كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
: كيف يعني؟ تبينا نقتله؟!!
ارتفعَت نظراتُ سالم ببطءٍ إلى سؤال إبراهيم المُستنكر، وابتسمَت شفاههُ ابتسامةً باردةً خبيثة وهو يهتف بشر : إذا اقتضى الموضوع أو نقُول على الأرجح أيه!
تابعَ بعينين مستمتعتين ردّة فعلِ سعد الذي عقدَ حاجبيه وعضَّ شفتهُ السُفلى بغضبٍ يسطُع من عينيه ونفور واضح، اتّسعت ابتسامتهُ أكثر ومن ثمَّ اتّكأ على الطاولةِ التي تفصلهُ عنهما، ليُردفَ بهدوءٍ باسِم : للحين ما ندري هو عنده خبر بالمصيبة اللي عنده ويتصنّع إنه ما يدري أو هو فعلًا ما يدري! بس الوقايـة خيرٌ من ألفِ علاج أبوه فهد كان لفتـرة طويلة ظاهر للكـل بوجه البريء وهو يشتغل من ورى الكل بمعاونـة سلك المباحث ضدنا، لين ما حصـل على ملفّات تخص مشاريع وصفقات كثيرة ودليل قاطع على أسمـاء بارزة ومعروفة بتخلينا كلنا نروح وطي ، وقبل 15 سنة قدر عضو منا وهو قريب منه ينهي حيـاته ويآخذ كل الأدلـة اللي عنده بس بقى دليل واحد! دليل واحد هو اللي للحين ضايع
عقدَ سعد حاجبيه بشدةٍ بينما شردَ إبراهيم في المعلومات التي يتلقاها وصمت، في حينِ كانت يدا سعد قد بدأتا بالانتفاضِ بحنقٍ وانفعـال، ما معنى كل هذا؟ لمَ يسردُ لهما تفاصيل لا تعنيهما فعليًا؟ هل هو غبي؟ هل هو ساذجٌ ليصدّقَ أن بعد كل ذلكَ سينجو؟ .. هل يتوقّع منه القتلَ أساسًا؟؟؟
نظرَ لسالم بحقدٍ عميقٍ والآخر يبتسم ببساطةٍ وينظرُ لهُ بتحدي، ارتفعَ جسدُ سالم الذي كان واقفًا ويتكئ على الطاولـةِ بكفه، ليُردفَ بابتسامةٍ باردة : عندك شيء تقوله استاذ سعد؟
لوَى سعد فمهُ وابتسمَ ابتسامةً ضيّقة وهو يرفعُ حاجبًا : أبد أستاذ سالم ، أنت بس تبينا نجيب هالدليل وننهي سلطان من الوجود صح؟
سالم بابتسامةٍ باردةٍ يومئ برأسه : صح ، ولو اكتشفت انك لاعب بذيلك!
قاطعهُ سعد ببسمةٍ حاقدة : قصّه
سالم : لااا! القص شيء بسيط عندي ، وأنت فاهم مقصدي
رمقهُ بكرهٍ ثمَّ صدّ عنه، حينها ضحكَ ضحكةً خافتـة ومن ثمَّ استدارَ عنهما موليًا ظهرهُ إليهما ليهتفَ بحزم : عندكم فرصـة ووقت طويل ، وأعتقد تملكون مهارة كافية بتزداد مع بعض التمارين وبتقدرون تجيبون لنـا الملف ، ( ملف الرازن ).
خرجْ، وانقشعَ الصوتُ الكريهُ بين ذبذباتِ أنفاسهما، زفرَ إبرهيم أنفاسهُ وأعـاد ظهرهُ للخلفِ حتى يسندهُ على الأريكةِ المزدوجة، وبجانبهِ زمّ سعد شفاههُ وهو يقبضُ قبضتيه فوق فخذيه، ينظرُ للأرضُ بقهرٍ يسعُ كل مصائبِ الأرضِ وينضح. لفظَ بجانبه إبراهيم : وش اللي بدّل رأيك؟
أدار سعد رأسهُ إليه بنظراتٍ باردة ورمقهُ بحقد : في أيش؟
إبراهيم ينظُر إليه بهدوءٍ وذراعيه تفترشانِ ظهرَ الأريكةِ من خلفه : ما كنت تبي تتعاون معاهم!
