كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بسخرية : كلّ الثانية بعد؟
اتّسعت عينا سهى وقدمَاها تتحركان بنيّة الإتجاه إليه، إلا أن عقلها استذكرَ كلماته القاسيةَ التي لفظها قبل دقائق لتتيبّس قدماها عن الحركةِ وتنسى الخطوات إليه.
أردف بقسوةٍ وهو يتكئُ بظهره على إطار البابِ ولا يظهر منه لإلين وسهى سوى جزءٌ من كتفهِ ورأسه : إلين ، ما كان ودي أقولها لك بوجهك ... بس مالك حياة هنا
اتسعت عيناها بصدمةٍ ونظراتها الموجّهةُ إلى جُزئـِه الظاهر تيبّست ونسيت غيره، كلماته بنبرتهِ الجافّةِ والقاسيةِ تلك تسللت إلى صدرها خنجرًا حادًا يقطع كُلّ أوعيتها الدمويةِ لينقطع الدمُ عن كامل جسدها. من كلّ المكالمات السابقةِ بينها وبينه، من كلّ النبراتِ الحادةِ التي كان يلفظها صوتُه، كانت تستنبط دون ذكاءٍ مكنون عبارتِه الآن، كانت تستنبط عدم ابتغائِه لها إلا في مرةٍ واحدةٍ حين اتّصل هو بها وأعلمها بنيّة قدومه إليها، كانت تستنبط كل ذلك المعنى وتتجاهل، كلّ ذلك المعنى الذي لم تشعر بقسوتِه إلا الآن وحين لفظ هو بِه، كيفَ تأتِي الكلماتُ حادةً قاسيَةً بهذا الشكل؟ كيفَ تأتي مؤلمةً حدّ الجراحِ التي يئنُّ صوتُها بهِ ولا تنزف؟ خُلقت اللغاتُ للتواصل، لا سلاحًا للقتل. لم تستشعر مدى ألمِ رفضهِ إلا حين قالها وبكل اللا مبالاة التي اجتمعت في صوتِه، في جسدهِ المُدار عنها، في نبرتِه التي عبرت مع جزيئات الهواء لتصلها عبر صدرها الذي خُرّم بشدّةِ حدّته.
اهتزّت شفتاها وعدم مبالاتها بشيءٍ منذ اتجهت إلى هنا بتهورٍ يهتزّ مع اهتزاز كلّ الأحاسيسِ في داخلها، تضاعف شعورُها بالعارِ الذي يتكدس في كلّ ثانيةٍ حتى باتت عدم مبالاتها بهِ ينحرف عنها، شعَرت كم أنّها تهوّرت في القدوم، بالرغم من خلوِّ عقلها من كل الحلول عدا هذا إلا أنه كان حلًا مُخزيًا لا يرتبط بالراحةِ في شيء، لو أنّ هذا الحل كان بادرةً من أدهم، لو أنّه كان راضيًا ولم يتمركز الحل في " الفرض " لما كان الشعورُ الجارحُ الآن يسكنها، لما شعرت بكبريائها المُمزقِ يحترق بنارِ جملته القصيرةِ والطويلةِ المدى، لمَا جفّ صوتُها وبات أُميًا لا يُدرك الرد.
بلل أدهم شفتيهِ وهو يرفعُ رأسه قليلًا للأعلى، آخر الحلولِ الكيْ، وإلين لا تُدرك أنّ وباءً أصابها، وباءُ الثقةِ بهِ والرغبةِ في العيشِ معه. لم يرَها منذ فترةٍ طويلةٍ بطولِ الليالي التي كان ينامُ فيها وحيدًا يُشاركه الفراغُ معيشته، لم يرَها منذ سنواتٍ يتحجّر المُضيُّ فيها وتطُول بعثرتها، كاد ينسى ملامحها التي رسخت في دماغهِ طفولية لم تكتمل معالمُ الأنوثةِ فيها، كاد ينسى ملامحَ الطفلةِ التي كانت ترمقهُ بخوفٍ ونفور . . والآن ؛ لم يستطِع منع نفسهِ من النظر إليْها ما إن جاء، لم يستطِع منع نفسها من سرِقةِ جزءٍ من ملامحها حتى يُجدد بها الصورةَ السابقة، رمقَها ما إن وقف أمام الباب دون أن تنتبه هي وسهى إليْه، رمقَها لدقيقةٍ لا يظهر منها سوَى وجهها والطرحةُ تلتف حولَ رأسها لتظهرَ لهُ بشرتها وملامحها التي ما تغيرَت سوَى أنها ازدادت حلاوةً وجمالًا، ملامحها التي تغطّت بطبقةٍ رقيقةٍ من المكياجِ لم يفقدها هويتها، ملامحها التي نضجَت بعيدًا عن كلّ صعوباتِ الحياةِ لتجيئها محملةً بكلّ الخذلانِ خلالَ وقتٍ قصيرٍ جعلها تنسى كلّ السنواتِ الماضِياتِ الجارياتِ على صفيحةِ عينيها التي تنطفِئُ أمامها الهويّة وتنسى الأوطانُ مُسمّاها والبلدان تغرق في موجِها.
