كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
،
دخَلت للجنـاح وهو كان متأخّرًا خلفها بعد أن ذهبَ يتفقّد امه إن كانت نائمةً أمْ لا كما كانت قبل أن يذهبَ إليها، في حين كانت هي قد بدّلت حقيبتها الصغيرة بأخرى كبيرة حين كانت في منزل أمها، بدلتها فقط كي تسِع ما أخذته من هنـاك.
ابتسمَت بخجلٍ وهي تعلّق عباءتها وتضع الحقيبة على السرير بحرص، ومن ثمّ ذهبَت للخزانة حتى تخرج قميصَ نومٍ أبيض، دخَلت للحمـام بعجلٍ لتبدّل ملابسها سريعًا دونَ أن تستحمّ ومن ثمّ خرجَت وهي تربطُ الروبَ الطويل عليها، كان حينها قد دخَل وتمدد على السريرِ بثوبِه دونَ أن يبدّله، يُمسك بهاتفهِ كي يضيع وقته حتى تخرج، وحين سمعَ صوتَ باب الحمام رفعَ وجههُ باستنكارٍ هاتفًا : غريبة طالعة بدري ، دايم تآخذين لك ساعة وأنتِ تتروشين.
ابتسمَت بحرَج : توني أنتبه إنّي أتأخر.
ابتسمَ في المقابل : تعالِي بس ما علينا من هالموضوع ، وش هيَ المفاجأة؟
أسيل تقتربُ من السرير حتى جلَست بجانبه مباشرةً وهي تُميل رأسها قليلًا وتلفظَ بمشاكسة : حزّر !
لوَى فمهُ بضجر : مو وقتك كافي إنّك خليتيني أحترق بفضولي أوّل.
ضحكت : خلّك ثقيل شوي اترك عنك هالحركات.
شاهين : تمــااام بردّها لك بس خليني الحين أعرف وش وراك .. قرّبي طيب؟
أسيل تضعُ سبابتها على شفتيها : ممم شيء أكيد إنك منتظره من زمـان.
شاهين يعقد حاجبيه قليلًا : هو حلو؟
أسيل : هههههههههههه يعني بيكون شين وأخليه مفاجئة؟
شاهين باستغراب : وش الشيء اللي انتظره؟ * قطّب جبينه وهو يفكّر بعمقٍ قبل أن ترتخي ملامحه فجأةً ويهتفَ ببهوت * لا تقولين حامـل؟!
أجفَلتْ ملامحها وعلَت الصدمة عينيها من تلكَ الفكـرة، نبضَ قلبها وازدردَت ريقها وهي تُشتت عينيها ورعشةٌ سرَت في أطرافها ، وفي لحظـةٍ خاطفـةٍ تزاحمَت الأفكـار في رأسها ، كيف لم تضع ذلك في عقلها؟ كيف لم تفكّر أنهـا قد تحملُ في رحمها ابنًا لشاهين! ليسَ لمتعب ، بل لشاهيـن !! وكـأنّ علاقةً كهذهِ لم تكن لتتوّج قط بابن! ما الذي تفكّر به؟ ماهذه الغصّة التي تزاحمَت في حلقـها؟ ما هذا الجنُون الذي تفكّر به؟ الدونيَة! شتت عينيها المصدومتيْن في كلّ الجهـات عدا شاهِين ، خافَت في تلك اللحظـة أن يقرأ أفكـارها، أن يكتشف حقارةَ ما طرأ في عقلها، أن تجرحهُ بعدمِ التجـاوز هذا والذي وصَل حدّ أن يؤذِيـه !
في حينِ كان شاهِين قد مدّ كفيْه ليضعهما على كتفيها ويلفظَ بصوتٍ حملَ الكثير من الأمـل : قولي إنّك حامِل!
ابتلعَت ريقها مرةً أخرى وهذه المرة بصعوبةٍ أكبر، أخفضَت رأسها قليلًا وهي تهزّ رأسها بالنفي، تنفضُ مع تلكَ الهزّةِ خوفها من تلك الفكـرة ، رفضها! رفضها الموجِع لهُ إن علِم، بينما زفَر شاهين بأسى وهو يبتسم : ما عليه تونا بدرِي على العيـال والشقى . . وش المفاجأة الحلوة أجل؟
رفعَت رأسهـا بصعوبةٍ إليه وأعاصيـرٌ تقتلعُ هدوءَ صدرها الذي أنّ بعنفِ نبضاتها، وبنبرةٍ باهتـةٍ ترتعِش : صور .. زواجنـا . .
