شكرا لكم أمولة وميمي
والله وليكم وحشة أنا بخير وأموري تمام شوي ظروف ويا رب تزول قريبا
أعتذر عن التأخير وهذا جزئين لعيونكم الحلوة ولكل من يتابع الرواية ولطعون طبعا
شكرا لاهتمامكم إلي أسعدني
الجزء التاسع
زبير
كيف لي أن أتخلص من كل همومي ومشاكلي , بدأت أرى الصدع الذي أحدثه والدي يكبر
شيئا فشيئا , حور طريحة الفراش منذ أيام وقد حكم علينا قدرها وقدري أن تكون بهذا المكان
وزمرد ازدادت أموري معها سوءً ولا تسمح لي بالتحدث معها
كنت جالسا بتململ أتنهد بضيق ولا أتوقف عن تغيير جلستي بين الحين والآخر متضايقا وبحر
يجلس مقابلا لي لا تفارقني عيناه أبدا ويرصد كل تحركاتي
نظرت ليديه وقلت " ما حل بأصابعك لما كل هذا الشاش هل جرحت "
نظر لهما وقال " لاشيء , بعض ما خبأه لي الزمن "
ثم نظر لي وقال
" يبدوا أنك لن تتمكن من السفر للشركة الجديدة سأذهب أنا مكانك ماذا قلت "
نظرت له مطولا ثم قلت " لا بل سأذهب أنا أنت آخر من تفقد العمل هناك علينا الأشراف
على بعض المشاريع إننا في تقدم ولا نريد التأخر عنها , شكرا لاهتمامك يا أخي "
نظر للأرض مطولا ثم قال " ولكن زوجـ.... "
ثم سكت لبرهة وعاد قائلا " ولكن ظروفك لا تسمح بذلك قد يحتاجونك هنا "
قلت بلا مبالاة " سأذهب فلا حاجة لهم بي الأمور ستكون على ما يرام "
حينها اقتربت منا والدتي وقالت " هل ستسافر يا زبير "
قلت وعينيا أرضا " نعم فعليا السفر الأمر ضروري "
قالت بضيق " ولكن زوجتك ما تزال مريضة ماذا لو تعبت أكثر وأنت غير موجود فلا سائقين
لدينا وأديم وصهيب خارج المدينة وقد يكون باقي أخوتك بعيدين كيف سنتصرف حينها "
قلت بتململ " وهل سأبقى ملاصقا لها طوال الوقت , بحر هنا فليبقى حتى عودتي "
قال بحر بهدوء " أنا سأسافر الليلة لأخوتي لا تعتمدوا علي "
قالت أمي بضيق " هي زوجتك وليست زوجة بحر ليبقى بقربها "
وقف حينها بحر وغادر دون أي حرف ووقفت مغادرا بعده ركبت سيارتي وغادرت
كل ذلك المكان الذي لم يصبح إلا محرقة للمشاعر والأحلام تجولت كثيرا وأنا أحاول
التفكير في كل ما حل بي وبالجميع جربت الاتصال مرارا بزمرد ولكن دون جدوى ,
مرت الساعات وأنا أتنقل من مكان لآخر حتى حل الظلام أرسلت رسالة لزمرد وكتبت فيها
( إن كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا فأجيبي على اتصالي يا زمرد )
بعد وقت طويل أرسلت لي رسالة فيها
( لو كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا ما كنت تزوجت بغيري وتركتني )
جربت الاتصال بها مرارا ولكن لا أمل فأرسلت لها ( كنت مجبرا )
أرسلت لي ( تزوجني إذا )
آه يالا كبر حجم مصيبتي ليتك تعلمي بذلك , أرسلت لها
( ليتني أستطيع فالأمر ليس بيدي أصبري معي قليلا , قليلا فقط يا زمرد )
أرسلت ( كم من الوقت أو من العمر , يكفي ما ضيعته حتى الآن وأنا أنتظر سرابك يا زبير )
ثم وصلت رسالة أخرى كتبت فيها ( لا ترسل رسائل أخرى لأنني لن أجيب )
