لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-03-16, 04:21 PM   المشاركة رقم: 731
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



-
-

مساء الخير ، موعدنا اليوم مع البـارت السبعين حول الساعة 10 ونص ، ترى ما يضر لو زادت كم دقيقة - واضح إني تعقدت من اللي تقول تأخرتي لو نزلته 10:31 دقيقة - :(

انتظروني (())
+ فيه ظهور لسلمان حبيب البعض :$$

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 19-03-16, 09:34 PM   المشاركة رقم: 732
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 


-
-
مساء الورد ، باقي موقف ونص ما كملتهم وبقى المراجعة بعد
لذلك بيكون الموعد بعد موعدنا الأساسي بساعة ، 11 ونص يعني :(
على فكرة عدد المواقف اليوم قليل بس الموقف نفسه دسم وطويل نسبيًا ، البـارت لذيد لكم إن شاء الله ()


 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 19-03-16, 10:39 PM   المشاركة رقم: 733
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


* القصيدة اليوم على لسان أدهم اقتبـاس الجميلة : ..maysan..


ياعمري اللي راحت أحلامه اوهام
إن كان ماضمت يمينك يميني
وياوجدي إن هبت دعاديع الأنسام
من عضة شفاتي او فركت يدينٍ
.........
وجد الصغير الي داخل دار الإيتام
من بعد موت أمه وأبوه السجينِ
عليك يالي صدتك مثل الإعدام
من بعدها ماعاد تحسب سنينِ
الأمر لله ياهوى حزمة أعوام
كأنك تبي تنكر غلاي وحنيني
هذا وأنا اللي ماسهر لحظه او أنام
الا وذكرك بين نفسي وبيني




(70)



" مـا أقدر أعطيك حِلّي ، أبيك تدخـل النـار بذنبي ، ويا عساك تنحرق بالدنيـا قبل الآخرة ، يا عسى عمرك يطُول بالوجع!! "
يا قسوتُها .. يا عظيـم الحدّة في صوتِها، متى امتلكَت كلّ هـذهِ القسـوة؟ متى انتمَت لـه بهذهِ الطريـقة حتى أصبحَت قاسيـةً مثله، لا تقسي! قـالها لها قبل أن تُغلق بعد كلمـاتها القاسيـة، قـالها لها : ازعلـي، بس لا تقسيــــن.
مـرر أنامـله بين خصلاتِ شعـرهِ ومضى بعينيهِ ينظُر للطريـق الغائِم خلفَ صوتِها الذي لم يُغادرهُ حتى الآن ، لازال يقفُ بسيارتِه في الشـارعِ والرصيفُ يواسيه، الشمسُ تحرق أحداقهُ ولا تحميها الرمُوش/الأهداب، تحترقُ عينـاه، ولا تحترقُ صورتها الأخيـرة التي عانقتها أجفانه، صورتها يوم جـاءتهُ إلى بيته، ملامحها التي زيّنتها ويا ليتـها تركتها حتى يتأملها كمـا هي ، جميلةً أكثر!
زفـر ومن ثم مرر لسانه على شفتيه ليشتت عينيه وقدمهُ تضربُ أرضيـة السيارة بتناغـمٍ أعوجْ، تحرّك فجأةً بسـرعةٍ يحرقُ الطريقَ بإطـاراتِ سيارتِه الغاضبـةِ مثلـه، يحتكّ بهِ فتصرخ إطارات السيـارة محتجّةً على وجـع الاحتراق.
وصـل المنزل بعدَ وقت، دخـل واتّجـه مباشرةً نحوَ الدرجِ وهو يشدّ كفيه بانفعـال، صعد درجتين ليوقفهُ صوتُ سهى المستنكـر : رجعت؟
استدارَ إليها ببطء في اللحظـةِ التي هتفت فيها بهدوء : هذا وقتك بدّل ملابسك وانزل عشان اطرح الغـداء.
زفـر بجمودٍ ليلفظَ بصوتٍ بـارد : مالِي خاطر فيه، بنام لي ساعتين قبل صلاة العصر.
رفعَت إحدى حاجبـيْها وهي تقتربُ منه حتى وقفَت أمـامه تفصل بينهما عتبتيّ الدرج، كتّفت ذراعيها أسفل صدرها وهي تنطقُ باعتـراض : كم مرة أقولك عيب عليك تخليني آكل بروحي؟ ودك تجوّعني مع نفسيتك الخايسة والا كيف؟
أدهم يعقد حاجبيه بضيق : ترى ما نسيت اللي سويتيه ، خليني الحين بحالي مزاجي معفن.
أدار ظهرهُ إليها حتى يصعد لكنّها قطعَت المسافـة الفاصلـة بينهما بخطواتٍ سريعة وتجاوزته لتقف على العتبـة التي أمامه، وبتحدي : تقصد إني خليتك تكلم أبوي؟ عادي وش فيها؟ صارحني لا تخليها بخاطرك لين تنفجـر.
أدهـم وكأنّه ينتظـر كلمتين فقط حتى ينفجر فعلًا، اتّسعت عينـاه والانفعـال والغضب الذي لم يستطِع اظهاره في محادثتهِ مع إلين أظهره أمـام سهى الآن ، نطقَ بصوتٍ عـالٍ بعض الشيء يكاد يلامسُ الصراخ : طبعًا أكيد بتشوفينها عـادي عندك ، أبُوك وهو صح، تخلّى عن أخوك وصح، تخلّى عن ولد أخوك وكمان هو صح، ما وضّح ولو بدرجة بسيطة حزنه على موت ولده ولازال صح، كل هالجفا والقسوة عذره تـافه أساسه كبت منه على أبُوي اللي تزوّج مـرة ما دخلت مزاجه كونها أجنبيـة، طبعًا صعب بعد يحبني ويعترف فيني كحفيد له وأنـا دمي مختلط، ولد الكافرة! ولد العُرف مثل ما يشُوفون . . ، ما يتشرف! حتى أبوي بنفسه ما كـان يتشرف وما لقى غير ينسبني لزوجتـه المصونة المسلمة الخاينة رقيّة بعد ما طلق امي اللي ماقد شفتها بحياتِي غير بالصوَر! . . آخرتها الكافـرة صانَته والمسلمة لا ، الكـافرة عفيفة والمسلمة لا ، الكـافرة مسلمـة بأخلاقها والمسلمـة لا . . !!
كـانت قد فغرت فمـها بصدمة، لم تستوعب أين وصـل بالحديث، كيف خلطَ أمورًا بأخرى وكأنّه انتظـر انفجـارًا، ازدادَ انعقـاد حاجبيها وعينيها الواسعتين تضيقان قليلًا بصدمـة، بينمـا تحرّك هو بغضبٍ حتى يتجـاوزها وملامحه تتشنّج غضبـًا، يسكُن الانفعـالُ تجعيداتهِ بفعلِ عضلاتِه الغاضبـة . . ابتعدَ عنها حتـى وصل لنهاية الدرج، لكنّها لم تكُن في تلك اللحظـة قد تتركه، بل هتفت بصوتٍ باهتٍ مُستنكـرٍ لكُلّ مـا قال ولم تجد لهُ تفسيرًا إلا واحدًا : قابلتها اليوم؟
وقفَت خطواتهُ وظهرهُ يُقابلها، شدّ قبضتيه أكثر وملامحهُ تتصلّب أكثـر حتى تكـادُ تكسرها صفعة! عضّ طـرف شفتهِ السُفلى بقوّةٍ قبـل أن يرخيها ويهمسَ بضعف : كلّمتـها بس!
سُهى : توقّعت دامك دخلت رقية بموضوعنا.
أدهم دون أن يستدير إليها، لفظَ بأسى : تكرهني ، تكرهني مرة يا سهى!
ابتسمَت بمواسـاة : أنت زرعت وأنت اللي بتحصد . .
أدهم بندم : كـانت طفـلة ، ضايعة عني سنين ، امها ما رضَت تعلمني بالعايلة اللي كفلـتها ، وأنـا قبل لا ألقـاها تغيّرت وصرت سيء . . آذيتها كثير!
سهى تقتربُ منه وتصعد العتبـات الباقيـة بينهما حتى وقفت أمـامه، وضعَت كفّها على كتفهِ وهي تُخفضُ حاجبيْها بأسى . . وبهمسٍ رقيقٍ أرادت بهِ مواسـاته : إذا عرفتـك بتحبّك ، أنت مهما كـنت جاف وجلف الطيبة تطلع من عيونك غصب عن تصنعاتك كلها.
زفـر بقنوط : تبي الطـلاق . .
سهى تبتسمُ بمشاكسة وهي تضغطُ كتفيه بأطراف أصابعها بقوّة حتى آلمته ، وبتحذير : وبتطلقها إن شاء الله؟
أدهم وهو يرفعُ يديه كي يبعد يديها : وخري يدك لا أكسرها ، عوذة ماهي يد مـرة.
سهى ترفعُ إحدى حاجبيها وهي تضغطُ أكثر وتقاوم أصابعه التي تحاول فكّ يديها عن كتفيه اللذين كادت تخترقُ جلدهما انتقـامًا من كلماته الأخيرة، وبحدة : بتطلقها؟
انتصر على يديها ليقيّدهما وهو يضغطُ عليهما بقوّةٍ انتقـامًا لكتفيه من الجهـة الأخرى ، وبثقـة : مستحيل.
سهى بألـم : آآه وجـــع يا الخـايس.
تركها وهو يضحك : أنتِ زرعتي وأنتِ اللي بتحصدين.
سهى بقهر : خلها بس تجي وبخليها تكرهك أكثـر.
أدهم بغرور : خليها بس تجي وبزرع طريقها ورد وأنتِ شوك بإذن الله.
سهى بحنق : حيـــوان وربي.


،


أصبحَنـا غُربـاء كمَا كُنّا، وكما سنكُون دائِمًا، هذهِ النظـرات المرتشقةُ بيننا لا تليقُ بابنةٍ وام، لا تليق! أسـأنـا كثيرًا لمصطلح الام/العائلة، أسأنـا كثيرًا لهذا المعنى وكنّا غربـاء! نلتقِي في سطرٍ فتنبثقُ النقاطُ رغمًا عن كلّ شيءٍ حتى تُنهي لقاءنـا.
كـانت مشدوهةً بتلك البسمـة الغريبةِ عنهـا، مشدوهةً بتلك النظـرة، بـ " ما ودك ترحبين بـأمّك؟ "!! مشدوهةً بتصرّفـاتٍ لم تجيء يومًا من غريبٍ كتـلك!
شعرَت بالغصّة تُهلكُ حنجرتها، شعرت بها تضغطُ محاجرها حتى ينبثق الدمع أمـام التي لم تبكِي أبدًا أمامها كمـا والدها، لكن صـار! بكت مرةً وهي تُحادثُ والدها بعد أن استبدّ بها الوجَع وغـادرها الجمود، لطـالما كانت تُخفي أوجاعها أمامهما، أمـام العالـمِ أجمع، لكنّ معزوفـة البُكاء استرسلَت باختناقها إلى أذن والدها، والآن تريد ذلك أمـام أمّها ، فماذا فعلتَ بِي يا سُلطان؟ لمَ أضعفتني؟!
ازدردَت ريقها وهي تُقاومُ دموعها ورعشـة البُكـاء التي احتلّت أطرافها وسبَت ثباتها، تحرّكت بصمتٍ وأدارَت ظهرها لوالدتها وهي تهمسُ بوهن : تفضلي يمه.
مررت امها لسـانها على شفتيها بأسى واضـح، ومن ثمّ تحرّكـت أقدامـها لتتبعها بصمت، بينمـا عينيها تطوفـان في المنـزل برضـا، وكم تتمنّى أن تكُون حياتها تتجاوزُ المظـاهر وترضيها في كلّ شيء.
أدخـلتها مجلـس النسـاء ومن ثمّ خرجَت بربكـةٍ واضحـة حتى تُخبر سالِي بأن تجهز العصير ومستوجبات الضيافة، ومن ثمّ عـادت إليها وهي تمسكُ بطرفِ بنطـال بجامتها وتشدّ عليها بتوتر، لم يكُونـا سوى غريبتين، فقـط، وكلّ ما يصيبها الآن وأوّله الصدمـة بتواجدها يثبت ذلك.
اتّكـأت على الجدارِ بجانبِ باب المجلـس فغابَت عن عيُون امّها ، لمَ جـاءت؟ لمَ ظهرت فجـأةً من حيثُ التلاشِي، كـانت شفـافة طيلة الاربعـة والعشرين عامًا قُربها، فلمَ جـاءت اليوم تغلّف نظراتها بشيءٍ لم تفهمه! أسـى! جـاءت باترةً جزءً من شفافيتها!
دخَلت بعد ترددٍ وصـراعٍ مع ذاتِها، لم تنظُر نحوها وهي تقتربُ منها لتجلـس بجانبها، بينما كانت نظـراتُ امّها تتبعها بصمتٍ بائِس، ابتسمت ما إن جلسَت بجانبها لتهتفَ بصوتٍ خافت : شلونك مع سلطان؟
عقدَت حاجبيها باستنكـارٍ لسؤالها المُهتم، لكنّها أخفَت استغرابها لتهتف بصوتٍ خافت : تمـام.
ام غزل بقلق : متأكدة؟ ما يضرّك؟ ما يأذيك بسبب الغلط اللي سويتيه؟ معقولة ما حاسبك عليه؟!
شتت عينيها ونفضةٌ سرت في أطرافها ما إن تحدّثت امها عن هذا الجانِب، نظـرت نحو البـاب بقلقٍ من أن تسمعهما سالِي لتهتفَ برعشـة : لا ما حاسبني ، هو تزوجني وعنده علم وبنفسه رضى فيني بوضعي فما حاسبني.
تنهّدت امها براحـة : الله يجزيه بالخيـر.
زمّت شفتيها بضعفٍ وهي تُريد الصـراخ وسؤالهـا، لمَ جئتِ؟ لمَ جئتِ؟ ألهـذا السؤال؟ لتطمئنّي أنّه سيؤذيني؟ لا تكذبي وتقولي أنّك ارتحتـي لراحتي، لا تكذبي! افرحـي لأنّني لست بخيـر، لم يعلم بشيء، ولستُ بخير! آذآني يامن تُسمّى امي قبل أن يعلـم بشيء، يؤذيني بقسوته! قسوتهُ موجعَة، موجعَة! لم يكُن والدي مثـله، كـان يؤذيني بضربِه القاسِي، لكنّه يُجيدُ إيذائي بقسوةٍ فقط! قسوةٍ دونَ ضرب . . كيف يفعلها بعد أن أبكـانِي وأرآح صدري؟ كيف يفعلها بعد أن جعلنِي أبتسم وأضحكُ بفرح!! كيف يفعلها !!! أخبـرته أنّني أُجبِرت ، ولازال يؤذيني . .
صرخَت داخـلها، ولم تحكِي! لم تُخبرها عن أوجـاعها، لم تُخبـرها عن هذا الألـم الذي يزرعهُ سلطان فيها بطريقةٍ مُختلفـة، لم تُخبرها عن إهاناتِه لها، لم تُخبرها عن قُبلته! تلكَ التي أخبرها أنّها تُثبت أنّهُ يستطِيعُ بها أن يقتربَ أكثـر ، ولازال يشمئزُّ منها!
ازدردَت ريقها بضعف، بينما كـان الصمتُ هو معضمُ هذا اللقـاء الغريب ، هل همـا امٌ وابنـة؟ ياللسخريـة !!


،


اقتربَت سيارتهُ من المنزلِ وهو يرسُم الغضبَ في أوداجـه، استطـاع اليومَ أن يجعلهُ يثُورُ أضعـاف ما ثـار سابقًا منه. شدّ على المقودِ ومن ثمّ بدأ بضربهِ بانفعـالٍ عالٍ وهو يشتمهُ اليومَ بأريحيـةٍ لم يكُن يمتلكها قبلًا، يشتمهُ ولا يترددُ بفعلِ العلاقـة التي كـانت، يشتمهُ وهو يشعُر بالكرهِ ينبثقُ محتضنـًا معهُ وجعًا أكبـر من هذا الكُره، وجعًا يُحرقُ صدرهُ وعينـاه، يحرقُ رؤيتـهُ بصورتِه الشبيهةِ بأبيه وبِه! لمَ سرقَ حتى الملامح؟ اضطهدها، مرّغـها بالأوجـاع ليجعلهُ كلّما نظرَ لوجههِ في المرآة – قطّب جبينه ألمـًا لذكرى خمسـةَ عشرَ عامـًا!
أدخـل سيارتهُ من البوابـة التي كانت مفتوحةً متجاوزًا سيارة رقية الواقفة خارجًا، أوقفـها ليتراجعَ بظهرهِ للخلفِ ويُغمضَ عينيه وكلّ ما حدثَ قبل ساعاتٍ يعُود ليتكرر في عقـله، يُغرقه بقهرٍ آخر، بغضبٍ أكبـر.
بعد ما حدثَ أمـام مقرّ الشـرطة وقبل أن يطلبَ توضيحًا جـاءهُ صوتٌ من خلفه، صوتُ الذي غـدر فأحسـن غدره، جـاءهُ صوتُ سلمـان الذي كـان يبتسمُ بعبثٍ وهو يقتربُ منه : يا محـاسن الصدف.
استـدار سلطان بسرعةٍ بعد أن سمعَ صوتهُ وهو يوسّع عينيه بحقد، اتّسعت ابتسـامة سلمان وهو يقفُ أمامه مباشرةً ويرفعُ كفّه ليضعها على كتفهِ هاتفًا بوداعـة : شايف شلون القَدَر قاعـد يثبت إنّ الرابـط بيننا مو بس الدم ، حتى أرواحنـا تنادِي بعض.
لفظَها باستفـزازٍ وابتسامـةٍ ساخـرة، حينها شدّ سلطـان على شفتِه وعينيه تُطلقـان شررًا من حِقد، وبنبرةٍ حاقـدة : لك يد صح؟
سلمـان وقد فهمَ قصده، اتّسعت ابتسامتـهُ ليلفظ : زين إنّك ما خسرت ذكاءك للحين مع إنّي أتوقع ثلاثة أربـاعه راح . .
سلطان بحنق : شلون دريت باللي كنت بسويه؟
سلمـان وقد تمنّى في هذهِ اللحظـة لو يكشفَ عنـاد وينتقمَ بذلكَ منه ، لكنّه تراجـع وهو يلفظُ ببساطـة : ماهي صعبـة علي وأنت أدرَى.
سلطان : تظن إنّك كذا وقفتني؟
سلمـان : تدري بعد إنّي أقدر على اللي أكبر! اللي صار الحين يثبت لك إنّ لـي علاقات حتى مع الشـرطة فأنـا متطمن على حالِي من أي شيء ممكن تسويه حتى لو كانت نيتك الأساسيـة تقلب القضايـا القديمة وتفتحها من جديد.
رفعَ حاجبـه الأيسر وهو يبتسمُ بمكر، بينمـا اقتربَ منه سلطـان بتلقائيـةٍ بعد أن اشتعـل جسدهُ غيظًا، وبنبرةٍ مخنوقةٍ تسللت من بين أسنانه غضبًا : حقييييييييير !!
عضّ سلمـان طرف شفتِه : بتندم على هالكلمـة وقلّة احترامـك لأبـوك صدقني.
سلطـان بغضبٍ وقد أشعلتهُ كلمـة - أبُوك - أكثـر : تهين هالكـلمة كثير لما تنسبها لنفسك الحقيرة! ما تتشرف فيك.
سلمان : يعني ما كنت غلطان لما ظليت ناسك لهالعُمر.
سلطان بحقد : لو تزوجت كنت بشفق على عيالك.
سلمان : عيال عمّك وأخوانك.
سلطان بازدراء : معصي!
سلمان : بتآخذهم بذنبي؟
سلطان : أي ، خلاص آمنت إن الولد مثل أبوه ما يغدر بدمه.
رفعَ سلمان حاجبهُ بحدة : غــزل !!
احتدّت نظـراته تلقائيًا ليبتسمَ بسخريـة : خسارة عليك هالاستيعاب السريع . .
سلمان بجمود : وش فيها غزل؟
لمْ يكُن يريد منه أن يعلـم بأنّه اكتشفـها، هو مع أحمـد، وبالتأكيد يعلم، كيف لا يعلـم وهو من سانـدهُ بالزواجِ بها؟ .. حكّ شفتهُ العُليا بأسنانهِ ليثبّت عينيه بثقةٍ في عينيْ سلمـان ويلفظ : ماهي عاجبتنـي ، أخلاقها زفت مثل أبوها، تحتاح تربيـة جديدة وأنا قدها وبعيد تأهيلها بهالشهُور قبل لا أطلقها وأريح راسي منهـا.
سلمان باحتقـار : راضي عن نفسك وأنت تتكلم عن زوجتك بهالطريقة قدامـي يا الرخمـة !!
شتت سلطـان عينيه بحنقٍ قبل أن يلفظ : تدري وأدري إنّ هالـزواج لعبة ! وفوق ماهو لعبة حقيرة قاعد يقيّدني في انسانة شبيهة بأهلها ..
سلمان بحدة : ما عرفتك بهالحقـارة تتكلم عن مرة بهالشكل!
سلطان ينظُر نحوه بسخرية : منكم نتعلـم.
سلمان بتحذير : لا تآخذها بذنبنـا!!
سلطان باستفزاز : محاتيها كثييير ، شكلك كنت أبوها الروحي بعَد.
سلمان يبتسمُ ابتسامةً ضيقة : بيضرك انتقامك منا فيها ، قاعـد تخسر نفسك.
سلطان يضحك بقهر : خسرتها وانتهيت ، تدري رفعت يدي مرة عليها !
اتّسعت عينا سلمان بصدمة : ما تسويييها !!
سلطان بقهر : لا سويتها وكنت أنت السبب يومتها ، بس ما ضربتها ، انتبهت للي كنت بسويه بس كافِي إنّي نويت!
اقتربَ منهُ سلمان وهو يعقدُ حاجبيه بقلق، وبنبرةٍ خافتـة : انتقـم فينا وريّح عمـرك بس لا تضر اللي مالـه دخل، لا تخسر نفسك بهالطريقة.
تراجـع للخلفِ بازدراءٍ مبتعدًا عنه، وبقهر : يهمك ما أخسر نفسي والا يهمك ما أضر غزل؟!
سلمان : الاثنين.
زمّ شفتيه بقهرٍ وعينيه تشتعلان كرهًا وألمـًا، وبحنق : انتهت المسرحيـة يا عمي العزيز .. لا عاد تمثّل الاهتمـام فيني!
سلمـان بجدية : قلت لك من قبل أنا مستحيل أأذيك ، خلّك بعيد عني وأنـا ماراح أأذيك .. ربيتك سنين وهالسنين ما تخليني أغيّر أهدافي بس تكفي عشـان ما أرضى بأذيّتك.
سلطـان بقهر : قاعـد تناقـض نفسك ، قلتها من قبل وللحين ما نسيت ، مو كنت تحتاجني لشيء عشان كذا ما تبيني أمُوت؟
سلمان ببرود : نقطة ثانيـة .. بس في النهاية أنـا ماراح أتمنى موتك ، لذلك خلّك بعيد عشان ما أضطر.
سلطان بتحدي : بظل قريب ، وبفضحك ، خطتي ما راح أتخلى عنها ، ما عندي اشكاليـة أخلي الصحف تنشر مليون دليل وبساعدهم ، ما عندي اشكاليـة أطلع بالقنوات وأحكي ، ظنّك منعتني لما حطيت حاجز بيني وبين وليد؟
سلمان بحدة : أنت كذا تكتب موتَك.
سلطان : مثل ما سويت بأبُوي؟ لأنه كشف حقيقتك قتلته؟
سلمـان : هذا يثبت لك إني بنسى من تكون وإني ربيتك ، عشان كذا خلّك بعيد.
ضحكَ ونـارٌ تشتعلُ في صدرِه : قلتلك ماراح أظل بعيد ، هالشيء يزيد حرقتي أكثر ، أبي آخذ بثار أبوي وأرتــااح !!
ابتسم سلمـان بجمود : عشـان كذا .. خلّك بعيد.
تحرّك سلمـان ينوي الدخُول إلى مقرّ الشرطـة، لكنّ سلطـان تحرّك بالمقابـل ليقف أمامه مباشـرة، وبتحدي : أيش طبيعة أهدافك وأعمالك ذي؟ تجـارة ممنوعة؟ مافيـا؟ تبي تضر البلـد؟ وش تبي بالضبط؟
سلمان بابتسامةٍ مُستفزّة : أبي اللي يريحنِي.
زمّ سلطـان شفتيه وردّه استطـاع استفزازهُ أكثر، لذا هتفَ بحرقة : وراحتك كانت بأنّك تقتل أخوك؟
سلمان ببرود : بالضبط.
سلطان بغضب : الله يحرقك بجهنّم، خنته وهو عايش وخنته وهو ميّت . . تقول ما تبي تضرني بس كنت بتضرني ، ما نسيت الحادث اللي كان بيصير لي بسببك، شاحنـة باسم مؤسسة النامـي فرع سلمان! ليتك استخدمت من فرعي أنـا بس لا !! بكل قوّة عين تستخدم اسمك في مخططاتك .. وغير كِذا الحريق اللي صـار من قبل بمكتبة أبُوي ، وما أنسى بعد الـدم اللي حصلته مغرق مطبـخ الجنـاح اللي كنت مستأجـره قبل لا أرجـع بيتي ، حتى الفنـادق ما سلمت منّك؟!
بقيَ سلمـان ينظُر لهُ بنظراتٍ لا مباليـة، بينمـا كان سُلطان يُريد أن يُكمل، أن يقُول - غزل -، الفتـاة التي يهتمُّ لأمـرها ولا يريده أن يمسّها بسـوء، الفتـاة التي أخبره عن معاناتِها، التي أخبـره أن والدها مريضٌ ساديٌّ كـان يعذّبـها ، والآنَ هوَ يتعـاون مع والدها الذي يُجبرها أن تساعدهُ وتغدر به ، من حـاول إسعادها لتجيء بطبيعتها المـاكرة وتطعنـه .. رفـع كفّه ليضعها على فمهِ وهو يشعر أن الانفعـال يُرعِش جسده أمامه رغمًا عنـه، أمـام عينيه يضعُف، يظهرُ له بهذا الانفعـال الذي يُضعف استقامتـه.
كـانت تفضلُ بينهما نصفُ خطوةٍ أو أكثر بقليل، نصفُ خطوةٍ قـرأ بها سلمـان كل ما يختلجُه وكل الضعف الذي يواتِيه ولا يستطيعُ إخفـاءه . . رمقهُ من الأعـلى للأسفـل ببرودٍ ومن ثمّ تراجـع للخلفِ قليلًا راسمًا بسمـةً ساخـرةً أردفها بنبرةٍ مُستفزّة : قبل لا ترجع وتفتح أوراق اللي سويته واللي ذاكره كويّس عالـج ضعفك وبطّل ترتعش قدامِي كذا حتى لو رعشـة غضب! .. كثرة العصبية ضعف .. انتبـه يا طفــلِي الحبيب.
استدَار ليُلقي ظهرهُ إليه، تحرّك مبتعدًا عنه بينما اتّسعت عينـا سلطـان وهو يشدُّ على قبضتيه يُسكنُ رعشتـهما، لم يستطِع أن يُضيف شيئًا، امتدّ ضعفـه إلى الوجـع/القهـر/اليأس .. لم يستطِع أن يصـرخ بأعلـى نبرةٍ لـه أنّ غضبـه يقوّيـه . . وعلى من سيكذب؟ كيف يظنّ أنـه سيقابلهُ بمزاجٍ جيد، سينظر لهُ ولا يغضبُ لسنينه التي احتضنته، لا يغضبُ لهذا الحُب في صدرهِ والذي يريد التحوّل لكـره وهاهـو يتحوّل ببطء، ببطءٍ مُهلك! الحقـد لا يعني الكُره ، ليته يعني! ليتهُ يثبت أنّه لن يتألـم إن رآه ، والألـم بذاتِه لا يعني سوى شيءٍ واحـد ، أن الجـرح جاء ممن نحبّ!


يرتّلَ الذكـرى بعينيه الخافتتين .. تجـاوز ما كان قبل ساعتين ربّمـا ، وسافـر إلى ماقبـل سنتين ، ثلاث، أربـع ، ثمـان، خمسة عشـر ! . . احتضنـه يومَ مات والده/يومَ قتله .. بقيَ الليل يُشاركـه سريرهُ الصغيـر ويخبره أن الأبَ لم يمُت ، فهد حي، بـاقٍ فيه . . فهـد أنـا يا سلطان ، وأنتَ ابني! لمَ تبكِي يا حبيبي؟
" أنت رجّـال .. تبكِي ليه وتزعّل أبوك؟ . . أنت رجـال ، ما خسرت أبوك ، والله ما خسرتْ "!!
قـال له تلك الليلة الكثير ، كفكَف دموعه الزائفة كي يكون قويًا لأجلـه - كما ظن -، ارتـدى لبـاس الأب ، وقـال أنـا فهد الثانـي ، أنـا الأب ، أنـا من سيُمسك يدكَ ويرافقكَ في دربِ الحيـاة . . لم يكُن! ظنّ أنـه كـان ، ولم يكُن!!
استرجـع ليـالٍ طويلة ، وتلك الليلـة كـانت أطول ليلةٍ قضـاها مع عمّه/والده، علّمه كيف ينطـق " يبه " لغيـر فهد ، وصـار فهد ، صـار أبوه، معلّمه، صـار كلّ شيء ، علّمـه كيف لا يبكِي ، وأبكـاه من جديد، علّمه كيف يدعُو لوالده بالرحمـه ، والآن بـات يترحّم حتى على نفسـه " رحـم اللهُ الموتى وأنـا ".
رحمـةُ الله عليّ ، أنتـم السابقُون ، وأنا بجانبكم ، ولازلت في الدنيـا .. هل أنـا سابقٌ أم لاحِق؟ لم أعـد أدري.

بعـد عـام ، وعاميـن، بعد أن كبُر أكثر ، كـان قد تعلّم منه كيف يرفعُ كفّه إلى السمـاء في صلاة الوتر ، يدعُو الربّ المغفـرة لأبية ، ويُلحق " أبوه الآخر " بمحبّةٍ بأن يحفظـه له . .
بعد أعـوامٍ أكثـر ، بعد أن كبُر أكثر ، كـان قد تعلّم منه كيف يذكر في المجـالس إن قـال لهُ أحد " الله يرحم أبوك " : رحمـة على الميت والا الحـي؟ عندي اثنين ، واحد الله خذاه للجنـة وواحد أنـا ضنـاه وماسك يديني عشان نلحق أبوي فهد للجنـة . . الله يرحـم أبوي وأبوي . .
بعد خمسةَ عشر عامًا ، أصبح ذو سبعٍ وعشرين، وصـار لهُ أبٌ واحـد ، صـار يدعُو لواحد ، وصـارت الرحمـة للميّت فقط ..
كـان واحد، وأصبح اثنين ، والآن عـاد واحـد . . يا لقـســوةِ الأرقـام!

بـلل شفتيه بأسـى ومن ثمّ مـد يدهُ كي يفتحَ السيـارة ويخرج، وفي تلكَ اللحظـة كـانت ام غـزل تخرجُ من البـاب، اصتدمَت عيُونه بها وبغزل التي كـانت تقفُ خلفها بجمـود، عقـد حاجبيه قليلًا واقتربَ منهما ، تصـادمَت عيناهما بهِ لتتوتر غـزل رغمًا عنها وتنكمشَ أصابعُ قدميها فوقَ الأرض، وقفَ سلطان أمامهما مباشرةً وابتسم بمجاملـةٍ بعد أن تعرّف عليها ، بالرغم من كونِه صُدم برؤيتها بعد الأشهـر التي مضَت : يا حيّ الله ام غـزل.
قبّل رأسها لتبتسمَ لهُ بتلقائيةٍ وتهتف بصدقٍ وامتنـان : الله يحييك يا سلطـان شلونك؟
سلطان : نشكر الله شلونك أنتِ؟
ام غزل : الحمدلله.
سلطان : وين ماشية؟ ادخلي تو ما جيت ماراح تمشين الا بعد ما تتغدين ويّانا.
ام غزل : كثر الله خيرك مرة ثانية إن شاء الله.
سلطان : لا تخليني أحلف عليك!
ام غزل : ولا لك لوا بس مستعجلة تأخّرت على البيت.
سلطان : براحتك أجل خلينا نشوفك مرة ثانية.
ام غزل وهي تتحرك مبتعدةً عنهما : إن شاء الله.
نظـر سلطـان نحو غزل بعد أن تحرّكت سيارة امهـا وغادرت، توترَت لتشتت عينيها من برودةِ نظـراته الجامـدة، بينمـا تحرّك هـو ليتجاوزها بلا مبـالاةٍ بوقوفها، دخـل لتدخل من خلفهِ باضطرابٍ وتُغلق الباب، بينما توقّف هو فجـأةً ليهتفَ وهو يُديرها ظهرهُ بينما كانت هي باتّجـاه الباب فكـان ظهرها يواجه ظهرهُ بالمقابـل : امّك مشاركة معاكم؟
أخفضَت أجفانها بتوترٍ وقد فهمته جيدًا، وبخفوت : لا ، ما تدري عن شيء.
استدار سلطان إليها بجمود : متأكدة؟ ما تكذبين.
غزل : والله ما تدري عن شيء ، هي انبسطت بزواجي أصلًا ما كانت تدري إنه لغايـة.
لوَى فمهُ باحتقـارٍ ومن ثمّ تحرّك حتى يبتعد عنها ويتّجـه لغرفـته، لكنّ صوتها المتردد جـاء إليه ليجعلهُ يتجمّد في مكـانه متفاجئًا ممـا قالته : مصدّع صح؟
استدارَ إليها وهو يرفعُ إحدى حاجبيه استنكارًا لسؤالهـا، في حين كـانت هي في ذلك الوقت قد استدارَت تنظُر لظهرهِ المبتعد، وما إن نظرَ إليها حتى شتت عينيه بربكـةٍ وهي تضمّ كفيها أسفـل صدرها، لا تدرِي لمَ سألتـه، لم اهتمَت ما إن استنبطَت من ملامحه ذلك، انفلتَ لسانها منها لتهتفَ بسؤالها ذاك دونَ شعورٍ وتندم بعد ذلك .. لم ينطُق بشيءٍ وهو ينظُر نحوها بنظراتهِ الجامـدة، لذا أردفَت بتبرير : شفتك مضيّق عيونك وعاقد حواجبك ، حسيت إنك مصدّع عشان كذا سألتـك.
مرر لسانـه على شفتيه ليبتسم بسخريـةٍ وقد فهم مقصد سؤالها : يعني إنّك تعرضين خدماتك علي؟
ارتعشَت شفاهها وصمتت، حينها ضحكَ ضحكةً قصيرةً ساخـرة ليردف باستخفاف : ودّك تداوين الحقد اللي بصدري تجاهك والا كيف؟
أغمضَت عينيها بحرجٍ من استخفـافهِ بها ولم ترد، بينما اعتلَت صوتُ خطواتهِ مبتعدًا عنها وهو يهتفُ بصوتٍ بـاردٍ غيـر مبالي : قولي لسالي تجهز لي قهوة وتعـالي .. ماراح أرفض خدماتك دامها جتني ببلاش.

يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 19-03-16, 11:13 PM   المشاركة رقم: 734
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




،


دخَلت جنـاحهما الخاص تبحثُ عنه، عقدت حاجبيها حين لم تجد لهُ أثرًا، لا وجـود لهُ في البيتِ رغـم أنّه لا يخرج قبل أن يُخبرهم خاصـةً أنها كـانت تحضّر الغـداء وهو يعلم! . . تحرّكت خارجـةً من الغـرفة وهي تلوِي فمها وتخبر ذاتها أنّه خـرج لعملٍ طـارئ، نـزلت لتذهب إلى عُلا وتخبرها بأنّه غيرَ متواجد، حينها عقدت حاجبيها استنكارًا لتلفظ : غريبة ماهي من عوايده يطلع ولا يعلمني.
أسيل : أكيد طلع مستعجل عشـان شغله.

بينمـا كان هو نائِمًا هنـاك، في تلك الغـرفة، غابَ بعد أن غـرق أسفل أمواجِ ذكرياتِه القديمة، يحتضنُ الوسـادة التي يشتمّ فيها رائحتـه، وصـورتهُ جـاءت حتى في أحلامه . . هـاهو يراه الآن ، يقف أمـامه، واجمًا، وملامحـه بائسةٌ تغطّيها دمـوعٌ جافـة .. عقَد حاجبيهِ بتلقائيةٍ في نومِه، وهو يـراه يصدّ عنه بعد أن قـرأ في عينيه عتابـًا، ألمـًا، والكثيرَ من الحقد.
يقتـربُ منه ببطء، يمدُّ يدهُ اليمنى إليهِ لتخترقهُ ولا يلامسـه، يقفُ متعب بجمودٍ في مكـانه، بينما يحـاول هو الإمسـاك بهِ وملامسته ولا يستطيع، ليهتف أخيرًا بأسـى يائسٍ وهو يستغربُ صدّه : مزعّلك؟
يستديرُ إليـه ببطء، ليـرى في عينيهِ إحمـرارَ جحيمٍ من الجـراح، يبتسمُ لهُ بألـم، وهو يهمسُ بصوتٍ عاتب : كثييييييير . . ماقد دخلت الجنة يا خوي ، لازلت في النـــار !!
يفغـر فمهُ بصدمةٍ وهو يرى عينيه تبكيـان، رغمًا عنهُ نزفت عينـاه معه، اقتربَ منـه أكثر وهو يحاول ملامسته بيديه ولا يستطِيع .. ماهذا الحُزن الغريبُ في عينيه؟ هذهِ النظرة المجروحة، العاتبـة! وهذا الحقدُ من أين يأتي؟ . . تراجـع متعب للخلفِ وهو يبتسمُ بألـم : لا تحاول ، نـارك للحين تحرق بس ما تحوّلني لرمـاد.

فتـح عينيه لتصـتدم بجدار الغُرفة الأبيض، حاجبيهِ كـانا معقودين وهو يُفرجُ شفتيه قليلًا وأنفاسـه متحشرجة، تحرّك بضعفٍ فوقَ سريرِ متعب لتقابل عينـاه سقف الغرفة قبل أن يغمضُ عينيه بقوّةٍ هامسًا : أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . . أضغاث أحلام بس ، يارب أضغاث أحـلااااام!!
جلس وهو يكرر على ذاتِه تلك الجملـة، مسحَ على ملامحِه لينهضَ وهو يلوم ذاته على النومِ في هذا الوقت، وصـورةُ متعب تلك بعينيه الباكيتين والمعاتبتين لازالت تلتصقُ بأحداقه، كلمـاته ، " ماقد دخلت الجنـة يا خوي، لازلت في النـار "!!! في النــار؟ ماذا يقصد؟ .. تحرّك ليبتعد عن السرير وهو يستعيذ من الشيطان ويعقدُ حاجبيه بقلقٍ وحيـرةٍ مما رآه، ما معنى ذلك؟

في الأسفـل، جففت يديها بعد أن نظفت صحُون الغـداء، خرجت من المطبخِ لتهتفَ ما إن رأت عُلا جالسـة وهي تُغلق المصحف بعد أن انتهت من القراءة : ما رد عليك شاهين؟
رفعَت رأسها إليها لتهزّ رأسها بالنفيِ بصمت، وبعد ثانيتين نطقَت بحيرة : ماهو من عوايده يطلع من غير لا يعلمني وفوق كذا ما يرد! * أردفت بقلق * لا يكون صاير له شيء!!
أسيل بذعرٍ من تلك الفكرة : لا شدعوى أكيد مشغول ربي يحفظه.
كـادت عُلا أن تتحدّث لكنّ شاهين قاطعهما وهو ينزل وصوتهُ يسبقهُ إليهم بنبرةٍ جـادةٍ عجولة : يمــه . .
أدارتا رأسهما إليه ليظهر على ملامحها الاستنكـار لوجوده، أسيل باستغراب : أنت في البيت؟
شاهين بجمودٍ ينظُر نحوه امه : أي وش فيكم متصلين عليْ فوق العشر مرات؟!
عُلا باستنكـار : وين كنت؟ طلعت أسيل عشان تناديك للغداء وما حصلتك ، توقعناك طلعت . .
صمتَ قليلًا قبل أن يلفظ بهدوء : كنت نايم بغرفتي القديمة وجوالي سايلنت ، ما حسيت بنفسي.
نظـر إلى أسيل ليُردف : معليش أسيل جيبي لي شيء أشربه ويا حبذا لو كان شاي.
أسيل بهدوءٍ تُعيد خصلاتِ شعرها خلف أذنها : أحط لك الغداء؟
شاهين ورغبتـه في الأكـل معدومةٌ في هذهِ اللحظـة : لا بس جيبي لي شـاي.
أسيل وهي تتحرّك مبتعدةً باتجاه المطبـخ : تمــام.
تابعـها شاهيـن بنظراتِه حتى اختفَت من عينيه، ومن ثمّ وجّه نظراته الجامـدة إلى امّه ليجلـس بجانبها بعد أن ذهبَت كمـا أراد، نظرت عُلا لعينيه الحائرتين وقد قرأت فيهما بسهولة قلقًا وتساؤلًا، عقدت حاجبيها قليلًا لتهتفَ بحُب : وش عندك يا روحي؟
مرر لسانه على شفتيه وهو يُشتت عينينه بضيـاع، عـاد لينظر نحوها وصوتُه يهتزُّ بتحشرجٍ خارجًا من حُنجرةِ الصقيـع وقلقه الذي بعثَ هواءً باردًا في صدرِه : يمه متعب الله يرحمه كان عنده ديون؟
تحوّرت نظراتها في لحظـةٍ إلى حُزنٍ قاتـلٍ طعنَ قلب شاهين الذي أمسكَ كفيها ليحتضنهما وهو يهمسُ بحزنٍ مماثـل : اعذريني يا الغالية ، بس ضروري أعرف إذا فيه أو لا ..
هزّت عُلا رأسها بالنفيِ وجبينها المقطّب يتضاعفُ بتجاعيدهِ التي أضيف إليها تجاعيد الحُزن، وبأسـى : الله مغنينا ولله الحمـد ، ما كـان يحتاج حتى يتديّن وكان يعطي ما يآخـذ. ليه تسـأل وأنت أدرى بأخـوك؟
لم يكُن ليُخبرها بمـا رآه في منامـه، لم يكُن ليخبرها بالكلمـات التي قالها طيفُه، لم يكُن ليخبرها بعينيه المحمرّتين بألـمٍ وكـان ليغلّف كل شيءٍ في صدرهِ ليوجعهُ هو فقط، هتفَ باختنـاق : حبيت أتطمـن بس، خفت يكون له دين واحنا ما ندري ويتعذب فيه.
عُلا بحُزنٍ تنظُر لحجرها وتلفظ : يا حبيب امّه هـو عسـاه بفردوسه يارب ... تتصدق عنه يا شاهين؟
شاهين يهزّ رأسه بالايجاب : كل يُوم ، والله كل يوم وبتصدق أكثر وأكثر عن قبـل . .
عُلا بألـم تغصّ بها كلمـاتها في عبرة : وش كثر اشتقت له! تركنـي وأخذ جزء من روحِي.
احتضنـها شاهين بأسى وهو يقبّل رأسها بأسـى : أخذ معضم شاهين بعَد .. الله يرحمـه ، الله يرحمــه ويجمعنا فيه بالجنة.
قبّل وأسها مرةً أخـرى وهو يجزم في داخلهِ أنّه سيحجُّ هذهِ السنـة عنـه وسيبني عنه مسجدًا عمّا قريب.


،


عـادت للمنـزل بإرهـاقٍ جسديٍّ وعاطفـي، اتّجهت نحو غرفتـها مباشـرةً وبالرغمِ من جوعِ معدتها لم تكُن تريدُ شيئًا، رمَت حقيبتها على السريرِ ومن ثمّ رمَت نفسها جانبها بعباءَتها، نزعَت نقابها وطرحتها وهي ممددةٌ لتزفُرَ بإرهـاقٍ وهي تُغمضُ عينيها . . أدهم! ممَ هو مخلوق؟ كـان هذا هو السؤال الذي ظلت تطرحهُ على نفسـها منذ أغلقَت الهاتف وطيلـة طريقِ عودتها إلى هنـا ، شعرت بالكـره نحوهُ يكبر بعد تلك المحـادثة، شعرت بالاحتقـارِ يكبر أكثر ، شعرت أيضًا بالتقزز من ذاتِها ، هل هي مرتبـطةٌ بهِ فعلًا؟ برجـلٍ وضيعٍ مثلهُ لم يرحـم طفلـةً وكـاد يغتصبها؟ .. تقوّست شفتاها بتقززٍ وهي تتذكّر اقترابـه القهريّ منها حين كانت في الخامسـة عشر، قبلاته! لمساتـه، تتذكّر كلّ شيءٍ قبل أن تفقدَ وعيـها ، كـانت زوجته! لكنّ ذلك لا يعذره ، لم تكُن تعلم، وكـانت طفلةً وقتها! كيف تجرّأ !!!
شعرَت بالغثيـان لتنهضَ بسرعةٍ من سريرها وتتّجه نحو الحمـام حتى تُخرج كلّ ما كان في معدتها من مـاءٍ وعصيرٍ فقط! معدتها كـانت خاويةً اعتصرتها رغمًا عنها حتى أخرجت عصارتها مع العصير والمـاء!
مسحَت وجهها بإرهـاقٍ ومن ثمّ خرجَت في اللحظـةِ التي طُرقِ فيها البـاب، نظرَت نحوهُ بإرهاقٍ لتهتف : تفضلي هديل.
دخَلت هديل وهي تبتسمُ بتوتر، نظرَت نحوها لتراها بعباءَتها ووجهها مُرهق ، وبنبرةٍ مترددة : فاضية؟
عقدَت إلين حاجبيها باستغرابٍ من سؤالها : وراك مصيبة صح؟
اقتربَت هديل بتوترٍ بعد أن أغلقَت البـاب من خلفها لتهتفَ بربكـةٍ وهي تُشتت عينيها : فيه شيء بس آ آ
صمتت لترفعَ إلين إحدى حاجبيها بتوجسٍ وتقتربَ منها : وش فيه تكلمي؟
نظَرت هديل نحوها بعينين مستنكرتين وكأنّها تراها لأوّل مرّة ، وبتردد : أبوي كان تو يتكلّم مع امي وياسر ومقفلين عليهم الباب.
ابتلعَت إلين ريقها بخشيةٍ ممـا ستقُول : وأنتِ تسمعتي لهم !!
هديل تشتت عينيها : غصب عني ، جانِي فضول أعرف وش عندهم.
إلين بتوجس : وش سمعتي؟
هديل تنظُر نحوها بتردد : كان يحكِي عنك . . صدق نسبوك لأهلك الحقيقيين؟


،


هاهـي كفّهـا تغُوص في شعرهِ من جديد، هاهـي تكرر تهوّرهـا وتقتربُ منه بهذهِ الطريقة حتـى في أوجِ القسـوة التي يمارسها عليها ، مابها ؟ هل جنّت حتى تندفـع بذلك وتنـسى أنّها باتت على صفيحتهِ منذ أيـام؟ أنّه لم يعُد سلطان السابق؟
رأسـهُ كان يسكُن على الوسادة الناعـمة والتي كانت على حُجرها، شعرهُ يوخزُ بطنها بملامستهِ لها، بينمـا فروةُ رأسهِ الدافئـة تكفِي لتحرق أنامـلها وتجعلها تشتمُ نفسها لتهوّرها ، لمَ ناقضَت ذاتها فجـأةً وناقضَت حذرها وخوفها منه ما إن رأت ملامحـه المستوجعـة من الصداع الذي هجمَ على رأسـه؟
تنهّدت بصمتٍ متوترٍ وأنفاسـها تخرجُ من رئتيها مرتعشـةً باضطراب، بينمـا كان سلطان ساكنًا أسفل يديها بجمـود، انبثقَ صوتهُ فجأةً ليجعل رعشـة جسدها تتضاعـف : وش فيها يدينك ترتعش؟ ما آكل تطمّني.
عضّت طرفَ شفتها السُفلى وهي تحاول أن تُخفي رعشة يديها وجسدها كلّه، ليردفَ هو بسخرية : وبعدين ترى سبق وقلت لك لو آكل بشر بختار صنف ماهو نجـس يعني وضعك بالسليـم.
تحشـرجت أنفاسها لتخرجَ بعلوّ صدرها الذي ارتفـع لأقصـى قمّة الاهـانة التي يمارسها عليها، وبنبرةٍ مرتعشـةٍ خافتـة : بطّل تهينني بهالشكل!
رفعَ إحدى حاجبيه وهو يفتحُ عينيه لينظر نحو وجهها مباشرةً بحدة : عندك مانع لا سمح الله!
غزل بخوفٍ وهي تصدّ برأسها جانبًا حتى تهربَ من نظراته : عمري ما سمحت لأحد يهينني وأسكت! ما أضمن لساني وأنت أدرى وش لساني.
سلطان باستخفـاف : والله عاد لسانك لو تجرأ علي ما بتشكرينه وقتها على دفاعه . . الا قوليلي أبُوك كان يهينك بعد، كنتِ تردين؟
غزل برعشـةِ ضعف : ما كنت أتجرأ.
سلطان ببرود : ليه؟
غزل باضطهـاد : كنت أخـاف منه.
سلطان يبتسمُ بسخرية : أجـل لازم تخافين مني أضعاف خوفك منه.
أغمضَت عينيها بأسـى وأصابعها تتشنّج رغمًا عنها على رأسه، ضغطَت عليه بقوّةٍ دونَ شعورٍ منها وهي تقـاوم جسدها الذي كـان يرتعشُ بوجعٍ مُوهِنٍ لذاتـه، وكـان ضغطها ذاك كـافيًا حتى يجعل سلطـان يغمض عينيه ويبتلع المرارةَ التي سكَنت حُنجرته . . والكلمـات تراقصَت في صدره برسـالةٍ واحـدة، برسـالةٍ كـانت تشدُّ رحـالها للأبِ الموؤد، للأبِ الذي وأدَ سلطـان معـه " أبشـرك ، قاعد أخسـر نفسي ".
زمّ شفتيه قبل أن يستنشق الأكسجـين بقوّةٍ ويهتفَ بعد أن غسـل نبرتهُ من وجعها : وش كانت تبي أمّك.
ارتخَت أصابعها بين خصلاتِ شعرهِ الناعمـة لتعُود لتدليكها الرقيقِ وهي لا تزال تصدّ عن وجهه ظنًا منها أنّه ينظر إليها حتى الآن، وبغصّة : ولا شيء ، تقول بس تبي تزورني.
سلطان يفتحُ عينيه لينظر نحوها بهدوء : طيب ناظريني.
غزل : مرتـاحة كذا.
شهقَت حين شعرت بيدهِ خلفَ عنقها، أخفضَ وجهها إلى وجههِ بقوّةٍ لتشدّ شعرهُ دونَ شعورٍ منها بذعر، بينما ابتسمَ هو بتسليةٍ ليهتف بنبرةٍ مستخفّة : إذا قلتلك شيء سويه، اتركي عنك العنـاد.
غزل تشدّ على شعرهِ أكثر بذعرٍ وشفتيها تكادُ تلامسُ شعيراتِ ذقنه، شدّها إليهِ أكثر لتشهقَ مرةً أخرى وهي تشعر بشفتيها قد وُخِزت من شعيراتِه حين التصقَتا بذقنه، في حينِ كـانت شفاههُ قد لامست بشرةَ ذقنها الناعمـة وابتسامتهُ تضيقُ بينما صوتهُ يخرج إليها هامسًا بحدة ليحرقها بأنفاسه : اتركي شعري قطعتيه.
شدّت عليه أكثر وقد فقدت شعورها بأصابعها المذعورة، وبرعشـة : ا ا ترر كني
سلطان : بالأول اتركي شعري.
غرل بنبرةٍ باكيـة وهي لا تشعر بكلماتها : طيب أنت اتركني أول.
سلطان بحدة : بعدك تعانديني؟ اتركي شعــري.
تركتهُ ببطءٍ وأصابعها ترتعشُ باضطـرابٍ من قُربه هذا وكفه التي تحرقُ عنقها عوضًا عن أنفاسه التي تكـاد تسلخُ جلدها الرقيق، حاولَت أن ترفعَ وجهها بعد أن تركت شعره وهي تهتفُ ببحّةٍ باكيـة : خلاص خليته اتركني.
لم يتركها بل قبّل ذقنهـا برقّةٍ ومن ثمّ انخفضَت شفاههُ قليلًا لتفقدَ هيَ باقِي طاقتـها في عدمِ البكـاءِ ما إن شعرت بقبلتهِ التي استهدفَت شفتيها بعد ذقنها، أنّت وهي تُغمض عينيها اللتين نزفتـا بملوحةِ دمعها بينما كفّه كانت تشدّها إليه أكثـر، هل ينتقـمُ منها بهذا الشكل؟ ألا يدري أنّ هذا الانتقـام أكثر ما يرعبها؟ ليضـرب، ليقسو بكلماتِه، ليُهينها ، لكنْ لا تريده أن يقبّلها ويقترب منها بهذا الشكل!!!
وضعَت كفيها على السرير حولهُ تحاول رفعَ نفسها بقوّةٍ عنـه لكنّها كانت ضعيفةً أمـام كفّه الوحيـدة والتي ارتفعَت أختها لتلامسَ وجنتها البـاردة وتداعبـها بأناملها بعبث.
كـان صوتُ بكائِها يزيد في غضبـه، يزيدُ في رغبتهِ بمعاقبـة ذاتِه قبلها، في اقترابـه منها والذي لم يكُن يريده سابقًا، كـان يعارض كلّ أهـوائه لأنّها بريئة ، لا يريد استغلالها وهي لا ذنـب لها ، لكن كـان لهـا الذنب ، وكـان عقابها أن تُصبح مقيّدةً بـه ، رغمًا عنها وإلى الأبــد !! كيف خدعتهُ وصدّق براءتها؟! فـرّغ كلّ غضبـه من سلمـان ومنها في تلك القبلـة، ولم يبتعد عنها إلا حيـن طُرق البـاب فجأةً وكـانت سالِي التي أحضـرت قهوته، تراجَعت غـزل للخلفِ ببكـاءٍ وهي تنتفضُ وتمسحُ شفتيها بظاهِر كفها، انـزوَت على طرفِ السريرِ تكادُ تسقطُ منهُ وهي تضمّ ذاتها بذراعيها وتترك لصوتها الارتفـاع بأنيـنٍ واهِن.
في حين نهضَ سلطـان بجمودٍ ليتّجه نحوَ البـاب وهو يشتمُ نفسه داخـله، ما الذي يفعله؟ ما الذي يحدثُ لهُ ليترك لهذا البُكـاء أن يرضي قهره؟ ويرضى فعلًا لكنّه يغضب من نفسه هو !!
فتحَ البـاب ليأخذ صينية القهوةِ من سالي التي توتّرت لسماعها صوت بكـاء غزل، تحرّكت مبتعدةً بخطواتٍ واسعة وهي تعقدُ حاجبيها بشفقة، بينما استدار سلطان إلى غزل بحدةٍ ليصرخ فجأةً بغضب : انقلعـي اطلعي من الغـرفة لا أشوف وجهك قـدامي !!


،


يقـرأ من آيـاتِ اللهِ جـانب رأسها، بصوتٍ خاشـع، وحُبٍّ خـاشعٍ لهاتينِ العينينِ المُغمضتين، نظـر لوجهها الشاحـبِ وهو يبتسمُ بحنـان، ومن ثمّ عـاد ليُكمل قراءتهُ بصوتٍ يرتّل بخفُوت : ( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيد )

فستـان أبيـض ، وغضب ، قهـر ، حقدٌ وكـره ، وحبٌّ مكسُورُ الجنـاحينِ بسيفِ غـدر ...
هذهِ الليلـة ليلتنـا كمـا قال، كـانت ليلةً سوداء ، تخـرجُ غاضبـةً لا تُريد الركوبَ معـه، تعانـدهُ بكلماتِها ، يغضب! ينظُر لها بحنق ... صراخ! " انــتــــبــــه "!! .. كـانت الشاحنـة هي المتهورة، السائـرةُ في غيرِ وجهتها ، لكنّه بالمقابـل لم يكُن منتبهًا لتهوّر قائد الشاحنـة أمـامه بشكلٍ معاكـس . . أدارَ السيـارةَ يسـارًا محاولًا تفاديها ، لكنّها اصتدمَت بهمـا مع صرخـتها ، تـلاشت الصرخـة ، وحلّ الأنين ... مؤلم! مؤلـم .. ليلـةٌ ألـم، لم تكُن ليلتنـا، لم تكُن ، أوجعهـا غدره ، ومن ثمّ أوجعتها جسديًا هذهِ الليلـة .. لم يُكتبـا لبعضهما! هكذا تقُول الأقـدار، لم تكُن لتفرح أبدًا ولو اكتمَلت الليلة دونَ ذلك الحـادث، ولم يكُن ليفرحَ هو بسبب ما حدث! .. هل ظنّ أنـه سيمتلكها تلك الليلة؟ كـانت لترفضـه! لكنّه كـان يستطِيع إضعـافها ، لربّما كان سيهزمها ، لكنّه لم يكُن ليستطِيع هزيمـة القدر! لم نُكتَب لبعضنـا ، لم نُكتَب لبعضنــا !!
شهقَت شهقـةً خافتـةً واهنـة وهي تفتحُ عينيها ، لم تُسمع شهقتها ليُوسف ، كـانت خافتة! لا تكـاد خُلقَت، واندفَن حسّها بقراءةِ يوسف ، عينيـها غائمتـان، لا ترى أمامها سوى الضبـاب، حلقـها جافْ، جسدها مخدّرٌ لا تشعُر به، فغَرت فمها بضعفٍ قيدَ أنملـة ، تريد أن تنـادي والدها، هو الوحيد الذي تحتاجه، تريده جانبها ، تريده مهما أوجـعها، مهما آلمها وخلقَ الدمعَ في عينيها، تريدُ والدها!! أيــن هو!!!
لم تستطِع مناداته، كـان حلقها جافًّا، لم يُساندها .. وارتفعَ صوتُ أنينٍ فقط، فقطْ أنينُها مـا استـطاع اثبـات صحوتها ، أنينها فقط من خلـق شهقةً أخـرى خرجت من حنجـرة يوسف . .

.

.

.

انــتــهــى

موعدنا القادم خلال يومين ، ليل الاثنين بإذن الله ..
البارت أرهقني رغم قصره أعتقد المشاعر فيه صاخبـة . .
+ الجزء الثاني تأخر نص ساعة تقريبًا لأني اضطريت أطلع طلعة سريعة من البيت وما كنت أقدر أأخرها ، عُذرًا ()



ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 20-03-16, 05:14 PM   المشاركة رقم: 735
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,029
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 01:55 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية