالهرمة ... اصطلبي يا مهروووه
مهرة بضحكة شقية: هههههههههههههههه زين زين خلاص
دخل كالعاصفة المدمرة ووجهه لا يُفسر من شدة صمته ...... "المُرعب" ...!!!
قطبت مهرة حاجبيها مستغربةً من حال شقيقها
فهو منذ أن خرجوا من العين وهو صامت بشكل غريب يبعث الاضطراب والارتباك في الأجواء ..!!!
في الحقيقة، فلاح ليس بالشخص الذي يتحدث كثيراً ويمزح ويضحك مثل نهيان وحمد أشقائها، الا ان صمته يكون طبيعياً وهادئاً ...
لكن هذه المرة صمته أجوف مُريب أخفى معالم وجهه السمحة.. وكأنه ......
وكأنه غاضباً من امرٍ ما ......!!!
نادته والدته والاستغراب اجتاح عقلها هي الأخرى: فلاح وين ساير ..!!
ما بتتعشى ..!!!
رد فلاح ونظرة عينيه غدت كغيمة تشع سواداً غريباً: لا علني افداج بسير اتسبح .. وخلاف بظهر مع الشباب بنتعشى برع ..
انتهى من حديثه المقتضب وصعد درج المنزل سلمين سلمين باستعجال وبخطوات رشيقة ... مُنقضّة ..
وبعد أن أغلق باب غرفته عليه بقوة ..... قال بفحيح غاضب/مُهان: انا ينقالي جيييييييه ..!!!
فلاح بن عبيييييد ينقاله خسارة الشنب فيييييييييك ...!!!
بنية لا راحت ولا ردت تهينك يا فلااااااااااااح ..!!
منو هي عسب جيه ترمسنيييي ..!!
منووووووه ...!!!!
والله ما بيبرد افواديه يلين ماردها لج الدبل يا بنت ابووووووج ...
.
.
.
.
.
.
.
اسبانيــــا
قرطبــة
كان وحيداً يتمشى بمحاذاة النهر والبدر كقرص متوهج منير يبهر الناظرين بلؤلؤية نوره ..
كان غارقاً في أفكاره وفي حياته بماضيه وحاضره قبل ان ينقذه من غرقه صوت رنين هاتفه ..
التقطه بخفة ثم ابتسم بسمة صغيرة تخللها حنين بالغ: هلا والله بريحة بلاديه ..
هلا باللي لهم القلب يشتاااااق ويحن .. هلا بالعم الغالي بومييد ..
رد سلطان بفخامة وقد لانت تقاطيع وجهه بشكل دافئ: هلا بك زوووود يا بوهامل، ترى البلاد تصيح تباكم
وانتو تجربون غلاتكم عندهااا ..
ذياب بشجن/حنين باسم: علني افدا تراب بلاديه وداريه ومربايه ..
راديلها ان شاء الله عقب كم يوم ..
سلطان بحزم دافئ: تردون بالسلامة ان شاء الله
ذياب بنظرة باسمة: الله يسلمك من كل شر وعوق ..
وأردف قائلاً: خبرني عميه شحالكم شعلومكم .. ؟!!
سلطان: والله كلنا بخير وصحة وعافية ما نشكي باس ابد ..
انت شحالك وشحال الناعم ..؟؟
ذياب بابتسامة جذابة: انا والله طيب الحمدلله، والناعم تشقح وتنطح ما شاء الله وتصيح تبا ترد البلاد خلاص ..
سلطان بضحكة خفيفة: هههههههههههههههه شعنه ..!!! هب هي اللي تمت سنين تحن علينا تبا تسافر اسبانيا وتشوف حضارة الاندلس على قولتها ..!!!
ذياب بذات ضحكة عمه: ههههههههههههههه اونها تقول توني عرفت جيمة هوا بلاديه ..
سلطان بضحكة أقوى: هههههههههههههههههههههههههههه يعلج العافية يا نعوم ..
صمت ونظرته تغيمت بالشوق العاتي .. وهمس بنبرة دافئة صادقة حد الوجع: اسمينيه ولهان على خبالها
.
.
.
.
.
.
.
العيـــــــــن
فتحت جهاز التكييف وأخفضت درجة حرارته لأقل درجة، وذلك حرصاً على راحة زوجها الذي كان يعاني من مرض الإم إس "التصلب اللويحي"، فالمصابون بهذا المرض يجب أن يُهيئ لهم البيئة المناسبة لتلقّي الراحة والنوم الكافي تجنباً للأعياء والنوبات المفاجئة ..
جهزت كوب الماء والأدوية وعطرت أجواء الغرفة بمعطر الجو ذو رائحة اللافندر المنعشة ..
خرج زوجها من الحمام وهو يمسح رأسه بمنشفة صغيرة، وبنبرة باسمة لعوبة: ناقصني مساج وبيكتمل الجو المغري هذا
ضحكت العنود بخفة خجولة .. وقالت بتغنج يقطر شهداً مفعماً بالجرأة: بس مسااااااااج ..!!
اتسعت عين سيف بذهول مُضحك ثم قال: اوه اوه اوه شو هالجرأة اللي نزلت علييييج
ضحكت العنود بذات الغنج الذي يجعل من أنفاس سيف تثقل: هههههههههههههههه نتعلم منك يا استاااااذ ..
امسك سيف خصر العنود وجرها الى صدره بقوة حانية، ثم أمسك ذقنها ونظر بهيام موجع لعيناها المتفجرتان بعشق خجول:
ولهت عليج العنيدي ..
أصبحت انفاسها تجري بين قصباتها الهوائية "بثقل" .... وخفقاتها اغتنمت الفرصة ورقصت بجنون مسببةً "ارتجاجاً عنيفاً في اضلاعها ..!!!
لطالما عشقت هذا الاسم من شفتيه المثيرتين ..!!
تحبـــــه ...... وتحب عشقه الرجولي المثقل بالشغف ..!!!!
عضت شفتها السفلية بخجل مرتبك لم تستطع تمالكه ....
الا انه ازاح شفتيها عن براثن اسنانها اللؤلؤية ومسح برقة عليهما محدقاً بها بافتتان مشتعل ...
وهتف من بين نظراته الشغوفة البراقة: قولي وانا ولهت عليك يا قلب العنيدي ..
ضحكت وهي تنزل رأسها بعذوبة ... فـ سيف لا يترك عادته بأن يطلب منها ما يريد ان يسمع .. صحيح إنه رجلٌ قليل الكلام ..
ولكنه شغــــوف ..
شغــــــــوف حد اللامعقــــــــــول ...!!!
والرجل الشغوف هو من يُخرج ما في قلبه من كلمات نابضة في الأوقات الأقصى عذوبةً/شاعريةً/هياماً/سحراً ..!!
همست بخفوت خجول "يدمر بسهولة جلادة عاطفته الرجولية": وانا ولهت عليك يا قلب العنيدي ..
.
.
.
.
.
.
.
أبوظبــــــي
أشرقت شمس صباح السبت .. لتعلن للكل مـولد يوم جديـد
فيــه الخيـــر ..... وفيــه الشــر
فهكذا هي الحيــــــاة ..!! .... ببياضهـــا وســـوادهــــا
حياتها تمشي رتيبة وتدور كآلة عتيقة تدق القمح بلا توقف وهوادة ....