أغمَض عينيه وهو يُعزّي غُربتها وغُربته، إن كان سيكُون في عينيها منحلّ الأخلاقِ فليكُن، يكفيه جلالًا أنه - سيكُون في عينيها -.
بعثرَ أنفاسهُ الساخنةَ قبل أن يهتفَ بصوتٍ يفقد نبرتهُ ويتشتت كل الشعورِ بهْ : بو ياسر في طريقه لهنا ، توّه من شويْ متصل علي ... روحي ويّاه ، ما أنصحك فيني
تحرّك خطوةً ينوي الذهابَ والعودةَ إلى وكرِه، إلا أنّ صوتها وجدَ نفسهُ ليتسلل عبر جزيئاتِ الهواءِ إلى أذنهِ خاليًا من كلّ الحياةْ : ما بروح ويّاه
توقّف وهو يُغمض عينيه للحظة، ومن ثمّ فتحهما يزرع نظرةً قاسيةً تمركزت في عينيه، هاتفًا بحدة : احتفظي بشوي من كرامتك .. وش أنتِ؟ لهالدرجة ما تحسين؟
إلين بصوتٍ تجفُّ من حناياهُ الحياة : الميت يحس؟
اهتزّت شفتاه ليزمّهما وهو هذهِ المرّة يُغلقُ عينيه بقوّةٍ وينسى فتحهما، ارتفَع صدرُه ببطءٍ وهو يُحاول زعزعةَ السهمِ الذي اخترق صدرُه عند كلماتها، يُحاول ألّا يتأثر بنبرتها التي تميل نحو خطِّ اليأس/الأحزان. كيف لصوتكِ أن يتمدد حُزنهُ بهذا الشكل وتتقلّص فيهِ الحياةُ ولا يُخْشِع عينًا في بُكائها عليْه؟ كيفَ لقلبٍ تعبرهُ آهاتُ أنثى ولا يتحشرج به؟ . . عضّ طرفَ شفتِه وهو يهمس في داخله . . لكنني ويا للأسف اقسو على نفسي كثيرًا فليس صعبًا أن أقسو عليكِ ... صدقيني هذه ليست قسوةً بمكنونِها، إنّها رأفةٌ بك، رأفةٌ بمن لن يستطيع العيشَ معي أو تقبّلي.
فتح عينيه ليلفظ بصوتٍ جفّت نبرته : ميّتة أو حية ، ماهو شغلي
سقطت دمعاتٌ على وجنتها، دمعاتٌ حارقاتٌ تتبلوَر خانقةً الصَمت المُحيط بعقلها دون بقيّة أعضائها، دمعاتٌ تحمل في قطراتها ملحًا أجاجًا يشقّ وجنتيها ويُصيبهما بالقحط. رفَعت كفّها لتضعَ ظاهرهُ أسفل عينيها وهي تهمس ببكاء : غصب عنك تنشغل فيني
أدهم : ماني معترف فيك!
عضّت شفتها بقوةٍ وهي تضغط على وجنتها بظاهر كفّها، اهتزّت قدماها وصوتُها الباكي يرتفع بجرحٍ يتعمّق في صدرها ولا يلتئم، لا دواءَ يُشفي جراح القلوب ولا طبيبًا باستطاعتهِ مداواةَ نفسها التي كُسرت. هتفت بحرقة : مو بكيفك يا أدهم هالتناقض! مو بكيفك تعترف فيني مرة وبعدين تنكرنِي ، ماني لعبة ؛ ماني لعبة
أدهم بكلّ القسوةِ التي يمتلكها، هتف : أنتِ اللي تعطين مجال لغيرك عشان يعتبرِك لعبة ، بالرغم من كل اللي كان قبل سنوات بعدك تفكرين فيني؟ كأخ؟ . . ترخصين نفسك بهالطريقة؟
اتّسعت عيناها بصدمةٍ ودمعها جفّ لكلماتِه التي كانت كخنجرٍ اخترقَ صدرَها، تكررت صدى كلماتِه الفجّة في أذنيها حتى صوتُ شهقةِ سهى لم تصلْها، لم تصلْها والجسر الذي تعبر عليْهِ الكلماتُ والأصوات إليها هُدم، كلّ جسورُ الحياةِ هُدمت عدا الجراح، إنّ الجراحَ تعبر فوقَ جسرٍ متين، جسرٍ يزيد من شدّتها فتصلها بأبشع قوّة، تصلُها لتشوّه في عينيها كلّ معالم الحياة، إن الجراح التي بلا دماءَ أقسى وأشدّ وطأة، لا يختفي أثرها، لا دواءَ لها، إنها تُبكي ولا ينضب عنها الدمع. ارتعشت شفتيها بضعفٍ وجسدُها تشعر أنّه خارَ حتى كاد يسقط ويسقط معهُ وعيُها، لم تشعر بنفسها وصوْتها المجروحُ يخرج بحبالٍ صوتيِةٍ مُرهقة، صوتُها يعبر عبر شفتيها المُضطربتين واهنًا : حقير ، حقير ، حقير
ظلّت تُكررها ببهوتٍ حتى كاد صوتها لا يصله، ظّلت تكررها وملامحهُ تُعتم وتتوارى خلْف الظُلمة، ظلّت تكررها وصوتُ الحزن في داخلها يتصاعد مداه بينما صوتُ الحياةِ يهوي في حفرةٍ دون قاع، اختلطَت نبرتها الواهنةُ بنحيبِ البُكاء، بينما تحرَّكت قدماهُ قبل أن يُغمض عينيه ويبتعد! يبتعد عن مدى هذا الصوتِ الضعيف الذي أضعفه، الذي أرسى بسفينةِ التوهانِ عند مينائه، الذي يتغلغل مساماتهِ ويختلط بدمِه، صوتُكِ لا يصل عقلي عن طريقِ أذناي، صوتكِ يتسلل عبر مساماتي ويختلط مع دمي، يصلُ قلبي ويُشارك في دورتي الدموية.