شاهين يعقدُ حاجبيه قليلًا قبل أن يتأوّه بخفوتٍ ومن ثمّ يبتسم : اووووه نسيتها ..
مررت لسانها على شفتيها لترفعَ كفها وتضعها على جانبِ رأسها الأيمن ناطقةً بوهن : قلت للمصورة ترسلها لأمي ووصلت من فترة طويلة بس نسيتها .. وتوّي اليوم تذكرتها.
ابتعدَت عنه قليلًا لتمدّ يدها نحوَ الحقيبةِ الكبيرة التي احتوتْها ، أخرجتها أمام عينيه وهي تبتسمُ باهتزازٍ محاولـةً طردَ ما قالَ قبل لحظاتٍ من عقلها حتى لا يشعر : ما فتحتها في بيت اهلي ، حبيت نشوفها مع بعض.
لازالَ يذكـر ، حتى هي! كيف أنّ ذاك اليوم كـان نقطةً سوداء أكثر مما هو أبيـض، كـان يومًا تحشرجَ بمشاعرَ مضطربـة ، لازالا يذكران ، كيف أن تلكَ الصورَ كـانت زائفة ، ابتسامتها ، وابتسامته! بل أنّ ابتسامتهُ كانت صادقةً حتى مع غضبِه وقهرهِ منها يومذاك ، حتى مع كلماتِه القاسيـة التي كـان يلقيها عليها وتصمتَ هيَ بذنبْ.
اقتربَت منهُ لتجلس بجانبهِ مباشرةً في حين أشـاح نظراته عنها بعد أن كـان يُتابعها بصمت ، لم يكُن متلهفًا للصورِ في الحقيقة، أبدًا! فهوَ الآن سيَرى نظراتها الحزينة ، ابتسامةً كاذبـةً على شفتيها ، سيرَى الرفضَ الذي كـانت تغرسهُ بخنجرٍ مسمومٍ في صدرِه . . لم يكُن يريدُ رؤيـة كلّ هذا!!
فتحَت أولَ صورةٍ لتنكشِفَ ملامحهما، لتتكررَ تلكَ الليلة التي رفضَت فيها أن يزفّ إليها، اصتدمَت عينـاه بملامِحه، كـان بالرغم من غضبِه يبتسم بصِدق ، يُحيط خصرها النحيلَ ورأسها يلامسُ صدره . . انحدَرت حدقتـاه إلى ملامحها، ليرى بسمةً رقيقةً من يراها يقرأ فيها سعادة عروسٍ خجول، لكنّه هو، لم يكُن ليرى إلا الحقيقة! لم يكُن ليرى الا الزِيف الواضح لعينيه في تلك الابتسامة والمتخفّي عن النـاس.
كـانت تثرثرُ على أسماعِه بأحادِيث قليلة، خجولة، لكنّهُ لم يكُن ليسمعها الآن وصوتُ عينيها من الصورةِ يُحادِثه، لم يكُن يسمعُ سوى صوتِ الرفضِ من الصورة، صوتِ النفور الذي أخبرته بكلّ وضوحٍ قبل تلك الليلـة به، ليسَ فقط قبل تلك الليلة ، بل منذ تمّ عقدَ قرآنِهما واتّصلت بهِ أوّل مرةٍ تخبره أنّها لا تريده!!
قلَبت الصورةَ لأخـرى، لوضعيّةٍ أخـرى ، شفاهه تلامسُ رأسها، عينيها للأسفَل حزينة، من يراها يظنُّ فيها الخجـل! لكنّها حزينة ، تعزفُ نوتاتٍ من أبجديّةِ البيانُو الجريح.
زمّ شفتيهِ وهو يشعرُ بصدرِه ينفعل رغمًا عنه ، كـان قد قرر نسيـان كلّ شيء، فلمَ تأتِي وتُذكّره؟ قـال لها بأنّهما سيبدآن صفحةً جديدة، سينسَى كلّ شيء، فلمَ تأتِي الآن وتذكّره؟ تجعل ظنونًا كثيرةً تشيجُ في صدره، هل لازالت ترفضه؟ هل بقيَ فيها ولو - سُدس - رفض؟ كـان ذلك السؤال قد غـاب عن عقلهِ كليًا، أو أنّه تجـاهله، تجاهلهُ ليعيشَ معها بذاتِ سعادتِه!