سعد وشفاههُ ترسم شبحَ ابتسامة : مجبور طال عمرك مجبور
إبراهيم بجمود : بتقتله؟
سند يرفعُ إحدى حاجبيه : وأنت بتقتله؟
إبراهيم ينظُر للأمـامِ بشرودٍ وكفّهُ ترتفعُ لتعانقَ وجنةً رُسمَ عليها جرحٌ يُضيفُ إلى ملامحهِ قسوةً وحدةً كمـا سالم، وبنبرةٍ كارهـةً لكل من يُسمى - سلطان -، : ما يهمني إذا بيموت أو لا ، يهمني أولًا أكسره، أحطمه، أخليه هو والتراب واحد ، يهمني أكسر هالثقة اللي يشيلها على أكتافه وأسكن حزن بصدره يكفيه عن الموت!!
سند ببرودٍ وهو يدرك جيدًا حقده الكبير تجاه سلطان : ما يهمك اذا يموت على يدك أو لا؟
إبراهيم بثقة : لا !
،
محـاولةُ النومِ باءت بالفشـل، هاهـيَ الآن تنزلُ للأسفـلِ وهنـاك ذنبٌ عالقّ في جُحرها، ذنبٌ وخجلٌ يعتري صدرها بعد الذي فعلتهُ البـارحـة في الغداء تجـاه ام سيف، لم تستوعِب نفسها إلا بعد ساعـات، لم تتغيّر! سوى أنّ الموجَ حين يكونُ هادئًا وتبدّلت الأجواء فجأةً سيُستثـار! سوى أن المدَّ يرتفعُ حين تتبدّلُ أوجه القمر، لم تتغيّر، سوى أن الضغوطـات حين تستمدُّ الطـاقةَ من " سيف " ستصيبُ هدفها لا محال.
بللت شفتيها بتوترٍ وهي تتجاوز آخر عتبـاتِ الدرج، في العشـاء البارحـة كانت تجلسُ معها دونَ أن ترفعَ وجهها إليها، تستمدُّ الاختبـاءَ من تواجد سيف معها، واليومَ أيضًا قامت بذات الشيءِ في الإفطـار، والآن! سيف غيرُ متواجد، والخادمـة أخبرتها أن الغداء جـاهز، وهاهي ستقعدُ معها بـ " سواد وجهها "!!!
فكّرت في أن تتراجع بعذر أنها لا تشتهي شيئًا، لكن صورتها ستُصبح أكثر سوءً بتركها تأكل غداءها وحدها . . تنهّدت باستسلامٍ وقررت أن تمضي قُدمًا، دخَلت إلى غرفة الطعامِ وألقت السلام بخفوتٍ حرِج وهي تنظر لخطوات قدميها لتردّ ام سيف السلام بخفوت. جلَست في مقعدها دونَ أن ترفعَ نظراتها إليها وتحاشى الحديثُ صوتيهما لتبدآ الأكـل بصمتٍ مُطبقٍ على الأفـواه. صمتٌ طـال بين كل لقمةٍ وأخرى، وبين كل عتابٍ وآخر في صدرِ ديمـا. يجبُ عليها أن تعتذر، يجب عليها أن تقُول شيئًا وتمحق خطأها السابـق، تنحنحَت ورفعَت رأسها إليها وهي تعضُّ زاويةَ شفتها السُفلى بصورةٍ غيرَ ملحوظة، في حين ارتفعَ رأسُ ام سيف في المقابل بعد نحنحتها، وبتوتر : خالتي
ام سيف بهدوء : سمي
ديما تزدردُ ريقها ومن ثمَّ تُبلل شفتيها وهي تضعُ الملعقةَ وتهمس بغصّة : أمس ، ما أدري ليش تصرّفت بهذاك الأسلوب! أنا آسفة !!