ابتعدت خطواتُه التي قرَعت في أذن سُهى ولم يُستحضر في عقل إلين التي نسي عقلها الأصوات، بكَت بقوّةٍ هذه المرة وهي ترفَع كفّيها وتُغطّي بهما وجهها، انقطَعت آخر حبالِ الأمل، كانت لترضى بقسوتِه، بعدمِ تقبّله لها، لكنّ كلماته الآن كانت خارجَ نطاقِ المعقول، كانت خارجَ قدرتها. بكَت بصوتٍ سمعهُ أدهم قبل أن يبتعد عن مداه وهو يعضّ لسانه ويقنع نفسه أنه لم يُخطئ، يجب أن تدرك أنّها ستُخطئ بشدةٍ لو قامت بالمعيش معه، ستخطئ أكبر خطأٍ في حياتها.
،
بعد صلاة الفجر
سمعَت صوت الباب الخارجي للجناح يُفتح، كانت وقتها مُستلقيةٌ على السرير تحاول جلب النوم إلى عينيها دون أدنى فائدة، تحاول نسيان شعورها العظيم بالخزي لكن هيهات، العار يسكنها بدرجةٍ تجعل التفكير في مواجهةِ شاهين فوق قدرتها. أغمضت عينيها بقوةٍ حين سمعت صوت الباب، وخطواته اعتلت مقتربةً من غرفة النوم بينما الهواءُ ينسحب عنها لتتسارع أنفاسها تلقائيًا ويتسارعَ صدرها هبوطًا ونزولًا. لا تُريد رؤيته، ولا الإحتكاك معه بالكلام أو النظرات، لا طاقةَ لها لمواجهته دون استعدادٍ هذا إن جاءَ الوقتُ الذي قد تستعد فيه أصلًا، وكيف قد تمتلك الجرأة؟ وعارُها يسكن نظراتها ويتصادم مع الهواءِ الذي تتنفسه، ينطلق مع صوتها لتبدو بصورةٍ دونيةٍ لا تستطيع مواجهته بها.
اقترب من السرير ونظراته مرتكزةٌ عليها، شعرها الرطبُ والملابس التي يظهر جزءٌ منها جعله يُدرك أنها قد صلّت فلا داعي ليسألها فالجواب واضحٌ لعينيه. جلس على الحافةِ من الجهةِ المُقابلة، وعيناه لم تنحدرا عنها في مواجهةٍ لصورتها المُضطربة الفاضحة لتمثيلها، تنفسها السريع واضحٌ لعينيه واهتزاز جفنيها اضطرابًا يزيد توترها رغمًا عنها. أغمض عينيه وهو يبتسمُ ابتسامةً تكادُ لا ترى، هل يُمثّل غير السعادة؟ كيف قد يتجرأ؟ إنّ السعادة تصعد فوق ملامحهِ رغمًا عن أنفه، تزيّن حدقتيه لتصبح مرئيةً في نظراته، في صوته، وفي كل ابتسامةٍ قد تظهر منه. إن السعادة قد خُلقت لتُصبح مقترنةً بها، لتُسطّر على أوراقها، بالرغم من كل ما قد فعلته من قبل إلا أنه سامحها! سامحها على استهتارها وكذباتها عليه، كيف لا وهي قد أهدته سعادةً لا مثيل لها؟
تمدد بجانبها وهو يقترب منها، ليستشعر تسارع أنفاسها أكثر، حينها اتسعت ابتسامته وهو يمدّ يده ليضعها على رأسها الرطب هامسًا : يا بعد راسي بيوقف قلبك على هالخوف بسم الله عليه بس! تراني ما آكل
اضطربت خلاياها وهي تزدرد ريقها بعبرة، رغم كلّ شيءٍ يا شاهين ها أنت تتغاضى! رغم إهاناتي نحوك إلا أنّك تجعلني في كل مرةٍ أستشعر مدى كوني حقيرة بدرجةٍ لا تسمح لك بالمغفرة، بدرجةٍ تجعل من قسوتك نحوي مبررًا حد لا أستطيع رفضها ... إلا أنك لا تفعل! لا تقسو علي كما أقسو عليكَ بإهاناتي وأفعالي الحمقاء، لا تقسو عليَّ وأنتَ المطر الذي يسقط حتى على من ينفرون منه، لكن أنا! في كل مرةٍ أُثبت لنفسي أنني لست سوَى ورقةِ خريفٍ جافةٍ لا حياةَ فيها، يتخلى عنها غُصنها في فصلٍ خريفيٍ ولا تعثر على من تلجأ إليه، تدوسها الأقدام المُختلفة ويعبث بها الريح لتزداد جفافًا.