كادَت تقلبُ الصورة لأخرى في اللحظة التي انحدَرت فيها عيناهُ لكفّها، انتفضَت فجأةً حينَ شعرَت بكفّه تمسك كفها كي يمنعها، وصوتُه انبعثَ إليها باردًا جامدًا يحمل الكثير من الغيظِ المكبُوت : خـلاص ، أبي أنـام ما ودي أشوف شيء ثانِي.
رفعَت عينيها إليهِ باستنكارٍ وهيَ تقطّب جبينها، حينها قرأت في عينيه غضبًا يحاولُ اسكانهُ في صدرهِ كي لا يظهر أمـامها، ابتلعت ريقها باضطرابٍ لتهمسَ بقلق : وش فيه؟
شاهين بجمود : ولا شيء .. تعبان وأبي أنـام بس ، الصور أقدر أشوفها بأي وقت!
هزّت رأسها وهي تُغلقُ المغلّف بانكسـارٍ واضِح، ابتعدَت عنه وهي تتناولُ حقيبتها لتتّجه نحو التسريحة وتضعَ المغلّف عليها، في حين علّقت حقيبتها جانبًا بينمـا تمدد هو وتلحّف بمفرشِ السرير بصمتٍ بعد أن خلعَ ثوبَه وبقيَ بملابسهِ الداخلية ، اتّجهت نحوَ مفاتيح التحكمِ بإضاءة الغرفة لتُغلقها ويحلّ الظـلام الذي أخفَى ملامحهُ القاسيـة، ما الذي حدثَ لهُ فجـأةً ليغضب؟ كـان يضحك معها قبل قليل!! . . قطّبت جبينها وهي تخطُو نحوَ السرير لتجلسَ بجانبه، رفعَت المفرشَ ومن ثمّ تمددت موازيةً لعُ تسكُن بينهما مسافةً تكفِي لتشعر بدفء جسده، راقبَت ظهرهُ المُدارَ إليها بصمت، واقتربَت منه بتلقائيةٍ أخيرًا لتضعَ كفّها على كتفهِ هامسةً بتساؤل : شاهين أنا مسوّية شيء غلط؟
استدارَ إليها ما إن شعرَ بأنفاسها تلامسُ عنقه بدفئها، أحاطَ خصرها بذراعهِ ليقرّبها منهُ ويدفنها في صدرهِ هامسًا : لا ، ما سويتي شيء .. نامِي الحين وإذا عندك أي شيء خليه لبكرا وراي دوام.
،
الثامنـةُ صباحًا . .
يجلسُ خلفَ مكتبهِ بملامحَ مرهقةٍ بعدَ تأخّره في النومِ البـارحة، يقلّب ملفًا بينَ كفيْه دون تركيزٍ وهو يقطّب جبينه من الصداعِ الذي يكادُ يفتكُ برأسِه . . مدّ يدهُ نحو هاتفِ مكتبهِ ليرفعهُ ويطلبَ لهُ قهوةً حتى يستطيع التركيز قليلًا، وما إن أغلقَ حتى عـاد الهاتف ليرن .. رفعهُ بتلقائيةٍ كي يجيئهُ صوت سكرتيره من الجهة الأخـرى : معليش طال عمرك حبيت أبلّغك إن سعد اليوم موجود بالدوام.
عقدَ حاجبيهِ قليلًا ليلوِي فمهُ ويهتف بسخرية : أخيرًا .. ما بغى يجي والله ويشرّفنا بوجهه الحلو ... ارسله لي الحين.
السكرتير : حـاضر طال عمرك.
أغلقَ ليمرر كفيه على رأسهِ بمزاجٍ سيءٍ قد يصبّه الآن على سعد، كـان قد غادرَ صباحًا حتى دونَ أن يلتقِي بغزل خوفًا من أن ينحدرَ هذا المزاجُ عليها ويفرّغه فيها ، والآن تضاعفَ سوءُ مزاجهِ حين علمَ بوجودِ سعد.
