كاتب الموضوع :
نوف العقيل
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: رايــــات الـبـيـــاض
[..الجـــزء الأول..]
*
*
*
*
*
*
*
ها هي شمس اليوم تكاد تعلن الرحيل .. تمد شعاعها الذهبي .. ملوحةً بود .. و وفاء ..
تعانق الأرض مودعة .. لترسم أصيلاً جميلاً ..
ستغيب تلك الشمس مخلفةً بنفوسنا وعداً بلقاء .. نعلم أنها ستفي به ..
و لكن لا نعلم هل ستفي بنا الأعمار لذاك اللقاء .. !!!
هل ستفي لنجدد اللقاء .. ؟؟
لنجدد العمر .. بالإيمان .. العبادة .. الذكر ..
لنجدد السؤال ..مالذي اتته تلك النفوس بيوم رحل ؟؟
:
:
:
وقت الأصيل لن يكفيه منا نظرةً عابرة .. و فقط ..
*
*
*
*
*
انهت لف آخر قطعة تبقت من العجين .. لترصها بجانب الأخريات في الصينية الكبيرة ..
رفعتها بين يديها بعجل .. لتهتف بصوت عالي ..
: ديآآآآآ...دخلي هذا الفرن و انتبهي له
اقتربت الخادمة بخطوات سريعة لتلتقط الصينية من بين يديها .. و تذهب لما أُمرت به ..
أما هي فتوجهت إلى المغسلة لتغسل يديها .. و نظراتها ترتفع إلى الساعة الكبيرة التي استقرت فوق باب المطبخ .. لتجد عقربها يستريح على الخامسة تماماً ..
حمداً لله..ها هي تنتهي من جميع التحضيرات قبل الوقت المحدد ..
مسحت حبات العرق الصغيرة .. التي ندت وجنتيها .. و هي تزفر بتعب ..
بالرغم من أجهزة التكييف .. إلا أنها كانت تشعر بالحر .. أمام تلك المواقد الكثيرة .. المشتعلة و الممتدة أمامها ...
ألقت نظرة أخيرة على الطاولة الكبيرة .. التي صفت عليها حافظات الطعام الضخمة ..
تفحصتهن من جديد .. و ألقت على الخادمات ما يجب عليهن فعله قبل أن تغادر ..
:
:
:
وقفت خارج المطبخ على درجات العتب .. استوقفها هذا العصر .. لا يشبه عصر الأمس بشيء ..
لتستنشق من عبق الهواء الساخن .. و تزفر مبتسمة .. (سبحان الله حتى ريحة الهواء تقول إن اليوم رمضان)
ارخت الغطاء على وجهها .. لتقطع المسافة الطويلة بين المطبخ الخارجي .. إلى مدخل البيت ..
كانت تمشي على مهل .. رغم حرارة الشمس المسلطة على رأسها ..
لكنه رمضان .. وهي تعشق أجواء رمضان و تحب أن تعيش كل لحظاته .. حتى هذا الحر ..
وصلت إلى المدخل الرئيسي .. و إبتسامتها تمتلأ بما يحمل قلبها لذاك الكبير الواقف أمام الباب ينتظرها ..
حين تراه تفيض بروحها السعادة .. الأمان .. التقدير ..
فحين يرهقها عظم ما فقدت .. تجد بقربه .. و محبته .. خير عوضٍ لما خسرته ..
صعدت الدرجات الرخامية راكضة .. لتقف قريبة منه .. مقبلةً جبينه المجعد .. قبلتان كما اعتادت أن تفعل ..
: مساك الله بالخير...يُبـه
أُثقلت تلك الإبتسامة المجعدة .. بحنان .. و محبة .. و إن كان يغدقه على حفيداته كلهن ..
إلا أن لها .. هي .. إبتسام .. أكبر نصيب منه .. فكفتها ترجح على كفتهن مجتمعات ..