أشكرك، على إيلامي بغفرانك، على جعلي أشعر كم أنا - حقيرةٌ - بسعةِ قلبك.
فتحت عينيها ببطءٍ لتظهر لهُ صفيحةُ الدموع التي تكوّنت فوق حدقتيها، حينها تأوّه وهو يغمض عينيه هامسًا : وشوله البكا الحين؟
همست بحشرجة : آسفة
شاهين يفتح عينيه هامسًا بتجهم : على؟
أسيل : على كذبتي ، على كل شيء
تنهد بقوةٍ وهو ينقلب على ظهرهِ ناظرًا للأعلى، ينظر لتضاريس السقف بعينين شاردتين، كل من في موقفه بالتأكيد سيغضب بسبب كذبتها المُلفقة ليتركها قُبيل الزواج، وهل ينكر أنه اغتاظ؟ لكنّ السعادة التي شعرَ بها كانت أكبر وأعظم، لذا كان من الطبيعي أن يتغاضى كما تغاضى سابقًا، كان من الطبيعي أن يخضع لعينيها.
عاد ليستدير على جانبِهِ الأيسر ليُقابل ملامحها الباكية، ومن ثمّ رفع كفّه ليضعها على وجنتها التي تغلفت بدمعاتٍ مالحات تُصبّ على قلبه. وبهمس : يقول جبران " الرجل الذي لا يغفر للمرأة هفواتها الصغيرة لن يتمتع بفضائلها الكبيرة " وعلى ضوء هذي العبارة أنا مؤمن إيمان تام بأن العلاقات لازم تُبنى على أخطاء لو التفتنا لها راح تنهدم من البداية، لذلك أنا مسامحك، لحد اليوم أنا مسامحك
تقوّست شفتاها بألمٍ لكلامهِ الذي تحمّل بنبرةٍ حنونةٍ هزّت كل أركانها، ودموعها سقطت بكرمٍ أكبر بينما صوتها عبر من بين شفتيها مُتألمًا : اللي سويته هفوات صغيرة؟
شاهين بابتسامة : ما علينا من صغيرة وكبيرة المهم هي مقولة وتفلسفنا فيها ... بس على فكرة؛ راح تردين لي جميلي وهذا اللي أنا منتظره بالأيام الجاية
أغمضت عينيها بقوةٍ وهي تبتسم رغمًا عنها وصوتُه ينحشر بين أضلعها ليرتد ويتكرر على مسامعها باثًا سكينةً في فؤادها. همست بامتنان : شكرًا لك
قبّل وجنتها برقّةٍ وهو يضمّها إليه، وبهمس : أنا اللي أشكرك على هالسعادة بقربك.
،
دخل المنزل قرب الساعةِ السادسةِ فجرًا، كان الظلام ينتشر ويظهر لعينيْه ما إن دخل، الهدوءُ ينبعث في كل الزوايا ما عدا صدرِه، تنهّد بكبتٍ وهو يُغلق الباب الذي كان مفتوحًا من خلفه، والواضح أنهم تركوه مفتوحًا انتظارًا له. ابتسم ابتسامةً تكادُ لا ترى، شتّان ما بينهم وبين من ارتبط معه بالدم! كَذبَ من قال " رابطة الدم أقوى من أي رابطة أخرى "، كذب من قال " عمر الدم ما يصير ميّه "، كذب من قال أن " الدم أكبر كثافةً من الماء "! كذب الجميعُ ولم يصدقوا إلا في " ربّ أخٍ لم تلده أمك "، وعلى صدد ذلك هاهو يقول بكل القهر الذي يتشعّب في صدرِه، بكلّ الأسى الذي تكابل عليه في أشهر مضت ولازال ألمها يمضي على صدره : ربّ عائلةٍ لمْ تحمل دمكَ تصبح هي حاميةَ دمِك! ".