صمتت ام سيف لبُرهةٍ وملامحها اختزلَت الجمود، عقدتْ حاجبيها بعد ثوانٍ قصيرة وهي تضع الملعقةَ في المقابل وتلفظَ بهدوء : ما أخفي عليك إني تفاجئت منك ، أول مرة يكون فيها كلامك معي بهالشكل اللي صدمني!!
ارتعشَت شفتاها واحمرّت وجنتيها بحرجٍ وهي تُخفضُ رأسها، لتبتسمَ هيَ ابتسامةً خافتـة : بس مع كذا من داخلي كنت أبني لك مليون عذر وأقول نفسيتها وحامل ومضغوطة يمكن! مع إني مقتنعة إن الشخص لو حمل ضغوط الدنيا كلها على أكتافه ماله حق يفرّغها بشخص ثاني خصوصًا إذا كان أكبر منه وواجب عليه احترامه.
ديما بتبريرٍ كـاذبٍ بعض الشيء وهي تُريد معرفـة حقيقة إذا ما كان لها دخلٌ في قرار سيف بإرجاع بثينة إليه أم لا : أعتذر منك خالتي ، وكلامك على عيني وراسي وأنا مقتنعة بهالشيء ، بس غصب عني! غصب عني وأنا أفكر ومقهورة لأن سيف بيرجع زوجته الأولى .....
قاطعتها ام سيف بضيق : من حقه يا ديما من حقه! في النهايـة بثينة ام عياله ومهما كانت أخلاقها وتصرفاتها غير مقبولة بنظري إلا أنها ام زياد! . . ما أخفي عليك أنا لي يد بالموضوع ، أنا اللي أثرت هالفكرة براس سيف
انتفضَت أطرافها وخفقَت أهدابها وهي تقطّب جبينها وتنظر إليها بخيبةٍ عُظمى، تمامًا كما توقّعت، هي من استثارت تلكَ الفكرة! هي العميلـةُ لدى كلِّ الأطراف، ساعدتها أولًا لتحمل، والآن هي ضدّها! ضدها وتلومها ولا تلومها! . . عضّت شفتها بقوّةٍ كادت تدميها وأخفضت ملامحها عن نطـاقِ عينيها وهي تتنـاول الملعقةَ من جديدٍ تبتلعُ عبراتٍ تنحشرُ في حنحرتها الملكومـة، تلفظُ بصوتٍ واهنٍ خائب : ما ألومك ، هو ولدك وتبين له الراحـة واللي يسعده . . ما ألومك! هو ولدك، ولدك! وأنا أعرف وش عمق شعور الأم تجاه ولدها! أعرف . . أكثر من أي شخص ثاني!
،
( صباح الخير، كيفك؟ ما أعرف غير إني أدخل بالمواضيع مباشرة، مافيه أحلى من كذا ... بالمرة السابقة حاكيتك عن جزء كبير ومهم بحياة إلين . . أعتذر! جزء كبير ومهم بس ماهو الأهم. ما أدري كيف أوضح لك! بس عضلة لساني ماقدرت غير تهذر بالنص من اللي فات! ما أدري، بس اللي أعرفه إني ما عاد قدرت أكمل ... تكرهني؟ أدري بهالشيء، والود ودك ما عاد أنشاف بحياتك بس بقولك وبكل ثقة .. بتشوفني قدامك قد شعر راسك وأكثـر! وتراني واثق بكلامي.
