كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكُم ()
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضى من الرحمن
تنويه نسيت ذكره سابقًا : الحوار الفصيح = لغة غير عربية
,
بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــد !
(3)
ازداد طول النظرات المُرتشفةُ عمقًا، ما بينه وبين هذا الكائن الذي يسعى لانتشال بناتهِ منه. يصمت، ليس خوفًا أو ضعفًا، لكن ليرى أين ستصل هذه المهزلة، أولًا أخته .. والآن أخ محبوبتهِ وزوجته!
بينما كانت أرجوان تقف بصمتٍ مُرعَبٍ بعد أن سمعت جملة خالها. إن كان منذ لحظات صرخ في وجه أخته وطردها، فما الذي سيفعله مع خالها؟
رمش يوسف ببطء، ثم همسَ فجأةً وقد ارتخت ملامحه بغرابة : وش قلت؟
رفع حاجبه ذياب، ولوى فمه بتفكير. أيكرر ما قاله؟ أم يستفزه بالصمت. بقي لثوانٍ ينظر للأسفل قليلًا يفكر بطريقةٍ مُستفزة، وسبابة يده اليُمنى تضرب فكه بضرباتٍ مُتناغمة خفيفة، يبدو أنه لم يختر لا التكرار ولا الصمت! بل اختار الإطالة في التفكير.
ابتسم بعد برهةٍ ليرفع ناظريه هامسًا بأمر وفي ذات الوقت بأسلوبٍ استفزازي : نادى جيهان وليان ... لو سمحت
إذ أن استفزازه كان في آخر كلمتين. وفي تلك اللحظة تمامًا هاجم وجه يوسف شيءٌ من الغضب، والكثير من الحقد، من جملةٍ واحدة حقد عليه، وقد مُحيَت كل صداقةٍ بينهما في حياة مُنى، والآن بعد وفاتها هاهي العلاقة تنقلب، كما انقلب كل العالم في عينيه
همس يوسف بنفس النبرةِ الآمرة والمستفزة : إطلع برا البيت ... لو سمحت
اقترب حاجبا أرجوان من بعضهما بتوجس، ثم بلعت ريقها خوفًا من القادم، كانت ستتدخل هذه المرة لكنها تراجعت وللمرة الثانية
ذياب بغضب : ما أعتقد أقدر أئتمن على بنات أختي بعد اللي صار
يوسف ببرود : يعني بتئتمن عليهم عندك؟
ذياب : مليون بالمية
يوسف : وأنا أبوهم ومافي شخص بالدنيا يقدر ياخذهم مني
ذياب بحدة وحقدٍ قد ارتفعا بصوته : عندك .... بياخذهم الموت
يوسف بغضبٍ كبير : انخـــرس
ذياب وهو يرفع صوته أكثر وأكثر : ما تبي تسمع؟ ليه؟ الحقيقة قاهرتك؟ حقيقة إنّي أختي ماتت بسببك! اعترف شمسوي لها يا يوسف؟ .... اعترف ليه انتحرت؟
انتفض يوسف وهو يشعر بالغضب يزداد بعد آخر كلمةٍ ألقاها ذياب
أكمل ذياب كلامه بحدةٍ أكبر وصوته ارتفع أكثر بغلّ بعد كل شيء، هي أخته، الكُبرى، المحبوبة لديه ولدى جميع أسرته. انتفض وهو يهدر بصوتٍ متحشرجٍ مقهور : ضاربها؟ مقصر عليها؟ حابسها؟ مكرهها في حياتها؟ شمسوي لها يا يوسف اعترف...
صمت لثوانٍ قصيرة وهو يلتقط أنفاسه، وقد اهتزت حدقتاه بعبرة، بينما يوسف ينظر إليه بملامح لا تُفسر. أخيرًا همس ذياب بصوتٍ خانه فخرج مهتزٍّا، وفكرةٌ في رأسه قد انتشلت بقية سيطرته على نفسه : والا كنت خاينها؟؟!
اتسعت عينا يوسف وأرجوان بصدمة من الفكرة الجديدة التي طرأت على ذياب. وبصمت يوسف للحظاتٍ طويلة وملامحه التي بهتت ارتجف ذياب وهو يتراجع للخلف وقد تأكد من شكوكة. همس بألم : ايه خاينها ... وجابرها تجلس معك بتعذيب بعد! ليه ما فكرت بهالشيء؟ ليه ما تكلمت هي؟ وليه سويت كذا يا يوسف؟
انعقد حاجبي يوسف وعيناه وإلى الآن متسعتان، كيف يمكن لهذا الرجل أن يقلب الأمور رأسًا على عقب بهذه الطريقة المؤلمة؟ هل أصبح الآن هو الخائن ومنى الطاهرة! يبدو أن الأحداث قد أثرت في عقله وجعلته يحيك قصةً خيالية
ذياب بقهر : ليتها تكلمت كنت بتصرف أنا بنفسي، كنت بجبرك تطلقها وماكان صار اللي صار ... ما كانت بتنتحر
بقي يقلب الموضوع داخله بمزاجه ويوسف يقف بسكونٍ ينظر إليه، هاهو ذياب يخترع قصةً جديدة لتنضم إلى مكتبة القصص الحديثة التي يتداولها الناس ... والذي كان هو بطلها.
لكن مع كل ما سمعه لم يكن يوسف يريد أن يفضحها، لم يكن يريد أن يشوه صورتها بعد مماتها، فليتهموه هو، لكن هي لا، لأنها تبقى في النهاية حبيبته وعرضه حتى بعد الممات ... لذا بقي صامتًا.
اتجهت أرجوان إلى خالها بتشتتٍ وهي تسمعه يتحسب على يوسف بكل القهر الذي اجتمع به، فانتفضت وهي تمسك عضده بكفيها هامسةً برجاء : يكفي خالي الله يخليك
التفت ذياب إليها بصمت، ثم بعد برهة همس : إذا ما تبين تجلسين معه تكلمي وأنا موجود
حركت رأسها نفيًا وبتحشرج : غير أبوي ما أبي
رطّب شفتيه بلسانه ليُعيد تدوير الهواء في جسده، بينما كان يوسف يراقبهما بصمت، ولأول مرةٍ لا يغضب لتدخل أرجوان بين الكبار.
ذياب وهو يعلم مقدار تعلق أرجوان بوالدها صمت قليلًا ثم هتف : وجيهان وليان؟
أرجوان : ليان ما تعرف تتصرف بدوني ... وجيهان ......