خطى بخطواتٍ ضيقة نحو الداخل وهو يمسح على وجهه مستغفرًا مكررًا " أصبحنا وأصبح الملك لله الواحد القهار "، يصبح العالم بين يدي الله يُقلبه كيف يشاء ويُمسي كذلك، لذا الدنيا بخير، وستبقى بخيرٍ بما أن عينا الله لا تنام .. كل شيءٍ بخير، كُتبت مقادير حياتِه قبل ولادته ولن يضرّه شيءٌ لم يكتب عليه ، لذا الدنيا بخيرٍ وأسألك يا الله أن تكتب لي صبرًا لا ينفد، أسألك يا الله أن تبعث في قلبي قوةً لا تهزّها قوةُ ظرفٍ عبر بنيةِ قهري، أسألك يا الله أن تزرع في صدري - تبلدًا - يسِع قهر العالم بأكمله!
شعرَ بحركةٍ قُربه، حينها استدار بسرعةٍ ليرى عناد جالسًا بين الظلام على إحدى الأرائكِ المُفردة، مُعيدًا ظهره للخلف ليُخفي عينيه تحت ذراعهِ السمراء، ليهتف بهدوء : ما بغيت ترجع ، هذا اللي بيعطيهم رقم السيارة وراجع؟
ابتسم سلطان بهدوءٍ وهو يقترب منه في جُنح الظلام، وبخفوتٍ هتف : طلعت قبل الفجر بوقت ، بس تمشيت لين وقت الصلاة
أزاح عناد ذراعهُ عن عينيه لينظر لوجهه المظلم، هاتفًا : وبعد الصلاة؟ ترى صارت الساعة ست
ضحك سلطان بخفوتٍ قبل أن يهتف : بتحقق معي؟
عناد : كنت متضايق؟
تلاشت ضحكة سلطان ووجهه يتجهّم تدريجيًا ويُظلمُ بعيدًا عن تأثير الظلام حوْلِه، بينما كان عناد ينظر إلى تقلّبات ملامحه تحت استثارة سؤاله له، يشعر به، بالتأكيد هو يشعر بهِ وكيف لا وهو يُدرك جراحه ويعلم مقدار عُمقها وإن أخفى، زفر بغلٍّ ليهتف بخفوت : وش اللي مضايقك بالضبط؟
تحرّك سلطان وهو يبلل شفتيه وملامحه تتجه نحو الجمود، ومن ثمّ جلس على إحدى الأرائكِ ليضعَ مرفقيه على ركبتيه هامسًا بجفاء : وليش بكون متضايق؟
عناد بهدوء : أنت أدرى
تنهّد سلطان بعنفٍ وهويمسح على وجهه، وبصوتٍ وصل إلى أذنيه عبر جزيئات الهواءِ مهتزًا راجيًا : قفل على الموضوع واللي يعافيك
ارتخت ملامح عناد ناظرًا إليْه بعينين فقدتا هدوءها، ومن ثمّ تنهد ليهتف مبتعدًا عن الموضوع : روح نام، أمدانا نجهز لك ولزوجتك غرفة الضيوف، وأول ما تصحى أبغاك تعلّمني وش صار معك بالضبط
أومأ سلطان قبل أن ينهض متحركًا مبتعدًا عنه، بينما نظرات عناد تتبعه قارئًا حزنه في تحرّكاته.
دخَل إلى الغرفةِ التي توازي ظُلمةَ الخارجِ وظلمةَ صدره، رائحةُ عطرها تُخالط جزيئات الهواء، وبرودة التكييف تغلغلت جسدهُ بسرعةٍ ليقشعرّ، برودةٌ لا تكفي حتى تُطفئ الحرارة التي تُسيطر على كامل أعضائه .. نظر باتّجاهِ السرير وقد تحرّكت غزل التي لم تستطِع النوم، جلست لتضمّ الروب إلى جسدِها وعيناها المُشبعتين بارهاقِ النوم تنظران إليه، حاولت النوم في الساعات الماضية إلّا أن تفكيرها كان بعيدًا عن مجرى النوم، بعيدًا كل البعد عن الإسترخاءِ والإنهاك لابد أن يستقر فيها حتى بالتفكير، أنهكتها الحياةُ بمرّها ولم يزُرها الإسترخاءُ مرةً، أنهكتها السنوات الجاريات على وجنتيها بحرارةٍ تسلخ بشرتها وتُوجّهُ ببراكين الحسرةِ إلى قلبها.
شدّت أناملها على قماش الروب من فوقِ قميص النوم الذي يستر كامل جسدها والذي أعطتها إيّاه امه، وبصوتٍ خرج من بين شفتيها مهتزًا يشوبهُ الكثير من القلق : تأخرت
دخَل الغرفةَ بخطواتٍ هادئة وهو يُمرر أنامله على شعره مُتجهًا للحمام، وبصوتٍ جامد : ليه ما نمتي؟
غزل بهدوءٍ ونظراتها تلاحقه : ما قدرت
توقف ليستدير ناحيتها مُقطبًا جبينهُ وهو يقرأ في عينيها عبر ضوءِ الصباحِ المُتسللِ إلى الغرفة اختلاجاتٍ تهزّ نسيم الصباح، هتف بخفوت : وراه؟
توترت غزل وهي تُخفض رأسها وتشدّ بقبضتيها على ركبتيها، هل تقولُ لهُ أنها كانت قلقة؟ عليه تحديدًا! هل تقول أنها كانت قلقلةً من عدمِ عودتهِ وهي المحتاجةُ إليهِ حاجةً بالرغم من كونها تحاول إخفاءها إلا أنها تعترف بها! لازالت كلماتها الأخيرة التي أطلقتها عليْه قبل أن يذهب تتكرر على مسامعها، هي لم تحبه، تُدرك ذلك وما تشعره بالحاجةِ إليه مجرد مسألةِ وقتٍ وسيندثر فيما بعد، لكنّها باتت تخشى أن يتفنن في تلاعبهِ إن كان بالفعل يتلاعب حتى تقع أخيرًا فيما هو محضورٌ عليها.
طال صمتها الذي اختلط بزغزغةٍ خافتةٍ من الخارج مع علوّ الصباحِ وتغريد العصافير، رائحةُ الفجر ترفض التسلل عبر النوافذِ المُغلقة حتى تبعث برائحتها استرخاءً كافيًا يُذهب ضغط الليلة الماضية، سماءُ الرياضِ بدأت تستقبل الشمس الحارّةَ الباثّةَ لسخونتها عبر الأجساد، بينما هذه الغرفة ينتشر فيها برودة التكييف لتضمحلّ حرارةُ الرياضِ بين زواياها. اقترب بخطواتٍ قرعَت على صدرها لترفعَ رأسها مواجهةً لهُ بعينيها المتوترتين والخائفتين، بينما همس صوته باستفسار : شفيك؟ تفكرين باللي صار أمس؟
ازدردت ريقها بتوترٍ وكأنها تزدرد حمضًا حارًا يسلخ الأعضاء التي يمرّ بها فينسلخ بلعومها ومريئها منتهيًا إلى معدتها التي تنصهر بالتوائها وألمها في هذهِ الأثناء. لم تُجِبهُ ليُردف بعد تنهيدةِ خيبة : ما عليه مجرد طيش شباب ومرّ الوضع بسلام، الحمدلله اللي سلّمنا
زمّت شفتيها وهي تعودُ لخفضِ رأسها وتشدّ بأناملها السمراء على القماش الأبيض الذي يهترئُ بهذا الشدِّ كما تهترئُ روحها بانقباضاتِ الجراحِ عليها، بقيودِ القسوةِ التي تُكبّلها وتُغلّف ذكرياتها الناريةِ بأُكسجينٍ يضاعف من حرارتها مراتٍ ومرات. أيّ " طيش شبابٍ " هذا؟ ألا يعلم بالفعل من السبب؟ أم أنه يُحاول فقط زعزعةَ أي فكرٍ سوداويٍ عن عقلها؟ وكيف قد يُزعزعه؟ وهي التي تدرك أكثر منه كيف قد يُفكّرُ والدها ليصلَ إلى ما يُريدهُ بعناءٍ وجهدٍ بالغ، لا طيشَ شبابٍ فيما حدث وكلّ الذي تمرّرَ في الذكرى حالكٌ لا يذهب ظلامه، كل الذي تمرر في الذكرى مرّ دون أن يمرّ أثره، لحظةُ الاصتدام، الإنقلاب، لحظةُ الطيش الذي يقولها، كلّها كانت أمام عينيها ولم يمرّ أثرها وظلامها حتى الآن، صحيحٌ أنهما لم يكونا في السيارةِ آنذاك، لكنّها تتمنى لو أنها كانت بالفعل هناك! فلربما كان ألمُ الموت أهوَنُ من ألم الخذلانِ الذي يتشعّبُ في صدرها.
جلسَ سلطان بجانبها على السرير وقد بنى بينهما فراغًا كافيًا إلا أنهُ لحظَ انتفاضها بوضوح، شعر بزحزحتها بعيدًا ليبتسم بهدوءٍ وهو يهمس : ما آكل بشر والله
توترت غزل حين وصلتها عبارته، بينما أردف وهو يتنهّدُ ويبثّ الشحناتِ السالبة مع جزيئات أنفاسه : ممكن تفسرين لي وش معنى كلامك أمس؟
عضّت طرفَ شفتها وهي تشدّ أكثر على القماش الأبيض حتى تلامست أظافرها مع باطن كفها وكادت تخترق القماش لتجرحها، ارتعشت شفتاها لثانيةٍ قبل أن ترفع رأسها وتوجّه نظراتها الضائعةَ إليْه، نظراتُ غزالٍ شاردٍ تائـهٍ عن قطيعهِ يخشى اصطياد الأسود له، هل تعتبره الآن من قائمـةِ الأسودِ أيضًا؟
رفَع كفّه قليلًا ليضعها على رأسها وارتعاشها يصلُ إليه جيدًا منتقلًا إلى جسدِه، بينما نظراتها التي كانت إليه ضاقت تدريجيًا في توترٍ يشوبه الكثير من الخوفِ والحذر ليتناسب طرديًا في اتساع عينيها ذعرًا. تقلّصت ابتسامتهُ قليلًا وشفتاه تفتران عن نبرةٍ خافتة : المفروض تكونين واثقة من نفسك دامك تحدّيتي!
اهتزّت حدقتاها وكلماته اخترقت عقلها الذي لم يستوعب سوى أنها كانت على حق! أنّه بالفعل كما قال لها عقلها، ليس كذلك! أرجوك لا.
تابعَ نظراتها المُهتزة بصمت، قبل أن يردف : تدرين إنّي يومتها كنت عارف إنّ اللي تحدى شخص غبي! ما عليه يمكن وقتها ماشيتك بس بعدين لما فكرت شوي بالموضوع كانت بتكون نذالة وحقارة مني إنّي أربطك فيني وبعدين أتركك
اتّسعت عيناها أكثر في ذهول، لم تفهم تناقض عبارتيْه ولم يستطع عقلها المُرهق استيعاب كلماته التي تحمّلت بنبرةٍ رقيقة، إلا أن العنف الصادر من نبضات قلبها صوّر لها جفاءَ صوتِه وبرود عباراته. شتت حدقتيها العسليتين عنه، وصدرها ارتفعَ جاذبًا الهواءَ البارد إلى رئتيها، وبهمسٍ وعيناها تعودان للنظر إليْه : ما فهمت.
سلطان يبلل شفتيه بلسانهِ قبل أن يمرر كفهُ على شعرها باثًا بعض الطمأنينةِ إليها، وبهمس : يعني تطمني من ناحيتي، أنا ماراح أتمنذل معاك وأسوي حركات مالها داعي عشان أعلقك فيني بس، بتصرف معاك بكامل عفويتي .. وعاد إذا صار فيك شيء فهذا منك ماهو مني
رمَشت بخفةٍ وهي تشعر بجسدِها يرتخي، كلّ التشنج والإنشداد الذي شعرت بهِ يكاد يُمزق أربطتها تقلّص، التقطت أنفاسها وإدراكها بسرعةٍ وهي تحاول إظهار نفسها بصورةٍ أفضل من الضعف الذي واتاها : مرة واثق!
ابتسم سلطان بعبث : أيه مرة واثق بنفسي ، عشان كذا ما أستبعد تتعلّقين فيني
رفعت رأسها لتصوّب عينيها إلى عينيه وهي تعقد حاجبيها، حينها ضحكَ وهو يهتف : خلاص لا تطلع عيونك * نهض ليُردف * وبعدين الوقت صار متأخر ما نمتي للحين؟
هزّت رأسها بالنفي وهي تلتزم الصمتَ وتتابعهُ بنظراتها. سلطان : طيب نامي لك شوي ما بنطوّل هنا ، بعد الظهر بنطلع
أومأت في صمتٍ وهي تتمدد وتُغطي كامل جسدها باللحاف، تتابعهُ بنظراتها المتوترةِ رغمًا عنها وعقلها يتّجه لمخاوف أخرى، ظلّت تتابعهُ وهي تراه يخلع ثوبَه ويرميه على إحدى الأرائك، ومن ثمّ اقترب من الجهةِ الأخرى من السرير ليتوتر قلبها بنبضاتهِ وتستدير على جانبها الأيمن تُدير الجهةَ التي ينويها ظهرها. كانت تحرّكاته عفويةً للغاية، لكنّها حتى بعفويته تتعثر بخوفها، أغمضَت عينيها بقوةٍ وهي تشعر بهِ يتمددُ دون أن يُلامس دفءُ جسدهِ جسدها، ودون أن يتناول جزءً من اللحافِ وكأنّه قرأ في اختبائها خلفهُ خوفها وتوترها بقربه، لذا وضع مسافةً كافيةً بينهما تسمح لها بالشعور ببرودةِ الغرفة، غطّى عينيه بذراعهِ بينما بقيت هي تتنفس بتوترٍ أسفل اللحاف، تلتهم الهواءَ البارد ورائحته تتغلغلها مع الهواء ليزيد ارتباكها، نامَ هو بعد دقائق قصيرة مختزلًا إرهاق الليلة التي تحمّلت بالمفاجع، بينما بقيت هي تحرس نفسها وتتنفس التوتر لنصف ساعة، ومن ثمّ أزاحت اللحاف قليلًا عن وجهها واستدارت قليلًا وهي تحاول اقناع عقلها أن انتظام تنفسهِ حقيقي، وأنّه نائمٌ بالفعل.