: هلابتس يبه...مساء النور و السرور_يعلم أنها آتية من المطبخ الكبير_يعطيك العافيه
: يعافيك ربي...و لا يحرمك الأجر
: لحالك؟ ما أحد من البنات يساعدك؟
: لا...دلال يعطيها العافيه من الظهر و هي معي...قبل شوي راحت تنادي البنات الصغار يكملون معنا
: الله يهديهن هالصغار و ياخذن منكن طبعكن الزين..خلصتم فطور الوقف يبه؟
و بتغير خفيف طرأ على صوتها .. لتهتز حروفه ..
: ايه الحمدلله..كل شي جاهز
و مع كلمة (الوقف) تذكرته.. يغرقونه كما اغرقوها بالعوض ..
لكن كم من التعويض يلزم ليندمل جرحها العطيب !! إلى متى سوف يستمرون بالعطاء؟ و إلى متى ستأخذ؟
ابتسمت تلك الإبتسامة المغتصبة التي لا تستطيع محو ظلال الحزن من عيناها ..
ليرفع بكفه الواهن .. و يشد بها على كتفها النحيلة ..
: تغطي يبه ترى فهد جاي وراي
ممنونة هي له لإعطائها مساحةً للحزن .. لأنها ما إن ارخت الغطاء على وجهها من جديد .. و تركته .. حتى احرق عيناها ذاك الدمع الذي تتجاهله ..
كم مضى على فراقه .. ؟؟
هل يتصور أحد أنها نست .. أو قد تنسى رحيله الجائر عنها ..
لااااااا .. مضى على وفاته سبع سنوات .. سبع سنوات لم تغير ذاك الثقل الذي يستوطن روحها من بعده ..
سبع سنوات .. تعايش النقيض معهم .. الإمتنان و الخذلان .. القهر و التسامح .. اللوم و التقدير ..
نعم .. مر وقت طويل .. لكن تلك الليلة مازالت تعلق بخيالها .. تزور نومها لتفزعه .. لتنتفض مجدداً حين مرت على بالها الذكرى و .....................
: إبتسااااااااام
التفتت شبه فزعه لتجد فهد يقف قريباً منها .. ترتسم على ملامحه علامات تدل على أنه قد حدثها بشيء لم تسمعه .. لتأخذ نفساً عميقاً قبل أن تجيبه بشتات ليس من عادتها ..
: هاه وش تقول ؟
رسم تلك الملامح المستنكرة .. التي حسستها أنها كانت على خطأ .. و أنها لا تعلم مالذي دار حولها ..ليجيبها...
: أنا!! ما قلت شي
احست بالحرج .. فتعدته سريعاً ..
: آآ مادري كأني سمعتك تكلمني.........
كانت سوف تبتعد عنه .. قبل أن يصلها صوته المتهكم من خلفها ..
: كأنك!! الأخ اللي هنا سرد قصة حياته و أنتي موب يمه
عادت بسرعة لمزاجها العصبي المعتاد ..
: يووه والله إنك فاضي يا فهد...بأروح وراي شغل
و لكن حين تعدته بقليل .. أوقفها من جديد ..
: ايه صح...أنا كنت جاي اسألك كيف ترتيب الفطور؟
: شوي و ارجع...تونا باقي ساعه و نص على الآذان
اكمل مازحاً كعادته ..
: ترى لو ما جيتي اللحين ماراح تلقيني بعدين
لم تكترث له و هي تتركه ..
: لا تخاف اعرف كيف اطلعك
لتصلها تمتماته المعترضة ..
: ما تسمع إلا نفسها و لا تشوف غير شورها
: ترى اسمعك...وش تقول؟
أكمل بصوت ساخر ..
: يعني اللحين صرتي تسمعين...-ليشحن صوته بنبرة المظلوم-كنت اسبح..اذكر الله...فيه اعتراض
تركته مبتسمه .. تاركة لكل تلك الأحزان زوايا متفرقة من روحها .. لتغفو فيها و تجد بين كل حين مجالاً لظهورها ..
