كاتب الموضوع :
برد المشاعر
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أشباه الظلال
ويسعدك يا رب حبيبتي ميمي بس كاش داون ولا تحلمي هههههههه
الجزء الثالث عشر
غيث
لو أني أجد حلا لمشكلة واحدة من مشاكلنا فقط , صهيب وأعمامي ابنة عمي الجديدة
زبير وزوجته أنا و رنيم وكل المشاكل في كفة ومشكلتي و رنيم في كفة أخرى
وها هي ترفض العودة معي وتريد البقاء مع والدتها لأيام إنها تهدي بالتأكيد هل
تتخيل أنني سأبقيها هنا وحدها لتتسلى مع ابن خالتها , النساء لا يؤتمن لهن جانب
لابد أنها تفكر في الاحتفاظ به لوقت الضرورة فهي تعلم جيدا أننا لن نستمر مع بعضنا
" نعم ماذا تريد "
كان هذا صوتها البارد الجليدي الذي أكرهه علمت الآن بما كانت تحارب طالبي
الثأر أولئك إنه سلاحها الفتاك البرود القاتل ولكني علمت ما يشعله وسأريك يا رنيم
قلت بذات البرود
" سنغادر الآن طائرتنا تنتظرنا لقد أجلت رحلتي بعد إخوتي يوما كاملا ألم يكفيك "
قالت بنبرة رجاء " أرجوك يا غيث أتركني هنا بضعة أيام لترتاح أعصابي وأعصابك "
قلت بضيق " لن ترتاح أعصابي لو بقيتي هنا "
قالت ببرود " ولما , فلا أعتقد أن قربي يهمك "
قلت بذات البرود " ولكن ابتعادك لا يريحني "
نظرت لي باستغراب وقالت " لابد وأنني في حلم أو أن شيئا ما أصاب عقلك "
وقفت واتجهت ناحيتها وقلت " بل كابوس أسمه الخيانة "
تنهدت وهزت رأسها بيأس وقالت
" لا أمل يرجى منك أبدا وسأبقى في عينك خائنة مهما كنت "
مسحت بأصبعي على خدها وقلت بهمس" وهل ستنكرين ذلك "
رمت بيدي بعيدا وقالت بضيق " لا تتوهم أشياء وتلصقها بي "
جيد هذه اللمسة الأولى أظهرت مفعولها لقد وقعتي يا رنيم وسأكسر برودك القاتل
أمسكتها من خصرها وشددتها إلي وغمرت وجهي بعنقها وشعرها وقلت بهمس
" أعرف نوع عطرك هذا وأميزه في كل مكان رائحة الخائنات "
قالت بغضب وهي تحاول تخليص نفسها
" ولما تقترب من رائحة الخائنات لتستنشقها ابتعد عني الآن "
شددت على خصرها أكثر وأنا أنظر لها بابتسامة سخرية فازدادت غيضا وبدأت
بضربي بقبضة يدها وهي تردد
" ابتعد هل جننت أم نسيت أين نحن ابتعد عني يا غيث "
قلت ببرود
" وما المشكلة زوجتي وأفعل ما أريد وحيثما أريد , قرري هل سترافقيننا أم افعل المزيد "
طرق أحدهم الباب فأفلتها ثم فتحته والدتها ودخلت بابتسامة رقيقة
نظرتُ لرنيم فوجدت وجهها يتلون غضبا وضيقا , رائع دوقي معنى ثوران الأعصاب
الذي تفتقدينه بشدة اقتربت والدتها مبتسمة وقالت وهي تنظر إلي
" هل قررت المغادرة "
قلت مبادلا لها الابتسامة " نعم و رنيم كذلك "
نظرت لرنيم وقالت باستغراب " حقا هل غيرتي رأيك "
نظرت لي بحدة فاقتربت من أذنها وهمست
" وإلا أكملت بعضا مما بدأته منذ قليل هنا والآن والبقية بغرفتك الليلة "