نظرت إلى ملامحه التي اختبأت عنها عيناه، شرَدت قليلًا وعيناها تنحدران على رسمةِ فكّه، على شموخ أنفه، على عوارضه التي تزيده بهاءً. هل يستوي قُبح النّيات مع جمال الملامح؟ في هذه اللحظةِ الصباحية، بين جزيئاتِ الهواءِ الباردةِ، بين موجاتِ صوتِ تنفسها المُضطرب، هاهو عقلُها ينجرفُ نحوَ التأمّلِ وربط المعقول بالمعقولِ بعيدًا عن المحال. يُقال كثيرًا أن جمال الروح لا يرتبط بجمال الملامح، هي لم تؤمن بذلك قط إلا مرةً سابقة! مرةً قمعت من بعدها المرات، هي لم تؤمن إلا بأن جميع البشرِ قبيحوا الأرواحِ وإن تجمّلت ملامحهم .. لكن نظراته ، نبرة حديثه ، انحناءاتُ صوتِه ، لمستهُ الحنونة ، تجعلها تقمع إيمانها ذاك وتُقنع عقلها بالرضا في صمت، بتصديق اقترانِ جمال روحه بجمال ملامحه، لكن هل سترضى أن تُلدغ مرتين؟ ... حسنًا، حقيقةً هناك ما يجعلها تسمح بهذا اللدغ .. لمَ لا تُجرّب؟ معه! لآخر مرة وبعدها إن خُذلت فستموتُ ولن تُكرر تصديقها لأحد، إن خُذلت وتدلّت الخيبةُ على صدرها ستكون وقتها في خبر " كان " وكلُّ كان يكونُ ماضٍ وانتهى، ولتكُن هي الكانَ والإنتهاء. ليُكن هو آخر من ستثق به.
،
مع تسلل خيوطِ الشمسِ عبر النوافذِ إلى الغرفة، تقلّبت على السريرِ ذاتَ اليمين وذات الشمالِ وهي تضعُ كفّها على أسفلِ بطنها، تزمّ شفتيها وألمٌ يسري على ملامحها التي يتسمّر فيها السكُون. فتَحت فمها تستنشق الهواءَ عبرهُ باردًا ببرودةِ الغرفةِ التي تتسلل إلي مساماتها وتضاعف ألمها أضعافًا.
انقلَبت على جانبها الأيسر وهي تتأوه بخفوت، ثمّ عضّت شفتها بقوةٍ وأسنانها تكادُ تخترقها دون أن تشعر بألم شفتِها الفعلي، فألمٌ آخر اختلطَ بالخوفِ طغى وأطفأ ألم شفتِها. همست بألمٍ وصوتُها لا يكاد يُغادر شفتيها حتى يختفي : شالسالفة؟ لا ، لا يكون . . آآه
تصاعدَ تأوّهها ودموعُها دون شعورٍ سقطت، لا يُعقل، أرجوك يا الله لا تقطع أملي في هذا الجنين، أرجوك يا الله لتُخسرني كلّ شيءٍ إلا هو، إلا هو، إلا هو يا الله! أنتَ الوحيدُ الذي يعلم كم شغفَ بهِ قلبي حتى وهِن، أنتَ الوحيد الذي يعلم كم تعذّب كياني حتى أتآني كنورٍ في وسطِ ظلامٍ لا ينقشع إلا به، كخيوطِ السعادةِ الغيْرِ مرئية حين تتجسد في روحٍ صغيرةٍ تنتشل الحزن من الفؤاد، لا تأخذه إليْك يا الله، لا تحرمني منه أتوسلك.
تأوّهت بقوّةٍ لألمِ روحها وخشيَتها حتى اقترب تأوهها من الصراخ، تجاهلت الألم الجسدي وبات تأوهها لألمِها النفسي فقط، تساقطت دموعها بكرمٍ حاتمي وفي تلك اللحظةِ دخَل سيف الذي خرج لصلاة الفجر ولم يعد إلا الآن.
كان صوتُ تأوهها قد وصله وهو في الصالة، وما إن سمعه حتى هروَل إليها بسرعةٍ ليفتح الباب وتتسع عيناه لرؤيته لها متكومةً حول نفسها بألم، اقترب من السرير بسرعةٍ حتى جلس بجانبها ووضع كفّه على وجنتها بخوفٍ هاتفًا : ديما، وش فيك شالسالفة؟
فتحت عينيها لترفع نظراتها الباكيةَ إليْه، وبخفوتٍ واهنٍ وبُكاء : الحق عليْ يا سيف بمووووت ، بموووت والله بموت
.
.
.
انــتــهــى
مقتطفاتٌ من الجــزء القادم
بحدةٍ وملامحه تتشنج بغضب : ما ودك تروحين وياي؟ أجل مع مين يا ست هانم؟
،
ارتفع صدرها بذعرٍ في شكلِ شهيقٍ متعرقلٍ ليهبطَ بانفعالِ زفيرٍ تائـه، بحثت عن صوتها وعن الأبجديات تحاول الرد بشيء، وما إن وجدت صوتها حتى همست : يدي
،
هتفت ليان بعد فترة : بنروح لماما؟
،
بالرغمِ من سكُونِ صوتِها، حركتها، بالرغم من سكونِ أنينها، إلا أنه يدرك أنّها تبكي بصمتٍ تحت مفرشها، تبكي كما كلّ يوم.
....
ودمتم بخير / كَيــدْ !
|