لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-14, 09:54 AM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زهرة منسية المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس

 
دعوه لزيارة موضوعي


يا للدهشة.... لم تقاوم فبقيت يدها بين يديه, و حدقت به غير مصدقة... فتركها, و جلس كأنما يتحداها بأن تهرب.... لكنها بقيت مسمرة فى مكانها, تنظر إليه....
ـ الأمر بسيط حقاً, فأنا فى الثانية و الثلاثين, و غنى جداً.... و اعتبر ناجحاً بكل ما أفعله. حتى الآن لا أميل إلى الزواجو نجوت من كل مكائد النساء الهادفة إلى الإيقاع بىّ... لكننى أجد الأمر متعباً جداً... فلو تزوجت ... سسأتحرر من كل هذا.
ـ أحقاً ترغب فى الزواج... لماذا؟ ألتخلق لنفسك الأعذار؟
ـ شئ من هذا القبيل, و ستكون طريقة مقنعة لإنهاء كل كل العلاقات الأخرىالتى يمكن أن تشكل لىّ أزمة أو ورطة.
ـ أظن أن هذا الاقتراح شرير و مريعو لا يمكن لك أن تعنيه!
ـ أوهـ... و لكننى أعنيه. فالزواج ليس مجرد عقد قانونى و إذا ساورك شك ما... أطلعى على إحدى قضايا الطلاق التى توليتها.... و انظرى ماذا يحصل عندما يقرر الناس إلغاء هذا العقد. أتظنين أنهم يتحدثون عندها عن الحب أو المسؤولية أو الرغبة مايسى؟
وضحك بمرارة:
ـ أؤكد لك أنهم لا يتكلمون سوى عن المال و الممتلكات الخاصة... ربما لا تصدقينى ... فأنت رومانسية.
ـ ماذا تقول؟ هذا غير صحيح فقد تتعقد الأمور و تفشل أحياناً... رغم الكلام و الوعود التى يقطعها الزوجان فى البداية.
فضحك:
ـ أةهـ..... حسناً.... إنهم يقولونها و يعنونها... و أعترف أن مراسم الزواج مظاهر شاعرية... لكن إذا قطع الناس هذه الوعود, فعليهم الألتزام بها, أليس كذلك؟ و أظن من واجب المرء أن يخترغ نوعاً جديداً من الزواج... دون شاعرية, دون قسم, مجرد اتفاق عملى قانونى.
ـ هذا ليس زواجاً!

ـ إنه بديل.
فضحكت ساخرة:
ـ لا أظنه يستمر.
ـ قد يستمر.... و هذا ما أعرضه عليكـِ!
ـ علىّ أنا؟
ـ طبعاً.... ذلك سيمكننى من ممارسة حياتى الخاصة كيفما أريد, و أظن أننا سنتفق معاً.
ـ بالطبع أنا لن أتفق معك!
ـ و لِمَ لا؟
ـ لأننى لا أحبك.
ـ لكننى اقترح اتفاقاً عذرياً .... أفلاطونياً.
ـ عذرياً؟
ـ طبعاً.... و لا تخافى أن أستغلك.... ستحصلين على غرفتك الخاصة.... فلا تقلقى مايسى, و لا حاجة لك لإقفال بابك.... فلن افرض نفسى حيث لا أكون مرغوباً.
شئ ما فى صوته جعلها تتردد:
ـ اتفاق؟
ـ أجل... يمكننا تسميته اتفاق قديم العهد.
ـ قديم العهد؟
ـ كفى عن تكرار كلماتى..... أنت تعرفين تماماً ما أقصد. أعلم أنك وجدت صعوبة فى التمييز بينى و بين أخى.... لكن ذاكرتك لم تنس أبداً.... و أجد غرابة فى ترددك بالحديث عن فانكوفر...
أحست مايسى بالدم يضج فى أذنيها, أحست بالسنوات تمر أمام عينيها, رأت وجهه يتغير, يسترد طفولته و بدا لها أكثر لطفاً ....فغطت عينيها بيديها ... فسارع يقول:
ـ إذن أنتِ لم تنسٍ؟
ـ لقد مر زمن طويل ....
ـ ربما أستطيع إنعاش ذاكرتك. أتذكرين المنزل مثلاً؟
ـ طبعاً أذكره!
فجأة أحست بالعرق بتفصد على جبينها, و تابع:
ـ ربما تذكرين قطعة الأرض الممتدة إلى البحر؟ و المرعى خلف المنزل؟ أتذكرين؟
فاستدارت نحوه بغضب:
ـ توقف عن هذا!
ـ و تذكرين تبعاً لذلك وجودنا هناك عند عمتك كارلا, و آبيغال و أنت..... و أنا.. و ليو........
صاحت و هى تلتفت بعنف نحوه:
ـ ـ هذا يكفى! أنت لست فى المحكمة الآن... و لن تستطيع استجوابى ... أتركنى و شأنى... فأنا لا أذكر شيئً!
ـ لا تذكرين أم لا تريدين أن تتذكرى؟ أيهما مايسى؟
و مد يده يمسك ذراعها ... لكنها تمكنت من الأفلات منه... مع ذلك أحست بالصور تتحرك فى أعماق ذاكرتها... و عرفت دون سبب أن عايها تجاهلها و تعمدت تغيير الموضوع فقالت:
ـ اقتراحك سخيف!
ـ ليس سخيفاً... عليك مواجهة الماضى عاجلاً أم آجلاً, فَلِمَ لا يكون اليوم ؟ هل تخافين من كل ما حدث أو احسست به؟
ـ أصمت.... استحوذ الماضى عليك فلم تاتِ على ذكر سواء... منذ اتقينا...
ـ ربما لأنه مهم لىّ...
فردت بحدة:
ـ حسناً... لم يكن مهم لىّ.... كان مجرد عطاة, كأية عطلة أخرى.... كنت يومها فى الخامسة عشرة من عمرى... و الوقت الذى أمضيناه هناك لم أعد أفكر به...
ـ و هل هذا صحيح؟
كل ما تفكر به الآن هو كيفية إيلامه بقدر ما تألمت بسببه.....
فردت ببرودة:
ـ طبعاً صحيح ! و بالتأكيد أنت ... كورد.... من بين كل الناس لا تتصور شيئاً مختلفاً؟
ـ مال الذى حدث إذن؟
ـ لا شئ.... و لا أعرف... ربما عبثت معك قليلاً....
و ضحكت ضحكة كريهة محسوبة و أكملت:
ـ ربما أكون أشبه أمى على كل الأحوال.
سيوقفها الآن عند حدها لا شك. سيصيح فيها أنها تكذب... و يجبرها على الاعتراف بالحقيقة, يقول لها إن ما تقوله كذب.... و إنها يوماً ما... لكنه لم يتحرك... و لم يقل شيئاً.
أخيراً استدارت و قالت بصوت مخنوق دون أن تنظر إليه:
ـ و أنت ؟
ـ أنا ؟
ـ أجل أنت. يبدو أنه استجواب من طرف واحد.... إذا كنا سنتحدث عن الماضى اخبرنى كورد, ماذا كنت تشعر يومذاك؟
و تصلب وجهه ورد ببطء متعمد:
ـ أوهـ... ألا تعلمين مايسى؟ أعتقد أن الأمر واضح.... فأنا مثلك لم أشعر بشئ إطلاقاً... ربما إنجذاب عابر, كما قُلتِ... و لم استطيع التحديد فى ذلك السن.
آلمها ما تفوه به و خسرت آخر أمل تعلقت به و كأنها خطت إلى الفراغ و ارادت أن تصرخ... لكننى كذبت ...ما قلت غير صحيح, لكنها لم تستطيع أن تتكلم... فقد أمسك بكلماتها بل هو أكثر من الخوف... لإنه شك قاتل رهيب... ربما كان على حق! فطوال هذه السنوات كانت تتمسك بكذبة... فاستدارت عنه, و قالت مرتجفة:
ـ أنا لا أفهمك.... و ليس بيننا أى اتفاق.
ـ واضح, لم أكن دقيقاً فى تقديرى, كان يجب أن أكون أكثر دقة. لقد بدا لىّ أنه سيكون لتفاقاً ناجحاً نظراً لما حدث بين أبى و أمك....
فقاطعته بشراسة:
منتديات ليلاس
ـ زواج دون حب؟
ـ هل يمكن أن ندعوه زواج مصلحة و اتفاق؟
ـ أدعه كما يحلو لك! البسه أى ثوب يرضيك! إنه نوع من الانتقام مهم زيفته... و لن يكون لىّ شأن به!
فتقدم منها خطوة.
ـ حسناً... نعود إلى الطلب الأول.
حدقت به مذعورة:
ـ ماذا؟ بعد الذى قلته لىّ؟ لقد قلت أنك تفضل... المرأة الخبيرة؟
ـ هذا صحيح.... بوجه عام.
و ابتسم لها باسترخاء, و أرجع شعرها عن كتفيها و وضع يده على عنقهاو قال بصوت ناعم:
ـ علىّ أن أقبل بالموجود... أليس كذلك مايسى؟
و نفضت يده عنها بغضب:
ـ لا! لن تفعل! سئمت كل هذه الألاعيب! سأفعل ما كان يجب فعله من البداية... سأخبر الشرطة بكل ما حصل....
ـ أوهـ... أفعلى أرجوكِ. فعائلتك لا تخلو من الفضيحة... و بذلك تحصل آبيغال على حكم مع إيقاف التنفيذ... و ديكى مخلص لها و سوف يقف بجانبها.
و ترك التهديد يتغلغل فى أعماقها... و ساد الصمت.
ـ لن تستطيع فعل هذا... كورد أرجوك! لطالما آمنت...
ـ آمنت بماذا؟
ـ بإنك... شريف... أعرف أنك تكره أمى و عائلتها... لكننى أرجوك كورد... فأنت لا يمكن لك...
ـ ربما تغيرت... و أنتِ قادرة على التغيير مايسى, و الله أعلم .
عاد الخوف يجتاح قلبها و بدت على وجهه كراهية باردة لم تفهمها... استدارت بسرعة على عقبيها مبتعدة:
ـ أنا ذاهبة.... مكتفية بذلك.
فجأة امسك بها بين ذراعيه.... بعنف و غضب مكبوحين.
ـ و أنا سئمت من أكاذيبك و ادعاءاتك اللعينة, أنتِ لن تغادرى هذه الغرفة حتى تقررى بطريقة أو بأخرى.
و جذبها أكثر بين يديه ليصبح فمه على شعرها:
ـ مايسى... هل هذا صعب جداً عليك؟ لماذا لا تغمضين عينيك؟ لماذا لا تتخيلين أننى أخى؟
اعتمر قلبها بثورة عارمة فدفعته بقوة و صاحت:
ـ لا! كيف أحتملك و أنا اعرف تماماً مقدار كراهيتك و احتقارك لىّ... و أننى لا أوافق هواك؟ الأفضل أن أموت.
ـ لا تكونى مأساوية!
ـ حسناً.... سأعالج هذا الموضوع و فق طريقتك كورد... ببرود.... و كأننى آلة... هذا ما يعجبك أليس كذلك؟ سأتزوجك و حسب شروطك... و لىّ شرط واحد هو أن لا تلمسنى أبداً. عله يجعلك بائساً بقدرى.
وضحك تجاه غضبها:
ـ أهذا قرارك النهائى؟
ـ أجل.... قرارى النهائى!
ـ هذا جيد... اتفقنا. سنتزوج بعد أسبوع, و سأحصل على رخصة خاصة.... و سنسافر إلى باريس لقضاء شهر العسل. لدى أعمال أقضيها هناك, و هكذا نحافظ على بعد المظاهر.... و الآن... بعد أن أتفقنا, أتحبين أن أتصل لكِ بتاكسى ليوصلك؟
حدقت به مايسى غير مصدقة, و قد ألتقطالهاتف بكل اتزان و طلب التاكسى.... ثم استدار.
ـ عظيم... سيكون هنا بعد دقائق... دعينى أحضر لكَ معطفك.
ـ كورد... لا يمكنك فعل هذا!
ـ بل أستطيع.
ألبسها المعطف متحاشياً ملامستها. فنظرت إليه بعينين جف دموعهما و بصوت تخنقه البحة:
ـ ـ كنت تخطط لهذا الأنتقام منذ البداية.
ـ هذا ممكن.
ـ أكرهك! و هذا الزواج كريه... كذبة لعينة! و سيكون كالجحيم لنا معاً... و أنت تعرف ذلك!
ـ لا تقلقى مايسى... سيكون جحيماً فى غرف نوم منفصلة.... و الآن دعينى أوصلك إلى السيارة