عمومًا ، صبّحنا عليك قبل المسا، وحابب أقولك ودي أستفتح مساك بصوتي والموضوع المهم اللي يخص إلين، أعتذر! أسلوبي دفش شوي .. بس وش السواة؟
بتّصل عليك عالساعة 1 الظهر ، أتمنى ترد، لأن الموضوع يهمك أنت في المقـام الأول بما أنك بمقام أبوها .. مع السلامة )
تلك الرسـالة، وصلته في السـاعة الحاديةَ عشرة والنصف، والآن! أصبحت الساعة هي الواحدةُ إلا عشرًا أو أقل، هاهو يقرأها للمرة الخامسـةِ ربما أو أكثر! لا يُهم، قرأها عديدًا، وبتوجسٍ وربكة! ما الذي يخفيه ذلكَ الشـاب - الدميمُ خلقيًا -! هل بقيَ شيءٌ لم أعرفهُ وكما يقُول " الأهم "؟ وما المعنى من " بتشوفني قدامك قد شعر راسك "؟ هل ينقصهُ أيضًا أمـام هذا الكره المقيتِ له؟
عضَّ شفتهُ بحنقٍ وانسحبَ عن تلكَ الرسـالة، زفَر بتوترِ الدقائق الباقيـةِ قبل اتّصـاله، سيخرج من المنزل، سيُحادثهُ خارجًا! لا يدري لمَ! لكن التوجس الذي أصابه وحديثُ أدهم يخبره بأن الموضوعُ مُرهق، معقد، يتجاوزُ كل السابقِ وقد لا يمسك زمام أعصابه فيصرخَ شتمًا ولعنًا له!
تحرّك باتّجاه بابِ الغرفـةِ حتى يفتحهُ ويخرج، مُشتتٌ قليلًا بعدَ تلكَ الرسـالة، هل يتجاهلهُ ويغضُّ الطـرف عن مصيبةٍ قد تحل؟ هل يمضي جاهلًا؟ أفضلُ من صدمةٍ أخرى ستزيدُ من وجعه والثقلُ الذي على كتفيه؟ . . عقدَ حاجبيه، هو الذي لا يستطيعُ وضع عينيه في عيني إلين حتى الآن! لا يستطيع! يخاف أن تقرأ الحقيقةَ في عينيه وتنهـار، يخاف عليها من حقيقةٍ كهذه! فكيف إن حمِلَ مصيبةً أخرى واعترافًا آخر؟
عضَّ شفتهُ وأمضى بترددٍ قد يتراجعُ بعده! لكنَّ صوت هديل المنادي لاسمهِ من غرفة إلين التي تجاوزها ولم ينتبه لبابها المفتوح دفعهُ ليتراجعَ ويدخل، قطّب جبينه وهو يراها جالسةً فوقَ السرير تنفخُ فمها بقهر، بينما هديل تقف ويدها على ذقنها بينما ضحكةٌ تتراقصُ بين شفتيها لكنها تخنقها بصعوبة. لفظ باستنكـار : وش فيه؟
نظرت إليه هديل لتبتسم ابتسامةً كبيرة وتهتفَ بضحكة : أبد الله يسلمك بس نبيك تحكم بيننا بالعدل ، وهاه ترى ويلٌ لقاضي الأرض من قاضي السماء يا ويلك لو تظلم!
ابتسم بحيرة : طيب ، وش السالفة؟
هديل بمرح : أبد دخلت عليها وقريت سورة الناس بكل صوتي عندها وهي جتها سكتة مؤقتة من الصدمة
عبدالله : بسم الله عليها ، طيب وش السبب؟
هديل بضحكة : قراءتي لسورة الناس يعني اني ختمت القرآن وفزت عليها ، عاد شوف وضعية الصنم اللي أخذتها ، شوي وتبكي!
إلين بقهرٍ ترفعُ حاجبيها وتنفخ الهواءَ من فمها : الصنم ما يبكي
هديل تحرّك يدها في الهواء دونَ مبالاةٍ ونظراتها لم تتجه إليها بل معلقةٌ بوالدها : ما علينا .. المهم يا طويل العمر ، بعد ما شفتها تحنّطت قدامي من حرَّ الهزيمة ضحكت عليها وقلتلها أمزح ما بعد خلصت توني في الجزء 26 هاه هاه هاه! المهم اني قلتلها كذا وبدل ما تروح حالة التحنيط ذي توسّعت عيونها ونقزت لي تقول ضفدع وهي تنقنق كذابة ما قريتي! كذابة قاعدة تقرين بسرعة ، طبعًا نسلك لعقلها المضروب انه ما حدد قريت أو ما قريت! . . عمومًا احكم بالعدل أيها القاضي ترضى انها تقذف صِدق مُحصن بالكذب؟
رفعَ عبدالله حاجبيه بصمت، في حين ابتسمت هديل ببراءة وصدّت إلين تنظُر لخاتمٍ في اصبعها وتزفُر بحنق. هديل بابتسامة : هاه يا طويل العمر وش تقول؟
عبدالله يتحرّك خطواتٍ قصيرةً للخلفِ ليخرج في النهاية تحت أنطار هديل المذهولة من تجاهله وهو يهتف بحدةٍ تصل إليهم : الحين هذي سالفتكم اللي موقفيني عشانها؟ والله من كثر الفضاوة أقول روحي بس قابلي دروسك وافلحي بدل المناقر والكذب
اتّسعت عيناها وفغرت فمها في حين انفجَرت إلين ضاحكـة وصوتها ينبعثُ إليها بكلماتٍ مستفزة ساخرة لهديل التي نفخت فمها واتّجهت إليها لتنتشل وسادةً وتضربها بها، وكانت تلكَ الضحكـة الصاخبـة تصله! على بعد خطوات، تصله جيدًا، وتُصيب قلبهُ بانقباضاتٍ مستوجعة.
بعد دقائق.
توقّفت السيـارة على بُعدٍ يهربُ فيه من ذبذباتِ ضحكتها ذات الموجات الصوتية العاليـة! كانت الساعةُ حينها تشير للواحدةِ وخمسِ دقائق، لم يأتِ اتصال أدهم حتى الآن، حتى المواعيد لا يفقهُ الوفـاء بها!
زفَر بضيق، يتمنى لو يجدُ خصلةً واحدةً حسنَة تخصّه! وإن وجد! هل ستكون تلك الخصلة شفيعةً لخصاله السيئة والتي اندرجت منها قذارته حدَّ أنه خدعَ إلين ليستدرجها إليه؟ أي قبحٍ يحمله؟ وأي قلبٍ فاسدٍ يضخُّ دمهُ ذاك؟ دمهُ الذي يحملُ المعصيـة ولا يحملُ غفرانها!
سلاسُلُ تفكيرٍ لا تنقـطعُ بفعلِ الزمنِ أو ذاتِه، يتعمّقُ في محيطِ تلكَ الطفـلةِ التي قسَى عليها الزمنُ بما يكفي! ويخشى أن تسقط فجأةً وهي حتى الآن لم ترتفع كما يجب! لا زالتْ جافة، لم تلِن بعد، وريحٌ أخرى ستكسرها يا الله! ستكسرها.
قُطعَت تلكَ السلسلةُ برنينِ هاتفه، بلل شفاههُ قبل أن يرفعهُ وينظر لرقـمِ أدهم مطولًا ، مطولًا حتى بعد أن ردَّ عليه وبقيَ معلّقـًا بـ " ألو! ".
من الجهـةِ الأخرى . . كان قد عقَدَ حاجبيْه استنكارًا لعدمِ ردّهِ بالرغم من كونِ أنفاسهِ العنيفة تصلهُ جيدًا، شدَّ على الهاتفِ وهمسَ بحيرةٍ متوترة : ألو! موجود عالخط والا شلون؟
سمعَ تنهيدةً عميقةً خرجَت من أعمقِ منطقةٍ في بركـان مشاعرِه، تنهيدةً كانت حارة! حارقة . . قبل أن يهمسَ بصوتٍ جامدٍ يحملُ في طيّاتِه الحقد الكثير له : موجود . . وش عندك؟
أدهم يبتسم ابتسامةً أبعدَ ما تكون عن مكنونيتها : ليش منفّس طيب؟ عمري ما حاكيتك وكنت رايق!
عبدالله بسخرية : وعمري ما حاكيتك وحسيت إني أحكي مع إنسان مؤدب!