قاطعهم صوتٌ أنثوي حازم قادمٌ من جهة الدرج : بروح معه
,
كان الوقتُ هو ليل اليوم الثاني حين دخل على والدته تتكلم في الهاتف، وابتسامةٌ جميلة ترتسم على وجهها الأجعد ... ابتسم لإبتسامتها التي اتسعت حين رأته واتجه إليها ليستلقي بجانبها واضعًا رأسه في حجرها مُمددًا ساقيه على الأريكةِ الواسعة, ووجهه مسودٌ من قلة حيلته وقهره. من أين تأتيه كل تلك المشاكل دفعةً واحدة؟
رفعت والدته يدها وبدأت بتخلخل خصلات شعره الناعمة والكثيفة بين أناملها النحيلة، وهو مغمض العينين يستمتع بحضنها كطفلٍ صفير، لتكمل حديثها في الهاتف : والله وهذا السعد يا أم فواز ... بنتك مافي منها والله يقدم اللي فيه الخير
رغم أن الموضوع كان ليهمه, لكن تفكيره الآن بحلولٍ لمشكلته الجديدة أشغلته عن الإنتباه والتفكير في أمورٍ أخرى. ألا يفهم ذاك السند أن نسبة نجاح عملية والدته لا تتجاو عشرًا بالمئة, وهو الآن بات قلقًا من ألا يتمكن من النجاح, بل مُتأكدٌ من ذلك, فما الذي سيحدث بعد أن تصاب أمه بالعمى كليًا, بالتأكيد سيفضح أخاه! وما ذنبه ليبدأ الناس بالنهش فيه وهو عند ربه لا وجود له في الدنيا؟ أليس الواجب على الميت الدعاء له بالرحمة والغفران وذكره بالحسن؟ فلمَ يأتي هذا المتخلف الآن ليُحطم كل صورةٍ حسنة له أمام الناس. تأوه بخفوتٍ متناسيًا وجود أمه, والتي نظرت إليه بقلقٍ لتهتف : معليش أم فواز أكلمك بعدين
ثم أغلقت الهاتف لتنظر إليه بقلق : سلامتك يمه، وش فيك؟
اعتدل شاهين ليجلس ثم تراجع برأسه للخلف ليرسم ابتسامةً باهتة : يسلمك ربي يا الغالية مافي شيء
افترت شفتيها عن ابتسامةٍ باهتة : وصرت تخبي عني؟
أمسك شاهين بكفيها ليُقبلهما : فديتك يا الغالية مجرد مشاكل بسيطة في شغلي
عُلا : متأكد
أومأ برأسه فابتسمت بصفاء وهي تتناول كفيه : عندي لك خبر بمليون ريال
شاهين بابتسامةٍ اتسعت أكثر وأكثر : وشو؟
مطت شفتيها لتحرك رأسها يمينًا وشمالًا : المليون بالأول
ضحك ليهتف : خلاص ما ودي أعرف شيء، اتركي خبرك لنفسك
تجهمت : حتى وإن كان متعلق بزواجك؟
هذه المرة انشدت حواسه نحوها لينظر إليها بتساؤل، ثم همس : ردوا؟
عُلا بمحبة : ووافقوا
لا يعلم تحديدًا ما الذي شعر به وقت ما سمع تلك الكلمة, لكن الأمر الوحيد الذي علمه .. أن شعوره كان بعيدٌ جدًا عن السعادة التي يشعر بها أي رجلٌ يريد الزواج وتكوين أسرةٍ ناجحة، ربما لأنه بكل بساطةٍ لم يكن يطمح للزواج بأرملة أخيه، بل لم يتزوجها إلا لأجل أمه التي تعلقت بأسيل حد النخاع، والتي لطالما فتحت معه موضوع الزواج وهو بذكائه يستشف من عينيها من تريد.
وبصدق ... هو يريد إنجاح هذا الزواج حاليًا.
هتفت أمه بحماسٍ ولهفة : حددت معهم موعد الملكة ... وإن شاء الله ما يمر شهر الا وانت مملك عليها
عبس شاهين : ما تحسين إنك مستعجلة يمه؟
علا : لا بالعكس ... منتضرة على نار لحتى أشوف حبيبتي قدام عيوني
لم يعارض ولم يعلم كيف يُعارض، إن كان زواجه السريع سيسعدها فبالتأكيد سيسعد هو أيضًا لسعادتها.
,
تراجعت للخلف بارتباكٍ من وقوفه قريبًا منها، ليس قريبًا على نحوٍ يثير الربكة لكنها من بعد الذي حصل بينهما أصبحت تخافه ... سابقًا كان زوجها والآن زوجها لكن ليس بالشكل الصحيح.
همس سيف وهو يضع يديه في جيبي بنطاله الرسمي : شفيك متروعة ترا ما آكل
ديما بارتباك : سيف انت عارف إنه ما يصير تقرب مني
رفع سيف حاجبه الأيسر بتعجب : شسويت أنا الحين؟ ... قاعد أكلمك عادي
وبالفعل كان على بعد خطواتٍ معقولةٍ منها لكنها كانت تشعر أنّ ما يفصلها عنه هو شعرة، ربما يتراءى لها هذا الشعور من شدة شوقها له وكرهها لهذا الشوق
سيف بهدوء ولازال رافعًا لحاجبه : شاللي كنتِ تبينه؟
فركت ديما يديها بتوتر، وهي تعلم تمامًا ما سيحصل الآن لما ستقوله : ممم بغيت ... بغيت
سيف بملل : وشو؟
ديما : ممم .. يعني كنت أبي ... ممم أبي أشتغل
حلّ صمتٌ غريب للحظاتٍ طويلة، كانت هي تفرك كفيها وعينيها مُتجهةٌ نحو الأرض لذا لم ترى نظراته المتقدة. وعندما شعرت بتأخره في الصمت رفعت عينيها لتلتقي بعينيه الغاضبة، فابتلعت ريقها خوفًا
ديما " أنا ليه أخاف منه؟ خله يولي يوووه " .. همست بهدوءٍ عكس مابداخلها : وش قلت؟
سيف بنبرةٍ قاطعة : لا
زمت ديما شفتيها بغصة : ليه طيب؟
سيف بصرامة : ما عندي زوجة تشتغل ... وأعتقد تكلمنا في هالموضوع من قبل
ديما : بس
قاطعها سيف بسادية : قلت لااا
شدت ديما أسنانها وقد شعرت بالغضب يتسلل إليها، لمَ يصر على هذه المعاملة البدائية؟ لم تعد تستحمل أسلوبه أو تستحمله هو, ما كل هذا التعقيد في حياته؟. رفعت صوتها بغضبٍ ولأول مرةٍ بهذه الطريقة في وجهه : لا ... ماهو لا! انت لمتى بتظل تتحكم فيني كذا؟ بشتغل يعني بشتغل ونشوف إذا قدرت تمنعني .... * ثم رغمًا عنها وبسبب قهرها الكبير أردفت * والا زوجتك الأولى كان لها كل الحق تشتغل بينما أنا لا؟؟؟
اتسعت عيناه بصدمةٍ من صراخها، بتعجبٍ من أسلوبها، لأول مرةٍ تتحدث معه بهذه الطريقة، صحيحٌ أنها قد رفعت صوتها عليه من قبل وأغراه شكلها وهي غاضبة، لكنها لم ترفعه يومًا بهذه الطريقة، كما أن آخر ما قالته جعل براكينه تثور. هدر من بين أسنانه بغضب : خفضي صوتك لا أمحيه لك!
ديما وهي تشعر بالقوةِ أخيرًا أمامه، ولم ترد أن تخسر السعادة التي تشعر بها وهي تعارضه : ماني خافضته وش بتسوي هاه! ... بس متفيق تغيضني وتمنعني من أبسط شيء ... خليتني أترك حلمي غصبًا عني والحين بعد ماتبيني أرد له!!!