منتديات ليلاســــــــــــــــــ

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 27-09-14, 09:58 AM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زهرة منسية المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس

 
دعوه لزيارة موضوعي

ثوب العرس كان قديماً ...يعود إلى أمها ثبتت طرحته على رأسها بزاوية حريرية من الزهور القماشية و اللآلىء. نظرت إلى نفسها فى المرآة فرأت الزهور أكثر بياضاً من بشرتها و اللآلئ تتدلى كالموع. فاشاحت بوجهها ...لقد حان الوقت.
عبر الغرفة كانت آبيغال على السرير تبكى بصمت.... فأحست مايسى برغبة جنونية للضحك, فهذا الزفاف أشبه بجنازة. و وقفت:
ـ آبيغال أرجوكِ ...لا تبكى الآن.... أرجوكِ توقفى.
نفخت آبيغال أنفها فى المنديل:
ـ لا أستطيع فهم ما تقدمين عليه.
ـ و لماذا يتزوج معظم الناس؟
ـ ماى! لا يمكنك إخفاء الأمر عنى! أنتِ لا ترغبين فى الزواج منه... لطالما كنت تكرهينه....
ـ هذا غير صحيح!
ـ لقد فاجأنى قرارك, زواج دون حفل أو حضور. الأمر فظيع مايسى!
ـ كورد....
و ترددت عليها أن تعتاد مناداته:
ـ كورد أراده زواجاً سريعاً قدر الإمكان.
ـ ماى... أنتِ تكذبين علىّ... فالأمر يتعلق بالمال, أليس كذلك؟
ـ بطريقة غير مباشرة.
ـ تلك هى غلطتى! الورطة هى التى جعلتك تقابلين كورد ثانية.... أوهـ ماى... أنا واثقة أنك مخطئة.
ابتسمت مايسى بلطف... هذا صحيح... ليس المال أو ما فعلته آبيغال هو ما دفعها للموافقة... أنه الماضى, و رجل استطاع احتضان الأنتقام عشر سنوات.
نظرت إلى ساعتها بقلق, ثم إلى عينى شقيقتها بيأس:
ـ حسناً... يجب أن نذهب الآن.
ـ لا تحزنى ...فتكدرى مايك.
خارج المنزل, سيارة كبيرة ضخمة كانت تنتظر, و كان مايك, رب عملها ينتظر, قبلها بحرارة, و ساعدها هى و شقيقتها على الصعود.
و ابتسم لها قبل أن تنطلق السيارة
ـ أتعلمين يا عزيزتى.... أنا لم أكن مسؤولاً عن تسليم عروس إلى عريسها من قبل حتى أننى لم أزواجاً من قبل... و منذ أكثر من عشرت سنوات.... كان يجب أن يحل والدك مكانى... و كان يجب أن تبرقى له.
ضغطت على يده بلطف:
ـ أنا سعيدة بوجودك منتديات ليلاس
غصت آبيغال ببكاء مكبوت, توقفت السيارة:
أوهـ ....ماى!
أمسك مايك بيد مايسى:
ـ أصمتى آبيغال أنها تعرف ما تفعله.
تركتهما آبيغال متقدمة أمامهما.... و استندت مايسى بضعف إلى ذراع مايك... ترددت قليلاً ثم رفعت الطرحة إلى الأمام لتغطى وجهها, و دخلت الكنيسة. كان الأرغن يعزف عزفاً ناعماً, داخل الكنيسة عتمة تنيرها شموع بنارها المتموجة المدخنة.... و كان المكان خالى تقريباً.
لكن مايسى لم تشاهد المقاعد الفارغة, و لا الأشخاص القليلين على جانبى الممر المؤدى إلى المذبح, فمنذ لحظة دخولها لم تشاهد سوى رجل واحد... ذلك الرجل الطويل الأسمر, الواقف و ظهره إليها عند المذبح.... تحركت نحوه و كأنه شبح, تحلم... غير واعية إنها تمشى... استدار الشبح حين اقتربت و التقت عيناه الرماديتين بعينيها. "أيها الأحبة الأعزاء...إجتمعنا اليوم هنا........" آخذ الكاهن يرتل الكلمات بدل من إلقاءها, و بدت الكلمات لـ مايسى و كأنها آتية من البعيد... حاولت أن تشيح بوجهها عن وجه كورد و لم تستطيع فيناه كانتا تحرقانها... وجه جدى, و تعابيره متجهمة.
امسك بيدها خلال تلاوة المرأسم و لم يتحرك... و فجأة.... تلاشئ قلقها, بدا لها أن قوة ما تنبض فى أيديهما المتشابكة, من جسده إلى جسدها, فأحست على الفور بالطمأنينة, و بأمن غير عادى, سرى فى شرايينها مع الدم.
و التفت الكاهن نحوهما:
ـ "أتقبل بهذه المرأة زوجة لك, لتعيش معها كما أمر الرب فى سر الزواج المقدس؟ هل ستحبها, تواسيها, تحترمها, تحافظ عليها, فى المرض و لصحةو تخلص لها طالما أنت حى؟"
عينا كورد ما زالتا مسمرتان بها... ساد صمت طويل بارد. بدا لها أن كل الدماء جفت من شرايينها... و فكرت بجنون, سيكذب الآن و يجب أن تمنعه قبل أن يقسم يميناً كاذباً, و تصاعدت الكلمات إلى فمها, لكن الصمت انكسر و تعالى صوته العميق الآجش:
ـ سأفعل!
فماتت الكلمات على شفتيها.... و شحب لونها من هلع عندما استدار الكاهن إليها:
"هل تقبلين بذا الرجل....."
تمسكت بيد كورد ...تنظر إليه, إنه لا يرى وجها من خلف الخمار, لكنه قد يرى عينيها القلقتين اللامعتين.... ربما أحس بشئ ما, فتغير وجهه للحظة, طغت على السطح ذاكرتها صور الماضى و العلاقة القديمة و عواطف مكبوتة أطلقت عنائها الآن ملأت قلبها بالحب الذى انكرته على كورد...
و تناهت إليها كلمات الكاهن, بوضوح كامل, تحدد الزمن مع الذكريات, ليصبحوا إيقاعاً ضخماً يستولى على تفكيرها, و على نبضات قلبها... الأمر بسيط إذن... و ليس بهذا التعقيد... لقد رغبت بذلك قبيل أن تبلغ مشارف أنوثتها و نضوجها منذ زمن بعيد.... فى ذلك البلد. و ها هى الآن تحس أنها واقفة... فوق صخرة مرتفعة و الريح المنعشة تهدهدها.
"...تتخلين عن الآخرين.... تلتزمين معه... فى المرض و الصحة, تخلصين له, طالما أنتما أحياء؟"