أدهم ببرود : افا! أنا قليل أدب؟
عبدالله بعنف : معدوم أدب إذا بنكون صريحين
ابتسم أدهم بسخريةٍ ومكيّفُ سيارته يشعر أنّ هواءهُ يختلطُ بحرارةِ الأجـواءِ ولا يُسعفه ليبرّد جسده المُشتعِل. لفظَ بخفُوت : واضح إني مرة طايح من عينك، ما فيه مجال نرتفع؟
عبدالله : ياليت! بس ما ظني فيه ، أنت اختزلت كل السلبيات فيك
أدهم بابتسامةٍ تلتوي سخريةً على نفسه : كل إنسان فيه السلبيات والإيجابيات
عبدالله : وأنا عمري ما سمعت عن مخلوق ما يملك إيجابية وحدة! وهالشيء وللعجَب كان فيك !
عضَّ شفته يكتمُ ضحكةً ساخرةً متأسيةً على تلكَ النظرةِ الفادحـة تجاهه، وبخفوتٍ يلملمُ خلفها خيبة : ما يغفر لي كوني علّمتك بالماضي؟
عبدالله : هذا بعيد عن كونه خطوة إيجابية منك ، هذا واجب فقط وأديته مُرغم! أعتقد لو بيدك كنت كمّلت على كذبتك لين ما تنهيها! يا الله وش كثر أنت إنسان ما تنوصف سيئاته.
أدهم : تكرهني؟
عبدالله بسخرية : بعيد الموضوع عن الكره ، مين أنت أصلًا عشان أكرهك؟ أنت نكرة مالك مكان !
أدهم دُون تردد : طيب لو بغيت أتقرّب من حضرتكم ونقتل هالكره بأني أتقدم لإلين وأسعدها؟
وقعَ طلبهُ كالصاعقة التي أصابت جسده وأحرقته، كموجٍ عاتِي تغلّب على مقاومتِه وأغرقـه .. اتّسعت عيناه بصدمةٍ ونفُور، وعقلهُ يُحاول تقليب ما قالَ على صفيحةِ الإستيعاب، يُريد أن يتزوجها؟ هل هذا ما قصدهُ بـ " أتقدم "؟ أم أن عقله استمعَ خطأً لحديثٍ لم يُقال، لحديثٍ يُدرك أنه سيُصيبه بجنونٍ قد يقتله.
بينما هتفَ أدهم بنبرةٍ قويّةٍ في حينِ غابَ صوتُ عبدالله لثوانٍ طالت : أيه أبيها ، إذا كنت طايح من عينك عشاني كنت أستدرجها مثل ما تظن فأنا ودي أعدل هالصورة بزواجي منها.
ارتعشَت شفاهُ عبدالله وعينيه تحمرّان بغضبٍ من وقاحـة هذا الطلب الذي لا يجدُ لهُ قاموسًا أو مكانًا منطقي! أويتجرّأ؟ يطلبها منه؟ يطلبها بكلِّ وقاحـةٍ وكأنّه لم يقُم بشيء؟ لم ينوي تجاهها بنيةٍ سيئة؟ وكأنّه يمتلك صفاتًا حميدة تسمحُ لهُ بالزواجِ أصلًا!!
عضَّ شفتهُ بغضبٍ واشتدّت كفهُ على الهاتفِ بينما دوى صوتهُ بغضبٍ عارمٍ هاجَم أذنهُ ليسبيها خلفَ غضبانِ الضجيج : يا وقح!! تخسي وتعقب تطلبها مني بكل بساطة يا كلب!!!
أدهم بنبرةٍ ساخرة : عاد ما أدري إذا يصير نقولك أنت هالكلمة بس ترى بصير نسيبكم عن قريب يعني ما ينفع تشتمني كذا! هذا إذا كان الرضـاع يعطي مجال واسع لك.
عبدالله بحنق : والله لو تبطي ما تاخذها يا وقح! أنا أهبل أسلمها لك؟
أدهم باستفزازٍ بعد كلماتِ عبدالله : لا تحلف ترى بتكفر
عبدالله وبدأت يدهُ ترتعشُ إثر انفعالـه، يتمنى لو أنه أمامـه ليسحقْ عنقهُ بقبضتيه، تحرّك جسدهُ باضطرابٍ فوقَ المقعدِ وامتدّت يدهُ دونَ شعورٍ للتكيفِ حتى يضاعفهُ أكثر والحرُّ يهاجـمُ جسدهُ بضراوة، صوتُ صراخ طفلةٍ في الشـارع، ومزاميرُ تعوي، صوتُ مواءِ قطّةٍ وكل الأصـواتِ تتداخل ولا يستوعبُ منها سوى صوتِ أدهم وطلبهِ وحديثهِ المجنون! المستفزّ لرغبـة القتلِ فيه.