واليوم وعلى سبيل التغيير "الذي لا يتغير حقيقةً" .. اتصلت بإحدى صديقتها المقربات لتقتل فراغ الوقت لا أكثر
هتفت بضجر وتأفف: اف سارووه والله ملل، خطفي عليه خل نروح المارينا ..
سارة بضحكة خبيثة: هههههههههه ليش يزوي اعترفي .. تبين اطيحيلج صيده ايديدة ..!!
أليازية بابتسامة جانبية لعوبة: هههههههههه لا لا خلاص تبنا لله ..
سارة بتعجب مصطنع: يزوووووي اتّووووب ..!!!
لا لا ماصدددددق ..
أليازية بمكر باسم: تبين الصدق طحت على صيدة ما تطّوف .. وناوية أصيدها هالمرة بالحلال ههههههههههههه
سارة بدهشة عارمة: حللللللفي ..
وليش ما قلتيلي من زمااااان ..؟!!
أليازية ببسمة وقحة: خلج خلج بعيد، اخاف اذا شفتيه تخطفينه عني، اعرفج انتي ما تصدقين تشوفين ريال مزيووون ومريّش ..
ردت سارة بحقد وغيرة أخفتهما خلفة ضحكة خافتة: ههههههههههههه صدق مب هينة انتي ..
وأردفت بتساؤل: انزين ما خبرتينا منو هووو ...!!!
أليازية بنظرة ماكرة: نو نو نو ما بقوولج
سارة: افااا ليش عااد ..؟!
التمعت مقلتا أليازية بشغف وهي تتذكر عيناه اللتان افقدتاها صوابها: يوم آخذه بقولج منو هووو
لوت سارة فمها يميناً ويساراً بغيرة واضحة: انزين بنتريا شو ورانا ..
أليازية باستعجال: يلا يلا تلبسي بسرعة وخطفي عليه ..
سارة: زين يلا باي
أليازية: باااااااااي
أقفلت الخط وأخذت تفكر بخطط جديدة توقع بها ذلك القاسي العنيد الذي يقاوم جمالها الساحر
جمال هي ذاتها تدرك تأثيره الشديد على جنس آدم أجمع ..!!
لم تتوانى عن كتابة الرسالة التي أتت في بالها فجأة:
" أبا امتنع والقلب ماهو بمطواع ..متولع في حب زين الشباب"
.
.
.
.
.
.
.
العيـــــــــن
كفراشة بين حقول الورد كانت شما تمشي وتسقي الورد بعناية وحرص وكأنهن بناتها اللاتي "لم تحظى بهن" ..
أتت موزة لها باسمة وفي يديها كوبان من القهوة، أعطت شما كوب قوتها وجلست هي على العشب لترتشف قهوتها بهدوء ناعم بينما عيناها تراقبان ابنة خالة أبيها وهي تسقي الورد والنباتات ..
وضعت موزة كوبها على العشب الرطب وثم وقفت ولكزت كتف شما كي تنتبه لها ..
التفتت شما لـ موزة باستغراب باسم قبل ان تأشر الأخرى بيدها بحركة معينة .. فردت شما بحماس منتعش: تبين تسقين معااايه ..؟؟
هزت موزة رأسها بـ اجل .. وثغرها يشرق ببسمة جميلة ملؤها النشاط ..
أشرت شما بيديها لرشاش الماء القريب من المطبخ الخارجي وقالت: هاذوه هوز الماي بس لازم تبطلينه من الولف اللي صوب بيت الكهربا ..
هزت موزة رأسها .. وذهبت لتفتح الماء وقضت وقتها في سقي الورود والأشجار مع شما ..
في الحقيقة .. ما فعلته كان موجعاً لذكريات عقلها التي تدق بقسوة أبواب قلبها الصغير ..
فهي كانت معتادة في الماضي أن تخرج مع والدتها لحديقة المنزل وتسقي الزرع والأشجار كما الآن تماماً
تنهدت لتُجلي غصة خنقتها في غفلة منها ..!!!
ثم قالت لشما وهي تأشر بيديها: شما بقولج شي ..؟؟
هتفت شما بروح باسمة: قوليلي يا عيون شما
موزة ونظرتها المترددة بدأت بالوثوب بثقة تامة: البارحة قبل لا نرقد .. رمسنا عن حالتي
وعن اني ما اروح اتعالج هالفترة ..
ردت شما باهتمام وهي تضع بخاخها الذي لم يفارقها منذ سنين: هيه رمسنا عن هالشي
موزة بتردد خجول أخذت تأشر: وانا ابا ارد اتعالج .. بس عند دكتورة ثانية .. هاذي ما ارتاحلها ..
هتفت شما بابتسامة متسعة وسعادة لا توصف: حبيييبتي موزاااانه والله فرحتيني بكلامج هذاا
وأردفت وهي تحضنها بخفة ممتلئة بالعاطفة: صدقيني يا موزه الحياة حلوة، والانسان لازم يعيشها بطولها وعرضها،
رب العالمين حطج في اختبار لأنه يحبج، وصوتج راح نتيجة هالشي ..!!
لكن نحن كمؤمنين باللي كتبه ربنا عز وجل لازم نتجاوز اللي نمر فيه بروح قوية ..
دوم رددي الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
ربنا سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم:
" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
هاي الدنيا دار بلاء واختبار، ونحن لو واجهتنا مصايب لازم نواجهها ونعديها بكل عزيمة وايمان
صح كلامي يا موزة ولا انا غلطانة..؟؟!!!
ابتسمت موزة كما لم تبتسم ابداً بتلك الهالة المفعمة بالنور من قبل وأشرت: صح .. يزاج الله خير ..
.
.
.
.
.
.
.
في مكــــان بعيـــــد
جغرافيــــاً
طُرق الباب بخفة ليفتحه له حارسان أثنان ضخمان كضخامة الثور حاملان أسلحة مخيفة بين ذراعيهما .. ويلبسان واقيات ضد الرصاص على صدروهم ..
دخل وهو يعدل نظارته ذات الإطار الأخضر الفسفوري بابتسامة بلهاء تنم عن جزعه/ارتباكه حاملاً حقيبة عملية سوداء فيها أجهزته التي لا يذهب لمكان بدونها ..
وبإنجليزية تخللتها لكنة الهنود قال بارتباك: صباح الخير أيها السادة ..
حدّق به رجل ذو شعر خفيف، جسد ممتلئ وقصير القامة بنظرة ثاقبة متفحصة وقال بإنجليزية قوية تخللتها مكر متلاعب:
صباح الخير .. أهلاً بك أهلاً بك
أني أتوقع بأنك لاكشمي جانجوس الملقب بـ الشيفرة العفريت ..
رد الشاب الهندي بذات ارتباكه وهو يضحك بتكلف: اووه انه لشرف كبير لي أن رجل بمكانتك المرموقة والصيت العالي يناديني بـ لقبي الشهير ..
تابع الرجل ذو الجسد الممتلئ بابتسامة جانبية ماكرة: كيف لا أعرف إبن موكيش جانجوس صاحب أكبر شركة حديد وصلب في الهند واوروبا ..!!!