سيف وهو يحاول السيطرة على أعصابه : قلت شعل مافيه ... ويلا انقلعي لغرفتك أشوف
تخصرت ديما أمامه بتحدي، فما كان منه إلا أن اقترب منها ببطء : أشوفك اليوم منتي صاحية وتراددين زوجك! وين المرة المطيعة اللي ما تبي الملائكة تلعنها؟ مين اللي لاعب بمخك هاه؟
لم تشعر ديما بالخوف هذه المرة من اقترابه لأنها تعلم أنه لن يفعل بها شيئًا، لذا ردت بثقة : محد لاعب بمخي ... هذا جزء الكرامة عندي فاق من غيبوبته ... تعبت منك ومن إهاناتك
سيف بتحذير : ميْ
صرخت ديما في وجهه : مي في عينك يالـ ...
بترت الشتيمة التي كانت ستقولها وهي تستغفر، وقد وقف هو بمكانه مصدومًا وعيناه متسعتان
سيف بغضب : وش كنتِ بتقولين؟
لم ترد ديما وهي تصد عنه للجهة الثانية
زم سيف شفتيه : حسابك عندي ... بس مو الحين
تراجع للخلف ثم اتجه لغرفته ليغلق الباب خلفه بقوةٍ دالًا على غضبه العارم، فرفعت هي يدها إلى فمها وهي تعض لسانها، كانت ستشتمه، كانت ستطلق عليه لفظًا ليس في قاموسها ... استغفرت وهي تهمس بصوتٍ حانق : هو اللي يخلي الشخص يخرج عن طوره
لكنها وإلى الآن لم تكن تصدق أنها كانت بهذه الشجاعةِ أمامه، دائمًا ماكانت ضعيفةً لاتقوى على معارضته، لكن الكبت والقهر هذه المرة جعلها تتبدل إلى أخرى
اتجهت لغرفتها بصمتٍ ثم أغلقت الباب بنفس القوة التي أطبق بها الباب. فسمع صوت الباب ولم يتكلم بحرف وهو يشد شفتيه بغيض ... منذ متى بدأت تتمرد بهذه الطريقة! يبدو أن بعدها عنه جعلها تضع نفسها في مركزٍ غير مركزها، يجب أن يتصرف بسرعةٍ قبل أن يفقد سيطرته على الأمور.
رفع الهاتفَ بغيضٍ ليفتح " الواتس أب " ويرسل إليها ( وكسر ليدك إن شاء الله ... ما تعرفين تقفلين الباب بشويش )
انتظر قليلًا بعد أن أرسل إليها وفي لحظاتٍ كانت قد ردت ( معليش نعتذر يا الأستاذ ... انت قدوتنا هقيت إنك بتنبسط يوم تشوف انعكاس أفعالك )
تعجب سيف من أسلوبها وبدأ غضبه يزداد، لن يسمح لها أبدًا بالتمرد وستبقى كما هي جاريته وخادمته " مي "
أرسل إليها ( اليوم انتي منتي بصاحية ... صابك مس من كثر الشوق وانتظار الحبيب؟ )
ضغط زر الإرسال وهو يبتسم بخبثٍ غاضب، يعرف تأثير كلماته عليها ... وبالفعل، بقيت حوالي الخمس دقائق وهي في حالة " جاري الكتابة " تأكد حينها أنها ارتبكت ولم تعرف ما تكتب
في النهاية ردت عليه ( مرررة مصدق عمرك ... انت أصلًا طايح من عيني من بعد سوات الجاهلية اللي سويتها )
تجهم وجهه بغضبٍ وهو يشعر بالحنق من تذكر ما حصل بينها وتذكر - ظهاره لها بكل تهور -
رد عليها ( عاد أنا كيفي ... قلت لازم نمر بفترة نقاهة لمدة قصيرة )
ردت عليه بكلماتٍ بان بها الغضب والقهر ( المدة القصيرة قربت تكمل الشهرين )
لم يستطع منع نفسه فانفجر ضاحكًا، وقد نسي غضبه تمامًا ... اتصل عليها لترد بسرعةٍ هاتفةً بغضب : نعم خيـــــر
سيف باستمتاعٍ بأسلوبها بعد أن ظهر به الشوق أخيرًا : مشتاقة يعني؟؟
ديما بغضبٍ وقهر : تبطي
صمت قليلًا يكتم ضحكاته وهو يتمنى لو أنها لم تكن محرمةً عليه ليتكلم بأريحيةٍ معها ثم يذهب إليها ويسكنها بأحضانه
ديما وهي تشعر بالغصةِ من كل شيء : بكرة بقدم أوراقي
سيف وفي لحظةٍ خاطفة كان قد صرخ في وجهها بغضب : قلت لا، انتِ ماتفهمين؟
ديما بغيظ أفشت كل شيء : ومن قال إني منتظرة رأيك ... قدمت وانتهى!!
اتسعت عينا سيف بتفاجئ : شلون؟
ديما باندفاعٍ تريد أن تقهره : يعني إني ما انتظرت وبغيت أحطك في الامر الواقع .. قدمت من شهور والحين منتظرة الموافقة .. للأسف كنت أبي أقنعك عشان يوم تجيني الموافقة ما تنصدم ... بس منت كفو أحد يعطيك وجه
وقف فجأةً من على سريره وقد بدأ كل شيءٍ أمامه يتلون بالأسود، كيف تتجرأ على استغفاله والكذب عليه؟ كيف جعلته يظهر أمامها بهذه الصورة الغبية؟ اتجه نحو الباب بغضبٍ عاصف يريد أن يخرج من غرفته ويتجه لغرفتها، وكانت آخر جملةٍ سمعها قبل أن يغلق في وجهها : اعرف ياسيف إنك كسرت شيء كبير في نفسي ... ولا هو براجع لو ايش ما سويت .... غيرتني يا سيف ... قهرتني
أغلق الهاتف ولم يستمع لبقية كلامها وهو يتجه لغرفتها، وعندما حرك مقبض الباب كان مُقفلًا!
هدر سيف بغضب وهو يضرب الباب : افتحي الباب يا ديما أبي أتفاهم معك
لم ترد ديما وهي تجلس على سريرها وعيناها تغطيانهما غشاوةٌ من الألم، بقي سيف يضرب الباب بلا جدوى ثم ذهب وهو يتوعدها
ديما بغصة : مستحيل أسامحك بعد كل اللي سويته يا سيف مستحيل ... انسى من اليوم إني جارية عندك!