قبضَ يدهُ المرتعشَة وانبثقَ صوتُه من عمقِ الغضبِ وهو يهتفُ بجنون ؛ أنت تظن كونها مكفُولة أو لقيطة على الوجه الصحيح قدام الناس بيوقف نصيبها؟ تظن مالها ناس تحكي فيها؟ مالها ناس يمدحون أخلاقها ؟ تظن إن نصيبها واقف لدرجة إني أفقد الأمـل أو هي تفقده ونوافق على واحد مثلك!!!
أدهم بابتسامةٍ مجنونة : صدّقني ما تصير لغيري وأحلف لك بالثلاث بعد.
جنّ جنونهُ لثقته المتضمنة في كلماتـه ولقسَمِه، لذا صرخَ بعنفٍ حانق : بالغ في الحلوف بس نذرًا عليْ ما تمس منها شعره!
ارتعشَت شفاهُ أدهم وانتفضَت يدهُ انفعالًا وقلبهُ ينبضُ بسرعةٍ مجنونة! بسرعةٍ تسابقُ أفكـارهُ وكلماته، تسابقُ الزمن وتخترقهُ بمشـاعرَ تنتفض! تحترقُ كجمرةٍ لو وضعَت في بحرٍ لأشعلتهُ وأحالتـهُ بخارًا! لا نـارَ كنـارها، تحرقُ كل شيء! حتى عظامي وأضلعي تتآكلُ بنارها، تتآكل - بلذاذةٍ - مهما آلمتهُ إلا أنهُ يدمنها. ابتسمَ ابتسامـةً واسعة، أيُطلقُ نذرًا لن يفي بِه مهما تفانى في ذلك؟ لا يُدرك شيئًا! لا يدرك شيئًا ويقُول بأنها ستكُون لسواه؟ فليحـاول، فليحـاول ذلك ليجدَ أنيابهُ تخترقُ كلَّ من قد يفكّر بأخذها مني.
أدهم بثقة، بكلماتٍ حادةٍ تشقُّ السكُونَ بنصلها، بكلماتٍ تشوّهُ الضجيجَ من حولهُ وصوتَ الفحيحِ الذي عانقَ الأجـواء الدافئة خارجًا، الهواءُ ساكنٌ على نافذتِه، يترسّبُ ويشتعلُ بهذهِ الحرارة، اجتمعَت حرارةُ الأجواءِ وجمرةٌ في صدره بمشاركةِ كلماته، وأحـالت كل هواءٍ إلى زمهرير! : تنذر؟ صدقني بتكفر على نذرك المتهور ... تنذر؟ وأنت أساسًا ما تدري إني زوجها وباخذها رضيت والا انرضيت؟!!
.
.
.
انــتــهــى
عساه بس كان ممتع لعيونكم الحلوة :$$ نقُول لهالنقطـة وورى وبالبارت الجاي ويمكن لخمس بعد بتكون الأحداث مُستثارة كما لم تُستثَر من قبل :D
وحاليًا أطلب منكم الإذن بالتأخر شوي بالبارت الجـاي، عندي امتحان يوم الأحد والله الشاهد ما قد ذاكرت منه شيء وهو يبيله أقل شيء أسبوع للمذاكرة :( عشان كذا بضغط نفسي شوي خصوصًا إن هالمادة جبت العيد فيها بالإمتحان الأول ولازم أعوض الحين
موعدنا إن شاء الله بيكون يوم الخميس ، وأتمنى منكم العذر والسموحة جعل ربي يسعدكم ويوفق الممتحنين منكم :""""
ودمتم بخير / كَيــدْ !
|