رميت بالهاتف وأوقفت سيارتي أسندت رأسي للخلف وأغمضت عيناي , كنت أشعر
بالضيق والحاجة لأن أتحدث مع أحدهم مع شخص يفهمني ويمكنني قول ما أريد له
أمسكت بهاتفي ضغطت الأرقام الأولى الرئيسية ثم ضغطت أرقام اخترتها بعشوائية
وضغطت على زر الاتصال رن الهاتف مطولا ثم فتح الطرف الآخر الخط في صمت
تحدث دون توقف وقمت ببث كل همومي له ثم أغلقت الهاتف دون أن يتحدث معي ولا
أن أعرف من يكون ولم يكن يهمني ذلك المهم أنني أحسست ببعض الراحة فشغلت سيارتي
وعدت للقصر وهذا أنا لم أسافر حتى لوجهتي التي كنت أريد
حور
مرت أيام كنت فيها طريحة الفراش وكم تمنيت أن لا أنهض منه إلا لقبري ولكن الحياة
لازالت تتمسك بي رغم رفضي لها , لقد اعتنى بي زبير كما عمتي و رنيم فلم تفارقاني
لحضه حتى تحسنت حالتي علمت أن بحر غادر منذ أيام لزيارة أخوته فقررت العودة
للتحرك في القصر فلست أخشى من شيء أكثر من مواجهته فليس لي قلب يتحمل ذلك
هل علمتم الآن ما كنت أعنيه سابقا بمعادلة الحظ والجمال فها أنتم رئيتم ذلك بأم أعينكم
ولازال هناك المزيد , نزلت للأسفل فوجدت خالتي تجلس مع ... لا , لا تقولوها ,
كان بحر نظرت لي والدته بابتسامة وقالت
" حمدا لله ها أنتي صرتي أحسن تعالي يا حور ما بك يا ابنتي "
جلت بعيناي في صمت حتى وفقعتا على العينان الخضراء اللتان تنظران لي ثم سرعان
ما أنزل نظره للأرض في حزن شعرت بالعبرة ستخرج مني فقلت بصوت مبحوح
يكاد يختنق
" لا شيء يا خالتي بعض التعب فقط "
تنهدت وقالت " يبدوا أنهم فاجئوك بزواجك بزبير أو أجبروك عليه "
قلت بحزن " لقد اعتدت ذلك , كل حياتي كانت مفاجأات لم أتوقعها يوما "
وقف حينها بحر ليغادر فقالت والدته " أين يا بحر أنا لم أرك منذ مدة وأنت لم تصل إلا الآن "
قال مغادرا ومارا بجانبي
" عليا السفر من أجل العمل عليك أن تعتادي غيابي يا أمي فما أحد منا يختار واقعه "
أغمضت عيناي بألم محاولة إمساك دموعي كي لا تنزل فآخر ما كنت أتوقع بل أكثر ما كنت
أتمنى كل حياتي أن أقترب منه أن أعلم واقعه وعالمه وأعيشه , كيف يأكل كيف ينام عن
ماذا يتحدث ماذا يحب وماذا يكره كان كاللغز بالنسبة لي وها قد حدث ذلك ولكن بالطريقة
التي لا أتوقعها و لم أتمناها يوما
رنيم
ها هي الأيام تمضي بي هنا ولا شيء سوى أعمال المطبخ والإشراف على عاملات
شركة النظافة حور المسكينة ورفيقة وحدتي الوحيدة انهارت أعصابها حتى كادت تجن
وكل أفراد هذه العائلة يبدون كالتائهين لا أعلم هل هذه العائلة مشتتة وضائعة منذ البداية أم
أن اللعنة المسماة وصية هي السبب فمن يرى القصر من الخارج ويرى أملاك هذه العائلة
وأسمها الذي يصل لنا نحن في الدول المجاورة لا يتخيل أنه لا خدم في هذا المكان
لا أعلم كم يحمل هذا الرجل من عقد لم أكتشفها بعد , دخل حينها غيث يزمجر غاضبا
في هاتفه أنا لا أحسد من يتحدث إليه الآن