مرّت عشرُ دقائِق قبل أن يُطرَق بابه الذي كـان سعد خلفه ينظُر للسكرتيرِ بصمتٍ مُدقّق ، لم يعُد نفسه! كـان قد سمعَ قبلًا أن السكرتير السابقَ توفِي في حادِث سيّارة ، أليسَ هو ذاته من ساعدهُ هو وإبراهيم مرةً كي يقتحما مكتبَ سلطان؟ .. لم يشعر الآن أنّ لابراهيم يدًا في موتِه حتى يطمئن لعدمِ اكتشاف سلطان لهما إن استيقظَ ضميره؟
سمعَ صوت سلطان يأذن لهُ بالدخـول، فتحَ الباب ليدخل ويلقي السلام على سلطان الذي ردّه، وقفَ أمام مكتبه وهو يهتف بهدوء : سم أستاذ سلطان.
سلطان بسخرية : أبد طال عمرك وش اللي مخليك تتنازل اليوم وتشرفنا؟
سعد بهدوء : عارف إنّي انقطعت عن الدوام فترة طويلة . .
سلطان يقاطعه بحدة : فيك الخير وأنت عارف .. ممكن تفسّر لي سبب هالغياب ولو إنّ أي عذر ما يغفر لك؟
سعد الذي كـان قد جهّز عذره قبلًا : امي كـانت تعبانة من فترة وزاد عليها التعب وبسبب هالشيء أخذناها على المستشفى وجلست مرافق لها . .
عقد سلطان حاجبيه وقد هدأ غضبه فجأة ليهتف بنبرةٍ ذهبت عنها الحدة : افا ! سلامتها ما تشوف شر ، وش فيها الله يطول بعمرها؟
سعد : كـانت تشتكي من قلبها وتطوّر الوضع وجتها ذبحة بس كانت هيّنة ولحقنا عليها.
سلطان : لا حول ولا قوّة الا بالله سلامتها ما تشوف شر.
سعد وهو يشعر بالذنب لكذبِه الذي ارتبطَ بأمه وفي صدرهِ يدعو الله أن يحفظها لهُ ولا يصيبها شيء : الله يسلمك الشر ما يجيك ..
سلطان : خلاص معذور يا سعد وإذا بغيت إجـازة أكثر من كذا أو مساعدة مني أبشر.
سعد وضميرهُ يلتوي بذنب : ما تقصر.
سلطان : تقدر تتفضل لشغلك الحين والله يحفظ لك الوالدة ولا يوريك فيها شر.
،
كانت تجلسُ في المقعدِ الذي بجانبِه، تركَت دوامها للجامعة اليوم كمـا تركَ هوَ عمله حتى ينتهوا من كلِّ شيءٍ اليـوم .. بعدَ قليلٍ ستـراه ، سترى من يُسمّى والدها! . . شعرَت بحنجرتها تضيقُ بما يُسمّى - غصّة -، لو أنّ الأمـر بيدها لما رضيَت بما سيحدث! لكنّها حينَ فكّرت ليلًا بكل شيءٍ اقتنعَت أنّ هذا هو البديهيّ، أن تعودَ لهويّتها الحقيقيّة التي لم تُرِدها، وبالرغم من أنّ كل شيءٍ شائك وصعب كما قال لها عبدالله ، تحديدًا من جهةِ دور الأيتـام، فليسَ سهلًا أن ينسحب اسمها فجأةً بعد أن يتمّ نسبها لوالدها الحقيقي، كـان لابدّ من إجـراءاتٍ كثيرةٍ قبلًا، لكنّ - والدها - يستطيع أن يتخطّى كل ذلك بعلاقاتِه وتعاملاتِه.
ابتسمَت بسخرية ، من هو والدها هذا؟ يبدو من كل هذا الحديث أنّه رجلٌ معروفٌ ولهُ نفوذٌ كبيـرة . . لا تريد أن تراه! بحجمِ ما أرادَت قبلًا أن ترى من ظنّته والدها وجهًا لوجه هاهيَ الآن تنفُر من تلكَ الرؤيـة.
استدارَت إلى عبدالله حين جاءَت صورة أدهم لمخيّلتها ما إن طرأ في عقلها - من ظنّته والدها -، والد أدهم! . . وبتلقائيةٍ لفظَت بصوتٍ جـاف : يبه . .
ابتسمَ وهو يُدير رأسهُ إليه بسرعةٍ خاطفة ومن ثمّ ينظُر نحو الطريق : عيوني.