,
يقف أمام من أكل الزمن منها وشرب، ذات الجسد الممتلئ والتجاعيد الكثيفة في ملامحها، بينما حاجباها ساقطان بعدم رضا بما تسمع فازدادت التجاعيد حول عينيها. هتف هو بحنقٍ مُتحسبًا فقاطعته بعصاها التي ضربت ساقه بقسوة : لا تتحسب عليه ... يوسف مثل ولدي وأعرفه زين ... مستحيل يكون مسوي لها شيء بهالكبر مثل الخيانه
قطب جبينه ووجهه الحاد ازداد حدةً لعدم رضاه بما سمع، فأكملت بأسى وكأنها تعلم ما الذي فعلته ابنتها، وكأنها شعرت فهي الأم التي تُدرك انقلاب روح ابنائها وبريق الاخطاء منهم تصدر أمامها بشفافية : الله يرحمها وبس ... ويوسف لحد يتعرض له بكلمة ... ما يكفي إنه كان شايلها على كفوف الراحة! بس الله يهديها اختك هذا الشيطان
ذياب باندفاعٍ غاضب : واسمه يوسف
أمه بغضب وعيناها توقدتان، وكيف لا تغضب وهو كان لها كالابن : لا تخليني أغضب عليك الحين من سالفة ما تسوى
تعطف وجهه بعتاب : منى ما تسوى؟
صمتت ولم تجب، فاقترب يقبل رأسها بطاعة ثم اتبع قبلته تلك بأخرى على ظاهر كفها، وكل ما فكر بها هو ( وقل لهما قولًا كريما ) .. فهو من جهةٍ لا يريد إغضابها بكلماتٍ تستفزها، ولا يريد خسارتها كما خسر أخته ولنفس السبب * يوسف *
,
بعد أسبوعين ونصف - الثلاثاء
تنظر للساعةِ بصمت، وملامحها تزدادُ ضيقًا بانتظارٍ للوقت، زمت شفتيها تفركهما ببعضهما البعض لتنشر أحمر الشفاه الوردي بشكلٍ مُغري. هي إحدى صديقات من ستتزوج اليوم. تنتظر وتنتظر، تُراقب تحركات عقارب الساعة بتركيزٍ شديد، حتى صرخت في نهاية المطافِ بفرح : صارت ثمانية ونص!
تجهم وجه صديقتها - العروس - بغير رضا، وهي تتلفت بضيقٍ واضح ووجهها ملطخٌ بمساحيق التجميل بشكلٍ موجعٍ للقلب. اقترب الوقت، في خلالِ ثواني كانت أمها تناديها لتقترب من الباب حتى يتكلم معها الشيخ لإتمام المراسم. بغيرِ وعيٍ توقفت لتتحرك نحو الباب باستسلام، وفي أثناء خطواتها كانت تستمع لمحادثةٍ قديمة حدثت قبل سنتين، أو ربما أكثر أم أقل؟ لا تذكر تحديدًا، فقد مات الوقت وسط هذه الثواني القليلة.
*
تنظر إليه بتكشير، بمللٍ واضحٍ من وضعيتهِ الشبهِ دائمة، يجلس على مكتبهِ بنظارته الطبية والتي تزيده وسامة رغم مرضه الذي كان معالمه لايخلو من هيئته، وكتابٌ يستقر بين يديه يحمل غلافًا غير مستقرٍ بألوانه. تلوي فمها بحنق، هو لا يمل بتاتًا من القراءة، وهذا ما يشعرها بالملل، ظلت تنظر إليه تارةً، وإلى الساعةِ تارة. وخلال لحظاتٍ كانت قد اتجهت إليه بسرعةٍ غاضبة لتختطف الكتاب من يديه : يكفــي
رفع رأسه إليها بسرعة، وكفاه لازالتا مفرودتين على وضعيته عندما كان يقرأ الكتاب، فبدا مضحكًا لعينيها لكنها لزمت نفسها لتريه أنها غاضبة
متعب باستغراب : خير وش فيه؟
أسيل بحنق : ما تمل إنت؟ الساعة صارت ثمانية ونص وانت مع هالكتاب ومسفهني؟ كأني وحدة من الأثاث!
ابتسم حتى بانت أسنانه، ثم اعتدل واضعًا ساقًا على ساق لينزل نظارته على المكتب وينظر إليها نظراتٍ مغوية وهي تضع يدًا على مكتبه الذي كان يفصل بينهما والأخرى على خصرها لتكتمل صورتها الغاضبة أمامه بهزها لساقٍ واحدة
متعب بابتسامةٍ عابثة : محشومة يالغلا تكونين في نفس مركز الأثاث ... بس وش المطلوب مني تحديدًا؟
أسيل وحنقها يزداد بلكنتهِ الباردة والمُستفزة : المطلوب منك تعطينا ولو نص وجه ... بالحيل قدرت أرضي أمي وفواز عشان أطلع معك! في النهاية تجيبني لبيتك وتخلي أمك تتركنا بروحنا عشان ناخذ راحتنا وتطنشني؟ هذا بدل لا نطلع نتمشى
نظر متعب لساعته الجلدية ثم ضمّ شفتيه بتفكير : انتِ تدرين إن هذي هي وقت القراءة عندي ... بس مع كذا ماحبيت أردك وأطنش طلبك في الطلوع معي ... بس بعد ماقدرت أطنش وقت قراءتي، وعليها طردت أخوي من البيت
تعلم بأنه يحاول أن يغضبها أكثر وقد نجح في ذلك، صرخت في وجهه : متـــعــب ... انت تدري لو فواز عرف إني جيت بيتك شبيسوي فيني؟
متعب بدون مبالاة : عادي زوجتي
أسيل من بين أسنانها : متـــعــب
ابتسم متعب : عيونه
عضت شفتها بقوةٍ وعيناها المتسعتان تتقدان بغضب، حتى ضحك وهو يهتف : انتبهي لا تنهشين شفايفك بس ... بعدين من وين بروي عطشي؟
شعرت بالحرج من جرأته التي لا تموت لكنها لم توضح ذلك، فتراجعت للخلف حتى وصلت للأريكة الجلدية فاستوت جالسةً عليها. بدأت بتصفح الكتاب وحنقها يجعلها غير منتبهة أنها تقرأ وتندمج بالأبيات التي تقرأها، وهو يتطلع بها بابتسامةٍ عاشقة، يتأملُ كل جزءٍ منها، من ملامحها الناعمة وشفتيها اللتان تتحركان بالكلمات بصمت، وعيناها الواسعتان منخفضتان للكتاب بينما حدقتاها القاتمتان تلتمعان عند بعض الأشطر فتعض شفتها الممتلئة بإحراجٍ واضح، اتسعت ابتسامته وهو يدرك أنها وصلت للأبيات التي تتجه إلى مايُحرجها عادةً بتمردها الغير معقول. هو قد اكتشف مؤخرًا صفة غريبةٍ بها، تكره أن تتمرغ بالقراءة لكنها ما إن تنحرج منه حتى تختطف كتابًا منه وتبدأ في قراءته بتركيز.
بعد دقائق طويلةٍ بقي فيها يتأملها، وضعت الكتاب جانبًا على الأريكة وهي تنظر إليه بملل : كل الشعراء كذابين
رفع حاجبه : فكرتك عنهم غلط
أسيل وهي تتقدم بجسدها للأمام قليلًا مستندةً بمرفقيها على ركبتيها : ممكن توضح الفكرة الصحيحة أجل
متعب : المشاعر لا يمكن في يوم تكذب، ممكن الأفعال تكذبها بس مستحيل من جهة الكتابة
أسيل : واللي يكتب في مواقعه الإجتماعية مدى كرهه لزوحته، وبالأفعال يكون معها شخص ثاني؟
متعب : قلتلك الأفعال ممكن تكذب، القلم دائما يصدق إلا في بعض المواطن
أسيل وقد بدأت تنشد بالموضوع : مثل ؟
متعب بابتسامةٍ لانشدادها : الغضب ... والخيانة، وقتها العقل هو اللي يعبر بعيد عن القلب، لأن القلب وقتها يصيبه حالة غيبوبه قصيرة من صدمته في الواقع. بس في كل الأحوال تلاقين الشخص يرجع يفكر باللي يحبه ويخالط تفكيره الأسى إن كان الأمر يتعلق بالخيانة ... وغالبًا يحاول ينسى بس صعب هالشيء لأنه متعلق بجرح كبير
لوت فمها بتفكير، ثم ابتسمت بعد ثوانٍ قصيرة لتهتف : ظنيت إني أكرهك
بهت متعب لثواني ينظر إليها، ثم مالبث أن انفجر ضاحكًا حينما استوعب ماتقصده، ومن بين ضحكاته : وش اللي كتبتيه فيني يا كاتبة المستقبل
أسيل بحرج : مجموعة خربشات غاضبة ... بس لازم تفتخر لأنك أول شخص أكتب فيه، وأول شخص أجرب معه الكتابة
متعب بابتسامةٍ ساخرة : يا بختي والله
رفعت حاجبًا لكنها تجاهلت سخريته لتهتف : وتدري وش كتبت؟
متعب باهتمام : وشو؟
أسيل : مرثية
قطب حاجبيه باستغراب : لـ ؟
أسيل : لنفسي!