قال بحدة " وما الذي سأفعله له هل أقتله مثلا تعالوا لنتفاهم ونجد حلا للأمر "
أخذ كأسا وقال لمن يخاطبه مغادرا " شقيقي أجل اعلم ولكن من له سلطة عليه هوا ليس
طفل لأضربه وآمره, وكأنه ليس لدي مصيبة تكفيني ليأتيني بأخرى , لا اعلم من أين
تتقاذف علينا كل هذه المشاكل "
لا مصيبة على وجه الأرض أكبر من وجودك فيها هل أصبحت أنا مصيبة حلت عليك فما
الذي سأقوله أنا عنك حمدا لله الذي خلق لي أعصابا باردة حيال الكلمات المتطايرة كالقذائف
وإلا ما كنت لأبقى هنا يوما واحدا فإما سأكون قتله أو قتلني
غيث
جلست في المكتب مع جدي وأعمامي الذين حظروا للتو بعدما اتصلوا بي , كنت
أضرب بقدمي على الأرض بضيق وعمي عاصم يصرخ بغضب
" علينا إيقاف ذلك المجنون صهيب ماذا لو أنتشر الخبر وعلمت الصحف والناس
فلن نتدارك الفضيحة ابنة آل يعقوب مختطفة منذ فترة ستكون كارثة فلدينا سمعتنا
ومكانتنا بين الجميع وأنا لدي بنات لم يفكر بهم أحد غيري ولن يفكر أحد بالزواج
منهم بعد تلك الفضيحة "
قال عمي جسار غاضبا " ليس بإمكاننا حتى أن نشتكي للشرطة لست أعلم كيف
وجدها الخاطفون ومن أين علموا بمكانها وكيف لذاك المعتوه صهيب أن يضع
تلك الشروط الغبية ليتفاوض مع الخاطفين "
قلت مقاطعا " هل لكم أن تشرحوا لي ما حدث في الماضي لكي أفهم على الأقل "
سكت كليهما ونظرا لجدي الصامت منذ بداية الحديث ثم غادر عمي عاصم وقال
عمي جسار مغادراً خلفه
" عليكم أن تجدوا حلا لجنون شقيكم ذاك يا غيث قبل أن يفوت الأوان كنت أعلم أنه
لن يجلب لنا إلا المشاكل " وخرج غاضبا ,
نظرت لجدي وقلت " هم لم يحبونا يوما على كل حال , فما تقول أنت "
قال بعد صمت " ليس لدي ما أقول "
قلت بضيق " ومن يقول إذا ومن لديه الجواب , كيف تكون لنا ابنة عم لا نعرف عنها
شيئا فكل ما أعرفه أن عمي نبيل مات وليس لديه أبناء "
وقف جدي مغادرا أيضا يستند على عكازه فقلت بيأس
" يبدوا أنكم تخفون أمرا لن نعلمه أبدا "
وقفت غاضبا مغتاظا وتوجهت باحثا عن والدتي ولكني لم أجدها في غرفتها ولا في
المطبخ بل وجدت من سيكون متنفسا لغضبي فيه ( رنيم )
نظرت لها بحدة وقلت " أين هي أمي "
قالت ببرود " لا أعلم "
صرخت بها غاضبا " أليس لديك شيء غير لا أعلم , أليس لديك مشاعر غير الجليد والبرود "
صرخت غاضبة " وما الذي قلته أنا لتصرخ بي أنا لا أعلم أين تكون حقا "
توجهت ناحيتها والغضب يسري في عروقي كالنار أمسكت بذقنها بيدي بقوة حتى
كاد يتهشم بين أصابعي وقلت بغضب ومن بين أسناني
" أقسم إن استفززتني بكلماتك الباردة مجددا فسأحطم لك وجهك هذا "
نزلت من عينيها دمعتان عبرتا طريقهما للأسفل أرخيت من قبضتي ثم تركتها وخرجت
وجدت أمي تدخل من باب القصر فقلت مخاطبا لها بضيق
" أمي أريد التحدث إليك قليلا "
ثم توجهت لمكتبي ولحقت هي بي جلست على الأريكة وجلست مقابلة لي فقلت بهدوء
" أمي هلا حكيت لي ما تعرفيه عن عمي نبيل رحمه الله وعن زوجته "
نظرت لي بصمت فقلت " أمي أرجوك قولي لي أي شيء تعرفينه لا تسكتي كالجميع "
قالت " بسبب هذا الموضوع إذا خرج أعمامك غاضبون من هنا "
قلت متسائلا " يبدوا أن هناك شيء ما وعليا معرفته منك "
هزت والدتي رأسها وقالت " لا أعتقد أنني سأفيدك بشيء "
قلت " قولي كل ما تعرفيه مهما كان غير مهما "
قالت بهدوء " ألن تقول لي ما الذي يجري أولا "
قلت بنفاذ صبر " سأقول لك كل شيء فقط أريحي لي عقلي "
تنهدت وقالت " عندما تزوجت والدك شامخ كان عمك نبيل ما يزال أعزبا وفي عمر العشرين
تقريبا وفي عمر الخامسة والعشرين سافر خارج البلاد ولم يكن متزوجا أيضا بعدها بخمسة عشر
سنة سمعنا خبر وفاته ولم نره منذ سفره "
نظرت لها بصدمة وقلت " إذا كنت أنا في نهاية العشرين من العمر عندما توفي كيف
لم نعلم بذلك لما قالوا أنه ميت "
قالت والدتي بحيرة " لا أعلم فثمة مشكلة كبيرة حدثت بينه وبين أعمامك وجدك
عندما كانوا يعملون مع جدك في شركته بعدها سافر وكان والدك على اتصال دائم به وبعد
عام من سفره دخل السجن بأيرلندا وبعد أربع سنوات خرج منه ولم يجده والدك رغم بحثه
الطويل عنه حتى يئس من وجوده بعد ذلك بسنين جاءنا خبر وفاته مع أوراق تثبت هويته
ويوم وفاته وبدأ والدك بالبحت عن زوجة له , قال والدك أنه تزوجها هناك بعد خروجه من
السجن لعله يكون لديه أبناء منها ولم يتوصل لنتيجة هذا كل ما أعلمه يا غيث "
تنهدت وقلت " إذا ما قاله صهيب صحيح مثلما أكده أعمامي ولكن كيف علموا بوجودها "
نظرت لي بحيرة وقالت " وما الذي قاله صهيب وقالوه أعمامك "
قلت بهدوء " عمي نبيل لديه ابنة وهي هنا ومختطفة أيضا والخاطفون يطالبون بالفدية
وصهيب وحده من يعلم طريق التفاوض معهم "
شهقت أمي بدهشة وقالت " معقول ... ابنة وخاطفين وفدية هل نحن في فيلم أم في واقع "
قلت " بل في واقع وأعمامي سيجن جنونهم مخافة الفضيحة "
قالت بهدوء " ولما لا تدفعوا الفدية وتحرروها "
قلت بضيق " وهنا المشكلة فمنذ أن علم صهيب وهوا رافض للتفاوض معهم حتى نحقق
شروطه وأنتي تعرفي صهيب جيدا وشراسته وعناده "
قالت بصدمة " شروط , عن أي شروط تتحدث يا بني "
قلت بضيق " يشترط أن نقتسم عليها ثروة جدي من جديد وبما حققته من أرباح لأنها من
حقها وثمنا لسنين فقرها واحتياجها ووالدتها وأن نثبت براءة عمي من التهم الموجهة إليه
هنا وفي ايرلندا ولا أفهم ما عنى بهذه "
كانت عينا أمي ستخرج من مكانها من الصدمة لما سمعت ثم قالت " وماذا قررتم "
قلت بضيق " لا شيء حتى الآن , أعمامي غاضبون ورافضين وبشدة وجدي يكتفي بالصمت
لا أبرد منه إلا الجبل الجليدي الذي لدي "
قالت بتساؤل " وماذا عنكم أنتم أبناء شامخ "
قلت بحيرة " لا اعلم فأخوتي لا يعلمون بالأمر حتى الآن والتركة لا يمكننا التصرف
فيها قبل التقسيم ولو كان لها حق لدينا فستأخذه كاملا دون نقصان "