إلين تبتسم ببهوتٍ رغمًا عنها : تسلملي عيُونك . . * أردفت بصوتٍ مُمتلئٍ بالازدراء * ليه ما تتّصل بأدهم وتخلينا ننتهي من موضوعين بنفس اليوم؟! قلتلي إن هالزواج مثبّت في المحكة صح؟ خلنا أجل نتصرف اليوم وننتهي منه وبهالطريقة يطلع أدهم من حياتِي مثل ما دخلها غصب عني.
صمتَ عبدالله لوقتٍ وهو ينظُر للطريقِ وكأنّه يفكّر بذلك، تعمّق تفكيرهُ ولم يردّ عليها بينما بقيَت هي تنظُر نحوهُ بتركيزٍ تنتظرُ حركتـه التاليـة والتي لم تكُن إلا أن رفعَ هاتفـه حتى يتّصـل به . . بأدهم!
،
يعمـل برتابـةِ عملهِ المُعتـادة/المُملـة! لم يؤمن يومًا بأنّه صبورٌ إلا حيـنَ أصبَح عملهُ هنـا، يجبره هذا العمل أن يتعامـل مع فئـآتٍ كثيرةٍ من النـاس، وكم من مرّةٍ قابـل رجلًا عديم أخلاقٍ وصبر على عدمِ صبرِه وكلمـاته وهو يقـاوم رغبتهُ في تحطيمِ فكّه، لم يعتَد يومًا أن يتجاهل الإسـاءة، لكنّ عمله كـان يجبره، وهذا يدفعه ليستنكر سبب عدم موتِه من ارتفـاعِ ضغطِه لأنّه كبَت رغبةً في الضرب!
أنهَى معاملاتِ أحدِ العُملاء وما إن انتهَى حتى اهتزّت الطـاولة برنين هاتفه الذي أخرسَه حتى لا يُكشف، فكم من مرّةٍ وقعَ في مشاكلَ مع مديره لأنّه يترك عمله ويُحادثُ في هاتفه.
تنـاول الهاتفَ وهو يتذمّر بحلطمـة، بينما نظر لهُ زميله بقلقٍ وهو يهتف : يا حبّك للهواشات من صباح الله . . مستحيل تمشي على القوانين أنت؟
لم يردّ عليه أدهم وهو ينظُر لشـاشةِ هاتفهِ ببهوتٍ من الرقمِ الذي لم يكُن سوى رقم عبدالله ، لمَ قد يتّصل بهِ في هذا الوقتِ من الصبــاح؟
ردّ بتلقائيةٍ ليضعَ الهاتفَ على أذنه ويهتفَ بصوتٍ مستنكر : نعم . .
عبدالله بهدوءٍ ودونَ مقدّمـات : أبي أشوفك خلال سـاعتين عند المحكـمة عشـان نخلص من زواجك بإلين ...
،
نظرَ لهُ بوجومٍ وملامحَ متضايقـة قبل أن يهتفَ بحدة : ياخِي أنت بتورّطني على بالك أنا واسطة عندك بهالمستشفى؟
فواز برجـاء : ياسر واللي يعافيك بقدر أتحرك شوي بس جيب لي كرسي متحرك وخلّى ممرضة تساعدني وكثر الله خيرك.
ياسر برفض : ياخي جسمك ماهو متحمّل حركة كثيرة خاف الله في نفسك!
فواز بإصرار : ما عليك أنا بخير ، وإذا شفتها بطيب أكثر بس تعاون معاي.
ياسر بحنق : وش المكافأة اللي بتدفعني لهالشيء؟
فواز بابتسامة : الدم كافِي اترك عنّك الطمع!
خرجَ ياسر بغضبٍ وهو يتمتمُ بحدة : يا صبر أيوب.
ضحكَ فوّاز وهو يدرك أنّه بخروجهِ هكذا غاضبًا قد وافقَ على مضض، سيـراها الآن ويكحّل عينيه المتصحّرتين بها، ببياضِها الذي سيكُون شاحبًا الآن ، سيرآها أخيرًا! كيف يقولون لهُ بأن يتركها وهو الذي يحترق الآن لـ - لمحة -؟ يا جنونهم! يا جنُون ما يفكّرون بِه.
.
.
.
انــتــهــى
البـارت الجـاي راح يكون طويل جدًا جدًا وعن بارتين وبإذن الله يرويكم عن البارتز المتوسطة ، فيه أحداث وصدامات حلوة بتكون بين إلين وأدهم ()
ودمتم بخير / كَيــدْ !
|