*
نطقت أخيرًا بتلك الكلمة، وهي بذلك تثبت كل حرفٍ كتبته في مرثيتها، تثبت أن الماضي كان يتنبؤ بالمستقبل، ومرثيتها تلك ... كانت إحدى رسائل القدر.
: موافقـــة !!
بملامح باردة هتفت بها، وكأنها لم تعد تدرك أين موقعها من كل ذلك، لم تعد تدرك لا المكان ولا الزمان، لا ذاتها ولا هوية زوجها الحاضر
وفي قلبها ... تردد بعضًا من تلك الخربشات التي ترثي حالها في هذه اللحظات
أخبرني ... ما سأكون حين تتفاوت المسافات!
حين يبدأ الحبل المنعقد بالفكاك!
أخبرني ... ماهويتي بعد حُبك؟ بعد موت الروح فيّ؟ بعد أن يأتي الرحيل!
كيف لي روحٌ سوية .. تقبل الدنيا في فناءٍ غير معقول الحدود
أنت كنت النور فيّ، أنت كنت الروح في حناياي الصغيرة
كيف لقلبي النضوج، بعد أن آثر من بعد حُبك ما بعد النضوب
بعد أن اختار الموت لا الدنيا في جحيمٍ من غير صوتك المجنون
,
يجلس بين كوم الحاضرين بملامح ساكنةٍ وبجانبه عناد المبتسم للجالسين والذي كان يتحدث بكل أريحية.
بينما هو, كان ينظر للأرض بتفكير, كيف استجدت كل تلك الأمور دون ان ينتبه أحدهم؟ حتى الشرطة غفلت عن ذاك الرجل فقُتل ببساطةٍ وبأبشع صورة
انتبه عليه عناد فقطب جبينه, أدرك جيدًا ما يفكر به وما الذي غرق به عقله. وكيف لا يغرق بالتفكير وكل الأمور التي يُخطط ذاك المجرم بها من حولهم تنجح دون أن يُقبض على خيطٍ يوصل إليه.
تنحنح ليضع كفه على فخذه, فاستدار بملامح شبه شاردة, ثم همس : ابتسم .. شكلك يجيب الشكوك
سلطان بابتسامةٍ مبتورة : أي شكوك؟ مو هو بيتي انحرق من كم اسبوع .. اجل معذور بالشرود
تنهد عناد وهو يتذكر حال بيته الذي بدأو باصلاحه بعد يومين مما حصل, وسلطان لم يقبل بالخروج منه وبقي فيه مع التصليحات رغم أن أم عناد طلبت منه القدوم ورفض ذلك.
عناد : طيب ما تبي تزو غدوي اليوم
قطب جبينه ثم ابتسم : وانا أقدر اترك يوم من غير ما أزورها فيه؟
ابتسم عناد وهو يتذكر حال أخته الشاردة صباح مساء, لكنها تنسى نفسها وشرودها ما إن يجتمع عندها عناد وسلطان فتبدأ بالضحك والمزاح.
,
في وقتٍ سابق وتحديدًا الخامسة مساءًا
أتمت حزم الحقائبِ بملامح ضائعةٍ وميتة، أيعقل أنهم سيتركون الرياض بل السعودية بأكملها في الغد؟ أغمضت عينيها بقوة وهي تهزّ رأسها لا تريد التصديق، بينما كانت ليان تقف بجانبها تسحب ملابسها تريدها أن تجيب عليها : أرجوان
استدارت إليها أرجوان بسرعة، ثم ابتسمت بألمٍ وهي تخفض جسدها لتصل إليها : عيونها
ليان ببراءة : وين بنروح؟
انخفض صوت أرجوان بهمسٍ مُتألم لا تريد أن تشعر أختها بشيءٍ من الغرابة : مكان حلو راح تحبينه
ليان : وماما بتروح معانا؟
تقلصت ملامح أرجوان بضياع، ماذا تقول لها؟ طيلة الفترة الماضية كانت تتهرب وتغير الموضوع برمّته، والآن ماذا تقول، هل تفعل ماتفعله عادة؟ يبدو أنها من الآن ستتعلم الكذب إلى أن تنسى أختها إمرأة كانت في يومٍ من الأيام أمها
أرجوان بابتسامةٍ مبتورة تُضيع الموضوع : وين راح طوق الورد اللي على راسك
ابتسمت ليان وهي تضع كفيها على شعرها البني الحريري، ثم حركت رأسها بقوةٍ للجانبين محركةً بذلك شعرها
ابتسمت أرجوان وهي معتادةٌ على هذه الحركة من ليان، فهي تحب أن تتفاخر دومًا بشعرها الحريري كالأطفال تمامًا
هتفت ليان بابتسامةٍ واسعة : أعطيت فواز
قطبت أرجوان ملامحها، ثم همست بسرعةٍ بعد أن استوعبت : فواز هنا؟
هزت ليان رأسها بالإيجاب، فجلست أرجوان على سريرها بتوجس، أهذا وقته؟ ألا يعلم أن نفسية جيهان هذه الأيام سيئة؟
,
تخطت عتبات الدرج بملامحَ باردةٍ ساكنة، وفي خطواتها كانت تعدّ الدرجات بصوتٍ واضح لتوصل للجالس في الأسفل مع والدها عدم مبالاتها بحضوره، تخبره في كل خطوةٍ أن حضوره لا يهزها خجلًا ورغبة .. ولا يهزها غضبًا وحنقًا .... أي أنه بكل بساطةٍ لا يعنيها
وصلت لآخر درجةٍ لتستدير جانبًا متجهةً لمكان جلوسهم صامتين ينظرون إليها بتوجس. وعندما وصلت قبلت رأس والدها بكل برودٍ قبلةً خاليةً من أي شيء، فقط عادةٌ اعتادتها عندما كانت أمها حية، وستبقى تفعلها كل يومٍ كطقوسٍ لا تموت لأنها بكل بساطةٍ عادة. توجهت إلى فواز لتمد يدها بنفس البرود، رافعةً حاجبيها بتحدي جعلته ينظر إليها بحاجبين معقودين، لكنه وقف وهو يصافح يدها ويقترب قليلًا ليُقبل خدها، فلم تتراجع أو يتغير شيءٌ في ملامحها. على نفس البرود وعدم المُبالاة.
جلست بعيدًا عنهما في أريكةٍ منفردة فنظر إليها والدها بابتسامة : تعالي جنبي حبيبتي
بغير حرفٍ واحدٍ وقفت لتتجه إليه وتجلس بجانبه بذات البرود، ومن سكون ملامحها ونظراتها الميتةِ تجاهه قطب جبينه ألمًا، هاهي كما قالت وكما أكدت تتجاهل كونه والدها، تتغير جذريًا معه، فقط تقوم بطقوسها اليومية وتفعل مايريد ولا تخالفه، ليس لأنه والدها بل لأنها اعتادت ذلك.
أحاط كتفها بذراعيه وهو يغمض عينيه ليفتحهما بسرعةٍ ناظرًا لفواز : رحلتك بكرة معنا صح؟
أومأ فواز برأسه مبتسمًا : ايه وإن شاء الله على نفس الطيارة
في لحظةٍ كانت ملامحها قد تغيرت لترفع رأسها لفواز بسرعة، فابتسم لها ابتسامةً متشفية وهو يرى الغضب يشع من عينيها
جيهان بصوتٍ غاضب لم تهتم لإخفائه : ليه هو بيسافر معنا؟
نظر إليها يوسف بسرعة واستغراب : ايه لأن رحلته بنفس رحلتنا
وقفت بسرعةٍ وهي تنتفض بحنق : مستحيل ... * استدارت إليه بحقد * انت بس تتعمد قهري؟
فواز بهدوء : ماعاش من يقهرك يابنت العم
جيهان بحقد : أجل الله ياخذك الحين
يوسف وقد بدأ يغضب فعليًا من تصرفاتها الغير محتملة : جيهـــان ... احترمي زوجك
جيهان بحدة : يخسى يكون زوجي
يوسف بصراخ : جيهان!
فواز بثقةٍ وهو يرسل إليها شراراتٍ متحدية : خلك منها عمي ... هي للحين متأثرة بموت عمتي وماتدري وش هي تقول ..... أو لمين تقول
قال كلماته الأخيرة بتحذيرٍ انتفضت منه حانقة، فصرخت في وجهه بقهر : أكــرهـــك
ثم اندفعت بقوةٍ نحو الأعلى متجهةً لغرفتها فابتسم فواز داخله، وهو يشعر وإلى الآن بالغيض من آخر مرةٍ تقابلا فيها وأول مرةٍ بعد عودته من سفره. لا ينكر بأنها تغيرت كثيرًا وأصبحت إنسانةً لا تطاق بأفعالها خصوصًا مع والدها. سابقًا كانت تصده لكنه على الأقل لم يرى منها كل هذه الوحشيةِ والنزاقة.
تنحنح يوسف مُحرجًا من فواز، لم تكمل ثلاث دقائق في جلوسها معهم وفعلت مافعلت، يجب أن يجد حلًا سريعًا يُعيدها إلى وعيها قبل أن تنفلت تمامًا من بين يديه.
يوسف بحرج : اعذرها يا ابني ... انت عارف انها للحين متأثرة بموت منى
ابتسم فواز وهو يشعر بحرجه : طيب تسمح لي أطلع لها شوي؟
قطب يوسف وجهه وهو يشعر بقلقٍ من أن يسمح له بالصعود إليها، فهي قد تتمادى وتتصرف بنزاقةٍ أكبر
فواز وهو يدرك مايفكر به عمه : لا تخاف أنا بعرف أتصرف معها
نظر إليه يوسف بتردد، ثم زفر بقوةٍ هامسًا : اللي يريحك
وقف فواز وهو يرسم ابتسامةً على شفتيه، ثم اتجه نحو الدرج ليصعد للأعلى.
رمت كل ما على التسريحة بغضبٍ وهي تهدر من بين أسنانها بغيض : أكرهك يا فواز أكرهك
نظرت لانعكاس صورتها في المرآة وهي تتنفس بقوة، تهمس لنفسها بكلماتٍ جنونية : خليه يطلقك ... انتِ قدها وبتجبرينه على الطلاق ... هذا الزواج من البداية كان غلط ... غلـط ... طريقته، الأطراف اللي فيه، الحضور، الشيخ والشهود حتى الولي ... كلهم كانوا غلـــــط ... لا تسمحين لهالمهزلة تكتمل ... كنتِ ضعيفة وتتقبلين كل شيء يوافق فيه عنك أبوك... لأنك غبية ... غبية ..... ماعرفتي إنّ كل قراراته غلط، ما عرفتي إنه هو نفسه غلط ماينفع يكون أب ...ليه وافقتي ليه؟
ضغطت بأصابعها البيضاء على طرف التسريحة حتى احمرت مفاصلها : ليـــــــــــــــــه؟؟
سمعت صوت ضحكةٍ خافتةٍ يحاول صاحبها إخفاءها، فاستدارت بسرعةٍ وعيناها متسعتان
فواز بضحكةٍ ساخرة : جنيتي والا جنيتي؟
جيهان بحقد : انت وش تسوي بغرفتي؟؟
فواز بابتسامة : لا تردي علي بسؤال ... جاوبيني بالأول انتِ مجنونة والا بقي لك عقل؟ بشريني قبل لا أنجن معك يوم أعرف اني تزوجت مجنونة
قوست جيهان فمها بتقرفٍ واضح، فابتسم بسخريةٍ أكبر وهو يقترب منها
جيهان وهي ترفع له إصبعها بتهديد : حدك! لا تقرب أكثر
اقترب أكثر وهي لم تتراجع ولو نصف خطوة، وعلى ملامحها يرتسم الشر والحقد، لم تعد تلك الأنثى البريئة، فهي سابقًا وإن كانت عصبيةً تبغضه، لكنها في النهاية لم تكن تخلو من البراءة كالآن. اقترب حتى توقف أمامها تمامًا ثم رفع يده ليمسك يدها المرفوعة إليه بقوة آلمتها لكن الألم لم يصل إلى وجهها ليخبره بتواجده
ثم همس من بين أسنانه بغضب : أوافقك في شيء واحد قلتيه لنفسك ... إنك غبية ... والغباء عندك استفحل وصار صعب معالجته .... وأضيفي على هالشيء بعد عديمة تربية ... لأنه ماهي بنت متربية ومحترمة اللي تقول عن أبوها هالكلام
أطلقت أنفاسًا حارة، كل شيءٍ حولها أصبح حارًا، ثبتت عينيها البركانيتين في عينيه اللتين تماثلانها غضبًا، أو ربما أكثر، ثم أطلقت يدها من يده بقوة ونظراتها تحولت لتحدي : أجل وش تبي في بنت ماعرف الأدب لها طريق؟ ...... طلقها قبل لا تنجن مع مجنونة مثلها يافواز
فور انتهائها من نطق اسمه كان قد أمسك بعضديها يقربها منه ونظراته تتجول على ملامحها، حاولت أن تفلت نفسها منه وتبتعد وهي تشعر بالقرف والغضب من قربه منها إلا أنه كان أقوى فقربها أكثر حتى لامس جسدها تقريبًا، وبصوتٍ هامسٍ قُرب وجهها ونظراته ممتلئةٌ بالتحدي ولا تخلو من العشق : مشكلة هالبنت تعجبني ... أشوف إنها ماتنفع لحد غيري .... اسمها ارتبط بفواز من أول يوم وجدت فيه على الدنيا، بيننا شيء أكثر من رابطة زواج .. شيء حتى هي نفسها ما تقدر تنخلع منه
أدارت وجهها عنه وهي تشعر بالإرتباك من كل هذا القرب المهيمن، لكنها حاولت إخفاء ارتباكها لتهمس بابتسامة سخرية : طحت في شباك عشقها؟
لم يستطع منع نفسه من الإبتسام حين رأي ارتباكها وهمسها الواثق والذي يناقض حالتها الآن، اقترب أكثر حتى لامس بأنفه خدها، هاهو يلعب لعبةً جديدة لا تعلم إلى أين يريد بها الوصول، تدرك أنه بدأ يستخدم أسلوبًا آخر معها لكنها لن تضعف له اطلاقًا
فواز وأنفاسه تحرق بشرتها بحرارتها : يعشقك وانتِ له النفس والحياة!
ارتجفت وهي تحاول الفكاك منه، لكن بدون جدوى فهو قد أمسك بها بقوةٍ أكبر فصرخت غاضبة : اتركنــــي
فواز بابتسامة شيطانية وهو يضغط بأنامله القوية على بشرتها الهشة : أتركك؟ مجنونة انتِ! من ثانيتين كنت أقولك عن مشاعري والحين تبيني أتركك؟
جيهان بغضبٍ وهي تشعر أنها على وشك أن تفقد عقلها : قلت اتركني .... اتركني ياحقير انت ما تفهم
شدّ على عضديها بقوةٍ أكبر حتى تأوهت ألمًا وانهارت ساقطةً على الأرض، لكنها كان ممسكًا بها فرفعها بقسوة
ثم هتف بملامح مشدودةٍ بغضب : شقلتي؟
جيهان بحقد ودموعها بدأت بالتجلي في عينيها : اتركننني انت تألمني ... اااااه
فواز وهو يشد أكثر غير آبهٍ لألمها : تجبريني على معاملة ما أبيها تجاهك ... * تركها بقسوةٍ ليردف بتحذير * انتبهي على نفسك مني يابنت العم .. لا تظنين ان العشق ممكن يغفر لكل شيء، وافهمي هالشيء عدل وكوني متذكرته دايم
تراجعت للخلف مدلكةً لعضديها، ناظرةً لعينيه القاسيةِ والمتوحشة بغضب، ثم ازدردت ريقها وهي تهمس له متألمة : طلقني
تجاهل فواز كلمتها التي لطالما قالتها له كثيرًا، حتى أنها نطقتها كأول كلمةٍ قبل المباركةِ بعد عقد قرآنهما، ودائمًا ماكانت تغضبه وتخرجه عن هدوئه وسكونه
فواز بهدوء وهو يتنفس ببطءٍ يحاول أن يطرد بذلك غضبه : حياتي وحياتك مقرونة مع بعض بشريعة أنا أنشأتها، وحرمت فيها الطلاق
جيهان برجاءٍ وضعف أعادها كما كانت عليه سابقًا، للفتاةِ البريئة التي عشقها وسيظل يعشقها : طريقة زواجنا من البداية كانت غلط، مستحيل يتم لنهاية العمر يافواز ... فقصر علي وعليك المسافة وطلقني من بداية الطريق .. طلقني حتى ما نجهد نفسنا بالمشي في طريق لها نهاية انت خليتها سراب، في كل مرة تبتعد وتبتعد
فواز بقسوة : السراب ينشاف بالعين ولا تقدري توصليه ... بس عندي، الطلاق بيننا ماهو سراب هو منفي من الأساس
انتحبت أخيرًا وهي تخفض رأسها بضعف، فانسدل شعرها البني على جانبي وجهها الأبيض، ذلك الشلال الذي لطالما سحره وأخذ به لعالمٍ لا يوجد فيه سواهما، اقترب منها ببطءٍ ليرفع كفيه مخلخلًا بأصابعه شعرها المتحرر على وجهها، وهو بذلك يرفعه عنه ويظهر ملامحها جليًا، يتأمل كل ذرة في ملامحها العادية بنظر الناس، لكن بنظره هي مصدر الجمال
فواز بهمس : استسلمي لمصيرك معاي ... وأنا أوعدك بالسعادة
أغمضت عينيها المتوسطتين في الحجم وهي تحرك رأسها بقوةٍ بالنفي
أكمل بذات الهمس : انتِ لي ياجيهان، قدرك معي فلا تعاندي مصيرك
جيهان بنحيبٍ وقد فتحت عينيها لتنظر إليه بكرهٍ وألم : لا، لا تبني مصيري على كيفك ... أنا وانت محنا لبعض .. ماني لك، انت تتأمل شيء بعيد عن الواقع
فواز بقهر قيد يديها الإثنتين على صدره : لا واقع ... انت قدامي زوجتي وأنا قدامك زوجك ... لا تحاولي تخبصين في الواقع وتفنيه للخيال ... كل شيء واقع
جيهان وقد تحولت نظراتها فجأةً وفي لحظة إلى نظراتٍ جامدة، تتمتم بين شفتيها بما تراه أمامها من واقع : حاليًا بس ... نهاية الواقع بيصير خيال ... والخيال بيتحقق وينقلب واقع
ترك يديها بهدوءٍ ليقترب ويقبل جبينها بقوةٍ وصمت، يرفع كفيه ليمسح دمعاتها عن وجنتيها، ومابقي حيًا في هذه اللحظات هي أنفاسهما الملتهبة، وكأنهما للتو انتهيا من سباقٍ مع الزمن، بقيت شفتيه مُستقرةً للحظاتٍ لم تكن قصيرة على جبينها الناعم، حتى همس على نفس الحال لترتعش إثر أنفاسه اللاهبة : لا تعيشي الخيال كثير فتنسي نفسك وواقعك
تراجع بهدوء ونظراته مثبتةٌ على عينيها : انتِ جيهان وأنا فواز .. وكل اللي حولك هو واقعك .... تذكري هالشيء وانتبهي تنجرفين للجنون اللي عايشة فيه هالأيام
قال آخر كلماته ليذكرها بالحال التي تعيش به بعد موت أمها، لدرجة الوصول إلى التحدث مع صورتها في المرآة. بات يخشى جنونها حقًا.
تتابعت خطواته بعد أن استدار عنها خارجًا من الغرفة، ونظراتها التائهةُ تلاحقه لحين اختفائه.
,
الساعة التاسعة مساءً
أمسكت بيد أختها بقوة، وهي تشعر بارتعاشها الفضيع بعد أن نطقت بالموافقةِ وبعد توقيعها، هي تعلم جيدًا بأنها لم تكن راضيةً تمامًا، وما جعلها ترضى هو إحساسها بثقلها على أهلها، آلمها أن تشعر أختها بذلك، لكنها لم تُعلّق لأنها تعلم أن حالها لن يتحسن ولن تعود لأسيل السابقة إلا برجلٍ آخر يدخل حياتها.
