كنت مقرره جزء واحد فقط لليوم لكن ردودكم أخجلتني من وضع واحد وخليتهم اثنين وشي ثاني
حماسكم للأحداث خلاني أخاف تنقطع عنكم الرواية لأي سبب من الأسباب لا قدر الله فحابة أخلصها
معاكم في أسرع ما يمكن لأنه باقي ما وصلنا نصف الرواية
يمكن هالجزأين يربكوكم شوي وتحسوا الأحداث جت متسارعة في مرة وحدة رغم مرور مدة
عليها لكن ما باليد حيلة كله عشان أحط لكم كل مرة أكثر من جزء وأنتم ركبوا الأمور على بعضها
بشطارتكم وخيالكم الخصب
أترككم مع الأجزاء الجديدة
الجزء الواحد والعشرون
صهيب
كنت أعلم أن مواجهة ميس بالعائلة لن يكون أمرا سهلا وحمدا لله أنها لم تجرح والدتي أو
رنيم بكلمة من كلامها الناري غادرت ميس تتبع غيث للمكتب وغادرنا أنا وزبير خلفهم
متوجهين لمكتب والدي القديم دخلت ميس خلف غيث الذي جلس على الأريكة بينما اكتفت
هي بالوقوف مكتوفة اليدين وترسل بنظراتها الحادة للجميع ووقفت أنا وزبير جهة الباب
نراقب في صمت نظر لها عمي عاصم من أعلى لأسفل ثم قال
" أين كنتي "
ابتسمت بسخرية وقالت " كان يجدر بك أن تسأل مع من كنتي لتأخذ بالحق منهم وليس
أين كنت ولا تسألني ما فعلوا بك لأني أعلم أنه السؤال القادم ولن أجيب "
قال بحدة " احترمي أعمامك وجدك ولا تتواقحي "
قالت بذات السخرية " عندما تكونوا أعمامي سيكون عليا احترامكم "
وقف عمي جسار وقال " زني كلماتك يا ابنة نبيل "
قالت بحدة " أجل ابنة نبيل الغصن الطيب الذي نبت في التربة الخبيثة فرفضته لأنه لا يليق بها "
وكزني زبير وقال بهمس " ما هذه النارية "
ابتسمت وقلت بذات الهمس " لم ترى شيئا بعد"
قال عمي عاصم ببرود " من الذين اختطفوك وماذا حدث معك "
نظرت له بكبرياء وقالت " لن أقول ولن يهمك الأمر ولا سمعتي حتى فأنا لست ابنتكم على أية حال "
قال عمي جسار بحدة " سكتنا عن طول لسانك كثيرا فألزمي حدودك خيرا لك "
قالت بغضب " لا ترفع صوتك علي يا هذا ولا أحد له الحق علي ولا أريد من قمامتكم مليما ولكن حق
والدي سيخرج من بين عظامكم واقسم أن الفاعل سيندم حتى الموت "
قال عمي جسار بسخرية " وما سنتوقع من تربية الغرب ومختلسي الأموال "
كانت تلك هي الجملة التي ضربت قلب البركان فثارت ميس قائلة بصراخ تقذف
حممها عليهم
" بل اشرف وأنبل منك وممن ربيت ولست تساوي نعال والدي وإن لم تترجى وتتعذر
لابنة مختلس الأموال هذه فلن أكون ابنة نبيل الرجل الذي أفنى عمره يغرف دراهم
الحلال بأظافره وينام على الأرض ويأكل الماء والخبز ليكون شرفا وعزا لي ما حييت "
توجه عمي جسار ناحيتها بغضب وصراخ رافعا يده عليها
" وقحة ولم تجدي من يقوم بتربيتك التي ستكون على يدي "
ركضت جهته وأمسكت يده بقوة وقلت بغيض " لن تلمس شعرة منها ما دمت حيا "
سحب يده مني وقال بغضب
" رائع وتدافع عن سلاطة لسانها مع أعمامها و من هم في عمر والدها أيضا ولم تحترم حتى جدها "
قالت بغضب " لستم أعمامي وهوا ليس جدي وإن ضربتني أقسم أننا سنجتمع الليلة في قسم الشرطة "
قال بصراخ " بل سأكسر عظامك وأرني ما ستفعلينه "
قلت بحدة وأنا أقف بينهما " إن كنت ستضربها فعليك قتلي أولا "
قال بغيض " وبأي حق فأنا الأقرب لها منك وأضربك واضربها "
قلت بغضب " بحق أنها ابنة عمي الذي حرمتمونا من رؤيته وبحق أنها ستكون زوجتي ومن يمسها
بسوء فلن يسلم مني أبدا "
قال عمي عاصم بسخرية " انتقيت جيدا يا ابن أخي تليقان ببعض حقا "
ثم قال عمي جسار بغيض
" لا تعتقدي أن هذا الطفل يحميك مني وأقسم إن لم تحترميني ثانيتا كسرت رأسك "
قالت بسخرية " أنا لا أخاف منك ولا أحتاج لمن يحميني وإن كان بيننا حق فالقانون يحسمه وإن
لم يكن فلست أعرفك ولا أعترف بك "
وقف جدي وقال أخيرا " أنتهي الحديث في الأمر غادرا الآن "
نظر له عمي جسار بحدة وقال " هذا بدل أن تؤدبها وتوبخها يا أبي "
قال جدي بحدة " كل واحد منكم أخذ حقه بلسانه فلا ظالم ولا مظلوم هنا "
غادر عمي جسار غاضبا ثم قال عمي عصام
" لقد شوهتِ سمعتنا وسمعة بناتي يا مجتلبة المصائب "
قالت بسخرية " إن كان لشقيقك ذاك أبناء فزوجهن إياهم صاحبات السمو الآتي لم تدخل
عليهن تربية الغرب والمختلسين واتركوا عديمة الشرف والعفة هذه لكلام الناس الذي لا
يجد وزنا إلا في عقولكم "
خرج حينها عمي عاصم يهدد ويتوعد وغادر جدي في صمت دون أن يضيف كلمة وقال
حينها زبير
" اقسم أنه لن ينام أي منهما الليلة هههههه "
قال غيث " لن يسكتا أعرفهما جيدا قد تؤذي نفسك يا ميس "
قالت ببرود " لا يهم ولست بخائفة من أي منهم فلن أخسر أكثر مما خسرت والدي وسمعته
وحياتي وعملي ودراستي ثم سمعتي فما تبقى شيء أخاف عليه "
ثم نظرت لي ويداها في وسط جسدها وقالت بحدة
" هذا ما كنت تود جلبي إليه إهانتي واهنة والدي , لقد آذيتني حقا وبما فيه الكفاية يا ابن العائلة المبجلة "
ثم غادرت ونظر إليا زبير وقال " هل ستتزوجها حقا "
قلت " نعم ورغما عن أنفها فأنا من تسبب بما شاع عنها "
قال غيث " وهل تجد هذا حلا , لقد رأيت بنفسك إنها شرسة وحادة الطباع وتكرهنا جميعا ستتحول
حياتك لجحيم يا صهيب "
قلت بتصميم " لن أعود في كلامي وسيكون ذلك ولو بعد حين "
نظر زبير لغيث وقال " حمدا لله أن والدي لم يشترط زواجي بها في وصيته لقد نجونا حقا "
ضحك غيث وقال " لو كانت رنيم مثلها لتحول القصر لحطام بالتأكيد "
نظر لي زبير وقال " البنزين والنار لا يجتمعا يا أخي إنها تشبهك كثيرا لن ينجح الأمر اقسم لك "
ابتسمت بسخرية وقلت مغادرا
" وهل نجح معكما إنكما تتوجان زواجكما بالفشل كل يوم رغم اختلافهما عن ميس "
خرجت متوجها لحيت والدتي وقلت " أين هي ميس "
قالت " سألتني عن مكان غرفتها فدللتها عليه ماذا حدث هناك "
ابتسمت وقلت " حرب طاحنة خرجنا منها بأقل خسائر والحمد لله "
تنهدت بحزن وقالت " تبدوا لي هذه الفتاة ناقمة على الجميع هنا "
قلت بهدوء
" علينا بالصبر يا أمي فما مرت به ووالدتها في حياتهم ليس سهلا وستغير رأيها بنا حتما "
قالت بذات الحزن " أتمنى ذلك إني أرأف لحالها حقا لقد خسرت الكثير وأخرهم سمعتها "
قلت بعد صمت " أمي أنا المذنب وأنا من عليه إصلاح ذلك "
نظرت لي بصدمة وقالت " ما تعني بذلك يا صهيب "
قلت بتصميم " أعني ما فهمتي والفتاة لم يمسسها أحد فلا تقلقي "
تنهدت وقالت بأسى " ستتعب كثيرا قبل إقناعها "
قلت مغادرا " لا يهم وإن فشلت فسأجبرها "
وكان الأمر كما توقعت فقد سجنت نفسها في غرفتها ولم تخرج منها
رنيم
لولا والدتي وإصرارها ما كنت لأرجع معه وليصنع ما بدا له وليتصرفوا في مشاكل وصيتهم
أنا ينعتني بالخائنة أمامها ويقول أنه لن يترك ابنه لخائنة مثلي تربيه , ابنه الذي لم يصفه إلا بالمشكلة
لقد توسعت الفجوة بسببه حتى أنني توقفت عن الحديث معه حتى الكلمات القليلة المبتورة لم تعد تخرج
مني وأصبح هوا أيضا يتعمد ذلك فأنقطع الكلام بيننا وتحولت لشبة بكماء طوال فترة وجوده كنت أنوي
النوم في حجرة مستقلة عنه ولكني تراجعت كي لا يظن أني أمنعه من نفسي عقابا له
علينا اليوم زيارة الطبيبة لمتابعة حملي كم أكره الخروج برفقته رغم أنه سيكون متنفسي الوحيد فحتى
عند زيارتي لوالدتي لم أخرج أبدا ولم أجني خيرا أيضا فلو أني خرجت لكان أفضل
لقد تحسنت حالة حور شيئا فشيئا وها هي عادت لتعمل معي في هذا المطبخ الضخم الذي لا تنتهي أعماله
فليس سوانا وخالتي وهما يصران على تخفيف الأعمال عني بحجة حملي ولكني لازلت في البداية وعليا
مساعدتهما فابنة عمهم الجديدة تلك لا نراها إلا نادرا وتبدوا كارهة للجميع ومجبرة على البقاء أنا لا
ألومها فلو كنت مكانها وظهرت لي عائلة الآن لأكتشف أنها تخلت عني وعن مشاكلي كل تلك السنين
فسأفجرهم تفجيرا
" رنيم يبدوا لي حملك قد أفسد مزاجك أكثر من السابق "
نظرت لها بابتسامة وقلت " نعم يا رفيقتي في المطبخ "
ضحكت وقالت " رفيقة غير دائمة أنا آسفة لتركي لك وحيدة "
قلت بهدوء " لا عليك يا حور المهم أن تكوني بخير وبصحة جيدة "
أحوال حور غريبة جدا فشيء ما يسبب لها كل هذا الحزن والتعب
قالت بابتسامة " لما أنتي منزعجة من حملك يا رنيم فالأمومة شيء جميل جدا "
تنهدت وقلت " ولكن في وضعي أنا هي شيء في غير وقته "
قالت بذات الابتسامة " ظننت أن كل منكما ينام في جناح كما في السابق يبدوا أن الأمور قد تطورت "
قلت بحسرة " تطور سيء جدا لا أتمناه لك "
قالت بهدوء " إنه طفلك يا رنيم وعليك أن تكوني سعيدة به ولا تهتمي لشيء فما أن تريه
ستنسي كل همومك "
قلت بأسى " كل ما أفكر فيه هوا مستقبل هذا الطفل مع أبوين لم يحدد مستقبلهما بعد "
قالت " لابد أن وجوده سيغير ذلك "
قلت ببرود " لا أعتقد ولن يحصل أبداً "
قالت بهدوء " ولما التشاؤم يا رنيم كم من أبناء غيروا حياة أبائهم "
قلت بألم " ما بيني وبين غيث لا يغيره أبن أبدا ولا حتى عشرة إنه يحتاج لمعجزة ألاهية "
نظرت لي وهي تقف على المغسلة وقالت بابتسامة
" إذا انتظري المعجزات الإلهية ولا تيئسي "
ثم سقط الصحن من يد حور على الأرض وماتت ابتسامتها خلف حزنها المعتاد
وكل ذلك حدث بنظرة واحدة لشيء ما خلفي التفتت للخلف فوجدت بحر واقفا عند
الباب نظرت لحور فكانت منشغلة بجمع الزجاج عن الأرض
فقال بصوته الهادئ وعيناه على حور
" آسف لقد ظننت أن والدتي هنا هل تعرفان أين أجدها "
وما هي إلا أجزاء من الثانية وكانت خالتي تقف خلفه وقالت بحب
" مرحبا يا بحر مرحبا بني لما كل هذا الانقطاع عنا "
التفت ناحيتها وغادرا يتابعان حديثهما , توجهت ناحية حور لمساعدتها في تنظيف
الزجاج وقلت بهمس هادئ
" حور هل تعرفين بحر قبل مجيئك إلى هنا هل بينكما شيء ما "
لم يبدر منها أي ردة فعل لا صدمة من كلامي ولا إنكار لما قلت ولا شيء سوى أنها توجهت
للكرسي بخطى متثاقلة وجلست عليه فجلست بجانبها ووضعت يدي على يدها وقلت
" ما بك يا حور أخبريني "
شدت على يدي بقوة ونزلت من عينيها دمعتان سقطتا على الطاولة مباشرة ودون كلام
حضنتها وقلت " لا تقوليها يا حور لا تقولي ذلك أرجوك "
قالت بألم " لم أعد احتمل يا رنيم لم أعد أحتمل هذا "
كنت امسح على ظهرها بصمت يا لها من مصيبة التي أنتي فيها يا حور لهذا كانت
متعبة ومريضة وحزينة طوال الوقت يبدوا أنني لست الأتعس هنا كما اعتقدت كيف
لإنسان أن يكون بهذه التعاسة مجتمعة , زواج إجباري من شخص لا يحبها وحب لشقيقه
يا لا الكارثة
قلت بحنان " توقفي عن البكاء يا حور سوف تمرضي من جديد "
ثم قلت بابتسامة " من سيساعدني في المطبخ حينها "
رفعت رأسها وابتسمت ابتسامة حزينة فقلت لها " هل كنتِ تعرفينه في السابق "
قالت بحزن " بل كنت أحبه بجنون "
قلت بأسى " يا إلهي ويبدوا لي أنه هوا أيضا كذلك "
قالت بذات الحزن " كان .. كل شيء كان وانتهى "
قلت بهدوء " قد يكون كان ولكنه لم ينتهي على ما يبدوا لي فلما وافقت يا حور وهوا شقيقه لما
أوقعتي نفسك في هذه المصيبة "
قالت ودموعها بدأت بالنزول من جديد " أنتي تعلمي أني لم أوافق ولم يطلبوا موافقتي حتى ولم أكن
أعلم أنه شقيقه فليس لهما نفس الاسم لقد علمت بعد وصولي إلى هنا "
قلت بدهشة " يا إلهي لقد كانت صدمة كبيرة لك بالتأكيد "
قالت بابتسامة حزينة " بل كدت أفقد عقلي يومها "
قلت بحزن
" نعم أذكر ما مررت به بعد وصولك لم أتصور أن الأمر كذلك ولكن لما افترقتما ما الذي حدث "
قالت وهي تمسح دموعها " لقد رفضه عمي عند خطبته لي ولم أره من حينها قبل أربعة سنين "
تنهدت بألم وقلت
" سحقا لها من وصية كم حطمت من قلوب وأبكت من عيون كل يوم اكتشف سؤها أكثر "
قالت بضيق " لقد أصبحت أكره حرف الواو وحرف الصاد والياء والتاء المربوطة أيضا "
ضحكت من بين حزني وقلت " وحرف الواو أحد حروف اسمك والياء من أسمي "
ابتسمت بحزن وقالت " حمدا لله أنه لا يوجد باسمي حرفا آخر منها "
قلت بابتسامة
" هل سيكون هناك أسوء مما أنتي فيه ليزيده الحرف فحرف واحد قد دمر كل شيء "
ثم تابعتُ قائلة " وميس أيضا تملك حرفا لا بد أن الوصية سبب جلبها إلى هنا "
قالت بابتسامة " لقد سمعت زبير وصهيب يتحدثان عن ذلك "
ضحكت وقلت " شر البلية ما يضحك , بقي أديم لابد أن يحظر واحدة تحمل أحد الحروف
والكثير من التعاسة أيضا "
وقف حينها غيث عند باب المطبخ وقال " أين هي أمي "
تمنيت أن تجيبه حور ولكن ما باليد حيلة فالأفضل أن لا تتحدث هي عن بحر فقلت بهدوء
" لقد وصل بحر للتو وهما معا "
قال وهوا يغادر " جهزي نفسك لأخذكم للعيادة النسائية "
تنهدت وقلت بهمس " سيكون اليوم من أتعس أيام حياتي بالتأكيد "
ثم وقفت مغادرة لجناحنا لأجهز نفسي ولولا إصرار خالتي لما ذهبت فليولد أو يموت أو
يحدث ما يحدث له فكله بمشيئة الله
غيث
كانت هذه أول مرة نتبادل فيها الكلمات منذ ذلك اليوم لقد تحولت رنيم لعالم من الصمت
فلما أنا المذنب فيما حدث كيف أكون ملاما وقد رأيت ابن خالتها بعيني يخرج من منزلهم
وأنكرت والدتها وجوده هناك
لقد أصبحت رنيم تفهمني جيدا فلو أنها تركتني أسال والدتها عنه باسمه لبقيت شاكا طوال
الوقت أنها قد كذبت علي لتغطي على ابنتها ولو لم يقل أدهم بلسانه أنه لا يعلم سبب هذا
الزواج لبقيت على ضني بأنهما على اتفاق لتتخلص مني وتتزوجه بمجرد فتح باقي
الوصية , دائما ما أفكر بأشياء اتجاهها وأكتشف فيما بعد أني مخطئ ولكن ما بيدي حيلة
لا أستطيع أن أتق بامرأة كانت من تكون لا استطيع
توجهت لحيت كانت والدتي فوجدتها هي وزبير ألقيت التحية وقلت
" أين هوا بحر أليس هنا "
قالت " كان هنا وغادر وصهيب "
تنهدت وقلت " هيا يا أمي عليك مرافقتنا للطبيبة "
قالت بهدوء " ولما عليا الذهاب معكما "
قلت بذات الهدوء " لتكوني معها إنها أمور تخصكم أنتم النساء وقد تنفعينها بشيء أنا ما علاقتي "
وقفت وقالت " أمري لله الأبناء متعبين مهما كبروا "
قال زبير بابتسامة " لازال هناك تربيته ستكون عليك المساعدة فيها أيضا وكل من يليه "
ضحكت وقالت " أرجوكم لا تكثروا العدد من أجل صحتي "
ضحك وقال " لديك خمسة أبناء لو أنجب كل واحد منهم أثنين فقط فسيكونون عشرة "
قالت مغادرة بابتسامة " عشرة ولم نرى منهم إلا واحدا بعد قرابة العام "
خرجت خلفها وتوجهت للسيارة في انتظارهم وبعد وقت جاءت رنيم وحدها وركبت
بجانبي فنظرت لها باستغراب وقلت " أين أمي "
قالت بهدوء وعيناها للأسفل " قالت أن ابنة عمها قادمة الآن لزيارتها "
اجزم أنها خططت لذلك كي لا تأتي معنا انطلقنا في صمتنا المعتاد الذي أصبح كثيرا وموحشا
وصلنا لمجمع حديث للعيادات الخاصة دخلنا ووقفنا ننتظر دورنا فقلت بضيق
" أليس من المفترض بنا لو ذهبنا لعيادة خاصة خارجية على الأقل ستكون غير مزدحمة
وهناك صالة انتظار أو جعل طبيبة نسائية خاصة للعائلة "
قالت بعد صمت " سألت خالتي عنهم كثيرا فأغلبهم أطباء رجال أو طبيبات سيئات هي
من اختارت هذه "
كنت واقفا على أدق عصب من أعصابي هي المرة الأولى التي أخرج فيها مع رنيم وكلما
مر أحد الرجال نظرت باتجاهها لا شعوريا وكأني متأكد من أنها ستنظر إليه أو ستأشر له
ببعض الإشارات وكانت في كل مرة على حالها شاردة الذهن تنظر للأرض وتبدوا في
عالم آخر تماما وقف شابان مقابلان لنا كنت سأطلب منها تغيير مكاننا لولا خروج السيدة
التي كانت بالداخل فقلت
" إنه دورك "
فلم تتحرك نظرت لها وقلت " رنيم لقد حان دورك "
نظرت لي بعد أن عادت من شرودها وقالت " ألن تدخل معي "
قلت ببرود " ما من داعي لذلك أنتي من ستكشف عليها وليس أنا "
قالت بإصرار " بل عليك الدخول معي "
ثم ابتسمت بسخرية وقالت " قد تتحدث مع إحداهن وأنا بالداخل "
نظرت لها بضيق فقالت " آسفة نسيت أننا في هدنة "
ثم أمسكت بيدي وسحبتني معها للداخل ولا أعلم لما كل هذا الإصرار على دخولي
جلسنا أمام الطبيبة أخذت أسماءنا وبياناتنا وقالت " ما المشكلة التي تعانيانها "
قالت رنيم " أنا في بداية حملي وستكونين المشرفة عليه "
ابتسمت وقالت " زوجك معك ظننت أنها مشاكل في الإنجاب "
قالت رنيم " لا ولكني من أصر على وجوده معي "
ثم بدأت تطرح عليها الكثير من الأسئلة الروتينية وقامت بفحص الجنين ثم طلبت منها
رنيم طلبا غريبا وقالت
" هلا حددتِ لي وقت حملي بدقة رجاءا "
ها قد علمت الآن لما أدخلتني معها كانت تريدني أن أسمع منها هذا الجواب بالتحديد كتبت
الطبيبة بعض الأرقام والتواريخ التي سألتها عنها سابقا وبدأت تحسب ثم رفعت عينيها وقالت
" الحمل حدث في الأيام من السابع إلى العاشر من شهر محرم "
وكان بالفعل ذاك اليوم احد هذه الأيام ثم وقفت رنيم وشكرتها وأخذت منها مواعيد زيارتها
التي أصرت كثيرا أن تكون اقل ما يمكن وفي أبعد وقت ثم خرجنا فقلت بضيق
" ما معنى ما فعلته الآن "
قالت بهدوء " آسفة يا غيث أعلم أنك لم تقل أو تطلب ذلك ولكن لكي ترتاح وأرتاح
لأني سأظن بشكك بي دائما وإن لم يحدث "
لم أحب إطالة التحدث في الأمر خصوصا بعد كلامها الأخير ركبنا السيارة وغادرنا
ففكرت لوقت في مكان ليس به أحد وينفع للذهاب إليه فكرت وفكرت ودون جدوى في
النهاية قلت
" هل تريدي الذهاب لأي مكان "
نظرت لي باستغراب لوقت طويل ثم قالت بهدوء وهي تعيد نظرها للأسفل
" شكرا لا أريد فلنعد للقصر "
قلت بذات الهدوء " رنيم لما لا تعطيني الفرصة كلما حاولت إصلاح الأمور "
قالت بعد صمت " لأن الأمر سيفشل صدقني سيفشل مادامت أفكارك لم تتغير "
قبضت على المقود بقوة وقلت بضيق
" لهذا لم أرد الزواج ولم أكن سأتزوج أبدا كي لا أظلم امرأة معي فأتعب وأتعبها "
نظرت لي وقالت " لماذا يا غيث ما السبب "
لقد كانت المرة الأولى التي تسألني هذا السؤال فقلت
" لأنهن خائنات كريهات وأكرههن جميعا "
قالت بأسى " ألست تحب والدتك وتعامل حور وحتى ابنة عمك بلطف ألم تنجبك
امرأة وربتك ورعتك هل هي خائنة أيضا "
قلت بغضب " بل خائنة سمعتي خائنة وجميعهن كذلك الكثيرات كن خائنات "
نظرت لي بصدمة فتذكرتُ فجأة أنني خرجت عن السيطرة في كلامي فقلت بضيق
" أغلقي هذا الموضوع يا رنيم "
ثم وصلنا للقصر فنزلت هي في صمت وغادرت أنا
أُديم
الآن قد ارتاح ضميري مادامت مشاكل ليان قد انتهت لم أتخيل يوما الزواج من فتاة
دون طبقتي وليس أي دون ولكن ما يعجبني أن حياتي معها هادئة جدا لا تسألني أين
كنت ولا لما تأخرت ولا أين تذهب أيام الإجازة حتى أنها لا تتذمر أمامي رغم ظنها
أني لا أسمع , تُرى إن كانت زوجة من الغنيات هل كانت ستكون هكذا
كنت أقضي يومي بعد العودة من الشركة في شقتي حيث عالمي الحقيقي
الرقي والفخامة وجهازي المحمول أتحدث عبره وعبر الهاتف والتقي
بصديقي ونتحدث ونمزح طويلا وعند المساء أذهب لعالمي الجديد المنزل
المتواضع والصمت التام والزوجة الجميلة المبتسمة والعم الطيب كنت
أجلس أستمع لحديثها المطول وعمها الحياة هناك شيء مختلف وكأنني
أعيش عالم غير عالمي وكأنني منهم أشعر أنني لست أديم بل وسيم الشخصية
الجديدة التي كرهتها عندما اضطررت لعيشها حتى أن ذاك المنزل والحياة
بدأت تشدني وأصبحت أرغب أحيانا في ترك شقتي والذهاب إليها قبل المساء
بكثير , كانت فرحتها لا تضاهى كلما اشتريت لها شيئا وأخذته لها ولو كان شيئا
بسيطا لو كانت من الغنيات ما فرحت بذاك السلسال الذهبي الذي لم يكلفني شيئا
لقد كانت وكأنها امتلكت طقما ألماسي
لا أعرف لما أتصرف هكذا كنت أتخيل لو أنني تزوجت من فتاة فقيرة ومعدومة كليان
فلن أعاملها إلا بتكبر ولن ألمسها حتى اللمس لو تزوجتها قبل أن أعيش هنا وأعرفها
وأعرف عالمها ما كنت لأعيش معها هكذا فالبساطة والطيبة والمحبة وأشياء كثيرة
توجد فيها وتفتقدها بنات طبقتي المترفة لقد طلبت منها اليوم أن نخرج للعشاء فهي لم
تخرج من المنزل أبدا منذ تزوجنا كنت جالسا في سيارة متواضعة قد استأجرتها لساعات
لنذهب فيها
خرجت بعد قليل وركبت السيارة تجولنا طويلا ثم توجهنا لمطعم مميز للعشاء وقد دفعت
لهم مسبقا كي لا يجلبوا الفاتورة أمامها تناولنا العشاء في صمت وأنا أراقب كل حركاتها
وعيناي لا تفارق وجهها كم تمنيت كسر حاجز هذا الصمت لنتبادل الأحاديث معا وأستمتع
بمزاحها وضحكاتها التي لا أسمعهم إلا مع الغير
انظروا ما حل بي فحتى ثرثرتها أصبحت شيئا يجذبني لامتلاكه نظرت لي وابتسمت فأمسكت
يدها وقبلتها بعمق فهذا كل ما أستطيع تقديمه لها الآن وغير ذلك ستكون عواقبه وخيمة
ولن تسامحني عليه
بعد مرور عدة أيام كنت جالسا في الشركة في مكتبي المعتاد طبعا وبعد ساعات من
العمل جلست أقلب هاتفي المحمول لأتواصل مع أحد فشدني حنيني لسيدة مسائي الجميلة
ليان فأرسلت لها رسالة كتبت فيها
( أجمل ابتسامة هي عندما تبتسم لشخص ليس موجودا من حولك ولكنه خطر على بالك )
كانت أول رسالة أعبر فيها عن مشاعري أرسلها إليها فأرسلت بعد قليل
( لا تنسى إحضار ثيابك )
ابتسمت وهذا ما توقعته فليان تخجل من الحديث معي عن مشاعرها بسبب خرسي الوهمي
فنحن لا نتحدث هذه الأحاديث ولا حتى على الورق فأرسلت لها
( بعض الرسائل تكفينا وإن كانت فارغة وكأن أحدهم يقول لك أنا أذكرك )
أرسلت بعد قليل ( لا تنسى أن تحظر كل الأغراض التي كتبتها لك )
هههه يبدوا أنها تتعمد فعل ذلك أرسلت لها
( ألا يوجد لديك شيء ترسليه غير الطلبات )
أرسلت على الفور ( بلى ...... عمي يسلم عليك )
ضحكت بصوت مرتفع فنظرت لي شروق باستغراب فتناولت الدفتر وكتبت لها
( هل ترغبي في رؤية ليان )
ابتسمت بلهفة ما أن قرأت المكتوب وأومأت برأسها إيجابا فكتبت لها
( إذا أعطني عنوانك لأحظرها إليك )
كتبت لي بسرعة ( كيف تحظرها لم أفهم )
كتبت لها ( ليان أصبحت زوجتي منذ فترة )
شهقت شروق شهقة كبيرة من الصدمة وقالت " تبا لتلك المحتالة تزوجتك إذا سأريها "
ثم كتبت لي ( هلا اتصلت لي بها لأكلمها أنا مشتاقة لها كثيرا )
كتبت ( حسننا ولكن هاتفي يعاني عطلا بسيطا ولا يتحدث إلا بواسطة مكبر الصوت ولأني
كما تعلمي لا أتحدث به فلم أصلحه )
قالت بلهفة وهي تهز رأسها لي إيجابا " موافقة "
وقد فاتها أن تطلب مني رقم هاتفها والحمد لله , اتصلت بها وفتحت مكبر الصوت لأسمع كل
ما يدور بينهما وما أن فتحت ليان الخط حتى صرخت بها شروق
" محتالة لقد تزوجتي بوسيمك إذا لقد شككت بأمره منذ البداية "
ضحكت ليان وقالت " مرحبا شروق كيف حالك لقد اشتقت لك كثيرا "
قالت شروق ببرود مصطنع
" ها اشتقتي لي يا كاذبة لابد أن هذا الوسيم أنساك كل شيء "
قالت ليان " لم أنساك يوما يا صديقتي "
قالت شروق بغضب " ولما لم تزوريني يا كاذبة مادمت مشتاقة إلي ولم تفكري حتى
في طلب ذلك من زوجك أو أن تحدثيني عبر هاتفه "
قالت ليان بهدوء " خفت أنه لا يريد قول ذلك لأحد فلم أشأ مضايقته أو إحراجه "
قالت شروق " نعم نعم ياقلبي على الذين يخافون على مشاعر أزواجهم "
قالت ليان " وسيم هوا كل دنياي وسعادتي يا شروق لقد تغيرت حياتي كلها منذ
ارتبطت به وفارقني النحس أخيرا "
( أسمعوا المحتالة لما لا تخبرني بكل هذا الكلام )
قالت شروق بابتسامة
" أتمنى لك السعادة حقا يا ليان لقد سرني ما علمت رغم أن شقيقي لازال ينتظر موافقتك "
ضحكت ليان وقالت " احتفظي بشقيقك لنفسك "
قالت شروق بحدة " ليس لأنه غير وسيم يعني أن تسخري منه "
قالت ليان " أنا لم أقس الأمر بشكله أبدا وليس لأن وسيم جميلا اخترته ولكن ما يمتلكه وسيم
لم يمتلكه أحد ممن تقدموا لخطبتي ولا حتى صاحب العقارات ذاك "
قالت شروق ببرود " نعم ولكنه يفتقد لسانا وأذنين "
قالت ليان بضيق " لم أتوقع منك هذا يا شروق لقد فعل وسيم من أجلي أشياء لم يفعلها الذين
بألسنتهم جميعا ولم أرى ذلك عيبا فيه ولا للحظة فلا تجعليني أغضب منك ولا تعيدي ذلك "
قالت شروق بضحكة " حسننا حسننا لا تغضبي مني لن أهين حبيب القلب ثانيتا , أخبريني
ألن تقرري العودة إلى هنا "
قالت ليان بضيق " أبدا ولو شنقوني وها قد أصبح لدي زوج يوفر لي كل ما أحتاج ودون
سؤال حتى , فما أصنع بعملهم الذي لم أجني منه سوى الذل والمهانة فليهنأ سيدكم أديم
بحياته بعد أن خرجت المستهترة الفاشلة من شركته "
ضحكت شروق وقالت " توقفي عن قول ذلك كي لا يسمعك ويذهب لك بنفسه "
قالت بغيض " آخر ما أتمنى في حياتي أن أراه أو أسمع صوته حتى "
ثم قالت بحزن
" لقد أهانني ذاك كما لم يهينني أحد من قبل أقسم أنه جرحني في كرامتي جرحا لم أنساه يوما "
( آه اعذريني يا ليان ماذا لو علمت أنك زوجته الآن )
قالت شروق
" لقد أخبرني وسيم أنه سيجلبك لزيارتي سأعطيه العنوان وسأنتظرك على أحر من الجمر "
قالت ليان بحدة " ولما تتحدثي مع زوجي ها , قومي بعملك ولا تحدثيه ثانيتا "
شهقت شروق وقالت " ليان هل جننتي هل تغارين على زوجك مني ومن كانت تناديه طوال
الوقت بالوسيم أليس أنتي "
ضحكت ليان وقالت " أمزح معك ولكن حاذري أن تقترب منه إحدى الموظفات كوني مستيقظة "
ضحكت شروق وقالت " وما ستفعلين لها "
قالت ليان " سأقتلع عينيها بالطبع وداعا الآن يا صديقتي قبل أن يفصلك سيدك بسببي "
ناولتني شروق هاتفي وكتبت لي عنوانها في ورقة وعادت لمكتبها وبعد ساعة أرسلت
لي ليان رسالة كتبت فيها
( لقد غمرتني دائما بهداياك واليوم اشتريت لك أنا هدية لأقدمها إليك ما أن تأتي مساء اليوم )
وهل سأنتظر حتى المساء بالتأكيد لا , بعدها بقليل وصلت منها رسالة أخرى كتبت فيها
( أحبك )
لقد كانت مفاجأة لم أتوقعها أبدا ابتسمت بحب ولم استطع إبعاد عينيا عنها ثم قررت الانتقام
منها لما فعلت بي عندما راسلتها فأرسلت لها
( لا تنسي غسل قميصي الأزرق )
أرسلت لي ( من عيني )
ضحكت وخبأت هاتفي في جيبي فقد فشلت في النيل منها , لقد أصبحت ليان شيئا
مهما في حياتي
بعد انتهاء الدوام ذهبت من فوري لمنزلي وليان ولم أذهب للشقة ما أن دخلت حتى
نظرت لي بصدمة وقالت
" لو أعلم أن الهدية ستأتي بك باكرا لجلبت لك واحدة كل يوم "
المحتالة إذا تشتاقي لوجودي ولا تخبريني , اقتربت منها وحضنتها بحب وقبلتها
كم كنت أود أن أخبرها عن كل ما في قلبي اتجاهها بأن تسمعها من لساني وهي
تنظر لعيناي وليس لورق الدفتر حملتها للغرفة بين ذراعي وضعتها على السرير وكتبت
( أي هدية اشتريت لي وأنتي لا تخرجي من المنزل هل خرجت دون أذني )
كتبت ( لا لم أخرج ولن أخرج دون مرافقتك لي )
كتبت ( إذا ما هي وكيف اشتريتها )
كتبت ( لم اشترها لقد أعطوها لي لأقدمها لك )
كتبت لها ( ومن هذا الذي أعطاها لك سأقتلك يا ليان )
ضحكت وكتبت ( من يحبني كثيرا ويعطيني بغير حساب )
كتبت مستاء ( من )
كتبت ( الله )
نظرت لها باستغراب فكتبت ( أنا حامل )
ليان
كنت خائفة كثيرا من ردة فعل وسيم لو علم بحملي هوا لم يخبرني سابقا إن كان يريد
طفلا أو إن كان علينا تأجيل الأمر ولكن اطمئن بالي حينما رأيت الفرحة في عينيه
ثم قام باحتضاني بشدة وكتب لي
( أريد فتاة جميلة مثلك )
ضحكت وكتبت له ( وكيف تكون جميلة ومثلي يعني ذلك أن تكون مثلك )
كتب لي ( ومن قال أنك لستِ جميلة )
تنهدت وقلت " مهما كنت جميلة فأمامك سأكون الأقبح "
ثم كتبت له ( ولكني لا أريد فتاة أريد مولودا ذكرا )
كتب وعلى ملامحه الضيق ( بل فتاة )
كتبت ( بل فتى لأني أحتاج للذكور في حياتي كثيرا )
كتب بضيق ( لو أنجبت ولدا فسأضربك )
رميت الدفتر بعدما أخذته منه وارتميت في حضنه وقلت
" كلهم منك رائعون إن فتاة أو صبي أو حتى الاثنين معا "
مسح على شعري وقبل رأسي ثم وقف وناولني عباءتي وحجابي ففرحت حد الجنون
لأنه على ما يبدوا سنخرج معا وبالفعل خرجنا على الفور وتنزهنا كثيرا على قدمينا
وفي السيارة كان يوما رائعا ومن أجمل أيام حياتي وقد اشترى لي وسيم هدية جميلة
لم أتخيلها أبدا كنت أتمنى فقط أن يسعده خبر حملي ولم أفكر أن يفعل كل هذا من أجلي
وأصبحت زيارات وسيم لنا بمرور الأيام تزداد شيئا فشيئا فأصبح يتناول وجبة الغداء
معنا أيضا وأحيانا يمضي اليوم كله بالمنزل أخبرني أنه يعمل عملا إضافيا لذلك
هوا يتغيب كثيرا لا استغرب الآن سبب توفيره لنا لكل ما نحتاج حتى أنه بدأ بجلب
ملابس المولود قبل أوانه بكثير وكانت كلها ملابس فتيات هههه يبدوا مصرا جدا
الجزء الثاني والعشرون
بحر
لقد كان هذا العام من أسوء أعوام حياتي لم أجني منه سوى الألم والحسرة والهروب
عليا اليوم زيارة والدتي فقد أصبحت تلومني على كثرة غيابي وهي لا تعلم أنه أكثر
عذابا من وجودي معهم , دخلت وكلي خوف من لقاء من كنت أهرب منها وأحترق
شوقا لرؤيتها لو أني فقط أتوقف عن حبها عن الشوق لها عن النظر إليها والحلم
بها كل ليلة , لو أنها فقط تختفي كما اختفى الماضي والأمل والكثير من السعادة
جلست مع والدتي وانظم إلينا صهيب وزبير فقالت بعتب
" لما كل هذا الغياب يا بحر هل يضايقك شيء هنا "
قلت بهدوء " لا شيء يضايقني إنه عملي يا أمي يأخذ أغلب وقتي "
قالت بضيق " أخوتك جميعهم يعملون لما لا يتغيبون مثلك "
تنهدت وقلت " وما تصنعونه بي تعاستكم حضرتها معكم والأخبار السعيدة
لم تعد لها وجود بهذا القصر "
قالت بابتسامة " وما أدراك أنه لا أخبار سعيدة هنا "
نظرت لها مطولا في حيرة ثم قلت " هل من جديد "
قالت بفرح " أجل فحور حامل "
صفعتني تلك الكلمات وضربتني بالجدار ثم أعادتني حيث أنا , كنت أريد
الصراخ بهم جميعهم لولا
أن الحروف خانتني حاولت أخراجها بكل قواي ودون جدوى وددت لو صرخت وقلت
( يكفيييييييييييييي ) فيكفيني ألما وهما وحزنا , لقد ضاعت منك يا بحر ضاعت تماما
ولن تعود كنت أحملق بها وعيناي تكادان تخرجان من الصدمة
فتكلم زبير قائلا " ماذا حور حامل يا أمي من قال ذلك "
قالت أمي باستغراب " ومن قال أن حور الحامل "
قال صهيب بضيق " أنتي قلتها للتو يا أمي "
رمشت بعينيها قليلا في صمت قاتل يذبحني في كل حين تكلمي يا أمي ارحميني أرجوك
قولي أنها كذبة قالت أخيرا ورأفت بي
" هل قلت حور يبدوا أنني أخطأت رنيم وغيث هم من ينتظرون مولودا "
الخبر كان سعيدا يا أمي ولكنك جردته من كل معاني السعادة ورميتني به
ثم قالت بابتسامة " وها نحن ننتظر أن يفاجئنا زبير وحور أيضا ويسعداننا أكثر "
نظر زبير للجانب الآخر وقال بضيق
" أمي قلت لك أن تنسي الأمر فلا تتعبي رأسي "
تأففت والدتي ثم نظرت لي وقالت
" وأنت أيضا يا بحر ما إن يتقسم الميراث سنخطب لك "
قلت بهدوء حزين " لا يهم فأنا لا أريد الزواج "
قالت بحيرة " ولماذا ألم تخبرني فيما سبق أن ثمة فتاة تريد الارتباط بها "
قلت بأسى " قلت وكان ولم يعد ذلك موجودا "
قالت بصدمة " لماذا "
نظرت لها وقلت بحرقة " لأنها تزوجت يا أمي تزوجت وانتهى كل شيء "
وقفت حينها مغادرا فيكفيني أوجاع لقد جئت لأتلقى نصيبي منها ككل مرة وقد
كانت هذه المرة الأقسى على الإطلاق وفور خروجي تقابلت وحور وقفت مستندة
بالجدار وتنظر للأسفل لتفسح لي المجال للمرور ولكنني وقفت أمامها وأسندت
يدي للجدار بجانب رأسها وضربت بها عليه بقوة وأنا أشير بسبابة يدي الأخرى
حيث زبير والبقية وقلت بألم
" اتركيه يا حور انفصلي عنه في الحال فهمتي "
قالت ببكاء ورأسها للأسفل " أرحمني يا بحر أرجوك "
قلت بذات الألم وأنا أضرب بقبضة يدي على صدري
" وأنا من يرحمني من , تكلمي يا حور"
خرج حينها صهيب نظرت له بضيق وخرجت مغادرا وهوا يتبعني اقتربت
من سيارتي وهوا ينادي
" أنتظر يا بحر هل جننت "
أمسكني من كتفي وأدار وجهي إليه وقال بدهشة
" تبكي يا أخي !!! لقد كنت قويا دائما أمام الصعاب هل تبكي الآن "
رميت بيده عني وقلت " لا شيء لي سواه فهل سأحرم نفسي منه أيضا "
ثم ركبت السيارة وغادرت المكان كله من جديد وككل مرة
ميس
منذ وصولي هنا وأنا سجينة هذه الغرفة لا أريد أن أرى ولا أتحدث مع أحد كنت
انزل لوجبات الطعام بشكل متقطع ومجبرة إما بإلحاح من والدتهم أو صهيب
أشعر بمزاجي سيء للغاية منذ أتيت بسبب ما علمته عما عانى والدي وما اتهموه به
ولازال ما قاله المدعوين أعمامهم يدوي في رأسي كل حين فسحقا لهم من أعمام
يبدوا لي أنهم وهذه العائلة ليسوا على وفاق فقد تشاجرا مع صهيب حين دافع عني
وحتى أخويه لم ينهيانه أو يوبخاني لما قلت بل أن المدعو زبير كان سعيدا بذلك
آه لو أني أعود من حيث أتيت ولكن ليس قبل أن آخذ بحق والدي من الفاعل
سمعت طرقا على الباب وأنا أجلس أمام النافذة وأتكئ بيدي عليها موليه ظهري
إياه فقلت ببرود
" تفضل "
لابد أنها والدتهم جاءت لتلح عليا بالنزول كالعادة سمعت الباب يفتح والخطوات
تقترب حتى جاءني صوت ليس لها بل لصهيب قائلا
" لماذا تسجني نفسك هكذا يا ميس "
قلت ببرود " وفيما يضركم ذلك "
قال " لا يضرنا ولكن يضرك أنتي لما لا تنزلي وتشاركي العائلة حياتها لترفهي
عن نفسك وتري الضيوف وتتعرفي عليهم "
ابتسمت بسخرية وقلت " أتعرف عليهم أم يتعرفوا هم على الفتاة التي اختطفتها العصابة
أعلم جيدا لما يسألون عني "
قال بضيق " ميس ليس عليك أن تأخذي الأمور بهذا الشكل قد يكونوا يريدون حقا رؤيتك
ومن سيمسك بكلمة أقسم أنني أنا من سيطرده "
قلت بحزن " وفر على نفسك ووالدتك الإحراج فأنا لن أنزل لرؤية أحد كي لا أخطئ في حق
ضيوفكم فتوقعوا مني الكثير "
ضحك وقال " من قال لك شيئا سيستحق منك ما سيأتيه "
ثم أضاف بهدوء " ميس لا تحملي هم ذلك وما أن نتزوج سينتهي كل الأمر "
قلت بضيق " ألن تتوقف عن هذه الأوهام "
قال بابتسامة " لا ليس بعد "
التفت إليه وقلت " وحتى متى "
قال بذات الابتسامة " حتى تصبح الأوهام حقيقة "
عدت أنظر للنافذة وقلت " إذا ستنتظر كثيرا "
قال مباشرة " لا بأس "
قلت بهدوء " أريد الذهاب لأيرلندا "
قال " لا شيء لتذهبي له هناك ووالدتك ستنتقل للعيش معك هنا "
وقفت وقابلته وقلت " ولما تتفضلون علينا بالمأوى نحن لا نحتاجكم "
قال بحدة " ميس توقفي عن العناد أنتم عائلتنا وعلينا حمايتكم وتلبية حاجياتكم جميعها فهمتي "
قلت بأسى " ليس لنا لديكم شيء فبأي حق ستتكفلون بنا "
قال بحدة " بلى لكم وليس لدينا فقط بل لدى جميع أعمامي إنه حقكم يا ميس وليس
لأحد أن يمن عليكم به "
قلت بحزن " وحدك من يقول ذلك "
قال بهدوء " وإخوتي جميعا من رأيي "
قلت ببرود " وأعمامك وجدك "
قال بجدية " سيعترفون بذلك رغما عنهم "
ابتسمت ابتسامة حزينة وقلت " أنت تهدر وقتك فقط فأنا لا أريد إلا براءة والدي "
اقترب مني أمسك كتفاي وقال بجدية " سأقتلعها من الجاني اقتلاعا كوني أكيدة من ذلك "
ثم أمسك وجهي بيده وقال بهدوء " وبالنسبة للمال وإن لم توافقي على ما لدينا فستكونين
زوجتي ومالي هوا مالك "
نظرت له مطولا في صمت ثم أبعدت يده وتنهدت بضيق وقلت
" إن كنت ترى في زواجك بي تكفيرا لما حدث فأنا أخبرك أني أحللك من ذلك فلا
تصلح الخطأ بخطأ أكبر "
قال وهوا يشد بأصبعيه على خدي ويقرصه " ولكن ضميري لن يرتاح "
قلت بألم " آآآي إنك تؤلمني يا صهيب "
ابتسم وقال " من أجل هذه الكلمة فقط سوف آخذك لأيرلندا ولكن أخبريني لما "
نظرت له بحيرة وقلت " من أجل أي كلمة "
ابتعد وجلس على الكرسي وقال " أخبرتك سابقا أنك لن تفهمي ذلك ولن يهمك "
قلت بلا مبالاة " كما تريد , ولكن لن تذهب معي سأذهب لوحدي "
قال بحدة " لن تتوجهي لأي مكان بدوني يا ميس "
وضعت يداي في وسط جسدي وقلت بضيق " هل ستتحكم بي بأي حق "
نظر لي بحدة وقال " لن تذهبي بدوني يا ميس أو لن تذهبي أبدا وها قد خيرتك "
تنهدت بضيق وقلت " لقد كنتُ حياتي كلها وحيدة وحتى المجيء إلى هنا جئت
لوحدي فما سيتغير الآن "
نظر لي مطولا ثم قال " ولما تريدي أن تذهبي لوحدك من ستقابلين هناك "
قلت بغضب " ما تضنني يا هذا وما رأيك أن تأخذني للطبيبة بعد عودتي "
وقف وصرخ غاضبا " ميس لا تقللي من احترامي "
نظرت للجانب الآخر بلا مبالاة وفي صمت تام
تنفس كثيرا بضيق ثم قال ببعض الهدوء " قولي إلى أين ستذهبين وسوف آخذك "
قلت بضيق " إلى ضابط في الشرطة كان يعرف والدي وهوا من يعرف عن قضية
سجنه هناك هل ارتحت الآن "
قال وهوا يغادر " إذا سنذهب معا ونحظر والدتك معنا , هيا أنزلي معي لنتناول الغداء مع البقية "
قلت ببرود " لا أريد "
عاد للداخل وقال " ميس لا تتصرفي كالأطفال أنتي تعلمي جيدا أن الجميع هنا يحبونك
ويرغبون ببقائك ووالدتك معنا فلما كل هذا "
قلت بضيق " أنا لا أريد أحدا "
تنهد وقال " وإن قلت من أجلي هذه المرة "
نظرت له وابتسمت بسخرية وقلت " وما الذي فعلته لي لأفعل شيئا من أجلك "
أحسست من تغير ملامح وجهه أن كلماتي جرحته كثيرا فقلت بهدوء ونظري للأرض
" أنا آسفة "
قال " لن أقبل أسفك ما لم تنزلي لتناول الطعام "
تنهدت وقلت " حسننا ولكن ليس لأجلك فلتكن على علم "
ضحك وقال " موافق وليس لأجلي "
نزلنا معا توجهنا لغرفة الطعام وكان هناك زبير وزوجة غيث ووالدتهم فقط
جيد أن الجد ليس موجودا لكنت عدت أدراجي للأعلى وعلى الفور , وصلنا الطاولة
فقالت والدتهم بابتسامة " لو كنت أعلم أنك ستجعلها تنزل لأرسلتك لها كل وجبة طعام "
قال صهيب بابتسامة وهوا يجلس
" لا تعلمي كم أتعبني إقناعها حتى كدت أنزلها على كتفي "
نظرت له بحدة وقلت " وهل ستجبرني على هذا أيضا "
ابتسم بمكر وقال " وعلى ماذا أجبرتك سابقا "
قلت بضيق " على الكثير ولازال لديك المزيد "
قالت صاحبة البشرة ناصعة البياض المدعوة رنيم
" لا تزعجوها كثيرا فنحن لا نريد أن تتركنا "
جلست أتناول الطعام في صمت وهم يتبادل بعض الأحاديث حتى قال صهيب
" سنسافر أنا وميس ونجلب والدتها وبعض أوراقها من أجل الدراسة "
نظرت له بصدمة وقلت " ومن قال أنني سأدرس هنا "
قال بهدوء " وأين ستدرسين إذا "
قلت بضيق " نحن لم نتحدث في هذا فلما تقرر وحدك "
قال وهوا يتناول الطعام " لا نقاش في أمر كهذا "
ما يضن نفسه ليتحكم بي هكذا فهوا ليس حتى الابن الأكبر للعائلة لا أحد له هذا الحق
وقفت وغادرت وأنا لم آكل شيئا يذكر وصعدت لغرفتي تجنبا لمشكلات مع أي منهم
رنيم
فور عودتي من العيادة صعدت لجناحنا بكيت هناك وحدي بحرقة ومرارة بكيت
ما ضاع مني وما سيضيع لما لا يتوقف عن ذلك لما يلومني على عدم إعطائه
الفرصة وهوا من يؤكد أن نظرته لي لن تتغير وشكوكه لن تتوقف بل كيف أنسى
نعته لي بالخائنة على الدوام, ما ذنبي أنا إن صرت زوجته مرغمة وما دخل والدته
بالأمر يا ترى لما نعتها بالخائنة وقال أن الكثيرات كن مثلها ما عناه بذلك ومن هن
وما فعلن له , آه ولما أدفع أنا ثمن أخطاء غيري
بعد ساعات من الوحدة والبكاء نزلت للأسفل ساعدت خالتي في تحضير الغداء الشبه
جاهز وقالت لي أن حور لم تخرج من جناحها منذ الصباح مسكينة هذه الفتاة كنت
أرى معاناتها والآن بعدما علمت أصبحت اشعر بها صعدت للاطمئنان عليها طرقت
الباب فخرج لي زبير وقال أنها قالت تريد النوم وأنها بخير لابد وأن زبير لا يريد
أن يقول أنها تسجن نفسها في غرفة لوحدها كي لا أعلم أنهما لا ينامان معا
لم يحظر غيث وجبة الغداء ولم يعد للقصر ولم يتناول حتى وجبة العشاء فبدأت
شكوك خالتي وخوفها يزداد ما أعظم هذه السيدة من يراها يظن أنه ابنها الذي
أنجبته وليس ابن زوجها حاولت الاتصال به ولا يجيب قامت بالتحدث مع أبنائها
ليتصلوا به ودون جدوى لقد كان مستاء جدا عندما أوصلني صباح اليوم ترى هل
ما حدث بيننا سبب اختفائه لا أعتقد أن كلامي سيجعل غيث يغضب ويبتعد هكذا
لابد وأنها كلماته التي قالها كانت السبب وليس كلماتي لقد كان غاضبا وتحدث
دون وعي منه , سمعت طرقا على باب الجناح فتحت الباب وكانت خالتي فقالت
لي بحزن
" رنيم هلا اتصلتِ به من هاتفي قد يجيب عليك أخاف أن مكروها أصابه "
قلت بعد صمت " إنه هاتفك فما يدريه أنها أنا "
قالت " أرسلي له رسالة رجاء يا ابنتي "
أدخلتها للداخل وقلت لها بحنان ويدي على كتفها
" لا تترجيني يا خالتي أنتي تأمريني فقط "
جلسنا معا أخذت هاتفها وأرسلت له رسالة كتبت فيها
( غيث إن كنت بخير فأجب على اتصالاتنا لنطمئن عليك أرجوك ..... رنيم )
وجلست وخالتي ننتظر في صمت بعد أن تحول الانشغال منها لي فمهما كان
بيننا هوا زوجي ووالد ابني ومن يقوم بحمايتي من أولئك المتوحشين وبعد ساعة
من الانتظار اتصل غيث أخيرا فقالت خالتي بفرح
" حمدا لله لو كنت أعلم لطلبت منك ذلك منذ النهار "
آه لو كنتي تعلمي ما دار بيننا ما كنتي طلبتي ذلك من أساسه
ثم فاجأتني وهي تمد لي بالهاتف وتقول
" خدي يا رنيم أجيبي أنتي فهوا يريد طمأنتك بالتأكيد "
قلت بتوتر " لا يا خالتي أنتي من كان يحترق انشغالا منذ الصباح فتكلمي معه "
ولكنها لم تعطني أي فرصة لتستمع لما أقول ففتحت الخط وناولتني الهاتف أمسكته
بتردد ثم أجبت قائلة " مرحبا غيث هل أنت يخير "
جاء صوته هادئا " أنا بخير اطمئنوا "
تنهدت وقلت " حمدا لله لقد شغلتنا عليك وزوجة والدك تكاد تُجن "
قال بذات الهدوء " أنا قادم بعد قليل لا تقلقوا "
قلت بهمس " حسننا وداعا "
أعطيتها الهاتف وقلت " قال أنه بخير وسيصل بعد قليل "
تنهدت براحة وقالت " حمدا لله ظننت أن مكروها أصابه سوف أتصل بصهيب
لأنه خرج للبحث عنه "
ثم غادرت الجناح عدت لغرفتي ودخلت السرير وبعد ساعة عاد غيث لم
أتحرك ولم أتحدث معه ولابد أنه يظن بأني نائمة استحم وغير ثيابه ولم
يشغل النور يبدوا لكي لا يزعج نومي ثم نام في صمت قلت بهمس هادئ
" غيث ما بك هل أنت غاضب من كلامي اليوم "
قال ببرود " لا فهي ليست المرة الأولى فما سيتغير "
انقلبت للجانب الآخر وتركته سحقا له ولي , الحق علي أني سألته يبدوا مستاءً
من الأمر بالفعل بعدها بقليل أحسست بيده تسحبني إليه , هكذا هم الرجال إذا
غضبوا أو حزنوا فرغوا شحناتهم عند النساء وكأنها مجرد آلة لا تشعر ولا تحس
نام بعد ذلك بوقت أمضاه في التنهد بضيق والتأفف من حين لآخر ودون سبب
لقد فارق النوم عيني تلك الليلة استحممت وأضجعت على السرير وعيناي
مفتوحتان يشغلني أمر حور وما أصابها وما علمته اليوم عنها وأمر غيث وما يخفيه
بعد وقت طويل بدأت أسمع أنينا خفيفا مصدره صدر غيث جلست وشغلت النور الخفيف
بجواري فكان نائما ويتنفس بقوة وأنين صدره يزداد شيئا فشيئا ثم بدأ يقبض بيديه على \
اللحاف بقوة ويشده , شعرت بالذعر لما أصابه فقلت بخوف
" غيث "
قال من بين نومه " ابتعدي عني يا امرأة ماذا تريدي ابتعدي آه ابتعدي "
ثم أن قليلا وبعدها قال
" أمي لا أريدك لا أريد البقاء ولا أريدها أبعدوها حسام لا تبكي أرجوك لا تبكي "
كنت أنظر له بصدمة ثم هززته بيدي بقوة وأنا أقول " غيث ما بك استيقظ يا غيث "
ولكنه لم يستيقظ بل مد يده وكأنه يمسك شيئا وقال " خائنات إنهن .... لا تبكي يا حسام "
أمسكت يده وحضنتها وبكيت قائلة " انهض يا غيث أرجوك ما حل بك "
ثم أخذت قارورة الماء من جانبي وسكبت بعضا منها في يدي ومسحت بها على وجهه
ففتح عينيه وجلس مفزوعا فقلت
" غيث هل أنت بخير هل كنت ترى حلما "
مسح وجهه بيده وتنفس بضيق وقال " إنه كابوس "
سكبت له الماء في الكوب وقلت " خذ اشرب بعض الماء "
أخذه مني وشربه كله ثم عاد واستلقى في مكانه ينظر للسقف وصدره يعلوا ويهبط
بشدة من قوة تنفسه وضعت يدي على صدره وبدأت بقراءة آيات من القرآن حتى
عاد تنفسه لطبيعته ثم أغمض عينيه ببطء ونام أضجعت وأمسكت يده وبقيت أقرأ
القرآن حتى غفيت دون شعور وبعد نوم طويل سمعت صوته في حلمي يناديني
استيقظت وكان الصوت حقيقتا لغيث وهوا يوقظني من النوم
" رنيم .... رنيم "
فتحت عيناي فقال مبتسما " هيا استيقظي واتركي يدي أريد الذهاب لعملي "
نظرت ليدي فكانت لازالت تمسك يده بقوة أفلتها وضممتها لصدري بخجل وقلت
" هل أنت بخير الآن "
قال وهوا يقف " نعم أنا بخير لم تأتيني تلك الكوابيس منذ مدة طويلة لا تخافي
إنها شيء عادي "
جلست وقلت " ولكنك كنت تئن كثيرا وتهدي ولم تستيقظ رغم هزي لك بقوة "
فتح الخزانة أخذ منشف وقال " آسف على إزعاجي لك "
وغادر للحمام ثم لغرفة الملابس ثم خرج صلى الفجر ونزل مباشرة دون كلام يبدوا
أنه لا يريد التحدث في الأمر , نزلت بعده بقليل توجهت للمطبخ وكان جالسا هناك
يحتسي القهوة دخلت خالتي بعدي مباشرة وقالت
" صباح الخير "
قلنا معا " صباح الخير "
جلست تتحدث مع غيث عن ميس وموضوع سفرها ووالدتها والكثير من الأمور
أخذت أنا فنجان قهوة وجلست أنظر لغيث المنشغل بالنظر للأوراق أمامه ويستمع
لحديث زوجة والده ورحلت بي الأفكار ما سبب تلك الكوابيس التي تحدث عنها
يا ترى ومن تلك التي كان يطلب منها الابتعاد ووالدته وحسام والخائنات ما الرابط
بينهم جميعا ما الذي تخفيه يا غيث أفقت من سرحاني فوجدته ينظر إليا بحيرة
أخفضت نظري للأسفل ثم وقفت وغادرت المطبخ
جود
( ما أجمل السفر مع الأميات عندما لا تكون إلا جميلة وغير مستحيلة عندما تكون أرق من
النسيم وأنقى من عطر الزهور كم نهفو لتلك الأشياء وكم نتمنى أن لا تزول وإن لم تتحقق )
أغلقت دفتري بعدما نثرت على صفحاته جزءا جديدا من حبر قلمي ورميت به على السرير أمسكت
بهاتفي وفتحت الرسالة التي قرأتها اليوم عدد دقائق الساعات
( غريب أمر بعض البشر فمهما تحدث إليه تشعر وكأنك لم تقل شيئا ولم تتحدث مع أحد من
قبل فبعض القلوب الطيبة حديثها مطر وصمتها مطر فكيف لا نزهوا بقربها.... الرجل الكئيب )
ابتسمت وأغلقتها وقلت
" ويكتب أسمه أيضا تحت الرسالة هل يحب هذا الاسم رغم أنه ليس جميلا "
نحن لم نتحدث منذ ذاك اليوم ولم يتصل بي وكأنه يحترم رغبتي حال لم أشاء الحديث
وأرسل لي بهذه الرسالة فجر اليوم التي لازلت أترجم معانيها حتى الآن , بعد قليل رن
هاتفي فكان كما توقعتم الرجل الكئيب لابد وأنه يريد الاطمئنان على رسالته إن وصلت
بسلام أجبت بعد لحظات فجاء صوته قائلا
" مساء الخير يا بلسم "
ضحكت وقلت " هل أصبح لي اسما جديدا ولا أدري "
قال بصوت مبتسم " وما أفعل في رأيك فأنا لا أعرف اسمك هل تخبريني به "
قلت " لا أستطيع "
قال بهدوء " إذا أنتي بلسم إن لم يعجبك فسأغيره "
قلت بابتسامة " بلى يعجبني فهوا أجمل من اسمك لدي "
ضحك وقال " ومن قال أنه ليس جميلا يكفي أنك من اختاره "
ساد الصمت للحظات ثم قال " بلسم أين ذهبتي "
قلت بهدوء " نعم أسمعك "
قال " اعذريني إن كان ما قلت أزعجك "
قلت بصوت مبتسم " لا أبداً وشكرا لتقديرك لما أختار "
قال " هل أزعجك اتصالي أخاف أن لا يكون الوقت مناسبا "
قلت مباشرة " لا أبدا لم أكن أفعل شيئا مهما "
قال " وما كنتي تفعلي "
قلت بعد صمت " أكتب في دفتري "
قال " أمممم أنتي لا تدرسي فما تكتبيه إذا في الدفتر "
قلت بخجل " بعض الكلمات التي تخطر ببالي "
قال بصوت دافئ " إذا أنا أنتظر منك أن ترسلي لي شيئا منها ما أن ننهي اتصالنا موافقة "
قلت بهمس " موافقة "
قال بهدوء " ما هي أخبارك وكيف تسير أموركم "
قلت بأسى " جيدة أحيانا وسيئة أحيانا أخرى "
قال بصوت حنون " حدثني عما يضايقك يا بلسم أو حتى أطلبي ما شئتي لمساعدتك "
قلت بحزن " شكرا لكرمك معي ولكن لا يمكنك مساعدتي في شيء لقد تحطمت كل أحلامي ولا
يمكن إعادة ما تحطم "
قال بحدة " ما هذا الذي تقولينه أنتي من علمني الوقوف بوجه ألمي ومشاكلي كيف تقولي هكذا "
قلت " الأمر معي مختلفا جدا صدقني , أخبرني ما هي أخبارك أنت "
تنهد وقال " لازال وضع شقيقي يشغلني كثيرا يبدوا لي الأمور تزداد تعقيدا عليا التصرف والتخلي
عن نصيبي من الإرث ومخالفة أوامر والدي لأتركها له , كنت أود التحدث معك في الأمر "
قلت بصدمة " تتحدث معي أنا "
قال بجدية " نعم وقد أفعل ما تشوري به علي "
قلت بحيرة " لما تضعني بهذا الموقف ماذا لو عمِلتَ بما أقول وفشل الأمر "
قال مباشرة " لا يهم ولا أعتقد أن ما تقولينه سيكون دون نفع "
قلت بهدوء " أعفني من ذلك أرجوك وكل ما يمكنني قوله لك أن ما تفكر به قد لا يكون
حلا مناسبا فسيكون على شقيقك أيضا أن يتخلى عن نصيبه وقد لا يفعل ذلك لو كان محتاجا
للمال فتذهب الفتاة لرجل آخر لا يمكنه حينها استرجاعها منه "
قال بحيرة " أخاف أن باقي الوصية لا يفك ارتباطي بها وتستمر المأساة لا استطيع مخالفة
أوامر والدي لا أستطيع "
تنهدت وقلت " ليس أمامكم إلا الصبر إنكم في مأزق حقيقي إلا إن كنت ترغب في تركها
لتتزوج بحبيبيك السابقة "
قال بحدة " بلسم "
قلت بتوجس " ماذا ... هل قلت شيئا أزعجك "
قال بضيق " بلى قلتي , أنا لم أعد أفكر في الزواج منها أبدا وأنتي تعلمي ذلك "
قلت براحة " ذلك أفضل كنت أود اختبارك لما انزعجت "
قال بحيرة " ولما تختبرينني "
قلت بعد صمت " لأرى إن تجاوزت أزمتك أم عدت من حيث بدأت أنا آسفة فلا تغضب مني "
قال بهدوء " أنتي آخر من قد أغضب منه , اعتني بنفسك جيدا ولا تنسي الرسالة وداعا "
قلت بابتسامة " وداعا "
ثم فتحت دفتري فتشت فيه وكتبت له رسالة وأرسلتها له
زبير
ما أن أنهيت الاتصال معها حتى بدأت الدقائق تمر ساعات منتظرا رسالتها لما لم يجعلوا
لساعة الانتظار مفتاحا لتقديم الوقت , لا أعلم لما هذه الفتاة تأخذ كل هذا الحيز من تفكيري
هل هوا الغموض حولها أم ماذا , وصلت رسالتها أخيرا ففتحتها وكان فيها
( بعض الحاضرين من البشر حكاية ولكن بعض الغائبين حكاية أخرى تماما فبالرغم
من أنك لم تعرف ملامحهم يوما إلا أنك تراهم في كل تفاصيل الأشياء من حولك لتجد
صورهم حتى على الجدران الملساء )
كانت عيناي تنسخ كل حرف فيها مجيئا وذهابا وكأني أزرعها في دماغي وفجأة تغيرت
الصورة في شاشة هاتفي لاتصال من أحدهم فقلت
" آآآآخ منك هل هذا وقتك "
ثم فتحت الخط وقلت " ألا تخبرني ما صلة القرابة بينك وبين والدتي "
ضحك وقال " لا قرابة بالتأكيد فلما تسأل "
قلت بتذمر " كلاكما تظهران في الوقت الغير مناسب لتقطعا حبل الأفكار "
ضحك وقال " إذا أحمد الله أنني لا أقرب لها "
ضحكنا سويا ثم قلت " ما هي الأخبار لديك يا جبير "
تنهد وقال " على حالها يا صديقي ما أخبارك أنت "
قلت بهدوء " جيدة قبل أن تتصل بي وتفسدها هههه "
قال متبسما " لابد أنك كنت مع زوجتك آسف أعلم أن الوقت غير مناسب "
قلت " لا عليك فلم أكن معها , ها قل لي ما قررت بشأن ذاك الأمر "
قال بضيق " لا شيء جديد ولن أتزوجها مادامت لا تريد شقيقاي معي "
تنهدت وقلت " أعانك الله يا جبير أنت في مأزق حقيقي ولكن لا تدع قلبك يحكم بما
يريد ويدمر مستقبل أخوتك "
قال بعد صمت " وهذا ما يشغل تفكيري لذلك سأبحث عن غيرها فما يهمني الآن أخوتي
وليس أنا ولا هي , حسننا يا زبير وداعا الآن واعذرني لإزعاجي لك "
قلت بهدوء " لا عليك يا صديقي اتصل متى شئت وداعا "
عدت للرسالة أتفحص حروفها من جديد وأول شيء فعلته عند الفجر وفور نهوضي
أن قادتني أصابعي لإرسال واحدة لها فأرسلت
( مازال في القلب بقايا أمية أخاف أن يقتلها الفشل )
فجاءني الرد سريعا
( أحيانا الأشياء الجميلة التي تحدث مصادفة أكثر جمالا من التي طال انتظارها )
بالفعل صدقتي يا بلسم فمعرفتي لك بالمصادفة كان أكثر جمالا من حبي لزمرد الذي
عاش في قلبي لسنوات ولكني لازلت أخاف أن تموتي كباقي أمنياتي الفاشلة
ومرت بعدها أيام لم أتحدث فيها معها أو أرغمت نفسي على ذلك فقد أصبح هاتفي يشدني
كالمغنطيس إليها كلما أمسكته , أخبريني ما فعلتِه بي يا فتاة
وبعد مرور أيام أخرى وصلتني رسالة منها وقت الفجر تفاجئت أن تبادر هي بمراسلتي
ففتحتها بلهفة فكان فيها
( هذا الصباح قرعت أجراس قلبي أغمضت عيناي وتمنيت أن يكون غائبي بخير )
فاتصلت بها من فوري فجاء ردها سريعا قائلة
" صباح الخير أعذرني على إزعاجي لك ولكني ضننت أن مكروها أصابك "
قلت بهدوء " ولما ضننتِ ذلك "
قالت بعد صمت " لأنك لم تتصل من مدة و.... لا أعلم انشغل بالي عليك "
قلت بابتسامة " شكرا لك يا بلسم على كل شيء "
قالت بحنان " على ماذا أنا لم افعل شيئا يستحق "
قلت مباشرة " بلى فعلتي الكثير وأكثر مما يُحكى "
ساد الصمت قليلا فقلت " هل لي أن أسألك سؤالا "
قالت " وهل عليا الإجابة في كل الأحوال "
قلت " لا "
قالت بصوت مبتسم " إذا لا بأس اسأل ما تريد "
قلت بتردد " بلسم ما الذي أعنيه لك "
ساد الصمت من طرفها فقلت " إذا لا جواب "
قالت بهدوء " لا أعلم حقا أنا في حيرة من أمري فهلا أجبتني أنت عن مثيله "
قلت مباشرة " نعم ولكن انتظري قليلا "
ثم قلت " ماذا عن دراستك إلى أين درستي "
قالت بصوت حزين " أنهيت الثانوية للتو وبعد عناء وكدت أخسرها أيضا وبعدها لم
أدرس أبدا لقد خسرتها للأبد "
قلت بصدمة " أنتي صغيرة في العمر إذا "
قالت بذات الحزن " لا أعلم أحيانا أشعر أنني عجوز "
ضحكت وقلت " لو تسمعك العجائز فلن تقول إحداهن عن عمرها الحقيقي أبدا "
ضحكت وقالت " هل تظن ذلك "
ثم قالت " وكم عمرك أنت "
قلت " أمممم قريبا الخامسة والعشرون "
قالت بصدمة " حقا !!! توقعتك أكبر أنت صغير على ما حملك والدك وعلى ما عانيت "
ضحكت وقلت " لو سمعتك أمي لوبختك وقالت أي صغير هذا فمن هم في عمره
لديهم خمسة أبناء "
ضحكت في صمت ولم تتكلم فقلت " وماذا بشأن الزواج لما يمنعك والدك "
تنهدت وقالت " والدي لا يمنعني ولكنه يقطعه تماما لقد كرهت أن أتزوج بسبب ما يُقال عنه "
قلت بإلحاح " ماذا عن سؤالي ألن تجيبي عليه "
قالت بصوت مبتسم " هيا عليك أن تلحق صلاة الفجر إنه وقتها وداعا "
قلت بنفاد صبر " حسننا سأنتظر منك الجواب أعتني بنفسك جيدا , وداعا "
أنهيت المكالمة وبعد أن صليت الفجر أرسلت لها رسالة فيها جوابي عن نفس
السؤال , وأتمنى أن لا تكسريني أنت أيضا أيتها الغريبة
نهاية الجزء الواحد والثاني والعشرون
أتمنى يكونوا عند حسن ظنكم وأنا في انتظار ردودكم الغالية على قلبي