ترك كورد يدها.... فاستدارت تنظر إلى الكاهن و دون تردد أو تأخير قالت:
ـ سافعل!
انتهى الأمر.... فسرت تنهيدة و كأنها ريح باردة عبر الحشد الصغير...و ارتجفت أنوار الشموع للحظات, كانت مغمضة العينين.. إنه صوتها... تكلمت... و أقسمت... لكنها لم تشأ لشفتيها أن تتحركا... ثم تذكرت لحظة الأنفصام. لأبد أن الكلمة خرجت من الموسيقى الصامتة فى قلبها.... أو من الماضى....صحيح أن امرأة ناضجة تقف هنا, إلا أن فتاة صغيرة هى التى تكلمت.... و أنتهى الأمر! و التفتا معاً إلى الكاهن ليقول كل بدوره بصوت مضطرب:
ـ بهذا الخاتم أتزوجك...."
كان خاتماً ذهبياً بسيطاً... كانت يداه ترتجفان و هو يضعه فى إصبعها, فأحست بلمسة باردة.... و تلاشت الموسيقى و آلم التفكير رأسها... لقد كذب, هذه الحقيقة أخافتها و حدقت بيديه... لم تكن قد أحست يوماً أنها أقرب من الآن من خطيئة إنسان... بقيت عيناه تنظران فى الأرض و لم يخبرها وجهه بشئ.
ركعا... تباركاً و صوت الكاهن صدى أنغام فوق رأسيهما المنحنيين.........
عاد الأرغن للعزف ثانية بعد أن وقفا.... فاستدار إليها كورد يرفع الطرحة عن وجهها, و التقت نظراتهما فحجب العالم من حولهما... أضاء الأمل فى نفسها لحظة لمس الخمار.... لكه انطفأ كما تنطفئ الشعلة من جراء النظرة الباردةالتى رأتها فى عينينه الرماديتين, و مال إليها و قال بصوت مرتبك:
ـ يجب أن أقبلك مايسى.
و بصمت رفعت له وجهها مغمضة العينين, فأمسك بذراعيها و قبلها على جبينها, فأحست بقلبها يحترق.... إنه يقبلها كما يقبل طفلة ليطمئنها........
كان كورد قد رتي كل شئ... فذهب الجميع إلى منتديات ليلاس منزل قريب لأحد أصدقائه. كانت النار المشتعلة ترسل الدفء فى غرفة الأستقبال ورائحة الورود و الزنبق تفوح من السلال التى غص بها المكان... على الطاولة ى الزاوية كان الطعام و المقبلات و الشراب... لكنها كانت تنظر إلى ما حولها بعينين مكتئبتين, تحس و كأنها تتحرك بصعوبة و كأن صداعها يشل
منتديات ليلاس
حركتها. كان هناك مجموعة صغيرة من الضيوف... مايك كان هناك, يتحدث إلى اللايدى تننت, التى جاءت دون تردد بناء على إصرار مايسى, و كذلك ديكى مع آبيغال... و رجلان آخران لا تعرفهما مايسى, أصدقاء لـ كورد كما تعتقد...و كادت مايسى تنفجر بالضحك... هذا كله أمر سخيف.... هذه التمثلية التى اصر عليها كورد... إنها لا ترى ضرورة لها إلا إذا كانت رغبته فى أن يجعلها أكثر تعاسة مما هى عليه, كانت تتوقع احتفالاً بسيطاً متواضعاً... فى مكتب تسجيل العقود, و الشهود من الشارع.
ـ يا عزيزتى!
و التفتت لتجد اللايدى تننت تهنئ كورد, و تشير إلى أيام المدرسة مع أبنها... ثم تقدمت لتقبل مايسى مبتسمة:
ـ أنت كتومة و غامضة عزيزتى... لقد قلت لىّ أنك لا تفكرين بالزواج!
ـ لم أكن أفكر به.... لقد حدث فجأة.
ـ صحيح؟ لكنكما تعرفان بعضكما منذ الطفولة.... أظن أن آبيغال قالت ذلك.........
ـ هذا صحيح.
ـ أتمنى لكما السعادة عزيزتى... كم تبدين جميلة بوجنتيك المحمرتين.
مر الوقت بطيئاً, لكن دفء النار و الطعام الممتاز, و الجو الحميم, ترك تأثيره على مايسى فانسجمت بالأجواء التى مالت تدريجياً إلى المرح و الأرتياح و تخلى الساهرون عن تحفظهم فتجاذبوا الأحاديث و لم تنسى مايسى التودد إلى أصدقاء كورد... و مايك و أختها آبيغال.
تقدم ديكى مهنئاً مبدياً سعادته لما أقدم عليه كورد معلقاً :
ـ هذا أفضل ما حدث له فى حياته , أتعلمين
أرادت أن تسأله ماذا يعنى ... لكن صوت آخر شد انتباهها:
ـ مايسى... كيف التقيتما مرة ثانية بعد هذه السنوات.
التفتت بسرعة, لترى الوجه العريض ذى الشعر الأشقر المائل للاحمرار, هو أقل كثافة من شعر كورد, بدا وسيماً بفمه الطفولى, فنظرت فى عينيه الرماديتين و قالت بصوت منخفض:
ـ ليو!
و قبل أن تعترض تقدم منها يعانقها.
ـ كنت أظن أنكِ نسيتنى!
ـ لم أنساك أبداً.
و تحررت منه بسرعة, فبدت على وجهه السخرية :
ـ أوهـ ... لا تنظرى إلىّ!
اتسعت عيناه بطريقة صبيانية ورمقها بنظرة صريحة لم تكن تثق بها أبداً و أخفض صوته هامساً:
ـ و أنا ليست مدعواً و يفترض بىّ ألا أكون هنا. ألا يصدمك هذا؟ شقيق العريس... و صديق قديم لك.
ـ ألم يدعك كورد؟
ـ بل أصدر أوامره الصارمة بالأبتعاد إلى مكان آخر. أتسأل لماذا؟ أتعلمين؟
نظرت إليه مايسى ببرود:
ـ إذن ألا يجدر بك أن تغادر؟ أظنه بإمكانك, فهو لم يرك بعد....
ـ أنت محقة يا حبيبتى... إنها تضحية جيدة, لكننى لا أعمل بالنصائح الجيدة... فهذا هو مبدئى.
ـ لم أكن أعلم أنك ذو مبادئ.
لكنه تجاهلها و أكمل كأنه لم يسمعها:
ـ كان يجب أن أراك, مايسى. تبدين جميلة. و كذلك آبيغال. كيف حالها؟ و هل سويتم تلك المؤامرة الصغيرة؟
ـ الأفضل لك أن تسأل كود فى هذا.
ـ حقاً؟
ـ أخرج من هنا!
إنه صوت كورد... و تقدم ينتزع يد أخيه من ذراع مايسى التى نظرت إلى وجهه فتلمست فيه الغضب لكنها اطمأنت لأن أحداً لم يشعر بما حدث. تراجع ليو, ثم استعاد رباطة جأشه و التقت عيناهما:
ـ اجبرنى على الخروج!
و نظر كورد فى وجه مايسى الشاحب ثم وجه أخيه الذى تثاقلت أنفاسه و تقدم من مايسى يتأبط ذراعها بعيداً عن ليو, اقترب مايك يبدد القلق رافعاً كأسه :
ـ أشربوا نخب العروسين السعيدين مايسى و كورد
التفت إليه الجميع و رُفعت الكؤوس و تعالت الضحكات.... و وسط الهرج المرج, ظهر الخادم بكل فخامة يجر أمامه عربة طعام عليها قالب حلوى مذهل.. لاحظت مايسى دهشة كورد مما فاجأه به الخادم فهذه الحلوى من صنع يديه.... فتقدمت مايسى إلى الأمام و شكرت الخادم بقبلة خجولة بينما كان كورد مقطب الجبين متجهماً.
ـ إنه جميل! شكراً لك.
ـ شئ متواضع, سيدتى.
رفع القالب بحذر ليضعه على الطاولة أمام الجميع, فتحلق الموجودون حوله... تظاهرت مايسى بالحيوية و السعادة و نظرت إلى كورد تمسك بسكينة فضية ملفوفة بمنديل سفرة أبيض ككانت بجانب القالب:
ـ يجب تقطيعها كورد.
استجمع كورد نفسه بصعوبة.
ـ طبعاً.
أمسكا بالسكين بيدين مرتجفتين ليوج كورد طرفها إل القلب الطابق الأول, ثم أمسك بأصبعها, يضغط عليها بقوة... و أجبر السكين أن تقطع عميقاً, لكن مايسى لاحظت أنه لا ينظر إلى القالب, بل إلى الطرف الآخر للغرفة, نحو ليو الذى كان يقف غير مبال, يتكئ على الباب ... تحين لحظة نظرت إليه فرفع كأسه بتحية ساخرة... فأشاحت بوجهها عنه.
أخذ الخادم يقطع الحلوى ليوزعها... لكن كورد نظر إلى ساعته و قال لها:
ـ يجب أن نذهب بعد قليل.
ـ الأفضل أن أغير ملابسى
ـ نعم... هذا أفضل.
انفردت مع شقيقتها فى الغرفة التى فيها ستبدل ملابسها و أحست بالارتياح... نزعت الخمار من شعرها و ساعدتها آبيغال على خلع الثوب, فلاحظت شيئاً ما على يد مايسى اليمنى فقلقت:
ـ أوهـ.... حبيبتى! أنظرى! ماذا حدث ليدك؟ أنه آثر السكين الذى أمسكت بهلابد أن كود لم يشعر كم ككان يضغطعلى يدك, علامة و كأنها الوشم حين يجمد خطاً دموياً تحت جلد يدك.
و ضحكت آبيغال:
ـ كورد لا يعلم مدى قوته. الأفضل أن تحذريه يا حبيبتى.
ابتسمت مايسى, و قد سرها أن ترى آبيغال سعيدة. ثم قالت بسرعة:
ـ أوهـ.... ليس مهماً.
و أكملت خلع الفستان, السيارة الفاخرة التى أحضرتها إلى الكنيسة أخذتهما إلى المطار... و بينما هما يغادران المنزل رشت آبيغال الأرز عليهما, و رمتهما اللايدى تننت بحفنة من الأوراق على شكل قلوب و أجراس ملونة... فى الطريق قال كورد لـ مايسى:
ـ أظن أننا سنصل ليلاً... الرحلة ستستغرق ست ساعات فوق المحيط... باريس دائماً جميلة, لكن للمرة الأولى يجب أن يشاهدها المرء ليلاً.
لم تفهم مايسى ما يعنيه كلماته جعلتها تتوتر, فهزت رأسها دون تعليق. و راقبها كورد صامتاً للحظات, ثم أشاح بنظره عنها.
فى الطائرة كلمها مرة أخرى:
ـ أعطنى جواز السفر لأنجز لكِ أوراق تذكرة الدخول.
أخرجت الجواز بصمت, هذا الجواز حصل عليه بمساعدة صديق له فى وزارة الخارجية, قبل ثلاثة أيام... كان الأسم عليه مايسى باكلير فأشاحت بنظرها عنه. إنها الآن زوجته, خاتمه فى إصبعها, و فى الكنيسة قطعت الوعد المقدس.
و بدأ الأمل يثور مجدداً خلف عينيها, و علمت أنها لو تركت نفسها للتفكير... لتدفقت الذكريات... ذكريات عن منززل قديم معزول, بنى عند عنق لسان عريض من المراعى يدخل فى البحر, وصيف طويل حار, و شقيقان. ذلك المساء تركت نافذة غرفتها مفتوحة, مستلقية فى فراشها الأبيض تصغى إلى هدير أمواج البحر عند الجرف الصخرى البعيد. كان الجو عابقاً برائحة طحلب الماء, و العشب الجاف, و العرزال و الخليج البرى... كورد قال ذات مرة: شعرك رائحته كـ الخلنج.
ـ بماذا تفكرين؟
استفاقت من ذكرياتها... أرادت أن تقول: أفكر بك... بالشخص الذى كنته لكنها احمرت خجلاً فهزت برأسها:
ـ لا شئ.
ـ سنصل بعد نصف ساعة.... و المسافة من المطار إلى افندق تستغرق ساعة... سنتناول العشاء حال وصولنا.
احست بالخوف ثانية فردت بسرعة:
ـ لا... لست جائعة, لكننى تعبة... و أنا...
ـ كما تشائين! سأطلب من الفندق إرسال العشاء إلى جناحنا فى حال غيرت رأيك.
كان الهبوط لططيفاً. و لم يكن المطار مزدحماً كثيراً, و مر عبر الجمارك ثم عبرا دائرة الجوازات بسرعة. أقلتهما سيارة مارة عبر الشوارع المزدانة بالأنوار و عندما توقفت, فهمت مايسدى ماذا كان كورد يعنى... أمامها تماماً امتداد المدينة السحرية, مدينة الصخب و الأنوار... و وقفت هناك, متخلصة من خوفها, ليخفق قلبها فقط بالسعادة.
كورد... أنها جميلة جداً. أريد رؤيتها كلها... كل شئ فيها.
ـ لا أستطيع التصديق... هل توافقين؟
فضحك و لأول مرة لم تشعر بالخوف منه... بدت عيناه أكثر دفئاً, و أمسكت بكم سترته دون تفكير. و على الفور أحست بحرارة يديه فوق يدها. فرفعت وجهها إليه شاكرة... كانا متقاربين أكثر مما ظنت, حين أحتضنها أحست بموجة حنين غير عادى فحبست أنفاسها, إنه احساس مطالب جاء رأساً من قلبها دون المرور عبر عقلها. و كأن دمها, ذاتها, هما المفكران. أحست بنفسها تلتصق بجسده, كانت أنفاسه قريبة من بشرتها, و فمه قريب كذلك. لكنه لم يكن بالقرب الذى تشتهيه نفسها الآن.


نهاية الفصل الخامس

قراءة ممتعة


 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 27-09-14, 09:59 AM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زهرة منسية المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس

 
دعوه لزيارة موضوعي

6 ـــ تـــزوجـــــــــــــت وهــــــمــــــــاً


منتديات ليلاس

دخل كورد و مايسى بهو الفندق و أتى من يهتم بهما و يحمل حقائبهما و كانت الأنوار الساطعة تغشى البصر مما أبهر عينى مايسى... و تقدم رجل صغير الجسم يرتدى بذلة سوداء رسمية ماداً يده مرحباً:
ـ مسيو باكلير, سيدتى! أهلاً بيكما فى باريس.... و تهنئتى القلبية مسيو, و إلى المدام الجميلة. أنه شرف لنا مسيو باكلير .
رد كورد عليه بفرنسية طليقة, و حاولت مايسى أن تفهم ما قال, فلاحظت أن كلامه أصبح أكثر حدة عندما طرح على المدير سؤالاً, فتجهم وجه الرجل... و بدا عليه الشك, ثم قال :
ـ كيف ؟ لكن لا! مستحيل.... تلقينا برقية بالأمس.
و استدار إلى مكتب الأستعلامات ليخرج ورقة, نظر إليها كورد متجهماً. أخذ المدير يتمتم بكلمات الأعتذار ....استدار كورد نحو مايسى ليمسك بمرفقها و يتنحى بيها جانباً... قائلاً بصوت متوتر:
ـ مايسى!
ـ ما الذى حدث؟ ألم يتلقوا برقية الحجز؟
ـ بلى... لكن الحجز تغير.
نظر إلى حيث كان المدير يدور حول نفسه بقلق, ثم تحرك يحجب وجهها عن نظر المدير, و أخفض صوته:
ـ مايسى... أرجوك صدقينى.... يجب أن تثقى بىّ, لقد حجزت جناحاً بغرفتين لكن بطريقة ما تغير هذا الحجز بعد أن تلقى الفندق برقية لتغييره البارحة.
ـ برقية؟ ليست أفهم.
ـ فكرة أحدهم للمزاح كما أظن.
ـ لكن من يكون؟ ألا يمكن التغيير؟
فهز برأسه:
ـ يبدو أن الأمر مستحيل ...فنصف الفندق مقفل لتصليحات التى لا تنتهى قبل الربيع, و هناك مجموعة كبيرة حجزت ما تبقى هذا الصباح.
انزعاجه و غضبه كانا ظاهرين, فلم تشك مايسى بكلامه. تنفست عميقاً و أمسكت بكم سترته و هى تبتسم:
ـ أرجوك كورد.... لا تهتم... لا بأس بما حصل... نستطيع تدبر أمرنا... أرجوك, أنا واثقة أن غرفة واحدة ستكون جميلة و مريحة.
تردد قليلاً, ثم قال بعصبية ظاهرة:
ـ أتظنين أننى....
فقاطعته بثبات:
ـ لا.... بالطبع لا. و الآن قل له إننى سعيدة... هيا.
للحظة برقت عيناه بما يشبه الاعجاب, و استدار إلى المدير:
ـ حسناً..... زوجتى سعيدة بهذا.
تهلل وجه المدير, و أنارت وجهه الشاحب ابتسامة فرافقهما حتى المصعد منحنياً لهما, فأمسك كورد بذراع مايسى و تقدما نحوه.


منتديات ليلاســــــــــــــــــــــ

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 27-09-14, 10:01 AM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زهرة منسية المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس

 
دعوه لزيارة موضوعي


كانت الغرفة من أجمل الغرف التى شاهدتها فى حياتها.... سقفها تزينه قناطر مزخرفة رائعة.... فى طرفها الآخر أبواب مرتفعة تؤدى إلى شرفة تطل على منظر جميل ... فيها صندوق مزخرف بالحفر سطحه من الرخام, الخزانة كبيرة تناسب حجم الغرفة, لها أبواب من خشب الورد ثبت فى داخلها مرايا طويلة. السجادة أثرية زهرية اللون مزينة بالزهور ... فى طرف الغرفة باب يقود إلى حمام كبير أرضه من الرخام, و مغطس ضخم له قوائم و كأنها مخالب ....
و عبر باب آخر غرفة جلوس صغيرة فيها طاولة مغطأة بشرشف أبيض, عليها بعض اللطعام و بعض الشراب وضع فيها الثلج ليبرد.

منتديات ليلاس
كانت الزهور تحيط بـ مايسى من كل الجهات مما أبعد عنها شبح الشتاء و قساوته: الغاردينيا, الورود, السوسن, و التوليب بألوانه المختلفة... نظرت للطرف الآخر من الغرفة, ثم أشاحت بوجهها... ثم عادت النظر: هناك سرير, يحتل المسافة الأكبر من الغرفة, فأحمر وجهها و عاد التوتر إليها, كان السرير عريضاً, مغطى بأغطية بيضاء مطرزة, عليه وسائد كبيرة مربعة و مزينة بالشرائط المخرمة, جانبه الأعلى عند الرأس أثرى قديم من الخشب المحفور, تمثالان لطفلين ملائكيين يمسكان بسنابل من الخشب المحفورة بين أيديهما الصغيرة و يطلان بحياء من الزوايا.... ستارتان من الدانتيل الأبيض تدليان فوق الرأس, أنه سرير الزواج.... سرير للعشاق... و ليس للنوم, فاستدارت مايسى نحو النافذة تنظر إلى ما خلفها, منتظرة خروج المدير و الحمالين.
بعد خروخهم خيم الصمت للحظات, ... و شاهدت صورة كورد فى الزجاج يقف محدقاً بها. فاستدارت لتلتقى عيونهما, فابتسم لها ابتسامة ساخرة:
ـ آسف مايسى, ما خططت له كان أكثر تحفظاً
جف حلقها, و وجدت صعوبة فى النظر إليه:
ـ أرجوك.... لا يهم. لكننى لا أفهم... كيف حدث ذلك؟ ثمة خطأ فى البرقية, أيمكن أن يكون الحجز لأشخاص آخرين!
فهز رأسه:
ـ أوهـ... لا... ليس هناك أى خطأ, أعلم من هو المسؤول عن هذا.
حدقت به بعينين واسعتين:
ـ ليو؟.....و لماذا؟
لأسباب عديدة, و من الأفضل أن لا نتحدث عنها.
ـ لكن.....
ـ أرجوكِ مايسى, ليو يحب إثارة المشاكل ...فلا تأبهى... أكان هناك ما أساءك اليوم مايسى؟
ردت بسرعة و هى تتفحص تعابير وجهه.
ـ لا....لا... أبداً الكنيسة و المراسم... كل شئ كان جميلاً.... لقد أزعجت نفسك كثيراً.
فابتسم:
ـ قلت لك أننى أحب الطقوس.
أرادت أن تسأله : حتى الطقوس لا معنى لها؟ أو لا تحمل أى نوع من الحقيقة.
ما من فائدة فى طرح هذا الموضوع الآن... لكنه أعجبها كل ما مر عليها اليوم, الجدال و المرارة سيزيدان الأمر سوءاً. و بدأت تحس بشئ آخر يعتمل فى قلبها, تريد أن تشرح له ما أحست به فى الكنيسة, عن الذكريات, عن الماضى الذى يحضرها بقوة كلما كان قربها, و كادت تتكلم لكنها لاحظت أن وجهه تغير, و قال:
ـ يدك... ماذا حدث ليدك؟
فسحبت يدها بسرعة وراء ظهرها:
ـ لا بأس بها.
لكنه أعاد الأمساك بها.
ـ كيف حدث ذلك؟ إنها مليئة بالكدمات...
ـ أنت فعلت هذا
ـ أنا؟
ـ عندما كنا نمسك السكين لتقطيع قالب الحلوى... لكنها بخير... حقاً.... و لا تؤلمنى...
ـ أمسكت ذكرى قوته السريعة بقلبها.. و أحست أن معرفتهما بهذه القوة تفتح شيئاً ما بينهما كأنه تجويف مظلم ضخم. فأحست نفسها تغرق و تغرق فيه... لكنه ضعيف أيضاً... إنها تحس بهذا الآن فى عينيه, فى اللطف المفاجئ و القلق الذى لفهما, و سمعته يقول:
ـ مايسى .....أنا...
و تنهدت بعمق قبل أن يغقا فى عناق طويل, و فى اللحظة التالية كانت بين ذراعيه, و أحست بالرغبة تنفجر فى داخلها. فالتصقت به مغمضة العينين لا تسمع سوى نبضات قلبها و قلب الرجل الذى أصبح زووجها. و أغمضت عينيها, و لم تعد ترى شيئاً أو تعرف شيئاً, أو تعى أى شئ ما عدا احتضانه لها و ضغط جسده عليها, كل إحساساتها تجمعت فى أحساس واحد. فسمعت من خلال جسدها ضربات قلبها, و شاهدته .... هذا الرجل الذى أصبح زوجها... من خلال عينين مغمضتين, شاهدت أعماق نفسه, و أحست أنهما شخص واحد... ما وراء التساؤل, ما وراء القلق.
لم يدم ذلك طويلاً لأن كورد تراجع عنها و وقفا قريبين, أعينهما مثبتة فى بعضها, يربط بينهما ما هو أبعد من الكلام.... و كانت ترتعش فلم تقدر على الكلام, و توقعت منه أن يعاودالتقرب منها فلم يفعل... فقط أمسك بيدها التى تحمل خاتم الزواج و قبلها... فاحست بالدموع تحرق عينيها, و أن لديها الكثير لكى تقوله.... لكنه ترك يدها و تراجع, و كأنه يتعمد قطع ماكان بينهما منذ لحظات:
ـ مايسى.... أنا آسف جداً.
فنظرت إلى يديها مخفيه وجهها عن عينيه:
ـ أنا.... زوجتك.
و على الفور وجدت نفسها نادمة لأنها لم تكن تريد قول ذك, و ساد صمت قصير قطعه قائلاً:
ـ أجل.... أنتِ زوجتى, كما اتفقنا و اشترطتِ أنتِ بكل دقة. و ليس فى نيتى أن أدفعك إلى أكثر من ذلك خاصة فى الظروف الحاضرة, و لا تظننى أننى خططت لكل ما حصل دون علمك.
ـ أعلم... و لا أظن بك السوء.
ـ إذن أنتِ جديرة بالثقة و الإطراء.
إطراء حمل لهجة مغايرة لعله الإتهام....فاستدارت مايسى بائسة و تقدمت نحو ابنافذة حيث رأت أضواء المدينة المتلألئة المترامية أمامها, أسندت رأسها على الزجاج. فأحست بالأرهاق و التعب.... و تمنت لو أنها كانت لوحدها كى تستطعي النوم أو البكاء بحرية... فتسرب القلق إلى قلبها لكنها بقيت صامتة...
ـ أخبرينى.... هل أنتِ من دعا ليو إلى حفلة اليوم؟ هل قلتِ ه إلى أين نحن مسافرين؟
فاجأها السؤال فواجهته بعنف و استنكار.
ـ دعوته؟ لا! لم أشاهد ليو, و لم أتكلم معه... منذ سنوات.
ـ حتى هذا اليوم؟ لكنك كنت سريعة فى الكلام معه.
ـ ماذا؟
فهز كتفيه قائلاً و هو يتجه إلى غرفة الجلوس:
ـ لا يهم.... أتودين شيئاً تأكلينه؟
ـ لست جائعة.... أود النوم.
فرد بصوت بارد :
ـ فعلى ما شئت.
ترددت مايسى قليلاً فضحك:
ـ ستكونين بأمان... لن ألمسك فلا حاجة لك للقلق.
ـ لكن أين ستنام أنت؟
ـ لا أنوى النوم... تصبحين على خير مايسى.
و لم يضف شيئاً و دخل غرفة الجلوس و أقفل الباب, فى الفراش أغمضت عينيها... أنها ليلة عرسها, و أحست بالدموع الساخنة على خدها البارد, تتدفق من تحت جفنيها المغلقين. سوف يحطمها كورد... أنها مسألة وقت.... و غطت فى النوم.

منتديات ليلاســــــــــــــ

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 27-09-14, 10:03 AM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زهرة منسية المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس

 
دعوه لزيارة موضوعي

حلمت بـ فنكوفر, بذلك اليوم المشمس و السماء الزرقاء الصافية.... كان فى المراعى... خلف المنزل, حيث الحقل فروش بآلاف الزهور الصغيرة. كان ذلك فى فصل الصيف . حيث يستطيع المرء أن يرى اللسان الطويل الداخل إلى البحر حيث تتدافع الأمواج إلى أعلى الصخور عند ارتطامها بها ..... كانا وحدهما... لكن لطالما كانا كذلك حتى بوجود الآخرين ... عيناهما و تفكيرهما كان يعزلانهما عن الجميع.
أحست يومها, فى ذلك اليوم الصيفى أن حياتهما بدأت لتواها...و امتد أمامها, كما نو رالشمس الذهبية اللامعة...و أحست أن مستقبلها هم كورد ... إنها الآن تستلقى على ظهرها فوق العشب غير بعيدة عن الخراف التى ترعى من حولهما, تحس بالفء, دفء بعد ظهر يوم صيفى فوق جفنيها, كورد كان يداعب شعرها, فوق العشب, و الزهور و البافية ذت الزهور الزرقاء .... قال لها ذلك اليوم الأخير من سعادتهما القديمة:
ـ رائحة شعرك كرائحة الخلنج.
لم تدر كيف استيقظت.... لكن نهاية الحلم كانت قاسية فبقيت تائهة للحظات ما بين الواقع و الحلم ... و حين لامست واقعها أحست بالسعادة تقفز هاربة من قلبها و كأنها الرمال المنزلقة من بين الأصابع.
تمطت, و تحسست السرير من حولها, و كانت الغرفة لا تزال مظلمة إلا من نور ضئيل تسرب من النافذة يبشر بنهار جديد...
لقد تزوجت ذكرى .... قديماً بدا لها كورد قريباً جداً منها حتى أن كلاً منهما كان يعرف نوايا الآخر دون كلام. و لم يخطر ببالها قبلاً أن تتساءل عن نوعية هذا التفاهم, و لا أن تصرف النظر عنه أو تفكر كم كانت يافعة, أو لتكتشف أن الكلمات لا يمكن لها أن تمحى الحقيقة التى أحست بها... إنه الحب الأول ... حب المراهقة... لقد استعادت ذكرى كل شئ الآن... لقد أحبت كورد... لكنه كان رجل آخر : بارد متحفظ لا يمكنها الاقتراب منه, و لا فهم أعماقه.
و تنهدت... لا فائدة من التفكير بالماضى, لا فائدة من ترك الأمور لتأخذ طريقها كما جرى ليلة أمس ... و لا فائدة من الاحساس بالمرارة و الكراهية . إنهما هنا و باريس جميلة! و أحست بثورة من التفاؤل لهذه الفكرة... فهى, كما أدركت مندهشة, لا تريد أن تكون فى أى مكان آخر. فهذا اليوم, و هذه المدينة الساحرة بانتظارها فى الخارج... فازداد خفقان قلبها.
سمعت طرقاً خفيفاً على الباب, و دخلت خادمة إلى الغرفة تحمل صينية.
ـ بونجور مدام!
وضعت الصينية على الطاولة, لتدرك مايسى على الفور أنها جائعة.... الفطور لشخص واحد. فشكرت الخادمة التى انسحبت مبتسمة. و تناولت مايسى الصينية لتضعها أمامها و تبدأ بالأكل و هى ترمق باب غرفة الجلوس قلقة.... مامن صوت صادر من هناك... فجأة أحست بالندم العميق .... لقد نامت, حلمت, و استيقظت نشيطة, ثم تناولت الفطور... فماذا عن كورد؟
فى تلك اللحظة فُتح الباب, و دخل. حدقت به بارتباك, وراحت تتدثر بالأغطية بحركة عفوية فابتسم و تقدم فى الغرفة.... بدا منتعشاً, حليقاً, نظيفاً, أنيق الملبس. يحمل بين ذراعيه الكثير من العلب التى رماها فوق الكرسى دون تردد و كأنه يقوم بعمل بطولى, أقفل الباب و تقدم منها و انحنى ليقبل رأسها مستوضحاً:
ـ هل نمت جيداً؟ أنا أستيقظت باكراً.
تناول بعض القهوة بابتهاج, ثم جلس إلى حافة السرير متناسياً ما حدث بينهما ليلة أمس, نظرت إليه, شئ ما فى عينيه جعلها تبتسم:
ـ أظننى نمت أفضل منك... ماذل فعلت؟ أين نمت؟ على الأرض أم على أحد المقاعد الطويلة.
فضحك:
ـ على المقعد. لكنه لم يكن مريحاً. و أنتِ يبدو أنكِ نمتِ دون ازعاج.
احمر وجهها, و قد تذكرت حلمها, فابتسم متابعاً:
ـ لقد راقبتك هذا الصباح.... دخلت إلى الحمام و غيرت ملابسى, و لم تنتبهى.... نظرت إليكِ مدة طويلة و لم تتحركى.
ـ هذا أمر غير منصف!
ـ ابداً... كنتِ تبدين جميلة.
اشاحت بنظرها عنه بسرعة. ثم ترددت قبل أن تقول:
ـ إذا لم يستطيعوا اعطائنا غير هذا الجناح.... فلا يمكنك قضاء الليل فى المقعد المخصص للجلوس... و ليس للنوم.
فرفع حاجبيه ساخراً :
ـ أتعنين أنه يمكننى الأنضمام إليك فى الفراش. يجب أن نضع شيئاً يفصل بيننا, كما كان يفعل الفرسان فيما مضى. أليس هذا هو الحل؟ أم نكتفى بالوسائد؟ طبعاً هو سرير واسع... سنجد حلاً دون شك.
و وضع فنجان القهوة فةق الصينية و وقف.
ـ و الآن... أنتِ تريدين التفرج على باريس كما قلتِ بالأمس... إذا أشرقت الشمس سيكون اليوم جميلاً, بالرغم من برودته ... هل أنتِ مستعدة؟
فابتسمت:
ـ جولة سياحية؟ من الواضح أنك تعرف المدينة جيداً.
ـ بما يكفى... لطالما كنت هنا بمفردى...ساستمتع بوجود شخص آخر لأطلعه على معالمها.
ـ ما رأيك بعد نصف ساعة؟
فابتسم و استدار نحو الباب, ثم توقف:
ـ على فكرة... كم حقيبة معك؟
ـ أثنتان و واحدة صغيرة.
ـ هذا ما ظننته.... يبدو أنهم لم يرسلوا لنا سوى واحدة. لقد اتصلت بالمطار, فلا تقلقى, سيجدونها لكِ, هذا ما يحدث دائماً. أكان فيها أشياء نفسية؟
ـ لا.... بل ملابس قديمة... لا يهم.
ـ حسناً... فكرت أنك قد تحتاجين لشئ, فخرجت و اشتريت لكِ بعض الأغراض, قد لا يهمك, لكنها هناك.
قبل أن ترد فتح الباب و خرج, فجأة أحست بإثارة مجنونة عبية, و كأنها طفل ليلة الميلاد.... لم يقدم لها أحد من قبل مثل هذه الهدايا, بأصابع مرتعشة فتحت العلب, و أزاحت الأوراق الناعمة التى تغلفها, جلست على عقبيها... مذهولة... بيدو أن كورد أختار لها الأشياء التى كانت ستختارها بنفسها لو أنها كانت تملك المال الكافى لشراء مثلها... علبة مليئة بالقمصان الحريرية, و أخرى من أفضل الكنزات, و أغلى أنواع الكشمير. و حقيبة يد من أفخر أنواع الجلود. و علبة أخرى للملابس الداخلية الرائعة المطرزة تطريزاً يدوياً, و أخيراً فستاناً من أجمل الفساتين عاجى اللون بالأضافة إلى سترة أجمل منه.
حدقت مايسى بكل ما أمامها غير مصدقة.... كان هناك علبة رقيقة لا تزال مقفلةمصنوعة من الجلد.... و بيد خائفة مرتجفة, فتحتها, و حبست أنفاسها. فى الداخل و فوق مخمل أسود عقد ذهبى من أجمل ما واقعت عيناها ليه... كان قديم الطراز, من الكهرمان المثبت إلى الذهب, و الكهرمان هو لون عينيها, و ضعته حول جيدها بأصابع مرتجفة, و نظرت فى المرآة, فرأت الأحجار الكريمة تلتف حول عنقها و تضفى عليها جمالاً غامضاً, لا مثيل له.
و اسرعت بتهور و طيش تفتش بين العلب.... لابد أن كورد قد وضع فيها رسالة. لابد أن يكون هناك مذكرة ما, بطاقة ما.... أى شئ. لكنها لم تجد شيئاً ...ثم... وجدتها.... شاهدتها داخل العلبة الجلدية الصغيرة التى كانت تحوى العقد, بطاقة صغيرة بسيطة تقول: إلى زوجتى.... من كورد
لا شئ غيرها... دون تاريخ, دون عواطف, دون أثر أو كلمة, هذا كل شئ.
بسرعة, انحنت لتلتقط الفستان الكريمى اللون و ترتديه, ثم وضعت فوقه السترة المناسبة له, لابد أن كل هذا كلفه الكثير.
يجب عليها أن ترفضها و أن لا ترتديها, لكنها أستسلمت لإغرائها مكتشفة ضعفها الذى طالما انكرته على نفسها و من جهة ثانية خافت أن يغضب كورد إن هى رفضت هداياه.
رقصت عيناها فرحاً حين رأت صورتها فى المرآة, فضحكت مداعبة العقد الكهرمانى المذهب المتلألئ أمام النور, فغمرتها سعادة عارمةو سارعت لتصفق الباب خلفها و تنزل السلم, و حذاءها يطقطق على الرخام الأبيض.
فوجئ بها. فوقف حيث كان يجلس خارج المقهى, لاحظت محاولاته إخفاء مشاعره’ إلا أن السعادة كانت تضئ عينيه. لكنه لم يقل شئ بل جذب لها الكرسى لتجلس, و أمسك بيدها, ثم التفت يستدعى الساقى.
ـ قهوة؟
فهزت رأسها... ثم جمعت شجاعتها و وضعها يدها فوق يده:
ـ كورد... لم أحظ بهدايا جميلة رائعة مثل هذه فى حياتى... أشكرك.
ـ أرجوكِ ... أنها لا شئ. أنا سعيد أنها أعجبتك... أنها.... و صمت برهة و أطلق لعينيه العنان متأملاً جيدها الذى يطوقه العقد, ثم شفتيها, عينيها و أكمل:
ـ إنها رائعة عليكِ.
منتديات ليلاس
فابتسكت رغم جفاف الإطراء و عيناها ترقصان.
ـ و هى تناسب مقاسى كما ترى... تناسبنى تماماً.
و اخفضت عيناها و أكملت بحياء:
ـ كل شئ.
فتقوست شفتاه بابتسامة...فسألته ملتوية:
ـ كيف عرفت مقاسى؟... معظم الرجال تنقصهم الخبرة فى المقاسات... و خاصة...
فمال نحوها, و عيناه تسخران منها بكس:
ـ حسناً... لدى ذاكرة ممتازة. و فى المحل كانت البائعة بنفس مقاسك.
و جال بنظره عمداً نحو صدرها ثم خصرها النحيل و تابع بخبث:
ـ ....و حجمك... إنها تاة جذابة...
ـ أوهـ... حقاً؟
فضحك:
ـ لا... فى الحقيقة كانت بشعة و فى الستين من عمرها. لكن عندما شرحت لها الوضع تفهمته جيداً, و ساعدتنى, لقد وصتك لها بتفصيل لا بأس به.... و هذه هى النتيجة, و الآن... للأسف لدى عمل أقوم به و نحن هنا. لكن فى الأسبوع المقبل, لدينا عطلة يومين, و أنا تحت أمرك. ماذا تريدين مشاهدته؟ المتاحف, معارض الفن, الكنائس, برج إيفل, قوس النصر, الأسواق, الليدو.......؟
فضحكت و اجابت بسعادة:
ـ أحب أن أتجول فى المدينة, و اتفرج حباً بالأكتشاف.... ث أود الذهاب إلى مونمارتر و إلى أكاديمية الفنون... هناك رسومات نصحنى مايك أن أتفرج عليها.
ـ حسناً...موافق, سنسير و نرى أين تقودنا أقدامنا, بعدها نتناول الغداء.
ظلا جالسين فى المقهى يشربان القهوة و يتحدثان حتى أشرقت الشمس لتبدد برودة الصباح. فنظرت مايسى حولها بابتهاج.. و لم تجد الكثير من الناس فى الساحة أمامهما, فالوقت مبكر لوجود الكثير من السائحين.
و أمسكك بيدها ليقودها عبر الشوارع المشرقة بأشعة الشمس....
و سارا جنباً إلى جنب متشابكى الأيدى لساعات طويلة لم تحس مايسى فيها بأى تعب... و كان كورد الأفض و الأكثر تفهماً من أى دليل سياحى فى العالم. فى طريقهما كان يشير إلى المزيد من الأماكن الشهيرة و الأبنية الأثرية, و النصب التذكارية, و القصور الملكية, يسرد عليها بعضاً من تاريخها... لكنه لم يحتجز حريتها, تركها تكتشف ما تشاء, فى الشوارع الواسعة و الحوارى الضيقة على قدم المساواة.
عند الظهر رحلا إلى حى مونمارتر الشهير فتوجها ليتعرفا على الفنانين الذين يرسمون فى الشوارع, المكان الذى حدثها عنه مايك, حيث وقفت تحدق فى كل شئ لفترة طويلة... و لكن ما لفت نظرها أكثر كان لوحة رائعة لسيدة تحمل طفلها تنظر إليه نظرة جعلت قلب مايسى يرتجف, و على ودهها دلائل الأهتمام و القلق.... لاحظ كورد هذا و قال:
ـ أظننى عرفت لماذا تهتمين بهذه الصورة.
ـ لقد حدثنى عنها مايك, و أكد على ضضرورة تأملها لتستفيد منا النساء خصوصاً.
ـ ربما....
و اشاح عنها بنظرها محافظاً على تحفظه من جديد, و لحقت به لكنه لم يكن ينظر إلى اللوحات من حوله... بعد قليل, أحست أن مزاجه تغير من جديد, فأمسكها من مرفقها ليقودها بسرعة عبر شوارع صغيرة جانبية لترى نفسها فجأة فى ساحة واسعة تلتقى فيها و تتفرع عدة شوارع, و فى ظل كنيسة مونمارتر تمكنا من رؤية السين و التلة التى يقع عليها فندقهما. و إلى الجهة الأخرى دخلا مطعماً صغيراً جلسا فيه إلى طاولة تحت شجرة. فقالت له ممازحة:
ـ أنت تعرف باريس حق المعرفة.
ـ أبداً... لكن عملى غالباً ما يأتى بىّ إلى هنا.
تمطت, و قالت متحسسة دفء الشمس على وجهها:
ـ أليس الطقس جميلاً؟ إنه كطقس الربيع, كان الطقس بارداً عندما غادرنا كندا.
ـ لكنه الربيع هنا.... أو يكاد. و الطقس سيبدا من الآن بالتغير بحلول نيسان سيصبح دافئاً.
ـ لكن نيسان هو أقصى برودة عندنا.
فضحك:
ـ ليس فى فرنسا

منتديات ليلاســــــــــــــ

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام المكتوبة, دار الفراشة, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, زهرة منسية, نداء المستحيل
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:58 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية