المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
سبحان مغير الأحوال.
سبحان مغير الأحوال
بعد أسبوع يكرم المرء أو يهان.
قررت هضم تمارين الكتاب وعويص مسائله مستهدفًا الأولوية.
الأستاذ أعطانا ميزانًا ينبئني: هل الحل صحيح أو لا؟
أقحمت ذهني الحاد كالسيف مسألة جبر، وصلت بلا مجهودٍ عقليٍّ للحل، وأسرعت للقسطاس، فشال ميزاني وفضحني.
غيرت الخطة، الميزان مجها.
انفعلت أكلم نفسي:" أفِقْ، ضيعت الوقت في حلول فاشلة، كيف وأنت الأول في اختبارات الفصل الشهرية، أفي الفصل مغوار وفي الامتحانات خوار؟!".
قرَّرت الانقضاض على التمرين فورًا، ولا بد من حل موزون هذه الصولة.
أطلت في خطوات الحل، وركزت على عمليات أولية، أثبتها في الهامش، دقَّقت في كل رقم، ورمز، وقانون بتُؤَدة وعلى مهل، سبرت غَوْر المسألة، وفتشت مكمن الخلل الذي يفضحه الميزان، ساعات على هذا الحال، بلا ملال ولا كلال.
هذا التمرين أكل على مهل الوقت اللازم لغيره من مواد اليوم.
حرنت على نفسي، وركبت رأسي، ورفضت غلق الكراسة دون ذبح المسألة بشفرة فكري، ولو استغرق الأمر عمري.
فجأة انفجر صراخ مُدَوٍّ، اتبعه صيحات نسوية متتابعة: حريقة! نار! نار! يا خرابي!
قفزت مرعوبًا إلى خارج الغرفة ألهث وراء من يجري، حتى وصلنا لشقة سكنية مجاورة، تنطلق من نوافذِها ألسنة حمراء، يرافقها دخان أسودُ كثيف، يعلو وينتشر، ويعم ويزداد سخامه.
باب الشقة مزحوم بأناسي كثيرة، كل منهم دفعه الرعب، والخوف، وحب الاستطلاع لتقدير الخطورة، والإصابات والتَّلَفيات دون عمل فعال!
تليفون عم عبده البقال، العشرات عنده يصيحون ويستغيثون في همجية وبلا رويَّة.
أخيرًا سمعنا جرس المطافئ، وانطلقت المدفعية المضادة للهب.
فخمدت النار، وظهر الرماد المخلوط بماء كالحبر الأسود.
النحيب على الدمار الغالي عالٍ.
هذه الفزعة أوقفت شَعري رعبًا، اندمجت فيها بكل خلية من كياني.
عدت لغرفتي.
أحسست أني بعدت عنها دهرًا، وراحت عن بالي المسألة نهائيًّا.
ألقيت نظرة مسترخية على المسألة.
تبينت الخلل لأول وهلة، بكل بساطة، وبلا أدنى مجهود حللت المسألة حلاًّ صحيحًا وافَق الميزان، بلا زيادة ولا نقصان.
|