الجزء السادس
رنيم
ضننت أن رحلة الذهاب إلى هنالك وحدها ستكون سيئة بسبب التوتر ولكن رحلة العودة كانت
أسوء بملايين المرات بسبب الصدمة والحيرة والإهانة والتجريح , كان الصمت رفيقي طوال
الرحلة فقد أغمضت عيناي متظاهرة بالنوم كي لا يسألاني عن صمتي وذهبت لوحدي لعالمي
المظلم الذي لن يرى بصيص النور
وصلت منزلنا عند المساء ألقيت التحية على والدتي وصعدت للأعلى من فوري وأنا في حيرة
هل أخبرها بالأمر أم أتكتم , هم طلبوا أن يكون طي الكتمان ولكن ما سأقوله لوالدتي لو تم الزواج ,
آه ما أقساها من كلمة ليتها لم تكن في الوجود , عليا كتم الأمر حتى أنظر ما قرر المتعجرف غيث
ذاك أولا فقد يرحمني مما أنا فيه لو فقط يرفض فسأرتاح تماما ولكن لو ترك كل أملاك العائلة
فستضيع أيضا موقفه ليس بأفضل من موقفي
ذاك الناري القاسي لن أنسى له إهانته لي أبدا , ما يضن بي ذاك المجنون كنت أفضل الزواج
بابن خالتي على أن أتزوجه
ترى هل أخبره حقيقة ما يحيط بي من خطر فقد يرحمني منه للأبد وهل سأخفي عنه حقا ,
عليه أن يعلم ولكن ليس قبل أن يقرر وأقرر أنا , لو أني فقط أجد مخرجا من هذه الورطة ولكن
لا مخرج سوى الرفض وكيف لي أن أرفض و أرمي بكل هذه العائلة للشارع وأكافئ من رباني
وعلمني ووفر لي كل ما أحتاجه وعاملني كأنني ابنته المدللة بأن أرمي عائلته للفقر , هوا يعلم جيدا
أنني سأرفض لذلك حاصرني بما فعل لقد تركني بين خيارين أحلاهما مُر
وها قد مرَ عليا أسبوع من أسوأ أسابيع حياتي كانت والدتي تحاول التحدث معي وفهم ما جاء في
الوصية ولكني كنت أتهرب وأتحجج بعشرات الحجج ولم أعلم ما عليا فعله ولا صلة لي بعائلة
والدي شامخ ولست أعلم ما قرروا وما حل بهم
كنت أجلس بحديقة المنزل عندما اقتربت مني والدتي وقالت بحنان
" ألن تخبريني ما بك يا رنيم فحالك لا يعجبني , ماذا حدث هناك يا ابنتي اخبريني "
قلت مطمئنة لها " لا شيء أمي , أعطني بعض الوقت وسأحكي لك كل ما حدث "
تنهدت وقالت
" الم ينتهي ذاك الوقت بعد إلى متى ستؤجلينه , وماذا عن موضوع ابن خالتك يا رنيم عليك
أن تتزوجي وتبتعدي في اقرب وقت "
قلت بضيق " لنؤجل كل شيء قليلا يا أمي أرجوك واقسم أننا سنتناقش في كل الأمور "
تنهدت بضيق وقالت
" حسننا سنرى إلى ما سنصل من كل هذا , على فكرة لقد اتصل ابن شامخ منذ قليل
وطلب أن تتصلي به لأنك لم تكوني موجودة "
قلت باستغراب " غيث هل هوا غيث من اتصل "
قالت وهي تغادر " نعم وعليك التحدث معه اليوم "
ذهبت أمي وتركتني في حيرة أكبر مما كنت , ترى ما سيقول لي قد يكون قرر عدم الارتباط
بي ليرحمني من ذاك العبء فأنا أعرف جيدا مدى كرهه لي , ذاك الكره الذي رايته في عينيه قبل
حتى أن يفتحوا الوصية ولكن ماذا إن حدث العكس ووافق فستكون مصيبة فلا خيار أمامي حينها
إلا الموافقة
أديم
لقد مررنا بأيام صعبة للغاية كان الجميع يتصرف بتوتر وبأعصاب مشدودة والأيام كانت
تركض مسرعة الواحدة تسابق الأخرى وكأنها تتفق على الإسراع , كان على الجميع
أن يقرروا ما سيفعلونه قبل مرور الأسبوع الثاني والأخير
كيف لوالدي أن يفعل بي هذا كيف ,أنا متأكد من انه السؤال ذاته الذي جال بخاطر الجميع
ولا زال يسيطر على أفكارهم , كيف لي أن أتخيل ذلك ... أنا أديم أعمل في قسم متدني هكذا
من أقسام الشركة وأي شركة فرع الجنوب المكان البعيد المنقطع الذي لم أقتنع يوما بوجود
شركة لنا فيه مع أناس ليسوا من عالمي
إن رفضت فسوف أؤول لما هوا أسوأ من ذلك وإن وافقت فستكون كارثة خصوصا أنني
لا أعلم كم سيطول الأمر فقد يكون لعشرة سنين أو يزيد , آه فلا خيار أمامك سوى الموافقة
وأمرك لله يا أديم ولكن عليا القيام ببعض الترتيبات فلن أسمح لأحد أن يسخر مني عندما يعلم
أني أعمل هناك , من الجيد أن أخوتي اختاروا التكتم عن أمر الوصية وعن فحواها فلوا أنتشر
أمرها بين الناس فسأكون المتضرر الأول والأخير وحمدا لله أن والدي لم يجبرني على الزواج
من واحدة من اختياره كي لا يوقعني في الزواج بفتاة دون طبقتنا فأنا أعرف والدي لا تهمه كل
هذه الأمور أمام أصدقائه المتوفين
وقفت مستندا بمرافقي على حافة الشرفة أتنهد بضيق رن هاتفي نظرت للمتصل ثم ابتسمت
وأجبت من فوري قائلا بابتسامة " احجز لي جناحا لديكم "
ضحك وقال " في السجن أم في التحقيق "
قلت بتذمر " لا في المقبرة ما رأيك "
ضحك وقال " مقبرة الشهداء أم المجرمين "
ضحكت وقلت " هل يعني ذلك أنك قسمت الناس لقسمين فقط "
قال " وهل أنت وحدك لك الحق في تقسيم الناس أنت قسمتهم حسب الطبقية وأنا قسمتهم
حسب ظروف ماضي الجنوب هنا فالمقابر إما للشهداء أو لمجرمي الحرب "
ضحكت وقلت " ألا توجد مقبرة لعباد الله المخلصين "
ضحك وقال
" ما كل هذه الثقة , لا طبعا فلا يوجد من هذه المقابر ولا من المخصصة للأغنياء "
قلت بضيق " خيري يالك من مزعج "
قال ضاحكا " ما قصتك قل بسرعة "
تنهدت وقلت " سأعمل في شركة الجنوب "
ضحك مطولا فقلت بغيض " ما يضحكك في الأمر يا خيري "
قال من بين ضحكاته " أبغض أملاككم لديك ستعمل فيه "
قلت بضيق " هكذا حكمت الظروف اسمع أريد شقة مناسبة لي "
قال " في الحال ولكن أين "
قلت بحدة " في المقبرة "
ضحك وقال " على الفور ولكن حدد في أيهم تريدها "
قلت بضيق
" خيري دعك من المزاح أريدها عندكم في الجنوب طبعا وفي أفضل بقعة هناك سأعتمد عليك "
قال " المقابر كلها متشابهة "
قلت بغيض " خيري أقسم أنــ ..... "
قاطعني قائلا بهدوء " حسننا حسننا رغم أنني لا أفهم شيئا ولكن سيكون طلبك جاهزا في الغد "
قلت بامتنان " شكرا لك يا خيري وداعا الآن وسنلتقي قريبا "
خيري صديق لي منذ درسنا المرحلة الثانوية بعدها سافرت أنا ودرست إدارة الأعمال
والتحق هوا بكلية الشرطة وهوا الآن ضابط في المخابرات وتم نقله للجنوب منذ فترة
لا بأس بها ولم أعد أراه إلا في الإجازات وها نحن سنعيد ليالينا السابقة لأني سأصبح لديه
زبير
كنت أجلس بمجلس القصر ومعي أديم وغيث وكل منا يلتزم الصمت والشرود أنا لا ألومهم
فلكل منا ناره المشتعلة بداخله ولكني استغرب من حال غيث فالفتاة جميلة وتبدوا كثيرة الصمت
فلما هوا مستاء من الزواج منها فهوا سيتزوج على أية حال أم أنه كان جادا حينما كان يقول أنه
لن يتزوج أبدا
و أديم في مأزق وبحر أيضا وحتى صهيب الذي لم يذكره والدي في الوصية يبدوا لي
سيء المزاج وشارد الذهن , أما أنا فناري لا يمكنها الخروج خارج صدري لأعبر
مثلهم عما يحرق جوفي وستكون أمامي المهمة الأصعب وهي التفاهم مع زمرد ,
كيف سأشرح لها مالا يمكنني البوح به فقد اتفقنا أن تكون الوصية طي الكتمان ولا
يمكنني الزواج بها حتى اقتسام الإرث ولا أحد يعلم متى سيكون ذلك , هل كان على
والدي أن يختارني دون الجميع وأنا الأصغر بينهم ألم يفكر كيف ستكون حياتي مع
تلك الفتاة ..... آه ما أقساها من وصية
" ماذا قررتم "
كان هذا صوت غيث الذي انتشلني من ظلمة الواقع لسواد الحقيقة فقلت بجدية
" سبق وقلت لكم رأيي لن أخالف أوامر والدي أبدا "
لحقني أديم قائلا " وأنا سأوافق فلا حل أمامي "
حل الصمت طويلا ثم قلت " وأنت يا غيث "
تنهد بضيق وقال " لا أعلم لم استطع أن أتوصل لأي نتيجة مع عقلي حتى الآن "
قال أديم " نحن نحتاجك يا غيث وأنت تعلم ذلك جيدا فلا تتخلى عن مركبنا لأنك ربانها
ومن دونك ستغرق بكل تأكيد "
قال ببرود " ولكنني أطلعتكم على كل شيء "
قال أديم بحدة " الأمر ليس بالسهل يا غيث وأنت تعلم ذلك جيدا "
قلت مقاطعا لهما " عليك أن تفكر جيدا وتقرر ما تراه الأنسب إليك وأعلم أننا نريدك معنا دائما "
قال بهدوء " فلنأمل من الله خيرا "
نظر لي أديم وقال متسائلا " وماذا عن عم الفتاة هل وافق "
قلت مجيبا بهدوء " نعم فقد أخبرني المحامي بذلك "
قال أديم بحيرة " ولكن لما لم يرفض لقد كان بإمكانه الرفض , ترى هل الأمر متعلق بالورقة
التي تركها له والدي "
قلت مغادرا المكان " لا علاقة لي بالأمر هذا شيء بينهما على ما يبدوا وعليا مواجهة قدري
فلن أكون أفضل من البقية "
غيث
أنا أحسد أخواي لاتخاذهم القرار رغم قسوة ما سيمرون به , أديم الذي أختار النفي عن
هنا والنزول لتلك المنزلة بكل كبريائه وغروره ليكون موظفا عاديا , وزبير الذي يحب
ابنة عمي زمرد منذ صغره اختار أن يتزوج بغيرها بفتاة أخرى لا يعرفها ولا يحبها ليدفن
مشاعره في التراب ويدوس عليها , ما أقساه من عذاب فليس بإمكانه حتى أن يتزوجها عليها ,
إنها لعنة كسابقتها التي حلت بي
ليثني أتمكن من اتخاذ قراري مثلهما , الكل يعتمد عليا هنا ولكن .... أهن مما يجري فأمامي حل
واحد فقط وعليا تنفيذه فهوا طوق النجاة الذي سيخلصني من كل هذا الأمر نهائيا
وقفت مغادرا صعدت لغرفتي واتصلت بوالدة رنيم فأخبرتني أنها غير موجودة , أين تكون
سيدة الحسن والجمال تلك هل تتسكع هل هذا ما اخترت لي يا والدي ولكن الأمر لن يطول
بعد نصف ساعة عاودت والدتها الاتصال بي أجبت فكان الصوت لابنتها وليس لها
قالت بهدوء بارد كالجليد " مرحبا "
قلت بضيق " مرحبا "
قالت بذات البرود " أخبرتني والدتي انك تريد التحدث معي "
قلت ببرود أكبر " أجل اتصلت وقالت انك غير موجودة "
قالت بهدوء " نعم كنت عند خالتي فهي متعبة بعض الشيء "
آه جيد أنها وضحت كنت سأتهور وأرميها بسهم ناري قاتل
قلت " كنت أود سؤالك ماذا قررت بشأن الوصية "
صمتت لبرهة ثم قالت ببرود " وماذا قررت أنت "
أجبتها بحدة " سألتك فعليك الإجابة لا السؤال "
قالت ببرود أكبر " أنت الرجل وأنت من عليه التحدث أولا هل ترى ذلك لائقا "
قلت مجاريا لها في البرود حد المستطاع " هل تحددي إجابتك على حسب جوابي "
أجابت مباشرة " بالتأكيد فإن كان جوابك رفض شرط الوصية فما من داعي لأقول قراري "
قلت مقاطعا " وإن كان الموافقة "
سكتت حتى ضننت أنها أقفلت الخط ولم أشعر بها ثم قالت بذات البرود القاتل الذي لا يزيدني
إلا غيضا واشتعالا
" في تلك الحال سأوافق من اجل عائلة والدي شامخ فقط "
ما أن يصبح أخوتي جاهزون لحمل مسئولية ثروة والدي فسأتحرر منك نهائيا , قلت
محاولا كتم غيضي من كلامها قدر الإمكان
" إذا فأنا موافق ومن أجل عائلتي ووالدي فقط "
تنهدت بضيق واضح وقالت " هناك ما عليك معرفته قبل كل شيء "
جيد ها قد بدأت تظهر مصائبها وماضيها الغير معروف قلت بسخرية
" إن كنتي تحبين شخصا وتريدي الارتباط به فأطمئنك أن تخبريه أن ينتظرك قليلا "
قالت بضيق ظهر على صوتها أخيرا " ما الذي تهدي به أنت "
أخيرا أصبحت متضايقة أيضا قلت ببرود لأزيد غضبها " إذا ما تعني بعليا معرفته "
خانت توقعاتي وعادت لبرودها الجليدي وقالت " ألا تعرف ما تعني كلمة معرفة "
قلت بسخرية " أعرف طبعا "
ثم قلت باستياء " ما هوا ذاك الأمر "
قالت بجدية " لن يجدي التحدث به عبر الهاتف "
شعرت بأن الموضوع جدي ويبدوا خطيرا وتذكرت ما قاله والدي فقلت بهدوء
" ولن يجدي سفر أحدنا لنتحدث عنه فقد يضع حدا لكل المسألة وينتهي كل شيء "
سكتت لبرهة ثم قالت " ثمة خطر يهددني ويترصد بي "
قلت بضيق واضح " آه جيد عروس بالإكراه وبمصائب وماضي اسود كذلك , ما أسعدني بك "
قالت بغيض " لا داعي للسخرية يا غيث أنا أتحدث معك باحترام فاحترمني أرجوك ودعنا نتحدث
كراشدين ولو لمرة واحدة "
تنهدت بضيق وقلت " حسننا تابعي "
قالت بنبرة استياء " والدي قتل شخصا في الماضي دفاعا عن نفسه وعرضه وحكمت
المحكمة ببراءته ثم غادر للحرب ومات فيها , أهل المقتول ضلوا يطاردوننا طلبا للثأر
كانوا يهددون بقتلي لأني أبنته ولا أقارب له ثم أخدي كخادمة لأني ثمن جريمة والدي
كما يرون وكان والدي شامخ يحمينا منهم طوال السنوات الماضية ويستخدم نفوذه لتهديدهم
حتى كف شرهم عنا وبعد وفاته بأشهر عادوا لتهديدي من جديد بشتى الطرق "
ألجمتني الدهشة مما اسمع ثم قلت بتساؤل " وبما يهددونك "
قالت بعد صمت " بالقتل وبتشويه سمعتي و .... "
سكتت عند تلك الكلمة فقلت مصرا " وبما يا رنيم "
قالت بعد تردد " باغتصابي "
سحقا لهم من رجال قلت باستياء " كيف يأخذون ثأرهم من فتاة ولما لم تبلغي الشرطة عنهم "
ضحكت بسخرية ثم قالت
" من ...الشرطة , هم يطلبون الدليل ويقولون أن علينا حل المشكلة وديا ودفع الدية "
سألتها قائلا " وما الحل الذي كنتي ستفعلينه قبل الوصية "
قالت بهدوء " كانوا يريدوا تزويجي بابن خالتي لأنه يعرف بالأمر ومن ثم نسافر خارج البلاد "
لو لم أكن قد قرأت رسالة والدي لها لقلت أنهما متفقان على تزويجها بأحدنا لتسافر وتعيش
معنا هنا قلت بلهجة سخرية
"إذا أنتي مكرهة على الزواج في كل الأحوال "
قالت بسخرية مماثلة
" أجل ولكن الفرق أن ابن خالتي يرغب بالزواج بي وليس مكرها على تقبلي "
سكت قليلا ثم قلت " وأنا لدي ما عليك معرفته "
لم تعلق بشيء فتابعت " زواجنا سيكون على الورق فقط حتى يذهب كل منا في حال سبيله "
قالت من فورها ساخرة " حقا ما أسعدني بذلك "
صرخت بها غاضبا " ولما لا تحترمينني أنتي الآن أم أنه أنا وحدي من عليه احترامك "
قالت بغيض " وماذا كنت تريد مني أن أقول لك , لا تفعل هذا بي أرجوك مثلا "
قلت بغيض مماثل " رنيم لا تدفعي بي لقول أشياء قد تجرحك "
قالت بهدوء ممزوج بالضيق " دعنا ننهي هذه المكالمة يا غيث رجاءً "
قلت باستياء " سيكون ذلك أفضل ... وداعا "
زمرد
زبير الأحمق ذاك يغلق هاتفه على الدوام يبدوا أنه عاد للتهرب مني من جديد لقد فتحوا
الوصية منذ عشرة أيام فما به الآن , عليا الذهاب لقصرهم بأي حجة ولكن المشكلة أن جدي
معنا هنا ألم يجد ذاك العجوز وقتا غير هذا للمجيء إلينا
" علياء لما لا تتوقفي عن هز ساقك بهذا الشكل إنك توترينني "
أجابت بلا مبالاة " لما لا تصعدي لغرفتك لتدعيني وشأني وترتاحي مني ومن ساقي "
قلت بضيق " أسمعي أنا سيئة المزاج دون إزعاجاتك لي فهلا توقفت عن ذلك "
أجابت بغيض " وأنا مزاجي أسوء منك , هل كان على جدي المجيء للمكوث عندنا كل هذه
الفترة لما لا يعود هناك "
ابتسمت بمكر وقلت " آه لذلك تبدين بهذا السوء هل اشتقتِ للعينين الناعسة , علياء حبيبتي لا تسجني
نفسك في القفص لوحدك كوني حرة طليقة حتى يدخل هدفك إليه ثم ألحقيه واقفليه خلفك "
قالت بضيق " هل تضنيني مثلك , أنتي لا تستحقي حب زبير لك "
قلت بابتسامة " ومن قال لك أني لا أحب زبير ولكن ليس عليا أن أكون مكبلة بقيود مشاعري
اتجاهه فافعل ما يحلوا لي ويوم يقرر الزواج بي أكون له وحده , هوا من اختار ذلك لو يريدني
له وحده لتزوج بي من سنين "
تنهدت بأسى وقالت " لو يحبني أديم كحب زبير لك لبقيت رهن إشارته كل حياتي ولكن العقبات
تلفني من كل جانب "
قلت بضحكة " يالك من حمقاء علينا الدفاع عما نريد أعرف والدتهم جيدا هي لا تحبنا
ولا تحب والدتي, عقبة عمي قد انزاحت وبقيت هي إن جلبتي ابنها لمصيدتك فلن
تؤثر في قراره بشيء "
تنهدت وقالت بقلة حيلة " ولاشيء أصعب من جلب ابنها لمصيدتي "
قلت بهمس " اسمعي لما لا تتركي عنك المغرور ذاك وتنصبي شراكك على صهيب "
شهقت بدهشة وقالت " من .. صهيب هل تريدي أن ترمي بي للجحيم سيدق عنقي إن فكرت
فقط في جدب انتباهه لي تعرفيه جيدا شرس منذ طفولته يا لها من نصيحة سديدة "
اقتربت منها وقلت
" يا حمقاء لا تغرك القشور فمهما كان الرجل قويا وشرسا فهوا ضعيف أمام سحر النساء "
نظرت لي بنصف عين وقالت " لما لا تثبتي ذلك لي وتوقعي غيث في شراكك لأرى "
قلت بفزع " من ... غيث كلهم إلا غيث صحيح أن صهيب حاد الطباع وعصبي جدا
ولكن غيث قاسي وجامد ويشعرك بكرهه لك من نظرته فقط , ثم هم يعلمون جيدا
ما بيني وبين زبير أما أنتي فلا "
أشاحت بوجهها عني وقالت " أخبرتك أنني لن أفكر مثلك مهما حدث فأنا أريد أديم حقا وليس
أي كان المهم أن يكون منهم "
قلت رامية بيدي أمام وجهي " لقد نصحتك وأنتي حرة "
قالت بضيق " دعيني وشأني إذا , قال صهيب قال ثم لا تنسي أنه صديق عوف "
قلت بمكر " إذا دعك منهم جميعا وانتقلي لعوف مدام يحبك "
قالت باشمئزاز " من عوف يالك من مقززة "
ثم غادرت وتركتني , تلك الغبية تركض خلف السراب من سنين دون فائدة رفعت هاتفي
وجربت الاتصال بزبير من جديد وكان هاتفه هذه المرة مفتوحا أجاب بعد وقت بصوت هادئ
ونبرة غامضة قائلا
" مرحبا زمرد "
قلت باندفاع " زبير ما بك لما تغلق هاتفك كل هذه المدة هل عدت للتهرب مني من جديد "
ألقى بقنبلته علي دون مقدمات وقال
" زمرد أنا سأتزوج نهاية هذا الأسبوع بابنة صديق والدي "
لم استطع الكلام من صدمتي بما قال
سكت لبرهة ثم أضاف " زمرد أنا ..... "
قاطعته بحدة " أنت ماذا يا زبير , وماذا عني أنا هل كنت تخدعني طوال الوقت "
قال بحزن " لا تفهمي الأمر كما يحلوا لك يا زمرد "
قلت بغيض " وكيف تريد مني أن أفهمه , كنت تتهرب دائما كان عليا أن أفهم ذلك منذ سنين "
قال بحدة " زمرد لا تحكمي عليا دون أن تسمعي مني "
قلت بضيق " حسننا اسمعني ما لديك إذا "
تنهد وقال " الأمر خارج عن إرادتي زمرد , أقسم بذلك ولست استطيع قول المزيد "
قلت بسخرية " آه حقا لقد صدقتك وكيف يخرج عن إرادتك وعمي ميت "
قال بنبرة هادئة حزينة " زمردتي سنكون لبعض فقط انتظري بعض الوقت "
صرخت به باكية " لا تقل زمردتي مرة أخرى أنت مخادع وخائن أكرهك يا زبير أكرهك "
ثم أغلقت الخط وصعدت لغرفتي راكضة ببكاء
( زمرد هي الابنة الكبرى لعاصم علياء في العشرين من العمر وزمرد في الثالثة والعشرين
أما إساف فهو أكبرهم وهوا في الخامسة والعشرين , زمرد لديها هوس اسمه الزواج من أحد
أبناء عمها شامخ حتى أنه لو سنحت لها الفرصة أن تتزوج باثنين منهم لوافقت بسبب ثروتهم
التي تضخمت بكل هذه السرعة ولأن زبير أحبها منذ طفولتهم فلم تجد أدنى مانع لترتبط به
زمرد ذات ملامح بسيطة وجذابة كما شقيقتها علياء غير أن علياء الألطف بين أشقائها فهي
لا تحب المشكلات ولا تكره أحدا وتعشق شيء اسمه أديم رغم دفنها لذاك الشعور بداخلها )
حور
لقد كان كلام مرام صحيحا فبعد أسبوع طرق عمي باب غرفتي ودخل , جلس بجواري نظر
للأرض في هدوء مطولا ثم تنهد وقال
" حور يا ابنتي لقد خطبك مني ابن صديق والدك رحمه الله وأنا وافقت , أعذري عدم عودتي
لرأيك أولا واعذري ردي لخاطبيك طوال السنة الماضية فالأمر ليس بيدي والدك وشامخ
يعقوب تعاهدا منذ أعوام على أمر وقد قطع له شامخ عهدا عند وفاته وما كان عليا سوى احترام
رغبة والدك كما أن السيد شامخ هوا من أرسل في طلبي لأخذك من بيت عمك في الماضي لأنه
حاول كثيرا انتشالك من ظلمهم وجبروتهم ولم يستطع فعل شيء لأنهم أعمامك فسعى جاهدا
لإيصال خبر ما يجري لك لي "
لقد عجز لساني عن النطق عمي راجي كان دائما حازما في تعامله معنا دون استثناء نبرته
الهادئة الحزينة اليوم واعتذاره مني بهذا الشكل كلها أمور لأول مرة أراها كنت أتوقع أن
يأتي ليأمرني بذلك ويغادر
قلت بهدوء وخجل " وهل بالشاب ما يعيبه لتتردد هكذا "
قال بجدية " لا فهوا شاب ممتاز بكل المقاييس كما هم أخوته جميعا "
لن أرد عمي رغم أنه جاء لأعلامي وليس لطلب رأيي فهوا وحده من عطف عليا من بين أعمامي
وانتشلني من العذاب والضرب والسجن في الظلام كما تُنتشل الشوكة من الصوف ليحميني من
كل مخاطر الحياة ورباني أحسن تربية
والأهم من ذلك كله أنه لم يعد لدي شيء لأخسره فبحر لن يكون إلا ماضي طبع في قلبي
لا يمكنه الزوال ولا العودة من جديد فقد مرت سنوات لم يتذكرني مطلقا وبقي هناك مع
مدينته التي عرفته فيها
قلت بعد صمت
" كما تريد يا عمي فحتى لو جئت لأخذ رأيي فما كنت لأرفض من وافقت أنت عليه "
وقف وقال بجديته المعتادة " باركك الله يا حور والزواج سيكون نهاية الأسبوع بسبب شروط
الوصية , لن اشرح لك المزيد إن أراد زبير أن يحكي لك فذلك يخصكما وحدكما "
وصل عند الباب ثم وقف وقال
" لا تغضبي مني يا حور مهما حصل سواءٌ الآن أو في المستقبل فعديني بذلك "
قلت بحزن " أعدك يا عمي فما كتبه الله لي لن يكون لأحد السبب فيه وما كان والدي ليتعاهد
مع صديقه على أمر لن يكون فيه الخيرُ لي"
ثم خرج وأغلق الباب وتركني كريشة تلعب بها الريح , وصية وعهد وزواج نهاية الأسبوع
مفاجأة وصدمة وحيرة وكل الأمور التي يصعب فهمها أو تصديقها
كثرة اعتذار عمي لا تريحني أبدا ترى ما يخبئه لي قدري هناك مع رجل لم أعرف اسمه إلا الآن
لا شكله ولا عمره ولا عائلته ولا أي شيء يا رب خفف عني ما تخبئه لي الأيام
صهيب
أجتمع الجميع اليوم فلم يتبقى سوى بضعة أيام قليلة على تنفيذ الوصية وعلينا معرفة
ما توصل إليه الجميع
" هل قرر الجميع قبول شرط الوصية "
كان هذا صوت أمي التي كان باديا عليها القلق ويبدوا أنها لم تنم لأيام , عم الصمت ثم تحدث
أديم بضيق
" لقد رتبت كل شيء وسأستلم الوظيفة الأسبوع القادم وسأحضر هنا أيام الإجازة "
قال غيث بضيق مماثل " سأتصل بها لتحضر هي ووكيلها ونتم كل شيء "
قال زبير ببرود " عم الفتاة موافق وسنتزوج نهاية الأسبوع "
قال أديم مازحا " ها قد نلتِ مناك يا أمي زوجتان في وقت واحد لتساعداك "
ابتسمت أمي وقالت " إن كانت الأخرى كرنيم فما أسعدني من أم "
تنهد غيث بضيق وقال " ماذا عنك يا بحر "
نظرنا جميعنا لبحر فهوا الوحيد المتبقي ولكنه لم يتحدث بل وقف مغادرا وضرب الباب بكل
قوته وأنصرف
قالت أمي مباشرة " ما به بحر لما لا يتكلم وكل أحواله لا تعجبني "
لحقت به من فوري وكان هذا المتوقع منه بالنسبة لي , أعانك الله على ما أتاك يا بحر
خرجت مسرعا وأمسكت ذراعه قبل أن يركب السيارة وقلت بحدة
" بحر عليك أن تكون أقوى من ذلك زبير لا يعلم كان عليك أخباره "
قال بحرقة وألم " وبما سأخبره , أن عمها رفض تزويجها لي وزوجها بك بكل سهولة فأتركها
من أجلي أرجوك وتنازل لي عنها وعن حصتك في الميراث أيضا , عن أي سخافة تتحدث
يا صهيب فزبير أبن شامخ والأولى بثروته مني "
صرخت به قائلا " بحر لا تتفوه بالحماقات لا تسمح لشيء أن يكون عائقا بينك وبين أشقائك
حتى لو كانت الفتاة التي تحب "
ابتسم ابتسامة حزينة وقال " حتى كلمة تحب لن تكون من حقي بعد أيام لأنها ستكون لأخيك "
ثم ركب وضرب باب السيارة وغادر, أعلم ما تشعر به يا بحر ولكن ما باليد حيلة ليتك
فعلت كل شيء يا والدي إلا هذه
عدت أدراجي للداخل صفر اليدين وجدت أمي واقفة بانتظاري سارت نحوي مسرعة وقالت
" ما به بحر هل أخبرك بشيء "
هززت رأسي نافيا وقلت " لا شيء إنه يشعر ببعض الضيق أنتي تعرفي بحر جيدا "
سألتني بلهفة "هل أخبرك عن قراره "
تنهدت بحزن وقلت " لا لم يخبرني وسنعرفه إن عاجلا أم آجلا "
صعدت بعدها لغرفتي وضيقي يزداد كلما تكلم أحدهم عن الوصية وردني اتصال من عوف
فأجبت من فوري
" مرحبا عوف هل من جديد "
قال بهدوء " نعم لقد تحصلت لك على طلبك "
قلت بابتسامة "جيد سألتقي بهم بعد أيام فلا تخبرهم عني حسننا "
قال "بالتأكيد هم لا يعرفون من تكون أخشى فقط من الصحف أنت تعلم هي ترصدكم وتترصد
أخباركم "
قلت من فوري " لا تقلق بذلك الشأن ماداما لا يعرفان شكلي "
قال بهدوء " صهيب يبدوا لي أنيس و إساف يدبران أمرا "
قلت بحيرة " عن أي أمر تتحدث "
قال " لا أعلم ولكن أنيس يضع من يرصد تحركاتك وحتى تحركه و إساف لا يعجبني "
قلت بلا مبالاة " لا تكترث لهما لن يستطيعا فعل شيء لأحد , وداعا الآن "
جربت بعدها الاتصال ببحر كثيرا وبلا جدوى
رنيم
صحوت اليوم وأنا اشعر بصداع قاتل سيفجر رأسي لو أني فقط أتوقف عن التفكير لقد حُرمت
من النوم لأيام وها هوا موعد غلق الوصية يقترب ولم نتوصل لنتيجة غادرت سريري استحممت
وغيرت ثيابي ونزلت للأسفل وجدت أمي تجلس هناك وعلى ملامحها يبدوا السوء ونظرتها لي
كانت غريبة اقتربت منها وقبلت رأسها وجلست مدت لي بهاتفها وقالت بضيق
" لقد وصلتك رسالة قد يهمك رؤيتها "
نظرت لها بحيرة فكيف تصلني رسالة على هاتفها ثم صعقت عندما رأيت أنها من رقم غيث
فتحتها فكان فيها
( تعالي وأحضري معك وليك نهاية الأسبوع لننهي الأمر )
نظرت لوالدتي وفتحت فمي لأتكلم ولكنها بادرت الكلام قبلي قائلة
" هل ستشرحين لي ما يجري الآن أم هذا أيضا علينا تأجيله "
تنهدت وقلت " لا لن نؤجله , سوف أتزوج بغيث ابن والدي شامخ كان هذا ما طلبه في وصيته "
نظرت لي بصدمة وصمت مطولا ثم قالت "ماذا تعني بطلبه في وصيته "
قلت " يعني طلب أن نتزوج "
قالت بضيق " وهل يكون طلب الزواج بهذه الطريقة عن طريق الوصايا "
قلت بنفاذ صبر
" أمي لا تعقدي الأمور فوق تعقيدها فالأمر خارج عن إرادتي ولا يمكنني غير الموافقة "
قالت آمرة " لم افهم وعليك التوضيح راغبة بذلك أو لا "
تنهدت بضيق كبير ووجدت أنه لا حل أمامي سوى أعلامها بالحقيقة سردت عليها كل
حكايتي مع تلك الوصية بالتفصيل وعيناها كادتا تخرجان من مكانهما من الصدمة
" وهذا كل ما حدث يا أمي فلا يمكنني رمي تلك العائلة للشارع ولو كان على موتي "
عم الصمت طويلا ثم قلت " أمي قولي شيئاً أرجوك "
هزت رأسها بيأس وقالت " شامخ جن قبل موته بالتأكيد "
قلت بحزن " لا يمكنني رد طلبه فلن أكافئه على ما فعل لي برمي عائلته للفقر بعد موته "
قالت بجدية " ولكن ابنه مكره عليك وأنت كذلك فكيف ستكون حياتكما "
قلت بقلة حيلة " عليا التضحية , لا خيار أمامي "
قالت بحزن " أتمنى ألا تندمي على ذلك يوما "
قلت بألم " وهل لديك حل آخر يا أمي فأسعفيني به "
تنهدت وقالت " ليس لدي إلا أن أقول سامحك الله يا شامخ ويوفقك المولى يا ابنتي "
ميس
دخلت المنزل عند مغيب الشمس كالعادة وتوجهت من فوري لحجرة والدتي لأطمئن عليها ثم
أقوم بتحضير العشاء دخلت وجلست بجوارها قبلت رأسها وقلت
" تبدين مشرقة جدا اليوم لابد أنك لم تتحركي كثيرا كعادتك "
ابتسمت وقالت " أنا لا اشعر بالراحة إلا في الحركة صغيرتي "
ثم أخرجت ظرفا بريديا وقالت " لقد وصلك هذا اليوم "
نظرت له بحيرة وقلت " وصلني أنا !!! ممن يا ترى يبدوا من دولة أخرى "
أخذته منها وفتحته كان موجودا به ورقة قرأتها بصدمة وقلت " ماذا ... ما هذا الهراء "
قالت بحيرة " ماذا هناك "
قلت ببرود " لا شيء "
قالت بحدة " ميس تكلمي ولا تخفي عني أعلم جيدا هذا الطابع البريدي لأي دولة "
قلت بضيق وأنا أرمي لها بالورقة لتقرأها لأنها كانت مكتوبة بالإنجليزية
" خذي لتقرئي بنفسك ولكن اعلمي أني لن أوافق على ما ستقولين ولا أريده "
قرأتها بصدمة ثم نظرت لي وقالت " هذا جدك يطلب رؤيتك لما لا توافقين عليك الذهاب "
قلت بحدة " أمي قلت لا أريد يعني لا أريد "
قالت بضيق
" ميس لا تتعبي قلبي فوق تعبه هم أهلك وعليك زيارة جدك قبل أن يموت بما أنه طلب ذلك "
قلت بحنق " وهل تذكرني الآن فقط وهل تذكر الآن أن يمرض حد الموت لما لم يمت منذ ولدت "
قالت والدتي بغيض " ميس ما هذا الذي تقولينه أنا لن أبقى لك دائما وها أنتي تري حالتي من السيئ للأسوأ
ولن يتبقى لك بعد موتي أحد وليس لي إلا خالك سيء الطباع ذاك وهوا غير مسلم ولن أؤمنه عليك "
حضنتها بحب وقلت " أمي لا تقولي ذلك من يبقى لي إن رحلتي لا تتركيني أرجوك "
قالت بحنان " إذا عليك الذهاب لرؤية عائلتك هم من سيسندونك بعدي "
جلست ومسحت دموعي وقلت " هم لا يريدونني ولم يريدوني يوما فكيف سيكونون سندا لي "
قالت بهدوء " لو لم يريدوك لما أرسلوا في طلبك إن كنتي تريدين رضاي فأذهبي وزوري جدك المريض
وتعرفي أهلك ثم عودي "
تنهدت بضيق وقلت " لما لا تنسي الفكرة أنا لا أريدهم أقسم لا أريد والفقر والشارع وخالي أرحم لي من
أناس لم يسألوا عني يوما ولم يزوروا والدي في حياته ولم يسألوا عنه لقد كنت أرى الألم في عينيه يبثه قلبه
المتوجع رغم صمته , أخبريني لما كان لا يتحدث عنهم لما عانى ما عاناه ولم يفكر بأن يطلب مساعدتهم لو
لم يحطموا قلبه "
قاطعتني بهدوء " ميس يا ابنتي هذا الكلام لن يغير شيئا أذهبي وزوريه وعودي , أريحي قلبي أراح الله قلبك "
تنهدت وقلت " حسنا أمي حسننا فقط لا تضايقي نفسك من أجل صحتك حبيبتي , سأذهب لأشيع جثمان ذاك
الجد وأعود "
صرخت بي غاضبة " ميس لا تقولي هذا الكلام ما أقسى قلبك "
قلت بحدة " وهل لآن قلبهم علينا وعلى ابنهم الذي أفنى عمره يعمل بسكك الحديد , أسمعي يا أمي سأذهب
طاعةً لك فقط وليس رغبتا مني ولا تطلبي مني شيئا آخر لا أن أحترمهم ولا أتعامل معهم بلطف "
قالت بيأس " لن أطلب منك هذا لأنني أعلم أنه مستحيل , ابنتي وأعرفك جيدا شرسة وتحتاجين لمن يقوم
بترويضك "
قلت بضيق " آه أمي وهل تريني حيوانا ليروضوني "
قالت ببرود " بل أشرس من ذلك وهذا ما سيسبب لك المتاعب طوال حياتك , أخبريني متى ستذهبين "
قلت بلا مبالاة " لا أعلم ولا يهم متى , انظري الآن عليا أن أذهب وحدي أيضا ألا تخافين علي فهم
لم يقولوا أنهم سيكونون باستقبالي لقد أرسلوا لي العنوان والتذكرة فقط ما يضنوا أنفسهم أولئك المغرورين
ألا يفكرون بي كفتاة ستسافر وحدها "
قالت بحدة " ميس لا تخترعي الحجج لكي لا تذهبي أعرفك جيدا تستطيعين السفر وحدك نحن مطرون
لذلك فلا أحد لدينا "
قلت بحزن " وماذا عنك أمي أنتي متعبة كيف أتركك "
قالت بهدوء " أنا سأبقى مع شقيقي فكلها أيام قليلة وتعودي "
خرجت وتركتها وأنا كلي ضيق لما عليا زيارة ذلك الجد لما تذكرني فقط عندما علم أنه سيموت سأحتاج بعدها
لأن يموت شخص آخر ليتذكروني من جديد سحقا لهم كم أكرهم , عليا أن أذهب وأعود وأنهي هذه المشكلة فأمي
لن يهنئ لها بال وترتاح حتى أزورهم
نهاية الجزء السادس
ما سينتظر أبناء شامخ بعد أن وافقوا على شروط الوصية وكيف سيواجهون واقعهم المرير ذاك
غيث وزواجه من رنيم وهوا يكره النساء والزواج آخر مخططاته وما ذاك السبب وراء كرهه لهن
وكيف ستواجه رنيم تلك العيوب والمصاعب في الحياة معه
بحر يرى شقيقه يحقق حلمه بالزواج ممن أحب وتمناها زوجة له وهوا لا يستطيع حتى الهروب وترك
العائلة فهل سيوافق على شرط الوصية ويدفع ثمن إهماله واستهتاره حيال تركه لها لسنوات
أديم وما سيواجهه في الجنوب وعمله كموظف عادي في الشركة وما سيلقاه من مشكلات هناك
وكيف ستكون حياته ضمن عالم الفقراء الذي لم يدخله يوما وما هوا مخططه
صهيب والمهمة المجهولة التي كلفه بها والده ويراها أسوأ من كل شروط الوصية الخاصة بإخوته وما
يخطط له ابن عمه
زبير وزواجه من فتاة لا يحبها ولا تحبه وتخليه عن الفتاة التي أحبها منذ الصغر وحب شقيقه لزوجته
وهل سيكتشف الأمر
وكيف ستواجه حور و رنيم قدرهم في ذاك القصر وهل سيكونان على وفاق
ميس والرسالة الغير متوقعة وحقيقة طلب الجد رؤيتها وهل ستذهب بالفعل
هذا ما تخبئه لكم الأجزاء القادمة فكونوا بالقرب دائما
لا تنسوا ليبيا وأهل ليبيا من دعواتكم ............ برد المشاعر