خرجت بخطوات سريعة تدل على الغضب والاستياء , كم يشعرني هذا بنشوة الانتصار
انصهر هيا انصهر يا جبل الجليد
بعد عدة دقائق عادت بحقيبتها وقالت " لا يحق لك منعي من البقاء مع والدتي "
قلت بابتسامة جافة " أنا لم أمنعك أنا خيرتك "
قالت بضيق " ألست من اشترط أن يكون زواجنا شكليا فقط ما يعجبك في الخائنة الآن "
قلت ببرود " غيرت رأيي هل لديك مانع "
قالت بحدة " نعم ولا تقترب مني ثانيتا "
قلت وأنا احمل حقيبتها لإخراجها " ذلك حسب مزاجي "
وخرجت وهي تتبعني وتتمتم بغيض
" خائنة خائنة ثم تحلوا في عينه فجأة , يا لا سخافة الرجال "
كنت استمع لها بسرور فغضبها موسيقى هادئة بالنسبة لي , ثم ركبنا السيارة وغادرنا للمطار
جود
" أمي انسي الكلام في الأمر لا أريده يعني لا أريده ولن أوافق عليه أبدا "
قالت بضيق " أعرف علاجك جيدا "
قلت بلهجة تحذير " حاذري أن تخبري بحر بالأمر فأنا أعلم فيما تفكري جيدا "
تجاهلتني وسكتت عن الموضوع وما هي إلا دقائق وسمعنا صوت جرس الباب نظرت لأمي وقلت
"سأرى من يكون "
نظرت من عين الباب ثم التفتت ناحية والدتي التي جاءت خلفي وقلت بهمس
" إنه والدي "
نظرنا لبعضنا مطولا ثم قلت " لن نفتح له "
قالت " سيفضحنا مع الجيران بصراخه يا جود يكفينا ما لدينا "
قلت بضيق " وهل الباب سيمسك صراخه عنهم هم يستمعون لنا حتى بالداخل "
قالت بضيق أكبر " يسمعنا واحد ولا عشرة ثم بحر سيغضب لو حدثت شوشرة في الحي "
تنهدت وقلت " ولكنه لن يأخذ مليما ولو على جثثي "
فتحت الباب فأندفع للداخل كالصاروخ وقف بمنتصف المكان وبدأ يصرخ مطالبا بالمال
أغلقت الباب وتوجهت ناحيته وقلت
" لقد نفد المال ولم يتبقى لنا شيء وبحر لم يأتي منذ مدة "
صرخ بغضب " تكذبين علي أيتها الوضيعة أعلم أن لديكم الكثير هاتي المال هيا "
صرخت بغضب أفجر به كل ما أكتم بداخلي
" لن تأخذ شيئا ولن نأخذ شيئا من بحر بعد اليوم وسنعيش عالة على الناس مثلك "
هجم عليا وبدأ بضربي فتدخلت والدتي محاولة أبعاده وبعد أن أخذ كفايته مني
توجه ناحيتها وصرخ بها
" أحظري المال أو لقيت نفس مصيرها "
ذهبت أمي كعادتها وجلبت له النقود ثم بصق علي وخرج فصرخت بأمي " لما أعطيته إياه "
صرخت بغضب " كان سيأخذه على أية حال ولن نستفيد شيئا إلا الضرب "
وقفت متألمة وصعدت لغرفتي أبكي بحرقة وألم ووجعي ليس في جسدي بل في روحي
وقلبي جلست على سريري أبكي ضياع حياتي رن حينها هاتفي نظرت للمتصل فوجدت أسم
( الرجل الكئيب )
رميت الهاتف بضيق وقلت " لما لا يتركني وشأني هل يرى أنه الوحيد الذي يحمل
هموما يصدع راسي بها ويحكي لي أمور لا تخصني ولا أفهمها وصية وزوجة وأخ
أنا حقا إنسانة ساذجة "
عاد الرقم للاتصال مرات ومرات ودون توقف ففتحت الخط بغضب وقلت
" ماذا تريد مني يا هذا هل تعتقد أنك وحدك من يحمل هما لقد ضربني والدي للتو
حد الموت ومنعني من دراستي ويضرب والدتي وأخوتي ويأخذ مالنا وحرمني من
الزواج كل هذا وأكثر فهل تريد معرفة المزيد أم تكتفي بهذا , دعني وشأني ولا تتصل
بي فهمت "
وأغلقت الخط دون أن أسمع منه ردا مضى الوقت ولم يعاود الاتصال , بعد ساعات
شعرت بالذنب فأنا كنت متنفسه الوحيد ليحكي لي ما لا يتحدث به مع غيري ولم
يطالبني يوما أن أرد عليه أو أتصل به ويستأذنني كل مرة ليتكلم معي ويشكرني
دائما لاستماعي , لقد أفرغت غضبي فيه وهوا لا ذنب له لابد وأنه كان يشعر بالضيق
ويريد التحدث
أووووف ولكنه أوجع رأسي بهموم لا حل لها ولا أستطيع فعل شيء حيالها
ولا ينقصني هم مع همي أمسكت هاتفي بعد صراع طويل مع نفسي وأرسلت
له رسالة كتبت فيها
( أنا آسفة لم يكن قصدي قول ذلك , أرجوك لا تتصل بي ثانيتا أتمنى من الله أن يفرج كل همومك )
عاد للاتصال من جديد ولكني لم أجب فلن اكلمه بعد اليوم بعدما علم أنني فتاة
وما هي إلا لحظات ووصلت منه رسالة كتب فيها
( لا داعي للاعتذار يا آنسة فأنا لم أغضب منك فكلنا له هموم يتمنى دائما تفجيرها في أي
كان , لقد استمعتِ لي كثيرا فلن يضرني أن تتحدثي لي عن همومك مرة واحدة فقط )
وبعدها لم يعاود الاتصال بي
ميس
هل سبق ورأيتم هذا اختطفني ثلاثة ثم قام اثنين باختطافي من الثالث ثم واحد من
الثاني ثم الله اعلم ما سيكون , وقفنا عند منزل قديم جدا نزلنا هناك طرق حامد
على الباب فشعرت بالذعر ترى هل جلبني لرجل أو لرجال لا أعلم حقا , بعد
وقت فتحت الباب عجوز كبيرة في السن لا تكاد ترى أو تسمع فصرخ حامد قائلا
" مرحبا يا خالة أنا حامد صديق عزام "
قالت بعد وقت " حامد مرحبا بك هيا تفضل "
دخلنا المنزل فصرخ حامد كثيرا لتفهم منه العجوز أنه يريد إبقائي لديها حتى حين
وفهمت أن ابنها غير موجود هنا ثم قال لي
" أبقي هنا ولا تخرجي يا ميس إن كنتي تريدين العودة لمنزلك "
ثم خرج وتركني دون أن اسأل ولا يجيب كيف أبقى هنا لأعود لمنزلي آه يا رب
رحمتك بي نظرت للعجوز مطولا ترى هل سأصبح يوما ما مثلها هكذا آه ميس
يالك من سخيفة كم عمرك الآن آخ اشعر أنني كبرت أربعين سنة عن الأربعين التي
بعد وفاة والدي على عمري الأصلي والناتج سأكون أكبر من هذه العجوز قالت بعد
صمت وهي ترمش بعينيها المجعدتان محاولة رؤيتي
" من أنتي "
آه يبدوا أن ذاكرتها ضعيفة أيضا قلت بضيق " ميس "
قالت بصراخ " ماذا ارفعي صوتك "
قلت بصراخ أشد " ميس ميس يا جدة ألم يخبرك حامد من أكون "
قالت " حامل ..... من هي الحامل أي مصيبة جئتي بها "
آآآآه ربي رحمتك أرجوا , قلت بصراخ " حامد حامد "
قالت " زوجة حامد من أين وجد واحدة مثلك أحضري لي الماء هيا "
تأففت وجلبت لها الماء وجلست أنتظر المجهول
بعد يومين آخرين جاء حامد وجلب لنا الطعام وقال
" اسمعي يا ميس أنا أريد إطلاق سراحك علمت أن قريبا لك في هذه المنطقة وسأوصلك
له ومن ثم هوا من يعيدك من حيث آتيتي فأنا لا أملك المال كما تعلمي "
شعرت بالسرور ومن سعادتي قلت " حقا هل صحيح ما تقول "
قال بجدية " نعم صحيح ولقد أخبرت ذاك الشاب أنك لا تريدي العودة إليه وأنك
ستعودين لعائلتك لكي يدعني وشأني ولا يبحث عني "
قلت بسرور " كما تريد فقط أخلي سبيلي "
قال بهدوء " في الغد سأتحدث لابن عمك ليأخذك فقط أنا أريد منك خدمة "
قلت باستغراب " خدمة مني أنا "
قال " نعم إنها الشيكات أريد أن تخلصيني من أمرها لكي أغادر المدينة أنا وشقيقتي "
قالت بحيرة " وكيف سأساعدك "
قال " ابن عمك من عائلة معروفة جدا هوا من قد يساعدني "
قلت بضيق " أنا لا أريد أن أطلب منهم شيئا ولكن من أجلك سأفعل أعدك فأعطني اسمك كاملا "
قال بابتسامة " كيف وجدتي العجوز "
قلت بضيق " رقبتي تكاد تتمزق من الصراخ وحتى الآن لم تفهم ما أقول "
ضحك كثيرا ثم غادر وفي صباح اليوم التالي جاء حامد واتصل بذاك الشاب المدعو
ابن عمي واتفق معه على تسليمي له , وأخيرا يبدوا أنه آن الأوان لكيس الخضار أن
يستقر عند مشتري معين
صهيب
بعد بضعة أيام أخرى من البحث متجنبا أبلاغ الشرطة كي لا أضرها بذلك أتصل
حامد والغريب أنه أتصل على رقمي الأساسي وليس الذي أكلمهم منه وهوا لا يعرفه
قلت بصوت هادئ لكي لا يكتشف صوتي " نعم من معي "
قال بهدوء مماثل " هل أنت صهيب شامخ آل يعقوب "
قلت ببرود " نعم هل من شيء "
قال " وابنة عمك اسمها ميس نبيل آل يعقوب "
قلت " نعم وهل تعرف عنها شيئا "
قال " إنها معي الآن وأريد أن التقي بك لتأخذها "
قلت ببرود مصطنع وأنا أغلي كالبركان في الداخل " وما تفعله لديك "
قال بصوت مصدوم " ألا تعلم أنها مختطفة منذ مدة "
قلت " نعم ونحن نبحث عنها هل لي أن أتحدث معها "
قال "بالتأكيد "
جاءني صوتها قائلا بضيق " نعم "
قلت بضيق " يبدوا انك مستمتعة بوجودك هناك "
قالت بغيض أكبر " ما تقصد بما تقول "
قلت بغيض مماثل " ولما تحدثيني بضيق نفس إن كنتي تنتظري من يأتي لإنقاذك "
صرخت قائلة " تعالى لترجعني لوالدتي ولا أريد منك شيئا "
شعرت بالبركان تحول لزلزال وفجر كل صبري على الصمت ما أقوى هذه الفتاة
رغم كل ما تمر به ورغم صغر سنها فلسانها يلتف حول عنقها عشرين مرة
تمالكت نفسي كي لا افسد كل شيء وقلت " حسننا سأفعل ما تريدين أعطني الشاب "
اتفقت معه على مكان ألتقي به فيه لآخذها منه بعد أن تحركت فيه النخوة والشهامة ليعيدها
ولكن حسابي معه ومع الآخر عسير
أغلقت منه الخط وتوجهت لمنزل جهاد وضربته من جديد حد الموت لأفرغ ما بداخلي