همست بحنانٍ بالقرب من أذنها : أسيلي وش فيك؟
أسيل وهي تتنفس بصعوبة : أحس إني أختنق، متضايقة ... * عضت شفتها وهي تشعر أنها تهوي في حفرةٍ لا قاع لها * آه ديما
ديما بخوفٍ بعد أن رأت عينيها تزيغان : أسيل
أسيل بهمس وهي تتمسك بذراعيها بقوة : طلعيني من هنا تكفين
أخذتها ديما معها للخارج وهي تخشى أن ينتبه لهما أحد
أم فواز بصوتٍ عالي من خلفهما وعلى ملامحها تتضح سعادةٌ شابها الإستغراب : ديما أسيل على وين رايحين؟
ديما بارتباك وهي تدير رأسها نصف استدارة، بينما كانت تمسك بأسيل التي تحاول صلب طولها لذا لم تنتبه لها والدتها : مافي شيء يمه بس باخذ أسيل للحمام
أم فواز بتعجب : هااااو! ... وليه تاخذينها انتِ؟ ما تقدر تروح بنفسها؟
ديما : يوووه يمه تبيني أروح معاها وش فيها؟ عاد بنتك دلوعة ما تحب تمشي بروحها حتى وهي في البيت
هزت رأسها بأسى من بنات هذا الجيل وهي تحرك كفها بمعنى أن يذهبا حيث يريدان.
تحركت ديما ومعها أسيل لغرفةٍ فارغةٍ بعد أن غابت نظرات أمهما لتجلسها على أول أريكةٍ قابلاها، حينها وضعت أسيل يدها على صدرها، ودون سابقِ إنذار بدأت دموعها بالنفاذ هاربةً من عينيها.
ديما بحزنٍ من حالتها : الله يهديك يا أسيل ... كل هذا بسبب زواجك من شاهين؟
شهقت أسيل وهي تمسح دموعها ما إن تتتجاوز جفنيها لكي لا يخترب مكياجها ويعلم أحدٌ ببكائها، ثم همست بصوتٍ مبحوحٍ من الغصة : ما أبيه يا ديما ما أبيه ... خليهم ينهون هالزواح خلاص ما أبيه
ديما بفاجعة : انتِ من جدك؟ الحين تقولين هالكلام؟
وضعت أسيل يديها على وجهها وانتحبت، لم تعد تهتم إن عرفوا أنها بكت أم لا، لم تعد تهتم لشيءٍ إطلاقًا، كل ما تريده هو أن ينجلي كل شيء وتعود أرملة متعب فقط.
ديما وهي تحتضنها : خلاص يا أسيل قطعتي قلبي
أسيل ببكاءٍ مرير ولازالت تغطي وجهها بكفيها : ما أبي أكون زوجة لرجال غيره ... قوليله يا ديما تكفيـن .... ما أبيــــه
ديما بغصة وقد ظهرت صورة سيف أمامها، لا تعلم تحديدًا ما الرابط بين ما يحدث وبينه، لكنه فجأةً أقتحم تفكيرها : ما ينفع يا أسيل بعد ما أعلنتي موافقتك وصرتي زوجته
بكت أسيل بقوةٍ أكبر بعد أن نطقت ديما كلمة " زوجته " وهي تشعر بأن هذه الأحرف الخمسة تنغرس في قلبها كالسكاكين، تُصيب حجرات قلبها الأربع مُباشرةً فتُحَجّر الدم عن إكمال دورته.
أكملت ديما بقوة وهي تحاول طرد صورة سيف من عقلها : تبين تفضحينا قدام الناس؟ .. بعد ما وافقتي والملكة مامر عليها ولو يوم تطلبين الطلاق؟ وبعدين لا تنسي إنه أخو متعب، والرابط بينك وبين عايلته يسبق زواجك فيه، يعني عيب عليك تحرجيه
أسيل بصوتٍ مختنق وهي تحرك رأسها يمينًا وشمالًا : وهذا اللي مضاعف وجعي ... أخوه يا ديما أخووووه ... يعني بشوف متعب دايم قدامي فيه، ما أقدر أتخيل إني أخون متعب مع أخوه، وأخون شاهين بتفكيري بمتعب.
ديما وهي تبعدها عنها قليلًا : شهالتفكير البدائي يا أسيل؟ يعني شاهين تزوجك وهو ما يدري بحبك السابق لأخوه؟ أكيد بيفهم هالشيء ولا هو مطالبك بأكثر من حجم قدرتك ... ترا فواز يمدحه كثير ويقول إن أخلاقه عالية
أسيل بألم : مثل متعب؟
صمتت ديما، وصمتت معها أسيل. لا تعلمان أين سينتهي هذا الحوار، لذا صمتتا. هي تحاول أن تخفف عن أختها وتقنعها بهذه الزيجة، والأخرى يقتحم عشيقها كل فكرةٍ تحاول أختها أن تخفف بها عنها. فأين سيصلان إن كان مراد الأولى أن تنسيها متعب، والأخرى في كل حرفٍ ينطق لشاهين يأتي متعب مُحتلًا كل تفكيرها!
,
يستقبل التبريكات من الحاضرين بابتسامةٍ لازالت ثابتةً منذ بداية هذه المُناسبة، ما الذي يشعر به حاليًا، يريد لأحدٍ أن يفسر ما يشعر به، بالرغم من عدم سعادته الفعلية في السابق لكونه تزوجها لأجل أمه أولًا، ولكونها أرملة أخيه ثانيًا، لكن الآن، بدأ شعورٌ غريب بالتسلل إلى قلبه، ربما لأنه شعر أنّ أنثى أصبحت الآن رهن يديه / ملكه هو وحده، وهذا يكفي ليشعر بالإنتشاء وببصيصٍ من السعادة.
بينما في جهةٍ أخرى من المجلس، كان يجلس يراقب " العريس " بملامح جامدة، والذي كان يتلفت مُبتسمًا مع كل صوتٍ يُصدر إليه مُهنئًا.
وقف، ليقترب ببطءٍ منه، إلى أن وصل إليه فمد يده في حين كان شاهين ينظر لشخصٍ يتحدث إليه وبجانبه، وحين انتبه لتلك اليد الممدودة استدار بسرعةٍ ليُجفل وتُمحى ابتسامته.
فابتسم سند هاتفًا : مبارك يادكتور
تركزت نظرات شاهين الجامدة به، وبملامح باردة مد يد ليصافحه ثم هتف بفتور : يبارك فيك ربي، فيك الخير
بينما ظهرت ابتسامة سخرية على ملامح سند، ليتحرك بعد تلك الإبتسامة مُبتعدًا عنه ليقبض شاهين على كفه بشدة. تمنى لو يستطيع ضربه ليُخمد النيران المتأججة في داخله، بالرغم من كونه كان يثق أن تمرد سند لن يتجاوز بضع سخافات إلا أنه الآن علم مقدار خطأه وحسن ظنه الذي وصل به لهذا المفترق الصعب، لكن ما الذي احضره هُنا اليوم؟ أليس عقد القرآن هذا عائليًا، إذن لمَ جاء؟
" حقير " .. هتف بها من بين أسنانه وبصوتٍ لم يكن مسموعًا لأحد، ثم زفر بغلّ وهو يعيد ظهره للخلف ليمسح على ملامحه بسخط.
.
.
.
انتهى
ودمتم بخير / كَيــد !
|