" لقد اخبرتك ان لا تشرب هذا القدر من الويسكي " ذكرته شارلوت مع انها قد اصبحت فجأة قلقة عليه لتفكيرها انه لربما تأثير الجرح الداخلي كان اكبر مما ظنا. فاقتربت منه ولامست ذراعه قائلة " بيرت ألا تظن ان علينا الإتصال لطلب مساعدة ؟"ريحانة
فتح عينيه ونظر اليها عبر ظل يده.
" كلا " قال بقوة .
" لكن قد تكون مصاباً اكثر مما ندرك " احتجت.
درس بيرت وجهها للحظات قليلة ثم وقف على قدميه .
" سأكون بخير بعد ان استلقى وانام وارتاح " تمتم " سأستلقي على الكابينة المجاورة وانت انتبهي الى قوة الرياح فإذا زادت كثيراً ايقظيني حتى انزل الأشرعة هلا فعلت من فضلك ؟"
ومشى نحو الكابينة وسمعت صوت الباب يغلق وراءه. منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
تشاغلت بتنظيف صحون الفطور الموجودة في حوض الجلي ثم رتبت الغرفة واعادت زجاجة الويسكي الى مكانها وصعدت بعد هذا الى سطح القارب واطمأنت على وضع البوصلة والأشرعة والمرساة وكان الطقس قد تلبد بالغيوم الرمادية فجأة وكأن عاصفة ما كانت على وشك الهبوب , وبدأت قوة الرياح تزداد , غطت شارلوت السطح ببعض الأغطية التي وجدتها هناك وكذلك الكابينة العلوية ثم نزلت الى الاسفل , جهزت لنفسها بعض السندويشات من المربى والزبدة و كانت الساعة قد قاربت السادسة, صعدت مجدداً الى السطح ووجدت في كابينة القيادة خريطة للمنطقة لكنها لم تستطع تحديد مكان تواجدهم فبيرت لم يخبرها بأسم الجزيرة القريبة منهم ورأت جهاز الر.ع.م , وادركت انها حتى لو كانت تعرف كيفية تشغيله فهي لا تعرف مكانهم .منتديات ليلاس
اعادت الأطمئنان على المرساة وكانت الأمطار التي كانت تهطل منذ نصف ساعة قد توقفت واختفت الغيوم وعادت النجوم لتظهر عبر السماء وعادت الرياح لتصبح خفيفة وناعمة .
عادت الى الاسفل وارتطمت قدمها بشيء ما رفعته ووجدته المفك الذي ضربت به بيرت واعادتها هذه الرؤية الى رعب ما حصل فرفعته فوراً ووضعته مكانه وادركت انها تكاد تموت من قلقها على بيرت.
فسارعت الى الكابينة التي كان ينام بها , فوجدته مستلقياً على سريره وهو يرتدي فقط لباس البحر , ودون اي غطاء , فسارعت لإحضار غطاء وجدته داخل حقيبة قرب السرير وغطته به . كان نائماً وشعره يغطي وجهه وهو منبطح على ظهره, بدا إنسان بشرياً معرضاً للأذى والألم والعذاب , ليس كما اعتقدته شخصاً صلباً صخرياً بدون قلب وإنسانية , فقد بدا انساناً مثلها وتعابيره وهو يتحدث عن زوجته جعلتها تتأكد من هذا .منتديات ليلاس
اقتربت منه قليلاً وازاحت خصل الشعر عن وجهه وتفاجأت حين وجدت جبينه بارداً كالثلج فغمرها الذعر وحدقت به بقوة , هل هو نائم ؟ في غيبوبة ؟ ام اسوأ هل هو ... ميت؟

بذعر وضعت كفها على خده في محاولة لتدفئته وانزلقت كفها على ذقنه ورقبته ومن ثم الى صدره , باردة نسبة ليدها , كانت بشرته ناعمة وحريرية تخفي خلفها عضلاته القوية وعظامه الصلبة واعجبت من اصابعها ما كانت تفعل فبدأت تصبح ناعمة ومداعبة اكثر فأكثر.
لكن تستطيع ان تشعر بضربات قلبه ؟ وضعت على قلبه ولم تعرف ان كان ماتسمعه هو صوت ضربات قلبه ام صوت قلبها هي, ثم رفعت وجهها ونظرت اليه , عينيه كانتا نصف مفتوحتين وتلتمعان خلف رموشه الذهبية , كان ينظر اليها فالتهبت خداها فوراً وهي ترفع يديها عن صدره , فأمسك بيدها وابقاها على صدره وهو يضغط عليها بلطف.
" لقد ضمنت انك ستصلين الى هذا عاجلاً ام آجلاً "
تمتم كلماته تبدو ومهتزة قليلا " اهلاً بك في فراشي شارلوت "
" كلا , كلا... ليس هذا سبب مجيئي الى هنا " احتجت بنفس متقطع وحاولت ان تحرر يدها منه .
فأرتفعت يده الى ذراعها وبين الاخرى شدها من خصرها حتى اوقعها فوقه وفمه يبعد إنشات فقط عن فمها.منتديات ليلاس
" لقد لامست جبيني , خذي , وصدري بنعومة ومحبة " قال بهمس مغري وانفاسه قريبة منها " افعلي هذا مجدداً"
" انا ... انا كنت قلقة عليك هذا كل شيء " قالت الآن لقد اصبحت قلقة على نفسها وعلى المشاعر التي اخذت تزداد وتضطرم داخلها بسبب إلتصاقها به هكذا , تابعت بتلعثم " لقد ... لقد كنت بارداً وساكناً جداً ولم اكن متأكدة سواء اكنت غائب عن الوعي او ... ميت " وارتجف صوتها عند الكلمة الأخيرة .
" قصة جميلة " قال اردت ان تكوني معي " اضاف وهو يقربها منه اكثر , وشفاهه تضغط بلطف على حنجرتها " الآن وانت هنا فستظلين هنا يا عزيزتي وستنامين معي"
"كلا " احتجت ومجدداً حاولت الابتعاد عنه ويداه على خصرها بدا كأنه يساعدها على النهوض لكنها وجدت نفسها على ظهرها فجأة , واحاطها بإحدى ذراعيه ووضع رأسه على كتفها كأنه يضعه على وسادة ورائحة عطره الرجولي ورائحة شعره ملأت انفها جاعلة رأسها يدور.ريحانة
" دعيني استلقي هكذا" همس " ستدفئيني وقد يخف عندها وجع رأسي اذا داعبته قليلاً , هذا اقل مايمكنك عمله نظراً لأنك انت كنت السبب في ألمه ووجعه"
" آه , انا آسفة " همست وذراعها تحيطان رأسه غريزياً " لم اقصد ان اؤذيك , استطيع ان احضر لك المزيد من الأسبرين "
" لا اريد المزيد من الأسبرين , اريدك ان تشاركيني وسادتي " همس وادار رأسه ومرر شفتيه على عنقها.
وزن رأسه والدفء الرائع لشفتيه على بشرتها , واكثر من هذا كله استجدائه لمساعدتها كان يوقظ مشاعر واحاسيس داخلها لم تكن تدري انها تمتلكها. وتبخر كل عداء كانت تشعر به نحوه , وغمرها شعور غامر بالحنان , دافع انثوي خالص لتقديم الراحة والعطاء للشخص المحتاج.ريحانة
منذهلة من التغير الذي حل بها اخذت شارلوت تمرر اصابعها في شعره الحريري الكثيف , وزاد هذا من ابتهاجها , فامتدت اصابعها الى اكتافه متتبعة خط عضلاته بحنان حتى تنهد بإستمتاع.
واعتادت اصابعها على هذا العمل الجديد الممتع فوراً وبطبيعية كأن التخفيف عنه وملامسته كان السبب في وجودهما .منتديات ليلاس
" انت دافئة وقوية, ناعمة وجميلة القوام " تمتم , ومجددا كانت نبرته مهتزة وتساءلت ان كان هذا بتأثير الشراب " كنت افتش عن إمرأة مثلك منذ زمن طويل , طويل ..." قطع كلامه فجأة وتصلب " من كان الذي يتكلم ؟" سأل فجأة بصوت بارد وواضح.
" انت "
" ماذا كنت اقول ".

الفصل التاسع

" ليس الكثير , انه ... انه ... كلام دون معنى , اظن انه من الأفضل ان اعود الى الحجرة الأخرى واتركك لتنال قسطاً من الراحة " قالت وحاولت التحرك بعيداً لكن يده اشتدت حول خصرها .
" لا تذهبي , إبقي طوال الليل " الح بيرت" نامي معي "
تستطيع فقط ان تهرب , ادركت إذا صارعته ولا تريد ان تتجادل معه ليس وهو متألم , آه , لم تعترف بالحقيقة وتواجه حقيقة الوضع ؟ هي لاتريد ان تتركه بمفرده , وهو هكذا ليس بحالته الطبيعية .
" ارجوك إبقي شارلوت " تمتم ومجدداً الهب بشفتيه بشرة عنقها " ستكونين وحيدة إذا لم تفعلي , إبقي ونامي الليلة هنا معي ... فقط نامي, لن نقوم بأي شيء آخر سوى النوم ..."

واستلقى رأسه على كتفها , وفي الصمت استلقت شارلوت بهدوء واصابعها تداعب شعره بحركات رتيبة حتى استغرق بالنوم , عندها فقط سحبت الغطاء عليهما سوياً واسترخت ولحظات كانت تستغرق بالنوم هي بدورها وهي تعانقه.ريحانة
استيقظت شارلوت فجأة وكان الضوء يغمر الغرفة واحست بخدر في إحدى ذراعيها ويضغط شيء ما قرب جسدها , رمشت بعيونها لعدة مرات حتى تذكرت مكانها , وماحدث البارحة, كان بيرت لا يزال نائماً ورأسه على صدرها وإحدى ذراعيه تحيطان بخصرها , تأرجح القارب وشعرت شارلوت بمغصة في امعائها , آه لابد انها ستصاب بالغثيان والتقيؤ بعد لحظات , بهدوء ونعومة سحبت ذراعها تحت رأس بيرت وتسللت ببطء من مكانها بعد ان اراحت رأس بيرت على الوسادة , اسرعت الى السطح ووجدت ان الرياح كانت قوية نوعاً ما وهي تبعثر خصلات شعرها القصيرة وتكاد ترفع تنورتها الطويلة عالياً , نظرت حولها ولكن اين هي الجزيرة اتجهت ببصرها نحو الجهة الاخرى فوجدت الجزيرة على الجهة المقابلة إذن فحركة الرياح قد ادارت القارب, اسرعت نحو المرساة فوجدت إحداها مكانها والاخرى تتأرجح في المياه , تذكرت ان بيرت طلب منها إيقاظه فوراً إذا ماحدث هذا.
منتديات ليلاس
فعادت الى الكابينه واخذت تهزه من كتفيه لتوقظه.منتديات ليلاس
" ماذا هناك؟" تمتم بصوت ناعس.
" طلبت مني ان اوقظك إذا تغير اتجاه الرياح واعتقد ان واحدة من المرساة قد فلتت من مكانها"
قطب ونهض متكئاً على كوعه وفرك رأسه بيده الأخرى وهو ينظر حوله.
" كم الساعة الآن ؟"
" حوالي السابعة ... صباحاً"
" صباحاً؟" سأل "وماذا حل بالليلة الماضية ؟" وتحسست اصابعه الشاش حول جرحه " اتذكر انني كنت مرهقاً واتيت لأنام قليلا ..." توقف وقطب مجدداً وهو ينظر اليها ثم هز كتفيه " كأنني نمت كالموتى... فأنا لا اذكر اي شيء " ودفع الغطاء جانباً ونهض على قدميه " بما ان اتجاه الرياح قد تغير فيجب ان نرحل من هنا ونبحر بإتجاه مكان آخر"
مر بجانبها وصعد الى السطح وسمعت وهي تتبعه صوت المحرك الذي دار.
"استلمي الدفة و إبقي الأبرة بإتجاه الريح القادمة نحونا فيما ارفع انا المرساة " قال بنبرة آمرة " وحالما اقول لك شغلي المحرك نحو الامام برفعك لهذا المقود الى الامام , لا خطر إذا اتجهت بهذا الاتجاه , الخطر الوحيد هو وراءنا "
دون الانتظار ليرى ما إذا كانت قادرة على فعل مايجب اتجه نحو مؤخرة القارب ليرفع المرساة .
ظلت ممسكة بعصبية بالدفة وعينيها مركزتين على الأبرة امامها وحين اعطاها بيرت الإشارة دفعت بالمقود الى الامام واندفع الزورق سريعاً وعينيها مركزتين على المياه امامها , صفير الريح في أذنيها وصوت الامواج في عقلها ابقت شارلوت الاتجاه الى الامام واخذ شعور البهجة يغمرها.

وصل بيرت بعد قليل والمياه تبلل شعره وجسده من جراء رذاذ المياه وهو يرفع المرساة وامسك الدفة مكانها , ثم ادار إتجاه المركب .منتديات ليلاس
" سنذهب بالاتجاه الشمالي ... الغربي" قال وهو يشير الى البوصلة " هذا المسار الذي اريد البقاء عليه ثلاثمائة وثلاثون درجة , هل تستطيعين ان تقودي الدفة لبضعة دقائق فيما احلق ذقني, واغير الشاش على رأسي وارتدي ملابسي؟"
" نعم اظن هذا " قالت.
جعلها تمسك الدفة ثانية ووقف قربها يراقبها وهي تقود المركب , استغرقت بعد الدقائق لتتقن العمل ففي البداية ادارت الدفة كثيراً ثم قليلا ثم اخيراً ادركت مدى انحناء الدفة وابقت الأبرة حول الرقم الذي قال عليه.
" جيد" قال بيرت وشعرت بدهشة ان الفخر الممتع قد سيطر عليها لأنها اكتسبت مدحه لها. ورفعت نظرها اليه وكالبحر الأزرق الهادي كانت عيناه ولكن حين التقت عيناهما للحظة ظهر شيء ما كالغيوم داخل عينيه للحظة ثم هز رأسه وخرج من الكابينة .
عاد بعد قليل وتناول الدفة منها وهو يقول " هذا كل ما ستحصلين عليه كفطور" بعد ان وضع كوباً من الحليب والكعك وفنجانا من القهوة على الطاولة .
تناولتهم منه وانهت فطورها وسألته " كيف هو رأسك؟"
كان يرتدي جينز ازرق وبلوزة بحرية بيضاء ويبدو وجهه عادياً ما عدا الشاش الذي يغطي به الجرح.
" توقف عن النزيف وبدأ يشفى" قال بأدب " سأرفع الأشرعة لتستلم الرياح تسيير القارب مجدداً" نظرته البعيدة والباردة كالسابق تنظر اليها " اقترح ان تأخذي الكوب والفنجان الى المطبخ, قبل ان يسقطا وان ترتدي الجينز والبلوزة الذين وضعتهم لك في الكابينة الثانية "
اطاعته شارلوت بصمت ودخلت الكابينة وتناولت الثياب ثم دخلت الى الحمام , كم يختلف هذا الصباح عن صباح البارحة! امس كانت تشعر بالعناد والعداء نحوه وترفض إرتداء بنطاله الجينز , اليوم كانت فرحة لإرتدائها لثيابه, البارحة كانت مصممة على رفض اي طلب يطلبه منها مهما كان, واليوم قد اطاعت فوراً الأوامر التي اعطاها دون اي كلمة.ريحانة
البارحة كرهته للذي فعله بها على الجزيرة و اليوم ...؟ والتقت بنظرتها الشبه ساخرة المنعكسة على المرآة , بدا وكأن الصبي شارلي بداخلها كان يتهكم على الفتاة السرية الرومانسية الطيبة القلب شارلوت .
" إذن , شارلوت ماهو شعورك نحوه ؟" سألت شارلي نفسها .
" بشكل مختلف , مختلف تماماً " اجابت شارلوت.
" لماذا ؟"
" لا اعرف " قالت مبتعدة عن التحديق بوجهها في المرآة.