من غضب ثم أمسكته وصرخت
" ما فعلتماه بالفتاة تكلم الآن "
ابتسم بسخرية وقال " وما رأيك أنت "
عدت لضربه أقوى من السابق بيداي وقدماي حتى انهارت قواي ثم عدت لمكاني
فجلس بصعوبة وقال
" لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا "
نظرت له نظرة قادحة كالنار وسؤال واحد يجول في خاطري هل يقول ذلك لإغاظتي
أم هوا صحيح ما يقول ولكن لو كان يكذب فما أدراه أنني لم أقترب إليها أو ألمسها
وما مصلحته ليكذب وهوا لا يعلم أنها ابنة عمي توجهت ناحيته وأمسكته من جديد وقلت
" ما تعني بذلك "
قال بابتسامته الكريهة " أعني لا تخدعك بألاعيبها لتفهمك أننا من قام بذلك "
ثم ابتسم بمكر وقال " ولكنها ألذ مما تصورت "
صرخت حينها صرخة أعتقد أنها حطمت كل شيء وخرجت من عنده كالمجنون
يبحث عمن يفرغ جنونه فيه فاتصلت بحامد وأصررت عليه أن يحضرها الآن
واتصلت بصديقي سالم واتفقت معه على أن يستلمها منه ويأخذها للمنزل الذي
استأجرته الأيام الماضية
سماح
حال أبنائي لا يعجبني أبدا رنيم وغيث أعلم أنهما لن يتفقا منذ البداية لكن زبير وحور
لم أتوقع أن يؤولان لذات المصير رغم انعدام المشاكل بينهما إلا أن الفتور واضح في
علاقتهما والفتاة تنهار شيئا فشيئا, لقد أغمي عليها بالأمس من جديد فجأة والطبيب
يقول أنها تعاني فقر الدم وهبوطا في السكر وحتى في ضغط الدم لقد خسرت الكثير
من وزنها منذ جاءت إلى هنا ويزيدها سجن زبير لها بغرفتها هماً على همها وبحر
الكتوم الصامت الهادئ دائما لا يمكن لأحد أن يفهمه أديم لا نعلم عن حاله هناك
ولا يتحدث عن شيء وصهيب وآه من صهيب فلم يرجع حتى الآن ولا يرد على
اتصالاتنا
نظرت لبحر الجالس معي حينها في صمت يقلب هاتفه المحمول وقد ازداد صمته وشروده
في الآونة الأخيرة وحتى غيابه عن القصر أصبح كثيرا وملحوظا ولولا أنه اليوم لا يوجد
أحد سواه في المدينة لما بقي معنا فأنا كنت أخشى أن تمرض حور من جديد أو يغمى عليها
ولا أجد من يكون معي منهم , مرت حينها حور بالقرب منا متجهة للمطبخ فناديتها قائلة
" حور هلا أتيت قليلا أود التحدث معك "
نظرت لي ثم لبحر الذي لم يرفع رأسه عن هاتفه ثم أقترب وجلست بجواري فقلت لها بهدوء
" حور يا ابنتي هل تريدي أن أتحدث مع زبير بشأن استقبال الضيوف وحضور الحفلات
معهم لا يجوز أن تبقي سجينة غرفتك هكذا "
قالت بذات الهدوء " لا داعي لذلك خالتي شكرا لك "
قلت بجدية " لن أخبره أنني تحدثت معك عن الأمر "
ابتسمت ابتسامتها الجميلة مثلها وقالت " أنا حقا لا أرغب في ذلك وليس من أجل زبير فقط "
نظرت لها باستغراب وقلت " ولما لا ترغبي بذلك هذا غريب عنا نحن النساء وشابة بجمالك
وروعتك من المفترض أنها تعشق ذلك "
صمتت قليلا وكأنها تتمنى الهرب من الإجابة ثم قالت
" لأنني ومنذ طفولتي لا أحب الاجتماعات وكثرة الضيوف "
ثم سكتت قليلا وقالت " هي حالة يسمونها الانطوائية وسببها نفسي "
رفع عندها بحر رأسه ونظر لي بصدمة لا تقل عن صدمتي ثم قال
" ولما فهذا لا يكون بغير سبب "
لاحظت ارتباك حور الواضح من سؤال بحر تبدوا لي هذه الفتاة خجولة جدا سكتت
طويلا وكلانا ينظر لها منتظرا الجواب ثم قالت بحزن
" لأني كنت اسجن لساعات في الظلام عند طفولتي "
وقف حينها بحر على طوله مفجوعا وتوقفت الكلمات على لساني من الصدمة فقال
بحدة على غير العادة
" هل هم عائلة عمك راجي "
وقفت وقالت بانفعال وعيناها في الأرض " لا ليسوا هم إنه أمر حدث عند طفولتي
وانتهى فلا تسألوني المزيد عن الأمر أرجوكم "
وتركتنا وغادرت باتجاه المطبخ
نظر بحر لي وقال " هل لاحظتم شيئا آخر عليها "
قلت نافية " لا إنها طبيعية جدا "
عاد وجلس ينظر للأرض في شرود من جديد فوقفت وتوجهت لغرفتي ففي كل
يوم يزداد حالنا تقهقرا للوراء لقد أصبحت أكره الحديث مع الجميع فالمشاكل تتوالى
علينا كلما جلسنا نتحدث
حور
لقد أصبحت اكره هذا المكان , نفسيتي تسوء جدا وحتى حالتي الصحية وها أنا
الآن سأصبح بنظرهم مجنونة, بحر أصبح يتعمد الغياب عن القصر دائما وحتى
في وجوده يتجنبني كثيرا قربه يتعبني وبعده أيضا ينخر صحتي ويوهن روحي
فلم أعد أفهم حتى نفسي , زبير رغم مرحه الدائم يبدوا لي حزينا وتائها كم أتمنى
أن يتغير كل هذا وأن يعود بي الزمن للوراء وأعود لمنزل عمي وأنسى كل شيء
لا بل تعود بي السنين وارجع طفلة سأتحمل كل الضرب والسب والسجن ولا أذهب
مع عمي راجي ولا أتعرف ببحر
"ماذا بك يا حور "
وقع الصحن الذي أمسكه من وقت تحت صنبور الماء دون حراك من يدي في المغسلة
عندما أخرجني الصوت الهادئ الحزين من شرودي فرفعت الطبق من جديد وعينيا
لازالت عليه وقلت
" لاشيء أنا لست مجنونة "
ساد الصمت للحظات ثم قال " ومن قال بأنك مجنونة "
قلت بضيق " أعلم بما فكرتم "
اقترب بضع خطوات وقال بصوت هادئ " حور لا.... "
قاطعته بألم ودموعي بدأت بالسقوط من عيناي مباشرة في حوض الغسيل
" يكفي يا بحر فأنا لم أعد احتمل "
تنهد تنهيدة طويلة ومتألمة وقال " توقفي عن البكاء يا حور , أنا لا احتمل ذلك "
نظرت له وقلت بحسرة " كيف لا تحتمل بكائي وأنت السبب فيه يا بحر كيف , لماذا
رحلت وتركتني لماذا أخلفت بوعدك لي "
ابتسم بحزن وقال " لأنني كنت غبيا "
ابتسمت بسخرية وقلت " وهل اكتشفت ذلك الآن فقط هل كان يلزمك كل هذا لتكتشف "
أشاح بوجهه عني وقال بألم " لقد رفضني عمك "
قلت بأسى وبكاء " ولما لم تخبرني لما لم تتحدث معي عن ذلك , كل ما فعلته أنك اختفيت "
خرجت مني شهقة متألمة ثم تابعت " لماذا ظهرت في حياتي من جديد وأنت لا تريدني لماذا "
نظر لي بصدمة وقال " أنا لا أريدك !!! "
قلت بألم " أجل لا تريدني اختفيت لأربع سنوات وكنت ستختفي لعشرة أو عشرين
أو لكل العمر لولا قدري الذي لم يبتسم لي يوما هوا من وضعني في طريقك "
أقترب مني وقال " حور أنا .... "
أغلقت أذناي بيداي وأنا أتراجع للوراء ورأسي للأسفل وقلت
" يكفي , لا أريد أن أسمع المزيد يكفي يا بحر "
التفت للخلف وقال بصوت حزين
" كنت أعلم أنني خسرتك ولكن لم أتوقع أني خسرتك لهذا الحد "
ثم غادر حاملا معه كل شيء أحلامي التي ماتت من سنين ذكرياتي المتوجعة وحتى
أحرف كلماتنا المتناثرة على الأرض غادرت خلفه وتركتني , جلست على الطاولة
متكئة على ذراعي أخفي وجهي وابكي بألم شعرت بيد تمسح على ظهري وصوت دافئ
حنون يقول لي
" توقفي يا حور سوف تمرضي "
ولم يزدني صوتها إلا ألما وبكاءً فقلت
" أريد أمي لماذا ليس لي أم لماذا رحلت وتركتني لقد احتجتها في كل وقت أنا أريدها الآن "
استمرت في المسح على ظهري وهي ترتل آيات من القرآن حتى هدأت شهقاتي وتوقفت عن البكاء
ليان
وأخيرا جاء دوري لأحكي لكم حكاياتي الجميلة
لقد أرسلوا لي من الشركة رسولا لإخباري أنه بإمكاني مباشرة العمل منذ الغد وأن
راتبي بالنسبة للأيام التي لم أعمل فيها هناك لن يتم خصمه يبدوا أن ذاك الوسيم
الأخرس قد قام بشيء لم أتوقعه فلم أتصور أنه سيتمكن من فعل ذلك فلأول مرة
يبتسم لي الحظ هكذا وتنتهي مشكلة في حياتي على خير
لقد توفيت والدتي منذ عامين ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني الأمرين من أشقائي من
والدتي لأن المنزل كان ملكا لها وهم يطالبون به ويقولون أنه لا حق لي فيه كيف
يكون ذلك فهي والدتي أنا أيضا ثم هم لديهم منازل وعائلات وأنا ليس لي ولعمي
الضرير سوى هذا المنزل وحتى لو قمنا ببيعه وأعطوني حصتي فلن تكفي لشراء
منزل لقد توفي والدي وأنا في الثالثة وعشت طفولتي وشبابي معها , آه كم كنت
سعيدة بوجودها في هذه الحياة فلم أشعر في قربها يوما بالبؤس واليتم رغم
فقرنا الشديد ولم يكونوا أبناءها يزورونها أبدا ولم أرهم يوما إلا بعد وفاتها
ارتديت ملابسي بعد أن أعددت إفطار عمي وغادرت المنزل للشركة ما إن دخلت
المكتب حتى استقبلتني شروق بالأحضان نظرت لوسيم بسرور وقلت
" آه شكرا لك أيها الوسيم "
ثم كتبت له ( شكرا لفعلك ذلك من أجلي )
فكتب لي ( ولكني لم أتحدث مع صديقي بعد فهوا غير موجود في المدينة الآن )
نظرت له بصدمة ثم قلت دون كتابة " لا بأس فأنت فكرت في فعل ذلك لأجلي وإن لم يحدث "
وكتبت له ( شكرا على أي حال )
ثم جلست بمكتبي فسألتني شروق مباشرة " من قام بإرجاعك يا ليان "
قلت بحيرة " لا أعلم وحتى أنهم لم يخصموا من راتبي "
قالت شروق بدهشة " حقا ... لابد وأنك تمزحي "
قلت بابتسامة " بلى لقــ .... "
وقطع كلامي رنين هاتف المكتب فنظرت شروق لي وقالت
" أجيبي يا ليان قد يكون مدير القسم يريد التحدث معك عن الأمر "
أمسكت يداي عند صدري وقلت " لا أريد لقد أصبحت أتشاءم من هذا الهاتف "
قالت شروق ببرود " وأنا لن أجيب فالأمر لا يخصني "
بلعت ريقي ورفعت سماعة الهاتف ببطء ثم أجبت واطمأن قلبي عندما أتاني صوت
مدير قسمنا قائلا
" مرحبا هل الآنسة ليان معي "
قلت براحة " نعم أنا هي ليان "
قال " هلا زرتني في مكتبي يا آنسة "
قلت بتوجس " حسننا في الحال "
ثم أقفلت السماعة وقلت بتوتر
" المدير يريدني إن كانت مصيبة فسيكون عليا انتظار الأخرى لباقي اليوم "
ضحكت شروق وقالت " لم أرى شخصا يقوم بعد المصائب وانتظارها غيرك قد يكون
شيء روتيني ونحن معتادون على ذلك فلما كل هذا الخوف "
قلت بضيق وأنا أشير بأصبعي للهاتف " منذ سمعت صوت ذاك الرجل على هذا الهاتف وأنا
اشعر أنه لن يجلب لي إلا المصائب منه , علينا تغييره من اللون الأبيض للأسود فالأسود يليق به "
ضحكت شروق وقالت "ولما نغير لونه "
قلت بضيق " ليصبح الصندوق الأسود "
ثم غادرت باتجاه مكتب المدير دخلت وألقيت التحية ووقفت نظر لي مطولا ثم قال
" السيد أديم طلب إعادتك إلى هنا وألزم عليا تحذيرك من تكرار ما حدث في السابق أو
سيتم فصلك نهائيا هل وصلت الرسالة "
قلت بضيق " وصلت الرسالة , هل يمكنني المغادرة "
قال وهوا ينظر للأوراق أمامه " أجل فهذا كل شيء "
هوا كل شيء حقا فلم يترك سيدك شيء لك لتقوله تنهدت بضيق وغادرت عائدة
لمكتبنا دخلت وجلست في صمت فقالت شروق مباشره
" ما بك عابسة هكذا ما الذي قاله لك "
قلت بضيق " لم يقل شيئا لقد أوصل رسالة لي فقط "
نظرت لي بصدمة وقالت " رسالة مِمَن "
قلت باستياء وحروف ممطوطة " من السيد أدييييييييييييم "
ضحكت بصوت عالي وقالت " لو يسمعك الآن لكسر لك أسنانك "
قلت بلا مبالاة " لقد كسر كرامتي التي هي أهم من أسناني فلن يضرني ذلك "
قالت بابتسامة " وما في الرسالة "
نظرت لها وقلت بحدة " رسالة حب وغرام وأشواق ماذا فيها برأيك "
قالت بذات الابتسامة " وأي غرام هذا الذي يجعلك بكل هذا السوء "
قلت بضيق " يبدوا أنك تسخرين مني أو تتسلي بي كعادتك "
ضحكت وقالت " تخيلي فقط أن السيد مغرم بك "
قلت بغضب " سأقتل نفسي حينها , قال يغرم بي قال وهوا يكرهني دون أن يراني "
قالت بذات الضحكة " وما من حب إلا بعد عداوة "
قلت بتهديد " شروق إن لم تغلقي هذا الموضوع الآن فقأت لك عينك "
وضعت يدها على عينها وقالت " حسننا حسننا أتركي لي عيني لأرى بها وجه السيد عندما
سيأتي لطردك هههههه "
نظرت للأوراق أمامي وقلت " ذاك المغرور يأتي هنا إنه يترفع حتى عن التحدث
معي بلطف قاسي ومتحجر وبلا إحساس "
|