ابتسمت وقالت لي " بارك الله فيك وفي من رباك يا غيث , إذا تحدثت مع صهيب عليه
إحضارها ووالدتها إلى هنا "
قلت بقلة حيلة " أخبرتك أنه يضع شروطا نعجز عن تحقيقها وحدنا , وتعرفي أعمامي جيدا "
ثم وقفت مغادرا فقالت لي " وما الحل يا غيث هل ستبقون الفتاة لديهم الله وحده يعلم ما
فعلوا بها إنها فتاة وأنت تفهم ما أعني جيدا "
قلت مغادرا " لا اعلم ما سنفعل حتى يقرر أعمامي وجدي أولا لقد ورطنا ابنك في مصيبة
جديدة وكأنه ينقصنا مصائب "
عند وصولي للباب التفتت إليها وقلت " أين هوا بحر قد يتمكن من إقناعه فهوا المقرب إليه "
قالت " قال أنه سيسافر اليوم لزيارة أخوته تحدث معه عبر الهاتف أو انتظره حتى يعود "
قلت بضيق " وزبير لم يسافر اليوم للشركة الجديدة ولم يخبرني إلا بعد ذهاب بحر لا أعلم
متى سينتهي كل هذا "
خرجت وتوجهت لجناحي بالأعلى وقفت أمام الباب ثم تقدمت جهة الجناح المجاور لي
وهوا جناح رنيم عليا أن أراها فقد تتهور وتفعل شيئا بنفسها فلا ينقصني مصائب أخرى
وأعلم كيف تفكر النساء عند الحزن واليأس الخائنات عديمات المشاعر , لقد فجرت بها
كل غضبي هي تستحق ذلك بسبب برودها القاتل فكيف للنار والجليد أن يجتمعا كيف
دخلت الجناح دون أن أطرق الباب وتوجهت للغرفة التي تنام فيها كانت تجلس باكية
وأثار أصابعي لا تزال على ذقنها
رنيم
ذلك القاسي المتحجر عديم الإحساس ما الذي فعلته له ليفعل بي هذا
كنت أنظر للمرآة ودموعي على خدي أتلمس أثار أصابعه على ذقني فلم يتجرأ أحد قبله
على لمسي بأذى سامحك الله يا والدي شامخ , آه كم سأقولها مرة لقد تجاوزت الألف بكثير
توجهت للسرير جلست هناك وتابعت مسيرة بكائي حين سمعت صوت الباب يفتح تساءلت
في نفسي من هذا فلا أحد يصعد إلى هنا أتمنى أن لا تكون خالتي فتكتشف أمرنا ولكن للمفاجأة
لم تكن هي بل كان أبن زوجها المتحجر جاء ليكمل ما بدءه منذ قليل ولكني لك يا غيث فأنت لم
تعرف عنادي بعد وقف أمام الباب ينظر إلى مكان جريمته بصمت وقفت ووضعت ظهر كفي على
ذقني وقلت
" ماذا تريد هل جئت لتنهي ما فعلته بي "
قال ببرود " أنتي من استفزني "
ابتسمت بسخرية وقلت " حقا لقد صدقتك , لا تكذب على نفسك يا غيث أنت تعتبرني أداة
لتفجر بها غضبك وكرهك للنساء , أتمنى فقط بعد أن تقضي عليا نهائيا أن ترتاح ويموت
كرهك لبنات جنسي "
أستند بيده على الباب وقال بذات السخرية
" بعد أن أقضي عليك نهائيا كما قلتي فسأرى ما سأفعل بعد ذلك "
قلت ببرود " وماذا تريد مني الآن هل جئت تبرد على قلبك برؤيتي هكذا "
اقترب مني وامسك بذقني من جديد وأصبح وجهي أمام وجهه مباشرة فقلت بألم
" يكفي يا غيث هل تريد تحطيمه لقد حطمته بالفعل "
قال بغيض " حذرتك من استفزازي ببرودك يا رنيم"
قلت بحدة " هذه أنا ولن أتغير فهل لك أن تغير قسوتك وتحجرك وكرهك لي "
قال بغيض " وإن كنتي هكذا فعليك أن تتغيري "
قلت ببرود " لا أريد ولن تجبرني على ذلك "
ضغط على ذقني أكثر وقال " إذاً أنا من سيغيرك "
قلت بابتسامة سخرية " جرب ولن تخسر شيئا "
قرب وجهي له أكثر ثم قبلني على شفتاي بقوة وهوا يضغط على ذقني حتى شعرت
به سيتحطم بين أصابعه وبشفتي ستتمزق حاولت الفكاك منه فلم أقدر ثم رمى بي على
السرير وقال مغادرا
" كريهة كبنات جنسك الخائنات "
مسحت فمي بظهر يدي بتقزز فالتفت إلي ورأى ما فعلت فابتسم بسخرية وقال
" هذا هوا عقابك هذه المرة "
ثم خرج ذلك الكريه القاسي المقزز مسحت شفتاي بيدي بقوة حتى نزفتا محاولة إزالة
أثر قبلته الكريهة من نفسي, كيف لي أن أعيش مع رجل يكره كل النساء وهوا لا يتوقف
عن نعتي بالخائنة يمنعني من الخروج ومن التحدث عبر الهاتف أيضا وحتى من التنفس
لو بيده , رغم معاملته الحسنة للجميع فما ذنبي أنا إن خانته إحداهن لما لا يكون لطيفا
معي كزبير مع حور واضح أن العلاقة بينهما تعاني فتورا كبيرا ولكنه على الأقل يحترمها
ويعاملها بلطف أمام الجميع حتى يقضي الله أمره , ليس كهذا القاسي كم أكرهه ... أكرهك
يا غيث ومنايا الفكاك منك في أقرب وقت
جود
كنت أجلس مع أخي مازن بغرفته لأساعده في حل مسائل الرياضيات عندما سمعت
صراخ والدتي الغاضب نزلت ركضا من السلالم فرأيت والدي يقف في منتصف البيت
يضع يديه بوسط جسده وأمي تصرخ به قائلة
" يكفيك ما أخذت يا جابر لن اسمح لك بأخذ هذه إنها تخصني هي ذكرى من والدتي ولن أعطيها لك
ولو قتلتني "
هجم عليها كالغول وبدأ يضربها بقسوة ركضت وخلفي مازن محاولان أبعاده عنها
ونلنا من الضرب نصيبنا حينها انفتح الباب ودخل أخي بحر منه راكضا باتجاهنا وكان
كالحلم الذي تحول لحقيقة , كالمعجزة التي جاءت في وقتها, أمسك بيدا والدي ولفهما
خلف ظهره وهوا يصرخ بغضب
" يكفيك إجرام يا أبي يكفي ذلك "
ثم تبته على الأرض ملقيا إياه على بطنه وخده على السجادة وبحر جالس فوق ظهره مثبتا له بقوة
قال والدي بغضب " أبتعد عني يا قذر أبتعد عني يا أبن شامخ وسماح وأخرج من هنا وأترك عائلتي "
صرخ بحر
" عن أي عائلة تتحدث يا جابر عن أي عائلة , أنت لا تستحق أن يكون لك لا زوجة ولا أبناء "
ثم نظر إلينا بحر بغضب وقال " ألم أقل لكم ألا تمنعوه كي لا يضربها "
قالت والدتي بصراخ مؤلم " أراد السوار الذهبي الذي تركته لي والدتي ولن أفرط فيه ما
حييت هوا الذكرى الوحيدة منها فليقتلني أولا قبل أن يأخذها "
صرخ بنا بحر " اذهبوا للأعلى جميعا هيا "
صعدنا ثلاثتنا وكنت أراقبهم من هناك , ابتعد بحر من فوق والدي ثم أخرج محفظته
وأخرج منها نقودا كثيرة ورماها على والدي وقال
" هذه أكثر من ثمن السوار فخدها وأرحل هيا "
جمع والدي المال بكل برود وخرج ثم وقف عند الباب وقال
" ابن والدتك حقا يا بحر , إن لم أبعدك عن أبنائي فلن أكون أنا "
ثم خرج فأغلق بحر الباب خلفه بقوة وغادرت راكضة جهة غرفتي التي كان فيها أمي
ومازن بعد قليل دخل علينا بحر فارتميت ومازن في حضنه ببكاء مسح على رأسينا وقال
" يكفي يا مدللان ألم تعتادا على ذلك بعد "
ثم نظر لأمي وقال " خالتي عليك أعطائي السوار لأخفيه عنه فسيأتي مجددا للبحث عنه بالتأكيد "
ثم أبعدنا عنه وقال " عليا الخروج قليلا وسأعود "
أمسكت به وقلت " إلى أين ستذهب يا بحر "
قال وهوا يخلص نفسه مني مبتعدا " سأذهب قليلا وأعود أطمئنوا "
صرخت به قائلة " لا تذهب خلف والدي يا بحر قد يكونوا مجموعة ويؤذونك "
قال بهدوء وهوا يقف عند الباب " لا تخافي سأعلم شيئا ضروريا وأعود قريبا "
ثم خرج وخرجت اركض خلفه فسبقني وخرج من المنزل , بقيت أنتظره وحدي
في الأسفل لساعات وانتصف الليل ولم يأتي كنت منشغلة عليه حد الجنون ثم رن
هاتفي فركضت مسرعة ناحيته فكان رقما غريبا يتصل بي نظرت له بحيرة كنت
سأتركه دون الرد عليه ولكني خفت أن يكون شقيق بحر أو أنه حدث مع بحر شيء
شعرت بالخوف الشديد والتوتر ثم فتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني بصمت
تام أنتظر لأعرف من على الطرف الآخر فجاءني صوت رجولي غريب ليس صوت
بحر ولا شقيقه صهيب كان صوتا رجوليا حزينا قال
" لا تغلق الخط في وجهي أرجوك فأنا أريد أن أتحدث مع أحد أريد أن يسمعني شخص
ما لا تتحدث فلستَ مجبرا على الحديث معي فقط استمع إلى "
ثم سكت عن الكلام ومن صدمتي لم أتحرك من مكاني حتى أنني لم أرمش بعيني بعد صمتي الطويل قال
" حسننا أنت موافق على الاستماع إلي إذاً , شكرا لك يا صديقي , سأبث لك همي وحزني
هل أنت مستعد أن تحمله معي , آه أكاد أتحطم وأنا اكتمه في صدري هل جربت يوما ذلك
هل جربت أن تموت أمانيك وأن تقتل أماني غيرك في وقت واحد , أن يموت الحلم ليعيش
الواقع أن تحترق مشاعرك وتحرق مشاعر غيرك , لقد حرموني الفتاة التي أحب يا صديقي
وأجبروني على أن أكون زوجا للفتاة التي يحبها أخي أرى ذلك في عينيه في حزنه في صمته
وحتى في كلماته وما بيدي حيلة غير أن أزيد ناره نارا وألمه ألما وأنا لست بأقل منه توجعا بعد
أن فقدت كل شيء حتى حبيبة طفولتي لأسأل بحيرة لما يحدث معي ومعه هذا وما من مجيب
ليثني لم أعرف بذلك , ليثني لم ألمح والحظ ذلك في عينيه تبا لي ولوصايا الأموات التي تقتل الأحياء "
ثم تنهد بألم وقال " شكرا لك يا صديقي أنا فعلا ممتن لك على استماعك لي , وداعا "
ثم أغلق الخط وتركني واقفة كالتمثال والهاتف لازال على أذني أبعدته ونظرت له
بحيرة مستغربة من حال هذا الرجل يحكي لي همه وأنا تكاد همومي تكسر ظهري
حمدا لله فلسنا وحدنا نعاني
سمعت صوت الباب يفتح فرميت الهاتف من يدي وكل ما حدث من راسي
وتوجهت راكضة جهته قائلة
" بحر ... هل عدت يا أخي لماذا تأخرت لقد شغلتني عليك "
أقترب مني وقال " لما أنتي مستيقظة حتى هذا الوقت يا جود ألم أقل لك أنني
سأكون بخير هيا اصعدي لتنامي "
قلت بابتسامة " هل أعد لك الطعام فأنت لم تأكل شيئا "
قال بابتسامة مماثلة " لا رغبة لي في الأكل يا جود سأصعد لأنام قليلا "
ثم تركني وصعد للأعلى حملت هاتفي وصعدت لغرفتي غيرت ثيابي ونمت بعد
أن اطمأننت على أخي الغالي
صهيب
وصلت المستودع برفقة حامد عند الغروب ليأخذ معه جهاد وأبقى أنا هنا وما أن
وصلنا خرج جهاد لنا خارج المستودع فقلت متسائلا
" لما خرجت "
قال " ولما لا أخرج ها أنتم وصلتم وسأغادر "
قلت بحدة
" وإن لم نكون نحن من وصل هل تريد إعلام المارة أن هناك أناسا هنا , بكل بساطة هيا تعالوا وخذونا "
قال بضيق " من يمر من هنا لم أرى أحدا طوال فترة بقائنا ثم لما يأخذونا وما يصنعوا بنا "
قلت بغضب " بك أنت لن يصنعوا طبعا ولن يأخذوك ولو وضعنا معك مالا لأخذك أما الفتاة لا يا غبي "
تأفف وأشاح بوجهه عني فقلت بغيض " إن كررتها ثانيتا قطعت رأسك غادرا هيا "
غادرا المكان ودخلت أنا المستودع ووجدت ميس تضرب بقدمها الأرض بغضب وتنظر لمكان قدمها
نظرت لها بحيرة وقلت بتساؤل " ما بك "
نظرت لي بحدة وقالت " الصراصير إنها تخرج لي دائما "
قلت بهدوء متوجها لمكان جلوسي " هذا لأنك لا تأكلين كل الطعام الذي احضره لك وهي تخرج له "
نظرت باتجاهي وقالت بغضب " ولما لا ترحمني من سجني ما فعلت لك لتفعل بي كل هذا "
قلت باستياء " ميس كنتي هادئة طوال الأيام الماضية ما بك اليوم "
قالت بصراخ " هادئة ..... ما رأيك أن تقول مبسوطة بوجودي معكم هنا "
نظرت للأعلى متكأ على العمود في صمت فقالت بأسى
" لما لا تطلق سراحي ما الذي ستستفيد به مني "
لم أجب فقالت بهدوء " لو اختطف أحدهم شقيقتك أو زوجتك هل كنت ترضى بذلك "
قلت بهدوء مماثل " لا طبعا "
قالت بحدة " لما تفعلها معي إذا هل لأنه ليس لي أب ولا شقيق تختطفني بدم بارد "
تأففت بضيق ولم أتحدث فقالت بغضب " أنا من يحق له التأفف والتذمر وليس أنت "
ثم قالت بحزن " والدتي مريضة وستموت إن أهملوها هناك وأهملوا أدويتها لا تخسروني
آخر ما تبقى لدي في هذه الحياة "
نظرت لها وقلت بهدوء " لن أتركك تذهبي يا ميس فلا تتعبيني معك "
قالت بغيض " لما ومن تكون أنت وهل أنت من أرسل لي تلك الرسالة لما لا تجيبني
عن كل هذه الأسئلة وما الذي تريده بالمال لتطالب بالفدية فثيابك ورائحة عطرك لا تدل
على أنك ممن يحتاجون المال فلما اختطفتني "
يبدوا أنها ترغب في السهر الليلة أغمضت عينيا متظاهرا بالنوم فجاء صوتها غاضبا
" هل تدعي النوم أقسم لو خرج لي صرصور آخر سأحمله وأرميه عليك وارني أي نوم تنام حينها "
لم أستطع تمالك نفسي فضحكت وعيناي مغمضتان ثم قلت
" ميس يبدوا أنك تريدين النوم صباح الغد أو أنك نمت في الصباح لهذا لم تنامي
فور وصولي كعادتك "
قالت بسخرية " حقا ياله من استنتاج رائع ويا لك من ذكي "
توقفت بعدها عن الكلام فتحت عيناي ونظرت جهتها فكانت نائمة على الفراش
ووجهها مغطى بالبطانية آه أتمنى أن أنجح في هذا ولا تجني هذه الفتاة بسببي
متاعب جديدة على ما رأته في حياتها