وأضاف وهو يشعل سيجارته المتينة بغطرسة شديدة: لا تنسى أيها العفريت بأني فليمون كوستوبولوس صاحب أكبر قاعدة بيانات في العالم، وأستطيع بثانية واحدة اخراج نسل عشيرة جدتك لأقدم جد لها ..
قاطعه رجل آخر بنزق ونظرته الفاحصة المستكشفة تنتقل للشاب الهندي: حسنا فلندع الأحاديث الجانبية في ركن ولندخل في صلب الموضوع ..
أومئ بأدب متقن وأضاف: أهلا بك لاكي، كنا بانتظارك ..
أردف وهو يأشر بيمينه على السادة: أحب أن أعرفك على السادة الحاضرين
فليمون بتهكم مغتاظ: اووووه أنت هكذا دائماً يا ديرفس، تحب دوماً مقاطعة بهجتي في التعريف عن مجدي العريق ..
يالكم من نزقين حاقدين أيها الأتراك ..!!!
رمق ديرفس فليمون نظرة جانبية قاسية .. قاسية كطباع الأتراك العتيقة المعروفة والذي هو منهم ..
صمت فليمون بامتعاض ليردف هو بصرامة هادئة: أعرفك يا لاكي على أندريه ديلون ذراعي الأيمن وهو رجل فرنسي بحت خُلق للمهمات الصعبة ..
أومئ آندي برأسه ونظرة خبيثة دائمة تعلو مقلتيه: أهلا بك لاكي بيننا .. يمكنك مناداتي بـ آندي ..
لاكي بابتسامة مرتبكة: اهلا بك يا آندي
وضع ديرفس رجل على رجل وأشعل هو الآخر سيجارته: فلتجلس يا لاكي لمَ أنت واقف ..؟؟
جلس لاكي بعد أن ازاح أحد الحراس الكرسي له ..
اردف ديرفس حديثه بصوته الغليظ الرنان المُخيف "رغم برودته الشديدة": حسناً .. وهذا هو السيد جون ميركن صاحب مجموعة ميركن القابضة الذي يملك أغلب المنشآت المعمارية في استراليا وجنوب افريقيا ..
أومئ لاكي برأسه احتراماً لرجل الأعمال الذي قال بدوره: مرحبا بك أيها العفريت بيننا ..
رد لاكي: مرحبا سيدي أنه شرف كبير لي تواجدي بينكم ..
تابع ديرفس وهو يأشر على الثالث بابتسامة هذه المرة: وهذا هو السيد أبومرشد، صديقنا المقرب وحليفنا الذي ينسق أمورنا في الإمارات والخليج بشكل عام ..
أبا مرشد بنظرة فاحصة ملؤها التحفظ/الحذر: أهلا بك لاكي ..
لاكي: أهلا بك سيد أبومرشد
هتف ديرفس بنبرة خشنة وهو يشرب مشروبه الروحي ببطء يبعث البرودة والتوتر في الأجواء: ولدينا شريك مصري لم يأتي بسبب الأوضاع السياسية والأمنية الحالية في بلاده ..
صمت وهو ينفث دخان سيجارته .. ثم هتف باقتضاب وهو يؤشر على الرجل السمين: أما هذا فهو السيد فليمون كما عرف بنفسه سابقاً
.
.
.
.
.
.
.
أبوظبـــــي
دخل بسرعة الصقر لغرفة عمليات المراقبة وهو يهتف بحزم شديد: ها فيصل بشر ..
شو صار ..!!
هتف فيصل وهو يعدل سماعات المراقبة وعيناه على الشاشة الضخمة التي أمامه: الامور تمام التمام وكل شي يتسجل الحينه ..
ويوم تيينا الإشارة بنحول التصوير لزاوية ثانية عسب نصور كل ويوه الموجودين
سلطان بحزم قوي: زين زين حلو يعطيك العافية
رد فيصل وهو ينسق درجة ارتفاع الأصوات والحدة والضخامة: الله يعافيك بومييد واجبنا
قطع مراقبتهم صوت رنين هاتف سلطان .. التقطه بخفة ورد بحزم مسيطر: السلام عليكم بوراشد
..
سلطان: هيه نعم الأمور كلها في السليم وقاعدين حالياً نراقب الاجتماع كله
..
سلطان بحزم: هيه أكدت على كل الأطراف ما يسوون شي بليا شوريه قبل
..
سأل سلطان باستغراب: بوراشد العميل 522 خبير أكثر في هالأمور كيف يرد البلاد هالوقت ..؟!
..
وبثقة بالغة أجاب سلطان: وانا واثق من هالشي سيدي ..
..
سلطان: على خير ان شاء الله، خلاص انا ببلغه بنفسي
..
سلطان: مع السلامة، بحفظ الرحمن ..
وبنبرة أمر لا تقبل النقاش هتف سلطان لـ فيصل: فيصل قول حق سعيد خل يحولني على رقم العميل 522
هتف فيصل بتلبية تامة: تم سيدي، الحينه بخبره
.
.
.
.
.
.
.
دبـــــــي
كان الجميع مجتمع في صالة المنزل والأحاديث تجري مجراها بأريحية وعذوبة متفجرة بجو عائلي جميل
قالت أم نهيان بنبرة حب/حنان: ناقصنا نهيان والله
مهرة بـ عبوس ملؤه الشوق: هيه والله ولهنا عليه الدب
هتف أبا نهيان بتساؤل وهو يلتفت لـ فلاح: متى قلتلي طيارة نهيان ..؟؟!!
فلاح وهو يشرب قهوته: باجر ان شاء الله الساعة 2 توقيتنا
أم نهيان بتهكم أمومي: شحقه ما خليتني ارمسه يوم اتصلبك مساعه ..؟؟!
هز فلاح كتفيه وبنبرة ثقيلة هادئة اجاب: اماية كنتي راقدة، كيف تبيني اوعيج ..؟!
تأففت أم نهيان بشوق كبير وبذات التهكم قالت: وهالولد ما يدق إلا في اوقات غلط ..؟!
مهرة بابتسامة اتسعت على مصراعيها: ياااااااااي بزهب عمريه حق الصووغه ..
(الصوغه = هدايا السفر)
وصفقت بتشوق قائلةً: إن شاء الله يايبلي شي غااااوي ..
الجد أبا عبيد وهو يلكزها بعصاته: اخخ عليييج .. تتريين الصوغه ما تتريين اخوج هااا ..!!
ضحكت مهرة بشقاوة: هههههههههههههههههه فديتني طفسه من يومي ..
نظر أبا نهيان لوالده وقال: أبويه متى ناوي تسير صوب هل العين ..؟!
أبا عبيد بصوت مبحوح: تبا الصدق باجر في خاطريه نسير ..
وألتفت لحمد .. وقال بحزم بالغ: شو الراي حمد ..!! تودينا انت ..؟!!
فز قلب حمد بعنف ........ ولا يعرف في الحقيقة لمَ ...!!
أم هو يعرف ويأبى مصارحة ذاته بـ هيامه المجنون بوضع قناع السذاجة على روحه ...!!!!
تنحنح بثقل ثم قال بنبرة حب واحترام تام: الموتر وراعي الموتر كلهم تحت أمرك يا بوعبيد ..
من جانب آخر،
فهناك شخصاً قد تجمدت أصابع رجليه بغضب وأعصاب منفلتة وهو يتذكر مالا يريد تذكره ..!!
فهو أصبح ما إن يسمع كلمة "العين"، حتى يأتي في مخيلته تلك، صاحبة اللسان الأعوج المُستفز والذي يرغب بقطعه من جذوره حتى لا يبقى له أي اثر ..!!!!
وحمد الله أن جده طلب من حمد وليس منه أن يوصلهم لهناك
أبا عبيد بحزم ظهر مع صوته المبحوح على الدوام: خلاص عيل بالباجر العصر بنحرك ان شاء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
رأس الخيمة
كان أمام سيارته يفحصها بسرعة قبل أن يدخلها لوكالة السيارات ليعملوا لها فحص شامل ..
أتاه ابن شقيقته ذو النسخة المصغرة منه وهو يركض ويصرخ بحماس طفولي: خالييييه خالييييييييييه
خاليييييه يئكوووووب ..
ابتسم يعقوب بحنان/بتفكه ومازال رأسه مخبأ تحت غطاء السيارة الأمامي: خاليه يئكوب محد
بح اختفى ..
ضحك الولد بطفولية لذيذة وهو يعارض خاله: لا خاليه هنيه ..
أنزل يعقوب غطاء السيارة وأغلقه ثم مسح كفاه ببعضهما وقال بدفء: ها يويو شو تبا ..؟!!
يعقوب الصغير وهو يحك رأسه: اوووه نسييييت
اممممممم ماعرف خاليه يئكوب نسيت ..
حمل يعقوب ابن شقيقته وقال بضحكة خفيفة: هههههههههههه افااااا صابك الزهايمر على صغر يا بويوسف ..!!!
سأل يعقوب الصغير وهو يقطب حاجبه بتعجب: شو يعني زهايمر خاليه ..
ابتسم يعقوب الكبير ابتسامة أكبر وقال: الزهايمر هذا مرض الله يكفيك شره يالشيبه ..
دخل المنزل وهو يعض ذراع ابن شقيقته بمزاح .. ثم أنزله حيث كانت والدته جالسة تماماً
وقال: منو مطرشلي هالشيبة ..؟؟!!
أم يعقوب الصغير (مريم) ببسمة ناعمة: انا مطرشتنه، بغيتك تتصل على الدريول اييب غريضات من بيتي
يعقوب وهو يقطب حاجبه: جيه ..!! ما عندش رقمه ..؟!!
(جيه هنا تعني لماذا)
رد مريم وهو تبدل لأبنتها الكبرى ملابسها: لا والله مب مخزنه رقمه في الآيفون، مخزنتنه في البلاك بيري بس
والبلاك بيري في البيت ناستنه
يعقوب وهو يخرج هاتفه ليتصل بالسائق: اوكي بتصلبه الحينه
بعد أن هاتف السائق وأمره بجلب أغراض من منزل مريم، وضع هاتفه في جيبه وجلس بالقرب من شقيقته
وبتردد بان مع تحركه الدائم في جلسته هتف: امممممم مريم
مريم بنبرة حنونة: لبيه
يعقوب بابتسامة مرتبكة: لبيتي حايه ياربي
امممممممم بنشدش عن شي، بس حاب هالموضوع يكون بيني وبينش
(بنشدش = اريد ان اسألك)
وبقولش اياه بسرعة الحينه قبل لا ترد امايه من المطبخ
قطبت مريم حاجبها بقلق: خير يعقوب روعتني، مستوي شي انا مادريبه ..؟؟!!
هز يعقوب رأسه بـ لا وهو يطمئنها بتوتر: لا لا لا مب مستوي شي الحمدلله
بس شسمه، امممممممممم
ماعرف كيف اقولش عن الشي بصراحة ..
حدّقت به مريم بنظرة متفحصة .. ثم هتفت بهدوء كي تحثه على الحديث من غير ارتباك: قول يعقوب لا تستحي
رغماُ عنه شعر بالخجل .. الا انه تنحنح بخشونة وقال: والله ماعرف من وين ابدا لش السالفة
مريم بابتسامة دافئة مُهتمة: ابدا من المكان اللي تباه
اسمعك يلا
بدأ يعقوب يحكي لها بحذر وارتباك الموقف الذي جرى له مع الفتاة ذان العيون العسلية .. وكل ما كان يتمناه في الحقيقة، هو أن يعرف هويتها ما إذ كانت مريم تعرفها أو تعرف مكان منزلها ...
مريم بابتسامة خبيثة لعوبة: يا ووويل حالك يا يعقوووب، طحت ومحد سمى علييييك
يعقوب بابتسامة مرتبكة ببشدة: لا تفهميني غلط مريومة، أنا من شفتها وهي محتلة تفكيري وايد
خاطريه اعرف منو هي ..
هدأت مريم من وتيرة خبث بسمتها .. وقالت بنبرة اكثر تعقلاً/تفهماً: اكيد ما بظن فيك ظن السوء فديتك، اعرفك حشيم وما ترضى بالشين ابد
وأردفت وهي تفكر: اممممممم والله يا خويه ماعرف بنية في الفريج عيونها عسلية، يمكن اللي شفتها من فريج ثاني
قطب يعقوب حاجبيه بخيبة امل: ماعرف والله يا مريوم، شسوي خبريني ..؟!!
صمتت مريم وظلت تفكر وتتذكر ما إذ لمحت في يوم فتاة في نفس مواصفات التي حكى عنها شقيقها
اتسعت عيناها بدهشة وهي تتذكر: متى شفتها قلتلي ..!!!!
يعقوب وخفقات قلبه بدأت تسبب ضجيجاً في سائر جسده: الأحد اللي طاااف
مريم بـ ذهول: لا يكون اللي شفتها موووووزه ..!!
يعقوب وخفقاته في ازدياد .. واشتعال: منو موووووزه ..؟؟
مريم: موزة بنت محمد الـ....
اتسعت عيناه بدهشة: أخت حاااااااارب ..!!!
مريم: هيه أخت حارب
سيّرنا انا وامايه على أم محمد الأسبوع اللي طاف وشفناها عندهم
(سيّرنا على = ذهبنا الى)
دخلت أم يعقوب فجأة لتقطع عليهم حديثهم ..
أعطى يعقوب شقيقته نظرة حادة ذات معنى كي تصمت وتغيّر مجرى الموضوع .. فهمت مريم نظرة شقيقها وقالت بمشاكسة لطيفة: هلا والله بالغراشيب هلاااا ..
ابتسمت أم يعقوب بتهكم رقيق: اي غراشيب يا بنت الحلال، خلاص راحت علينااااا ..
قال يعقوب وهو يحضن كتفي والدته بـ ود بالغ: امبونه الزين الا من عقبش يا ام يعقوب ..
ردت أم يعقوب بضحكة مبحوحة وهي تعدل برقعها: ههههههههههههه حيها اللي بتظويك
(بتظويك بمعنى تحوز عليك/تنولك)
بتاخذلها اللي يمزر افوادها بالرمسة الغااااويه ..
(يمزر = يُملئ)
.
.
.
.
.
.
.
العيـــــــــن
كانت هادئة على غير عادتها وهو يراقب تحركاتها الرشيقة من الكرسي للسرير للتلفاز للحمام، حتى تنظيفها للغرفة أخذ مسار غير مساره المعتاد، كانت تنظف بكآبة واضحة وعيناها شاردتان لنقطة غير واضحة بتاتاً
قال وهو يقطب حاجبيه بتساؤل قلق: أمون حبيبي بلاج ؟
تعبانة ..؟؟؟
جفلت آمنة وهي تستفيق من شرودها .. وبنظرة باتت كقطعة جليد همست: لا لا ما فيّه شي
وأكملت عملها بهدوء كالسابق لكن الشك في روح بطي ازداد وقلقه تمرد عليه ..!!!
وحتى يتناسى حالة زوجته الغريبة، أمسك هاتفه وأخذ يقرأ الرسائل التي وصلته عن طريق الواتس آب
وفجأة ضحك ضحكة رنانة
التفتت إليه آمنة بحدة .. ونظرة عيناها اهتزت من الشك/التوتر .. وبنبرة تخللتها حدة غريبة هتفت: ترمس منوووو ..؟!!
رد عليها بطي غير مدركاً لحدة صوتها ومقصد ما قالته: هههههههههههههههه حسبي الله على بليسك يا أحمدوه، سمعي سمعي شو مطرش ..
"المفروض إذا واحد بيطلب أكل واللي معاه قالوا مانبا
يخليهم يوقعون تعهد
"(أقر أنا الموقع أدناه بأني لا أريد أن آكل ولن أنقنق معك)
هههههههههههههههههههههههه على فكرة هاي نغزة، ونحن صغاريه كنت دوم آكل اللي يطلبه من الدكان
سبحان الله ما ارتاح الا يوم اكل اللي هو يطلبه واطعم منه شويه ههههههههههههههههههه
ابتسمت آمنة ببرود على فكاهة زوجها وقالت: ها اسمع طمع وطفاسه ..
ما زال الضحك يلمع بعينا زوجها من الذي قرأه وظل يتصفح هاتفه إلى أن تجهم وجهه كلياً ..!!!
وقال في نفسه التي اشتعلت من الغيظ وهو يقرأ رسالة نصية اُرسلت له في الصباح:
هاي متى بتحل عن سماااااااااااي ..!!!!
افففففففففففففف ..
حسبي الله ونعم الوكيييييل ..
ألقى هاتفه على الطاولة بانفعال واضح وخرج وهو يقول: بيلس عند ابويه شوي قبل لا اروح بوظبي
خرج بينما انتقلت فجأة نظرة آمنة لهاتفه بذات برودها الذي تخلله شك وريبة ..
ولا تعرف كيف وقفت على قدميها واقتربت من الطاولة .. وامسكت هاتفه ..!!!
لا ..
ليس لها الحق ابداً بأن تتصرف بطفولية غبية وتترك الغيرة والشك المريض يتحكمان برجاحة عقلها ..!!!!
تأففت بقهر وهي تتعوذ من الشيطان علّها تزيح عن بالها وساوس لن تتركها الا تعيسة ويائسة ..!!!
وقبل أن تتراجع لتعود الى أعمال التنظيف، سمعت رنين هاتف زوجها يصدح ارجاء الغرفة، ما إن اخفضت عيناها لترى المتصل بعفوية تامة حتى تراجعت للخلف وقلبها بدأ يشتعل كالجمر ..!!!
فهي عرفت وميزت بذكاء تام الرقم المميز الذي تكرر كثيراً في هاتفه والرسائل الغرامية المرسلة إليه ..!!!
لا تعرف ماذا حل بها ..!!
أتغلق مسامعها عن رنين الهاتف وتذهب وكأن شيئاً لم يحدث ..!!
أم ترد وتكتشف بنفسها الذي يحصل وراء ظهرها ..!!
مرت الثواني وعقلها يتحرك ويترنح بأفكار مجنونة غير مفهومة إلى أن صمت الهاتف لوحده معلناً استسلام الاتصال ..!!!
تحول فجأة برودها لغضب لا تستطيع وصفه
هي غاضبة
غاضبة
غاضبة
والويل لمن يتجرأ ويلمس بكلامه طرف عقلها "المجنون حالياً" ..!!!
دخل في تلك اللحظة أطفالها خويدم وسلطان الغرفة وصراخهم العالي يضج أنحاء الغرفة
خويدم بصراخ وهو يشتكي من أخيه: ماماااااا شوفي سلطون ياكل كييييك
سلطان بخوف: ما كلت ماما يقص عليج خدوم
خويدم بغضب طفولي: لا تجذب، اللي يجذب يروح النار
قالت آمنة بحدة وهي تحاول كبح لجام غضبها: كلت يا سلطان كيك ولا ماا كلت ..؟؟!
تلعثم سلطان بجزع وهو يختبئ وراء شقيقه الكبير: كـ كـ كلت لقمة وحدة بس والله ..
آمنة بصراخ عاتٍ جعل من أرجل أطفالها ترتجف من فرط الرعب: انت شححححقه ما تسسسمع الرمسسسسة هاااااا ...!!!
قلتلك ألفففف مرة الكييييك ما يوالمك لاااااا تااااكله ..
كان سلطان يعاني من حساسية مفرطة من بياض البيض، فأي طعام فيه بياض البيض كان يسبب له طفح جلدي وصعوبة شديدة في التنفس تؤدي احياناً للاختناق ..!!
بكى سلطان خوفاً من صراخ والدته وقال بنبرة باكية مرتجفة: كـ كـ كلهم كانوا ياكلون كيك، ليش انا لااااااا
وظل يبكي خلف شقيقه الذي حاول كبح دموعه المرتعبة هو الآخر ..
وضعت آمنة يدها المرتعشة من فرط الغضب على جبهتها وهي تتعوذ من الشيطان ..
قطبت حاجبيها وقالت بنبرة حادة ولكن منخفضة: مرة ثانية ما تاكل أي شي من غير ما تخبرني ساامع يا سلطااان ..؟!!!
قال سلطان بشهقة باكية وهو يمسح دموعه بظاهر كفيه: زين ماما
تنهدت بعمق .. ولامت نفسها على انفعالها الشديد وسكب نيران توترها/اضطراب على ولدها ..
فتحت ذراعاها بنظرة تتفجر حناناً ليركض سلطان ويرتمي في احضانها .. وقالت برقة شديدة: لو اصطكيت ولا حسيت جسمك يحكك خبرني زين ..؟!
(اصطكيت = شعرت بضيق في التنفس)
قال سلطان وهو يغوص في دفئ احضان والدته: زين
أشرت آمنة لـ خويدم ليجلس بقربها وقالت بذات دفئها: خويدم ماما انت الكبير المفروض ما تخلي سلطان ياكل شي يضره
صح ولا لا حبيبي ..؟!
زم خويدم فمه وقال: ماما قلتله لا تاكل كيك بس سوالي طاااااف ..
قرصت آمنة خد سلطان ووبخته بنصف عين: امبونه هالطفس عنيد وما يسمع الرمسة ..
.
.
.
.
.
.
.
أبـوظبـي
مستشفى زايد العسكري
الأروقة باردة، وصقيع رائحة الأدوية تقتل، وآهات المرضى والموجوعين يبعث الكآبة والحزن في الروح
لطالما تمنت منذ سنون طويلة التخلص من هذا الصقيع الذي يلازمها حتى بعد أن ترجع المنزل
يلازمها في سباتها، منامها، صباحها، مساءها
شعور لازمها ولازم عائلتها منذ 15 سنة، آملين في أي لحظة انبثاق نور شمس حياتهم
ليُجلي بعيناه الدافئتان صقيع أجمد تلابيب قلوبهن الفتية
فهن ليس لهن من بعد الله عز وجل، غيره ..!!!
خرجت من المصعد ولسان حالها يدعي بتضرع ورجاء .. ثم دخلت الغرفة ونظراتها تمسح معالم وجهه الذي غزاه القليل من الشيب بحب شفاف أبدي
وصلت شفتاها عند منبت شعر رأسه وقالت بنبرة تتفجر شوق وحنين يألم قلبها الصغير:
متى بتنش يالغالي وترد لحياتنا النور ...!!!
مسدت بيديها رأسه وعيناها غائمتان بعاطفة جياشة لا توصف، ثم تنهدت بعمق وبدأت تعمل ليديه ورجليه مساج كامل،
فهي على الرغم من حرصها على التأكد من عمل الممرضات لوالدها المساج منذ سنين طويلة،
منذ أن سقط ضحية غيبوبة دماغية أُثر حادث مروري مروع ..
إلا إنها كانت تعشق لمس والدها والإحساس بأنها تفعل شيء لأجله، وأيضاً لتوصل له شعورها بأنها معه ....!!
وبقربه ..!!!
ولن تتخلى عنه
فهي ابنته المدللة شيخــــة ..
دخلت إحدى الممرضات لتغير المغذي الوريدي للرجل المُسن .. وقالت بنبرة دافئة باسمة كعادة الممرضات: كيفك اليوم يا شيخة ..؟؟
شيخة بابتسامة جميلة: انا الحمدلله طيبة، انتي شحالج لميس .؟!!
الممرضة لميس بابتسامة دافئة: انا الحمدلله بنشكر الله
وأردفت وهي تُنزل المغذي بمزاح صرف: كمان البابا اليوم بيدلع وما بدو يانا نشوف عيونو الحلوين ..؟!!
شيخة بعينان باسمتان تتلألأن شوقاً: هيه والله عم بيدلع كتير ..
الممرضة لميس بتساؤل باسم: وينا اختيك الكبيري، ما اجت من فترة لهووون ..؟؟
قطبت شيخة حاجبيها : منو ؟؟ أختي فاطمة ؟؟
الممرضة: لا لا مش أم الصبي الكربوج، بئصد الطويلي أم منخار حلو ..
ضحكت شيخة على وصف الممرضة واجابتها ببسمة رقيقة: ههههههههههه هيييه تقصدين رووضة ..
وأردفت وهي تنظر لوجه أبيها ذو التقاطيع الرجولية الهادئة: روضة سافرت من كم اسبوع اسبانيا، وبترد ان شاء الله هاليومين ..
الممرضة لميس: ايوووووا هيك لكاااااان ..
انتهت الممرضة من عملها، وقبل أن تخرج قالت للفتاة: بديك شي تاني تؤبريني ؟؟
شيخة بابتسامة هادئة: لا فديتج تسلمين
ما إن خرجت الممرضة حتى خلعت حجاب رأسها وعباءتها لتجلس بأريحية أكثر وتمدد رجليها باسترخاء على الطاولة
ثم فتحت جهازها الجالاكسي تابليت لتكمل روايتها التي بدأت بقراءتها مساء يوم أمس ..
.
.
.
.
.
.
.
العيــــــــن
دخلت منزل عمتها أم العنود بعد أن قضت يوم أمس ونهار اليوم بأكمله مع الفتيات في منزل الجد الكبير، كانت تحتاج وبشدة لتخرج من الوضع الكئيب التي يصر عقلها الباطن بإغراقها به، ولكنها الآن والحمدلله أشعلت عزيمتها الراكدة وايقظتها من سباتها ..
وقررت أن تسير بحياتها مسار آخر يعطيها الفرصة لرؤية جمال الدنيا بمنظور آخر ..!!
ولكن، هل ستتمكن حقاً في يوم أن تسترد نبضات قلبها الهاربة مع أطياف أحبابها ..!
هل ستتمكن من استرداد صوتها بكل ضحكاته ورناته ..!!
تنهدت تنهيدة كانت خليط من هواء أمل حديث العهد، وهواء ألم قديم العهد ..!!!
سمعت رنين رسالة قادمة من هاتفها المحمول، التقطته بخفة لتفتح الواتس آب وتقرأ ما به بعيناها العسليتان:
"علومه الحلو اليوم ..؟؟"
ابتسمت ابتسامتها المميزة كلما ينزل عليها طيفه الجميل، وكتبت بحب أخوي مازح:
"الحلو يقولك انت واحد ما تستحي"
رد الآخر بضحكة مستمتعة: "هههههههههههه افااااا ما استحي مرة وحدة ..!! جيييه !!"
موزة بذات ابتسامتها الجميلة: " هيه ما تستحي، عنبوه توك راد من العمرة ومخلني دهر، شو هالدورة اللي نزلت عليك فجأة واللي خلتك تهد اختك وتسير الها ..!!"
رد حارب على بـ ود باسم: " موزانه شسوي الغالية، لو ان هالدورة هب مهمة ما سرتلها وخليتج"
اجابته موزة بشقاوة: "عقاب لك تييبلي وانت راد خيوط كروشيه، اللي عنديه خلصن خلاص"
ضحك حارب على طلب شقيقته البسيط: "هههههههههههه بس خيوط كروشيه ..!!!"
موزة: "هيه بس الخيوووط"
حارب بابتسامة دافئة: "إن شاااااء الله على هالخشم فديتج"
موزة: "فديت قلبك، حارب قبل لا انسى، ترى ابويه نهيان رمس عموه عاشه وقال إنه اتصلبك بس فونك مغلق"
ضرب حارب جبهته وهو يتذكر بأنه لم يعاود اتصاله بـ حمد ابن خاله الذي اتصل بالأمس عليه، ولكن هاتفه كان مغلقاً لأن البطارية قد فرغ منها الشحن ..
رد حارب بعجلة على شقيقته: "الحينه بتصلبهم وبرمسهم"
.
.
.
.
.
.
.
العيــــــــن
يـــوم الأحـــــد
الذي لا يحبـــــه "أحـــــــــد"
خاصـــة الـطــــلاب ..
في إحدى مدارس الثانوية للبنات
بعد مرور أول نصف ساعة على الحصة الدراسية الأولى، دخلت الفتاة ذو الشامة الجذابة تحت شفتيها ووجهها يحكي قصة معاناة نفسية قضتها وهي تحاول الاستيقاظ هذا الصبح بكل جهد سحيق ..!!!
وضعت يدها على فمها وهي تتثاءب وتقول بنعاس تام: السلاااام عليييييكم ..
سمعت ردود عشوائية من صديقاتها وزميلاتها اللاتي كن متشابهات في المعاناة النفسية ..
وبابتسامة متسلية ردت المعلمة: وعليكم السلام والرحمة بـ ميرة عبدالله، جان ما ييتي الشيخة بعد ..!!!
ردت ميرة بنعاس وهي تمشي لحيث توجد طاولتها في آخر الصف بجانب الجدار: أبلة مها حمدو ربكم قدرت انش من رقاديه واييكم ..
ضحكن الطالبات لتزداد ابتسامة المعلمة مها التي عجزت منذ بداية السنة عن ترويض لسان تلك الشقية الجميلة:
هههههههههه ليش نحمد ربنا بالله، الدراسة لنا ولا لج يا الشيخة ميره ..!!!
رجعت ميرة تتثاءب وعيناها تدمعان بشدة: أبلة ييت لأن ادري الصف بلايه ماله لون ولا طعم
ضحكت المعلمة مها بنعومة ومحبة: هههههههههههه واثقة وايد انتي
وأردفت وهي تمثل الجدية: يلا ارفعي راسج ورانا درس مهم ..
ردت ميرة وهي تضع يدها على خدها بنعاس ملؤه الغيظ: اوهووو أبلة اصبحنا واصبح الملك لله، خلينا نتنصخ شوي ونسولف، لاحقين على الكراف والدراااااسة ..
قالت صديقتها التي تجلس بجانبها: صدقها أبلة عطينا هالحصة فراااااااغ ..
المعلمة مها بصرامة: لا هند ما ينفع
ونظرت لميرة الناعسة .. وهتفت بنبرة اشد صرامة: يلا ميرة صحصحي اشوف، ورانا دروس دسمة والفصل الثالث قصير يعني الهمة وعن الهياااازه ..
ميرة باستياء/تذمر: آآآآآه صبرك ياربي متى بنخلص ونفتتتتتك من هالدروس اللي ما تخلص ..
بدأت المعلمة مها بالشرح وهي تشد بنبرتها الحازمة انتباه جميع الطالبات عدا تلك المشاغبة التي بدأت بالأحاديث الجانبية مع صديقتها هن .. ناسيةً الوعود التي قطعتها على نفسها بالاجتهاد والمثابرة لنيل نسبة كبيرة تبهر نفوس عائلتها ويفخرون بها ..!!!!
.
.
.
.
.
.
.
فــي عيــادة خاصــة
انزلت ملابسها وروحها تشتعل قهراً بعد ان تلقت للتو كلمات الطبيبة بأنها حقاً حامل ..!!!!
لبست عباءتها ووضعت حجابها على رأسها بشكل عبثي متكاسل وجلست أمام الطبيبة
وبنبرة حادة لكن مُرهقة قالت: بس انا مابا الولد .. اباج تنزلينه ..
متى ترومين تسويلي العملية ..؟؟!!
حدّقت الطبيبة بها بخبث شيطاني اخفته خلف مهنية صوتها .. وقالت بصوت جائع للمال: فيي اعمليك اياها هالاسبوع لو بديك، حمليك لساتو بأولو وكل ما بكرنا كل ما كان احسن لصحتيك ..
وأردفت وهي تكتب حالتها في الملف أمامها: فيكي تئليلي عوشة مين رح يكون معيك بالعمليي ..؟!!
عوشة بصرامة حادة: انا بيي بروحي
قطبت الطبيبة حاجبيها بتساؤل خبيث: ما بديك حدن يعرف بالئصة ..!!
عوشة بذات الحدة: مالج حاية تعرفين أي شي ثاني، انتي سويلي العملية وخلاص ..
رد الطبيبة ببرود مهني: اهاا متل ما بديك ست عوشة، خلص شوفي
انا يوم الخميس الساعة 10 الصبح رح كون فاضيي، تعي ئبل موعد العمليي بنص ساعة ازا بتريدي
عوشة باستعجال وهي تغطي شعرها: اوكي اتفقنا
انزلت الغطاء على وجهها وخرجت، ما إن اقتربت من المصعد الكهربائي حتى وصل لمسامعها رنين هاتفها المحمول ليعلن قدوم اتصال ..
التقطت الهاتف ورأت بأن المتصل زوجها، وبنبرة متجهمة خافتة همست: افففففف شو يبا هذا منيه الحينه ..!!!
ردت بنبرة اظهرتها هادئة جداً: هلا بوزايد
أحمد بقلق ظهر مع نبرته الخشنة الرنانة: عوشة وينج .!!
من الصبح اتصلبج وما تشلينه ..!!
لوت عوشة شفتاها ببغض .. وردت بصقيعية صرفة: ماشي أحمد قلتلك عنديه موعد اسنان الصبح، يمكن انت اتصلت وانا داخل عند الدكتورة ..
قطب أحمد حاجباه بتذكر: هيه صح نسييييت
وأردف بخوف ينضح حباً على حبيبته: ما قلتيلي .. شو صحتج اليوم ..!!
خفت الكحة ولا ..؟!!
عوشة بسأم: هيه هيه الحمدلله أحسن اليوم
تبا شي ثاني بوزايد ..؟!!
ذبلت نظرة عيناه بخيبة مريرة وهو الذي كان متلهفاً لـ سماع همسة حب او عاطفة في صوت هذه القاسية:
لا ام زايد يا غير سلامتج فديتج ..
وأقفل الهاتف عن زوجته وهو يتنهد بحدة ويفكر بحياته الباردة التي لا يحتملها بشر ..!!!!
.
.
.
.
.
.
.
اسبانيـــا
في حافلة سياحية تضم ناعمة ورفاقها ..
كانت تحدّق في المناظر الخلابة وهي تضع يدها على ذقنها وفكرها شارد بشكل ضبابي ..
تشعر بفراغ فجأة بعد أن أكد لها شقيقها ذياب أن يوم رجوعهم للوطن سيكون بعد غد الثلاثاء ..
لا تنكر إنها مشتاقة وبشدة لهواء بلادها، وتتمنى بكل ما فيها من حنين جارف شمّ عليله والتغني برائحة ترابه العبق ..
ولكنها أيضاً ستشتاق لهذه البلاد القريبة من روحها، ستشتاق لخضرتها، لجوها العتيق الباعث للراحة والسكينة، لجبالها الشاهقة وحصونها الشامخة المنيعة ..
ستشتاق عيناها لمعالم بثت في روحها العزة وروح المجد العريق
حقاً سأشتاق لك يا أندلس المجد ..!!
أتت روضة لتوقظها من تفكيرها العميق وقالت بنبرة دافئة: بلاج نعوم حبيبتي ؟!
ناعمة بابتسامة شجن: بتوله على هالبلاد وايد ..
روضة بنبرة حزينة: اسكتي والله حتى انا بتوله عليها، على كثر ما انا ميتة ابا ارد الدار
على كثر ما ضربتني غصة يوم تذكرت ان ردتنا عقب يومين ..
نظرت ناعمة لساعتها وقالت بتساؤل: ظنج بيواحيلنا نحوط في غرناطة كلها في يوم واحد ..!!
روضة بابتسامة حماسية: هيه ان شاء الله، المشرف تكلم قبل شوي عن أهم الأماكن اللي بنزورها،
وقال قبل ما تغيب الشمس ان شاء الله بنخلص وبنرد مدريد ..
هزت ناعمة رأسها بموافقة .. وهمست بنبرة ناعسة: رواضي برقد 5 دقايق بس .. مسطله من الخاطر .. ما رقدت البارحة عدل
روضة بدفء/حنان: رقدي فديتج وقبل ما نوصل بوعيج ..
وأكملت وهي تُخرج هاتفها: وانا برمس حصيصي شوي، من زمان ما رمستها الدبة ..
ابتسمت ناعمة برقة ووضعت رأسها على حافة نافذة الحافلة واغمضت عيناها لتنتقل لعالم آخر كلياً ..
.
.
.
.
.
.
.
دبـــي
مطار دبي الدولي
أحبابنا الذين ننتظر رجوعهم بفارغ الصبر، لن نتمكن من تذوق لذة لقاءهم حقاً إلا في أرض المطار
هذه فلسفة يدرك احساسها الكثيرون، ولكن لا يعرفون حقاً كيف يعبرون عن جمالها ..!!
كان فلاح واقفاً باستقامة تنم عن سيطرة واثقة "تشوبها الغرور" من غير أن يرف رمشه بارتباك واهتزاز ..
وقفة رجل لا يعرف لغة التردد ابداً ..!!
وضع يداه في جيوب ثوبه واسند جسده الطويل على حاجز قاعة استقبال القادمون ..
ادار رأسه قليلاً ليلمح من بعيد قامة شقيقه الكبير نهيان وهو يمشي بروية وثقل "تناسب اعوامه الثلاثين" جاراً أمامه عربة حمل الحقائب ..
ابتسم بخفة وهو يهتف في قرارة نفسه بسخرية: والله يا انك ما طحت الدار لو شافك بوعبيد جيه ..
(طحت الدار = تدخل البلاد)
اقترب شقيقه بـ ابتسامة بدأت تبرز صف اسنانه اللؤلؤية .. وبنبرة رجولية بحتة قال: هلا بالغوااالي هلا
سلم فلاح على نهيان بود وحب بالغان ... وبنبرة متسلية قال: مرحبا الساع بـ هل شيشل هههههههههههه
رد نهيان بضحكة رجولية: هههههههههههههه علني افدا ثرا شيبتيه يا ربي
وأردف بود اخوي مشتاق: مرحبابك مليون ولا يسدن في ذمتيه ..
تحرك الأثنان بمحاذاة بعض وهم يكملون السلامات الترحيبية والسؤال عن الأحوال ..
حمل فلاح حقائب شقيقه ليضعها خلف السيارة،
وبعدما جلس في مقعد السائق قال بعينان ضحوكتان: متأكد انك بتحدر البيت وانت جيه ..!!!
اجابه نهيان بتفكه بالغ وهو يعدل ياقة قميصه الخفيف الذي يبرز تقاسيم جسده العريض بشكل جذاب: هيه نعم قررت اواجه الأعاصير العاتية بكافة انواعها ..
فلاح بضحكة مستمتعة: هههههههههههههه وانا لي الشرف احضر معركة استشهادك يالحبيب ..
قال نهيان بنبرة مرتعبة مصطنعة وهو يستدير برأسه للمقاعد الخلفية: لا لا جد فلووح ما عندك كندوره عاقنها منيه ولا مناك ..!!!
فلاح بذات ضحكته المستمتعة: هههههههههههههههههههههههه وينه هذا اللي يقول بيواجه الأعاصير العاتية ومستويلي طرزان ..!!
غمغم نهيان بتهكم وما زال يبحث بـ عيناه ويتلفت: خس الله عدوك، على الاقل غترة يا عمي ..
.
.
.
.
.
.
.
العيـــــــــن
دخلت غرفة ابنتها الكسولة التي لا تعرف لها عشاق سوى الأكل والنوم
وصاحت بتهكم حاد تخلله غضب وهي تشعل نور الغرفة وتزيح البطانية عنها: ميروووووووه
ميروووووووووووه ونفاد يشل بليسج ولا يرررررده ..
نشششششي بيأذن المغرب وانتي بعدج منخمده
نشي اشوف يلاااااا
تأوهت ميرة بانزعاج وهي تعيد البطانية فوق جسدها وتغطي رأسها: ياربيييييييي
امايه خليني ارقد حرام علييييج، من غبشة الله ناشة انااااااا
أم سيف بتهكم: اونه من غبشة الله ناشة، جانج متأخرة ساعة كاملة عن المدرسة وتقولين ناشة من غبشة ..!!
نشي ولا والله بحلف اشل عنج لابتوبج وتلفونج ..
غمغمت ميرة بعبوس وهي تحاول فتح عيناها: هئ هئ هئ والله حرام عليكم ابا ارقد يا نااااااس
قطبت أم سيف حاجبيها وبحدة: سود الله ويهج، نشي صلي العصر يا بنية
انتفضت ميرة بجزع: أذذذذذذن العصر !!! جيه الساعة كم أصلاااا ..!!!
أم سيف بنصف عين: قدها صارت 6 الحينه ..
قفزت ميرة من سريرها ودلفت الحمام بسرعة لتتغسل وتتوضأ وهي تهتف بارتباك:استغفر الله العظيم ياربي ..
غسلت وجهها وتوضأت ثم خرجت، رأت بأن والدتها قد خرجت من الغرفة ..
كبرت وبدأت تصلي فرضها بخشوع تام ..
بعد أن فرغت من الصلاة، غيرت ملابسها ونزلت للأسفل ..
التفتت أم سيف التي كانت تبخر المنزل لأبنتها وقالت بنبرة دافئة حنونة وكأنها قبل قليل لم تشن حرباً عليها: فديت ويه بنتيه ميرة، هيه تو ما غديتي حرمة ..
ميرة بفم مزموم: مابا امايه جاسية انتي، زعلانة منج أنا
حد يوعي عياله جييييه ..!!
ضحكت الأم بطيبة: ههههههههههههههههههههه احسن تستاهلين ..
قبلت ميرة انف أمها بغنج طفولي وقالت: ابا اشرب جاي حليب مزعفر من خدمتج عشان ارضى عليج
(خدمتج = من صنع يديكِ)
قرصت أم سيف خد ابنتها .. وهتفت بذات ضحكتها الحلوة: ههههههههههههههههههه خبلة وحدة ..
سيري سيري بتحصلين دلة الجاي عند قوم شموه وأمون خاري صوب الحديقة ..
صاحت ميره بانتعاش وهي تركض لتجلب غطاء رأسها وتخرج الى الخارج: اووووكي
ثم خرجت بعد أن احكمت غطاء رأسها
كانت تنزل من السلالم الأمامية للمنزل بسرعة غير مدركة بأن الأرض تحتها رطبة
وفجـــــــأة ..!!
صرخت بكل ما فيها من أحبال صوتية وهي تشعر بأنها الآن ستحلق في الهواء ليكون مصيرها السقوط على الأرض الصلبة لا محالة ..!!!
.
.
في تلك الأثنـــــاء
كان هو يخرج من مجلس الرجال ليرد على اتصال مهم أتاه من أحد أصدقائه المقربين
:هههههههههههههههه ليش عاده تهزبه، ما يسوى عليه تسلف موترك يومين
..
: ههههههههههههههههههه الله يغربل بليسك حمووود
..
ظل يسير وهو يتحدث باندماج وضحك واضعاً يده اليسرى في جيبه الأيسر ويحمل هاتفه بيده الأيمن ..
ثم توقف فجأة ومقلتي عيناه بدأتا بالاتساع وهو يرى فتاة تسقط من السلالم وصراخها الحاد وصل مسامعه بقوة ..
ومن غير تفكير واعٍ منه ... هرع بقلق كاسح اتجاهها .........
نهـــاية الجــــزء الثـــامــــن
|