المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
فرح ...وقبر
...فكنت ككل يوم أقضي المساء أجوب الشوارع بحثا عن دفئ ممزوج بأنوار باطنية تنور عالم الخفاء الذي كنت فيه.
فقد نسيت كل ما كنت قد سمعته من أمي عن الرجال وخياناتهم ومكرهم بالنساء ، وخيبتها في أبي و إخوتها، وتحسراها وهي تدخن بشراهة وتخوض في تفاصيل محزنة و إذايات سببها لها بعض الرجال.
نسيت ما كنت قد وعدت نفسي به وصممت عليه; وهو أن لا أنظر إلى رجل، ولا أزيد في الكلام مع رجل، وألا أحب رجل وألا أتزوج لرجل. نسيت الوسواس الذي كان يدمر داخلي وأنا أنظر للأسى العميق الذي يسكن عيني أمي ،حين أحس بالحاجة إلى الحب رميت كل ذلك خلف ظهري ... إلا أن فرحتي لم تكتمل فسرعان ما تكسر ذلك الحلم الطائش المرصع بزجاج قنينات النبيذ الأحمر في حفل زفاف صديقة الطفولة "هبة".
حين وجهت عجوز عينها لوحة مرارة وقسوة حياة، الكلام نحوي قائلة: لا تخدعوا هذه البنت المسكينة، بأهمية بعض الأشياء التي تتحول إلى مأساة عند التجربة، دعوها وشأنها.لا ينبغي أن نستمتع بالكذب على النفس وعلى الآخرين، رغبة في تفوق مزعوم نخفي به جراحنا ورغبة في رأيت الأخريات يتجرعن من نفس الكأس، دعوا الجراح تتكلم ،و كلكم تعرفون وأنا أعرف، وما تقولنه اليوم عن الزواج وعن ابتهاجكم به تعرف أنه كذب على النفس أو دافع بصديقتكم إلى الزرداف.
-قالت:أنت كهبة إن تزوجت فلا بد أن أحضر في عرسك ولكن سأكون سائرة في جنازتك. وهديتي أن أهبك قبرا.
لحظة غرقت في ظلماتي و رأيت نفسي مستلقية على نعش،و أرتدي فستان عروس أبيض،ومن حولي نساء يبكون ويلطمن الخدود.
وأخريات يرقصن ويضحكن من الفرح. فاكتشفت أن كلمات المرأة العجوز و الهبة التي ستمنحني إياها، كان وقعهما كبيرا على امرأة مثلي لم توهب شيء في حياتها،لم تهبها أمها حليب الرضاع، ولم يهبها أبوها الرعاية والنسب، ولم يهبها أي أحد شيء سوى قبر.
|