كاتب الموضوع :
هناء كامل
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: فلنلتزم بالخطة..روايتي الأولى
تابع/ الفصل الأول
"داليا؟..هل أفرجوا عنك؟"
قالها بسعادة، ثم تراجع وهو يرى أثر الدموع والارتباك على وجهها
أفسح لها طريق إلى الداخل قائلا
-تفضلي
دخلت بخطى مرتجفة، كانت الأفكار تتصارع داخلها..هي حقًا لا تعرف من أين يمكن أن تبدأ..ارتمت على الأريكة والإرهاق بادٍ على قسمات وجهها
- بلال..اسمعني جيدًا
- قولي أولا ماذا تشربين
- لا شيء على الإطلاق..فقط اسمعني
جلس إلى جانبها، ومد ذراعه إلى ما خلف الأريكة؛ لتخرج ممسكة بفرخ ورق ملتف، فرده أمامها فاستطاعت أن تقرأ الكلمات المكتوبة عليه بخط جذاب
"هاتوا اخواتنا من الزنازين"
ثم تناول اللابتوب من على المنضدة الصغيرة أمامه وأشار إلى صفحة فيس بوك مفتوحة بعنوان "الحرية لداليا يوسف"..ابتسمت بمرارة
قال لها بحماس
- لا تعتقدي أننا خرجنا قبلك ولم نفكر فيك، لم يكن يومك الثالث في الحبس والأول لنا خارجه ليمر مرور الكرام..كنا نجهز ل...
قاطعته قائلة:
- بلال..أدرك تمامًا ما نفعله تجاه بعضنا البعض في مثل تلك الظروف..لست بحاجة إلى شرح..وأعتقد أن..أريد منك أن تواصل ما كنت تنويه، لكن بشكل آخر
عقد حاجبيه بعدم فهم وقال
- بأي شكل آخر؟
- أريد صفحة على الفيس بوك..فقط صفحة..
- لكن ما الفائدة؟..لقد خرجتِ بالفعل
- لم أخرج..أنا هاربة
نهض مصدومًا..ثم عاد يقول
- هاربة؟..ليس هذا هو الأسلوب الأمثل ل....
ثم عاود الجلوس وقال محاولًا السيطرة على انفعاله
- وأية صفحة تريدين؟
- سأحتاج لصفحة تشرح ما عانيته، وسبب هروبي
بمرارة، وبصوت خفيض أوجع قلبه
عاد يعقد حاجبيه بقلق..مد يده يداعب شعرها الثائر..
- يا إلهي!..ما الذي عانيته..ماذا فعلوا بك؟
استكانت للمسة يده، وقد كانت بحاجة إليها بعد ما مرت به، وزفرت قائلة محاولة السيطرة على دموعها
- سأحكي لك كل شيء
وارتجف جسدها، وبدأت تحكي
***
كانت عينا صديقها تتسع بينما هي تحكي، وبدا أنه مصدوم تمامًا..كان ينهض انفعالًا، ثم يكور قبضته في غضب
ثم يعاود الجلوس محاولًا تهدئة نفسه كي لا يقاطع حكايتها..ولما انتهت..كانت قد ذرفت كل ما بقي في جعبتها من دموع وأنات
-الكلب انتهك جسدك!
لم ترد
-قتلته؟
أومأت برأسها في أسف
-وتأكدت من موته؟
-عادت توميء برأسها
- ثم قررت الهروب؟
رفعت رأسها قائلة بانفعال
- ماذا أصابك يا بلال؟
هل ستردد علي الحكاية ألف مرة؟
الوقت ضيق
نهض قائلًا بصرامة
- نعم..أضيق مما تظنين..أيتها الغبية
نظرت له بذعر
وضع يده على كتفيها وهزها..
-أيتها الغبية..مادام الوقت أضيق من مواساتي وتعاطفي؛ فلندلف إلى ما ينبغي عمله فورًا
أنت هربت من جريمة قتل لتأتي إلى هنا؟
إلى هنا بالذات؟
نظرت له بذعر عاجزة عن الرد
- كيف لم تفكري أن منازل رفاقك هي أول مكان سيفتشونه بحثًا عنك..ربما حتى قبل منزلك، لاسيما وهو مكان يجتمعون فيه كثيرًا..
-كنت..أفكر أن..
أمسك يدها مقاطعًا بلهجة عملية:
-كنت تريدين الصفحة..حسن..سأنشيء هذه الصفحة فور عودتي..أما الآن فسنوفر لك مكانًا
-ماذا؟..لا..أنا لا أريد توريطكم...
-ستستمعين لما أقوله دون كلمة..سأبحث عن مكان تبيتين فيه حتى الصباح فقط
وغذا سأكون قد وفرت لك مكانًا لا علاقة له بي ولا بأي رفيق..وقبل أن تغادري، ستتصلين بي من هاتف عمومي في القاهرة..وستقصين علي حكايتك مجددًا وبالتفصيل؛ لأنني سأدّعي عند استجوابي أننا لم نلتق قط، وأنني أنشأت الصفحة بناء على مكالمة هاتفية منك شرحت لي الحكاية..وسأقوم بتسجيل هذه المكالمة لضمان حمايتي وعدم توجيه تهمة التستر..
قالت بهدوء
- أرجوك أن تفكر جيدًا..سأجلب عليك المصائب بهذه الطريقة
-ستجلبين علي وعلى كل معارفك هذه المصائب سواء ساعدتك أم لم أساعدك..
ثم تطلع إلى وجهها لحظة، وقال وهو يدفعها أمامه تجاه الباب
-لا أستطيع أن أتركك بلا مساعدة..ولن أتركك
***
كانت تثق به جدًا..كانت تثق بكل هؤلاء الثوار المندفعين المجانين المثاليين..كانت تحاول دائمًا أن تكون منهم وتظل لصيقة بهم
كانوا يمثلون لها الأمل والضمير اليقظ والمخرج الحقيقي لكل معاناة الوطن..لذلك لم تكن بحاجة إلى أن تفكر ثانية فيما قاله بلال
نفذت كل ما طلبه منها..قامت بالإتصال به من هاتف تجاري أرضي، وكذلك قامت بالاتصال بأكثر من رفيق، واتفقوا أن تكون الصفحة جماعية، وان يؤجل إطلاقها إلى أن يشاع خبر مقتل الضابط..ثم اتصل بلال من هاتف آخر بأخته، وابلغها أنه سيمر عليها ليأخذ مفتاح بيت زوجها القديم في الفيوم
قال لها
- آسف لأنك مضطرة إلى المبيت وحدك في هذا المكان الغريب الليلة..غدًا سأمر عليك وأصحبك إلى المكان الذي سأتدبره..لا أعرف تحديدًا ما هو لكن ثقي أنني سأكون تدبرته بحلول الغد..
- شكرًا..وهزت رأسها
تنهد وقال
- الفجر يقترب..لا تفصلنا سوى ساعات قليلة ويشاع الخبر، وتنقلب الدنيا على رؤوسنا..سأضعك في البيت وأطير عائدًأ إلى القاهرة لإتمام ما انتوينا عليه..هل ستكونين بخير؟
كان يقود سيارته بسرعة مجنونة، وساعده خلو الشوارع من المارة في ذلك الوقت..لم يتلق جوابًا
نظر إليها مستفهمًا؛ فوجدها غارقة في النوم
مد يده وجذبها إليه، مريحا رأسها على كتفه، وعاد يتطلع إلى طريقه
***
نهاية الفصل الاول
|