*
*
*
*
*
: يـمـنــــــــــى
خرجت من الحمام الصغير الملحق بغرفتها .. و معها كومة من الملابس المتسخة .. لترميها بسلة الغسيل التي ركنتها بجانب الباب ..
: يـانعم...وش بغيتي من يمنى ؟........
حين رأتها دخلت إلى وسط الغرفة .. لتجلس على الأريكة بقرب النافذة .. مبتسمة بهدؤ ..
: وش عندك بهالغسيل هالحزه! خليه بعد الفطور
أجابتها بلا مبالاة اعتادتها ؟؟
: عادي اشغل نفسي و اضيع الوقت لحد ما يجي وقت الفطور..خلاص بتروحون اللحين؟
: ايه ...
تجلست على السرير .. و هي تمرر نظرات إعجاب على طول جسد ابنة عمها ..
: ياااعيني على الكشخه...طالعه حلوه يا بنت
تنهدت سارة .. و إبتسامة أخذت أفكارها للبعيد زينت ملامحها الحلوة .. لتجيب بعد لحظة من شرود ..
:اليوم أول يوم من رمضان...والفطور الأول كالعاده في بيت جدي...عاد تدرين الكل جاي من سفرته بالصيف...من زمان ما شفنا بعض والكل بيستعرض نفسه..فلزوم الحدث لازم نكشخ
تطل أختها من الباب .. بعد أن التقطت أذناها آخر حديثهما .. و بشفاة مقلوبة سخرية ..
: أي كشخه يا حظي! بنات خوالك اللي مسافره أمريكا و اللي أوروبا...و أنتي حدك جده و الطايف و لك عين تكشخين عليهم!
أجابت على أختها بعزة .. و فخر .. رغم صدق كلامها .. لكنها لم تهتم يوماً لذاك الفارق بينهم .. و لن تهتم ..
: ما علي منهم...أنا لو علي ما كلفت على حالي بكل هاللبس...بس ما أحب أحد يشوفنا انقص منهم
: ههههه والله يؤسفني ياأختي الغاليه إني اقولك...حتى بعد مجهوداتك العظيمه مازال واضح إن مستواك أقل منهم-و تمد يديها بإتساع مضخمة نبرة صوتها-و بمراااحل
تقاطعها يمنى بنظرا عتب ..
: أصلا ساره حلوه وش مالبست
اقتربت منها حنان لتلوح بسبابتها أمام وجهها .. و هي تعترض ..
: لا خطأ...أنتي اللي حلوه حتى لو ما كشختي...لا بعد شكلك بدون مكياج و كشخه أحلى بالنسبه لي...يلـــه أختي أمي تقول سواق جدي عند الباب خلينا نطلع.....مع السلامه يمنى هالله هالله بأبوي فطريه فطور معتبر
: عاد ما وصيتي إلا على عمي!
:
:
:
غادرتاها ابنتا عمها .. بتلك الأناقة .. و فرحة و حماس تعلمتا أ لا يظهرانه أمام حرمانها ..
لتنهض تقودها قدماها .. أمام تسريحتها.. تتذكر حديث حنان و تتأمل ملامحها...
كما يقال لها دائماً.. جمال مليء بالأنوثة...ملامح عذبة...و دلال عفوي راقي...
ذاك الدلال والرقة التي سكنتها بطفولتها .. تحولت لهدؤ ناضج أشد بجاذبيته...
ملامحها...جمالها...كل شيء كان سبباً لما خسرته...لتحفر بكل قسمة منه ذكرى جارحه لها...
لكنها لا ترى ذاك الجمال الذي يتحدثون لها عنه .. و يمتدحونها فيه ..
لم ترى سوى عمر مهتريء تعيش على فتات أيامه الباهتة ..
تكبر حنان بستة أعوام .. و سارة بعامين فقط .. لكن عمر مشاعرها يتعداهم بأعوام .. لتحس أنها أقرب من عمر والدتهما أكثر..
زفرت بهم اعتادته .. و تركت تلك الملامح .. و الذكريات ..
لتذهب تشغل وقتها بالغسيل .. لحين وقت تجهيز الإفطار ..
هكذا من عمل .. لعمل .. تشغل الوقت بإضاعة جهدها .. بعد أن ضاعت الأحلام .. و الآمال ..
تحيا حياتها لمن حولها .. بعد أن اصبحت حياتها لا تعنيها ..
*
*
*
*
*
خرجت من غرفتها .. إلى الصالة .. لتلمح أخاها الأكبر ينام على إحدى الكنبات ..
من الأمس لم تراه منذ إعلان خبر رمضان .. تقدمت إلى الكنبة التي استلقى عليها جسده المديد بتكاسل ..
: مساء الخير يا أبو رغود.. كل عام و أنت بخير
فتح عيناه المغمضتان .. و ابتسم بمودة .. و حنان .. ليقف للسلام عليها .. وهو يربت على رأسها بلطف ..
: هلا دلال و أنتي بخير
: ليه ما نمت بغرفتك ؟
: ما فيه وقت يسوى .. بآخذ لي غفوه هنا .. صحيني قبل الآذان بربع ساعه
: إن شاء الله...وين البنات؟
: وديتهم عند خوالهم..عمتي لزمت يجلسون عندها اليوم يوم رحت اسلم عليهم
: الله يخليها لهم
ابتسمت بمحبة و عطف و هي تراه يعود بسرعة .. ليستلقى على تلك الكنبة .. و يغمض عيناه مجدداً .. و يسترخي و كأنه لم يصحو منذ لحظة ..
(الله يعوضك بخير..و لا يحرمك منهم)
تركته ليرتاح وذهبت لتطل على غرفة والدتها .. فوجدتها تجلس على سجادتها .. بين يديها مصحفها الكبير .. و مستغرقة بالقراءة .. فكرهت مقاطعتها ..
لتخرج من شقتهم .. إلى شقة زوجة أبيها المقابلة لهم ..
طرقت الباب قبل أن تدخل .. و حين سمعت صوت أبيها في الصالة دخلت إليه .. لتجده يجلس مع خالتها_زوجة أبيها_ .. اقتربت لتقبل رأسه ..
: مساء الخير يبه
: مساء النور
: هلا خالتي وش أخبارك ؟
: الحمدلله بخير
سألتها بإستغراب .. و هي تحس بسكون البيت ..
: البنات صاحيات؟ ما شوفهم!
أجابتها زوجة أبيها المنشغلة بالتلفاز ..
: مادري والله ما شفتهن من الظهر
رمقها والدها بغضب .. بعد أن كانت عيناه منشغله بهاتفه ..
: ما مريتي عليهن تشوفين لو نايمات تصحينهن يصلن العصر؟
التفتت إليه زوجته لترمقه بغيض .. لكنها لم تتكلم .. و يدها تضغط على جهاز التحكم بعصبية واضحة ..
احست بتوتر الجو بينهما .. فسحبت نفسها من بينهما بسرعة ..
: آآ.....بروح اشوفهن
حين تركتهما التفتت لزوجها بغضب تحاول أن تكتمه ..
: كم مره اقولك إذا بتهاوشني على شي...لا تهاوشني قدام دلال أو أمها بيني و بينك عسى تكسر راسي لكن قدامهن لا
أجابها ببرود ..
: والله أنتي اللي تجيبين الهواش لنفسك..بناتك ما تكلفتي تمرين تشوفينهن من صحيتي وش يسون؟؟
لترد بلا مبالاة ..
: بغرفتهم...و النور مشغل أكيد صاحيات
تنهد بيأس من هذه المرأه .. لو كان أمر بناتها بيدها فقط .. لا يعلم كيف كانت ستصبح أطباعهن .. و تصرفاتهن ..
لكن الحمدلله أنه يسكن ذات البيت مع والديه .. لتتربى صغيراته كم تربى هو ..
و كما تربت ابنته الكبرى على يد والدتها .. امتدت تلك اليد العطوفة لتشمل بناته الأخريات أيضاً .. و تشمل هذه الزوجة معهم ..
اخطأ ذات يوم بحق زوجته .. و ابنة عمه ..
لتتحمل معه نتيجة هذا الخطأ .. لتسيره و زوجته و أبنائه الجدد .. بطريق لولا رحمة ربهم بوجودها لما ظن أنهم سيعرفونه ..
:
:
:
:
:
دخلت دلال غرفة أخواتها لتجد أكبرهن تتمدد على سريرها .. و الفتاتين الأخريتين التهتا أمام المرأة .. احداهما تعبث بشعرها .. و الأخرى انشغلت بتلك الطلائات التي صفتها أمامها .. و انتشرت رائحتها بأرجاء الغرفة ..
: السلام عليكم
اعتدلت ريما بجلستها .. و هي تهتف بترحيب ..
: هلااااااا بدلول هلا بدلولتنا هلا بدله هلا بدليّل...هلا بالدلال بنت الحلال اللي شوفتها مثل الماء الزلال...كيف الحال عسى يطيب الفال
قاطعتها إحدى أختيها بإنزعاج ..
: هي هي خلااااااص...بس...احد يوقفها شاعرة الربابة هاذي
ضحكت دلال .. و هي تتقدم لتجلس على طرف السرير بجانب ريما ..
: لا والله دامها للحين تمدح..ماني موقفتها
: ايه خليك...لين تضيق بها القافية و تبدأ تسب
التقطت ريما إحدى الوسادات التي تملأ سريرها .. لتقذفها على ديمه .. التي لم تنتبه لها حتى اصطدمت بيدها .. و افسدت ما كانت تقوم به .. لتصرخ بغضب ..
: ياااااااا العله...عساك
قاطعتها دلال قبل أن تكمل دعواتها...
: والله ما تكملين..اذكروا الله ترانا صايمين
تمد لها يدها التي تلطخت أطراف أصابعها بذاك اللون الفيروزي الصارخ ..
: شوفي وش سوت المتخلفه
تكلمت ريما من خلف ظهر دلال الذي كانت تحتمي به خوفاً من ديمه .. بالرغم من أنها تصغرها بثلاث سنوات .. إلا أن ديمه بساعات غضبها ترعب الكل ..
: خلاااااص آسفين...ما قصدت كنت ابيها تجي من فوقك بس...لكن الشكوى لله حولاء ما أعرف انشن
ضحكت دلال .. و هي تهمس لريما ..
: الذله بنت حلال
: من خاف سلم
: هههه خلاص لا تحولين رديّة امثال
: نلطف الجو..._لترفع صوتها لديمه_خلاص ديمه طاح الحطب وش دعوه ترى اختك الكبيره أنا
و لم يقابلها سوى صوت غاضب ..
: ماااالت
همست ريما لدلال...ترى بأنتحر و اروح اعطيها كــف_لتكمل و هي ترفع صوتها_اللهم إني صائمه
رفعت لها ديمه نظرات مازالت حاقدة ..
: لا والله
لتبتسم لها ريما بإستعطاف ..
: خلاص بس لا تحمرين بعيونك تراي مرهفة أخاف...ما يكفي الرعب اللي مسببه لنا عمك الأسود
ضحكت دلال .. و ارتاحت لهدؤ تلك الضجة بينهما و عدم تماديها ..
مضحكات هن تلك الفتيات الصغيرات حين تقوم بينهما حرب كلام و قد تمتد لمشاجرة بالأيدي و مقاطعة الكلام بينهما لأيام.. و الأسباب أكثر من تافهة ..
التفتت لريما التي كعادتها تجلب لنفسها المشاكل ..
: وش هالتسميات بعد؟
: عمي سلطان العم الأسود و عمووري العم الأبيض
: حرام عليك عاد سلطان أسود مره وحده
: بالله عليك مو لايق عليهم الإسم؟ يعني بالله بالله عمور وش يناسبه من الألوان غير أبيض فديييت الذوق و الجنتله اللي فيه..و العم البعبع وش بيناسبه غير الأسود و أسود غامق بعد
: ههههه على أساس فيه أسود فاتح
: ايه...اشهب
: و على أساس هالألوان أنا وش اطلع من الألوان؟
: يابعدهم أنتي سمااااويه..أنتي نقاء و صفاء و طهر...عاد اشوفك بعد هالمدحه تقولين ادخل المطبخ
تقف .. دلال لتسحب يد ريما معها ..
: الحمدلله اللي ذكرتيني...يله قدامي اشوف كلكم اعلمكم شي ينفعكم بلا هالجلسة البطالة
تعترض ديمه .. مع أنها كانت تغلق طلائاتها لتغادر معهم ..
: ابي افهم هالخدم موب مالين عينك! إلا تكرفينا يعني..صدق ناس ما تعرف تعيش بالخير
أجابتها دلال بعتب حاني ..
: عشان البيت فيه كم خدامه موب ضروري تطلعين اتكالية ماتعرفين تصبين لنفسك كاس ماء..و الـ......
قاطعتها ريما و هي تنهض .. و تتقدم لتخرج و هي تدف بيديها دلال أمامها ..
: خلاص خلاص بنقووم أنا عارفه كل هالكلام موب منك..هذا كلام كبير .. اشم ريحة تم تم و الأصالة و الأيام القديمة .. بس شوي والبس لكم دراعة و برقع
توقفها دلال لتأمرهن ..
: اتركي عنك القرقه...و البسوا شي ساتر و جيبوا جلالاتكم
لتعترض ريما هذه المره ..
: لييييييه ؟؟ تو الناس بيت عمي موب جايين اللحين توها مكلمتنا ياسمين..و عزام مسافر و حتى لو جاء اخونا من الرضاع
أجابتها ديمه بتهكم ..
: ايه انزلي بهالبجامه...عشان يشوفك عمك الأسود على قولتك...و يعلمك كيف تشوفين الدنيا بلونه
رضخت لكلامهن .. لتفرغ غيضها بتلك الصغيرة ..
: هيييه أنتي ترى فيه أوادم من اليوم تتكلم هنا ما حسيتي فيهم! لها نص ساعه قدام المرايه و لا أشوف شي تغير كشة الاندومي هي كشة الآندومي
ضحكت ديمه لتخبرها ساخره ..
: لا ترى حطت بشعرها كليبس
تكتم ريما ضحكتها ..
: ايه لا لا اشوفه واضح وااااضح مرره ههههههه
و كأن الحديث لا يعنيها .. تركت المرآة و ذهبت لغرفة الملابس لتبدل ما ترتديه ..
ريما تصرخ بغيض ..
: تجللللللللط هالسبهه
*
*
*
*
*
كانت تنزل على درجات السلم بعدما انهت استعدادها للذهاب إلى بيت جدها .. لكن ما سمعته من والدتها أوقفها للحظات .. لتعود أدراجها ترتقي الدرجات التي نزلتها ..
صعدت إلى غرفتها .. لكنها غيرت طريقها إلى غرفته ..
لتدخل الغرفة بعد أن سمعت صوته مجيباً على طرقاتها .. و تجده أمام المرآة ينهي إرتداء ملابسه ..
: ماجد
: يا نعم
: تدري إن طلال بيروح معنا لبيت جدي؟
توقفت يداه عما يشغلها .. ليلتفت بنظرة مستنكرة لها ..
: من قال لك؟؟
: سمعت أمي قبل شوي تتكلم بجوالها و تقوله
شرد للحظة مستغرباً .. قبل أن يعود لما يشغله .. و يكمل حديثه بلا مبالاة ..
: أكيد عطاهم خبر...موب رايح و جدي ما سمح له يجي
تركته و خرجت .. لكن حماسها للذهاب خفت مع سماعها لهذا الخبر ..
طلال .. كم هو صعب كل ما يتعلق به .. مقلق جداً .. في حالات فرحه .. و حزنه .. و غضبه ..
*
*
*
*
*
إلى هنـــا أنتهــي.....ليـأتي دوركم..!!
|